تقع خلـوة عائلة بـو حاطوم حمادة في مدينة بعقلين حـي الخلوة، الكائن للجهة الغربية منها. قام ببنائها الشيخ أبو حسن رافع بـن أسعـد بوحاطوم حمادة، من بعقلين، والمؤرّخة وصيّته في أوّل شهر مُحَرّم عـام 1301هـ، الموافق لعام 1883م. كان الشيخ أبو حسن رافع شيخًا تقيًّاً، يعتمـر العمامة المـدوّرة، وصفه كاتب وصيّته، بـ (الشيخ التّقي الطاهر المُنعكف في خلوته على عبادة ربّـه).
تتألّف الخلـوة من غُـرف عـدّة فسيحة، بُنيت بالحجر الصّخري المبـوّز، ومسقوفة بطريقة العـقـد. الجـدران مـن الـدّاخل، والأسقف مُـوَرّقة بالطّين الترابي، ولـم تـزل كما هي منـذ أن بُنيـت، ولـم تورَّق بالإسمنت. الغـرفة الرئيسة قائمة على عضائد حجريّة مـع قاعـدة حجريّة في وسط الغرفة. وطريقة البناء هـذه يُطلق عليها «العقـد المصالب». يوجـد بـداخل هـذه الغرفة وقرب المدخل، بئـر لجمع مياه الأمطار، تصله المياه من سطح المبنى بواسطة أنابيب داخلية. فُـوَّهة البئر قطعة حجرية واحدة علـ + و60 سنتيمتراً، مجـوّفة من الداخل بشكل أسطواني قطرها 60 سنتمترا، يمـرّ وسطها دلـو مـربوط بحبل مثبت بحلقة حـديدية، يستعمل لاستخراج المـاء من البئر. وهـذه القطعة الحجريّة محفورة ومنقوشة بشكل هندسي جميل. ويوجـد بئـر أخـرى في الجهة المقابلة من الغرفة، لكنّه مُغطّى بلوح خشـبي، فُرشت فوقه قطعة من السجّاد.
على الجـدار الجنوبي بداخل هـذه الغـرفة جرى تثبيت «محـراب»، فكان يقصدها أشخاص من مذاهب إسلامية أخـرى لتأدية فـروض الصلاة.
الغـرفة المقابلة هي فسيحة أيضاً، قُسمت إلى قسمين بواسطة خزائن خشبيّة في الوسط، وفي أعلى الخزائن يوجـد كواير من الخشب، كانت تُستخدم لخـزن مـادة القمح، وفي جـدار هـذه الغرفة باب خشـبي يصلها بالغرفة الجنوبية نُقش عليه في القسم الأعلى «الدنيا ساعة فاجعلها طاعة».
الأبواب والنوافـذ والخـزائن والرّفوف في الخلـوة، صُنعت جميعها من الخشب، صنعها الشيخ رافع بنفسه، ولم يزل بـاب المدخل الرئيس كمـا هـو. أمّـا النوافـذ الخلفية فقـد جرى تجديدها بواسطة الزّجاج والألمنيوم والحديد، حسب مُقتضى العصر.
أنجـب الشيخ رافـع ثـلاثة أبناء ذكـور هم: حسن وأسعـد واسماعيل. وثـلاثة أبناء إناث هـنّ: عابـدة وفاخرة وورد. وتوفِّي سنـة 1305هـ / 1887م، ودُفـن في مـدفـن خاص قـرب مبنـى الخلوة. أمّـا ابنه اسماعيل فـقـد توفّي قبـل وفاة والـده. وفي سنة 1937م، عمـل السيّـد سليم أسعـد بـوحاطوم حمادة على تجـديد المـدفـن، وبناء ضريح بشـكل هنـدسي ضمن غـرفة مقفلـة. نُقـِش على بلاطة الشاهـد الجنوبي، وتحت مُجسّـم العمامة آيـة الكرسـي. وعلى بلاطة الشـاهـد المقابلة ما يلي:
مـقــام الشيخ التقيّ الطاهر رافع بو حاطوم تـاريــخ 1303هـ. / 1885م.
ضـــــــريــحٌ حـــــــــلّ فيـــــــــــه كــــــــريمُ قـــومٍ
دعــــــــــاهُ إليــــــــــــه مــــــــــولاهُ الــكــــــــــريمُ
إلى دار الســـــــــــــلام مـــضــــــــــى تَقِيّـًــــــــــــــا
بفضــــــــل اللــــــــه يشـمـــلــــــــــه النّعيــــــــــم
فــقــلـــــــــــــتُ رافـــــــــــــعٌ ورعٌ فـــــــــــــــارع
بهـــــــــــــــذا القــــبـــــــــــــــر مفـــضـــــــــــــــال
خـلال الزّلزال الذي حصل بتاريخ 16 آذار سنة 1956، تصدّع البهـو الخارجي للخلوة، الذي كان قائماً على قناطر حجريّة، لكن مبنى الخلوة لـم يُصَب بأذى. فجرى تجـديد بناء البهـو الخارجي، وتـمّ صبّ سطح الخلوة بالباطون، بعـد أن كان سطحاً ترابيّاً. وبعـد ذلك تـمّ إضافة غـرف جانبيّة مـع منافع وإنارة، بُنيت بطريقة حـديثة(١).
تُستخدم الخلوة حاليّاً مجلساً للعبـادة وإقامة الصّلوات والمذاكرات الدينية، وبخاصة ليلة الجمعة من كلّ أسبوع (يوم الخميس مساءً) ويجـري فيها إلقـاء محاضرات بمواضيع ثقافيّة مُختلفة، يحضرها في كلّ مـرّة ما يزيـد على (250) شخصاً، رجالاً ونساءً، حيث خُصّصت غُرف الجهة الشمالية لجلوس النساء، والغرف الجنوبية لجلوس الرجال. وجميع الغرف مجهّزة بأجهزة توصيل الصوت والإنـارة، ومفروشة بشكل نظيف ومرتّب. يجلس الجميع على أرض الغُـرَف، بعـد خلع الأحـذية في الخارج. ويقـوم على خـدمة الخلـوة وإدارة شؤونها حاليّاً، الشيخ أبو غسان حليم حسن بو حاطوم حماده(٢).
المراجع:
- مقابلة مع الأستاذ عدنان رفيق بو حاطوم حماده مواليد سنة 1947، في منزله في بعقلين بتاريخ 19/4/2017، وقد أطلعني على وصيّة الشيخ رافع وسلّمني نسخة مصوّرة عنها.
- مقابلة مع خادم الخلوة الشيخ حليم حسن بوحاطوم مواليد سنة 1930، في منزله في بعقلين بتاريخ 19/4/2017.