الأربعاء, أيار 1, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الأربعاء, أيار 1, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

جباع عليَّة الشوف

جبـــاع عليّة الشوف

نصفها مزارعون ونصفها موظفون
كثيرون نزحوا للعمـــــــل ولم يعودوا

برز منها فؤاد سليم وكثير من المتعلّمين
رجا البتلوني: عين البلدية على التطوير الزراعي

5 بحيرات لتجميع مياه الأمطار أحيت الزراعة
مع 350 دونماً من الأراضي الزراعية الجديدة

المدرسة الرسمية مقفلة منذ 20 عاماً
بسبب هجرة السكان ومعهم التلاميذ

يدخل الى باحة منزل جدّيه، حيث اجتمع أقاربه لاستقباله، والضحكة تعلو وجهه وتملأ عينيه، يجلس سعيداً وهو يتكلم اللغة العربية بلهجة أبناء بلدته، ولا يخفى على جلسائه أنه يبذل جهداً فيها. يحدّثهم عن مشروعه بتأهيل «القبو» خلف المنزل ليصبح مكان اقامته، أو على الأقل مقصده لتمضية الأيام التي سيقضيها في لبنان. ويحرص على ابلاغ الكل أن من يريد أن يراه يجب أن يأتي الى «جباع» لأنه لن يذهب الى أي مكان وسيستغل كل لحظة من فرصته للتمتع ببلدته الأم.
يبدو شغف رشاد، الشاب العشريني، الذي ولد ويعيش في أميركا، غريباً خصوصاً اذا قورن بتصرف أهل البلدة وغيرهم من سكان القرى الذين نزحوا الى المدينة وتركوا أرض الأجداد إلا ربما لزيارات مقتضبة، في المقابل تجد هذا الجباعي «الأميركي» المولد متعلقاً ببلدته الأم التي لا يربطه بها في الواقع الا إسمه وهويته وبعض ذكريات من زيارات صيفية متباعدة. لا بدّ أن يكون لهذه البلدة الجبلية التي تسمّى «عليّة الشوف» سحر يراه القادم من الخارج، ولا يراه بالصورة نفسها أهل الأرض الذين غادروها.
يعود أصل اسم «جباع» الى كلمة «جبع» في اللغة الآرامية، والتي تعني العليّة أو الإرتفاع. وترتفع هذه البلدة الشوفية ما بين 1200 و1300 متر عن سطح البحر وتبعد 67 كلم عن بيروت، تحدّها من الجنوب نيحا وباتر، ومن الغرب وجبليه (التي تتقاسم جباع ملكيتها مع حارة جندل) ومن الشمال مرستي، ومن الشرق سلسلة جبال لبنان الغربية. وتصل أراضي البلدة إلى حدود مشغرة شرقاً حيث كان الأهالي يزرعون القمح في التلال والمنحدرات الشرقية لجبل نيحا والمعاصر المطلة على بلدة مشغرة البقاعية.
يبلغ عدد سكان البلدة حالياً نحو ألفي نسمة، وبحسب آخر احصائيات في لوائح الشطب يوجد فيها 1100 ناخب. أما عائلات البلدة فهي بحسب التسلسل الأبجدي: اسماعيل، البتلوني، الخفاجي، الخازم، حمّاد، سعد الدين، سليم، شرف، وهلال. وهناك عائلات صغيرة قدمت من قرى أخرى واستقرت في جباع من بينها: أبوعلي وأبوكروم وملاعب وعزام وأبو هدير.
تاريخياً كانت عائلتي سعد الدين وسليم من أكبر أسر البلدة، وكانتا لذلك تتناوبان مداورة على رئاسة البلدية والمخترة، إلا أن البلدة شهدت تبدلاً ديمغرافياً تمثّل في زيادة عدد أفراد عائلات مثل البتلوني وحماد وهلال، ويشغل منصب رئيس البلدية حالياً الأستاذ رجا البتلوني ومنصب المختار الشيخ محمود قاسم سليم.
كانت جباع تتصف في الماضي بزراعة الجوز والتين والعنب والتوت. ومثلها مثل باقي القرى الجبلية، كانت تحتضن تربية دود القز، وكان هناك تجار يشترون الشرانق وينقلونها الى المتن وكفرشيما، حيث توجد معامل حل الحرير ونسجه وحياكته. وفي مرحلة لاحقة أنشئ في القرية مكتب للحرير تابع للدولة اللبنانية التي غدت تشتري الشرانق من الأهالي عوضاً عن التجّار، وكان أغلب الأهالي يعتمدون على تلك المواسم، الا أن هذه الصنعة توقفت في البلدة منذ نحو ثلاثين سنة.

هجرة ونزوح
كغيرها من القرى اللبنانية، شهدت جباع حركة نزوح مستمرة إلى المدن منذ الخمسينات، فضلاً عن حركة الهجرة إلى مختلف بقاع الأرض. ويرى رئيس البلدية المهندس رجا البتلوني أن موجات النزوح كانت نوعين: الأول كان النزوح الوظيفي، ويشمل أولئك الذين التحقوا بالمؤسسة العسكرية أو تعاقدوا مع كلية التربية، وكان عليهم الانتقال مع عائلاتهم الى حيث أشغالهم. ويشير هنا الى أن أبناء تلك الأسر أتيح لهم بالتالي الحصول على التعليم العالي أو الجامعي. أما النوع الثاني من النزوح فقد كان اقتصادياً، وقد حصل بعد الأحداث اللبنانية بعد أن زادت البطالة، ولم يعد هناك انتاج زراعي في بلدة تقوم على الزراعة، فنشأت بذلك موجة من نزوح الشباب إلى المدن أو إلى الخارج بحثاً عن لقمة العيش. ومع الأسف، فإن نسبة كبيرة من الذين تغربوا استقروا في المناطق التي يعملون فيها ولم يهتموا دوماً ببناء منازل لهم في القرية، لهذا نجد، حسب البتلوني، أن الذين يبلغون الخمسين من العمر وما فوق هم الذين يملكون منازل في جباع، أما الجيل الجديد فهم ببساطة غادروا.
يذكر أن المهاجرين من جباع توزّعوا بين مغتربلت قريبة مثل الإمارات والسعودية والكويت وأخرى بعيدة مثل أوستراليا وأميركا وكندا، وهناك جباعيون توجهوا صوب أميركا الجنوبية بين كولومبيا وفنزويلا والبرازيل، أما في أفريقيا فإن أكثريتهم تعمل في ليبيريا. وهناك عدد أقل من أبناء البلدة اتجهوا إلى بلدان أوروربية مثل فرنسا وسويسرا والسويد وألمانيا أو حتى روسيا.

رجا-البتلوني---اهتمام-بالزراعة-وموارد-المياه-في-جباع
رجا-البتلوني—اهتمام-بالزراعة-وموارد-المياه-في-جباع

تغيّرت الايام
كل شيء تغيّر عن الماضي وليس فقط موارد الرزق. ويروي الشيخ أبو حاتم أمين سليم، إبن الثلاثة وثمانين عاماً، كيف كانت الحياة في أيام صغره، وكيف كانت الإلفة تغمر أبناء بلدته: «كانت حياتنا كلها تعب، ولكن كنّا سعداء، وكنّا أكثر ما نفرح على العيد حيث كانت كل القرية، بكل عيالها، تجتمع على العين، ثم يجول الأهالي على المنازل منزلاً منزلاً يعيّدون بعضهم بعضاً، ونحن الأولاد نتبعهم». ويشرح كيف كانوا يصنعون من علب الكبريت نسخة بدائية من تلك المفرقعات التي نجدها اليوم في عصرنا.
كان الناس يسهرون باستمرار عند بعضهم بعضاً، أما الزفاف فكان يستمر ثلاثة أو أربعة أيام ويدعون إليه أبناء القرى المجاورة (نيحا ومرستي)، وعند جلب العروس كانوا يعزفون على المجوز ويهزجون ويعقدون حلقات الدبكة.

زمن الحرب
شهد الشيخ أبو حاتم حقبة الإحتلال الفرنسي، وكان وقتها دون العشر سنوات. ويلفت الى أن جباع نالها من الحرب التي نشبت بين الفرنسيين والانكليز في لبنان، اذ كان الانكليز في جباع والفرنسيون في بعذران، حيث أخذوا يضربون المدافع على البلدة. كان الانكليز يمكثون في وسط البلدة، على العين، وظلوا فيها أقل من سنة.

كثيرون سافروا
أما الدخول الى العسكرية فسبق زمن الشيخ أبو حاتم، وكان العسكري يغيب نحو الشهر، وعندما يأتي من خدمته كانت كل القرية تزوره ويقيمون السهرات. وعلى زمن الفرنسيين كان هناك عسكر من جباع في الجيش الفرنسي، فضلاً عن ذلك سافر كثر من جباع. ولا يذكر الشيخ متى بدأت الهجرة الى الخارج ولكنه يذكر أنه كان صغيراً عندما كان هناك مسافرون يأتون من أميركا.
في الماضي لم تكن هناك لا طرقات ولا سيارات، وكان الأولاد بعمر الشيخ أبو حاتم يطلّون على حافة الوادي، اذا مرت سيارة يتفرّجون عليها. وبعد الـ 1958 قامت مصلحة التعمير بإعمار القرى وفتح الطرقات وصولاً الى جباع، ومن جون الى مرستي.
وقبل وصول البوسطة الى جباع، كانت هناك بوسطة تأتي من باتر وتمرّ في جبليه حيث كان أهالي جباع يلاقونها مشياً على الأقدام، وفي أوائل الستينات أتت أول بوسطة الى جباع وكانت تنقل الناس الى بيروت.
في البدء لا يتذكر الشيخ أبو حاتم أول مشوار له الى بيروت، لافتاً الى أنهم كانوا يقصدونها لشراء الحاجيات. ومن ثم يضحك ويتذكر أن أول مشوار نزل فيه الى المدينة كان ولداً بعمر الـ 10 أو 11 عاماً، ونزل بغير علم أهله برفقة شاب يعمل في العاصمة وأقنعه بمرافقته بهدف العمل. وهكذا حصل، نزلا مشياً على الأقدام حتى عينبال حيث استقلا البوسطة الى بيروت، ومن ثم تعلو ضحكته وهو يشرح كيف ناما على الرمل في تلك الليلة، فذلك الشاب، صديقه، كان يعمل في مطعم ولديه أخت في بيروت، وكان المفترض أن يبيتا ليلتهما عندها. إلا أنه وبينما كانا يتمشيان ليلاً على الشاطىء التقيا بأحدهم نائماً على الرمل، ودعاهما الى النوم الى جانبه ففعلا. وفي اليوم الثاني توجها الى بوسطة الباروك للعودة، ولم يكن مع كل منهما سوى ليرة واحدة، ولأنهما ولدان سُمح لهما بركوب البوسطة. وعندما وصلا الى الباروك، التي تبعد بطبيعة الحال عن بلدتهما جباع، لم يكن لديهما مكان ينامان فيه، فناما على أحد سطوح المنازل، وفي اليوم التالي عملا في إحدى الورش وبقيا طوال النهار يعملان بلا أكل، وفي نهاية النهار التقيا بشخص يعرفانه فدعاهما للمبيت في منزله، ثم أمّن لهما عملاً ليومين أو ثلاثة في إحدى الورش، ومن ثم قبضا أجرتيهما وعادا أدراجهما الى القرية. ويشرح الشيخ أبو حاتم وهو يضحك من كل قلبه كيف لم يجرؤ على العودة الى منزل أهله الذين انشغل بالهم عليه، أما صديقه فكانت والدته تعرف أنه نزل الى بيروت للعمل، وعندما رأوا صديقه سألوه عنه وذهب أخوه لاصطحابه، وأخذ نصيبه من التأنيب. «الحشرية خلتني انزل على بيروت، بدي اشتغل».
يذكر الشيخ أبو حاتم أنه مع ذلك كان منذ صغره يحب العلم كثيراً، فكان يأخذ البقرات ويربطها في حقل يقع إلى جانب المدرسة ويذهب إلى الصف. لكن وبسبب ظروف العيش فإنه لم يستطع أن يتابع ذلك الطريق واتجه إلى العمل في سن مبكرة . لذلك كانت أمنيته أن يوفر التعليم لأولاده وقد نجح بتعليم ابنه حاتم الذي تدرج حتى حصل على درجة الدكتواه في علوم الكمبيوتر وهو يعمل حالياً في الولايات المتحدة.

أبو-حاتم-أمين-سليم-شاهد-على-تبدل-الأزمنة
أبو-حاتم-أمين-سليم-شاهد-على-تبدل-الأزمنة

العمل البلدي
تأسست البلدية في جباع في خمسينات القرن الماضي لكنها تأثرت كثيراً بسفر الأعضاء في فترة شهدت هجرة نشطة إلى البلدان العربية. وكان آخر رئيس بلدية في تلك الفترة الشيخ جميل سعد الدين الذي سافر إلى ليبيا في تلك الفترة ما أدى، مع سفر غيره من أعضاء المجلس، إلى توقف عمل البلدية وبالتالي إلى حلّها. وبقي الوضع على هذه الحال حتى حصول الانتخابات البلدية سنة 1998، فأصبح هناك مجلس بلدي من تسعة أعضاء. وعلى خلاف البلديات بشكل عام، يعتبر رئيس البلدية المهندس رجا البتلوني أن بلدية جباع متضامنة في ما بينها كما أن روابط المودة في القرية فلا أحد يشتكي على أحد. ويشير الى أن الأعضاء يُنتخبون بأصوات 70 أو 80 في المئة من الأهالي، وأنه يشغل منصب الرئيس منذ 2004، والفريق نفسه تقريباً ينتخب كل دورة.
يبدأ البتلوني تعريف بلدته، التي تبدو عزيزة عليه، بأنها قرية ريفية زراعية، اذ أن القسم الأكبر من أبنائها الكبار في السن يهتمون بالزراعة، وهناك قسم آخر كبير من أبنائها في السلك العسكري من جيش وقوى أمن داخلي، بالاضافة الى الأساتذة في ملاك وزارة التربية. ويعتبر وضع التعليم في البلدة، نسبة الى عدد السكان، ممتازاً جداً، فهناك أكثر من عشرة أطباء وما لا يقل عن 15 مهندساً، هذا فضلاً عن حملة شهادات الدكتوراه والدراسات العليا، وهم كثر وفي شتى الاختصاصات.
ورغم تراجع الزراعة في البلدة الا أن أغلب الأهالي يملكون أراضي زراعية، ولا يزال هناك بعض المهتمين بهذا القطاع من المتواجدين في البلدة. أما المزروعات فتتنوع بين التفاح والإجاص والدراق والمشمش والعنب والتين والبندورة والخيار حسب مواسمها، وتعدّ هذه المزروعات للبيع وليس فقط للإستخدام المحلي.

منتزه-العين
منتزه-العين
طبيعة-عذراء--في-مأمن-حتى-الآن-من-المد-السكني
طبيعة-عذراء–في-مأمن-حتى-الآن-من-المد-السكني

 

 

 

 

 

 

 

نظام للصرف الصحي
وفي ما يخص النواحي الخدماتية، يلفت الى أن التمديدات الصحية تطال نحو 70 في المئة من منازل البلدة، وهناك مشروع لاستكمال شبكات الصرف الصحي خلال السنتين المقبلتين، هذا فضلاً عن وجود محطة لتكرير الصرف الصحي تمّ تدشينها سنة 2006 وهي في قيد العمل. وعندما تسأل البتلوني عن درجة التكرير وكيفية استخدام المياه المكرّرة، يشير الى أنها من الدرجة الثالثة حيث تصبح المياه نظيفة وخالية من أي بكتيريا وصالحة بالتالي لأغراض الري.
وتجدر الاشارة هنا الى أن البتلوني على تماس مباشر مع فريق عمل محمية أرز الشوف ومواكب للأمور البيئية التي يبدي حرصاً واهتماماً خاصاً بها. وفي هذا الصدد، يشير الى أن هناك محاولات لتصنيع المنتوجات الزراعية؛ ومن خلال محمية أرز الشوف أقامت البلدية مشروع مشغل انتاج زراعي منذ نحو سبع سنوات لتشغيل سيدات البلدة، الا أن هذا المشغل ضعيف، وفقدت السيدات الحماس للعمل بسبب عدم تصريف الانتاج. ويتوقف البتلوني عند غياب الوعي البيئي والوعي بالمعايير التي تفرضها الجهات الاجنبية في الانتاج الزراعي لتشتري المنتجات. ويلفت الى أن بعض السيدات لم يلتزمن بالمعايير المطلوبة مما ساهم في كساد الانتاج، ويعتبر أن ذلك شيء طبيعي، وأن هذه المسائل تحتاج الى الوقت.
على خلاف بلدة نيحا المحاذية، لا يوجد في جباع رأسماليون، ويعتبر البتلوني أن أبناء البلدة يعدّون من ذوي الدخل القليل ولكن هناك إكتفاء.

بحيرة-تجميع-مياه-الأمطار-في-جباع
بحيرة-تجميع-مياه-الأمطار-في-جباع

أعلام من جباع

خرجت من بلدة جباع في تاريخها القريب مجموعة من الرجالات والأعلام على رأسهم المناضل فؤاد بيك سليم الذي كان قائداً للجيش في الثورة السورية الكبرى التي قادها سلطان باشا الأطرش ضد المحتل الفرنسي سنة 1925. وكان شقيقاً فؤاد بك، نصري وعارف، ضابطين في الجيش الأردني، وهناك نالوا لقب البكوية.
ومن الأعلام الدكتور أسعد بك سليم الذي كان طبيب صحة عامة، حصل على شهادة الدكتوراه من الجامعة الأميركية في بيروت سنة 1910 وكان يسكن في برج البراجنة. ويعتقد الشيخ أبو حاتم أنه في ذلك الوقت لم يكن هناك طبيب غيره في كل الشوف. وكان جد أسعد بك ويدعى حسن، صغيراً دون العشر سنوات عندما التقى بأشخاص على العين يجمعون الميري واخطأوا في الحسابات ولم يفلحوا في تصحيحها، فقال لهم إنه حلّ العقدة الحسابية، وعندما شرح لهم المسألة وجدوا أنه محق. كان والده متوفياً وعمه معهم في اللجنة، فسأل المسؤول عن اللجنة اذا كان بإمكانه تعليم الفتى على حسابه الخاص وهكذا حصل، ومن بعده غدا كل أولاده متعلمين.

عيون ماء ومغاور طبيعية
توجد في جباع عينا مياه، واحدة وسط البلدة أمام مبنى البلدية، وهذه تمّ اكتشافها قديماً وبنيت على أيام ما كان الشيخ أبو حاتم بعمر الخمس أو ست سنوات، وهي معلم أثري اذ أنها ضمن مغارة، وبحسب البتلوني هي ليست بمستوى المغارات المعروفة في لبنان الا أنها جميلة، وقد تمّ العمل على تصوينها ببوابة حديدية حيث يمنع على أحد دخولها دون إذن من البلدية. وتم تزويد العين بالانارة لكنها ليست مؤهلة لاستقبال الزوار، اذ ينبغي العمل على تأهيلها. وتوجد في جباع أيضاً مغارتان في أسفل البلدة إحداهما تدعى مغارة «الحواكير» والثانية «معبور الوادي» أو «قلعة زادي». وهناك عين مياه ثانية هي عين الشعشوع أقيمت في محيطهاإستراحة تحمل اسمها وتستقبل الناس من مختلف المناطق.
ومن المعالم الطبيعية في جباع نبع له قيمة خاصة بالنسبة للبلدة يطلق عليه اسم نبع «جعيتي» أو «جعيتا» وهذا النبع يؤمن أهالي البلدة بأنه يقوم على سرّ رباني وليس نبع ماء عادياً، فهو ينبع من تحت صخرة ضخمة وتتدفق مياهه البيضاء النقية في الربيع من كل سنة لتتوقف في أول الصيف. وبسبب هذا التكريم القديم للنبع فإن كثيراً من الأهالي يحبون زيارته وأخذ مياه منه للتبرك. هذا بالاضافة الى نبع الغابة الذي يستخدمه المزارعون في ري مزروعاتهم، وهو بحسب الشيخ أبو حاتم، مازال نظيفاً ولم يلوّث، رغم أنه يخرج من تراب الشحّار الأحمر. وهذه الينابيع الثلاثة توزّع مياهها وفق نظام مشاركة محدد بين المزارعين بحيث يستفيد كل مزارع، وحسب قطعة الأرض التي يملكها، من ساعات ري معينة.

المدرسة نزحت مع من نزح
وتوجد في البلدة أيضاً مدرسة رسمية مقفلة منذ نحو عشرين عاماً، ويشير البتلوني الى أنه ليست هناك امكانية لفتح المدرسة اذ أن القانون يفرض وجود عدد محدّد من الطلاب حتى يعاد افتتاحها، وذلك غير متوفر، اذ أن معظم أهالي البلدة موجودون في المدن وموزعون بين بيروت وبقعاتا والشويفات. ويلفت الى أنه ضمن اعتبارات البلدية اعادة تأهيل مبنى المدرسة، ولكن ليس هناك أي مشروع حاضر حالياً في هذا الصدد.
تحتوي جباع أيضاً مستوصفاً صحياً، داراً للبلدة، نادياً رياضياً،

بيوت جباع ومحالها: أبيض وأزرق

أزرق-وأبيض
أزرق-وأبيض
أزرق وأبيض 2
أزرق وأبيض 2

إنفردت بلدة جباع بتجربة هي الأولى من نوعها في مجال التجميل العمراني، إذ اشرفت البلدية وبالتعاون مع الأهالي على توحيد ألوان البيوت والمحال التجارية على طول الشارع العام الممتد من أول خراج القرية من جهة بلدة نيحا وحتى نهاية الطريق من ناحية بلدة مرستي. وقد تمّ طلاء البيوت والمحال باللون الأبيض بينما طليت النوافذ وأبواب المحلات ومداخل البيوت باللون الأزرق، كما تمّ بناء الأحواض وزراعتها باللافندر والروزماري.
وكان رئيس بلدية جباع شاهد في تونس وفي الجزائر قرى سياحية جميلة وقد تمّ طلاء بيوتها بالأبيض والأزرق وزيّنت نوافذها بأحواض الزهور، فأعجبته الفكرة وقرر محاولة تجربتها في جباع. وبالفعل أضفى استخدام اللونين الأبيض والأزرق في تجميل ساحات القرية لمسة جمالية لا تخفى عن الأنظار. ويشير البتلوني الى أنه تمّ تنفيذ المشروع منذ نحو خمس سنوات بتمويل من الصندوق البلدي الذي يموّل مشاريع انمائية، وتكفلت البلدية بالمبلغ الاضافي. ويلفت الى أن عدداً من البلديات استحسنت الفكرة ولكن مشروعاً من هذا النوع يحتاج الى الأموال، كما أنه لا يمكن تنفيذه بقرار منفرد من البلدية، إذ يحتاج ذلك إلى تعاون أهل البلدة والذين قد لا يرغب بعضهم في تغيير طلاء منازلهم، علما أن هناك صعوبة أخرى تنجم أحياناً عن كون الكثير من البيوت الجبلية من الحجر الصخري الذي لا يستحسن طلاؤه، وعندها فإن التركيز يمكن أن يحصل على النوافذ والأبواب وغيرها من المعالم الخارجية.
تجربة جباع الجمالية قد تصلح لأماكن عديدة وقد يمكن تطويرها، والمهم أن يتم الاطلاع عليها من بلديات المنطقة وبلديات الجبل بصورة عامة.
رغم تواضع الأزرق والأبيض في جباع فإن مجرد المحاولة دلّت على وجود حسّ اجتماعي ومدني متطور لدى الأهالي، ومن المؤكد أن الفكرة يمكن تنفيذها في كثير من القرى الجبلية، مع تكييفها وفق تركيبة كل قرية وطبيعة ساحاتها.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading