الجمعة, أيار 3, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الجمعة, أيار 3, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

دور بني الشويزاني في الشوف

إماطة اللثام عن عشيرة معروفية حاكمة وتاريخها الغامض

دور بني الشويزاني في الشوف وأنساب عائلات
عبد الملك وحمادة وأبو هرموش وأبو حمزة

جانبلاط عبد الملك نَصَرَ حيدر الشهابي في عين دارة
فأقطعه الجرد وشيّخه عليه وكتب له «الأخ العزيز»

سنحاول في هذا المقال توضيح الصلة بين بني الشويزاني الذين لعبوا دوراً مهماً في تاريخ الشوف وكانت لهم اليد الطولى في ناحية منه، وبين عدد من العائلات العريقة التي ما زالت تحتل مكانة مرموقة في الهرم الاجتماعي والسياسي وهي بصورة خاصة عائلات عبد الملك وأبو هرموش وحمادة وأبو حمزة. هذه الأسر الأربع والأدوار التي لعبتها تعود بصورة خاصة، وحسب ما تشير جميع المصادر التاريخية المعتمدة، إلى تفرّعها من أصل واحد هو عشيرة بني الشويزاني التي كانت قد تولّت ناحية مما يعرف اليوم بإسم منطقة الشوف، وكان ذلك في أساس تسمية تلك المناطق بـ «الشوف الشويزاني» قبل تصحيف الكلمة لتصبح «الشوف السويجاني».
إن لموضوع الأنساب حساسية خاصة عند العرب وله حساسيته أيضاً عند العائلات العربية العريقة الحريصة على إثبات نسبها والدفاع عنه في وجه أي إلتباس. لكن تحقيق الأنساب ليس مسألة سهلة دوماً، فقد يتعرّف الباحث في التاريخ على أسر كثيرة مهمة، لكن المعلومات عنها تكون قليلة جداً، إما لأن ما كُتب عنها فُقد أو لأنه لم يقيّض لها من يدوِّن تاريخها فبقي الغموض بالتالي محيطاً بها، ومنها ما لم يبقَ من المعلومات عنها سوى إسمها فقط، ومنها ما استمر تاريخها في الأسر المتفرّعة منها كبني فوارس المناذرة الذين تفرّع منهم آل أبو اللمع، وآل عبد الله المناذرة الذين تفرّع منهم آل علم الدين اليمنيون وآل تقي الدين. وتجدر الإشارة هنا إلى أن تاريخ الأمراء التنوخيين المناذرة كان معظمه ضاع لو لم يدوّن أحدهم، وهو المؤرّخ صالح بن يحيى، أخبارهم في مؤلّفه المسمّى «تاريخ بيروت»، كما إن تاريخ الأمراء الأرسلانيين المناذرة كان قد ضاع في معظمه لولا السجل الأرسلاني.

من هم آل الشويزاني؟
إننا لا نمتلك الكثير عن بني الشويزاني وعن ظروف قدومهم إلى لبنان واستقرارهم في ما هو اليوم منطقة الشوف، لكننا نعلم مؤكداً أنه كان لهذه العشيرة القوية دورها المهم بين العشائر التي قدمت من جهات معرّة النعمان إلى لبنان في سنة 820 م، وكان لهم انتشارهم الواسع في الشوف، ثم تفرّعوا إلى أسر عديدة لا تحمل إسمهم، إلا أن المعلومات عنهم قليلة. ولهذا فليس مستغرباً أن يحيط بآل الشويزاني هذا القدر من التساؤلات عن حقيقتهم وعن طبيعة العائلات المنتسبة إليهم، وقد بقي الكثير من تلك التساؤلات بلا أجوبة، لذا سنحاول، بالإستناد إلى المصادر التاريخية والتحقيق فيها، الإضاءة على حقيقة آل الشويزاني ما أمكن تحت العناوين التالية:
1. أصل بني الشويزاني
2. بنو الشويزاني في «المصادر التاريخية»
3. بنو الشويزاني في كتاب «قواعد الآداب حفظ الأنساب»
4. إطلاق اسم الشويزاني على منطقة كبيرة في الشوف وعلى حصن قديم
5. الأسر المتحدّرة من بني الشويزاني

أولاً: أصل بني الشويزاني
إن أقدم النسّابين وأشهرهم إبن الكلبي المتوفّى سنة 204 هـ (819 م) وأشهرهم بعده إبن حزم الأندلسي (284 – 356 هـ)ـ (994 – 1064 م)، لم يذكرا أية قبيلة أو عشيرة أو بطن أو فخذ أو فصيلة بإسم الشويزاني، كما خلت كتب النسّابين الآخرين الذين جاؤوا بعدهما من هذا الإسم. لذا بات من المؤكّد أن آل الشويزاني لم يكونوا قبيلة رئيسية بل بطناً أو فخذاً من إحدى العشائر العربية التي تُعد بالمئات، وأول ما نرى لهم ذكراً في تاريخ لبنان هو في كتاب «قواعد الآداب حفظ الآنساب» الذي دُوّن مخطوطه في أواخر القرن الرابع عشر الميلادي، وهو لمؤرّخ مجهول.
تكلّم مؤلف كتاب «قواعد الآداب حفظ الأنساب» عن نزوح ما سمّاه «طوائف» أي عشائر من الحيرة في العراق إلى جهات معرّة النعمان، وهم «الأمير شهابي بن الأمير خالد والأمير مسعود بن رسلان بن مالك والأمير فوارس والسيد عزايم والسيد عبد الله والسيد عطير والسيد حصن والسيد هلال والسيد كاسب والسيد شجاع والسيد نمر والسيد شراره»1. تمّ ذكر أسماء عدد من الأعيان والجماعات الذين رافقوا تلك العشائر في نزوحها إلى لبنان. ولم يرد بين هذه الطوائف (العشائر) عشيرة بإسم «بني الشويزاني» لكن هذا الإسم يظهر بعد ذلك في الحديث عن فروع العشائر المذكورة التي توطّنت في لبنان مما يدلُّ على أن بني الشويزاني هم فرع من إحدى تلك العشائر أو هم إحدى العشائر، مع الإستبعاد الكلي أن تكون فرعاً من المناذرة (آل أرسلان وآل عبد الله وبني فوارس وآل تنوخ) لأنها لو كانت منهم لكان تحدّث عنها السجل الأرسلاني ، وصالح بن يحيى في كتابه « تاريخ بيروت».
بالعودة إلى المعاجم اللغوية نجد أن إسم الشويزاني قد يكون مشتقاً من لفظة « شزن « ومن معانيها: النشاط، ومن معاني تشزّن : صرع 2. وبالعودة إلى المعاجم الجغرافية نجد أن إسم شويزاني قد يكون مشتقاً من كلمة شوزن التي جاء عنها أنها من مياه بني عقيل.3

بنو الشويزاني في المصادر التاريخية
أول مصدر ذكر بني الشويزاني هو كما وردت الإشارة كتاب «قواعد الآداب حفظ الأنساب» الذي سنتكلم عنه لاحقاً. وقد ورد ذكر إسم «الشويزاني» عند المؤرخ المقريزي المتوفى سنة 845 هـ (1441 م) وذلك حين قال في معرض حديثه عما جرى في القاهرة من حوادث في شهر شعبان من سنة 358 هـ (أيار 969 م) ما يلي: «فسلّموا على نحرير الشويزاني بالإمارة وخرجوا يحجبونه إلى داره»4. ثم ذكر المقريزي وفاة إبن نحرير (أبي الحسن) في 12 ربيع الآخر من سنة 415 هـ (حزيران 1024م)، وقال عنه «إنه أكبر من بقي من عرفاء الإخشيدية»5، ولا نعلم إذا كان الإسم «الشويزاني» هو الذي يجمع بين هذين الشخصين اللذين عاشا في عهد الإخشيديين وبين بني الشويزاني في لبنان، أم أنهما وهم من أصل واحد.
ومن الذين ذكروا بني الشويزاني المؤرّخ صالح بن يحيى، مجهول الولادة والوفاة، إلا أنه من المعتقد أن ولادته في أواخر القرن الرابع عشر الميلادي، ووفاته بعد سنة 1453 التي توقف فيها عن الكتابة. لقد ذكر صالح بن يحيى أنه وجد محضر كُتب عن نزول الفرنج في الدامور في الخامس من جماد الأول من سنة 702 هـ (كانون الأول 1302م) حيث قتلوا وأسروا من قدروا عليه من حرس الدامور ومن المنشغلين بالزراعة فيها. وكان من القتلى الأمير البحتري التنوخي فخر الدين عبد الحميد، ومن الأسرى أخوه شمس الدين عبد الله. وقد حصل ذلك بسبب إهمال بني الشويزاني وبني العدس الحراسة 6. وفي ما ذكره صالح بن يحيى دلالة على أن بني الشويزاني كانوا في العهد المملوكي من أبدال الحراسة على الساحل لردّ غارات الفرنجة، ولإبلاغ السلطة المملوكية بها.

” أطلال «قصــر الشويزاني» هلنستية تعود إلى القرن الثالث أو الرابع قبل الميــــــلاد وربما سكن الحصن زعيــم من العشــــيرة بتكليف من المماليك “

كتاب «قواعد الآداب حفظ الأنساب»
إن مؤلف مخطوط «قواعد الآداب حفط الأنساب» مجهول، لكنه من أبناء القرن الرابع عشر ميلادي بدليل إيراده ما يشير إلى أنه عاش قليلاً بعد سنة 1389. وقد تحدّث الكتاب عن العشائر التي نزحت إلى لبنان سنة 820 م، وعن فروعها التي بلغت معها مائة وإحدى عشرة عشيرة موّزعة على مائة وأربعين مكاناً في جبل لبنان الجنوبي. وبلغ مجموع صفحات المخطوط أربعاً وعشرين صفحة ونصف، منها أربع صفحات كاملة عن بني الشويزاني، كما أشير إليهم في ثلاث صفحات أخرى. وبهذا يكون المؤلف قد تكلّم عنهم اكثر مما تكلّم عن أية عشيرة بمن في ذلك العشائر التي تفوقهم حسباً ونسباً وأهمية.
وصف مؤلف كتاب «قواعد الآداب حفظ الأنساب» بني الشويزاني بالقول «إنه لم يكن أحلف ولا أشعر ولا أرغب في جمع المال منهم»، وذكر أقرباءهم، ومنهم فوارس الجبلي، كما ذكر أماكن سكنهم، وأبرزها تيروش الواقعة تحت ممر ضهر البيدر في السفح الغربي لجبل الباروك إلى الشمال الشرقي من بلدة عين دارة، وقد كانت ذات أهمية في العصر الروماني وربما في العصر الهلنستي، بدليل وجود حجارة ضخمة ونواويس رومانية فيها، ومنها تنفرّع الطريق الذاهبة من قب الياس إلى بيروت والطريق الذاهبة إلى صيدا.
نصر عسكري يبدِّل الموازين
توسّع مؤلف «كتاب قواعد الآداب حفظ الأنساب» في الحديث عن حادثة جرت لبني الشويزاني مع الدرغام «مقدّم ناحية سبعل» الواقعة قرب بحمدون، ومع البقاعيين. وملخّص ذلك أن الدرغام قتل أبا الخير الشويزاني ظلماً وعدواناً، عندما انفرد به على طريق جبلية لا يراه فيها أحد، وظلّ ما فعله خافياً عن بني الشويزاني لبضع سنوات، لكن ما إن بلغت تفاصيل الاعتداء أخوة أبي الخير الستّة، حتى ساروا إلى سبعل بقيادة أبرزهم فهد، ومعهم نبا (زوج شقيقتهم) وهاجموا بيت الدرغام وقتلوه وثأروا لمقتل أخيهم.
إستنجد أهل سبعل بأنصارهم في وسط البقاع، فهاجم ثلاثمائة رجل من هؤلاء تيروش التي كان فيها مائتا رجل، نصفهم من بني نمر وبني روق، والباقون أكثرهم من بني الشويزاني. فصدّ أهل تيروش المهاجمين، وقتلوا وأسروا معظمهم، ثم عفّوا عن الأسرى لأنهم، أي أهل تيروش، يمنيون، أي أصلهم من اليمن، واشترطوا إطلاق سراحهم مقابل كل اثنين بحصير وكل ثلاثة بحصير بدلاً من الذهب والفضة، وذلك من قبيل التباهي بقوة بأسهم.
وبما أن فهد الشويزاني كان المبرّز في الهجوم على سبعل وقتل الدرغام، وفي صدّ هجوم البقاعيين، فقد شكره بنو نمر وبنو روق ورأّسوه عليهم 7. وهذا كان منطلقاً لتقدّم بني الشويزاني على العشائر المقيمة معها في تيروش، وبعد انتقالها منها.
جرت حادثة بني الشويزاني مع الدرغام والبقاعيين في بداية توّطن العشائر النازحة إلى لبنان في سنة 820 م بحسب ما جاء في كتاب «قواعد الآداب حفظ الأنساب». وأعقب ذلك نزوح العشائر من تيروش بسبب الثلج والصقيع، وتوزّع أكثرها في الشوف بدءاً بقريتي عين زحلتا والبصّية (البصّيل)، وهذا يوضح الإتجاهات التي سلكتها العشائر النازحة من جهات معرّة النعمان والأمكنة التي نزلت فيها بعد أن استقرت لبعض الوقت في تيروش والمغيثة، إذ اتجه المناذرة (آل ارسلان وآل تنوخ وآل عبد الله وبنو فوارس) غرباً وأقاموا في جبل بيروت، وكان نزوحهم في سنة 758م، فيما اتجه من جاؤوا بعدهم، في سنة 820م إلى الجنوب الغربي، وأقاموا في جبل صيدا، أي الشوف، وكان بنو الشويزاني من أبرزهم.

أهمية تيروش
إن ما أورده كتاب «قواعد الآداب حفظ الأنساب» عن حادثة بني الشويزاني مع الدرغام والبقاعيين، وعن حصولها في بداية توطّن العشائر العربية في جبل لبنان، يفيد عن أهمية تيروش آنذاك، إذ كانت المحط الأول لرحال العشائر النازحة إلى جبل لبنان عبر الممر الرئيسي من البقاع والشام إليه، وهو ممر ضهر البيدر، حيث كانت تقيم فيها وفي محلّة المغيثة القريبة منها، ثم تتجه غرباً بإتجاه بيروت والساحل، وشمالاً غرباً بإتجاه المتن، وجنوباً غرباً بإتجاه الشوف، إلا أن قرية تيروش درست في أواخر العهد المملوكي، بدليل أنها لم تُذكر في جداول الإحصاء العثمانية العائدة للمنتصف الأول للقرن السادس عشر الميلادي.
وإذا كان مؤلف كتاب «قواعد الآداب حفظ الانساب» لم يسقط لقب «المقدّم» على الدرغام إبن قرية سبعل، ولفظة «الناحية» على هذه القرية، فإن تاريخ حادثة بني الشويزاني مع الدرغام والبقاعيين هو في العهد المملوكي، ذلك إن اللقب واللفظة المذكورين لم يكونا متداولين قبله.

أحد-أودية-منطقة-الشوف-التي-عرفت-باسم-عشيرة-الشويزاني
أحد-أودية-منطقة-الشوف-التي-عرفت-باسم-عشيرة-الشويزاني

نشأة الشوف الشويزاني (السويجاني)
أطلقت العشائر العربية النازحة من جهات معرّة النعمان إلى لبنان أسماء على المناطق التي نزلت فيها، ومنها إسم الشوف الذي يعني المكان المرتفع والمشرف على ما حوله. ولكن هذا الإسم كان يُطلق مقروناً بلفظة أخرى لتمييز الأشواف عن بعضها، مثل الشوف الحيطي لإنتصابه كالحائط بين مجرى نهر الأولي وجبلي الباروك ونيحا، والشوف البيّاض لبياض صخوره، وشوف الميادنة نسبة إلى عشيرة الميادنة، وشوف هلال نسبة إلى عشيرة بني هلال، والشوف الشويزاني نسبة إلى بني الشويزاني 8.
توزّع بني فهد الشويزاني
بالعودة إلى ما ذكره مؤلف كتاب «قواعد الآداب حفظ الأنساب» عن عدد رجال العشائر في تيروش، نستنتج أن من كانوا فيها من بني الشويزاني ليسوا فقط فهد وأخوته الستّة، كما نراه، يذكر أن بني نمر وبني روق وبني الشويزاني تقاسموا البلاد، لكنه لا يذكر من القرى التي سكنها بنو الشويزاني سوى تلك التي سكنها أبناء فهد الذي قتل الدرغام وهم أربعة: إبنه فهد، الملقّب بفهد الصغير، والمسمّى على إسمه لأنه ولد بعد وفاته، والثلاثة الآخرون، وهم صاعد وسبع وهمّام. وسكن أبناء فهد الصغير في مجدل بعنا وشانيه والبصيّه (البصّيل) وبنو صاعد في دير القمر والسمقانية وبقعاتا الشوف وجوارها، وبنو سبع في عين زحلتا والبصيّه وكفرقطرة ودير دوريت وبعقلين وجوارها، وبنو همّام في مجدل بعنا والبصّيه عند أقاربهم 9. وسكنت طائفة من بني الشويزاني البرجين والجاهلية وانتقلت طائفة إلى الجبل الأعلى. وإذا استثنينا قرى مجدل بعنا وشانيه والبرجين، فإن سائر القرى واقعة في المنطقة التي نسبت إلى بني الشويزاني، وهي الشوف الشويزاني.
صُحّفت لفظة «الشويزاني» أولاً في اللفظ، ثم في التدوين، فغدت «السويجاني». وأول ذكر للشوف الشويزاني جاء في وثائق الفرنج سنة 1261م، وفيها يحدّد سنيور صيدا (باليان) القرى المقطعة للفرسان التوتونيين، ومنها قرى في ما سمّاه «الشوف الشويزاني»10. وورد في تاريخ إبن سباط نص منشور مرسل من الملك عز الدين إيبك إلى الأمير البحتري التنوخي سعد الدين خضر بن نجم الدين محمد بن حجى بن كرامة بن بحتر، يحّدد إقطاعه، ومنه أربع قرى في «الشوف السويجاني»11. وورد في تاريخ إبن سباط إسم «الشوف السويجاني» في الحديث عن فيضان الأنهر في سنة 909هـ (1503-1504 م)12.
كان الشوف السويجاني يشتمل على القرى التي نزل فيها بنو الشويزاني، والتي ورد ذكرها، ويشتمل أيضاً على قرى لم يذكر مؤلف كتاب «قواعد الآداب حفظ الأنساب» أن بني الشويزاني نزلوا فيها وكان يمتد بين نهر الصفا ورافده نهر الحّمام، وبين نهر الباروك، ويقع بين مناطق الجرد والشوف الحيطي وإقليم الخرّوب. وقد شكل ناحية بإسم «ناحية شوف شويزاني» في أواخر العهد المملوكي، وأوائل العهد العثماني، تضم ستاً وستين قرية ومزرعة. وهذه الناحية شكلت مع الشوف الحيطي ما دعي بإسم «شوف إبن معن» أي الشوف المعني. وما ورد في أحد المراجع، التي تحدّثت عن «شوف إبن معن»، عن وجود شوف ثالث بإسم «شوف شوران» كان نتيجة الخطأ في قراءة شوف شويزاني: فقرئت «شوف شوران». وبعد ذلك أخذت من الشوف الشويزاني قرى عند إحداث مقاطعتين إداريتين جديدتين، هما العرقوب والمناصف، فصار يضم تسع قرى هي بعقلين وعترين وعينبال وغريفه والسمقانية والجديدة والكحلونية ومزرعة الشوف وبيقون، ثم نشأ من بلديات هذه القرى إتحاد بلديات في سنة 1979 بإسم «إتحاد بلديات الشوف السويجاني» يضمّ بلديات القرى المذكورة بإستثناء بيقون التي لم يكن فيها مجلس بلدي، كما يضمّ بلدية عين وزين التي كانت تتبع في عهد المتصرفية لمديرية العرقوب الجنوبي.

” جانبلاط عبد الملك نَصَرَ حيدر الشهابي في معركة عين دارة فأقطعه الجرد وشيّخــــه عليه وكتب له «الأخ العـــزيز»  “

قصر السويجاني
توجد على رأس هضبة قرية الكحلونية الواقعة في الشوف السويجاني أطلال بناء قديم كبير يعرف بقصر السويجاني، تماشياً مع القاعدة المعمول بها، وهي إطلاق إسم القلعة في أكثر الأحيان، وإسم القصر في أقلها، على كل بناءٍ كبير حتى لو كان هيكلاً للعبادة. وهذه الأطلال قسمان: القسم الشمالي، وهو بطول 35 متراً، تبدو أساساته الضخمة، وبقايا جدرانه التي تعلو حوالي المترين، بأحجار كبيرة مشذّبة ، جيدة البناء. والقسم الجنوبي وهو أقل إتساعاً، ولا يظهر منه سوى أساسات لا تعلو عن سطح الأرض. وقد أظهرت أعمال التنقيب في القسم الشمالي بين سنة 2005 وسنة 2013 أنه حصن هلنستي يعود إلى بداية القرن الثالث أو أواخر القرن الرابع قبل الميلاد، سمّي بقصر السويجاني لأحد الإحتمالين التاليين:
أولاً: النسبة إلى المكان، أي إلى الشوف السويجاني.
ثانياً: النسبة إلى أحد أعيان بني الشويزاني، وهذا مرجَّح أكثر من الإحتمال الأول، إذ إن الحصن يقع في منتصف الطريق الرئيسية بين صيدا وساحلها وبين قب الياس، المعروفة منذ القرون الوسطى بـ «السكة السلطانية»، وهذا العين الشويزاني قد يكون مكلّفاً من المماليك بحراسة هذه الطريق المهمة، والإقامة في الحصن المذكور الذي ربما كان أيضاً خاناً للمسافرين كخان الحصين الواقع بين عاليه وبحمدون في منتصف الطريق الرئيسية بين بيروت وقب الياس. وقد يكون وما حوله من أراض ملكاً لعين من بني الشويزاني يستثمر الأراضي دون أن يكون مكلّفاً بأية مهمة أمنية أو رقابية على الطريق التي تمرّ أمام الحصن المشرف على مناطق واسعة تمتد من صنين شمالاً إلى جهات جزّين جنوباً.13
يقع قصر السويجاني في خراج قرية الكحلونية ، وهو أقرب إليها من سائر القرى المجاورة له، وهي مزرعة الشوف، وعترين، وجديدة الشوف، وبقعاتا التابعة لها، هذا قبل أن يمتدّ العمران من هذه القرى ويصل إلى جوار الحصن . مُسح معظمه في الثمانينيات من القرن العشرين مشاعاً للكحلونية مما يدل على عدم ملكية أحد له في الماضي. وقد كان بعده النسبي عن القرى المجاورة له ، وكبر حجارته، وانتشار المقالع الحجرية حوله بكثرة، السبب الرئيسي في الحفاظ على معالمه وعدم التمادي في السطو على حجارته وإبقاء بعض جدرانه قائمة وإن على علو منخفض .
ومما يلفت هو ان أعمال التنقيب في الجزء الشمالي الشرقي من قصر السويجاني جرت بسهولة وأدت إلى اكتشاف غرفة مهدّمة محروقة ، عُثر فيها بين الرماد والتراب على حلي ومقتنيات برونزية وعلى فخاريات أثبتت أنه حصن هلنستي مما يدل على أن هذا الجزء بقي على وضعه بعد هدمه وإحراقه في أواسط القرن الأول قبل الميلاد ولم تعبث به يد الإنسان كما عبثت بالكثير من المباني القديمة والنواويس الحجرية ، لكن لصوص الآثار عبثوا بجزء من الحصن في الأحداث اللبنانية بين العامين 1975 و 1990 فهدموا بعض قسمه الشرقي وأحدثوا فجوة فيه بحيث بدا مدرّجاً. وما أوقفهم عن متابعة التخريب فيه هو عدم عثورهم على ما يبتغون من الحلي والمقتنيات الأثرية الغالية إضافة إلى سهر بلدية الكحلونية على الحصن والمحافظة عليه . ومن الضروري متابعة التنقيب في القسم الشمالي من الحصن لمعرفة ما إذا كانت الأجزاء التي لم يجرِ فيها التنقيب بقيت على حالها بعد هدمه وإحراقه، كما من الضروري التنقيب في القسم الجنوبي علَّ هذا وذاك يضيئان على من سكنوا الحصن واستعملوه بعد هدمه وإحراقه ، ويوضحان إشكالية تسميته: هل هي نسبة إلى المكان ( الشوف السويجاني ) أم نسبة إلى أحد أعيان أسرة بني الشويزاني .
يذكر في هذا المجال أن بلدية الكحلونية تعمل على استعادة ما أُخذ من أرض الحصن ومُسح ملكاً خاصاً مع الأملاك المجاورة ، وهي تعدُّ بناء صغيراً هو عقد قديم ليصبح متحفاً يُوضع فيه ما يعثر عليه في الحصن، ومما يُذكر أيضاً أن أعمال التنقيب يقوم بها مختصون في علم الآثار، وأن تمويل التنقيب يؤمّنه إتحاد بلديات الشوف السويجاني بالتعاون مع مديرية الآثار .

“هزيمة محمود باشا أبو هرموش في عين دارة أضعفت العائلة لكنها حافظت على مكانتها بين مشـايخ الصف الثاني في الفتــرة اللاحــــقة”

بقايا حصن الشويزاني أثارت اهتمام علماء الآثار وأثبت أنه لعب دورا مهما
بقايا حصن الشويزاني أثارت اهتمام علماء الآثار وأثبت أنه لعب دورا مهما

الأسر المتحدّرة من بني الشويزاني
من الروايات المتناقلة أن آل عبد الملك وآل أبو هرموش وآل حماده ( بعقلين ) وآل أبو حمزة من بني الشويزاني ، وهناك بالتأكيد أسر غيرهم لسنا متأكدين من نسبها إليهم، وأسر لا نعرفها نظراً إلى كثرة القرى التي سكنها بنو الشويزاني، ولإتساع المنطقة الجغرافية المسمّاة بإسمهم. وأهمية الأسر الأربع التي سنتحدث عنها ناتجة من عراقة النسب، ومن بناء أبنائها مجداً جديداً على مجد قديم.
1. آل عبد الملك : ترجم طنّوس الشدباق لمشايخ آل عبد الملك الدروز ، في كتابه «أخبار الأعيان في جبل لبنان» فذكر «أنهم ينتسبون إلى بلاد الحجاز، وأنهم قدموا مع الأمراء التنوخيين وتوطّنوا في الكنيسة في مقاطعة المناصف، ثم انتقلوا إلى عاليه ثم إلى بتاتر وأقاموا فيها فظهر منهم رجل يُسمى جانبلاط .. وسنة 1711 لما فرّ الأمير حيدر الشهابي من أمام معسكر محمود باشا أبي هرموش تبعه الشيخ جانبلاط إلى غزير وإلى الهرمل ثم إلى المتن وحضر واقعة عين دارة فأقطعه مقاطعة الجرد وشيّخه عليها وكتب له الأخ العزيز».14
والشدباق يعني أحياناً بكلمة « التنوخيين « البحتريين التنوخيين أي التنوخيين المناذرة، وهو يخطىء حين يعني بها أحياناً أخرى قبيلة لخم التي ينتسب إليها الملك النعمان إبن ماء السماء 15 الذي يتحدّر منه المناذرة ( آل أرسلان وآل عبد الله وبنو فوارس التنوخيون ) وتبعاً لذلك، ولأنه لا يعيد آل عبد الملك إلى التنوخيين، نستنتج أنهم عنده من أسرة غير منذرية مما يتوافق مع القول إنهم من بني الشويزاني. أما وجودهم في بتاتر، فهو بالتأكيد قبل القرن الثامن عشر الميلادي، وذلك بناءً على الآثار التي تعود إليهم وبخاصة مقبرتهم المدوّن عليها إسم « الشيخ جنبلاط إبن الشيخ فخر الدين إبن عبد الملك »16 .
إن أحد أبناء آل عبد الملك، المؤرّخ عبد المجيد ، يخطّىء المؤرّخون الذين يعيدون أسرته إلى بني الشويزاني ويقول : «إنهم ينسّبون أنفسهم إلى جدّهم الأعلى عبد الملك بن مالك بن بركات بن مسعود بن عون إبن الملك المنذر الخامس آخر ملوك المناذرة في الحيرة ، وعبد الملك المذكور هو أحد الأمراء الذين استدعاهم الخليفة أبو جعفر المنصور وأمرهم بالتوجه للتمركز في جبل لبنان» 17 كما إن المؤرّخ المذكور يعيد آل عبد الملك إلى فرع من المناذرة المتحدّرين من الملك المنذر الخامس هو فرع بني فوارس، ويجعل الأمير معضاد الفوارسي جدهم القديم. 18 لكن عبد الملك بن بركات لا يُذكر إلا في السجل الأرسلاني وهو يذكر فيه كوالد للأمير فوارس الذي ينتسب إليه بنو فوارس وأميرهم المشهور معضاد. وهذا الإسم لا يُذكر في أي مصدر أو مرجع بعد ذلك في ما يتعلق بنسب أية أسرة . وبناءً على هذا تبقى نسبة آل عبد الملك إلى بني الشويزاني هي المرجّحة .
ومما يجدر ذكره أخيراً هو أن آل عبد الملك برزوا بعد موقعة عين دارة في سنة 1711، وطوال عهد سيادة الإقطاع، إحدى أسر مشايخ الدروز الكبار، وهي بالإضافة إليهم، آل جنبلاط وآل عماد وآل نكد وآل تلحوق.
2. آل أبو هرموش : كان آل أبو هرموش يقيمون بحسب أحد المراجع في نيحا الشوف، ومنها انتقل كبيرهم علي إلى السمقانية في العهد الشهابي، وأقام فيها وتوفي بعد عمر مديد 19، وبنى إبنه محمود قصراً فيها فيما بنى إبنه الثاني هزيمة قصراً في بعقلين، هدمهما الأمير حيدر الشهابي بعد انتصاره في موقعة عين دارة. ولا نعلم إذا كانت هناك صلة بين آل أبو هرموش وبين يوسف بن هرموش الذي ذكرت الوثائق العثمانية أن أهالي عين دارة هاجموا في سنة 1564 بقيادته وقيادة محمد بن سيدي المعروف بأبي عرام ، منزل المكلّف بجمع الضرائب من قبل الدولة العثمانية 20. وفي اعتقادنا أن آل أبو هرموش كانوا كلهم أو بعضهم مقيمين أصلاً في السمقانية وبعقلين بدليل إقامة أجدادهم بني الشويزاني فيهما بعد إنتقالهم من تيروش، وبدليل ما يتناقله آل ابو هرموش وهو أنهم كانوا كثراً في السمقانية في زمن محمود ابو هرموش، وأنهم فرغوا من المقاتلين بعد موقعة عين دارة، ولم يبق منهم سوى كبار السن والنساء والأطفال ، وبدليل أن أنسباءهم آل حماده هم من سكان بعقلين، وأن أنسباءهم آل أبو حمزة كانوا مقيمين في السمقانية قبل انتقالهم إلى الخريبة (الشوف). وقد يكون هناك من أقام منهم في نيحا بدليل تصرّفهم بملكيات عقارية في مرج بسري وفي منطقة جزين.21 ولربما كان المقصود بـ «الشيخ أبو هرموش» الوارد ذكره في إحدى نسخ تاريخ فخر الدين للشيخ الخالدي الصفدي، واحداً منهم. وقد توفي الخالدي سنة 1624.
إشتهر آل أبو هرموش ببروز شيخهم محمود، الذي كلّفه الأمير حيدر الشهابي بجباية الأموال من جبل عامل، فتقرّب من والي صيدا، واستحصل منه على لقب «الباشا»، وانقلب على الأمير حيدر، وحاول استعادة الإمارة الدرزية، بإعادة أمراء آل علم الدين اليمنيين الى إمارة الجبل التي فقدها الدروز بموت الامير أحمد المعني بدون عقب، وانتقالها الى الامراء الشهابيين. لكن محمود باشا أبو هرموش هُزم مع اليمنيين في موقعة عين دارة حيث قُتل فيها وبعدها أمراء آل علم الدين، وإنتهى أمره أسيراً، لكنه لم يُقتل إحتراماً للقب الباشوية الذي يحمله، وإنما اكتفى الأمير حيدر بقطع لسانه وإبهاميه. ومنذ ذلك الحين تراجع شأن آل أبو هرموش قليلاً، ومع هذا ظلّت لهم مكانتهم

” آل حماده تفرعوا عن أبو علي مرعي تلميذ الأمير السيد ولعبوا دوراً بارزاً في إمارة بشير الثاني وفي عهد المتصــرفية  “

أرز الشوف كان فاصلا طبيعيا بين شوف بني الشويزاني ومنطقة البقاع وتبدو ثلوج السلسلة الشرقية في الأفق
أرز الشوف كان فاصلا طبيعيا بين شوف بني الشويزاني ومنطقة البقاع وتبدو ثلوج السلسلة الشرقية في الأفق

” الشيخ إسماعيل أبو حمزة شيخ عقل الموحِّدين الدروز كان رجل حلّ وعقد وهو الذي رعى في سنة 1792 الاتفــــاق بين اليزبكيين والجنبلاطيين  “

كمشايخ، وبرز منهم العديد. ولا عجب إن عدّهم المؤرخون من مشايخ الصف الثاني، ويلون في الاهمية، مع أنسبائهم آل ابو حمزة ، مشايخ الصف الاول الذين هم آل جنبلاط و آل عماد، و آل نكد، وآل تلحوق ، وآل عبد الملك 22 .
3. آل حمادة: من الروايات عن آل حمادة أنهم من بني الشويزاني، وأنهم سكنوا في بعقلين بعد نزوحهم من تيروش، وإحدى الروايات تقول إنهم سكنوا الكنيسة. وانتقل كبيرهم الشيخ ابو علي مرعي من بعقلين الى عبيه و التحق بالأمير جمال الدين عبدالله التنوخي الامير السيد (قدّس الله سره)، وغدا من تلاميذه، وكتب عنه بعد مماته. وإليه يعود فضل الإتيان بإحدى مخطوطات الموحِّدين الدروز من القاهرة، بتكليف من الامير السيد. وعندما توفي الشيخ مرعي دُفن في الفساتين (البساتين حالياً)، وعاد أبناؤه الى بعقلين، ومنهم يتحدّر شيوخ آل حمادة، الذي كان لكبيرهم الشيخ حسين دور كبير في عهد الامير بشير الشهابي الثاني، الذي ولاّه على إقليم الخرّوب وهذا الدور سيستمر بعد ذلك على الصعيد السياسي والإداري والديني في متصرفية جبل لبنان، ثم في لبنان الكبير بعد إنشائه في أول أيلول سنة 1920.
4. آل أبو حمزة: كان آل أبو حمزة يقيمون في السمقانية قبل انتقالهم إلى الخريبة في الشوف الحيطي، في أوائل القرن الثامن عشر، إذ من المرجّح أن أول من انتقل منهم هو الشيخ إسماعيل أبو حمزة بدليل أن ضريح والده موجود في السمقانية.
عدّ القس حنانيا المنيّر (1751 – 1823) آل أبو حمزة مع أنسبائهم آل أبو هرموش، من مشايخ الصف الثاني بعد مشايخ الصف الأول من مقاطجيي الدروز، ولكن ليس في تصرفهم مقاطعات ولا رجال مثل مشايخ الصف الأول. وقد أضافوا إلى نفوذهم التقليدي المتأتي من مشخيتهم نفوذاً جديداً متأتياً من المناصب العديدة، ومنها المناصب التي تسلّمها بعض أبنائهم، وأشهرهم منصور في إمارة الجبل 23، ورعى الشيخ إسماعيل أبو حمزة الذي كان شيخ العقّال أو شيخ عقل الموحِّدين الدروز من سنة 1759 إلى سنة 1798 وقد كلّفه في سنة 1763 الشيخ علي جنبلاط والشيخ كليب النكدي بالعمل من أجل إحلال الأمير يوسف الشهابي محل عمه الأميرفي سنة 1792 والإتفاق بين اليزبكيين والجنبلاطيين حسب ما تذكر إحدى الوثائق التي كانت موجودة عند الشيخ سعيد خطار أبو حمزة 24. ومن أشهر رجالات آل أبو حمزة الشيخ الزاهد العابد أبو يوسف أمين المتوفّى سنة 1389هـ (1969م)، وله ضريح في الخريبة هو مزار للتبرّك .

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading