تُعَدُّ المياه سرّاً من أسرار الحياة بأنواعها كافّة، سواء كانت جوفيّة، من الأمطار، أم غيرها، وبسبب مصادر المياه المحدودة ظهرت أهمّية البحث في الرّي وإيجاد طرق حديثة وجيّدة للاستغلال الأفضل للمياه ولتقليل كميّة المياه المهدورة بأكبر قدر ممكن. وتمّ اختيار الطّرق تلك بالاعتماد على عدّة أمور، منها: طبوغرافية الأرض، وهيكل التّربة، والزّمن بين عملية الرّيّ الأولى والعمليّة التّالية، ونوع النّبات المُراد ريّه، وحاجات النبات لكميّة المياه. وتختلف حاجة النّباتات للمياه من نوع لآخر وحسب كميّة المتساقطات، ونوعية التّربة، وتوفّر المياه في تلك المِنطقة، وتوفّر الأيدي العاملة…
أهمُّ الطّرق الاقتصاديّة في الرّي
الرّيّ هو تزويد التّربة بكميَّة مُناسبة من المياه التي تحتاجها لنموّ النباتات، وهو من شأنه المحافظة على مستوى رطوبة التُّربة التي تساعد على نموّ جميع الكائنات.
في عمليّة الريّ المُعتدلة، تُغسل التّربة من الأملاح الزّائدة عن حاجتها، ويُبقى على الكميّة المناسبة التي يحتاجها جذر النّبات، والتي يقوم بنقلها إلى باطن الأرض، كما أنّها تساعد النّبات على امتصاص المواد الغذائيّة الموجودة في التّربة من خلال تذويبها. ويقوم الرّيّ بمهمّة تنشيط البكتيريا الموجودة في التّربة، ووظيفة هذه البكتيريا تفكيك وتحليل وتحويل المواد العضويّة، حيث إنّ وصول الماء إلى مستوى جذور النباتات في التّربة وانتشاره فيها يحافظ على درجة الحرارة التي تتناسب مع النبات، ويخفّف من حدّة الصّقيع وآثاره كون هذه البكتيريا هي كائنات حيّة دقيقة.
هناك عدّة طرق لريّ المزروعات وأفضل طريقتين للرّي هي: الرّيّ باستخدام الرّذاذ والرّيّ بالتنقيط. وسنذكر مواصفات كلٍّ منهما:
الرّيّ بالرّشّاشات بدأ استعمال هذه الطّريقة الحديثة للرّيّ في أواخر القرن الماضي، وزاد انتشارها بعد توفّر كفاءة المضخّات والمواسير والمرشّات الخفيفة الحمل. في هذه الطّريقة، يتمّ رش الماء في الهواء من خلال الثّقوب الصّغيرة الموجودة في الرّشاشات حتى يسقط على سطح النباتات على شكل رذاذ مثل المطر. من مميّزات هذه الطريقة أنّها تمكّن المزارعين من إضافة السّماد والمبيدات مع الماء، كما أنّه يمكن استخدامها في الأراضي غير المستوية، وهي لا تحتاج إلى الأيدي العاملة، وتحمي النباتات من الصّقيع، وتعمل على المحافظة على درجة حرارتها، أمّا أضرار هذه الطّريقة، فإنّها تؤدّي إلى ظهور الأملاح على سطح التّربة وتساهم في نقل بعض الأمراض الفطريّة والبكتيريّة..
الرّيّ بالّتنقيط في هذه الطّريقة، يتمُّ ريّ النباتات بواسطة شبكة الرّي التي تتألّف من أنابيب بلاستيكيّة مثقَّبة خصِّيصا لهذا الغرض. من أهمّ ميّزات هذه الطّريقة أنّها تتناسب مع جميع أنواع الأتربة وتوزّع كميّة المياه بشكل مُنتظم بين الأشجار والشتول وتوزّع السماد الكيميائي بنفس الكميّة بين النباتات، كما تعمل طريقة الرّي بالتّنقيط على توفير كميّة لا يُستهان بها من المياه بالإضافة إلى تخفيض نسبة كبيرة من تبخّر الماء لأنّه لا يتجمّع على سطح التّربة. ومن سيّئات هذه الطّريقة كلفة شبكات الرّي.
ينشأ الهدر الكبير في المياه عن عدة عوامل أهمها:
1- استخدام مياه الشّرب في الاستخدامات العشوائيّة وغير المُنظّمة في المنازل.
2- عدم وجود رقابة في توزيع المياه من قبل الدّولة.
3- استنزاف كميّة لا يُستهان بها من مياه الشّرب المسحوبة من الآبار الجوفيّة دون دراسة حاجة المنازل وطرق استعمالها.
4- غياب تامّ للإرشادات الصّحيحة في استعمال المياه حسب الحاجة، أكان ذلك الاستعمال للحاجات المنزليّة أو الزّراعيّة.
5- الكثير من شبكات مياه الشّرب والرّي غير مؤهلة.
6- لا توجد دراسة اقتصاديّة لكفاية الحاجات المنزليّة والزّراعيّة والحيوانيّة من المياه.
7- استخدام طرق ريّ المزروعات تهدر كميّة كبيرة من الماء مثل الريّ بالجرّ على الجاذبيّة والريّ بالأثلام.
8- قطع الأشجار التي تلعب دوراً بارزاً في تغذية خزّانات المياه الجوفيّة خاصّة في مرحلة راحتها في فصل الشّتاء عبر القنوات الصّغيرة والمسامات التّرابيّة التي تكون بمحاذاة الجذور.
الحلول للحدّ من هدر الماء
1- وضع استراتيجيّة عامّة من قبل المؤسّسات الرّسميّة لاقتصاد الماء عبر:
تفعيل دور الدّولة في الرّقابة وتنفيذ القوانين لتخفيض هدر المياه، وقمع مخالفات هدر المياه، والحفاظ على ما تبقى من مياه جوفيّة ومجاري ينابيع تحت سطح التّربة كاحتياط للمستقبل.
صيانة شبكات المياه لضبط ومنع التسرّبات منها مع مراعاة الصحّة والسّلامة.
ارشاد المواطنين إلى استعمال المياه حسب الحاجة.
زراعة الأشجار والغابات: فزراعة الأشجار المثمرة والأشجار الحرجيّة تلعب دوراً هامّاً في إحداث المجاري أو القنوات الشعرية لتسهيل مرور مياه الأمطار مع جذورها لوصولها وتجميعها في الخزّانات الجوفيّة….
حثّ المواطنين على التّقليل من هدر الماء في الاستعمالات المنزليّة.
استخدام الطّرق الحديثة والسّليمة في ريّ المزروعات (الرّيّ بالتنقيط) التي تساعد على توزيع المياه بشكل يتناسب مع جميع المزروعات وضمن شروط كفاية النباتات من الماء.
تفعيل دور الإرشاد الزّراعي حول ريّ المزروعات حسب حاجتها من المياه.
على البلديّات واتّحاداتها اللّجوء فوراً إلى إنشاء السّدود والبُحيرات لتجميع مياه الأمطار واستخدامها في ريّ المزروعات، كلّما كان ذلك ممكناً.
وضع خطّة من قبل وزارة الزّراعة لعدّة سنوات لزراعة الأشجار البرّيّة والحرجيّة في الأراضي الجرداء سنويّاً، منعاً لجرف الطّبقة التّرابيّة السطحيّة لهذه الأراضي وبالتالي امتصاص أكبر كميّة ممكنة من مياه الأمطار وتغذية الخزّانات الجوفيّة.
زراعة أشجار مثمرة تستطيع أن تنمو وتعطي إنتاجاً وفيراً باعتمادها على مياه الأمطار فقط، مثل: الزّيتون والكرمة….
إنشاء سدود وبحيرات لتجميع مياه الأمطار شرط أن يكون السدّ في وادٍ وعلى مجرى الأنهر، أمّا البحيرة، فيجب أن تُنشأ في مكان يوجد فيه سواقٍ صغيرة لإمدادها بمياه الأمطار. تفعيل دور الإرشاد الزّراعي حول ريّ المزروعات حسب حاجتها من المياه.
على البلديّات واتّحاداتها اللّجوء فوراً إلى إنشاء السّدود والبُحيرات لتجميع مياه الأمطار واستخدامها في ريّ المزروعات، كلّما كان ذلك ممكناً.
وضع خطّة من قبل وزارة الزّراعة لعدّة سنوات لزراعة الأشجار البرّيّة والحرجيّة في الأراضي الجرداء سنويّاً، منعاً لجرف الطّبقة التّرابيّة السطحيّة لهذه الأراضي وبالتالي امتصاص أكبر كميّة ممكنة من مياه الأمطار وتغذية الخزّانات الجوفيّة.
زراعة أشجار مثمرة تستطيع أن تنمو وتعطي إنتاجاً وفيراً باعتمادها على مياه الأمطار فقط، مثل: الزّيتون والكرمة….
إنشاء سدود وبحيرات لتجميع مياه الأمطار شرط أن يكون السدّ في وادٍ وعلى مجرى الأنهر، أمّا البحيرة، فيجب أن تُنشأ في مكان يوجد فيه سواقٍ صغيرة لإمدادها بمياه الأمطار.


أهم طرق حصاد الأمطار
إنّ عمليّة تجميع مياه المتساقطات هي عبارة عن عمليّة تُستقْطَب بها مياه الأمطار التي يتمّ جمعها من عدّة مصادر، أهمّها:
المُسطَّحات الجبليّة ليتمَّ تخزينها بواسطة بحيرات طبيعيّة أو اصطناعيّة لاستعمالها في ريّ المزروعات.
أسطح المنازل وتكمن الغاية في تجميع مياه الأمطار في آبار محفورة في الأراضي الصخريّة أو خزّانات مصنوعة من الإسمنت أو البلاستيك لتُستخدم في عدّة أغراض كالشّرب للإنسان والحيوان أو للاستخدامات المنزليّة وريّ المزروعات وغيرها.
إنّ عمليّة تجميع أو حصاد مياه الأمطار قديمة جدّاً، إذ يعود تاريخها إلى أكثر من ألف سنة في مختلف الأراضي الجافّة حول العالم، إلّا أنّ التّقنيات الخاصّة بهذه النّظم قد خضعت لتطوير كبير على مَرّ الزّمن وخاصّة في الشّؤون ذات العلاقة بالرّي، إلى جانب تطوير تقنيات حفظ المياه لتوفير مياه الريّ للإنسان والحيوان والمزروعات. كما تُعرَف أيضا بأنَّها مجموعة من الخطوات المتَّبعة لتخزين أكبر قدر ممكن من مياه الأمطار والاستفادة منها بطريقة أو بأخرى خاصّة في السّنوات التي تكون فيها المُتساقطات قليلة نسبيّاً.
كما يجب أن يقوم مبدأ تجميع مياه الأمطار على عدم حرمان الأرض من نصيبها وخاصّة الخزّانات الجوفيّة.


أهمّية حصاد المياه
المساهمة في توفير كميّات من المياه الصّالحة للشّرب، وتعزيز مستويات المياه في الآبار الجوفيّة وبالتالي توسيع رقعة المساحات المزروعة في المِنطقة التي تحيط بأماكن تجميع المياه.
معالجة مياه الأمطار وتحليتها بتكلفة منخفضة نسبيّاً، إلّا أنّه من الممكن أن تحتاج المياه المجمّعة لتصبح صالحة للشّرب إلى معالجة قبل الاستهلاك.
إمداد المياه الجوفيّة وتعزيز مستوياتها تحت بند ما يعرف بعملية إعادة تغذية المياه الجوفيّة.
الحدّ من الفيضانات والتخلّص من مشاكل الصّرف الصّحي.
منع تكدّس الأملاح في التّربة وحمايتها أي غسلها.
مراقبة فعّالة من الدّولة للمزارعين وإرشادهم إلى أوقات وكيفيّة وضع الأسمدة العضويّة والكيميائيّة وكميّتها وأيضاً أوقات وكميّة المبيدات الكيميائيّة منعاً للترسّبات الكيميائيّة في التّربة والنّباتات وبالتالي في الفواكه والخُضار والحبوب.


نتائج حصاد المياه
تستفيد البيئات الجافّة من نُظُم حصاد المياه بجعل أمر الزّراعة أمراً ممكناً بالرّغم من ندرة الموارد المائيّة الأخرى في المِنطقة، إذ يأتي الحصاد المائي ليُساوي الفُرص في توزيع المياه المُستَقطبة من المتساقطات بين أكثر من مِنطقة.
تشجيع إنتاج كميّات أكبر من المحاصيل في المناطق البعليّة، ويُستخدم تجميع مياه الأمطار في رفع مستويات الإنتاج في المِنطقة ويساعد على استقراره.
توفير كميّات كافية من المياه الصّالحة للاستخدام البشريّ والإنتاج الحيواني.
طرق حصاد المياه
طرق ميكانيكيّة: تتطلّب هذه الطريقة ضرورة تجهيز الأرض وتهيئتها من خلال تنظيفها وتنعيمها ورصفها أو من خلال تغطيتها بمجموعة من الصّفائح البلاستيكيّة لضمان عدم تسرّب وفقدان المياه من خلالها. تجميع المياه.
طرق كيميائيّة: تُعتَبر المواد الكيمائيّة في هذه الطريقة حاجة ملحّة في الحدّ من نفوذيّة المياه في التّربة، ومن بينها موادّ تلحيم الصّفائح وشمع البَرافين وغيرها.
خزن المياه: يُلْجأ لاستخدام هذه الطريقة في حال كانت المِنطقة محدودة المصدر المائي إذ يُصار إلى تغطية السّطح بغطاء بلاستيكيّ بعد حصر المياه للحدّ من عملية التبخّر.
يستطيع الإنسان أن يجمع مياه الأمطار من أسطح المنازل والمباني وقد لا تكون هذه المياه صالحة للشّرب بشكل مباشر، وربّما تحتاج إلى معالجة قبل الاستهلاك بسبب اختلاطها ببعض الملوّثات، مثل المواد والملوّثات الكيميائيّة وبقايا النباتات أو من حرق الفحم، أو براز الحيوانات والطّيور ولكن بعد تعذّر استخدامها كمياه للشّرب البشري تتلخّص استخداماتها في عدّة مجالات أهمّها:
يمكن لمياه الأمطار التي تمّ جمعها من فوق أسطح المنازل والمؤسّسات المحلّية أن تقدّم مساهمة هامّة في ريّ المزروعات.
تساهم مساهمة فعّالة في تعزيز مُستوى المياه الجوفيّة وزيادة المساحات الخضراء في زراعة الأشجار الحرجيّة والغابات والأشجار المُثمرة، وزراعة الخضار والمحاصيل الحقليّة….
تُستخدم المياه المُجمّعة في ريّ المزروعات والمسطّحات الخضراء.
تُستعمل مياه الأمطار المجمّعة في الحاجات المنزلية كالغسيل والجلي والمسح وغسل السيّارات، ويمكن استخدام الفائض من مياه الأمطار في تغذية ورفع مُستوى المياه الجوفيّة، التي بدورها تُعزّز الحفاظ على المخزون المائي وزيادة تدفّق الينابيع ممّا يزيد من استخدام الأراضي في الزّراعة وإعادة تأهيل أو استصلاح الأراضي وزراعتها.
لا جدوى من حصاد أو تجميع مياه الأمطار في المناطق التي لا يزيد سقوط الأمطار فيها عن 250 ملم.
إنّ نظام تجميع مياه الأمطار سهل التّشغيل والتّركيب وذات كُلفة بسيطة مقارنة بالأنظمة الأخرى وتوفّر وتلبي بعض الحاجات من الاستهلاك المائي.
تجميع المياه يساهم في الحدّ من الجرَيان السّطحي لمياه الأمطار ويخفّف من احتمال حدوث فيضانات في المناطق السّاحلية ومن جرف وأضرار في الأراضي والمُمتلكات.
من المُهمّ جدّاً الأخذ بالاعتبار السّعة التّخزينية لأيّ نظام مائيّ حتى يكون قادراً على تلبية الحاجة والطّلب على المياه وخصوصاً في مواسم الجفاف.
أن تكون السّعات التخزينيّة المُستعملة في النّظام كبيرة بما يكفي لسدّ الاحتياجات اليوميّة للمياه وخاصّة في مواسم الجفاف.
الأخذ بالاعتبار مساحة المِنطقة المُستَخدمة لتجميع المياه بالنّسبة للمساحة الخارجيّة التي تُحيط بالسدّ أو البُحيرة.