حمــايــة الأطفال
في أثناء الحروب والنـزاعـات
في حالات الصّراع المسلّح، يتعرّض الأطفال بالآلاف للقتل والتّشويه والاغتصاب والتّعذيب. كما يتعرض مئات الآلاف من الأطفال الذين يتم تجنيدهم لمخاطر الإصابات والعاهات والوفاة أثناء القتال، بالإضافة إلى الانتهاك البدني والجنسي من جانب رفاقهم من الجنود أو قادتهم. أمّا الأطفال الذين يفرّون من مناطق الحروب ليصبحوا في عداد اللّاجئين، فيصبحون مهمّشين ويواجهون المخاطر بدورهم، لأنّهم يظلون معرّضين للانتهاكات البدنيّة والعنف الجنسيّ، والهجمات التي تتمّ عبر الحدود.
وظاهرة استهداف الأطفال في الحروب ليست ظاهرة جديدة على مستوى العالم العربي، فأطفال فلسطين كانوا وما يزالون ضحايا حرب مزمنة، ومع توسّع دائرة الحروب يسجّل الضحايا من الأطفال أرقاماً مُفجعة في مناطق الصّراع، وتزداد المأساة الإنسانية حين يودّع الأطفال الطفولة ويرتدون الزِّي العسكري في الجبهات، وتتزايد معدّلات تجنيد الأطفال في العديد من الدّول العربية بتصاعد حدة الصّراعات، ورغم عدم وجود احصائيّات دقيقة وشاملة إلّا أنّ تقارير أصدرتها منظّمة الأمم المتّحدة للطفولة (اليونيسيف) تؤكد على أن كافة أطراف النزاع في دول الصراعات، تقوم بتجنيد الأطفال من الإناث – لخدمة الجُناة سواء في الأعمال المنزليّة أو في المعاشرة الجنسية – والذّكور – إذ يُستخدمون حمّالين وجواسيس أو يستخدمون “لمرة واحدة” كدروع بشريّة وفي العمليّات الانتحارية – بالإضافة إلى تحويلهم جنوداً في حروبها، بشكل عام، وبصرف النّظر عن اختلاف الظروف، ودرجة انتشار الظّاهرة في البلدان موضع الصراعات، وعن الكيفيّة التي يتمّ فيها تجنيد الأطفال، تؤدي مشاركة الأطفال في المعارك إلى آثار مدمّرة على صحّتهم النفسيّة وتعرّضهم لمخاطر جسدية، مما ينتج عنه صعوبات بالغة التعقيد في عملية إعادة دمجهم مجتمعيّاً.
تجنيد الأطفال الى قائمة العار التي يصدرها الأمين العام سنويــاً
لقد حدّدت القوانين والأعراف الدوليّة “سن الثامنةَ عَشْرَةَ بوصفها الحدّ القانوني الأدنى للعمر بالنسبة للتجنيد ولاستخدام الأطفال في الأعمال الحربية، وتضاف أطراف النزاع التي تجنِّد وتستخدِم الأطفال بواسطة الأمين العام في قائمة العار التي يصدرها سنويّاً..”، لكن غالبيّة الأطراف المنخرطة في النّزاعات المسلّحة لا تراعي القوانين والأعراف. وتعدّ عمليات اختطاف الأطفال جريمة حرب، وكذلك سبيِ الفتيات القاصرات اللاتي يتمّ إجبارهن على العمل كـ “إماء للأغراض الجنسيّة”، وواحدة من المشاكل الكبيرة التي ستعترض طريق تلك المجتمعات، الغارقة في نزاعات مسلّحة، تتمثّل في وضع خطط مجتمعيّة لتقديم الدعم للأطفال الضّعفاء الذين تضرّروا بشدّة جرّاء الصراع. لتعزيز المصالحة وتجنب التمييز، ووفقاً لما تؤكد منظّمة “اليونيسيف” “تتطلّب هذه الإجراءات منظوراً والتزاماً طويل الأمد تجاه الأطفال والمجتمعات المحلية المتضرّرة من النزاعات التي يعودون إليها”.
وقد احتلّت تونس المرتبة الأولى عربيّا والعاشرة عالميّاً في مؤشر حقوق الأطفال لعام 2016 الذي أصدرته منظّمة حقوق الأطفال، وشمل 163 دولة، من بينها 17 دولة عربيّة، وجاء العراق في آخر القائمة بالمرتبة الـ 17 عربيّا والمرتبة 149 عالميا؛ نظراً لما يعانيه أطفال العراق من ويلات الحروب، ونالت مصر المرتبة الـ 34 عالميّاً، فيما احتلّت سلطنة عُمان المرتبة الـ 40، ولبنان في المرتبة الـ 42 عالميّاً، ثمّ الأردنّ في المرتبة الـ 46، كما احتلت الإمارات المرتبة الـ 78 عالمياً في مؤشر حقوق الأطفال، ثم السعودية في المرتبة الـ 80 ، وليبيا في المرتبة الـ 82، وجاءت سوريا في المرتبة الـ 105 عالميا، تلتها البحرين في المرتبة الـ 106، ثم موريتانيا في المرتبة الـ 120 واليمن بدورها حلّت في المراتب الأخيرة للمؤشّر، وورد اسمها في المرتبة الـ 131، أمّا إريتريا فقد سبقت العراق بنقطة واحدة وجاءت في المرتبة الـ 148.
في هذه الحالات كيف نستطيع حماية أطفالنا من العنف الذي يواجههم؟
قبل دراسة كيفية حماية الأطفال أثناء الحروب، سنبدأ بتعريف الطفل في الاتفاقيات الدولية. ثم سنعرض لبعض الإحصاءات الدولية واللبنانية التي تشير إلى مدى تأثير الحروب على الأطفال، ومدى خطورتها!


عريف الطفل في الاتفاقيات
الدولية لحقوق الطفل
الطفل في إعلان حقوق الطفل هو إنسان ينقصه النضوج البدني والعقلي. وقد جاء في الديباجة «أنّ الطفل، بسبب عدم نضجه البدني والعقلي، يحتاج إلى إجراءات وقاية ورعاية خاصة، بما في ذلك حماية قانونية مناسبة، قبل الولادة وبعدها».
وتعرّف المادة الأولى من اتفاقية حقوق الطفل «الطّفل كلّ إنسان، لم يتجاوز الثامنة عشرة من العمر، ما لم يبلغ سن الرّشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه». وتعتبر المادة المذكورة أنّ الطفل سواء أكان ذكراً أم أنثى هو فرد أو عضو في أسرة وفي مجتمع في آن معاً، وله مجموعة حقوق مع الإشارة إلى أنّ غالبية البلدان والمجتمعات كانت قد اعتمدت قبل ظهور الاتفاقيّة بزمن سنَّ الثامنة عشرةَ كحد أقصى لمرحلة الطفولة، في حين أنّ غيرها من البلدان والمجتمعات اعتمدت ولا تزال سنّاً أصغر لأنّها تعتبر أن الطفل يكتمل نموّه البيولوجي قبل ذلك بفعل عوامل المناخ.
ولا بدّ من أن نشير بأنّ البلوغ المبكر لسن الرّشد يتأتى عنه مسؤولية أكبر للطفل الراشد، لأنّه يتحرر باكراً من الولاية والوصاية، ممّا يجعله مسؤولاً كاملاً أيضاً أمام القانون والمجتمع.
حماية الأطفال أثناء الحروب
والنزاعات المسلحة.
جاء في تقرير اليونيسيف “وضع الأطفال في العالم 2005” أنّ الأطفال الذين يعيشون في ظروف النّزاعات المسلحة، فحتّى وإن لم يُقتلوا أو يصابوا فمن المحتمل أن يُيَتَّموا أو يُخطفوا أو يُترَكوا وهم يعانون آثار الأسى والألم النفسي والاجتماعي جرّاء التعرض المباشر للعنف أو التشرد، والأطفال الذين يَبْقَوْن على قيد الحياة غالباً ما يجدون أنفسهم محاطين بمعركة من نوع آخر في مواجهة المرض والمأوى غير الملائم والافتقار إلى الخدمات الأساسية وسوء التغذية.
ويمكن أن تتورّط المدارس أيضاً في العنف المصحوب في أغلب الأحيان بنتائج مأساوية وربما يجبر الأطفال على التجنيد لغايات القتال والاستعباد ومواجهة العنف الجنسي أو الاستغلال أو التعرض لبقايا الأعتدة الحربية التي لم تنفجر أثناء الحرب والتي تقتل أو تُقعِد أو تشوّه الآلاف، وتكون الفتيات بصورة خاصّة عرضة للاستضعاف والتعرّض للعنف الجنسي والإساءة والوصم الاجتماعي أثناء أوضاع النّزاعات المُسلّحة وبعدها.
وتظهر إحدى الدّراسات المسحيّة التي أجرتها منظمة اليونيسيف على45 طفلا تعرضوا للغزو أن:
֎ 62٪ من الأطفال تعرضوا لصدمات نفسية، كأن شاهدوا جُثَثاً ملقاةً
على جانبي الشارع لأشخاص لا يعرفونهم وأحيانا لأشخاص يعرفونهم.
֎ 20 ٪ من أطفال العينة العشوائية فقدوا أقرباء لهم بواسطة القتل أو
الأسر.
֎ 50٪ تعرضوا لاضطرابات نفسية من جرّاء الغزو كالأحلام المزعجة
والكوابيس والخوف المستمر من كل شيء.
واتضّح أنّ جميع الأطفال الذين خضعوا للدراسة خاصة في المرحلة العمرية (6 سنوات) يخافون الخروج من المنزل وكانت رسوماتهم تعبّر عن الألم المكبوت كأن يقوموا برسم صور الجثث – الدم – الطائرات وكل ما له علاقة بالغزو.
إن معاناة الأطفال من الحروب لا تتوقّف بتوقّف المدافع، بل ترافقهم إلى مراحل متقدمة من أعمارهم وهذا ما أكّده بحث أجرته منظمة “اليونيسيف” بالتعاون مع وزارة التعليم العالي في لبنان على 500 طفل لبناني ممن عايشوا أو شاهدوا مذبحة قانا أثناء الحرب التي شنتها اسرائيل على لبنان عام 2006، حيث تبين أنّ 30% من هؤلاء الأطفال لا يزالون يعانون من اضطرابات النوم، و14% يعانون من الاكتئاب، و40% منهم فكّروا في الانتحار.
إنّ النتائج السلبية التي يمكن أن تتركها الحرب على شخصية الأطفال قد لا تظهر مباشرة في سلوكهم، ولكنّها سوف تنعكس على مستقبلهم، وعلى الأخص عندما يصبحون مراهقين فالطفل الذي وُلِد وترعرع في جوّ العنف والقتل والدمار من المحتمل أن تتشبّع ذاكرته بالتجارب والصّور السلبية، وإذا رجحت كفّة التجارب السلبية على التجارب الإيجابيّة، فإنّ السلوك عند الطفل سيكون له النصيب الأوفر في حياته المستقبليّة.
وتشير بعض الدراسات إلى أنّ الأطفال الذين يتعرّضون في طفولتهم لمأساة إنسانية، كالتعذيب، أو العنف الجسدي الحاد، أو التوقيف الاعتباطي، أو الاغتصاب وغيرها من المآسي كالتهجير القسري والمجازر، تنشأ لديهم رغبة قوية في أن يصبحوا جنوداً، فهذا يُشعرهم بأنّهم يكملون المسيرة التي بدأها أقرباؤهم الذين قُتلوا، بالإضافة إلى أنّ نمط الحياة العسكرية يخوّلهم أن يحلموا بالانتقام ويعطيهم انطباعاً بأنهم يتحكّمون بزمام الأمور، ولكن بالعكس يتعرّض الأطفال الجنود إلى أشكال عنيفة شتّى.
ومن آثار التجنيد على الأطفال، الكوابيس الليلية كالأرق والتبول اللّاإرادي واضطرابات في الأكل، وعدم القدرة على التركيز… كما يُرافق الطفل ضغط نفسي ومشاهد سابقة لحوادث مؤذية حدثت أمامه أو شارك فيها، وهذا ما يدفعهم إلى الإدمان على الكحول والمخدِّرات.
وفي إطار مكافحة هذا النوع من العنف، نصّت المادة 38 من اتفاقية حقوق الطفل على ما يلي:
أ) تتعهّد الدّول الأطراف بأن تحترم قواعد القانون الإنساني الدّولي
المنطبقة عليها في المنازعات المسلّحة وذات الصلة بالطفل وأن تضمن احترام هذه القواعد.
ب) تتّخذ الدّول الأطراف جميع التدابير الممكنة عملياً لكي تضمن
ألّا يشترك الأشخاص الذين لم تبلغ سنّهم خمس عشرة سنة اشتراكاً مباشراً في الحرب.
ت) تمتنع الدول الأطراف عن تجنيد أيّ شخص لم تبلغ سنّه خمس عشرة سنة في قواتها المسلحة، وعند التجنيد من بين الأشخاص الذين بلغت سنّهم خمس عشرة سنة ولكنّها لم تبلغ ثماني عشرة سنة، يجب على الدّول الأطراف أن تسعى لإعطاء الأولويّة لمن هم أكبر سناً.
ث) تتخذ الدّول الأطراف، وفقاً لالتزاماتها بمقتضى القانون
الإنساني الدَّولي بحماية السكّان المدنيين في المنازعات المسلّحة، جميع التدابير الممكنة عملياً لكي تضمن حماية ورعاية الأطفال المتأثّرين بنزاع مسلّح.
كما جاء في المادة 39 من الاتفاقية ذاتها: تتّخذ الدول الأطراف كلّ التدابير المناسبة لتشجيع التأهيل البدني والنفسي وإعادة الاندماج الاجتماعي للطفل الذي يقع ضحية أي شكل من أشكال الإهمال أو الاستغلال أو الإساءة، أو التعذيب أو أي شكل آخر من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أو المنازعات المسلّحة. ويجري هذا التأهيل وإعادة الاندماج هذه في بيئة تعزز صحّة الطفل، واحترامه لذاته، وكرامته.
وتجدر الإشارة إلى البند 25 من الإعلان العالمي لبقاء الطفل وحمايته ونمائه الصادر في 30 أيلول/ سبتمبر عام 1990، الذي أكّد على ضرورة ضمان حقوق الطفل في ظل النزاعات المسلحة.
قانون العمل الدّولي.
إنّ الاتفاقية الأهم في قانون العمل الدولي لناحية حماية الأطفال في النزاعات المسلحة هي اتفاقية حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال.
حدّدت الاتفاقية 182، وللمرّة الأولى منذ قيام منظمة العمل، مفهوم “أسوأ أشكال عمل الأطفال”، فنصّت المادة الثالثة على التالي:
“يشمل تعبير “أسوأ أشكال عمل الأطفال” في مفهوم هذه الاتفاقية ما يلي:
֎ كافّة أشكال الرقّ أو الممارسات الشبيهة بالرِّق، كبيع الأطفال
والاتجار بهم وعبودية الدّين والقنانة والعمل القسري أو الإجباري، بما في ذلك التجنيد القسري أو الإجباري للأطفال لاستخدامهم في صراعات مسلحة.
֎ استخدام طفل أو تشغيله أو عرضه لأغراض الدّعارة، أو لإنتاج
أعمال إباحية أو أداء عروض إباحية.
֎ استخدام طفل أو تشغيله أو عرضه لمزاولة أنشطة غير مشروعة، ولا
سيّما إنتاج المخدِّرات بالشّكل الذي حُدِّدت فيه في المعاهدات الدّولية ذات الصّلة والاتجار بها.
֎ الأعمال التي يُرَجّح أن تؤدي، بفعل طبيعتها أو بفعل الظّروف التي
تزاوَل فيها، إلى الإضرار بصحة الأطفال أو سلامتهم أو سلوكهم الأخلاقي”.
إضافة إلى الحماية القانونية، لا بد من الحماية الاجتماعية، وهنا يأتي دور الدّولة والمؤسّسات الأهلية والمجتمع المدني ووسائل الإعلام في:
֎ الالتفات للأطفال في زمن الحرب.
֎ توفير مساكن آمنة ومجهّزة للأطفال أثناء الحرب.
֎ إنشاء مراكز متخصّصة لتقديم برامج علاجية – نفسيّة خلال فترة الحرب وبعدها للأطفال.
֎ تأمين الغذاء اللازم والمساعدات الصحية.
֎ تأمين دورة إسعافات أولية لأهالي المناطق المعرضة للحرب.
وتلعب وسائل الإعلام دوراً مهمّاً في نقل الصّورة والوقائع بحذافيرها للمسؤولين في محاولة ما يمكن إنقاذه من أهالي وأطفال.
֎ يجب على الآباء والأمّهات الانتباه إلى ملاحظة الآثار النفسيّة السلبيّة التي سببتها الحرب لدى أبنائهم مثل الخوف والقلق والعُصاب والكوابيس والبكاء والتبول اللاإرادي، والمُسارعة إلى تقديم العلاج النّفسي اللازم لأبنائهم.
֎ تعزيز روح المواطنيّة وتعزيز روح التعاون.
يواجه الأهل تحدِّيات جمّة في التعامل مع أطفالهم أثناء الحروب ليس في البلدان التي تدور فيها الحرب فحسب بل في البلدان التي تتابعها على شاشات التلفاز، ففي كل الأحوال يحتاج الأطفال إل معاملة خاصّة من ذويهم سواء كانوا ضحايا للحرب أو مجرد متابعين لها، بعض البلدان أدركت خطورة هذه المسألة فعمدت إلى مساعدة الآباء والأمّهات من خلال برامج توعية في المدارس تهيّئ الأطفال للتفاعل مع الحرب دون صدمات.


ودور الأيتام، وسمات الشيخوخة على وجوه أطفال أنهكهم الجوع وسوء التغذية في الدول الأكثر فقراً في العالم، حيث أنّ طفلاً من بين ستة أطفال حول العالم يموتون قبل سن الخامسة، ولا يزال آلاف الأطفال يشكّلون الحلقة الأضعف في بُنية المجتمع، فيفرض عليهم الحد الأقصى من الواجبات والعقوبات، مقابل الحد الأدنى من الحقوق والضمانات، ولا يزال الطّفل فيه عرضة لشتّى أنواع الضّغوطات والتوتّرات والانتهاكات النّاجمة عن تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي والتمييز الجنسي والعرقي وأحياناً الطائفي.
وكعيّنة لا أكثر من الإحصاءات الدّولية التي توضح أو تشرح الوضع المأساوي للأطفال نورد ما يلي:
إحصاءات دولية
֎ يعيش نحو 1.5 مليون طفل من ضحايا الحرب في رعاية الدولة في وسط أوروبا وشرقيها وحدهما.
֎ إنّ ما يُقدّر باثنين إلى خمسة في المئة من عدد اللاجئين أطفال غير مصحوبين بذويهم.
֎ لقد زادت في العقود الأخيرة نسبة الضحايا المدنيين في النزاعات المسلحة بصورة مثيرة، وأصبحت تُقدّر الآن بأكثر من 90 في المائة، ويمثّل الأطفال ما يقرب من نصف الضحايا.
֎ ويتعرض من ثمانية آلاف إلى عشرة آلاف طفل كل عام للقتل بسبب الحروب والنزاعات.
֎ أُجبر ما يقدّر بنحو 20 مليون طفل على الفرار من ديارهم بسبب النّزاعات وانتهاكات حقوق الإنسان، ويعيشون كلاجئين في بلدان مجاورة أو نزحوا داخليّاً، أي داخل حدودهم الوطنية، وإنّ ما يُقدّر باثنين إلى خمسة بالمئة من عدد اللاجئين أطفال غير مصحوبين بذويهم.
֎ أكثر من مليون طفل أصبحوا يتامى أو منفصلين عن ذويهم، وتعرّض ما لا يقل عن 6 ملايين طفل، للإعاقة الدائمة، أو لتقطيع الأطراف، بين عامي 1990و2000.
֎ ويُقَدّر عدد الأطفال الجنود بنحو 300 ألف، من البنين والبنات الأقل من 18 سنة، وهم متورّطون في أكثر من 50 نزاعا مسلّحاً على مستوى العالم ويستخدم الأطفال الجنود كمحاربين وكمراسلين وحمّالين وطباخين ولتقديم خدمات جنسية، ويتعرّض البعض منهم للتجنيد القسري أو الخطف، وآخرون يدفعهم الفقر وإساءة المعاملة والتمييز إلى الانضمام، أو السّعي للثأر بسبب العنف الذي تسلّط عليهم وعلى أسرهم.
֎ وتتعرّض الفتيات والنّساء إبّان النّزاعات المسلّحة لمخاطر الاغتصاب، والعنف المحلّي، والاستغلال الجنسي، والاتجار، والإذلال والتشويه الجنسي، وقد أصبح استخدام الاغتصاب وغيره من أشكال العنف ضدّ النساء استراتيجية في الحروب تستخدمها كل الأطراف.
֎ كشف عن استخدام الأطفال في التفجيرات من قبل منظّمات مسلّحة، وذلك للقيام بعمليات انتحارية على مراكز عسكرية محددة.
֎ كما تؤدّي النزاعات إلى تشتيت الأسر، الأمر الذي يضع مزيدا من الأعباء الاقتصادية والعاطفية على المرأة.
֎ يعيش أكثر من مليون طفل في الاحتجاز حيث تنتظر الأغلبيّة العظمى منهم محاكمات على جرائم صغرى، ويعاني العديد منهم الإهمال والعنف والأذى.
֎ وهناك مواقع أميركية، تقدم عرضاً لبيع أطفال الشوارع بمبلغ 27440 يورو للطفل الواحد
إحصاءات عربيّة
مع تصاعد وتيرة العنف ضدّ الأطفال في الوطن العربي في السنوات الأخيرة، بات لا ينقضي يوم واحد دون أن نسمع عن مقتل أو استهداف طفل! بات الأطفال هم الهدف وهم الضّحية في الحروب البشعة، والمجازر الظالمة! وإن لم يُصَب هؤلاء الأطفال بأي مكروه جسدي، تصيبهم التداعيات النّفسية، وتؤثّر عليهم وعلى مستقبلهم وحياتهم على المدى الطويل.
حسب إحصائيات منظمة الأمم المتحدة، هناك نحو 1 مليار طفل يعيشون في مناطق يتواجد فيها صراعات، ومنهم ما يقارب الـ 300 مليون طفل دون الخامسة من العمر!، وأوضحت منظمة الأمم المتّحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونيسكو -UNESCO أنه في عام 2013، كان هناك نحو 28.5 مليون طفل خارج المدارس بسبب الصراعات الموجودة.
وقد أعلنت الممثّلة الخاصّة للأمين العام للأمم المتحدة المعنيّة بالأطفال والصراعات المسلحة بحسب إحصائية سابقة أنّ عدد الأطفال اللاجئين أو المشردين داخل سوريا وصل إلى (خمسة ملايين طفل)، وفي مصر يموت يوميًا (125) طفل بسبب التلوث وعدم الرّعاية الصحيّة، كما يوجد (5) مليون طفل عراقي محرومين من حقوقهم الأساسية ومعرّضين للانتهاكات الخطيرة لحقوق الطفل، كما أنّ نصيب الدّول العربية من عمالة الأطفال هو (10) مليون طفل، منهم (3 مليون) طفل في مصر وحدها، ويوجد في الدول العربية نحو (5 مليون) طفل غير ملتحقين بالتعليم الابتدائي, و(4 ملايين) مراهق تقريبًا غير ملتحقين بالتعليم الثانوي.
وفيما يلي تستعرض مُنظّمة “هيومن رايتس مونيتور” أوضاع الأطفال على مستوى العالم العربي كالآتي:
3- أطفال فلسطين
قالت القائمة بالأعمال بالإنابة لبعثة المراقبة الدائمة لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، نادية رشيد، إنّ أطفال فلسطين يتعرّضون للقتل والجرح والإرهاب من قبل السلطة القائمة بالاحتلال مع الإفلات التام من العقاب، ومنذ تشرين أول/ أكتوبر 2015، قتل أكثر من 40 طفلاً، قضى العديد منهم بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء، وذكرت أن الشعب الفلسطيني، بما في ذلك الأطفال، في الأرض الفلسطينية المحتلّة، بما فيها القدس الشرقيّة يعانون لما يقرب من نصف قرن تحت الاحتلال الإسرائيلي من انتهاك حقوقهم من قبل السلطة الإسرائيلية، القائمة بالاحتلال، مشدّدة على أنّه رغم من وجود أحكام لتوفير الحماية للمدنيين تحت الاحتلال الأجنبي وفقاً للقانون الدّولي، لا يزال الأطفال الفلسطينيون يتعرضون للقتل والجرح والإرهاب من قبل السلطة القائمة بالاحتلال.
1- أطفال سوريا.
حسب بيان لليونيسف قال “مارتن” الذي زار لبنان للقاء الأطفال اللاجئين الذين فرّوا من الحرب في سورية: «نحن في السنة السادسة من أزمة أثّرت على حياة الملايين من الأطفال وأسرهم. إنّ ما يقارب 2.8 مليون طفل سوري خارج مقاعد الدراسة في المنطقة، وقد التقيت أطفالاً باتوا المعيلين الوحيدين لعائلات بأكملها، يعملون لمدة 12 ساعة يوميّاً» مشدّداً على ضرورة أن يفعل العالم المزيد لحماية هؤلاء الأطفال من الاستغلال وتوفير الوصول إلى بيئة آمنة حيث يمكن لهم التعليم والتمكين.
ويتعرّض الأطفال النازحون لمخاطر الاستغلال وإساءة المعاملة، ولم يعد أمام أعداد كبيرة من الأطفال سوى خيار العمل بدلاً من الذهاب إلى المدرسة، ويشار إلى أنّ نحو 1.1 مليون سوري لجأوا إلى لبنان منذ بداية الأزمة عام 2011، أكثر من نصفهم من الأطفال، كما فاقمت الحالة الاقتصادية المتدهورة للنازحين السوريّين بدرجة كبيرة من مشكلة عمالة الأطفال في لبنان، وبالإضافة إلى المعاناة النفسية التي تؤثر على عدد لا يستهان به من الأطفال الذين فرّوا من الحرب، هناك تحدٍّ مرتبط ببعض أسوأ أشكال عمالة الأطفال، مثل العمل في مواقع البناء التي يُمْكن أن تلحق بالأطفال أضرار نفسية وجسديّة طويلة الأمد.
2-أطفال اليمن
أفادت منظمة رعاية الأطفال السويديّة، بأنّ ما لا يقل عن ثلاثة أطفال يلقَوْن مصرعهم كلّ يوم في اليمن، كنتيجة مباشرة لاستخدام أشكال مختلفة من مخلّفات الحرب في القرى والبلدات والمدن.
فالحرب في اليمن لم تقتصر على المتصارعين السياسيين أو المحاربين فقط، بل كان للطفل اليمني النّصيب الوافر من مرارة هذه الحرب، حيث قُتل وجرح أكثر من “4005” أطفال في الوقت الذي اتُّهمت أغلب المنظمات الدولية والمحلّية الأطراف المشتركة في الحرب، بشن غارات جوية، على مواقع مدنيّة راح ضحيتَها غالبية قتلى الأطفال في اليمن.
في حين أظهرت التقارير أنَّ نحو 21988 طفل يُرْعَبون يوميًّا بسبب القصف، إلى جانب حرمان قرابة 3،4 مليون طفل من الذهاب إلى المدارس، و6،5 مليون طفل حُرِموا من التعليم لمدة ثمانية أشهر عام 2015، وقرابة نحو 10،5 مليون طفل بحاجة إلى المساعدات الإنسانية العاجلة، ومنذ العام 2016 ازدادت على نحو خطير تطوّرات الحرب اليمنيّة وازدادت حالات المرض والعوز والتهجير، وكان آخرها تعرض مئات آلاف اليمنيين لحالات الكوليرا، وكان الأطفال كالعادة الضحيّة الأولى.


ولفتت رشيد إلى ما ذكره تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الأطفال والنزاعات المسلحة، مع العديد من تقارير المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك المنظّمات الإسرائيلية، إن قوّات الاحتلال الإسرائيلي لجأت إلى الاستخدام المفرط للقوة والقتل غير القانوني، رغم أنّه لا توجد مؤشّرات على أن الأطفال الذين قُتلوا شكّلوا خطراً أو تهديداً لقوّات الاحتلال، كما أصيب أكثر من 2600 طفل، جرّاء استخدام إسرائيل للذخيرة الحية ضد الأطفال العزل، وأضافت أنه خلال الفترة المشمولة بالتقرير تمّ اعتقال واحتجاز عدد كبير من الأطفال من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، وفي القدس الشرقية المحتلة وحدها، اعتُقل 860 طفلاً فلسطينيّاً، بينهم 136 تتراوح أعمارهم بين 7 و 11 عاما، دون سنّ المسؤوليّة الجنائية ويتعرّض معظم الأطفال المحتجزين في السجون أو مراكز الاعتقال الإسرائيلية لأشكال مختلفة من التّعذيب النفسي والجسدي، إضافة إلى مواصلة المستوطنين أعمال العنف والإرهاب ضد الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال تحت حماية ومرأى من قوات الاحتلال الإسرائيلي، وذكرت رشيد أنّه إضافة إلى الانتهاكات المذكورة، فإنّ إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، تواصل تدابير العقاب الجماعي ضد المدنيين في الأرض الفلسطينيّة المحتلّة، بما فيها القدس الشرقية، والتي أثّرت بشكل خطير على أطفالنا، وأبرزها ممارسة السلطة القائمة بالاحتلال عمليات هدم المنازل التي تركت مئات الأطفال وأسرهم بلا مأوى، والاعتداءات على المدارس والمستشفيات، رغم الحماية الخاصة المتوفّرة لها بموجب القانون الإنساني الدولي.
كما تطرقت إلى أوضاع الأطفال في قطاع غزّة والانتهاكات المستمرة للقانون الدولي ضدهم على يد السلطة القائمة بالاحتلال، ومعاناتهم خلال ثلاثة حروب على غزّة في فترة ست سنوات مع آثارها النفسية الشديدة والمدمّرة عليهم، مشيرة إلى أنّ أكثر من 44 ألف طفل فلسطيني لا يزالون مشرّدين نتيجة تدمير السلطة القائمة بالاحتلال لمنازلهم في عدوانها على غزة عام 2014، كما تواصل إسرائيل حصارها غير القانوني لمدّة عشر سنوات والذي يشكل عقاباً جماعياً يصل إلى جريمة حرب، ومصدر انتهاكات لا حصر لها لحقوق الإنسان، وأكّدت رشيد ضرورة أن تتوقف كل هذه الانتهاكات، ويجب ارغام إسرائيل على احترام القانون الدّولي ووقف جرائمها بحق أطفالنا، والشعب الفلسطيني بما في ذلك الأطفال، لا يمكن أن يبقوا الاستثناء من المسؤولية لحماية المدنيين من الفظائع والانتهاكات الصارخة للقانون فهم ليسوا مجرّد إحصاءات لكنّهم بشر يجري تحطيم حياتهم باستمرار من قبل المحتل، ويجب على المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن، تحمّل مسؤولياته وتقديم المساعدة والحماية اللازمة للأطفال الفلسطينيين ومحاسبة منتهكي القانون الدولي، لا سيّما القوانين التي تهدف إلى حماية حقوق الطفل.
وفي بيان له قال نادي الأسير الفلسطيني بتاريخ السبت 19 نوفمبر/ تشرين ثان 2016، إنّ نحو 350 طفلاً ما زالت إسرائيل تحتجزهم في سجونها، بين محكومين وموقوفين تقلّ أعمارهم عن 18 عاماً، بينهم 12 فتاة قاصراً، جاء ذلك في تقرير للنادي بمناسبة اليوم العالمي للطفل الذي أقرّته الجمعية العامّة للأمم المتحدة والذي تحتفي به العديد من الدول 20 نوفمبر/تشرين ثان 2016، وذكر النادي أنّه وثّق أكثر من 2000 حالة اعتقال للأطفال منذ تاريخ “الهبّة الشعبية” في مطلع أكتوبر/تشرين أوّل 2015 كان أعلاها في القدس (لم يذكر العدد) ، قبل إطلاق سراحهم في وقت لاحق.


4- أطفال العراق
أمّا في العراق، فيقدّر أن 2,7 مليون طفل تأثَّروا بالصِّراع؛ حيث تعرّض أكثرُ من 700 طفل للإصابة والقتل وحتى الإعدام، وحذَّرَت منظمة الأمم المتّحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف) من خطورة الأوضاع التي يَعيشها أطفال العراق؛ حيث يُعانون الحرمان من أبسط الحقوق التي يتمتَّع بها أقرانهم في الدول الأخرى، وذكرت المنظمة في تقرير لها أن أكثر من 360 ألف طفل يعانون من أمراض نفسية، وأن 50% من طلبة المدارس الابتدائية لا يرتادون مدارسهم، و40% منهم فقط يحصلون على مياه شرب نظيفة.
وفي جريمة سابقة – ولا تزال مستمرّة – ضد الأطفال ظهرَت فيها بشاعة المليشيات الطائفية ضدهم، أظهَر تحقيق صحفي نُشِر على 6 صفحات في كُبرَيات الصحف السويديَّة ووكالة الأخبار العالمية إكسبريس، وعرَضه التلفاز السويدي والذي تُرجم إلى أكثر من 12 لغة عالمية، قامت به الصحفيَّة السويدية (تيريس كرستينسون) وزميلها (توربيورن انديرسون) اللَّذين تخفَّيا ورَصَدا وجود سوق في وسط بغدادَ لبيع الأطفال الرضَّع والكبار، وعرَضا فيه بالصوت والصورة مَشاهد غاية في الفزع لأطفال عراقيين يُعرضون للبيع بمبالغَ لا تزيد عن 500 دولار، ويؤمّل أنْ يؤدي انتهاء الأعمال العسكرية في العراق إلى البدء بتصميم وتنفيذ خطة شاملة لإزالة آثار الحرب الطويلة عن أطفال العراق وإعادة دمجهم في النظام التعليمي العراقي.


5- أطفال السودان
تبذل منظمات المجتمع الأهلي في السودان، بالتعاون مع المنظمات الدولة المختصة، جهوداً كبيرة لوقف جريمة تجنيد الأطفال، والعمل على تسريح المجندين منهم، وإعادة دمجهم وتأهيلهم، والإفراج عن الأطفال المختطفين في مناطق النزاع، حيث ارتفع عددهم في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان إلى مئات الأطفال في السنوات الأربعة الماضية، وأبدى المجلس القومي لرعاية الطفولة بالسودان، قلقه من تجدد وتزايد ظاهرة اختطاف وتجنيد الأطفال من قبل الحركات المتمردة، بالمناطق الشرقية بولاية جنوب كردفان، وازداد معاناة الأطفال سوءاً بعد انفصال جنوب السودان واندلاع الحرب الأهلية داخل الإقليم الجنوبي حيث جرى على نطاق واسع خطف الأطفال وتجنيدهم في الأعمال القتالية أو الرديفة لها.
ولا تقلّ عمليات تشغيل الأطفال في أعمال تتّصل بدعم العمليات العسكرية خطورة عن المشاركة المباشرة في المعارك، مثل الحراسة في المواقع الخلفية أو نقل العتاد أو التجسّس، ولم تسلم الفتيات القاصرات من أفعال تنظيم (داعش وما يشبهه) في العراق وسورية وليبيا أخيراً، حيث قام التنظيم بسبيهن واستغلالهن جنسياً، وبالتالي هنّ يواجهن أيضاً مخاطر ربّما في بعض الحالات أشد من تلك التي يواجهها الذكور القاصرون.
6-أطفال تونس
في ظلّ تواصل ظاهرة تشغيل الأطفال دون عمر الـ14 سنة وتفاقمها في تونس، هذه الظاهرة التي تعدّ انتهاكاً لحقّ الطفل في الحماية وفي نمو طبيعي سواء على المستوى البدني أو الذهني كما تحرمه الحق في تربية سليمة ومتوازنة خاصّة في سنّ ما قبل المدرسة ممّا يؤثر سلباً على مستقبله، وتبعاً لتحقيق متعدّد المؤشّرات تمّ القيام به سنة 2011/2012 وشمل 9600 منزلاً في مختلف الجهات الكبرى في البلاد وتناولت الشريحة العمرية بين 5 و 14 سنة من ذكور وإناث، تبيّن أنّ النسبة الاجمالية للأطفال المعنيين بظاهرة التشغيل بلغت 3% تتوزع على 5% في المناطق الريفية و2% في مناطق العمران علماً أنّ هذه الظاهرة تشمل خاصّة الشريحة العمرية بين 5 و11 سنة كما تهمّ الفتيات باعتبار العمل كمعينات منزليّات.
يشار إلى أن برنامج مقاومة عمل الأطفال بدعم من مكتب العمل الدولي عمل على إنجاز دراسة حول المنظومة القانونية والمؤسساتية لمقاومة تشغيل الأطفال في تونس. بالإضافة إلى إنجاز دراسة ميدانية حول واقع استغلال الأطفال في العمل بالمنازل في محافظتي جندوبة وبنزرت، وإعداد دليل حول تشغيل الأطفال في تونس، كما ركّز على أوضاع الأسر والأطفال والمتدخّلين على المستوى المحلّي بمخاطر تشغيل الأطفال دون السنّ القانونيّة عن طريق نوادي الأطفال المتنقلة وذلك من خلال إنجاز برنامج مصغّر مع وزارة شؤون المرأة والأسرة لتحديد مناطق التدخّل وعدد النوادي المتنقّلة وعدد الأطفال المُهدّدين باستغلالهم في العمل وتفيد دراسات سابقة أنّ فتيات يتراوح سنّهن بين 12 و13 سنة يشتغلن معينات منزليّات تتهدّدهن أحكام سجنيّة لارتكابهنّ جنح وجرائم تصل حد القتل، كردّ فعل على تعرضهن لمعاملات سيئة حيث يعملن، وأكّد مندوبو حماية الطفولة بتونس على أنّ عدد الأطفال الذين تتكفّل بهم مندوبات حماية الطفولة لا يعكس حقيقة الأوضاع باعتبار أنّ الأرقام الصحيحة أكبر من المعلنة بكثير بسبب غياب المعطيات الخاصة بذلك، كما نبّهوا إلى أنّ غياب أرقام ودراسات معمقة وحقيقية حول تشغيل الأطفال في تونس ساعد على استفحال هذه الظاهرة وتنامي انتهاك حقوق الطفل. وشددوا على أهمية الدّور الموكول إلى المؤسسات التربوية وضرورة مراجعة الزمن المدرسي واحترام حقوق الطّفل التي نصّ عليها الدستور التونسي الجديد، ودعَوْا بالخصوص إلى إحداث هيئة دستورية مستقلة تتكفّل بمتابعة تطبيق حقوق الطفل في تونس.


7- أطفال مصر
إنّ عدد الأطفال المعتقلين منذ أحداث 30 يونيو 2013 وحتى نهاية أيار/ مايو 2015، ممّن هم تحت سن 18عاماً؛ وصل إلى 3200، ما زال 800 منهم معتقلين “، مؤكّداً “تعرّض معظمهم للتّعذيب، والضّرب المبرح، والحرمان من أبسط الحقوق”، وذلك بحسب مسؤول الملف المصري بمؤسّسة الكرامة لحقوق الإنسان – ومقرّها جنيف بسويسرا- أحمد مفرح، والذي أضاف أنّ “وزارة الداخلية هي المسؤولة عن أماكن احتجاز الأطفال في مصر”، مشيراً إلى أنّ ذلك يُعدّ “مخالفة لقانون الطفل، الذي يجعل وزارة التضامن الاجتماعي هي المنوط بها تسيير وإدارة شؤون الأطفال المحتَجزين في أماكن خاصة بهم.
وأشار مفرح إلى الانتهاكات التي تحدث في معسكر الأمن المركزي في مدينة بَنْها، جنوب القاهرة “الذي يتمّ التعامل فيه باعتباره مكاناً لاحتجاز الأطفال” مقدّراً عدد الأطفال المحتجزين فيه “بأكثر من 300 طفل، يتمّ منع الزيارة عنهم، ومعاملتهم معاملة سيئة؛ تصل إلى حدّ التعذيب البدني، والعنف الجنسي”، في حين أكّد المحامي في المؤسّسة المصرية لأوضاع الطفولة، والائتلاف المصري لحقوق الطفل، “فادي وجدي”، أنّ الاتّهامات الموجّهة للأطفال المعتقلين “هي مجموعة من الاتّهامات الكيدية، فهي تتلخص في قطع الطرق، والانضمام إلى جماعة محظورة، والتعدّي على قوّات الأمن، واستخدام القوة والعنف، وهي بالقطع لا تتناسب مع بنية الأطفال الذين هم تحت سن 18 سنة”.
وقد كشف تقرير تحليلي للمضمون الصحفي خلال شهر يوليو 2016، والذي أصدرته المؤسّسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة حول انتهاكات حقوق الطفل، عن ارتفاع معدلات انتهاك حقوق الطفل بمصر لأقصى معدل لها خلال 2016 حيث وصلت إلى 496 حالة تم انتهاك حقوقها، بلغ عدد الأطفال المُنتَهكين في شهر يوليو من عام 2016 إلى 496 طفلا في 267 قضية تم تداولها إعلامياً من خلال الصحف والجرائد الحكومية وغير الحكومية، وتتراوح تلك الانتهاكات بين القتل والاختطاف والاغتصاب والغرق وغيرها الكثير، وكانت نسبة الإناث من تلك الانتهاكات 31% بينما نسبة الذكور 58% و11 % للأطفال لم يتم ذكر نوعهم.
خاتمة
لا تزال نتائج وتداعيات الحرب الأهليّة اللبنانيّة السابقة، والاعتداءات الاسرائيلية، ماثلة وأحياناً تتفاعل، ومن دون معالجات جديّة للتّداعيات تلك ومنها:
فبحسب إحدى الدوريات اللبنانية، يوجد في أوروبا وأميركا، ما بين ثلاثة وأربعة آلاف طفل لبناني متبنّى (وبعضها الآخر يذهب إلى أنّهم أكثر من ذلك بكثير) كبروا وترعرعوا هناك، حتّى أنّه تمّ تأليف رابطة سُمّيت “لبنانيون متبنّون”، هدفها أنّ يبحث هؤلاء الأطفال عن أهلهم الأصليين في لبنان وتشير بعض الصّحف إلى أنّ معظمهم أطفال غير شرعيين.
عشرات الأطفال قتلوا أثناء حرب تموز عام 2006، بينهم 27 جثة انتُشلت من مبنى واحد في مجزرة قانا الثانية، و1183 شهيداً منهم 30% أطفال دون 12 سنة، و4055 جريحاً، و913000 مهاجر، بالإضافة إلى هدم عدد كبير من المدارس والجسور.
كما خلّفت إسرائيل عشرات ألاف الألغام في الجنوب والتي أودت بحياة عشرات الأطفال، فضلاً عن حالات التشويه والإعاقة. (95% من المدنيين ماتوا في الحرب بسبب القنابل العنقودية بينهم 40% أطفال دون الثامنة عشرة من العمر) وذلك حسب إحصاءات الصليب الأحمر والأمم المتحدة.
إنّ ظاهرة تهميش الأطفال أو حتى استعبادهم أصبحت ظاهرة اجتماعية، وتتفاقم يوماً بعد يوم، وتزيد وتيرتها أثناء الحروب والنّزاعات، وهي تشكّل خطراً على مستقبل المجتمعات لذا، يجب دراستها بعمق، وإحصاء أعداد الأطفال المهمّشين والمعرضين للتهميش بدقة، ومعالجة الأسباب التي جعلت هؤلاء الأطفال مهمّشين، ووضع الحلول المناسبة لكل عينة ولكل حالة على حدة.