الإثنين, كانون الثاني 6, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الإثنين, كانون الثاني 6, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

خطرُ الفكرِ الإرهابي…

 

أجرى اللقاء في القاهرة رئيس التحرير، بمعيّة الأستاذ فرحان صالح (أمين عام حلقة الحوار الثقافي).

ما هي مخاطر الإقصاء! يقول أخوان الصّفا: لا تُعادوا عِلْما من العلوم ولا تهجروا كتاباً من الكتب ولا تتعصّبوا لأيّ مذهب من المذاهب. بعد ألف عام ماذا
حدث! لِمَ هذا التعصّب والتَّشرذم والإقصاء! إلى أين نحن ذاهبون كعرب وكأمّة إسلامية فرّقتها المذاهب والمِلَل؟كيف انهار الإسلام كمشروع توحيدي. كيف نقاوم ما حدث؟

ما تتكلّم عنه أستاذنا الكريم حقيقة مُرّة، أمّا كيف حدث ذلك، فإنّ تراكمات من الأحداث خلال القرون أنتجت ما نشهده اليوم. ولنبدأ من سنة 1516، يوم دخول العثمانيّون إلى المنطقة العربية… احتلّوا الشام ودخلوا مصر… وبالتدريج حوّلوا الإسلام إلى سلطة واستبداد على مدى قرون. ثم جاء الاستعمار الأوروبي الجديد مع الثورة العلميّة والفكريّة في أوروبا، ودخول عدّة حضارات على الحضارة الإسلامية إنْ بالقوّة أو بالعلم أو بالاستعمار، أو بالثلاثة معاً. كلّها عوامل تُضاف إلى بعضها بعضاً، ومنذ منتصف القرن الثامن عشر ورغم تململ العرب من الحكم العثماني الظالم والذي لم يكن يطبّق الشريعة الإسلامية فعليّاً، بل رفعها شعاراً وأقوالاً، كانت هناك أكثر من محاولة للخروج من هذا الظّلم والاستبداد، ولا ننسى المحاولة الأولى لعلي بك الكبير في مصر والشام والتي أُجهضت على يد السلطان العثماني بفتوى تكفيرية.

وبعد أن كُشِفت صفقة علي بك الكبير من الأسلحة من روسيا وعَلِم السلطان بها، عندها أصدر فتوى بتكفير هذا الرجل ومن معه، كفتوى إسلاميّة تبيح قتله ومطاردته. واقتنع بهذه الفتوى محمّد بك أبو الذهب قائد جيوش علي بك الكبير ففشلت المحاولة الاستقلاليّة التنويريّة الأولى.

ثم جاء نابليون بونابرت، وهنا لا بدّ من التركيز والإشارة أنها كانت أوّل محاولة مباشرة لإيجاد فجوة وتوظيف الإسلام سياسيّاً.. إذ خاطب نابليون المسلمين ببيان تاريخي أظهر فيه حبّه للإسلام وللنبي وللمسلمين وبأنّه خرَّب الكرسي البابوي في مالطة (وكلُّه هراء وكذب) وأنّه إنسان عادل محبّ لهذا الوطن… وهنا بدأت تتجلّى الفتنة وزرع الشّرخ بين المسلمين بل وبين شرائح العرب كافّة، إذ إنّه عندما شكّل المجلس أو الديوان آنذاك في مصر اختار اثنين من الأقباط للمشاركة في الحكم، وهذه الحالة تُعتبر الحالة الأولى التي أيقظت في نفوس أفراد المجتمع أنّ هناك أقلِّية وأغلبيّة وأنّ هناك مشاركة في الحكم والمصالح والصّلاحيات، أمّا هدفها فكان الفتنة والشّقاق وصولاً إلى التّقسيم وليس العكس.

وتابع الدكتور النمنم: كان هذا الحدث بالتأكيد نقطة تحوّل. كان السائد أنّه عند حدوث أي خلل اجتماعي يعمل معاً علماء الأزهر ورؤساء الأقباط وشيوخ العشائر والقبائل في الحلّ من دون الأخذ بعين الاعتبار العدد والأقليّة والأغلبيّة، كشعب واحد وتُحَلّ الأمور على قاعدة العدل إلى أن جاء بونابارت وأظهر هذه المعادلة التقسيميّة… فكانت محاولة لتكريس فكرة الأقليّة والأكثريّة، وخاصّة في تشكيل الديوان فجعل اثنين من الأقباط يمثلونهم، وعند كلّ مفترق يسألون لماذا اثنان فيكون الجواب لأنّكم أقليّة!

والحمد لله فشل مشروع بونابرت وفشل في احتلال مصر والشام لأسباب عديدة عام 1801 وأهمّها مقاومة واتّحاد المصرييّن في وجه الغريب. وجاء محمّد علي ليؤسّس الدّولة الوطنية الحديثة وكان يريد لها أن تكون دولة مدنيّة حديثة، والكلّ يعلم التّكالب العثماني البريطاني الفرنسي على مصر وقيام الدّولة فيها، وحشد المؤامرات ضد محمّد علي… ولكن مشروع محمّد علي صمد رغم كلّ الصعوبات ولو على نطاق أضيق ممّا كان يطمح إليه صاحبه؛ ثم أتى إسماعيل باشا وأكمل المسيرة وأحدث تقدّما ونهضة حقيقيّة.

وأيضا يعود الاستعمار الأوروبي والاستعمار العثماني ليُقصي إسماعيل بحجّة الديون زوراً.. ونصبوا ابنه مكانه، فدخل الاستعمار البريطاني من بابه العريض، وفي نيّته التكفير والتفريق. ومع ابنه خليل محمّد توفيق أصرّوا على إجهاض مشروع محمّد علي تماماً، فبدأ كرومر يلعب لعبة المسلمين/الأقباط لكنّه فشل فشلاً ذريعاً. ومرّت السنوات إلى أن ظهرت الحركة الوطنيّة المصرية على يد مصطفى كامل ومن ثم سعد زغلول، فتمّ خلق ما يسمّى بـ «جماعات إسلاميّة متطرّفة» لكي تكون مسماراً في ظهر الحركة الوطنية وإسفيناً بيننا. تمّ تمويلهم من هيئة قناة السويس والكلّ يعرف التفاصيل لا حاجة بالاستفاضة.

وانتهى الأمر بثورة 1952 المجيدة، فكان أن لعبت هذه المنطقة دوراً كبيرا كان عصر جمال عبد الناصر. طَرد الاستعمار، وتمّ تأميم قناة السويس وكسر أيدي الأعداء في الداخل وجاء دوره ومشروعه للوحدة العربية… (ولعلّه استعجل في الطّرح) وكانت خطّة التّنمية التي قادها ثمّ السدّ العالي الذي كان من أفضل المشاريع وأهمّها خلال حكمه بشهادة العالم. وجاءت أزمة مايو وهي مؤامرة لضرب عبد الناصر، ومن ثم استشهاد عبد الناصر، وأتى الرئيس السادات وقد حلّل البعض أنّ الرئيس السادات استعان ودعم الإخوان لضرب الناصرييّن واليسارييّن، وهذا كلام أعتقد أنّه غير دقيق إنّما امتدّت الفتنة إلى داخل الشّعب المصري.

في 4 فبراير أطلق الرَّئيس السادات مبادرته الشّهيرة… وتقوم على انسحاب إسرائيل مقابل انسحاب القوّات العربية 15 كيلو متراً شرق وغرب القناة وتستمرّ الملاحة.

لا بدّ اليوم من معالجة شاملة لموضوع التّعصب والتّشرذم والانقسام الدّاخلي وإنْ يكن الأهم هو منع التكفير والإقصاء داخل الشّعب الواحد، كما ظهر بعد تفشّي ظاهرة الإرهاب. بغضّ النّظر عن الأسباب ما هي الحلول لهذه الظاهرة بنظركم! وبخاصّة بعد الإصدارات والمقالات التي كتبتموها في الفترة الأخيرة، هل من حل موجود أو معالجة ما؟ أو هل يمكن أن تشرح لنا عبر الضّحى طبيعة هذه الحلول أو المحاولات؟

نعم أخي العزيز، هناك إجراءات رسميّة مُمْكنة، بالتّعاون مع الكثير من المؤسّسات الرسميّة وغير الرسمية بهدف إظهار مدنيّة الدولة. ولكن هذا ليس كافياً، فإنّي أرى الحلّ في إصدار قرار قانوني يلزم الجميع ويُعتبر مجرماً من يقوم بتكفير الآخر وتطبيق هذا القانون عبر الدولة على الجميع، ومنع استخدام كلمة تكفير، أو «عنده عقيدة فاسدة». وفي الدستور، والقانون، في مصر هناك نصّ صريح وواضح بحرّية المعتقد. إذاً، يجب أولاً تطبيق هذا القانون، ثانياً المناهج التربويّة يجب أن تراعي هذا الأمر وتكرّس مفهوم حريّة المعتقد والتعدديّة، ويجب أن تتم مراقبة الكتب داخل المنهج أو النصوص التي تكرّس مفهوم التكفير، ولماذا التّعتيم على أمثال شكيب أرسلان من العشيرة الدرزيّة المعروفيّة، والكتّاب العرب غير المسلمين مثل جرجي زيدان المسيحي الأرثوذكسي، وشبلي شميِّل المسيحي الماروني… تماماً مثل رشيد رضا المسلم السنّي، والجيل القديم كان يتعامل مع هؤلاء وغيرهم… ولم يكن هناك مشكلة بالانتماء، حتى مع اليهود أنفسهم.

خطورة التطرّف، ليس خطورة سياسيّة وأمنية فحسب، بل هي تدفع الكثير وبخاصة من الشباب إلى ردود أفعال مناقضة ومتهوّرة، ومن النوع المتطرّف نفسه: حتى أنّ بعضهم بات يذهب إلى الإلحاد! لماذا! هناك بصراحة من يترك الإسلام اليوم، وبخاصّة من الشباب أو المسلمين المقيمين في الخارج، بسبب التطرّف وبسبب من جهل أو تعصّب أو تكفير بعض القادة للبعض الآخر! التعصّب والتطرف وإقصاء الآخر هو أصل المشكلة.

كان على هؤلاء أن يعودوا إلى سيرة النبي محمّد عليه الصلاة والسلام. كان رمز التسامح ورمز الاعتدال، فأين أنتم ذاهبون إذاً؟ الدّولة المدنيّة هي تكريس للقانون والعدالة وغير مخالفة لتعاليم الإسلام وأسسه. لا يوجد دين في العالم يدعو إلى القتل أو الكذب أو السّرقة… القِيم الأخلاقية متفّق عليها في كلّ دول العالم وكلّ الديانات، فعلامَ التكفير وإقصاء الآخر واستحضار العداوات؟

لذا يجب حماية الإسلام من بعض المسلمين أنفسهم، أي عبر تحريره من المتطرّفين ومن بعض أعمالهم السيّئة التي تشوّه الدّين الإسلامي وتسيء إلى المعتقد وإلى المؤمنين… كذلك حماية النّص من التفسيرات غير العقلانية وغير المنطقية، يجب تحرير نصوص المسلمين من تلك الأعراض الخطرة. وما يؤكد على كلامي حادثة فرنسا: التي أجبرت الرئيس ساركوزي ورئيس الوزراء وعديد من شخصيات فرنسا أن يوقّعوا على بيان من أجل حذف خمسٍ وعشرين آية من القرآن الكريم بحجّة أنها تدعو إلى القتل، ولم يستطع أحد الرّد على ذلك، ومن بين الموقعين على هذا البيان 20 إمام مسلم. هناك إذاً خطر كبير وحقيقي على الإسلام كعقيدة ودين، وكنتيجة مباشرة أو غير مباشرة للأعمال الإرهابية وتيارات التكفير والإقصاء.

في ظلّ هذه المُعطيات التي أرعبتنا بشكل جدّي نكرّر السؤال، ما هو الحل؟ وما المطلوب من الحكومات والمفكّرين، والإعلاميين قبل سواهم؟

لقد سبقتني في التعبير فأنا ما زلت أقول عن المخاطر المحيطة بالإسلام كعقيدة ودين وهي إنّ ثورة الاتصالات لا أحد يرد عليك، وكلّ عملية يقوم بها داعش يستشهد بآية من القرآن الكريم ويقوم الإعلام بتوزيعها ويقنع العالم كذباً بأنّ الدين يأمر بالقتل.

يا سيدي الفاضل ألم يقل الله تعالى في القرآن الكريم ﴿قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون، ولا تعبدون ما أعبد﴾ هل من تسامح أكثر من ذلك؟ هتلر ذبح الناس ولم يستشهد بآية من الإنجيل أو نتنياهو المجرم استعان بالتّوراة؟ لماذا فقط نحن علينا أن نستشهد بالآيات القرآنية من أجل تحليل الجرائم والقتل والكراهية… هذا خطأ كبير فادح مبرمج من أجل زعزعة العقيدة الإسلامية ضد المسلمين وباقي الشعوب وتسري بسرعة البرق وبحجج واهية مدعّمة بمشاهد فظيعة تحت راية الإسلام وبأمر من الله.. هل يعقل ذلك؟ ﴿لكم دينكم ولي ديني﴾ صدق الله العظيم يا أخي ألا يقرؤون هذه الآية؟ لم يقل ديني هو الصحّ والباقي هو الخطأ!

باختصار، مسالة اختطاف الإسلام عبر داعش أو عبر أيّة جهة متطرّفة تسيء بشدة لا لهذه الجماعات فحسب، بل للإسلام نفسه وللمسلمين جميعاً. محمّد علي جناح هو شيعي إسماعيلي وأمير الشعراء أحمد شوقي من كبار المسلمين… منهم من رفض الذهاب إلى الحج… هل هذا يعني هم كافرون! هل أحد شككّ
في إسلامهم!

ما الذي فعلته الجماعات المتطرّفة تلك بالأمة الإسلامية والعربية وقضاياها خلال السنوات الأخيرة؟

أحسنت في طرحك وهذا هو الجواب عن كل الأسئلة، لم تَعُد فلسطين قضيّة العرب، ولم تعد مصر أمّ الدنيا ولا سوريا ولا لبنان ولا ليبيا. كلّ دولة مشغولة بهمومها الداخلية حتى أصبحت إسرائيل صديقة بعض الدّول، بل وأصبح العدوان على سوريا يسرح ويمرح ولا أحد يستنكر لو كانت أيام عبد الناصر لاشتعلت بيروت والقاهرة لنصرة دمشق.

هذا الأمر أصبح شيئاً طبيعياً ولم يعد أحد يقلق على أحد!! هذا ما فعلته تيارات الإسلام السياسي المتطرّفة في الأوطان العربية والإسلامية. فقد دمّروا الانتماء الوطني والانتماء إلى الأمّة تحت شعار محاربة التيارات الجديدة أو التيارات المتشدّدة… ضاع الوطن وضاع الدين بين الحريّات والمحافظين المتشددين… حتى نتنياهو أصبح يتباهى بالقول: إنّنا استطعنا أن نخرق العالم الإسلامي… أين العالم الإسلامي؟ أين وحدة المسلمين؟ نعم الإسلام السياسي، أي توظيف الدين الإسلامي الحنيف لأغراض سياسية، دَمّر على مدى قرون الأمّة الإسلامية وشتَّتها.

لو كان عبد الناصر وغيره من الزعامات العربية التاريخية الكبرى، وأنا لا أدافع عن أحد، لما كان الأمر على ما هو عليه. الزعامات الكبيرة تلك كان لها الدّور الأبرز في الحفاظ على الإسلام، وفي تقديم صورة الإسلام الإنساني المناضل الذي يدافع عن حرية الشعوب ضد إسرائيل وضد المحتل ويرفع أعلى القيم الإنسانية في آن معاً. الوضع الآن مع الأسف مختلف.

هل تعتقد معالي الوزير أنّ التحوّلات السريعة وغير العادلة على مستوى العالم وما يتعلّق بالهويّة بشكل خاص هو سبب إضافي لتشويه الهويّات ومن بينها هويّتنا العربية، ولانتشار الغلو ومن ثم الإرهاب؟

العالم حدث فيه تحوّل كبير بعد انهيار الاتحاد السوفياتي والذي أفرز القوة العظمى الأولى وهي أمريكا واستطاعت خلال سنوات أن تكوّن ما يسمى العولمة والقرية الكونيّة وبث حضارتها في طول العالم… هذا أمر مفهوم. لكن الغريب هو التحالف بين العولمة وتيّار الإسلام السياسي. فبكل وضوح: أميركا تدعم التطرّف لكنّها تحاربه بالإعلام كما حدث مع ابن لادن وما سبق 11 سبتمبر في نيويورك. لم نسمع من أحد كلمة عن علاقة أمريكا بالتطرّف الإسلامي.

العولمة والإسلام السياسي المتطرّف وجهان لعملة واحدة… وأنا أقول أكثر من ذلك: إنّ المتطرّفين يسكنون في لندن، أي إنَّ الإسلام السياسي هو اختراع الغرب وأوروبا لضرب الأمة الإسلامية وإفشالها.. منذ أيّام نابوليون بونبارت وإلى أيامنا هذه.

فلنكن واقعييّن أيضاً ما يحدث في فرنسا والسّترات الصّفراء لا يصدّقها أحد أنّها بسبب الاقتصاد كلّ هذه التحرّكات هي مشبوهة ومدعومة من خارج فرنسا تستغلّ ظرفاً معيّنا.. لا يمكن للشعوب أن تتحدّى بعد الآن. وفرنسا دولة مدنيّة قوية حديثة كيف استطاعوا اختراقها!

تركيّا، لماذا لا تدخل الاتّحاد الأوروبي؟ هل لأنها إسلاميّة، أم لتحمي نفسها ولعلّ السبب أيضاً من قبل الآخرين.. علينا أن ننظر إلى العالم كلّه بموضوعية.

ماذا سيفعل الشباب البعيد عن الدِّين؟ والذي لا يجد عملاً ولا منزلاً ولا مستقبلاً، لماذا يهرب إلى التطرّف وإلى الإرهاب! ما الحل للجيل الجديد؟ ماذا فعلنا نحن خلال القرن الأخير؟

الأنظمة العربيّة مع الأسف، وهنا لا أتحدّث عن نظام بعينه، أفشلت كل محاولات إنشاء أحزاب ديموقراطيّة علمانية تنير عقول الشباب والمجتمع عموماً، ولم يسمحوا حتى لتيّارات أو مفكّرين مستقلّين، ولا لتعبير الشباب عن مطالبهم المحقّة أو قلقهم… ما حدث في جميع الدّول العربية هو أننا لم ننتبه بشكل جيّد للشباب ولم نعطهم الفرصة للتعبير عن أنفسهم، ولم نحقّق لهم أبسط مطالبهم. ولا سمحت لتحوّل ديمقراطي حقيقي، وكان ذلك سبباً أضيف إلى الأسباب التي أنتجت العنف والإرهاب والتطرّف..

عبد الناصر على سبيل المثال، وعلى قلّة المستشارين الحقيقييِّن، قدّم تجربة لم تكتمل… لم يستطع أحد أن يكمّل مسيرته أو مشروعه أو يرث تاريخه وأفكاره… وعلى الجميع أن يقرأ التاريخ وخاصة مذكرات الرئيس بوش الأب وكتاب كلينتون الذي صدر مؤخّرا… على العالم العربي أن يقرأ ويستفيد من التاريخ ويستيقظ من سباته أو من جهله… والنتيجة واحدة.

أخيراً… أين الكتّاب العرب، أين المثقفون، أين النّدوات، واللقاءات، أين البيانات المشتركة، أين اللغة العربية؟ فعلاً نحن أصبحنا في زمن الجاهلية الأولى، والأكثر من هذا الخوف الذي أصبح يسيطر على العقول فلا أحد يجرؤ أن يكتب بحقّ الفاسدين بل يصبح فوراً خائناً وقد يُقتَل أو يُهَجَّر، أو يهرب كلاجئ سياسي.

نشكر مجلّة الضّحى ونشكر د. محمّد شيّا ونشكر أسرة ومشيخة العقل في لبنان وكل الأخوة المثقّفين المناضلين في لبنان وعالمنا العربي والإسلامي، بوجودهم لن نفقد الأمل… فانهيار المجتمع يبدأ من انهيار الثقافة وموت المثقّفين، ليس جسديّا بل فكريّاً… والسّلام.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي