طاغورُ والوَجْدُ الصوفيّ
لو لم يكن ثمّة «تأنُّس» للحقّ يُسهِّل المعرفة
لأصبحَ هذا الكائن الأسمى مُطلقاً عَدَميّاً
المعرفةُ الأرضيةُ تراكمٌ مَعْرِفيٌّ
أمّا الحكمةُ المقدّسة فإشراقٌ داخليٌّ


التقَى رابندرانات طاغور ذات يوم ناسكَيْن من النُسّاك الهنود، وسألهما لِمَ لا تخرجان إلى العالم وتُعلِّمان الناس، فأجابه أحدهما: “كلُّ مَنْ يشعر بالعطش سيأتي من تلقاء نفسه إلى النهر. لا بُدَّ أن يأتي العطاشى جماعات وفُرادَى”، وما هي إلّا سنوات قليلة حتى أخذت ألوف الأنفس المتعطِّشة للمعرفة بالتدفُّق إلى نهر طاغور الفكريّ والرُّوحيّ الغزير، لتستقي منه تلك المعرفة المُفعَمة بعَبَق الحُبّ الإلهي ومَواجِد التصوُّف العاشق للوحدانيّة في ما يتعدّى التخبُّط الهندوسيّ بعقائدَ أشبه بالشِّرك وعبادة الأوثان.
كان جدُّه الأمير دواركاناث (Dwarkanath) الثّريّ ووالدُه ماهارشي ديفندرانات (Maharshi Devendranath)، الثّائر ضدّ التّقليد والتعصُّب، ينتميان إلى حركة دينية ناشئة تُدعَى “براهمو ساماج” (Brahmo Samaj)، تلك التي تتنكّر لمظاهر عبادة الأصنام والطّقوس في الهندوسيّة والتعدُّديّة الشِركيّة، وتدعو إلى عبادة الواحد الأسمى، وتُحثُّ على الخير والإحسان والتّقوى والأخلاق والفضيلة والعمل الصّالح.
حاربه الهندوسُ بشدّة لجهوده في تحويل الهندوسيّة من خلال حركة “براهمو ساماج”، التي سعى إلى تقديمها للغرب بما تنطوي عليه من تبجيل للوحدانيّة (Monotheism)، بمواجهة المعتقدات والتّقاليد الهندوسيّة المتشعِّبة.
وفي تحليلٍ دينيّ لكتاباته وأعماله الشّعريّة، قلّما ذكَرَ طاغور كتبَ “البورانا” (Puranas) التّقليديّة أو “نشيد المولى” (البهاغافاد جيتا Bhagavad Gita)، وتعاليم “الفيدانتا” (Vedanta)، وهي النّصوص الهندوسيّة الأكثر شهرة، لكنّه بدلاً من ذلك ركّز على وحدانيّة الحقيقة الإلهيّة واستشعار هذه الوحدانيّة بالحُبّ والشّوق والوَجْد. ويرى بعض الباحثين المختصّين بالفكر الهنديّ أنّ ذلك جاء بتأثيرٍ من مفهوم الأحاديّة (أو الواحديّة) في النّصوص الدينيّة الفلسفيّة العتيقة “الأوبانيشاد” (Upanishads).
العودة إلى الخالق
ولطالما شدّد رابندرانات طاغور في كتاباته وأشعاره على أنّ هدف الإنسانية هو العودة إلى الخالق. ويقول في كتابه “سادهانا” (Sadhana): “إنّها الغاية القصوى للإنسان أن يجد الواحد الذي هو فيه، الذي هو حقيقته.. المفتاح الذي يفتح به بوابة الحياة الرُّوحية”.
وفحوى رسالة طاغور، الذي لقّبه المهاتما غاندي بـ “الحارس الكبير”، أنّ الحياة هي رحلة الإنسان نحو تحقيق إمكانيّته المُثلى، وهي الاتّحاد بالحقيقة، وأفضل ما تتحقّق تلك الرّحلة عبر تجنُّب العلائق الدّنيويّة. وهو يُميِّز بذلك بين المعرفة الأرضيّة والحكمة المقدّسة، فالأولى تراكمٌ مَعْرِفيٌّ أمّا الثّانية فاستنارةٌ وإشراق داخليّ.
ويَعتبر طاغور الإنسانَ أرقى مخلوقات الله، ويصف طبيعة الإنسان بأنّها ذات وجهين: الأنا المتغيِّرة والذّات الخالدة الدّائمة، الكامنة في أعماقنا، الرُّوح السّرمديّة، لذا يرى أنّ الإنسانَ يجب أن يجهد لتحقيق هذا الكمال الجوهريّ وهذه القداسة الكامنة فيه.
وبلغةٍ شاعريّة مُرْهَفة ينأى طاغور عن التّحليل الفلسفيّ ليبثّ مَواجِدَ تحكي عن التّسليم الكلّي للخالق وخدمة الإنسانيّة بكلّ حُبّ وحنو. هذا الحُبّ الصّوفيُّ الشّاعريّ يسري كسلكٍ يربط دُررَ أفكاره الوضّاءة في آلاف القصائد الغنائيّة، التي غنّاها بصوته الشّجيّ، رؤى في حالة صفاءٍ، صفاءٌ يجعله يتقبّل الموتَ كشأن الحياة، على خُطى الفيلسوف سقراط.
ويبدو مفهومُه الدّينيّ والرُّوحاني بقوّة في كتابه المُبكر “دين الإنسان” (The Religion of Man) إذ يشدّد على وعي الوحدة الرُّوحانيّة مع الحقيقة الأسمى، حيث يتبدّى اللّامتناهي حقّاً وخيراً وجمالاً على مرآة النّفس.
وكذلك يظهر هذا المفهومُ جليّاً في ديوانه الشّعريّ الصّوفيّ “جيتنجالي” (Gitanjali)، “حيث بلغ الوَجْدُ الصّوفيّ أسمى مراحله، وهو يستطلع العلاقة بين الإنسان وخالقه في تجربة دينيّة عالميّة لا تحصرها حدود، تختصرها قصائد تعبُّدية مُفعمة بالمَواجِد الصّوفيّة التي تقوده على إيقاع الحُبّ الإلهيّ خطوةً خطوةً نحو الخالق.
وكان طاغور كلّما قرأ في صفحات الوجود على إيقاع وَجْدِه هذا، كلّما اقتربَ من الوحدانيّة بإيمانٍ عميق، صعوداً على أجنحة روحه المتسامية بصفاء السّرّ وروحانيّة الخشوع، ويهتفُ مخاطباً ربّه من شدّة الوَجْد قائلاً:
لقد أفعمتَ قلبي بحُبّك
وتجليتَ لي بقُربك
ربّاه، لو لم أكن موجوداً
فأين يتجلَّى حُبّك؟
وهذا التّلهُّفُ الشّديد في مَواجِدِه الذي يتّبع نداءَ الرُّوح وتأمُّلات العقل وشغف النَّفْس إنّما هو اهتداء إلى المُبدِع بما يتبدّى من إبداعه في أكمام الزّهور، وقَطَرات النَّدَى، وظِلال الجبال، وترامي الأكوان، ليرَى الأنوار الإلهيّة تتلألأ في مرايا الوجود.


“الهدفُ الأسمى للنّفس البشريّة هو إدراك الله على مرآة الحقائق، ولا يتسنّى ذلك الإدراك إلا بالتخلُّص من الجهل. أي من الأنا التي تعزل الذّات عن خالقها”
تقليد “البهاكتي” الصّوفيّ
وفي هذه التّأمّلات الصّوفيّة ثمّة تشابه بين مذهب طاغور وتقليد “البهاكتي” (Bhakti) الفريد في الهند، على الرّغم من الفترة الزّمنية الطّويلة الفاصلة بينهما، إذ إنّ الرُّوحيّة الفلسفيّة هي ذاتها، فلا وجود للطّقوس والمراسم والكُهّان. وقد شارك معلِّمو هذا التّقليد فكرة الوحدانيّة، والمساواة بين البشر ومختلف الطّبقات، ورفض عبادة التّماثيل والأصنام، وهو ثمّة ما يُوازيه في التّصوُّف الإسلاميّ.
وأشهر هؤلاء المعلّمين، الشّاعرُ الصّوفيّ الهنديّ “كبير” Kabir (1440-1518)، الذي قام طاغور بترجمة مئة قصيدة له في كتابه “مئة قصيدة لكبير” (One Hundred Poems of Kabir)، وهو كان قد تصدّى للتّقليد العقائديّ الأعمى في الدّيانتَين الهندوسيّة والإسلاميّة، وعلّم مذهباً وحدانيّاً صارماً.
بين طاغور و”كبير”
يبدو واضحاً من خلال ترجمة طاغور لقصائد الشّاعر الشّهير “كبير” أنّه كان يؤمن بتعاليم هذا الصّوفيّ لا سيّما مفهوم الوحدانيّة. فقد وجد طاغور تآلفاً كبيراً مع صوفيّة “كبير” فوق التقاليد والطقوس والمراسم لأي دينٍ انتمت. والتّشابه بين هذَين الصّوفيَين مذهل، كتحدُّثهما عن الحُبّ الإلهي، والغفلة واليقظة، والموسيقى الكونيّة، وجديرٌ بالذّكر أنّ طاغورَ كان قد وضع ديوانه “جيتنجالي” قبل قيامه بترجمة “مئة قصيدة لكبير”، فالمسألة مسألة تماثُل وتآلف لا تأثير واقتباس.
وكان “كبير” يرى أنّ التعلُّمَ الحقيقيّ لا يتأتّى من دراسة النّصوص الدّينيّة أو المعرفة النّظريّة بل من محبّة المولى الأسمى. وهما يتحدّثان عن هذا المولى كحقيقة متأنّسة للإنسان. فبالنّسبة لطاغور لو لم يكن ثمّة “تأنُّس” للحقّ يُسهِّل المعرفة، لأصبحَ هذا الكائن الأسمى مُطلقاً عَدَميّاً. وما مُبادلة نعمة هذا التأنُّس إلّا بالحُبّ المُكرّس، والتّفاني في هذا الحُبّ والاستغراق فيه.
ويقول طاغور في إحدى رسائله إنّ الشاعرَ “كبير” والشّعراءَ الزُّهادَ الأقدمين مَلَكُوا موهبة اللّغة، لكن من أجل أن نفهم لغتهم (الصّوفيّة) تماماً، لا بُدّ إلى حدٍّ ما من مشاركة تجربتهم ومشاعرهم. فالمشاعرُ المقترنة باللّغة تُنتِج عبقريةً “وأعني باللّغة أكثر من مجرّد كلمات: لغة الرّموز، والمنطق…”، ولا ريبَ أنّ طاغور شاركَ هذه المشاعر واللّغة مع “كبير” وفكره الصّوفيّ.
فالخالقُ بحسب هؤلاء المتصوّفين أوجدَ الكونَ كمرآة، والهدف الأسمى للنّفس البشريّة هي إدراك الله على مرآة الحقائق، ولا يتسنّى ذلك الإدراك إلا بالتخلُّص من الجهل. ويكمن الجهلُ في الأنا التي تعزل الذات عن خالقها، وتحثّنا على تلبية رغباتها الأنانيّة والضّيّقة. وهذا الانفصال أو العُزلة هو العبودية، والجهل هو السّبب الأوّل لعبوديّة النّفس، وهو ما ينبغي التّحرُّر منه.
ولأجل تحقيق هذا التّحرّر، علينا أن نملأ قلوبَنا بالمحبّة الشّاملة ومحبّة الآخرين. إنّما عبر حُبّ الله والغِبطة فيه تتمتّع الأنفسُ بالحرّيّة التي هي هبة من الله، فالله خلقَ تلك الأنفس بدافع الحُبّ. ولا بدّ لأجل ذلك من الاستسلام الكلّي للعليّ بالحُبّ والتّعبُّد.
اتّحاد الشّاعر والعارف
ويتجاوز فكرُ طاغور بسُمُوِّه كلَّ الأفكار الفلسفيّة والرُّوحيّة، ويتخطّى كلَّ حدود اللّغة والثّقافة والأجناس والأديان. وفي قصائده المُحلِّقة بأجنحة الصّوفيّ المُنجَذِب إلى الملأ الأعلى، يتّحِد الشّاعرُ والعارِف في وَجْدٍ ينذهل باللّامتناهي وسط المتناهي، وبالوحدة ما بين الكَثرة، وبغِبطة الوجود. فقد كان طاغور يعتقد أنّ الشّاعرَ المُلهَم بالرؤى قد يجد مكانه عن حقٍّ بين الحكماء والقِدّيسين.
وفي مقدّمة ديوانه “جيتنجالي” الذي يشتمل على ترجماته النّثريّة باللّغة الإنكليزيّة لقصائده باللّغة البنغاليّة، والذي نُشِرَ في العام 1913 مع تمهيدٍ للشّاعر الإيرلندي دبليو بي ييتس (W. B. Yeats)، وفاز بفضله بجائزة نوبل للآداب في العام ذاته، يقول طاغور: “لولا إدراكنا لمحبّة الله، لَمَا تسنَّت لنا نعمةُ الإيمان به …”.
هذه المحبّةُ أو الوَجْد الذي يؤكّد على تلك القداسة في الدّاخل … “الله في داخلنا لكنّنا لضياعنا نبحث عنه في الخارج”. إنّه التأمُّل في سرّ الوحدانية المُقدّس في داخل القلب (Jivan Devata):
هوذا الواحدُ في أعماقِ أعماقي
يوقظ كَيانَي بلمَسَاتٍ خفيّة
ويُدغدِغُ أوتارَ قلبي اغتباطاً
على إيقاعِ ترنّمِ الشوق والفرح
إنّه شغفٌ في أعماق القلب يتبدّى شعراً موسيقيّاً يخاطب الرّوح، لا كالأشعار الرّائجة التي هي مجرد تنضيد عبارات وتقطيع وأوزان خالية من الصدق. فقصائده أشبه بواحات روحيّة في صحراء من الجفاف الشّعريّ، واحاتٌ تستدعي السّموَّ إلى أسرار الكون ومشاركة “روعة رؤى” الحقيقة.
وإذا أصغينا ملّياً لسمعنا في قصائده صدى المزامير: “الأرضُ والسموات ملأى بحُبِّكَ..”. فبالنسبة إلى طاغور، وحده الحُبّ يُمكِّننا من اختبار سرّ الوحدة.
استيقِظْ أيُّها الحُبّ، استيقِظْ
فأنا في الخارج ولا أعلمُ كيف أَفتح الباب
السّاعاتُ تمرُّ، والنّجومُ تُراقِب، والرّيحُ منذهل
والصّمتُ ثقيلٌ في قلبي
استيقِظْ أيُّها الحُبّ، استيقِظْ
املأ كأسِيَ الفارغ، ودَعِ اللّيلَ يتهادَى على موسيقاك
ويُشدِّد طاغور في أشعاره على أنّ الحُبَّ، الحُبُّ فحسب، يجعلنا نختبر سرَّ الاتّحاد مع حقيقة الوجود. فالحُبُّ بالنّسبة إليه “نشوة استيقاظ” على حقيقة سرّ الوحدة في أعماق القلب:
مَنْ يتمكَنْ من فَتْحِ بُرعم
ويُلقي نظرةً في داخله
ينسابُ إلى عروقه نُسَغُ الحياة
ويبسطُ ضَوْعُ الزَّهر جناحيه محلّقاً في الهواء
والألوانُ تتدفّقُ أشواقاً
والعِطرُ يفشي سرّاً عَذْباً
وتتراءى الطّبيعةُ في شعر طاغور جمالاً أثيريّاً مُلهِماً له ومُرشِداً إلى الصّفاء، وهو يتحدّث عمّا جاء به أصحابُ الرّؤى الأقدمون بإلهامٍ من الطّبيعة لاتّحادهم بها أحراراً من جدران المدن وعوائقها، تلك الجدران التي تُحدِث عُزلةً، وتجعل الإنسان يرى الازدواجات والتّضاد في كلّ مكان. ويتساءل طاغور، إذا كان الله بوحدانيّته فوق كلّ الازدواجات، أنّى للفكر أن يُدرِكه. وحدَهُ القلب بإخلاصه، وحُبّه، ووَجْدِه الصّوفيّ يتيح معرفةَ الله ومشاهدة جماله على مرآة القلب الجليّة.




المعلّم في ذكرى طاغور
“الأدب الحقيقيّ هو الذي يرتقي بالنّفس ، يرفع ولا ينزل، يصون ولا يهدم، يبعث السّعادة لأنّه يبعث الجمال الأصيل في النّفوس حيّاً وإذا لم يكن الجميل فينا وجهاً لطبيعتنا الحقيقيّة، فكيف نستطيع أن نتذوّق الجمال؟ الأدب والفن هو تعبير عن هذا الانسجام الرّفيع بين العقل والقلب، على ضوء وعي الحقيقة الأخيرة المطلقة. الأدب والفنّ مسلك للارتقاء ولترقية الآخرين، وليس هو بضاعة ينتجها أصحابها بقصد الوصف والإثارة لأجل بيعها والاتّجار بها في الأسواق.”
(من كلمة للمعلّم كمال جنبلاط في سفارة الهند في لبنان، في ذكرى شــــاعر الهنـــد الكبير طاغور سنة 1966)
مختارات من شِعر طاغور
-1-
أشعرُ بأنّ كلّ النّجوم تسطع في داخلي
والعالم يقتحم حياتي مثل سيل جارف
والأزاهير تتفتّح في جسدي
وكلّ شباب الأرض
ينتشر مثل أريج البخور في قلبي
-2-
لقد جعَلتَ وجودي بلا نهاية
ذلك هو الفرح منك
وهذا الوعاء الضّعيف أفرغته أنت
مرّةً بعد مرّة
ثم ملأتُه بحياة جديدة
-3-
الحبّ يتزيّن لنفسه
فهو يسعى لإثبات الفرح الدّاخليّ
بمظهر الجمال الخارجيّ
الحبّ سرٌّ لا قرار له
لأنّه لا يوجد شيءٌ يمكن أن يفسّره
-4-
لِمَ انطفأ المصباح ؟
لقد أحطته بمعطفي ، ليكونَ بمنجىً من الرّيح ،
ولهذا فقد انطفأ المصباح
لِمَ ذوت الزّهرة ؟
لقد شددتها إلى قلبي ، في شَغفٍ قَلِق،
ولهذا فقد ذوت الزّهرة .
لِمَ نضبَ النّهر ؟
لقد وضعت سَدّاً في مجراه لأفيدَ منه وحدي،
ولهذا فقد نضبّ النّهر .
لمَ انقطع وتَرُ المِعْزَف ؟
لقد حاولت أنْ أضربَ عليه نغماً أعلى مما تطيقه قدرته،
ولهذا فقد انقطعَ وترُ المِعْزَف.
-5-
إيهِ أيّتها الدّنيا لقد قطفتُ وردتَك
وضممتُها إلى قلبي فوخزَتني شوكتُها
ولمّا جنحّ النّهارُ إلى الزّوال ، وامتدّت العتمةُ
ألفيتُ الوردةَ ذاويةً، بَيْدَ أنّ ألمَ وخزتِها ظلّ باقياً
إيهِ أيّتُها الدّنيا ، سوف يوافيك الوردُ بشذاه وعنفوانِه
ولكنْ أوانَ قطفِ الوردِ الذي كنت أتحيّنُه قد فاتني
وفي اللّيل الحالك
لم أعُدْ أظفر بوردة
فيما عدا ألمِ وخزِها الباقي