زيت الزيتون البكر الممتاز
كيف نحصل عليه وكيف نخزّنه؟
حسب المجلس الدولي لزيت الزيتون، فإن زيت الزيتون البكر الممتاز هو “الزيت الذي نحصل عليه من ثمار زيتون سليمة وبطرق فيزيائية على درجة حرارة حوالي 27 درجة مئوية، ويكون خالياً من عيوب الطعم والرائحة والمذاق ولا تزيد فيه نسبة الأحماض الحرة على 0.8 في المئة ورقم البيروكسيد على عشرين”.
ولكن ما يجب أن نعلمه ايضاً هو أن زيت الزيتون البكر الممتاز يختلف من موقع لآخر، ومن بستان إلى آخر في الموقع نفسه أحياناً. فزيت حاصبيا في جنوب لبنان يختلف عن زيت الكورة في الشمال وهذا يختلف عن زيت الخليل في فلسطين وزيت إدلب أو حلب في سوريا أو زيت أضنة في تركيا أو كريت في اليونان، لذلك تمّ الاتفاق على ذكر اسم المنشأ عند تسويق الزيت وكتابة ذلك بشكل واضح على ملصق العبوة مع ذكر تاريخ وطريقة العصر.
إن العوامل المسببة للإختلاف في نوعية زيت الزيتون البكر الممتاز متعددة ويمكن أن نذكر الأهم منها وهي:
أ- الصنف: فلكل صنف من أصناف الزيتون زيت مميز من ناحية اللزوجة والطعم والرائحة والمذاق.
ب- التربة: تؤثر التربة بشكل كبير على نوعية الزيت، فزيت الأراضي ذات التربة البيضاء يختلف عن زيت الأراضي الرملية الفقيرة بالعناصر الغذائية المختلفة وخاصة النادرة منها كالحديد والزنك والكبريت والكوبالت والمنغنيز وغيرها.
ت- فترة وشدة الإضاءة: كلما اتجهنا نحو خط الإستواء زادت فترة وشدة الاضاءة ( اتجاه الأشعة الشمسية عامودي على الأرض عند الإستواء)، لذلك فثمار الزيتون في فلسطين مثلاً تحصل على كمية أعلى من الأشعة الشمسية من تلك المنتجة في شمال تركيا، كما أن مواجهة المواقع في المنحدرات للأشعة الشمسية تختلف بين موقع وآخر.
ث- الريّ: إن الزيت الناتج عن الزيتون المروي يحتوي على كميات أقل من المواد العطرية ومضادات الأكسدة والعناصر الكيميائية لذلك فهو يعتبر زيتاً خفيفاً غير قابل للتخزين وطعمه حلو مستساغ وغير حار.
ج- التسميد: يؤثر التسميد الكيميائي المكثف وخاصة الآزوتي على نوعية وطعم الزيت بشكل سلبي، بينما التسميد العضوي يحسّن صفات الزيت بشكل عام.
ح- المكافحة الكيميائية: اذا لم يتم التقيّد بشروط المكافحة وفترات الأمان والنسب المستخدمة يؤدي ذلك الى وجود كميات أعلى من الحدود المسموح بها من بقايا أدوية المكافحة في زيت الزيتون مما يؤثر على نوعيته وعلى إمكانية تصديره الى الكثير من الأسواق العالمية.
كيف نحصل على زيت الزيتون البكر الممتاز؟
يمكن تصنيف مستهلكي زيت الزيتون الى ثلاث فئات. فئة الذين يعتبرون زيت الزيتون مادة كمالية في مطبخهم، وفئة الذين يستهلكون زيت الزيتون مع القليل من الأطباق كالتبولة والحمص والفول المتبل، أما الفئة الثالثة فهم الذين يعتبرون زيت الزيتون المادة الدهنية الأساسية في مطبخهم وهم يستهلكونه نيئاً ومطبوخاً وفي القلي، وهذه الفئة هي التي تهتم بطريقة الحصول على الزيت من مصادره الأساسية وبالكميات المطلوبة.
مهما تكلمنا عن طرق معالجة ظاهرة المعاومة (سنة حمل، سنة محل) والحدّ منها، فلا بدّ من القول إن علينا دائماً تأمين حاجتنا من زيت الزيتون البكر الممتاز بكميات كافية لاستهلاكها خلال فترة سنتين. فاذا كنا نستهلك (15-10) كلغ من زيت الزيتون البكر الممتاز في السنة لكل فرد من أفراد العائلة فيجب تأمين (30-20) كلغ لكل فرد من أفراد العائلة في سنة الحمل وتخزينه بالشروط المطلوبة والتي سنذكرها لاحقاً.
إن الحصول على زيت الزيتون البكر الممتاز يمكن أن يتم بطرق عدة ولكن بعضها أفضل من البعض الآخر، وسنرتّب هنا تلك الطرق بالتدريج من الأفضل إلى الأقل ملاءمة.
الطريقة الاولى : أن نقصد بستان الزيتون الذي نثق بتطبيقه لكافة المعاملات الزراعية الجيدة، والذي نحب طعم زيت الزيتون المنتج في نطاقه الجغرافي فنشتري منه كمية الزيتون المطلوبة، والتي تمّ قطفها في اليوم ذاته وتكون سليمة من أي اصابة وننقلها فوراً الى المعصرة التي نكون قد أخذنا موعداً فيها، فنعصر الزيتون ونأخذ الزيت الناتج الى المكان الذي سنخزنه فيه.
الطريقة الثانية: أن نعتمد على أحد المزارعين الموثوقين فنشتري منه كمية الزيت المطلوبة ويمكن ابقاء جزء من الزيت في خزاناته، اذا كانت لديه خزانات من الستانلس ستيل ولم يكن لدينا مكان لحفظ الزيت.
الطريقة الثالثة: أن نقصد إحدى المعاصر المميزة بنظافتها ودقة عملها وثقة أصحابها فنشتري منها كمية الزيت المطلوبة.
شروط أساسية يجب عدم التهاون بها عند الحصول على زيت الزيتون البكر الممتاز وهي:
أ- الحصول على زيت من زيتون تمّ قطافه في بداية موسم النضج، لأن الزيتون الناضج تماماً يعطي زيتاً غير قابل للتخزين لأن كمية مضادات الأكسدة الموجودة فيه تكون قليلة جداً.
ب- أن تكون معدات المعصرة التي تلامس الزيتون والزيت جميعها مصنوعة من الستانلس ستيل.
ج- أن لا تتجاوز درجة حرارة الزيتون والعجينة والزيت الناتج 28-27 درجة مئوية طوال مراحل العصر المختلفة.
د- أن يكون العصر متواصلاً دون أي تأخير لمنع تأكسد الزيت أثناء الطحن والعجن والعصر وحفظ الزيت في الأوعية المناسبة.
هـ- أن تكون المياه المستخدمة أثناء العصر صالحة للشرب وخالية من أي شوائب. وأن تكون كمية المياه المستخدمة محددة تماماً لأن أي زيادة تؤدي الى ضياع المواد المضادة للأكسدة.
و- أن تكون أوعية نقل الزيت نظيفة تماماً ولا تسبب أي تغيير في مواصفات الزيت الناتج.
ز- أن لا يتعرض الزيت أثناء نقله من المعصرة الى المخزن لأي ارتفاع لدرجة الحرارة أو ملامسة أي مواد غريبة.
ح- إذا كانت المعصرة تقليدية فيجب أن لا تترك القفف، أي طَعْم في الزيت الناتج، لأن القفف المتسخة والمتخمرة والمتعفنة تترك آثاراً سيئة جداً على الزيت الناتج وتجعله زيتاً لا يحمل صفة البكر الممتاز ولو كانت كافة الشروط الأخرى متوفّرة.
أما بالنسبة للتخزين فيجب مراعاة ما يلي:
أ- تخزن الكميات الكبيرة في أوعية مصنوعة من الستانلس ستيل مجهزة بفتحة سفلية للتخلص دائماً من المواد المترسبة في قاع وعاء التحزين، وبغطاء متحرك ينخفض مع انخفاض كمية الزيت في الوعاء وذلك لمنع الأكسدة السطحية.
ب- تخزن الكميات الصغيرة للإستهلاك المنزلي في أوعية زجاجية سميكة متوفرة في الأسواق ورخيصة الثمن سعة أربعة لترات، على أن توضع في مكان معتم و بارد، فيتم استهلاكها تدريجياً ويتم تنظيف كل وعاء بعد استهلاك زيته، استعداداً لاستقبال الزيت الجديد في الموسم المقبل.
ت- عند نقل الزيت من المعصرة الى البيت يترك في مكان بارد دون أي تحريك لمدة خمسة عشر يوماً كي يترسب ما تبقى من مياه ومواد صلبة (عكر) في قاع أوعية النقل، ثم يتم نقل الزيت بهدوء دون تحريك إلى أوعية التخزين الزجاجية فتُملأ تلك الأوعية حتى الفوهة وتغلق بإحكام.
ث- الشقق السكنية في المدن غير ملائمة لتخزين الزيت الا إذا كانت مبرّدة بإستمرار والمكان الأفضل للتخزين هو الأقبية في المناطق الجبلية، وخاصة تلك الموجودة تحت سطح الأرض، حيث لا ترتفع درجة الحرارة الى أكثر من 20 درجة مئوية حتى في أيام الصيف الحارة. و في المعاصر يجب أن تكون خزانات الزيت في مكان منفصل عن المعصرة والأفضل أن تكون في طابق سفلي تحت سطح الأرض نظيف وجيد التهوئة.
ج- اذا كنا قد حصلنا على الزيت على دفعتين أو أكثر فنقوم بتخزين زيت أول الموسم ويكون آخر زيت نستهلكه. أما زيت نهاية الموسم فنبدأ بإستهلاكه مباشرة.
إن زيت الزيتون البكر الممتاز هو عصير طبيعي طازج يحتوي على مضادات الأكسدة والفيتامينات التي يجب أن نحافظ عليها، كما يحتوي على الأنزيمات المساعدة على الأكسدة وتحرر الأحماض الدهنية اذا توافرت الشروط المناسبة كإرتفاع درجة الحرارة والضوء ووجود البقايا الصلبة والمياه في الزيت واتصال سطح الزيت بالهواء الحر، كما أن تخزين الزيت في أوعية بلاستيكية غير مخصصة للتخزين وفي صفائح معدنية (حديد) يؤدي الى تفاعل الزيت مع هذه الأسطح ودخول مواد اليه تفسده وتغيّر طعمه ويمكن أن تجعله ساماً ومسرطناً.
إن كشف عيوب الزيت وغشه عن طريق التذوق هو عملية تحتاج الى خبرة أشخاص موهوبين ومدربين وخبراء في هذا المجال فلا يمكن الركون لذوقنا نحن وخبرتنا المحدودة، لذلك يجب اتّباع الخطوات التي ذكرناها للحصول على هذه المادة الحية التي هي أساس مطبخنا الصحي وأول دواء في صيدليتنا المنزلية.
المهندس أديب غنّام