السبت, شباط 22, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

السبت, شباط 22, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

بَكّا حاضرةُ المجدِ القَديم

بَكّا حاضرةُ المجدِ القَديمآثارٌ نبطيّةٌ ويونانيّةٌ ورومانيّةٌ وإسلاميّةٌ
تجعلُ لها مكاناً على خارطة السّياحة الثّقافيّة

السّابقون نَشَدوا الأمانَ في منازلَ بعيدة عن الطّريق العامّ
وأهل الزّمان تنافسوا لمدّ بيوتهم حولها لمسافة 3 كلم

في بكّا خيول لا زالت تُستخدُم لحراثة الحدائق
بسبب نفور البعض من أضرار الفِلاحة المكيانيكيّة

الرّحّالة السويسري بركهارت
الدّروز اشتُهروا بشجاعتهم الشّخصيّة وعُنفوانهم.

مقام-منسوب-للنبي-سبلان-في-ابلدة-القديمة
مقام-منسوب-للنبي-سبلان-في-ابلدة-القديمة

تقع بلدة بكّا في الجانب الجنوبي الغربيّ من محافظة السّويداء على ارتفاع 1035 فوق مستوى سطح البحر، في منطقة وسط بين السّفوح الجبليّة الوعرة إلى الشّرق منها وبين سهل حوران إلى غربها. ومنذ أن عَرفت بكّا العمران في العصر النّبطي فقد ارتبطت بطريق يصلها بالمدينتين النبطيّتين الهامّتين بُصرى إلى الغرب منها على مسافة نحو 4 كلم، وصلخد إلى الشرق منها بنحو 16 كلم. وتبعد بكّا جنوباً عن مدينة السويداء مركز المحافظة نحو 25 كلم. وقد زحف عمرانها من مرتفع التلّة الأثرية النبطية، الرومانيّة، العربيّة الإسلامية؛ التي كانت بعيدة نسبياً إلى الغرب من الطريق العام الذي يربط بين السّويداء وسائر قرى المقرن القبلي من الجبل بحيث امتدت البلدة بطول 3 كلم شمالاً وجنوباً، وعرض نحو 2 كلم شرقاً وغرباً. وتتبع بكّا ناحية ذيبين، منطقة صلخد في محافظة السويداء.
يبلغ عدد سكان البلدة 4,700 نسمة، ويعني اسمها في لغة الأنباط، الدّير أو القريبة من القمر وفق ما كتب توفيق الصفدي في كتابه “جنوب الشام”. ويلفت النّظر التّشابه بين اسم بكّا (وتكتب أحياناً “بكّة”) وبكّة وهو اسم قرآني لمكّة المكرّمة ممّا يدلّ على قِدَم الاسم.

الشّواهد الأثريّة في بكّا
ترك الأنباط في بكّا آثاراً منها مازال قائماً إلى يومنا هذا كجدار السّور الشّمالي الغربي الذي يتميّز بحجارته الكبيرة، والعنابر ذات القناطر العالية داخل البلدة بالإضافة إلى أبواب حجريّة ومقابر تتضمّن كتابات إغريقية وأبراجاً بيزنطيّة وبقايا كنيسة حُوّلت إلى جامع بعد الفتح العربي الإسلامي، ومقبرة ترجع إلى القرن الثاني الميلادي. وقد وُجدت في دار تركي أبو بكر بئر عميقة وقربها مغارة ضمّت عظاماً وتوابيت حجرية ترجع للعصر الرّومانيّ، وبئراً أُخرى في مشاع البلدة.
ومن آثار بكّا أربع برك كانت تصلها مياه الشّتاء من وادٍ يتّصل بأعالي قمم الجبل، اثنتان منها تقعان شمال شرق البلدة القديمة وفي إحداها نبع ماء غير سيّال لا يجفّ، وبركة في جنوب القرية القديمة تمّ ردمها وأنشئت مكانها مدرسة، وبركة أخرى تقع غرب القرية. كما سكن الغساسنة بكّا قديماً، وقد دانوا بالمسيحية في ظلّ حكم امبراطورية الرّوم البيزنطيّين بعد حلولهم في البلاد محل دولة الأنباط.
ومن الأوابد الأثريّة في بكّا مقام يُزار هو “مقام النّبيّ سَبَلان” المُعاد ترميمه، وآثار جامع قديم منسوب لعهد الخليفة عمر بن الخطّاب، وبابان منحوتان من الحجر البازلتي (حَلَس)، يعتَقد أنّهما جزء من بناء لكنيسة قديمة وقربهما قناطر أثريّة. وآثار في الدّار القديمة للمجاهد صيّاح الأطرش رفيق سلطان في جهاده ودار جدّه سلامة المشهور بـ “سمّ الموت” وهي دار مبنيّة على طبقات مُتراصفة فوق بعضها لآثار تبرز منها أعمدة وتيجان حجريّة وزخارف وكتابات تعود لعصر الأنباط والعصر الرّوماني والمسيحي البيزنطي.
وتظهر بكّا للرّائي من بعيد على شكل تلّة تشبه تلال القرى الأثرية في الجزيرة السّورية وبلاد ما بين النّهرين، وذلك لتعاقب العمران على أرضها في عصور سالفة تعود لأكثر من ألفي عام.

الشيخ-أبو-علم-الدين-جميل-بدرية-يحضر-القهوة-للضيوف
الشيخ-أبو-علم-الدين-جميل-بدرية-يحضر-القهوة-للضيوف

لمحة تاريخيّة
يذكر بركهاردت الرّحالة السويسريّ المكلّف من قبل بريطانيا باستطلاع بلاد العرب وهو الذي زار جنوب سوريا عام 1811 أنّ بكّا كانت خَرِبة خالية من السّكان،( ورد ذلك في ترجمة لسلامة عبيد عن كتاب “جبل حوران في القرن التّاسع عشر…”، وهكذا فإنّ الفضل في إحياء العمران الثّابت والمستقرّ في سائر قرى جبل حوران يعود لدور بني معروف الموحّدين، ذلك أنّ البدو الذين توارثوا تقاليد الغزو عبر التاريخ وبخاصة قبيلة عَنًزًة التي كانت ترتاد البلاد أواخر فصل الرّبيع من كلّ عام قادمة من بوادي شبه الجزيرة العربية (الرّوَلة ومن يتّصل بهم)، كانت تُرْهِبُ فلاّحيّ البلاد، وبَدْوَها، وحتى أولئك البدو الذين يقطنون في وعور اللّجاة شمال غرب الجبل، وكلّهم كانوا رعاة يأنفون التّحضّر والعمل في الزّراعة ويترحّلون طلباً لمراعٍ لماشيتهم إذ كانوا يرعون في براري الجبل في موسمي الرّبيع والصّيف، وفي ذلك يقول بركهاردت في مُتَرجَم سلامة عبيد ص 37 “كان بدو اللّجاة يخافون من تخطّي حدود وعرهم بسبب حالة القتال المستمرّة بينهم وبين قبيلة عَنَزة القويّة من جانب، وبينهم وبين حكومة دمشق (العثمانية) من جانب آخر، بينما تتحاشى عَنَزة الاقتراب كثيراً من اللّجاة خوفاً من السّطو على مواشيها أثناء اللّيل وخوفاً من بنادق البدو الذين يسكنونه ويحتمون في كهوف ووعور موحشة تجهلها قبيلة عنَزة الصّحراويّة.
“أما العمّال في مصانع البارود (في القرى الخَرِبة المحاذية لِلّجاة إلى الشرق منها)، فقد كانوا من الدروز الذين اشتهروا بشجاعتهم الشّخصيّة وعنفوانهم… وهذا ما كان يحدو بالبدو تحاشي الاقتراب منهم”. إنّ هذه الشهادة العيان من الرّحّالة بركهاردت تؤكّد للباحث بأنَّ إقامة حياة حضرية راسخة في بكّا وفي سائر حواضر جبل حوران وقعت على كاهل بني معروف الموحّدين وما بذلوه من تضحيات لتثبيت حياة زراعيّة مستقرّة في الجبل.

بنو معروف يرسِّخون عمران بكّا
مع توطّن عشيرة آل الأطرش المعروفيّة في القريّا المجاورة لِـ “بَكّا” اكتسب التحضّر وضعاً أكثر رسوخاً في القسم الجنوبي لجبل حوران، وهكذا فقد نزل آل الحمّود وهم فرع من العشيرة الأطرشيّة في بكّا، ومن المرجّح أن يكون ذلك قد حصل نحو أواسط القرن التّاسع عشر أو قبله بقليل، إذ استقرّ فيها سلامة الحمّود الملقّب بـ “ سلامة سمّ الموت” لشدّته في مجابهة المتعدّين على الحياة الحضريّة وقِيَمها، تلك القِيَم التي فَرضها الموحّدون في ديار أفرغتها من السكّان عوامل الخراب وفي طليعتها الغزوات البدويّة وانعدام الأمن لغياب سلطة الدّولة عن الأرياف البعيدة عن دمشق عاصمة الولاية، فضلاً عن الجفاف الذي يضرب المنطقة بين عام وآخر (ولم يزل)، وموجات الجراد.
لم يكن أمام بني معروف إلا الاستقرار في هذا الجبل المنيع بعد أن اضطُرّوا لعوامل مختلفة إلى الهجرة إليه تاركين موطنهم السابق في جبل لبنان (وكان يدعى “جبل الدروز” ) وقد كانت العوامل الأهمّ هي الصّراعات السياسية في جبل لبنان وانعكاساتها منذ معركة عين دارة ثم جاء الاضطهاد الشهابي في ظلّ حكم بشير الشّهابي الثّاني ثم الحرب الأهليّة عام 1860وما تبعها من تدخّلات فرنسية أوروبّيّة ضدّ الدّروز في أوضاع جبل لبنان حتى الاحتلال الفرنسي عام 1919. لكن أضيفت في ما بعد عوامل الهجرة الطّوعية لأسباب اقتصاديّة واجتماعيّة وعائليّة أو لغيرها من الأسباب، وقد يسّر ذلك أنّ لبنان وسوريا كانا لفترة طويلة وحتى ما بعد الاستقلال يمارسان سياسة الحدود المفتوحة لمواطنيهما الأمر الذي جعل انتقال الأشخاص والأسر ممكناً من دون عوائق.

وسط-البلدة-ويبدو-مبنى-المجلس-البلدي
وسط-البلدة-ويبدو-مبنى-المجلس-البلدي

الأسر في بكّا
من العائلات المعروفيّة التي توطّنت في بكّا إلى جانب آل الحمّود الأطارشة أقاربهم آل المعّاز وعويضة وأبو دقّة وإلى جانبهم توافدت عائلات عديدة كآل الباسط (أصلاً أبو خزام من كفرحيم في جبل لبنان)وأل عطا الله، وآل مراد وأبو محمود وينتمون لآل مراد وآل أبو حجيلي والجاسر وآل الحرفوش وحديفة وآل مهنّا وأبو أحمد وآل بدريّة وأبو بكر وآل نفّاع وآل السلمان طربيه، وآل بلّان والنّجم وعمّار ورزق والظلّي، وآل الحكيم والمؤيّد (في الأصل آل صعب) وآل غبرة (أصلاً: أبو الحسن) وآل فرح، وكلّها أُسر تنتمي إلى بني معروف.

صياح الأطرش، شيخ بكّا وهم: مزيد أبو بكر وفارس أبو محمود مراد وجدعان المعّاز…

صياح الأطرش، شيخ بكّا وهم: مزيد أبو بكر وفارس أبو محمود مراد وجدعان المعّاز...
صياح الأطرش، شيخ بكّا وهم: مزيد أبو بكر وفارس أبو محمود مراد وجدعان المعّاز…

بلدة أثرية

تحتوي بكّا على ثروة كبيرة من الآثار التي تعود إلى عصر الأنباط لأكثر من ألفي عام في البلدة وتتابعها في العصر الرّوماني والبيزنطي ــ الغسّاني والعربي الإسلامي، الأمر الذي يؤهّلها لأخذ مكانها على الخارطة السّياحيّة السّوريّة فيما لو أُخذ هذا الأمر بالجدّيّة اللازمة من قبل مواطنيها ومن قبل الجهات الحكوميّة المختصة. ويشير عالم الآثار الدكتور علي أبو عسّاف في ص 16 من كتابه “الآثار في جبل حوران” إلى أنّه في قرية صماد الحورانيّة على مسافة 3 كلم إلى الغرب منها وجدت آثار أدوات استخدمها الإنسان القديم تعود للعصور الحجرية التي تمتد بين 12000 و 4000 سنة قبل الميلاد.

بلدة الشهداء
بالاستناد إلى سجلّ محفوظ في بلديّة بكّا تبيّن لنا أسماء 16 شهيداً قضوا في المواجهات خلال العهد العثمانيّ بينما سقط للقرية في مواجهة الاحتلال الفرنسيّ خمسة وعشرون شهيداً قال فيهم الشّاعر الشّعبي للثّورة السّورية الكبرى الشّاعر صالح عمار أبو الحسن:
رجال بـكّـــــــا بيِغِلْبوا ومـــــــــا يُغْلَبـــوا فرسان من صَوْت المدافع يطربوا
قيدومهم صيّاح في يوم الوغى يَوْمِ اِن على ظَهر السّلايل يركبوا
ويسمّي الدّكتور عبدي صيّاح الأطرش مجاهدين من بكّا “واصلوا جهادهم في المنفى”، إلى جانب قادة الثورة ورفيقهم صياح الأطرش، شيخ بكّا وهم: مزيد أبو بكر وفارس أبو محمود مراد وجدعان المعّاز…

اقتصاد البلدة
تبلغ مساحة الأراضي المزروعة في بلدة بكّا نحو 14,000 دونم تُزرع بالقمح والشّعير والحمّص والعدس والفول. ومن أهمّ الأشجار المزروعة في بكّا الزّيتون، يليه اللّوزيات والكرمة والتّين وغيرها من الأشجار كالفستق الحلبي والتّوت والجوز والرّمّان والإجّاص ومعظم هذه الأشجار تُزرع في الحدائق المنزليّة حيث يتوفّر لها الماء من شبكة مياه الشّرب.
وهناك 18,350 دونم مصنفة كأراضٍ وعرة وتُعتبر من أملاك الدّولة، ولكنّ هذا حرم أهالي القرية من استصلاحها والإفادة منها لأنّ التكنولوجيا الحديثة يمكن لها أن تستصلحها وتُدْخلها في مجال الإنتاج الزراعي. وتهتمّ العديد من الأسر في القرية بتربية الماشية سواء لحاجة المنزل أو بهدف تحقيق دخل إضافي من ذلك تربية الأبقار المحسّنة وتُرَبّى الأغنام والماعز بالمشاركة مع رعاة من البدو وهذا بالإضافة إلى تربية الطيور الدّاجنة. ومن مصادر الدّخل الإضافية التي تدعم معيشة الأسر في الظّروف الحاليّة العمل في دوائر الدّولة أوفي القطاع الخاصّ وكذلك تحويلات العاملين في الخارج من أبناء البلدة إلى ذويهم وهذه تشكّل مصدرا هامّا من مصادر الدّخل الأسريّ..

تربية الرّاماج
الرّاماج نوع من العصافير الجميلة المتنوّعة الألوان التي تتراوح من الأخضر إلى الأزرق والأصفر والنّيلي والأحمر. والماوردي منه والمشجّر (روز) هما الأغلى ثمناً فزوج الصّيصان منهما يبلغ سعره نحو 15000ل.س، وهو طائر شرس لدرجة أنّه يفرم بمنقاره شبك منخل السّلك غير المُفولذ ويفتح ثغرة فيه ليهرب من خلالها لذا لا يؤمَن لضربات منقاره، فنَقْرَة منه تُدمي وتؤلم لفترة من الوقت، ويشكّل الرّاماج دَخْلاً إضافياً للأسرة في بكّا التي أعدّت في منازلها مئات الغرف التي خصّصت لتربية عصافير الرّاماج.
ويربّى الراماج في غرف خاصّة واسعة نسبيا ومزودة بنوافذ للتهوئة، وتتّسع الغرفة الواحدة إلى 10 ــ 20 زوجاً من الرّاماج، وكلّ زوج يعطي 4 إل 6 صيصان كلّ شهرين ونصف الشّهر تقريباً، والعدد المثاليّ 4 صيصان. ويعطي الصّوص أفراخاً بعد 7 شهور من نقفه البيضة. وزوج الرّاماج يُعتبر بالغاً في عمر 5 إلى 7 شهور، ويدعى “مخلوف” وسعره من 7000 إلى 8000 ل.س، أمّا الزّوج الأكثر بلوغاً فيُدعى بـ “العتقي” سعره فوق 10000 ل.س ويكون عمره أكثر من سنة. وعموماً فإنّ الزّوج الواحد يعطي بالسّنة 4 أفواج. ويُباع الرّاماج لتجّار متخصّصين يأتي أكثرهم من حلب، ويبلغ متوسّط إنتاج الغرفة الواحدة ما يعادل 100$ أمريكي شهرياً. ولكنّ الأحداث في حلب تسبّبت بهبوط أسعار الرّاماج عن مستواها المألوف. وقد كان يتمّ تصديره منها إلى تركيّا لشركة “راماج” حيث يستفاد منه في صناعة مستحضرات التّجميل بالدرجة الأولى.
ويفيد السيّد جهاد الزاقوت أبو الحسن وهو أحد مربّي الرّاماج، بربحيّة تربية هذا النّوع من الطّيور ولكنّ الأمر يحتاج للدّراية الكافية تجنّباً للخسارة، فالرّاماج يتعرّض لتعفّن الأعشاش بسبب كثرة الأفراخ، كذلك يُصاب بالطّفيليات ومنها النَّمَس وهي حشرات بالغة الصّغر (تظهر بوضوحٍ بالضّوء) وهي تقتل الأفراخ الصّغيرة، ويتمّ تعفيرها بالمبيدات الحشرية.
ويتغذّى الرّاماج على حبوب الدُّخُن والقمح المبلول من يوم لآخر لأكثر (خوفاً من التعفّن)، وبزر دوّار الشّمس والذّرة الصّفراء المبلولة وعلى بيض الدّجاج غير البلديّ.

تربية-طيور-الراماج-أوجدت-مصدر-دخل-إضافي-للأسر-في-بكّا
تربية-طيور-الراماج-أوجدت-مصدر-دخل-إضافي-للأسر-في-بكّا

خيول .. في عصر التّكنولوجبا
وعلى الرّغم من التّطوّر التّقني في الزّراعة التي أصبحت تعتمد الآلات الحديثة فلم تزل في بكّا أربعة خيول لحراثة الحدائق والمساحات المحدودة بواسطة المحراث الرّوماني القديم، ويَعْتَبرُ زبائن هذا النّمط من الحرث بحكم تجربتهم العمليّة أنّه أكثر جدوى من الحراثة الآليّة التي ترصّ التّربة وتعيق تهويتها ممّا يضعف إنتاجيّتها. كما أنّ الآليّات الزّراعيّة الخفيفة كالفرّامة لا تنزل عميقاً في التّربة وذلك بخلاف سكّة المحراث الرّوماني القديم التي تشقّ التّربة وتحافظ على رطوبتها ولا ترصّها، لأن رصّ التّربة بتأثير دواليب الجرّار يجعل القسم الواقع تحت التّربة المحروثة من الأرض كالبلاطة التي تمنع التُّربة من امتصاص الماء والرّطوبة الجوّيّة، كما تعيق حركة الجذور فيها لتصلّبها!.

توسّع البلدة
بنيت منازل القرية القديمة على مسافة مئات الأمتار من الطّريق العام، الذي يصل بين قرى المقرن القبلي من الجبل والسّويداء مركز المحافظة، لأنَّ النّاس لم يكونوا يرغبون في الماضي بمرور القوافل والقوات العسكريّة بين بيوتهم، ولكن بعد الاستقلال عام 1945 أخذ العمران يقترب تدريجيّاً من الطّريق العامّ وتجاوزه باتجاه الشّرق باتّجاه قرية حوط. ولكنّ امتداد عمران القرية الحديث اللّافت للنّظر هو امتدادها الطّولي لنحو ثلاثة كيلومترات بمحاذاة الطّريق العام الذي يصلها ببلدة ذيبين جنوباً وإلى جهة الشّمال حيث تقاطع طريق بصرى غرباً وصلخد شرقاً. وتكتسي القرية الحديثة باللّون الأخضر لوفرة الحدائق المنزليّة وفائض المياه التي تُسْتَجرّ من الآبار الارتوازية التي توفّرها الدّولة للمواطنين. ولكنّ المُقلق هو هجرة الأيدي العاملة والهجرة الدّائمة وخاصّة خلال الأحداث الدّامية التي ألمّت بسورية بعد عام 2011 وما تلاه إذ يندر أن تجد بيتاً ليس منه مهاجر أو نازح أو مغترب.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي