الجمعة, أيار 10, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الجمعة, أيار 10, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

شجـرة القَطْلَب‏‎

شجـرة القَطْلَب ‏‎المنسية
ثمارها الطيبة متروكة للسمن والعصفور

زهرها ربيعي وثمارها الغزيرة خريفية
لكن موسمها لا يتجاوز الثلاثة أسابيع

أبحاث علمية جادة أكدت خصائصها العلاجية
لا سيما في حالات الإسهال وارتفاع ضغط الدم

في البراري الجبلية ربما بين السنديان والملول وأشجار الأرز الصنوبري، تنتصب شجرة سرعان ما تلفت النظر بشكلها واللون الأحمر للحاء جذعها وأغصانها، هذه الشجرة الدائمة الخضرة تنمو لتصبح شجرة كبيرة غالباً ذات شكل مستدير وأغصان كثيفة وأوراق تجمع بين الأخضر الفاتح والأصفر والأحمر. إنها فعلاً منحوتة رائعة من منحوتات الطبيعة وآية بينة على عظمة الخلق وتنوعه اللانهائي.
مثل الأشجار البرية تنبت شجرة القطلب من دون مساعدة من الإنسان، إذ أن زارعها المباشر هو الطير الذي يأكل من ثمارها الحمراء القانية الشهية، ثم ينشر بذورها التي تبقى في برازه في الطبيعة عبر أسفاره. وبالطبع، قليل من هذه البذور قد يلقى التربة المناسبة له، فإن حدث ذلك فإننا سنرى في غضون سنوات قليلة شجرة قطلب صغيرة ترتفع بين الصخور أو في التربة المعشوشبة في أحراج السنديان والملول.

قليلاً ما نهتم بها
لا يعرف الكثيرون منّا عن هذه الشجرة الفريدة التي تزين جبالنا أو عن خصائصها الغذائية والعلاجية، أو فاكهتها الشهية التي شبهها اليونان بالفريز، وسميت أحياناً بالفريز اليوناني. وفي الحقيقة يوجد شبه كبير بين ثمرة القطلب وبين الفريز البري ذي الحبات الصغيرة، الذي يتكاثر بطريقة تكاثر الفريز المعروف، وهذا الاخير نقبل عليه لطعمه الشهي، وإن كان الكثيرون بدأوا يجتنبونه لكثرة ما يستخدم في إنباته وتكبير ثماره من كيميائيات وهرمونات خطرة.

ثمار من الطبيعة
في شجرة القطلب لا مشكلة من هذا النوع، فثمارها طبيعية عضوية تعطينا من سخاء الطبيعة ما يلذ ويفيد صحتنا. لذلك في المرة التالية التي تجولون فيها في برية الجبل، وكنتم في شهر تشرين الأول أو الثاني ابحثوا عنها وتمتعوا بثمارها التي تنضج في أواخر فصل الخريف، لكنها غالباً ما تبقى مهملة فتقبل عليها كل أنواع الطيور ولا سيما السمن والشحرور اللذين يبدآن بالوفود إلينا قبل موسم قطاف الزيتون.
‎الإسم العلمي لشجرة القطلب التي تنبت في بلادنا، لمن يريد المزيد من المعلومات عنها عبر الإنترنت، هو ‎‏‎Arbutus andrachne‎، ولها أسماء مختلفة، فهي بالإنكليزية GreekStrawberry Tree‎، أي شجرة الفريز اليوناني‎‎ والشجرة من ‎العائلة الخلنجية ‏‎Ericaceae‎، وهي في الأصل من منطقة البحر الأبيض المتوسط واليونان وتركيا وسوريا ولبنان،‏ كما تنمو في المغرب وتونس واسبانيا والبرتغال ومالطة وقبرص والقسم الجنوبي من ايطاليا.‏
وتوجد الشجرة بكثرة في شمال سوريا، وخصوصاً في مناطق جبل النبي يونس وكسب ومنطقة جبلة، وبسبب انتشارها فقد سميت بعض القرى التي تكثر فيها الشجرة بإسمها (قرية القطيلبية)، وهي إحدى أكبر قرى المنطقة، كما توجد الشجرة في طرطوس وحماه ومصياف وادلب. وفي لبنان توجد في بعذران، الخلوة المعروفة بإسم “خلوة القطالب”، ربما لوجودها في الماضي وسط حرش من القطلب.
وهناك نوع مختلف من القطلب ينبت في غرب أوروبا وأميركا الشمالية، ويعطي ذلك النوع ثماراً مشابهة إلا أنها تتميز بقشرتها الخشنة نسبياً والمغطاة برؤوس أو انتفاخات صغيرة مدببة. أضف إلى ذلك أن الصنف الآخر معروف بكثرة أزهاره مما يجعل من شجرة القطلب في تلك البلدان شجرة زينة بامتياز للحدائق المنزلية، ولا سيما أنها دائمة الاخضرار.

الجذوع الحمراء الجميلة لشجرة قطلب معمرة
الجذوع الحمراء الجميلة لشجرة قطلب معمرة
ثمار-قطلب-في-مرحلة-النضج
ثمار-قطلب-في-مرحلة-النضج

قطعوها لخشبها الصلب
شجرة القطلب قوية، سريعة النمو مقاومة لتقلبات الطبيعة وأنوائها، لذلك نجدها ترتفع حتى ستة أمتار وربما أكثر، لكنها تحتاج إلى سنوات طويلة لتبلغ هذا الطول، وهذا بالطبع إذا لم تمتد إليها يد قاطعي الأشجار البرية قبل ذلك. إنها أيضاً شجرة دائمة الخضرة إذ لا تتساقط أوراقها في الخريف والشتاء. خشبها صلب جداً، ومن أقوى أنواع الأخشاب، لذلك استخدمها السابقون لصنع القطع الخشبية المنزلية، وقد كانت قوة الشجرة أحد أسباب الطلب عليها، فقطع الكثير منها في الماضي فلم تعد تُشاهد بكثرة في البراري، وعندما نشاهد بعضها فهي في الغالب شجيرات فتية مضى على نشوئها ربما خمس أو عشر سنوات، وهذه يمكن أن تنمو وتعلو مثل سابقاتها إذا تمتعت بحماية (كما في المحميات الطبيعية)، أو إذا عُرفت قيمتها فاحتفظ بها وتجنّب الحطابون قطعها مع ما يقطعون.
ويمكن زراعة شجرة القطلب عبر استنبات البذور أو بالفسائل ابتداءً من الخريف وحتى بداية الربيع، وهي تحب الأرض الصخرية والتربة الخصبة ولا تهتم بالري، إذ يمكنها النمو بشكل بعلي.
تزهر شجرة القطلب في الربيع وتبدأ أزهارها على شكل عناقيد زهرية اللون، إلا أنها تتحول إلى لون أبيض مع اخضرار. وتعقد هذه الأزهار حبيبات تكون في البداية خضراء أقرب إلى الزرقة، إلا أنها تبدل ألوانها في مراحل النضج من الأخضر إلى الأخضر الفاتح ثم إلى الأصفر الفاتح، فالأصفر الغامق فالأحمر، لتأخذ لون الأحمر القرمزي عند النضج، وعندها تصبح جاهزة للأكل.
ثمار شجرة القطلب كرزية الشكل لكنها أصغر من الكرز وأقرب في حجمها ولون الناضج منها إلى الزعرور البري. ومع أنها تكون قاسية قبل النضج وغير سائغة المذاق، إلا أنها عندما تنضج تصبح طرية وحلوة المذاق وذات طعم خاص لذيذ، أما البذور فصغيرة جداً ولا تشعر بها أثناء الأكل. وفي بعض مناطق إسبانيا واليونان والمغرب تباع الثمار الطازجة في الاسواق أو تصنع منها مربيات لذيذة تباع أو تضاف إلى الحلويات مثل الكاتو.
وتنضج ثمار القطلب المعروفة في أواخر فصل الخريف وبداية الشتاء، لكن موسمها قصير ولا يتجاوز الثلاثة أسابيع، على خلاف باقي الفواكه الأخرى التي يستمر موسمها لمدة أطول مثل العنب والتين والتفاح. وبسبب هشاشتها عند النضج فإن ثمرة القطلب لا يمكن الاحتفاظ بها بعد الجني أكثر من أسبوع، لاسيما إذا تم قطفها في مرحلة نضج متقدمة.
ورق شجر القطلب قاسٍ نسبياً ومتوسط الحجم، وهو أشبه بورق شجرة الكاوتشوك المعروفة في سواحل بلادنا لكن أقل ثخانة وحجماً، أما لونه فهو أخضر زاهٍ كما أنه مثل الأزهار والثمار يبدل لونه حسب المواسم، وهو سبب آخر يجعل من الشجرة مرغوبة جداً لأغراض زينة الحدائق.
من خصائص شجرة القطلب التي تعطيها جمالها وشهرتها بين علماء النبات جذعها الأملس والمتلون أيضاً حسب مراحل نمو الشجرة، فهو قد يبدأ أخضر مع ميل خفيف إلى الحمرة ليصبح برتقالياً أو بلون القرميد عند نضج الشجرة وفي المُعمِّر منها.. ومن خصائص القطلب الفريدة أنه ومع نمو الجذوع تقوم الشجرة، في أول الصيف، بطرح القشرة الخارجية من اللحاء في ظاهرة تشبه ظاهرة تبديل الحية أو الأفعى لجلدها، أذ نرى القشرة الرقيقة من اللحاء تتفسخ وتلتف على نفسها أو تتشكل على شكل غطاء صدفي متشقق قبل أن تنفصل عن الجذع وتسقط تاركة الجذع ليعود إلى لونه الأحمر القرميدي ومظهره الأملس.

أزهار القطلب
أزهار القطلب

فوائدها الصحية
مثل جميع النباتات البرية، فإن لشجرة القطلب عند دراسة خصائص ثمارها وأوراقها فوائد مهمة أكدتها البحوث العلمية الحديثة. وقد اهتم بدراسة الشجرة بصورة خاصة علماء برتغاليون واسبان ومغاربة، بسبب انتشار الشجرة في بلادهم مما حدا بهم للتدقيق في خصائصها الكيميائية وأثرها المحتمل كعلاج. ففي دراسة أجرتها جامعة نوفا دو ليسبوا في البرتغال، أظهرت الأبحاث الأولية أن ثمار وأوراق الشجرة تحتوي على فلافونيدات مضادة للأكسدة تساعد في كبح النمو السرطاني، وأنها في هذا المجال أقوى فعالية من الشاي الأخضر وبعض أنواع التوت البري. وأظهرت دراسة قام بها باحث إسباني أن الثمار والأوراق تحتوي على البكتين والتانين، وأنها بالتالي مفيدة في وقف الإسهال عبر صنع شراب ساخن من تلك الأوراق والثمار، علماً أن الدراسة الإسبانية أظهرت أن الأوراق تحتوي على خصائص مضادة للأكسدة بدرجة أقوى من الثمار. وقام الباحث المغربي حسان نخل بإجراء بحوث علمية على شجرة القطلب نشرت في دوريات متخصصة، وقد أثبتت الدراسة أن مستخلص أوراق القطلب يساعد في خفض ضغط الدم.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading