الأحد, نيسان 21, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الأحد, نيسان 21, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

نحو أنوار الأمل والثّقة والمصداقيّة

يجابهُ مجتمعُنا العديد من التحدّيات الكبرى في المستويات الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والبنيويَّة والثقافيَّة وما يتفرَّع عنها، أو ما يُعزى إلى مردِّها في كلِّ حقل.
والتحديات تلك، ما هو منظور مشخَّص منها، وما هو مغفول عنه أو مُهمَل، باتت تتنامى في وتيرةٍ متصاعدة من “تسارُع” ما يحدثُ في الزمن؛ تسارُع تُسهم فيه اندفاعة التطوّرات التقنية ومؤثّراتها الشموليَّة، وشبه “انهيار” العالَم السياسيّ القديم تحت وطأة جموح الدول العظمى في صراعٍ محموم ما فتئ يشحن العالَم برمَّته بكافَّة أشكال التوتُّر في شتَّى الميادين.
ما يهمّنا بشكل خاص هو موقع عالَمنا العربي والإسلاميّ في هذه الصُّورة، وهو موقع يغلبُ على أحوالِه مع الأسف تلقّي الفِعل، والترنُّح الفاجع تحت وطأة الحروب التي تتداخلُ فيها العواملُ المحليَّة والاقليميَّة والدوليَّة بأشكال فائقة الشبهة. وما يهمّنا، بالتالي، موقع لبنان الدقيق وسط العواصف والمؤثرات المختلفة، منها ما هو قائم فعلا، ومنها ما يهدِّده بأخطار داهمة من دون أن تتوقَّف المحاولات الدؤوبة من رجال الحُكم فيه لتجنُّب ما هو أسوأ، في ظلّ جيشٍ يؤدي واجبه الوطني، وشعبٍ يتمسك بما تميَّز به نظامه منذ الاستقلال.
هذا الإطار المضطرب يُملي عليْنا، قيادات ومؤسَّسات قائمة وفعاليات اجتماعيَّة ونُخَباً من مختلف الحقول ونُشطاء في كافَّة المجالات، أن نضفي على حركة النُّهوض في مجتمعنا طابَع الفعالية والابتكار والمبادرة السديدة والمشاركة بالحيويَّة الإيجابيَّة، وبالرّوح الوثّابة نحو الأحْسن، وذلك عبر التحرُّك باتّجاه آفاق جديدة لرؤية أحوال مجتمعنا بواقعيّة علميّة ورؤيويّة. لكن ذلك لا يمكن أن يكون ذا جدوى إلا بتطوير آليّات المقاربات الهادفة إلى إحداث الفعاليّات المثمرة، والنتائج المرجوَّة، والإنجازات المفيدة.
في هذا الإطار العام، يتضمَّن العدد الراهن من “الضحى” ملفّاً عن آفة خطيرة ذات مستويات متعدّدة من وقوع الأذى على الأفراد وعلى بُنية المجتمع في الآن عينه، هي آفة الإدمان بشكل عام، وتعاطي المخدّرات بشكل خاص. وعلينا أن نذهب بعيداً في طرح الأسئلة الجدّية بشكل واسع، بموضوعيَّةٍ وبشعور عميق بالمسؤوليّة، وهي أسئلة تتعلّق بالدوافع والمسبّبات وارتباط ذلك بالعديد من مستويات الاشكاليّات والأزمات الاجتماعيّة مثل البطالة، والمؤثّرات السلبيَّة في سوء استخدام شبكات التواصُل، والتفكُّك العائلي كما يُستدلّ من صعود مؤشّرات حالات الطّلاق في المحاكم، وبالتالي، انحلال روابط النظام التربويّ وما يُنتج عنه من الأخذ بنسبيَّة المفاهيم الأخلاقيَّة، ناهيك عن النزوع إلى مدارك سطحيّة للشؤون الثقافيّة الفكرية في كثير من أوساط الشباب، وما تعلّق منها على وجه الخصوص بمسائل مرتبطة بكيفيّات التعاطي مع “أجندة العالم المعاصر”، في الوقت الذي ترزحُ فيه معظم “الدول المتلقية” تحت وطأة تصاعد الأرقام المخيفة للدَّيْن العام، وما يعكسه ذلك من تأزم في الأوضاع الاقتصادية.
في هذا الزمن الذي تنحط فيه على نحو متسارع إنسانية الانسان، نستنهض المخلصين للمُثُل النبيلة، الغيارى على بقاء القيم الأخلاقية واستمرارها، الى عمل ينقذ هذه الُمثُل من الاضمحلال المتزايد يوماً بعد يوم. إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ.
إعادة تفعيل ” التعليم بالقدوة” هي القاعدة الصحيحة لكل توجّه سليم، في البيت كما في المدرسة او المجتمع. انها مسؤولية الجميع، الدولة والمجتمع المدني (جمعيات وأندية) ووسائل الاعلام والأسرة وكل فرد آخر.
لا نستطيع ان نربّي أولادنا على خُلُقٍ قويم، الّا إذا كنا نمارس عزّة النفس وإبائها. فالطفل الذي يرى اباه يدخّن ويشرب الكحول، ويسمع الكلام البذيء في كل يوم، ويرى الخلاعة على شاشات التلفزة، لن يؤثر فيه بعد ذلك ان تشرح له أضرار ذلك كلّه. لا نستطيع ان نعلّم الناس الصدق ونحن نكذب عليهم، ولا الوفاء ونحن نخونهم، ولا الحشمة والحياء ونساؤنا يتزيّنّ بما اتصل، دونما احتراز، بمفاتن الجسد، ولا شيء غير ذلك.
كذلك، علينا الخروج من “الطابع الاستعراضي” لكثير من النشاطات العامّة نحو التوقّف مليّا أمام الأسئلة الصعبة التي تواجهنا بشكل تحديات يومية. يتطلّب هذا الأمر، وعلى سبيل المثال، عقد مؤتمرات عدّة يتناول كلّ منها جانباً من جوانب أحوالنا، أوّلها في “الأزمات الاجتماعيَّة” الآنفة الذكر، شرط أن تكون الموضوعات مدار بحث ودرس وتحضير وتشخيص عملي واقتراح حلول لها من قبَل أهل الفِكر والاختصاص والخبرة. فالأهميَّة لا تكمن في مجرَّد تنظيم المناسبة وانعقاد جمْعها وحسب، بل في ثمارها وما تحمله من توصيات عملية قابلة للتنفيذ والمتابعة والتحقّق. َ
بهذا وحده تُقدَّم بعضُ الإضاءات للجيل الشاب وأهمّها أنوار الأمل والثقة والمصداقيَّة.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading