الخميس, نيسان 25, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الخميس, نيسان 25, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

تحقيق راشيا الوادي

راشيا الوادي خزانة التاريخ

مرّ عليها الكثير ولم تفقد أصالتها

القلعة التاريخية معرض جامع لتوالي الممالك
والسوق الأثرية تحمل بصمات الإرساليات الأوروبية

اللبنانيون يأكلون دبسها ويصطلون حول مدافئها
لكن قوافل الهجرة ذهبت بالمئات من شبابها

متربعة في صدر حرمون، حارسة لصدى استقلاله، مشرعةً نوافذها لهذا الجبل الشامخ بمجده التليد، غامزةً بعينٍ السهول المحيطة التي يأنس لها القمر في بدره الوضاء، وبأخرى لهضاب وأودية يفوح منها روح المكان التيمي، إنها راشيا الوادي، هذه البلدة العتيقة الوادعة التي تأنس العين لرؤيتها والتي شاء التاريخ أن تكون مسرحاً لأحداث كبيرة ونموذجاً للعيش المشترك منذ أن بزغ فجر الاستقلال من قلعتها وكان لوقفات أبنائها الكثير من المعاني والعبر في صناعة الصمود والتحدي والعنفوان.

معالمها الجغرافية والمناخية
على أقدام جبل الشيخ وعلى سفوح سلسلة جبال لبنان الشرقية تقع بلدة راشيا الوادي على علوٍ يقارب الـ 1200م، وهي المركز الإداري لقضاء راشيا الذي يضم 26 بلدة وقرية تحتضن تنوعاً بيئياً وتراثياً فريداً. تبعد هذه البلدة عن بيروت 85 كلم ويمكن الوصول إليها عبر طريق شتورا، المصنع، راشيا أو عن طريق مرجعيون، حاصبيا، راشيا. يبلغ عدد سكانها المقيمين 8500 نسمة، وتعتبر إحدى البلدات المصدّرة للإغتراب، إذ غذّت المغتربات القريبة والبعيدة بمئات الشبان الذين كان لهم دور مهم وفعّال في تنمية البلدة خصوصاً من خلال الأموال التي تمّ استثمارها في مجال البناء أو في النشاط الذي يقيمه المغتربون عند عودتهم للإستقرار مجدداً في لبنان أو في البلدة.

راشيا في التاريخ
دعيت راشيا الوادي نسبة الى وادي التيم وتمييزاً لها عن جارتها الجنوبية راشيا الفخار ويقال إن الاسم لفظة أّرامية مركبة من مقطعين “راش – أّيا” ويعني “رأس أيا“ هو إله المطر والعواصف، وللتسمية هذه علاقة قوية على الأرجح بتاريخ جبل حرمون.

قلعة راشيا
يعود تاريخ بناء قلعة راشيا إلى العهد الروماني، إذ بنى الرومان حصناً منيعاً لمراقبة القوافل التجارية، وفي العام 1099غزا الصليبيون المنطقة واختاروا القلعة حصناً لهم نظراً لموقعها الاستراتيجي الذي تحيط به المنحدرات من ثلاث جهات، بينما تواجه الجهة الرابعة منه قمة حرمون المطلة على الأراضي السورية والفلسطينية واللبنانية. وأضاف الصليبيون إلى القلعة أبراجاً استعملت كمراكز للمراقبة والدفاع. وتختصر القلعة بأقسامها الأربعة المختلفة التاريخ العريق للبلدة وللعهود والممالك التي مرت عليها.
فالقسم الأول: يحتوي على بناء وآثار رومانية منها دهاليز من الجهة الجنوبية الغربية يؤدي الى خارجها.
والقسم الثاني: يحتوي على أبنية وآثار صليبية ولاسيما الآبار المنحوتة في الصخر والتي ردمت كلها ولم يبقَ منها سوى بئر واحد صالح للإستعمال، والاقبية السفلى للقلعة وهي القاعة الأثرية الكبرى والمخزن من الجهة الشمالية الشرقية والبرج من الجهة الغربية الجنوبية وهو أعلى نقطة في القلعة.
القسم الثالث: يضم أبنية وآثاراً شهابية يعود تاريخها إلى العام 1370عندما تولى الأمير أبو بكر الشهابي ولاية حاصبيا والذي كان يأتي برفقة زوجته وابنته للصيد في راشيا فبنى منزلاً داخل القلعة.
أما القسم الرابع: فيتمثل في ما أضافه الفرنسيون في العام 1920 عندما دخلوا القلعة وأكملوا بناء السور الشرقي مستخدمين حجارة المنازل المجاورة. وقام الفرنسيون بمسح معالم أثرية للقعلة عن طريق ترميم الجدران وكسائها بالورقة الاسمنتية.
يذكر أن الشهابيين هم الذين بنوأ مدخل القلعة والسور والقناطر من الجهة الجنوبية الغربية والتي توجد في صدرها لوحة حجرية منقوش عليها بعناية الأبيات التالية:
لله قصــــــر قـــد علـــــت أركـــــــانه وغـدا فريد الحســـــــن والإتقــــان
إيـــــوانه فيــــه المســــــرة والهنـــــــــا للــه مــــــا أحــــلاه من إيـــــــــــــوان
غـــــــرف حســـــان قــــــjد أنــــــورت من شمــــــس مشرق ذلك الديوان
بنــــيان عز للآلـــىء قد أعلمــــــت يعلو البنـــاء بفضـل جهد البانــــي

أهم ذكريات القلعة
وفي يوم 22 تشرين الثاني من العام 1925 أثناء الثورة السورية الكبرى كان نصيب راشيا وقلعتها معارك حامية، إذ حاول الثوار اقتحامها وكانت معقلاً للجيش الفرنسي وسقط 105 شهداء من أبناء منطقة راشيا في تلك المعركة.
وبين 11 و 22 تشرين الثاني من العام 1945 حوّلت السلطات الفرنسية القلعة التاريخية إلى معتقل لرجال الاستقلال وكان من بينهم بشارة الخوري، رئيس الجمهورية، ورياض الصلح رئيس الحكومة وسليم تقلا وزير الخارجية والأشغال العامة، والزعيم الطرابلسي عبد الحميد كرامي وعادل عسيران وزير التجارة والصناعة، وكميل شمعون وزير الداخلية.
وفي العام 1946 بعد جلاء الفرنسيين تمركّز فيها الدرك اللبناني وبعض إدارات الدولة الرسمية وبقي الوضع كذلك حتى نقل القلعة في العام 1964 إلى عهدة الجيش اللبناني.

سوق راشيا الأثرية
تعتبر سوق راشيا الأثرية أحد أهم و أبرز المعالم السياحية وقد تمّ بناؤها في عهد الفرنسيين وذلك على شكل شارع بطول 300م تحيط بها المحال على الجانبين مبنية من الحجر القديم وخصصت للمشاغل الحرفية والمنتوجات التراثية المحلية التي تتميز بها البلدة. وتمّ رصف الشارع داخل السوق بالحجارة البازلتية بأسلوب ملفت للنظر يضفي على السوق روعة تجعل من هذه السوق الأثرية من أبرز المعالم السياحية في البقاع وفي لبنان.

زراعة الكرمة ومعاصر دبس العنب
يلعب القطاع الزراعي دوراً مهماً وإن لم يعدّ رئيسياً في حياة أبناء البلدة، لكن على الرغم من التراجع النسبي في أهمية الزراعة فإن هناك الكثير من العائلات التي تعوّل على هذا القطاع ولاسيما زراعة الكرمة التي لا تزال إحدى أهم الزراعات التي تمتاز بها راشيا وجوارها.

صناعة الفضة من ينقذها

تعتبر صناعة الفضة من الصناعات القديمة في راشيا حيث تعود إلى القرن السابع عشر وحكم الشهابيين الذين كانوا يعتمدون على حرفيي راشيا لتزيين نسائهم . أما اليوم فقد تراجع هذا القطاع وهو مهددٌ بالزوال إذ لم يبقَ في البلدة سوى عدد قليل ممن يتعاطون هذه الحرفة.

صالح-القضماني---مدفأة-لكل-ذوق
صالح-القضماني—مدفأة-لكل-ذوق

الزراعية للبلدة مما يبرّر وجود عدد من معاصر دبس العنب التي يبلغ عددها 4، وهي تستقبل كميات كبيرة من العنب سواءً من القرى المجاورة لها أو من قرى حاصبيا وهذا دليل على جودة دبس العنب الذي تفخر به راشيا ويجعل دبسها مطلوباً بقوة من المستهلك. وقد أصبحت صناعة الدبس اليوم أكثر حداثة من ذي قبل ولاسيما لناحية العصر والتوضيب . أما تصريف الإنتاج فهو لا يقتصر على سوق راشيا والجوار، إذ يقصد البلدة تجار من مختلف الأراضي اللبنانية لابتياع الدبس كونه لا يزال مادة أساسية على موائد الكثير من اللبنانيين لا بل أن محلول دبس العنب يقدّم مشروباً مثلجاً في أرقى المناسبات.

التعاونيات الزراعية
إلى جانب معاصر العنب التي تفخر بها البلدة هناك دور مهم تضطلع به التعاونية الزراعية التي تلعب دوراً مهماً في التصنيع الزراعي ولا سيما تصنيع الخضار والفواكه بطرق علمية مدروسة خالية من أي مواد من شأنها أن تضرّ بالصحة العامة، وهذا ما يساعد على تصريف المنتجات الزراعية، كما يخفف من كساد المواسم ويرفع عن كاهل المزارع عبء تخزين منتجات ومحاصيل يمكن أن تتراجع نوعيتها أو تتلف بمرور الوقت، أضف إلى ذلك أن التعاونية وفّرت فرص عمل لعدد من الصبايا اللواتي لا يستطعن أو لا يرغبن في العمل خارج البلدة.

دور تربوي بارز
تعتبر بلدة راشيا مرجعاً أساسياً في العملية التربوية، إذ يوجد فيها عدد من المدارس الرسمية والخاصة . وهناك على سبيل المثال مدرسة رسمية توفّر الدروس من الروضة حتى المرحلة المتوسطة وثانويتان رسميتان هما ثانوية حرمون ذات اللغة الفرنسية وثانوية أخرى تدرّس اللغة الانكليزية، بالإضافة إلى عدد من المدارس الخاصة الرائدة في المجال التربوي والتي تخفف عن كاهل أبناء البلدة وجوارها مشقة الانتقال إلى المدن لتوفير تعليم جيد لأبنائها.

راشيا تقود صناعة المدافئ
يعود تاريخ صناعة المدافئ في راشيا الى العام 1937 عندما كانت هذه حرفة يدوية قبل ان تصبح اليوم آلية بحتة بسبب الطلب الكبير على ما تنتجه البلدة من مختلف أنواع المدافئ. وقد ازداد عدد المشاغل التي تنتج المدافىء أو الصوبيات إلى إثني عشر مشغلاً وأصبحت هذه تنتج ما يقارب الـ 5 آلاف مدفئة سنوياً يتم تسويقها على كافة الاراضي اللبنانية.
كوّنت راشيا لنفسها شهرة واسعة في صناعة المدافئ التي تعمل على المازوت أو الحطب واشتهرت صناعتها بسبب الطابع الحرفي لتلك الصناعة التي تنتج مدافئ حسب الطلب وفي تصاميم مختلفة تراعي اختلاف الأذواق، وقد ارتقت راشيا بهذه الصناعة إلى حدٍ باتت معها أشبه بصناعة قطع فنية، إذ يتم تشكيل المدفأة وفق تصميم خاص مما يعطي لمنتجات راشيا تنوعاً كبيراً ونفحة فنية ترفع الصناعة إلى مرتبة الفن بكل معنى الكلمة. وبسبب هذه الشهرة فقد ازداد الإقبال على مدافئ راشيا حتى باتت هذه الصناعة –الحرفية بوسائلها- غير قادرة على تلبية الطلب. يشرح الشيخ صالح سلمان القضماني أحد مالكي مؤسسة أبناء الشيخ سلمان القضماني أوجه تميز إنتاجه بالتأكيد على أن مؤسسته لا تستخدم الآلات الحديثة كما يحصل في معظم مصانع المدافئ في المنطقة بهدف إنتاج أكبر كمية ممكنة بل تتخصص في إنتاج قطعة مميزة وفريدة تسرّ الزبون الذي يأخذها وهو متأكد بأنها فريدة ولا مثيل لها. وهذه القطعة لا يمكن لطريقة التصنيع الميكانيكية أن توازيها من حيث الجودة أو اللمسات الفنية اليدوية. ويشير إلى أن الحرفة التي يعمل فيها تطورت لجهة إدخال تقنيات تحقق الاحتراق الكامل خصوصاً في مدافئ المازوت وكذلك تقنيات توفير المازوت.

رئيس بلدية راشيا العميد مروان زاكي

علـى المغتربيــن لعــب دور أكبــر
فــي إنمــاء اقتصــاد راشيــا

مشاريع للتشجير وإقامة برك تجميع مياه الأمطار
وأربعة مولدات أنهت أزمة الكهرباء في البلدة

رئيس-بلدية-راشيا-العميد-مروان-زاكي
رئيس-بلدية-راشيا-العميد-مروان-زاكي

التقت مجلة “الضحى” رئيس البلدية العميد مروان زاكي في حوار تناول الوضع الإنمائي في راشيا والتحديات التي تواجه البلدية والآثار السلبية للاغتراب، كما تناول رؤية البلدية للمستقبل وأهم المشاريع التي تعمل عليها. وفي ما يلي الحوار.

هل هناك مشاريع قيد الدرس أو التنفيذ؟
نعم هناك مشروع الصرف الصحي الذي يتم درسه بغية تنفيذه في أقرب وقت، وهذا من شأنه حل مشكلة كبرى في زمنٍ بات فيه التمدد العمراني كبيراً جداً.

ما هي المشاريع الخدماتية التي تعدونها؟
نسعى بقوة لإنشاء مراكز خدماتية في راشيا وأول الغيث كان افتتاح مكتب للتنظيم المدني والعمل جارٍ لفتح فرع للضمان الاجتماعي لتوفير مشقة الانتقال الى زحلة على أن يكون هذا المركز في خدمة راشيا والجوار. كما أننا نعمل مع فعاليات المنطقة السياسية من أجل زيادة فروع للجامعة اللبنانية ومحاولة استقدام جامعة خاصة تخفف وطأة الانتقال إلى زحلة وجوارها.

راشيا بلدة غنية بالآثار والتراث كيف يمكن الإفادة من ذلك؟
نحن في صدد إقامة مهرجان سياحي في الصيف بغية الاستفادة من الواقع السياحي والتراثي، ولاسيما أن هناك قلعة تاريخية هي قلعة الاستقلال مع ما تحتويه من المعالم التاريخية.

كيف يتم التعامل مع الاغتراب ؟
هناك أعداد كبيرة من أبناء البلدة الذين كتب عليهم الاغتراب وعدد لا بأس منهم نجح في بلدان الاغتراب فأصبح متمسكاً بالغربة أكثر من الوطن وهو ما ينعكس سلباً على الاقتصاد المحلي. فلا استثمارات في مشاريع من قبل المغتربين وجلّ ما نراه هو تشييد المنازل الفخمة والفيلات، في حين أن هناك الكثير من المجالات التي يمكن الإفادة منها مثل إقامة فندق في راشيا يستقطب السياح إلى البلدة، إذ لا يوجد مكان يمكن أن يستقبل السائح لليلة واحدة.
كما أن غياب المؤسسات والمصانع من شأنه أن يضعف فرص العمل للشباب ويساهم في الجمود الاقتصادي والمزيد من الهجرة.

هل هناك من دور تضطلع به البلدية على صعيد البيئة ؟
نعم البيئة هي أحد الاهداف الاساسية في العمل البلدي ولاسيما من ناحية زيادة المساحة الخضراء ولهذه الغاية تمّ توقيع عقد مع وزارة البيئة بغية تشجير أحد الجبال القريبة من البلدة بالاشجار الحرجية البرية،كما نسعى مع المشروع الاخضر لإقامة عدد من البرك الاصطناعية في منطقة اليابسة.

رئيس محترف الفن التشكيلي شوقي دلال

حمايــة تــراث راشيــا من زحــف الإسمنــت

تفعيل السوق التاريخي يحتاج إلى سياحة وإلى إحياء الحرف والصناعات التقليدية

شوقي-دلال
شوقي-دلال

تقع بلدة راشيا في موقع متميز فهي صلة وصل بين لبنان وسورية وفلسطين وتمثّل بسبب تراثها الغني وحجمها السكاني وقاعدة الصناعات والحرف التقليدية التي تضمها إحدى القرى الأولى لبنانياً في تعبيرها عن تراث البلد وتاريخه وثقافته. في هذا الحوار مع رئيس جمعية المحترف الفن التشكيلي الأستاذ شوقي دلال تستكشف “الضحى” آفاق الحركة الثقافية والنشاط الإبداعي في راشيا وتسأل الأستاذ دلال كيف يمكن تفعيل الغنى الثقافي لبلدة راشيا، وكيف يمكن توفير الحماية له من التقدّم العمراني الزاحف؟

بدأنا بسؤاله عن الغنى الثقافي في منطقة راشيا.
راشيا بلدة تراثية قديمة وكان لها دور بارز عبر التاريخ وهذا ما تدل عليه مكتشفاتها الأثرية والآثار القديمة الموجودة في أماكن مختلفة، فكانت بلدة للتبادل التجاري في العصور القديمة وهذا ماتدل عليه الخانات الموجودة في جوارها حتى أن منطقة “الفاقعة” المجاورة لها وجد فيها العديد من النقود القديمة وهذا دليل على وجود تجارة ناشطة ولاسيما أيام الفينيقيين كما أنها كانت مقصد تجار الفراعنة لإجراء عمليات التبادل .

كيف تفسرون لنا ظاهرة المنازل التراثية القديمة في راشيا التي تزينها؟
منازل راشيا التراثية المزدانة بالقرميد يعود تشييدها الى العام 1850 إبّان فترة الإرساليات الأجنبية إلى لبنان وتحديداً الفرنسية منها. فالنمط المعماري لمنازل القرميد بدأ عندما جاءت إحدى البعثات ودعت الى بناء منزل كمقر صيفي للمفوض السامي، ثم أخذ هذا النمط المعماري بالتكاثر مع معلمي الشوير ولا يزال القرميد الفرنسي يغطي معظم منازل راشيا حتى يومنا هذا .

كيف يمكن حماية هذا الإرث؟
المطلوب منا جميعاً المحافظة على هذا الإرث الجمالي الذي تركه لنا الأجداد وعلى الدولة سن القوانين التي من شأنها أن تساهم في المحافظة على التراث القديم في ظل إمتداد غابة الإسمنت المشوهة له.

سوق راشيا التاريخي معلم قل نظيره في البقاع وربما في لبنان. لماذا لا يتم تفعيله؟
لتفعيل دور سوق راشيا من الناحية التراثية السياحية والتجارية يلزمه مخطط ومشاريع سياحية تجعل منه مركزاً مهماً لا بل قبلة أنظار السياح ولاسيما لجهة تفعيل الصناعات الحرفية والأعمال اليدوية وما شابه ذلك.

ما هي أبرز الميزات الثقافية التي اتسمت بها راشيا؟
كما سبق وذكرنا الإرساليات الأجنبية أسهمت أسهاماً واسعاً في إغناء راشيا ثقافياً من خلال إنشاء مدارس مازال بعض أبنيتها ماثلاً حتى اليوم ومنها الإرساليات الروسية والفرنسية والإلمانية. كما كان للدور الثقافي أهمية في القرن الماضي، حيث صدرت بعض الصحف مثل صحيفة حرمون في أربعينات القرن الماضي.

كيف يساهم محترف الفن التشكيلي في الحفاظ على التراث الثقافي ؟
جمعية محترف الفن التشكيلي استندت في انطلاقها إلى هذا الكم من التراث الذي ذكرناه و السؤال الذي كنا نطرحه إذا كان لدينا هذا الكم من التاريخ لماذا لا نسلط الضوء عليه ومع هذا الشعار انطلقت الجمعية في نشاطها العام 1992.

منير مهنا مدير مركز الخدمات الإنمائية في راشيا

مشروع لكتابة تاريخ راشيا وحرمون
واستعدادات مبكرة لمئوية الثورة السورية الكبرى

من يحقق مشروع تلفريك التزلج من راشيا إلى جبل الشيخ؟

منير مهنا
منير مهنا

التنمية في نظره رؤية تقود المبادرات وإرادة سياسية وتكاتف وتنسيق ودور للبلدية والهيئات الأهلية وهي لا يمكن بالتالي أن تتم بصورة عفوية وبمبادرات متفرقة. في هذا الحوار يشرح مدير مركز الخدمات الإنمائية في راشيا منير مهنا رؤيته للوضع التنموي في راشيا ويعرض للعديد من الفرص والإمكانات المتاحة التي يجب تفعيلها.

كيف ترون واقع وأفق التنمية في راشيا؟
تنطلق العملية التنموية من الموارد المتوافرة في البيئة المحلية، سواء كانت تلك الموارد ثروات طبيعية أو مادية بالإضافة الى طاقات الأفراد والجماعات والمؤسسات وما تراكم من منجزات للجماعة عبر الزمن. وتحدث التنمية عندما يتم ربط تلك المدخلات في سياق مخطط يستهدف تحسين مستوى نوعية الحياة لدى الناس. وما نراه في راشيا على الصعيد التنموي ما زال في بداياته والموارد المتاحة لعملية التنمية ترتكز على تاريخ البلدة مثل وجود قلعتها التاريخية التي تعود الى القرن الحادي عشر أو إلى السوق الأثرية التي يعود تاريخها الى القرن السابع عشر مع بنية معمارية تظهر في بيوتها القرميدية الجميلة وتعدادها يزيد على 250 بيتاً، من دون أن ننسى أنها في حضن جبل الشيخ- حرمون وما يحمله من إرث حضاري عظيم. يعني ذلك أن المدخل الأساس للتنمية في راشيا يبدأ من هذه الوجهة السياحية والطبيعية، وهذا الإتجاه يشهد حركة دفع ضعيفة، لأن موقع راشيا ما زال غير مهيأ من ناحية البنية التحتية المناسبة لاستقبال السياح والوافدين رغم وجود تلك المقومات .

هل من أنشطة أو مبادرات لتفعيل السياحة في راشيا؟
الأنشطة وحدها لا تكفي إذا لم تكن جزءاً من مشروع متكامل ترعاه مؤسسات محلية وعلى المستوى الوطني. مثلاً، دور البلدية أساسي في هذا المجال وكذلك دور الجمعيات الأهلية، وقد عرفت البلدة خلال عقد التسعينات وحتى العام 2005 حركة مهرجانات سياحية ساهمت فيها البلدية مع الجمعيات الأهلية وفي طليعتها محترف الفن التشكيلي في راشيا الذي أطلق العديد من المبادرات وعلى رأسها مهرجان المغتربين ومهرجان الشعر الزجلي ورحلة التجلي في السادس من آب، كما أن البلدة تشهد توافد الآلاف من طلاب المدارس والمغتربين لزيارة قلعة راشيا على مدار العام وخلال فترة الإحتفالات بعيد الإستقلال.

هل هناك مشاريع معينة لقلعة راشيا؟
هناك اتجاه في قسم الشؤون الحرفية التابع لمركز الخدمات الإنمائية في راشيا لتطوير منتجات للتسويق السياحي ووضعها في قلعة راشيا، كما أن الفنان عارف أبولطيف يقيم معرضاً دائماً لمنحوتاته في جناح خاص في القلعة وقد أنجز الى جانبها تمثالاً خاصاً لقائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش حيث تاريخ الثورة السورية الكبرى سنة 1925 تحتضنه قلعة راشيا على أسوارها ومن خلال اللوحة التي تحمل أسماء شهدائها الأربعمائة الذين سقطوا في مواجهة المحتل الفرنسي في تلك الحقبة من التاريخ ..

هل يمكن لراشيا أن تلعب دوراً أكبر ثقافياً وسياحياً؟
أعتقد أن من لديه هذا التاريخ يمكنه أن يقيم الكثير الكثير من المبادرات والأنشطة ذات الصلة .المهم هو توفّر الإرادة والرؤية وتكاتف الهمم والتعاون المشترك بين كل الإمكانيات لتحقيق تنمية مستدامة في راشيا والعودة بها الى ما كانت عليه في مطلع العشرينات من القرن الماضي كعاصمة مزدهرة لوادي التيم الأعلى ونقطة مضيئة على درب التواصل ما بين الشام والقدس … هذا ما نطمح اليه مع تطلعنا الى دور أساسي للحكومة اللبنانية في تحقيق التنمية المتوازنة في المناطق. فراشيا تملك الكثير لتقدمه للوطن الذي ما زالت حكوماته عاجزة عن تقديم مشاريع تنمية حقيقية تنقل راشيا من وضعية الى أخرى … فهل نشهد مثلاً تحقيق مشروع إقامة تلفريك التزلج من راشيا الى جبل الشيخ ، أو إقامة المنتجعات السياحية وحماية تراثنا المعماري من الإندثار والهدم ؟

هل من مشاريع مستقبلية تعملون عليها حالياً؟
إن المشروع الدائم هو حفظ تراث راشيا المادي وأرشفة إرثها الشفوي والمكتوب، هنا أشير الى مشروع كتابة تاريخ راشيا وجبل حرمون وهو مشروع مستمر منذ العام 2003 وما زال متواصلاً، ونعمل على التحضيرللإحتفال بالمئوية الأولى للثورة السورية الكبرى ( تحضير أفلام ، معرض صور ، متحف للثورة …) وهو مشروع كبير جداً ويلزمه إمكانيات كبيرة، نأمل أن ننجزه في حينه بما يليق بالمناسبة ورمزيتها.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading