احمد معهن يا بعدي
باقي بالساقي
بتحصد هوا وغمر ماش
يا للي أجره عفارم بياكل ببلاش
يا منقطع رأس العروس
حكايات الأمثال
قصص الأمثال
حكايات الأغبياء
يتركّز الكثير من الحكايات الشعبية على قصص الأغبياء، لأن الغباء فيه مما يثير الشفقة وما يثير الضحك في آن معاً ، كما إن فيه قدراً لا بأس به من التعليم غير المباشر لأن كل فرد مهما كان حصيفاً يقع أحياناً في مقالب يلوم نفسه بسببها بل إن فينا من يتهم نفسه بالغباء إذا وقع في شراك رجل ماكر أو أخذ على حين غرة في تجارة أو أي أمر من الأمور. بالطبع معظم قصص الأغبياء فيها شيء من المبالغة قد يبلغ حد اللامعقول أحياناً، وهذه المبالغة سمة أساسية في ثقافة الفكاهة لأن وظيفة النكتة هي أن تضخم العيب حتى يبدو للناس بصورة تجعلهم يضحكون منه وتجعل من قد يصاب بالعيب خجلاً وحريصاً على اجتناب ما كان سبباً للسخرية.
وهناك هدف إيجابي من التهكم على المغفلين هو ربما أن نسرّ بعقلنا ونحمد الله أننا لسنا في صف أولئك الذين حرموا من الإدراك والفطنة، هذا مع العلم أن هناك حديثاً شريفاً جاء فيه «أكثر أهل الجنة البُلُه» (أي المجاذيب) والمقصود بهم الذين لا يفقهون شيئاً من أمور الدنيا لكنهم أعطوا قلباً سليماً ليس فيه ذرة من الشرّ.
(الضحى)
يا منقطع راس العروس يا منكسر رجلين الفرس
يضرب هذا المثل في معرض الإشارة إلى قلّة الحيلة، كأن تعترض أحدهم مشكلة بسيطة، فيبادر إلى حلها بطريقة معقدة وتنم عن قصور الفطنة. والمثل معروف في أنحاء جبل العرب مع أن حكايته ليست واقعية لكنها طريفة في ما تدل عليه.
والحكاية هي أن العروس في الجبل كانت ُتزف إلى بيت زوجها على فرس، سواء أكان بيت العريس في القرية نفسها، أو في قرية أخرى، وذلك لعدم أهلية الطرق من جهة، ولعدم وجود السيارة من جهة أخرى وكجزء من مراسم الزفاف.
وزعموا أن إحدى العرائس زفت إلى بيت عريسها، وحين وصل المحتفون إلى باب دار العريس، توقفت الفرس لأن بوابة دار العريس لم تكن بارتفاع يكفي لمرور الفرس والعروس على ظهرها، فما العمل؟ .
اجتمع أهل الرأي والمشورة وأخذ كل واحد يدلي بدلوه، قال أحدهم:
ما إلنا غير نقطع راس العروس، حتى تقدر تمر من تحت البوابة .
فردّ عليه آخر مستهجناً :
شو هالحكي الأحمق؟ أنا عندي حل ثاني .
سألوه عن الحل قال :
ليش ما منكسر رجلين الفرس ؟
أقبل رجل عاقل وقال لهم:
ـ يعني يا منقطع راس العروس، يا منكسر جرين الفرس؟! . طيب ليش ما بتوطي هالعروس راسها وبتمر؟! .
فذهبت عبارته مثلاً في التعبير عن الغباء وقلّة الحيلة.
«باقي» بالساقي
كانت هناك امرأة في غاية السذاجة إسمها «باقي» ذهبت إلى الساقية (الساقي) وحملت معها مواعين الطبخ والغسيل، حتى تغسل وتطبخ جنب المياه، فيظل بيتها مرتباً ونظيفاً ، ولما وصلت على الساقية خاطبت نفسها قائلة :
لم لا أنام قليلاً، وبالفعل إتكأت على جذع شجرة ودخلت في نوم عميق
جاء زوجها يتفقدها في البيت فقيل له:
باقي بالساقي .
توجّه إلى الساقية فوجد زوجته تغط في نوم عميق ووجد ما جلبته من طعام ولحوم وقد خطفته الكلاب الجائعة ولم يبق منه شيء. أخذ من جيبه مقصاً فجز شعرها وعاد إلى البيت والمرأة تغط في نومها السعيد.
أفاقت بعد حين لتجد الطعام وقد ذهب ومواعين الفخار محطمة لكن هالها أن وجدت شعرها أقصر بكثير من المعتاد.
قالت لنفسها:أنا لست «باقي» لأن باقي لها شعر طويل !! وقررت العودة إلى البيت لتسأل عن باقي وعزمت أنه إذا قيل لها «باقي بالساقي» فتكون هي باقي بالفعل :
رجعت إلى المنزل وسألت زوجها : أين باقي ؟
أجابها: باقي بالساقي.
سرّت الزوجة بأنها هي فعلاً باقي، لكنها تذكرت أن «باقي بالساقي» حسبما أخبرها زوجها، فوجهت وجهها نحو الساقية لتعود وتجد «باقي». ذهل الزوج من «غشمنتها» وقال لها: سأذهب وأجول في البلاد ولن أعود إلى هذا البيت إلا إذا رأيت من هو أغشم منك!
وبالفعل إنطلق الرجل في طريقه وسار لساعات طويلة حتى إذا انتصف النهار .
رأى نسوة يصرخن ويولولن . سألهن: خير ان شالله ؟ ما هي قصتكن ؟
قلن إنهن اشترين أحذية لأولادهن، لكن الأولاد ركضوا فاختلطت أرجلهم ولم نعد نعرف كيف نستهدي على رجلي كل واحد من الأولاد لكي نعطيه حذاءه!
أخذ الرجل عصا فضرب على أرجل الأولاد ففروا جميعاً وعاد كل ولد إلى أمه وحلّت المعضلة وتعرفت كل امرأة على ولدها وأعطي كل منهم الحذاء العائد له.
مضى الرجل في سبيله فوجد نسوة على مقبرة يبكين على ميت
سألهن: ماذا يجري وما الذي يبكيكن
فأخبرنه أنهن يبكين ميتهن.
قال لهن: إنني قادم للتو من عند ميتكم ولكم أن توصوني إذا كانت لكم حاجة عنده.
تقدمت امرأة كانت ابنتها قد توفيت وهي بعد عروس فقالت له:
أريد أن أرسل معك مصاغ ذهب ابنتي إليها.
ثم ذهبت وعادت بعد قليل وقد حملت مصاغ ابنتها وقالت له :
ـ رجاء، أن تسلمها هذا من يدك ليدها وانتبه أن لا يضيع في الطريق.
حمل الرجل المصاغ الثمين ومشى في طريقه.
رجعت المرأة إلى البيت وأخبرت زوجها بما حصل
ضحك الرجل حتى كاد أن يقع على ظهره من جهلها وقال:
أتصدقين أن رسولاً يأتي من عند الموتى؟
قرر الرجل أن يلحق بالرسول المزعوم فركب فرسه وانطلق حتى أدركه لكنه لم يعرفه فسأله:
بالله عليك هل رأيت رجلاً مرّ من هنا قبل قليل؟
أجابه: نعم رأيت رجلاً مرّ من هنا لكنك لن تلحق به على هذه الفرس.
سأله زوج المرأة الغشيمة: «لم ذلك؟»
قال له: أنت ممتط فرساً والفرس تمشي على أربع أرجل لكنها تضع رجلاً على الأرض ثم ترفع الأخرى لتضعها ولأن لها أربع أرجل فإنها تأخذ وقتاً طويلاً، في غضون ذلك يكون الرجل ضالتك قد ابتعد كثيراً ولن تدركه لأنه يسير على قدمين! ثم نصحه أنه من الأفضل له أن يترك الفرس معه وينطلق على قدميه.
اقتنع الرجل وسلم الرجل الفرس وطلب منه الاهتمام بها إلى أن يعود من مهمته.
عندها فكر الرجل زوج «باقي» لنفسه وقال هذه الدنيا مليئة بالحمقى والأغبياء وكثير منهم أغبى بكثير من باقي. رجع إلى المنزل وسلّم على زوجته وقال لها:
يا امرأة يبدو أن نصيبنا هو أن نعيش سوياً طول العمر، فحضري لنا العشاء.
جاءك من يعرفك يا بلوط !!
مثل يضرب للدلالة على الرجل المدعي، يتفاخر في مكان لا يعرفه فيه أحد، فإذا حضر من يعرفه، وكشفت ادعاءاته قال الناس له: «جاءك من يعرفك يا بلوط » . وأخذوا يستعيرون العبارة فيخاطبون بها اللاعب الذي يهزم العديد من اللاعبين في لعب الورق او الشطرنج ونحوهما، فإذا حضر لاعب جديد وتمكن من هزيمة اللاعب المتفوق خوطب بهذا المثل أيضاً.
وأصل العبارة كما يروي سلام الراسي عن المطران بولس الخوري في كتابه النفيس « أمثال وأقوال مأثورة » أن رجلاً من بر الشام أي سوريا كما يسميها المصريون ـ كان ماراً بأحد شوارع القاهرة حيث التقى صديقاً مصرياً، فعاتبه المصري بقوله:
«إنكم ترسلون إلينا من بر الشام مختلف أنواع الفاكهة، وهي جميعها ممتازة، ما عدا الكستناء الشامية التي بدأتم مؤخراً ترسلونها إلينا، وهي غير جيدة » .
فتعجب الرجل الشامي وقال:
ولكن الكستناء لا تنبت في «بر الشام» . فقال المصري:
إذاً تعال معي، لأريك أين تباع الكستناء الشامية.
ومشى الرجلان إلى حيث كان رجل يجر عربة عليها عرمة من البلوط، يشويه، ويبيعه، وهو ينادي « شامية يا كستناء » .
فصاح الشامي :
ـ ولكن هذا بلوط لا كستناء .
فنظر المصري إلى عرمة الكستناء المزعومة وقال:
ـ « جاءك من يعرفك يا بلوط » .
فجرى جوابه مثلاً 1.
أحصد هوا وغمّر ماش
سمعت حكاية هذا المثل من والدي في قرية خازمة، وكثيراً ما كان يروي لنا هذا المثل في معرض تعريضه بالموسم السيئ، و كان يرويه لنا ونحن نلتقط سنابل القمح الضعيفة في الحقل. ويضرب المثل خصوصاً للتعريض بالمواسم الرديئة جراء الإهمال وعدم دراية الفلاح بما هو مطلوب منه تجاه الأرض لكي تعطيه في المقابل. وربما ضربوه في تعبيرهم عن الجهد الضائع.
وحكاية المثل بحسب والدي هي أن رجلاً مرّ بصديقه، وإسمه «شلاش» وهو يحرث أرضه على زوجين من الحمير اللذين دب فيهما الهزال من قلة العلف. كانت الدابتان تكافحان لجر سكة المحراث التي كانت بالكاد تنزل في الأرض قيراطاً، فسخر الرجل من حرثه بهذه الطريقة ارض صديقه وتنبّأ له بموسم رديء . وقد ترجم توقعه بهذين البيتين من الشعر:
شـــــــــــــــــو هـــــــــــالفــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلاحـــــــــة يـــــــــــــــــــــــــــــا شـــــــــــــــلاش عــــــــــــــــودك زاحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل أبيســـــــــــــــــــــــــــــــــــواش
بـــــــــــــــكــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرى بتجـــــــــــــــي الحصيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدي أحصــــــــد هوا..وغمـــــــــــــــــــــــــــّر مـــــــــــــــــــــــــــاش2
أحمد معهن يا بعدي
هذا المثل معروف في أنحاء الجبل وقد ذكره الأستاذ سلامة عبيد في كتابة « أمثال وتعابير شعبية» برواية وضع لها عنوان:«أحمد معاهم » . وهي لا تتفق مع محكية الجبل . وقد اكتفى بذكر مجال استخدام المثل، دون التطرق إلى حكايته3.
والمثل يضرب في الرجل الذي يحضر في أمر فيكون وجوده مساوياً لعدم وجوده . وأنقله من الذاكرة، ومفاده أن امرأة أرملة قد انقطعت لولد وحيد اسمه أحمد، ونشأ أحمد في كنف أمه الأرملة لا يستطيع تحمل مسؤولية، ولا يسعى إلى مبادرة .
وحدث أن أغار قوم على القرية فأخذوا الحلال والمال، فتنادى رجال القرية لاسترجاع حلالهم، فهرع أحمد تلبية للنداء من دون أن يدري ما الحكاية، وحين بدأ القتال وحمي وطيسه انهارت قواه من الخوف وأغمي عليه، وحمله الرجال في ما حملوا حين عادوا بأرزاق القرية .
فصارت النسوة يزغردن ويفتخرن بشجاعة الرجال الذين استطاعوا أن يستردوا حلال القرية، وصارت أم أحمد تقول: «يقبرني، أحمد معهن يا بعدي» مفتخرة بابنها ظانة أنه قد ساهم في إعادة الحلال، ولم تدرِ أنه كان مغمياً عليه لشدة خوفه4. .
الذي أجرُهُ «عفارم» بياكل بلاش
اللي أجره «عفارم» بياكل بلاش .
هيك عريضة بدها هيك ختم
هذا المثل يضرب لشيئين تشابها في الرداءة، أو لفعل قبيح رداً على فعل قبيح آخر، وهو يشبه المثل القائل «هيك خطاب بدو هيك جواب» لمن يسأل سؤالاً تافهاً فيردّ عليه بجواب أتفه .
وحكاية المثل هي أن رجلاً كتب عريضة يطلب فيها أن يمتنع الناس في القرية عن شراء حاجاتهم من الشام، انتقاماً من أهل الشام الذين لا يحترمون الفلاحين. وذهب إلى مختار القرية ليختم العريضة. قرأ المختار العريضة وفكّر قليلاً ثم ما كان منه إلا أن خلع حذاءه وضرب على العريضة بكعب الحذاء. بُهت صاحب العريضة وقال للمختار: لقد جئت لأختم هذه العريضة بختمك فلم فعلت هذا؟ إنه عمل غير لائق منك!
أجابه المختار: لا تؤاخذني يا صديقي لكن هيك عريضة بدها هيك ختم !!