سعيد أبو الحُسْن
حياة مليئة بالحيوية الفكرية والفاعلية الاجتماعية
رجل معروفي أصيل، عروبي النزعة لعب دوراً مؤسساً في تنمية الوعي الوطني الأصيل بعروبة مستنيرة
هو ذاكرةٌ نابضةٌ بما يختزنه بنو معروف من كَمٍّ متراكم من النّضالات يتوارثه الأبناء عن الآباء جيلاً بعد جيل، ويورّثونه لمن يليهم. يعبّر الكاتب عن ذلك في كتابه الذي عرض فيه لمواقف من سيرة حياته التي تحتاج إلى أكثر من مجلّد فيما لو أريد توثيقها بتفاصيلها؛ لغناها بالمضامين المؤشّرة على شخصيّة وافرة الثراء من الجانب الفرديّ والاجتماعيّ والسياسيّ. فهو منذ طفولته الباكرة عينٌ ساهرة ترصد ما حولها من وقائع وأحداث تأثّر بها، وأثّر فيها فيما بعد مع تقدمه عبر مراحل العمر. يقول في ص 8 من كتابه نيران على القمم: “أوَّل مشهد وعيته منذ ولادتي ولم يفارق ذاكرتي أبدًا هو مشهد عدد من البغال الدّهماء المزيّنة صدورها وأعناقها بعقود جِلديّة مزيّنة بالوَدَع الأبيض، في حوش دارنا، فكأنّما ارتبطت حياتي بالكوارث منذ بدايتها. سألت والدي عن تلك البغال فأفهمني بلغة يدركها الأطفال أنّها لأقارب لنا من أسرتنا في لبنان، وأنّهم قادمون لنقل القمح من بلادنا إلى بلادهم لحدوث مجاعة كبرى بسبب الحرب العالميّة الأولى وانقطاع الواردات من الخارج ومصادرة السلطة العثمانية الحاكمة آنذاك جميع المحاصيل لحساب جيشها، ولولا بسالة أهل بلادنا ــ جبل حوران ــ لما بقي في البلاد حبّة من القمح لنا أو لسوانا. وكان بعض الأقارب من لبنان يُقْدِمون للإقامة بيننا طوال مدّة مجاعة الحرب ومن هذا المشهد الأوّلي الذي تفتّح عليه وعيي، انطلقتُ أحدّد مكاني من الدّنيا: إذا كان هؤلاء هم أقاربي من لبنان فنحن إذن من أصل لبنانيّ ــ من المتن بالتّحديد ــ ووجودنا في جبل حوران بالذّات وجود طارئ نسبيّاً، وهذ الوجود تفسّره هذه الهجرة الجزئيّة التي شهدتها بذاتي: فنحن إذن ــ بوجودنا كلّه ــ نتائج كوارث قديمة: حروب ضدّ الدول الغازية، أو حروب أهليّة، أو معارك قَبَلية”.
ولادته ودراسته وتميّزه
وُلِد سعيد أبو الحسن في 12/11عام 1912 في قرية عرمان، وفيها درس المرحلة الابتدائية في كُتّاب القرية، في عام 1929 نال منحة دراسيّة لتفوّقه أهّلَته للدّراسة في كلّية القدّيس يوسف في بيروت، وفي عام 1937 جرى تعيينه في مديريّة المعارف (أي التّربية اليوم) في السويداء حتّى بداية عام 1940، عمل بعدها مساعدًا عدليًّا مُترجمًا لتضلّعه باللّغة الفرنسيّة حتّى أوّل عام 1943، وخلال عمله الوظيفي ثابر على دراسة الحقوق، وحصل بنتيجة ذلك عام 1942على إجازة من معهد الحقوق الفرنسيّ في بيروت. عام 1948عُيّنَ معاوناً للنائب العام في مدينة القامشلي، ليستقيل من الوظيفة الحكومية في العام التالي 1949 ويعمل بعدها في مهنة المحاماة في المدينة ذاتها حتى عام 1960 إذ انتقل إلى دمشق ليتسلّم وظيفة معاون وزير الأشغال العامّة والثّروة المائيّة فيها منذ العام 1961 وبقي في وظيفته تلك إلى أن أحيل إلى التقاعد عام 1980.
أثناء وجوده في القامشلي عام 1948 واطلاقاً من ميوله الثّقافيّة أصدر مجلّة نصف شهريّة أسماها “الخابور” تيمّناً بنهر الخابور العريق الذي يعبر المدينة، وفيما بعد أسماها “المواكب” تيمنًّا بجبران الذي كان يحبّه.
لقد حدّدت رسالتي في الحياة، سأناضل من أجل تحرير بلادي ووحدة أمّتي، وأشرف غاية هي الاستشهاد إذا اقتضى الأمر
سمات شخصيّة ورساليّة مميّزة
تميّز سعيد أبو الحسن بعفّة لسان وبتهذيب عالٍ قلّ نظيره، وبنقده الجاد لتقاليد مجتمع غلب عليه التخلّف، ولكنّه لم يعتبر التخلّف قَدراً لا فكاك منه؛ لأنّه كان يرى أنّ تَسَلُّح الأجيال بالعلم والثّقافة والمعرفة سبيل لقهر التخلّف، وكان يجد غرابة عندما يرى أنّ بعض من يعرفهم يقرأون ولا يكتبون، لأنّ القراءة عنده نوع من الفعل النّقدي (1).
التّعليم في عصره
يوثّق لنا نمط التعليم إبّان الاحتلال الفرنسي فيقول: “جاءنا أستاذ يرتدي اللّباس الأوروبي، ويدرّسنا العربيّة والفرنسيّة وعلى الأصحّ يدرّسنا كلّ شيء بالفرنسيّة، واللّغة العربيّة تُدرّس كلغة فقط، أمّا العلوم فكلّها بالفرنسيّة.. والحديث كلّه بالفرنسيّة. كان يتدرّج من الإلزاميّة المُتساهلة حتى الإلزاميّة المؤيَّدة بالعقوبة، كانت هناك إشارة Signal وهي كناية عن قطعة خشب بحجم حجر الدّومينو تُعطى للتلميذ الذي يلفظ كلمة ما باللّغة العربيّة بدلاً من الفرنسيّة، وبهذا يصبح هَمُّه أن يتخلّص منها فيبحث عن مخالف آخر ليعطيه إيّاها، وهكذا يعاقب المخالفون في اليوم التالي(2) من قبل المعلّم المرتبط بالاستخبارات الفرنسية والمكلّف بفَرْنَسَة تلاميذه”.
عندما انتقل ليدرس في بيروت يقول: ” كانت الثانويّة اليسوعيّة تتبع تقليداً عظيماً وهو إعطاء طُلاّب الصفّ المُنتهي فترة أسبوع خلوة للاعتكاف والتّفكير في المستقبل، وَوَضْعِ شبه خطّة للحياة، وتحديد الأهداف والطّرق المؤدّية إلى تحقيقها…
لقد حدّدت موقفي ذِهنيًّا، حدّدت رسالتي في الحياة، سأناضل من أجل تحرير بلادي ووحدة أمّتي، وأَشْرَف غاية هي الاستشهاد إذا اقتضى الأمر من أجل الوطن والأمّة”.
تراث كفاحي في الأسرة؛
قتال ضدّ العثمانيّين والفرنسيّين
كانت البيئة التي نَشَّأتْ سعيد أبو الحسن بيئة مشحونة بالهمّ الوطني النّضالي، فعرمان؛ قريته، إحدى أهم حواضر الجبل في مواجهة الاستبداد العثمانيّ والاستعمار الفرنسيّ، ووالده محمّد أبو الحسن كان أحد وجهائها، وهو واحد من أربعمئة رجل من مقاتليّ بني معروف نفاهم العثمانيّون بُعَيْد الهزيمة المدويّة التي ألحقها أهالي قريتهم وقرى المقرن القبلي والشرقي بحملة عثمانيّة انتقاميّة ضدّ الدروز، ممّا تسبب برد فعل عثماني حاقد وبحملة انتقام ثانية قادها الجنرال ممدوح باشا. كان النّفي إلى طرابلس الغرب من نصيب والده الذي كان نَصيراً للتّغيير الاجتماعيّ أيضاً، فهو إلى جانب موقفه التحرّري من المحتلّ العثمانيّ كانت لديه نوازع ثورة على واقع مجتمعه الإقطاعيّ لا تقف عند حدود اقتسام الأرض وتملّكها، بل تتعدّاها إلى محاولة تغيير ذلك الواقع والسّعي إلى ما هو أفضل: فهو لا يقبل بالعادات قبولاً أعمى، بل يناقش صَلاحَها وهذا ما أدّى إلى الإكثار من خصومه ومُنتقديه حتى من بين أقاربه.
صُوَر من ذاكرة الطّفل عام 1925؛ تحدّي أهل عرمان للطّيران الحربي الفرنسيّ
الطّفل سعيد؛ ابن الثلاثة عشر عاماً شاهد صادق على عصره، يقول: “كان يومها سلطان باشا ورفاقه ضيوفاً في “عرمان”، وكانت تلك الزيارة حربية تعبويّة للهجوم على صلخد وتحريرها والزّحف إلى السّويداء.. يومها ضجّت سماء القرية بطائرتين حربيّتين فرنسيّتين قَدِمَتا لِرَصد تحرّكات سلطان ورفاقه، قفز كلّ رجل مسلّح إلى سطح منزله وبدأ إطلاق النّار على الطائرتين وكان والدي من أسرع القافزين إلى السّطح وأنا معه، أخذ يطلق الرّصاص وأنا أجمع الفَشَك (الخرطوش) الفارغ.. وفي لحظة قال لي بعد إحدى الطّلقات: لقد أصيبت الطّائرة. كان قد خرج دُخان من بيت النّار منها؛ رأيته بأمّ عينيّ..”.
من هو الثائر المجهول الذي أصاب الطّائرة؟! من يدري؟! قد يكون والدي الذي رأى الإصابة لحظة حدوثها.. وقد يكون غيره من أبناء القرية الذين كانوا عدّة مئات فوق سطوحهم وكلّ رجالنا رُماة مَهَرَة، المُهمّ أنّ الطائرة أصيبت.. وسقطت في قرية “امتان” المجاورة وأُسِرَ طيّاراها الاثنان. كان ذلك يوم 19 تموز 1925″.
الطالب سعيد: مواجهة مع
الأمن الفرنسيّ
لَعلّه كان أوّل من انتبه إلى أهمية العمل التطوّعي التّعاونيّ في تحسين واقع الناس، يقول: “عدت في تموز 1935 لقضاء العطلة الصّيفية في قريتي عرمان. وصلت إلى القرية واستدعيت أوعى شابّين فيها، بحثت معهما واقع بلادنا وضرورة العمل على تغييرة، فعلينا أن نعمل انطلاقاً من قريتنا ونتوسّع شيئاً فشيئاً. قرّرنا تأسيس جمعيّة سرّيّة سمّيناها “جمعيّة الأمل” واتّفقنا على إبقاء الجمعيّة سرّيّة، وأن يكون عملنا الأوّل تمثيل رواية اجتماعيّة.
صارت حفلتنا حديث الناس في القضاء كُلِّه وخارجه. بعد بضعة أيّام جاءني رجلٌ مسرعاً يقول: “المستشار الفرنسي يريدك..”، ذهبت في الموعد إلى صلخد، وبدأ الحوار الهجوميّ على النّحو التالي: “أبَلَغَتْ بك الجرأة أن تدعو إلى حفلة تقوم بها جمعيّة سرّيّة غايتها توعية الناس وتحريضهم ضدّ فرنسا؟
– لم يكن هذا قصدي.
– لا.. لا تحاول
أن تُنْكر فأمامي نظام جمعيّتك كلّه. كان الإنكار هو الوسيلة المثلى للدفاع. قلت: “كل ما في الأمر أنّ الجمعيّة ترمي إلى تحسين أوضاع القرية من جميع الوجوه، وهذا ما تقولونه أنتم أنفسكم حين تبنون المدارس، وتَشقّون الطّرق وتجرّون المياه.
– نحن نفعل وحدَنا ما نراه مناسباً.
– ولكنّني أعرف الكثير عن مبادئ ثورتكم (يقصد مبادئ الثورة الفرنسية) وليس فيها ما يُقِرُّ الذي تقوله لي الآن.
– هذا ما تقرأه في كتبنا، ولكنّ الكتب كُتِبَت لتطبّق في فرنسا لا خارجها، ثمّ أريد أن أسألك: “لماذا يتّصل بنا رفاقك ولا تتصل بنا أنت!”.
أنا مشغول بتدبير عائلتي قبل أن أعود إلى المدرسة، نهاري في البيت والبيدر، وليلي في الكَرْم، ولست أبحث عن زعامة في عرمان حتى تكون لي اتّصالات بالمسؤولين السياسيين، أي بكم أنتم..
– متى ستعود إلى المدرسة؟
– في أوائل تشرين الأوّل.
– حسناً… ستبقى في القرية حتى يوم سفرك. لن تغادر القرية إلى أي مكان ومهما تكن الأسباب، هل هذا مفهوم؟
– مفهوم طبعاً، إقامة جبريّة داخل القرية حتى نهاية العطلة الصّيفيّة.
– أراك فهمت جيّداً. انصرف الآن واعلم أنّنا نرى كُلّ شيء ونعرف كلّ شيء.
خرجت من مكتب المستشار رأساً إلى عرمان، وكانت حصيلة التّجربة الأولى في حقل العمل العام، هي أنّ اختيار الأشخاص يجب أن يتمّ بعناية أكبر، والكفّ عن الحفلات العامّة، والاكتفاء بالعمل السرّي، وأنّ القاعدة في النضال السّياسي السّلبي هي: التدرّج في نشر المعلومات.
شاب ورجل مجتمع
كان سعيد أبو الحسن واسع الاهتمامات والتّأثير في البيئة التي يتواجد فيها، فهو قُطب ثقافيّ وسياسيّ كبير في همّه القوميّ النّهضويّ، وبهذا فقد كان له دور رِياديّ فعّال في أحداث الجبل الاجتماعيّة والثقافيّة والوطنيّة والسياسيّة، إذ كان في طليعة شباب الجبل العاملين في سبيل وحدة الوطن السّوريّ آنذاك، ورفض فكرة الدّويلات الطائفيّة التي سعى بها الاحتلال الفرنسيّ، ومن هنا كان تأسيسه عام 1942 فرعاً لِعُصبة العمل القوميّ في السّويداء بلغ عدد أعضائه ثلاثة آلاف شاب وكان من أهدافها إقامة دولة عربيّة من المحيط الأطلسيّ إلى الخليج العربي، وقد ساهمت العصبة بنشاط بارز إلى جانب القادة الذين نفّذوا عمليّة انقلاب الجبل الناجحة والأولى في سورية على الإدارة الفرنسيّة عام 1945.
كما كان من مُشجّعي التّعليم العصريّ وتعليم المرأة والعمل كسبيل لنهضة المجتمع، وانطلاقاً من نزوعه الثّوريّ إلى التّغيير في مجتمع تسيطر فيه العلاقات الاقطاعيّة واحتكار مقاعد التّمثيل النّيابي فقد شارك في توسيع نشاطات هيئة الشّعب الوطنيّة في الجبل منذ العام 1943، عام نضوج وعيه السياسي، وتحديد توجّهاته الفكرية يقول ” عام 1943 وضعت مُسَوّدة كتيّب بعنوان (ما بعد الحرب) وحتى عام 1946 عام تحوّلها (أي هيئة الشعب) إلى مسمًّى جديد هو “الحركة الشّعبيّة”، ضمّنته أفكاري الاشتراكيّة، وقلت: إنّ حلّ جميع مشاكل العالم بعد الحرب سيكون بالنّظام الاشتراكيّ، وحدّدت موقفي من الاشتراكيّة على أساس قوميّ، بعيداً عن الأمميّة التي كانت الشّيوعيّة متمسّكة بها كثيراً في تلك الأيّام ــ وقد أرسلت مُسوّدة الكتاب إلى الشيخ فؤاد حبيش (في لبنان) لعلّه ينشره في منشورات “دار المكشوف” فأجابني: إنّ مثل هذه الأفكار سابقة لأوانها وربّما تُسبّب لي بعض الإزعاجات ــ وأعاده إليّ”.
قيادي ناشط في الانقلاب على الفرنسيين وتحرير الجبل في 29 أيّار 1945
عمل الشاب الثّوري سعيد أبو الحسن وتنظيمه عصبة العمل القومي إلى جانب الأمير حسن الأطرش محافظ السويداء الذي قاد الانقلاب على الفرنسيين حينذاك، ففي حفل استقبال أقامه الأمير المحافظ جرى بينه وبين المسؤول الفرنسيّ في المحافظة (سارازان)، حوار دلّ على مدى وعي الشاب أبو الحسن وحنكته السياسيّة. يقول “كنّا أربعة أو خمسة من الأصحاب نتحدّث وقوفاً بالقرب من أحد الأعمدة، وإذا بـسارازان يتقدّم من حلقتنا ويُحيّينا ثمّ يوجّه إليّ فجأة من دون مقدّمات السؤال التّالي: “ما رأيك في كيفيّة إنهاء الوضع في البلاد بمعاهدة أو بلا معاهدة؟ فأجبته جوابًا حاسمًا مقتضبًا: بلا معاهدة.
– ولماذا؟
– لأنّ عَهْدَنا بنقضكم العهد ليس ببعيد، فمعاهدة عام 1936 تمّت لمصلحة فرنسا ومع هذا فقد نَكَلتم بها، وألغيتم تواقيعكم، فكيف يكون الأمر لو كانت المعاهدة بكلّيتها لمصلحتنا؟ إنّ قبولنا بالمعاهدة بعد التجربة الأولى يعني أنّنا أغبياء لا أكثر ولا أقلّ وأنّنا لا نفيد من التجارب، وأنت تعرّف ولا شكّ ما أعنيه بقولنا “لا يُلدّغ المؤمن من جُحْر مرّتّين”.
– ولكنّ الكثيرين من شعبكم يقولون غير ما تقول، يقولون بضرورة عقد معاهدة مع فرنسا والإبقاء على نوع من الوجود الفرنسيّ في بلادكم لمصلحة هذه البلاد بالذّات.
– من هم هؤلاء الكثيرون من شعبنا؟
– كثيرون كتبوا بهذا الموضوع…
– أنت تدري أنّهم من عملاء مخابراتكم، واحتدم النّقاش حتى لَفَت انتباه الآخرين فانضمّ إلى الحلقة عدد من الضبّاط وغيرهم من المدعوّين وكان المحافظ صاحب الدّعوة قد انضمّ إلينا وسمع آخر ما قلناه.
فوجّه سارازان الحديث إليه وسأله: ما رأي سيادتكم في الموضوع؟
فأجابه المحافظ بلا تردّد: أنا من رأي فلان ــ أي من رأيي ــ فيجب أن ينتهي الوضع حسب وعودكم من دون معاهدة، ولا امتيازات. امتعض سارازان وبلعها وغيّر موضوع الحديث.
ويعقّب الشاب المتحمّس سعيد “كان موقف المحافظ مفاجأة سارّة لي وضعتها في كفّة التّعاون الممكن معه في مقبلات الأيّام”.
نبوءة الشاب الجذري القادم من الرّيف، واحتكاكه بزعامات دمشق التقليديّة!!
ينقل إلينا سعيد أبو الحسن الخريطة السياسيّة للعاصمة دمشق عام 1946حيث كانت الكتلة الوطنيّة آنذاك تواجه أحزاباً معارضة لها أقدمت على تشكيل تجمّع باسم “اتّحاد الأحرار”، كان ذلك الاتّحاد يضمّ عصبة العمل القوميّ، ممثّلاً بفهمي المحائري وجماعة الأحرار ويرأسهم منير العجلاني والدكتور سامي كبّارة والدكتور صبري القبّاني، وكان الدكتور سامي كبّارة ذا قلم أمضى من السّيف في جريدته (النّضال)، وإلى جانبه عدد من كبار المستقلّين أمثال الأستاذ رئيس مجلس الشورى سابقًا سعيد حيدر والأستاذ نبيه الغزّي المحامي الذي سيصبح قاضيا ثمّ رئيساً لمجلس الدولة فيما بعد والأستاذ سعيد محاسن محام ووزير سابق والأستاذ نزهة المملوك والأمير جعفر الحسني الجزائري رئيس المجمع العلمي العربي فيما بعد والأستاذ علي بوظو من شباب حزب الشعب والأستاذ زكي الخطيب وزير العدل السابق وكان يتعاون مع هذا التجمّع حركة البعث الاشتراكي والحزب العربي الاشتراكي.
كان تجمّع الأحرار هذا قد اتّخذ لنفسه مكتباً في شارع العابد حيث كانت أوّل مناسبة لظهوره يوم الثامن من آذار عام 1946 يوم ذكرى إعلان استقلال سورية (بحدودها الطّبيعية: بلاد الشام) كما أقرّها المؤتمر السوري عام 1919، وقد ألقى الأستاذ فهمي المحائري خطاباً عنيفاً هاجم فيه الحكم على كلّ مستوياته، وأُلْقِيَتْ خُطب عديدة منها خطبة الشاب سعيد أبو الحسن، الذي كانت تغلب على خطبته المسائل الراهنة، ولكونه وجهاً جديداً في ذلك الوسط الدمشقي التقليدي، فقد أثار رَيْبة ما؛ في مجتمع سكوني يسوده قادة تقليديون ينتمون إلى فئة مُلّاك الأراضي والبورجوازية التجارية العائدة إلى العهد العثمانيّ والاحتلال الفرنسيّ، يقول أبو الحسن: “.. سمعت بعض القوم يتهامسون: تُرى هل سيخلقون لنا زعامات جديدة؟”.
مثل هذا الموقف النّكوصيّ من أولئك القوم الدّمشقيّين الذين يشير إليهم أبو الحسن أثار في نفسه المرارة، وهو الشاب العروبيّ الذي يتجاوز بوعيه العُلَبَ المذهبيّة والطائفية ونزعة المدينة المنغلقة على نفسها وعلى زعاماتها؛ تلك النّزعة الموروثة من العهد العثمانيّ القروسطيّ.
يقول مشخّصاً الأمر الواقع حينها، ومتنبّئاً بما سيكون عليه المستقبل “إذن هذا كل ما يهمّ هؤلاء الناس: زعاماتهم!، وهذه الزّعامات يجب أن تكون دمشقيّة معروفة، وإلّا فهي مرفوضة مبدئيّاً؛ ويومها أدركتُ الأسرار كلَّها: أدركت لماذا يتحدّث المؤرّخون عن (معركة) ميسلون ولا يتحدّثون عن (معركة) المزرعة، أدركت لماذا يُعَتّمون على معاركنا الرّائعة خلال العهدين العثمانيّ والفرنسيّ ويبرزون أقلّ تظاهرة تجري في دمشق ولو اشترك فيها عَشَرة من الصّبية، إنّها عصبيّة إقليميّة، عمياء مُغرضة هي مرضُنا نحن العرب، وهي التي ستكون سبب كلّ هزائمنا الداخليّة والخارجيّة”.
في حقل عمله الوظيفي بعد عمله في القامشلي عام 1948 في القضاء ومن ثم في المحاماة عام 1949 حتى عام 1960 انتقل إلى دمشق ليتسلّم وظيفة معاون وزير الأشغال العامّة والثّروة المائيّة في دمشق منذ العام 1961 وبقي فيها إلى أن أحيل إلى التقاعد عام 1980.
لقاؤه مع علي ناصر الدين
وحسين أبو شاهين
عام 1947كان استحقاق انتخابات؛ سياسيًّا كان سعيد أبو الحسن منظِّماً حزبيّاً وسياسيّاً وقائداً سابقاً عصرَه في ميدان النّشاط الاجتماعيّ، فهو من الجيل التّابع لجيل الثّوار الآباء، وكان قد تعرّف في لبنان بحكم دراسته في الجامعة اليسوعيّة وبحكم أصوله اللبنانيّة المتنيّة على علي ناصر الدّين وزميله في النّضال حسين أبو شاهين عام 1934، وعليٌّ هذا هو مؤسّس عُصبة العمل القومي ذات التوجّهات العروبيّة والوحدويّة، وقد تأثّر سعيد بأفكاره. يقول “كان لهذه الزّيارة أثرها البعيد في نفسي مدى عمري كلّه. لقد وجدت هناك صورة حيّة لما أفكّر وما أريد، وتزوّدت بالقوّة والوعي بمشاكل الأمّة العربيّة، وفي طليعتها مشكلة التّجزئة وأمراض الطّائفيّة والإقطاع والعمالة والجهل والمرض والفقر والتخلّف بكل مظاهره، وحدّدت هُويّتي الوطنيّة، وعقيدتي القومية، ومنذ ذلك التّاريخ صرت أعمل كأنّي فرد من العصبة”.
على هذا أسّس سعيد أبو الحسن العصبة في الجبل عام 1942 بدأ بأفراد قلائل، تكاثروا فيما بعد، يقول: “وقد سبق أن قلنا إنّ العُصبة ضُربت وشُتّت قادتها واستتر أعضاؤها. فكيف السّبيل إلى إعادة الحياة إليها؟ نحن من الوجهة القوميّة لم يكن لدينا أيّ فرق بين ارتباطنا بالعصبة في لبنان، وارتباطنا بالعصبة في دمشق أو في أيّ قطر عربيّ آخر، ذلك بأنّنا وحدويّون تساوت في نظرنا وأعماقنا جميع أجزاء وطننا الواحد، فَذَرّة الرّمل في حضرموت، والحجر الكلسيّ على شواطئ المتوسط والشاطئ المقابل لأوروبا على المحيط الأطلسيّ، كلّها في عقيدتنا مُتساوية وتستحقّ أن نناضل من أجل تحريرها، وأن نموت من أجل وحدتها وسيادتها”.
لقد كانت شخصيّته القياديّة الآسرة عنصراً مؤثّرًا في توسّع المنظّمة، من حيث النّوع قبل الكم، فلم يأتِ آخر عام 1944 حتى كان قد انتسب إلى العصبة نُخبة طليعية من الجبل، بلغ عددهم ما ينوف عن الثلاثة آلاف عضو من المعلّمين والطلّاب والموظّفين وصغار الملّاكين ــ وهم أبناء وأحفاد فلاحي الثّورة العامة في العقد التاسع من القرن التاسع عشر ويمكن القول: إنّه لم يبرز شخص من محافظة جبل العرب من الأربعينيّات إلى الستينيّات إلّا وكانت له صلة قديمة بالعصبة، أو تخلّق بأخلاقها وترعرع في جوّها.
نزوع للتغيير الاجتماعي
لم يكتفِ سعيد أبو الحسن فقط بالعمل ضدّ المحتلّ، يقول: “كانت تختمر في ذهني أفكار بعيدة عن الاهتمامات المباشرة لرجال المعارضة، كان يجب أن نبدأ الثّورة الاجتماعيّة في الجبل، فما عاد يجوز القبول بالوضع العشائري العائلي الإقطاعيّ القائم، كان الحكم أضحوكة، مَهزلة، فالقانون لا يُطبّق على أحد من الزّعماء، ويُطبّق على أبناء الشّعب العاديّين… كلُّ شيء سيّئ، كلّ شيء يحتاج إلى تغيير أو إصلاح؛ هذه كانت قناعة الجميع، ولكن من يبدأ؟ وكيف؟ ومتى؟ ومن أين؟ كل هذه العيون كانت تتطلّع إلينا وتنتظر أن تستأنف هيئة الشّعب الوطنيّة نشاطها وتبدأ معركتها: ولكن على أساس أن نكون نحن الطّليعة ونحن العمود الفقريّ لها”.
وهكذا فقد كان الرّجل واحداً من أبرز مُحَرّكي الأحداث في جيلهِ بالاستناد إلى التّنظيم المُتماسك ــ عصبة العمل القوميّ ــ الذي يقوده، ويذكر رفاقاً كانوا إلى جانبه في قيادة العصبة أبرزهم جادالله عزّ الدّين واسمه الحركي(أنت) وذوقان قرقوط (أنا) وهو، أي سعيد، واسمه الحركي (هو)، وقد لعب رفيقاه هذان أدواراً بارزة في حياة الجبل الاجتماعيّة فيما بعد.
كانت الانتخابات البرلمانيّة مقبلة في صيف عام 1947، والنّاس في شبه تربص وترقّب، يقول: “أصدرت بياناً، حدّدت فيه المشاكل الاجتماعيّة التي يعاني منها مجتمعنا وكيفية حلّها، وركّزت على ضرورة تحلّي المناضلين بأخلاقيّة مُتميّزة صارمة وختمته بهذه الفقرة: “أيّها الإخوان هذا هو برنامجكم فاحرصوا على تنفيذه وليعلم كلّ واحد منكم أنّه مسؤول عن تنفيذ هذا البرنامج كلّه فإذا سكت أحدكم على ضيم، وصبر على ظلم ورأى اعوجاجاً ولم يفضحه، ورأى خيانة ولم يحاربها ورأى دسيسة تُحاك ضدّ الأمّة والوطن ولم يقاومها، فليعلم أنّه خان رسالته ومبادئه وواجبه القومي المقدّس”. وفي هذا نفهم منه أن الروح الحزبية في زمنه كانت نقيّة لم تُسْتَلحَق بسلطةٍ بعد.
وممّا يدلّ على ا لمنهج الاجتماعيّ الجادّ للرّجل؛ تصريحاته المتناثرة في بيانات عصبة العمل القومي وأقواله: “سنحارب كلّ اعوجاج نراه، وسنقاوم كلّ إجحاف نصادفه وسندافع عن كلّ حق هَضيم وعن كل مشروع نافع”.
وممّا كان يؤلمه بعد تَحقُّق الاستقلال، غياب الإنصاف بين المواطنين، يقول: يالَضياع الدّماء والأرواح إذ كان يسيطر يوم عيد الجلاء رجال كانوا مع الأجنبيّ قبل (ميسلون) وقبل (المزرعة) وقبل (أيار 1945) ثم شاءت سياسة التّرضية، سياسة الوصوليّة والمحافظة على الكراسيّ، السياسة الرّأسماليّة الاستثماريّة شاءت أن يبقى هؤلاء في مراتبهم وأن تتّسع صلاحيّاتهم وأن يتصرّفوا في شؤون الوطن العامّة فسيطروا على مصالح الأفراد والجماعات..”.
الدّعوة إلى سياسة صائبة
ولأنّ شخصيّة الرّجل شخصيّة قياديّة ذات هم اجتماعيّ يقول” علّمتنا التجارب أنّه علينا أن نتدخّل في كلّ شأن من شؤون الجبل، لأنّ موقف الحياد من مشاكل الحياة يجعلنا على هامش الحياة، ولأنّ عدم الاهتمام بشؤون الحياة جهل مطبق بأمور الحياة كلّها، لأنّ السياسة تسيطر على كلّ شيء في هذا العصر فلا علم ولا عمل، ولا خبز ولا تقدّم ولا نظام، ولا أمن إذا لم تكن هناك سياسة صالحة موجّهة؛ دلّوني على عمل يمكن أن يقوم به الإنسان بدون أن يصطدم بمشكلة سياسيّة، بمشكلة قانونيّة لها صلة متينة بالسّياسة نفسها؟”.
انطلاقًا من هذا الوعي الاجتماعيّ والسياسيّ العميق لسعيد أبو الحسن نما جمهوره في عصبة العمل القوميّ التي يقودها وتعاظم الدّور السياسيّ الذي اضطلعت به، إلى أن وصل الأمر إلى مواجهة اجتماعيّة دامية في الجبل بين أنصار القديم وأنصار التّجديد ــ على حد تعبير الأستاذ عارف النّكدي محافظ الجبل آنذاك ــ على أثر انتخابات نيابيّة جرى تزويرها عام 1947، وقد نصحه حينها بالابتعاد قليلاً عن الجبل، وعلى هذا الأساس تمّ تعيينه معاون نائب عام في القامشلي في أقصى الشمال السّوري عام 1948.
مواقف يساندها
سلطان باشا الأطرش:
كان الاستقلال قد تَحقّق ولكنّ الآمال لم تتحقّق ممّا دعا الأستاذ فهمي المحائري رئيس العصبة في دمشق إلى انتقاد السّلطة بشخص رئيس الجمهوريّة (شكري القوّتلي) آنذاك، فأحيل إلى المحكمة وعندها تظاهر المحامون، وتطوّع للدّفاع عنه نحو خمسة وثمانين محامياً، ورفضت الحكومة إخلاء سبيله بكفالة فكان لابدّ من الضّغط الشّعبي، عندها أعدّ سعيد برقية شديدة اللّهجة تضمّنت دفاعاً عن حرّية المواطنين وعبارة “يجب إخلاء سبيل فهمي المحائري” وقام جميل كوكاش بحمل البرقيّة إلى سلطان باشا فوقّعها متضامناً، وطُيِّرَت البرقية إلى دمشق وبعد 24 ساعة من وصولها إلى رئيس الجمهوريّة؛ أُخْلِي سبيل الأستاذ المحائري.
إسقاط المرسوم 50
كان سعد الله الجابري أيّام أصبح رئيساً لوزراء سوريّة قد أصدر المرسوم 50 الذي يصادر الحُرِّيّات ويجعل من حليفه صبري العسلي نوعاً من دكتاتور، كانت الغاية من ذلك السّيطرة على نتائج الانتخابات القادمة، وعلى الأثر تنبّه الوطنيّون في دمشق لنوايا الجابري والعسلي، فَقَدِم كلٌّ من الأستاذين سعيد حيدر ونزهة المملوك إلى سعيد أبو الحسن في السويداء بصفته شخصيّة وطنيّة، ورئيس فرع عصبة العمل القومي في السويداء، وأوضحا له أنّ إلغاء هذا المرسوم بحاجة إلى وِقفة من سلطان باشا نظير وِقفته من قضيّة فهمي المحائري، وبالفعل ذهب الثلاثة إلى القريّا مَعْقِل سلطان، وعقدوا معه اجتماعًا سِرِّيًّا، وبَسطوا له الوضع، قائلين: “إذا بقينا ساكتين وظلّت الحكومة سائرة في غِيِّها فسيأتي يوم نترحّم فيه على أيّام الانتداب والاحتلال” فاستجاب سلطان باشا لِطَلَبِهم ووقّع بيانًا نُشر في الصّحف ووزّع على نطاق واسع، يوم 6 تشرين الثاني عام 1946، وسقط المرسوم”.
سعيد أبو الحسُن العروبي ورجل المجتمع والسياسة، أديب وشاعر أيضاً
هو شخصيّة مُتعدّدة المواهب إذ كتبَ القِصّة والمسرحيّة وجمع الشعر الأصيل إلى ما سبق ذكره، ففي ديوانه القيّم “الديوان، من الرَّباب إلى السيمفونيّة” والذي يمثّل شهادة الشاعر على عصره؛ ويضمّ مئة وثماني وثلاثين قصيدة معظمها من الشعر العمودي، بعضها من الشعر الحديث، وجميعها من الشعر الجيد المتعدّد الأغراض بين الوطني القومي والاجتماعي والتاريخي والذاتي والعاطفي ــ الأسري، وله نظرة جادة في الشعر يعبّر عنها بقوله “الشعر بمضمونه وليس بشكله”، هذا مع أنّه التزم في شعره بإتقان الشكل والمضمون معاً، وهو يعرّفنا على موقفه من الشعر بقوله: “هل صاحب هذا الديوان شاعر سياسيّ أم سياسيّ شاعر؟ ولعلّ الإجابة الصحيحة هي أنّه مواطن وإنسان قبل كلّ شيء يعيش آمال أمّته وآلامها، يحسّ بؤسها وينتشي بانتصاراتها ولا يقبل بنظريّة الفن للفن، أو الشعر غير الهادف” ويلخّص رأيه بقوله: “إنّه يؤمن بالأدب في خدمة الشعب، لا الشعب في خدمة الأدب”. ومن قصائده اللافتة في الموضوع الوطني ــ القومي قصيدته “جراح وآمال” ولها مناسبة طريفة يقول فيها: استمعت إلى الشاعر الكبير محمّد مهدي الجواهري وهو يخاطب دمشق في لهفة وكأنّه لا يصدّق أنّه استطاع الوصول إليها، فتجسّدت في نفسي مأساتنا القوميّة الكبرى، وكتبت هذه القصيدة (نُشرت عام 1979) مهداة إليه نقتطف منها قوله:
أَتـــرَعتُ من لَهبِ الجوى أقداحي وشربتُ حتى صِرتُ بعضَ الرّاحِ
ورأيتُـني فـوق السـحاب غمامـــةً حمـراءَ تنشرُ في السّماء جـراحي
جُــرحُ الحــدودِ قديمُـها وحديثُـها جثـمت عـلـى الأجســـادِ والأرواحِ
والقصيدة مُطوَّلة، ومن بعض عناوين قصائده “بلدتي عرمان” و “وادي بردى في الخريف” و “يوم التضامن مع الفلسطينيين” و “تحيّة إلى جمال عبد الناصر في ذكرى رحيله” و “أَبَيْتُ الذلّ” و “النصر أو الكفن” و “تحيّة عربية إلى هانوي” و “إلى غزة المناضلة” و “جبل الشيخ رفيق الأزل” و “المتن” و “إلى رفيقة العمر مي (زوجته) بعيد ميلادها” و “إلى أمي” و “وقصائد إلى “أميرة في عيد ميلادها وقصائد أُخرى إلى أحفاده دينا ولارا ورامي …
حقّاً لقد كان سعيد أبو الحُسن شخصًا سابقًا عصره، لكنّه على تَمَيُّزه لم ينل حقّه في حياته بسبب ظروف الفترة القلقة المليئة بالتقلّبات والإرهاصات التي عرفتها سورية، تلك الفترة التي عاشها هذا الرّجل الموهوب.
إنّ الحديث عن دوره وتأثيره الاجتماعيّ والسّياسيّ والثّقافيّ يحتاج مُجلّدًا ضخماً، لا مقالة محدودة بعدد ما من الصّفحات، فحقيقة الرّجل ساطعة سطوعَ شمسٍ في رابعة النّهار.