ألا أيُّها الشيخُ المُجِدُّ المجاهدُ حسيبٌ، وحسبُ الدارِ أنْ ذاعَ صيتُها وعارفُها الصِهرُ الأمينُ على التُّقى تباركَ بيتٌ َضمَّ فيه ثلاثةً |
حَمَلتَ التُّقى إرثاً سما فيه والدُ |
بنَوا في حمى الرحمنِ خلوةَ ذكرِهم أيا خلوةَ الشيخِ المُعمَّمِ بالنَّدى سواعدُ أهلِ الحقِّ جادتْ وجاهدتْ على دربِ حِفظِ الدينِ ساروا وشمَّروا |
ففاضتْ بليلِ الذِّكرِ منها الفوائدُ ويا معبداً ترنو إليه المعابدُ وأعلتْ مقاماً، والشيوخُ روافدُ فصانُوه من عصفِ الرَّدى وتعاهدوا |
فما قيمةُ الدنيا، ولو فاض مالُها وهل ينفعُ الأبناءَ جاهٌ وحُظوةٌ بنى الوالدُ الفذُّ القصورَ بخلوةٍ بساطةُ عيشٍ آمِنٍ، وأخوَّةٌ |
ومعظمُ مَن فيها عدوٌّ وحاسدُ إذا لم يحفظوا ما قد بَنتْه السواعدُ وزيَّنها بالذِّكرِ قارٍ(1) وقائدُ هي البيتُ، أمَّا غيرُها فزوائدُ |
ألا يا حسيبٌ مذ حسِبتَ بأنَّها فلم تُعنَ إلَّا بالثِّمارِ ولم تُعِرْ هو الحقُّ والمعبودُ، لا حقَّ غيرُه فمَن عاش قرناً كاملاً، وهْو راسخٌ |
جناحا بَعوضٍ حرَّكتكَ المقاصدُ محاسنَها |
صَرعتَ الهوى يومَ الشبابِ، مُقاوِماً فشوقٌ إلى الأُخرى وتَوقٌ إلى النُّهى ولم تَلوِكَ الأهوالُ يوماً، وفي الحِمى إذا ما عوادي الدهرِ بالشرِّ زَمجرتْ |
وما كنتَ إلَّا السَّيفَ، والصوتُ راعدُ وما غيرَ ذاكَ الهمِّ هَمٌّ يُطارِدُ فؤادٌ له كلُّ القلوبِ وسائدُ حكتْ عنك دوماً بالثباتِ العوائدُ |
هُمامٌ، ولو بانَ المَشيبُ، فلونُه كذلك همْ أهلُ المكارمِ والتُّقى حياةٌ مع الرحمن عاشوا بهاءَها فحزمٌ وعزمٌ إنْ قضى الحقُّ والحِجى |
صفاءٌ ونُبلٌ، حكمةٌ وقواعدُ اْلأجاويدُ، نعمَ الأتقياءُ الأماجِدُ فَجادوا وسادوا، ما لَواهُمْ تَقاعدُ ولينٌ ودِينٌ دائماً وتعاضُد |
أيا مُعصريتي أنتِ دوماً عَليَّةٌ وواديكِ يَحكي ما حكاهُ شيوخُنا ويا قمَّةً تعلو بإرثٍ مبارَكٍ لئنْ غابَ عنَّا سيِّـدٌ قامَ سيِّـدٌ |
تُحاكيكِ من أعلى الجبالِ الهَداهدُ (2) وفي كل جِيدٍ من غِنـاهمْ قلائدُ وسرٍّ من التوحيــدِ عالٍ وصامدُ وصوتُ بني معــروفَ كالحقِّ سائدُ |
أيا صائغَ التقوى بنفسٍ أبيَّةٍ فمعهدُ إيمانٍ يُحاكي بعلمِه ومعهدُ أخلاقٍ ولُطفٍ وحَنوةٍ ومعهدُ جِدٍّ، والمواقفُ شيخُها |
سبائكُها بين الأنامِ معاهدُ اْلمعاهدَ جوداً، منهُ تالٍ وتالدُ (3) على القومِ إمَّا هدَّدته المكائدُ كريمٌ على دربِ الكرامةِ صاعدُ |
أبيٌّ متى يُرجى الإباءُ، وزاهدٌ ومثلُ الأبِ المِفضالِ عاشقُ حكمةٍ عشقتَ الكتابَ المُستطابَ، كأنَّه فعادةُ ختم النصِّ في كلِّ ليلةٍ غفَوتُم، وإنْ تَغفُ العيونُ، فإنَّما |
وفي كلِّ حالٍ عن حِمى الحقِّ ذائدُ تجلَّتْ، ولا تَثنيه عنها الموائدُ غِذاءٌ وماءٌ، دونَه العيشُ بائدُ ويومٍ لها عندَ الكبارِ مَذاوِدُ (4) على نغمةِ الآياتِ، والقلبُ ساهدُ |
سلامٌ على مثواكَ، والقومُ حبُّهم وسيلٌ من الأنوارِ يَهمي على الثَّرى زَرعتَ الحقولَ السُّمرَ خيراً وحكمةً |
شهاداتُ إخلاصٍ لكم، وشواهدُ (5) فيُنعِشُه، والزَّرعُ بالخيرِ واعدُ وها أنتَ جانٍ ما زرعتَ وحاصدُ |
شهِدتَ لدين الحقِّ، حقَّاً، فأثمرتْ
وسيلاً من الرَّحْماتِ من كلِّ جانبٍ |
شهاداتِ إخوانٍ لكم تتزايدُ
وفاءً لروحٍ طهَّرتْها الشدائدُ |
هنيئاً أيا شيخَ الأجاويدِ والصَّفا وبُشرى أيا شيخَ الجبالِ، لك الهنا |
تسامَيتَ حتَّى توجَّتْكَ المحامدُ عَلَوتَ، وما زادتْ عُلاكَ القصائدُ. |
شروحات:
(1): قارٍ أي قارئٍ (مخفَّفة)
(2):الهداهد: جمع هدهُد
(3):التالد: الموروث أباً عن جَدّ
(4):المِذوَد: اللسان, جمع مذاوِد
(5):الشاهد جمعه شواهد: الدليل والبرهان