المجلس المذهبي يطلق التحدّي في وجه أصحاب الحملات
هذه هي الصّورة الكاملة حول الأوقاف
فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين
رئيس لجنة الأوقاف القاضي عبّاس الحلبي
جميع العقارات التي كانت في ولاية بعض الأشخاص والمرجعيّات
استعدنا ولايتها وأصبحت بالتّالي في عهدة المجلس المذهبي
«الدّفاع عن الأوقاف» بضاعة رائجة لأنّه يستثير العواطف
لكنّه يقوم على أوهام واختلاقات تكذّبها الحقائق والأرقام
تأكيد ولاية المجلس على العقار 2046 المصَيطبة
يفتح الطّريق أمام استثمار الأرض لصالح حاجات الطّائفة
بيروت: الضُّحى
لا يوجد موضوع يثير الجدال بين الموحدين الدروز مثل موضوع الأوقاف، وكلّ درزيّ أكان من أهل الحلّ والعقد، أم كان من عامة الناس، فإنّه يعتبر نفسه معنياً بملف الأوقاف ولا يتردد في إطلاق المواقف، ونقل “المعلومات الموثوقة” بشأنها في السّهرات أو الاجتماعات، غالباً بلغة الاتّهام والتحسّر على هذه الثّروة الكبيرة المهدورة، وعلى من لا يراعون أمانتها.
لماذا الأوقاف دائماً في عين العاصفة؟ ولماذا يسيل كلّ هذا الحبر، وتنظم الحملات وتطلق التصريحات حولها باستمرار؟ السّبب ببساطة: إنّها الموضوع الأسهل للإثارة واستدرار الشّعبية، لأنها تطرق موضوعاً حسّاساً له مكانته العاطفية لدى الموحّدين الدّروز. فمال الوقف له قُدسيّة وحُرمة، وإطلاق التّهم ضدّ المولَجين بإدارته في أيّ وقت، هو مظهر غَيْرةٍ زائفة يُلفت الانتباه إلى مُطلِقِ الاتّهام، ويلعب على مشاعر الغَرَضيّة السّياسية، ويُحرّك غريزة الظّنّ بالسّوء لدى العامة، ذلك لأنّ العامّة مطبوعون على تصديق التّهم، ونشر الأخبار السّيئة، ونادرا ما تجد بينهم مصلحون، أو من يدعون إلى التّرَوِّي والتّحقّق من الوقائع، بل غالباً ما تطغى الحماسة، فيحاول كلٌّ من “الغيورين” المزايدة على الآخرين اتهاماً وتنديداً. لهذا كانت حملات “الدفاع عن الأوقاف” دوماً بضاعة رائجة، وقد يظنّ أصحابُها أنّها تحقّق شعبيّة، لكنّهم لا يدرون، ربّما أنّهم يأثمون بذلك إثما كبيراً لأنّهم أولا لا يتكلمون بالصّدق، ولأنّه لا يأتي من عملهم إلا إذكاء الفِتَن وتفرقة الصفوف، وإضعاف الطّائفة في معرض زعم الدّفاع عنها، وهذا في وقت يمكن لأي إنسان مخلص في إرادة الإصلاح أن يطّلِعَ على ما يجري بكلّ شفافية، سواء عبر الاتّصال المباشر باللّجان، أو المشاركة بنشاطات المجلس، أو متابعة بيانات وتقارير لجان المجلس المذهبي على الإنترنت، وأن يقترح ما يشاء من إصلاحات.
حملات اختلاق وغوغائية
وبصورة عامّة، فإنّ المجلسَ المذهبيّ غالباً ما يكون منهمكا في العمل والإنجاز، ولم يكن هناك بالتالي اهتمام بالرّد على كلّ حملة تشهير أو افتراء. لكنّ التزامَ المجلس ولجانه موقف التروِّي والتجاهل لم يقنع أصحاب الحملات بأخذ جانب العقل، أو السّعي إلى العمل الإيجابيّ، فتعاظمت الحملات، وتعالى الصّراخ، وبرز استخدامُ أساليب الغوغاء في أمورٍ لا يمكن أن تُبحثَ بأسلوب الشارع، بل فقط في المجالس، وبين المُتخصّصين وأصحاب الاطّلاع، وأن يكون كلّ نقاش أو تناول لها مستندا فقط إلى الأرقام والحقائق، وليس إلى الافتراءات والكلام غير المسؤول.
لهذا السّبب وخوفاً من أن يؤدي تكرار الافتراءات إلى التصاق بعضها في أذهان العامة، وإلى تشويه الملفّ كلّه، فقد قرّرت لجنة الأوقاف في المجلس المذهبيّ أن تعقد ندوةً عامّةً مفتوحة، ويمكن لأيٍّ كان أن يشارك فيها، ويستمع ويناقش ويطرح الأسئلة. وكان هذا التّحدّي في وجه أصحاب الحملات من باب “هاتوا برهانَكم إن كنتم صادقين!” هذه وقائعُنا، وهذه أرقامُنا، وهذا كلّ ما تحتاجونه من معلومات عن وضع الأوقاف، وما نقوم بها في سبيل تنظيمها وكف يد الغاصبين عنها، ثمّ تفعيل إدارتها وتعظيم المداخيل المحققة منها، فمن كانت لديه نصيحةٌ فليقدّمها وسنكون له من الشّاكرين، ومن كانت له قضيّة فليأتِ بها وليشهرها على الملأ، ومن كان غير مُطلّع ومشارك في الحملات عن جهل بالوقائع، فلْيستمع إلى الحقائق، وليَبْنِ موقفاً ضميرياً بالاستناد إلى الحقائق، وليس إلى الظّنِّ أو الانفعال أو النّوايا السيئة..
ندوة وحضور كثيف
هذا الموضوع كان موضوع النّدوة الجامعة التي نظّمتها رابطةُ العمل الاجتماعيّ في مبنى دار الطّائفة في فردان، وقد استقطبت أهميةُ الموضوع، وعواصف الغبار المُثارة حضوراً واسعاً لأفراد النّخبة في الطائفة، من النّاشطين في الحقل العامّ على اختلاف مشاربهم السياسية، واهتماماتهم المهنية، فإلى جانب المُحاضر، رئيس لجنة الأوقاف في المجلس المذهبي القاضي عباس الحلبي، حضَرَ مُمَثّلُ شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، أمين سر المجلس المذهبي المحامي نزار البراضعي، وممثل رئيس اللّقاء الديمقراطي، النائب وليد جنبلاط، مُفوَّض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكيّ، رامي الريِّس، ومُستشار مشيخة العقل، الشيخ غسّان الحلبي، والوزير السّابق عصام نعمان، وأمين عامّ المؤسّسة الدّرزية للرّعاية الاجتماعيّة عصام مكارم، ونائب حاكم مصرف لبنان الدكتور سعد العنداري، والقاضي أمين بو نصار، ورئيسة الإتّحاد النّسائي التّقدّمي وفاء عابد، وعضو مجلس نقابة المحامين المحاميّة ندى تلحوق، ورئيسة اللَّجنة الاجتماعيّة في المجلس المذهبيّ، المحامية غادة جنبلاط، ورئيس اللّجنة الماليّة الدّكتور عماد الغصَيني، والدّكتور صلاح أبو الحسن، وعدد كبير من الشّخصيّات وأعضاء المجلس المذهبي، ورؤساء البلديّات والمخاتير والجمعيات الأهليّة والنسائية، وأعضاء الهيئة الإداريّة لرابطة العمل الاجتماعيّ وجمعٌ من المهتمّين.
رئيس اللجنة الثقافية في رابطة العمل الاجتماعي الدكتور مكرم بونصّار قدّم رئيس لجنة الأوقاف، وتولى بعد ذلك إدارة الحوار بين المشاركين في الندوة وبين المُحاضر.
“هناك أوهام نُسجت حول الأوقاف تزعُم أنّ لديها ثَروات وأرصدة، وأنّ في إمكانها أن تسدّ حاجات الطّائفة، وهذه الاختلاقات لا أساس لها في الواقع”
الحلبي: مهمة “شاقّة وشائكة”
بعد ذلك قدّم رئيس لجنة الأوقاف القاضي عبّاس الحلبي مطالعةً مستفيضةّ ومُدَعّمةً بالوقائع والأرقام توضح حجم الإنجازات التي تحقّقت على صعيد الأوقاف منذ انتخاب أوّل مجلس مذهبيّ للطائفة، عملاً بقانون تنظيم أحوال طائفة الموحِّدين الدّروز الصّادر في العام 2006، لافتاً إلى أنّه يتولّى منذ ذلك الحين رئاسة لجنة الأوقاف في المجلس المذهبيّ.
ولفت القاضي الحلبي الحضور إلى أنّ التّعاطي بموضوع الأوقاف “مهمّةٌ شاقّة وشائكة” لأنّه ملفٌّ “تعرّض في تاريخه إلى التجاذبات السياسية، والحسابات الشّخصية والسّجالات الإعلاميّة” منوِّهاً في هذا السّياق بـ “الدّعم الذي توفّر لنا خلال السّنوات التّسع التي انقضت بسبب اقتناع الجميع بضرورة تنظيم الملفّ وتوجيهه وجهته الاستثماريّة”


عملية تنظيم شاملة
لَفَتَ المُحاضر إلى أنّه وعند تسلمه أمانة الأوقاف كانت المسؤولية موزعة لدى جهات عديدة لا تعاون بينها بل سجالات ومواقف كانت أصداؤها السلبية تتردد في الإعلام أحياناُ. فكانت المهمة الأولى لنا هي في لمّ الشمل وتجميع المحفظة التي هي بالأساس غير منظمة وأحيانا غير موجودة نتيجة غياب المجلس المذهبي عشرات السنوات. وقد اقتصر العمل في البداية على نَفَرٍ محدودٍ من الأشخاص غير المتفرّغين للقيام بالعمل، ولكنّ الغَيْرَةَ والحَمِيّةُ لتنفيذ المهمات تدفعُهم إلى العمل، إلى أن تمّ تعيين الجهاز الإداريّ المتفرّغ للمجلس، وأصبح للأوقاف مديريّة مصالح، ودوائر وموظّفين. كما أصبح للمجلس مديراً عامّاً مُعَيّناً، وهنا بدأت ورشة إعداد السجلاّت ومسكها، وإنشاء محاسبةٍ نظاميّة، وتوفير العدد الأكبر من المستندات المتّصلة بالعقارات التي جرى إحصاؤها، ثمّ أرشَفتُها ثمّ إعدادُ ملفٍّ لكلّ عقار، ثمّ بطاقة تعريف، وقد تمّ ذلك بإشراف لجنة الأوقاف، وسماحة شيخ العقل رئيس المجلس.
وأشاد القاضي الحلبي بجهود بعض أصحاب الغيرة على الأوقاف الذين كان لموقفهم وصلابتهم في الدفاع عنها نتائج مهمة نلمسها اليوم. وقال: “يقتضي الواجب عليَّ الإشارة إلى أن جهوداً كبيرة قام بها بعض الإخوان في الفترة السابقة لتسلمنا الأمانة، وفق ظروف لم تكن ميسرة خاصة في غياب العمل المؤسسي المنظم. كما يقضي الإنصاف القول بأن بعض ما تسلمناه نحن يعود الفضل فيه إلى تلك الجهود إن من الناحية المالية النقدية أو في استرداد بعض العقارات، ونحن في موقعنا ومنذ أول يوم تسلمنا الأمانة كنا منفتحين على الجميع ولم يدخل في حسابنا إطلاقاً إغماط حق من قام بجهد سابق أو محاسبة مقصر على عدم قيامه بالواجب. زنزّه في هذا السياق بجهود مجلس أمناء الأوقاف السابق رئيساً وأعضاء وكذلك جهود الشيخ سلمان عبد الخالق الذي يعود له فضل في مسك وإدارة هذا الملف في ظروف صعبة غير ميسرة وفي غياب الإتفاق السياسي وعدم وجود التنظيم المؤسسي”.
وأكد الحلبي بأن “علاقة طيبة لا تزال تربطنا بمن سبقنا ونحن حريصون على ان تكون العلاقة مع من سيخلفنا على نفس النحو لأن الأوقاف باقية ونحن كلنا زائلون”.
وقال رئيس لَجنة الأوقاف: “قد لا يُجدي الغَوْصُ عميقاً في هذه الورشةِ وشرح أبعادها ومضامينها نفعاً كثيراً ، لكنْ يكفي أن أشيرَ اليوم وبكلّ راحة ضمير إلى أنّ الأوقاف الدّرزية لم تعد سائبةً، وأنّها محصورةٌ، وأنّنا استردّينا جميعَ العقارات التي كانت في ولاية بعض الأشخاص والمرجعيات التي كانت في عُهْدتها، وأصبحت تالياً جميع الأوقاف في عهدة المجلس المذهبي”:.
تَطرّق القاضي الحلبي إلى الأوهام المنسوجة حول الأوقاف الدرزيّة مثل كونها “من أغنى الأوقاف” وأنّ “لديها أرصدة نقديّة مودعة في المصارف، وأنّ بإمكانها أن تسدّ كلّ حاجات الموحّدين الدّروز على صُعِدِ الاستشفاء والتّربية والتّعليم، والمساعدات الاجتماعيّة،” لافتاً إلى أنّ هذه المزاعمَ الخياليّة تجدّدت، وتناولتها بعضُ وسائل التّواصل دون أيّ إسناد أو براهين، الأمرُ الذي يفرض وضع النّقاط على الحروف، والفصل بين واقع الأوقاف وبين الأوهام المنسوجة حولها، وهنا لَفتَ النّظرَ إلى صدور كُتيِّب شامل عن إنجازات لجنة الأوقاف، وإدارة الأوقاف مُدَعَّم بجداول ماليّة شفّافّة تغطي الفترة من سنة 2007 (وهو تاريخ تأسيس إدارة الأوقاف)، ولغاية تاريخه مرفقاً بها، مُلخَّص عن المِحفظَة الوقفيّة المُحدّثة، وفيها بعض التّصنيفات المتّصلة ببعض المناطق التي تتوافر فيها عقارات قابلة للاستثمار التّجاري والزراعي والصناعي، وسوى ذلك. وهذه الجداول المفصّلة تسمح لكلّ مُنصِف بالنّظر إلى طبيعة الأوقاف، وإلى أخذِ فكرةٍ واقعيّة عنها، والتأكّد بالتّالي من أنها ليست ممّا يمكنه أن يحقّق المداخيل الهائلة التي يدّعيها البعض.
خطة العمل
عرض رئيس لجنة الأوقاف بعد ذلك إلى خطة لجنة الأوقاف، والتي تقوم على عدة محاور هي:
1. زيادة المداخيل.
2. إقامة الدّعاوى حيث يجب (متابعة الدّعاوى المُقامة سابقاً من وعلى الأوقاف) ودعاوى جديدة. بهدف إنهاء التّعدّيات واستخلاص حقوق الأوقاف.
3. إعداد التّصنيفات المناسبة للعقارات بعد استطلاع الأنظمة والبلديّات.


زيادة مداخيل الأوقاف
أمّا في زيادة المداخيل، فقد عمدت لجنة الأوقاف إلى تشجيع الاستثمار في العقارات الوقفيّة في الشويفات وبعورته خصوصاً، على شكل استثمارات صناعيّة وتجاريّة، وقامت بترميم وتجديد بعض عقارات عاليه المتهالكة، وبعض الاستثمارات الزراعية في البِنّيه، وأنجزنا الاتفاق التاريخي مع أهلنا في بيروت بخصوص العقار 2046، المصيطبة، وقامت بتأجير المحلاّت العشَرَة في واجهة العقار، وزادت الاستثمار في بعض عقارات بيروت، لاسيّما الموقف في مار إلياس، وأجازت إقامة العديد من الملاعب الرياضيّة في عدة مناطق من الجبل والبقاع، وفتحت فرعين للجامعة اللبنانيّة في عْبَيه وظهر الأحمر، كما أنجزت ترميم مقام السيد الأمير في عْبَيه، وهي ستباشر بإجراء التّرميم في مقام السّت شعوانة في البقاع الغربي، والمعالجة مستمرّة في مقام النبي أيّوب في نيحا. كما أنجزت اللّجنة بناءً في البِنّيه من أموال التّسويات في أوقاف الشّيخ أحمد أمين الدين، وكذلك بناء قاعة الشّيخ أمين الدين في عْبَيْه ومعهد الأمير السيد في عْبَيْه الذي فتح أبوابه لاستقبال المشايخ الطلاب لإعدادهم لمهمّتهم الدينية السامية. كما سارت لجنة الأوقاف بمعاملة استرداد العقار 512، المصيطبة للهدم، مع الأمل بأن تتمكّن من إخلائه قريباً، وإقامة مشروع سَكَني أو تجاري عليه. هذا فضلاً عن إزالة التعدّيات على عقارات الأوقاف من محتلين في بعض العقارات الوَقْفيّة في بيروت والجبل.


مبنى سكن الطالبات
كما أنجزت لجنة الأوقاف معاملات تملّك العقار 18 المصيطبة، بعد شرائه لمصلحة الأوقاف، وتخصيصه بقرار من معالي وليد بك جنبلاط والمجلس المذهبي، لإنشاء مبنى خاص Foyer لسَكنى الطّالبات الرّاغبات في متابعة تحصيلهنّ العلمي في بيروت، وسيكون المبنى بإدارة جمعيّة “بيت الفتاة” في الجبل، التي أمَّنت مصاريف ترميم وتأهيل العقار، وسيُعلن عن افتتاحه في وقت قريب.
كما سارت الّلجنة بمعاملة استرداد العقار 512-المصيطبة، للهدم مع الأمل بأن يتم إخلاؤه قريباً، وإقامة مشروع سَكَني أو تجاري عليه. هذا فضلاً عن إزالة التّعدّيات على عقارات الأوقاف من مُحتلّين في بعض العقارات الوقفية في بيروت والجبل.
كما تمت إعادة تأهيل صالات دار الطّائفة بما يليق بالدار ومكانتها الوطنية، وقد تأمَّنت مصاريف التّرميم، وإعادة التّأهيل من نُخبة من أهل الفضل الذين تبرّعوا لإتمام هذه المهمّة.
وَلَفَت رئيس لجنة الأوقاف إلى أن الّلجنة أعدّت كتيّباً يَتضَمّن ملخّصاً لعملها على مدى التّسع سنوات التي انصرمت منذ تأسيسها، وفيه عَرَضت لجميع الأعمال والإنجازات التي قامت بها، ونشرت الجداول الماليّة التي تَظهر في بابَيّ النّفقات والواردات بشفافيّة مُطلقة، مع الإشارة إلى أنّ محاسبة الأوقاف تخضع لنظام محاسَبيّ نظاميّ، يخضع بدوره لمدقّق داخليّ من جهة، ولمراقب عقد النّفقة من جهة ثانية، وللتّدقيق الخارجيّ الذي يُصْدِر بيانات ماليّة سنويّة لأعمال التّدقيق، كما يتضمّن الكُتَيّب ملخّصا للمحفظة الوقْفيّة نضعه بين أيدي المعنيّين والمهتمّين للاطّلاع عليها بكلّ شفافيّة. تجدر الإشارة إلى أنّ أوقافاً كثيرة، تخصّ عائلات وقرى ومعابد تخرج عن صلاحيّة الّلجنة المباشرة، وإنْ كان لها حقّ الإشراف عليها، ولهذه الغاية أعدّت الّلجنة نظاماً لإدارة أوقاف القرى والعائلات أصبح نافذاً، والهدف منه تطبيق نظام واحد على جميع الّلجان دون عرقلة مهامّها، وإنّما لوضع العمل في إطاره النّظامي الصّحيح.
ولَفَتَ النّظر إلى وجود نقاشات صريحة داخل المجلس لجهة تحديد مُدَد الإيجار والاستثمار، بين مؤيّد لمُدَد الإيجار الطّويلة ومعارضٍ لها، كما يجري نقاش لجهة ممارسة الحقّ بالاستبدال لبعض العقارات الوقفيّة عينا للعين، أم نقدا للعين، وأضاف القول: إنّ هذا النّقاش “لم يُحْسَم بعد”، وإنّ القرار بشأنه يبقى خاضعاً لرأي القيادات السياسية والروحية، فضلاً عن المجلس المذهبيّ.
صلاحيّات لَجنة الأوقاف
شدّد الحلبي على أنّ القرارات الماليّة للجنــة الأوقاف تخضع لسلطة مجلس الإدارة، وأنّ لها عقدَ الإيجارات والاستثمار لمدة خمس سنوات، وكلّ ما عدا ذلك وأكثر، يعود لسلطة الهيئة العامّة وفق الآليّة المحدّدة في القانون لجهة النّصاب والأكثريّة. وأكّد على أنّ مهمّة لَجنة الأوقاف في المجلس المذهبيّ، تنحصر في توظيف وتثمير وتنمية الوقف. أمّا عائدات الأوقاف فليس لِلّجنة أية صلاحيات بخصوصها، ذلك لأنّه وفق آليّة النّظام الماليّ المُقَرّ في المجلس، فإنها تذهب إلى الصّندوق الموحّد للمجلس، وصلاحيّة التصرّف بالأموال تعود إلى مجلس الإدارة، وثم الهيئة العامة، التي تُقر موازنة المجلس وتحدّد أبواب الواردات والنفقات. ولَفت القاضي الحلبي النّظر إلى أنّه “لا مدخول للمجلس المذهبي إلاّ من واردات الأوقاف، وتالياً يخصص جزء من هذه الواردات لتغطية موازنات سائر لجان المجلس والمجلس نفسه. مع العلم أن الّلجنة الاجتماعيّة مثلا، تسعى دوماً لجمع التبرّعات تمكيناً لها من توسيع قاعدة المستفيدين من تقديماتها، وتحقيق برامجها”
بناء على ذلك دعا الحلبي بعضَ المُطالبين بإنفاق جميع أموال الأوقاف على شؤون اجتماعية، لأن يدقّقوا قليلاً في القانون الذي يرعى الأوقاف، وفي طبيعة نشاط المجلس المذهبيّ ولجانه، وأن يطّلعوا على الوقائع والأرقام حول المداخيل الحقيقية للأوقاف، ويزيلوا من مُخَيّلتهم تلك الصّورة الوهميّة عن أوقاف ثريّة لديها أموال مكدّسة في المصارف، ولا رقابة على إنفاقها متسائلاً:” هل هناك بين هؤلاء الّذين يقومون بهذا النّوع من الحملات من كلّف نفسه وسألنا تزويده بمعطيات، أو مستندات أو أرقام؟ مع الأسف لا أحد!! لكنْ إذا لم يكن هناك بين الّذين يشنّون الحملات من قام بتحقيق نزيه، أو طلب المعلومات الموثّقة والمدقّقة من مصادرها –وهي متوافرة وليست سرّاً- فإلى ماذا يستند هؤلاء في المزاعم التي يروّجونها”؟.
إنجازات إنمائيّة
تناول الحلبي بعد ذلك عدداً من الإنجازات الإنمائيّة، والمكاسب القانونيّة التي حقّقها المجلس المذهبيّ، في نطاق استعادة حقوق الوقف والطائفة، فتطرّق بصورة خاصّة إلى العقارين 2046-المصيطبة، وعقار المدرسة المعنيّة، (أنظر التفاصيل في مكان آخر) كما تحدّث عن المشروع الإسكاني الذي قامت ببنائه جمعيّة الغَدّ على أرض قدّمها تبرّعاً معالي وليد بك جنبلاط، وأقامت عليها بناء يتضمّن 64 شِقَّةً سكنية، مساحة كلّ شقّة نحو 140 متراً مربًعا، أُنجز البناء، وهي تضع هذه الشّقق بتصرّف شبابنا الرّاغبين في تملّك منازلهم مع توفير التّمويل، وقال: لقد شوّهت الشّائعات هذا المشروع، ونعتته بشتّى النّعوت، منها المتاجرة، مع أنّ الجمعية لا ترغب بتحقيق الرّبح، بل فقط باسترداد كلفة الدَّين وفوائده مع تحقيق رصيد محدود يشكل -على ضآلته- خميرة لاستكمال المرحلة الثّانية من البناء، لتوفير عدد أكبر من الشّقق توضع بتصرّف الشّباب.
وختم القاضي الحلبي مطالعته المفصّلة بملاحظة ختاميّة، دعت إلى التّعاون في سبيل الخير العام، داعياً إلى حوار بنّاء “في سبيل أوقاف مُحافَظٍ عليها من جهة، ونامية ومستثمَرة ومزدهرة من جهة ثانية، لكي يزداد دخلها، وتُنْفَق أموالها على سدّ الحاجات الكثيرة للموحّدين الدّروز” لكنّه نَبّه إلى أنّ “الأوقاف لا يمكنها أن تحلّ محلّ الدّولة من جهة، ولا المجتمع المدني من جهة ثانية، وإنْ هي شكّلت قاعدة أساسيّة وصلبة من قواعد العمل الاجتماعي الدّرزي في لبنان”.
إنجازات المؤسّسة الصّحيّة في عَين وزين
في معرض الرّد على حملات التّحريض، تطرّق القاضي عبّاس الحلبي من موقعه كرئيس لمجلس أمناء المؤسّسة الصّحيّة في عين وزين إلى الحملات التي تشن على المؤسّسة، مؤكّداً أنه يكتفي، على سبيل الرّدّ، بإيراد بعض الأرقام الّتي تُعطي فكرة عن أهميّة هذه المؤسّسة، وحجم الخدمات التي تقدّمها، والعدد الكبير للمستفيدين من خدماتها، وقدم الجدول التالي:
خدمات المؤسّسة الصّحيّة في عَين وزين
(خلال الأشهر التسعة الأولى من 2015)
2015 (تقديرات كامل العام) |
2015 (حتى 30/9/2015) |
مؤشّرات الأداء |
11592 | 8694 | عدد حالات الدخول |
48758 | 36569 | أيام الاستشفاء |
– | 87% | نسبة الإشغال |
3089 | 2317 | عدد العمليّات الجراحيّة |
26782 | 20087 | عدد المعاينات الخارجيّة |


انجازان رئيسيّان في معركة “تحرير الأوقاف”
حسم قضية العقار 2046
وكسب دعوى استرداد المدرسة المعنيّة
كشف رئيس لجنة الأوقاف في المجلس المذهبي القاضي عبّاس الحلبي أثناء النّدوة عن إلإنجاز الّذي حقّقه المجلس المذهبي لانتصارين قانونيّين أساسيّين ستكون لهما مفاعيل استثماريّة وماليّة مهمّة في المدى المنظور:
الانتصار القانونيّ الأوّل هو نجاح لجنة الأوقاف بالتّعاون مع الّلجنة القانونيّة في المجلس المذهبيّ، ومكتب المحاماة، وكيل المجلس وسائر المحامين في استرداد معمل البلاط في العقار 2046، المصيطبة، وذلك بعد صدور سبع قرارات قضائيّة لصالح المجلس بعضها في الدّرجة النّهائيّة، (محكمة التّمييز)، وقد أثبتت تلك القرارات ولاية المجلس المذهبيّ على العقار المذكور، وردّت كلّ الإدّعاءات التي حاولت أنْ تسلخ هذا العقار من ولايته الشرعيّة القانونيّة، الأمر الذي سمح للمجلس بإنجاز الاتّفاق مع لجنة أهالي وقف بيروت من جهة، وإحباط محاولة سلخ العقار عن ولاية المجلس.
أما الإنجاز الثاني المُهمّ فهو كَسب الدّعوى المُقامة بوجه مستثمر المدرسة المعنيّة في توصيف العقد الجاري بينه وبين الأوقاف على أنه عقد استثمار وليس عقد إيجار يخضع للتّمديد القانوني، ممّا مكّن المجلس من إنجاز الاتّفاق على استرداد المدرسة في 30/6/2016، كما مهّد الطّريق أمام لجنة الأوقاف لإنجاز دفتر الشّروط، الذي سيتمّ بموجبه استدراج العروض لاستثمار المدرسة في الفصل الأوّل من السّنة الجديدة، والحفاظ عليها مؤسّسة ناجحة تقوم بدور تربويٍّ رائد في بيروت.
وفي ما خص العقار 2046، المصيطبة، أشار الحلبي إلى أنّه ولضمان أفضل استثمار للعقار، فقد تمّ تعيين لجنة لإدارة واستثمار هذا العقار مؤلّفة من مهندسين، ورجال مال وأعمال، وبدأت الّلجنة بدرس ملفّ العقار، بينما قام المهندس مكرم القاضي بإعداد مخطّط توجيهيّ Master Plan لهذا العقار لَحَظ – بعد المحافظة على موقع الدّار وحُرْمَة والمدافن وحَرَمها والقاعة والمزار- إنشاء مبنى سكني في واجهة العقار في فردان، وتخصيص مساحة للاستثمار التّجاري تشغل واجهة العقار في فردان مكان محطّة المحروقات والبناية المقامة بجانبها كما خصّصت مساحة تحدّها على الجهة الشرقية، لإقامة برج تجاري مكان معمل البلاط ومساحة بقربه.
وفي هذا السّياق تمّ تقديم طلب إلى جانب رئاسة الحكومة لنقل رفات الشّهداء إلى جانب العقار المُلاصق لمدرسة “الرّمل الظريف” الرّسميّة لتحرير هذه المساحة الّتي تشغل وسط العقار، وإقامة مركز ثقافيّ واجتماعيّ للجهة الشّرقيّة الجنوبيّة، بحيث يلبّي هذا المخطّط الحاجات السكنيّة والمكتبيّة، والتجاريّة والثقافيّة والاجتماعيّة، مع مراعاة حرمة الدّار والمدافن.