الجمعة, شباط 21, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الجمعة, شباط 21, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

عين عطا

  بلدة عيــــن عطا انتقلــت من موقعــها السّابق إلى تلال حصينة بعد صِدام مع الجند العثماني

عَيْن عَطا

البلـــدة التــي غيّــــرت مَكانَهــــا
ولــــم تُغَيِّــــــــر عُنفُوانَــــــــــــــها

ثروةُ ينابيع واقتصاد زراعيّ أضعفه النّزوح
وثروةُ آثار أضاعها الإهمال وجَشَع اللّصوص
حمايةُ الأحراش وحَملات التّشجير زوّدت عيْن عطا
بأكبر غطاء أخضر وصنّفتها بين القُرى الأنقى بيئيّاً

لقرية عين عطا الوادعة في منطقة راشيّا تاريخ حافل بأحداث وتحدّيات وإسهامات في مواقع وأكثر من جهاد في الدّفاع عن الكرامة والأرض والعِرض، وبسبب الكرامة والذّود عن الشّرف اصطدم أهلها بالجند العثمانيّ، حيث قاتلوهم واضطرّوا بعدها لتبديل موقع القرية إلى تلال حصينة في مرتفعاتها هرباً من انتقام الجند ومظالمهم. وأبرز سمات عين عطا، عدا التّعايش المسيحيّ الدّرزيّ الطّويل، هو احتضانها لمقام أحد أبرز أولياء الموحّدين، المرحوم الشّيخ الفاضل والذي يُعْتَبر من أهمّ المزارات الرّوحية للموحّدين الدّروز في لبنان وفي المنطقة. فماذا نعرف عن هذه القرية وعن تاريخها وعن واقعها الرّاهن؟

الموقع
تقع عين عطا عند سفوح جبل الشّيخ وعلى ارتفاع يتراوح ما بين 1350 و 1500 متر عن سطح البحر في الطرف الجنوبي لقضاء راشيا وهي تتبع ادارياً لقضاء راشيّا، محافظة البقاع.
وبسبب موقعها الجغرافيّ الوسيط تشكل عين عطا صلة الوصل الطّبيعية بين البقاع والجنوب وتحيط بها وتجاورها عدّة قرى منها قرى الكفير والخلوات من الجهة الجنوبيّة الغربيّة وبلدة شبعا من الجنوب ومن الغرب قرية مرج الزّهور ومن الجهة الشّماليّة قرية عين حرشا وقرية تنّورة ومن الشّمال الشّرقي بلدة راشيّا ويُعتبر جبل الشّيخ الحاجز الطّبيعي الذي يفصل بلدة عين عطا عن القرى والبلدات السّورية من الجهة الشّرقيّة وعلى وجه التّحديد قرى عرنة والرّيمة السّوريّتين. وتبعد البلدة عن زحلة مركز محافظة البقاع نحو 50 كلم وعن العاصمة بيروت 103 كلم

عين عطا في التّاريخ
يذكر الأستاذ نعمان السّاحلي مدير ثانوية الكفير ومنسّق مادّة التّاريخ فيها أنّ تاريخ عين عطا يعود الى عهد سولوقس أحد خلفاء الإسكندر حيث الآثار والنّقوش الحجريّة والكتابة الرّومانيّة تدلّ على تلك الحِقبة، فالموقع الجغرافيّ لبلدة عين عطا وامتداد جبالها ووديانها يقيمان ارتباطاً عميقاً بين لبنان وسوريا وفلسطين، وكان للبلدة أهمّيّة خاصّة بسبب وقوعها على خطّ القوافل التّجاريّة التي كانت تنتقل في رحلاتها الصّيفيّة من دمشق عبر بلدة دير العشاير وصولاً إلى منطقة جبل الخان أو ما يعرف ببير الخان، الذي كان يعتبر مكاناً لاستراحة القوافل قبل أن تتابع سيرها نحو فلسطين وصولاً إلى عريش مصر. ومن أبرز المعالم في عين عطا نصب إله الشمس “هيليوس” والذي يعود إلى الحقبة الرّومانية إضافة إلى العديد من الآثار المجاورة له .
ويشير الأستاذ السّاحلي إلى أنّ البلدة كانت قديما ً تقع على طريق يعرف بطريق السّلطانة الذي يربط وادي التّيم من طرفيه راشيّا وحاصبيّا وهي النّقطة الوسطيّة في وادي التّيم أو ما كان يُطلق عليه شجرة الغربي التي اجتمع تحتها أعيان ووجهاء الوادي تأييداً ودعماً لدروز سوريا في حربهم ضد إبراهيم باشا، وتم الاتفاق على جمع الذّخيرة والمؤنة وإرسالها إلى أبناء جبل الدروز حيث قام بنقلها الشيخ إسماعيل شقير من بلدة عيحا .
أمّا سبب انتقال البلدة إلى الموقع الحاليّ فيعود إلى واقعة تاريخيّة إبّان العهد العثمانيّ إذ قام بعض الجنود العثمانيّين أكثر من مرة بالتّحرّش ببعض نسوة البلدة، وفي يوم دخل جنديّان إلى أحد المنازل عنوة فما كان من أصحاب المنزل إلّا مبادرة احد الجنود بضربة من سكة الحراثة قضت عليه. على أثر ذلك تعرّضت البلدة إلى المضايقات والتّنكيل وتهديم المنازل، الأمر الذي أجبر أصحابها على تركها والانتقال إلى التلّة المرتفعة والتَّحَصُّن بها حيث كان يصعب الوصول إليها لكثافة الأشجار وصعوبة المسالك الجبليّة.
ولا بد هنا من الإشارة إلى وقوف أبناء البلدة إلى جانب شبلي آغا العريان الأوّل في حربه ضد إبراهيم باشا في معركة جنعم الواقعة بين عين عطا وشبعا، ومن بعدها أعلن القائد المصري شبعا منطقة مفتوحة وقام أعيان شبعا بالمحافظة على العائلات الدّرزية التي انتقلت فيما بعد إلى قرى حاصبيّا وتعمّقت العلاقات بين البلدتين وأهليهما.

في ظلّ الانتداب الفرنسي
كان لحكمة وجهاء البلدة وأعيانها من دروز ومسيحيّين الدّور الرّياديّ في تجنيب البلدة الحريق والدّمار والتّهجير الذي تعرضت له العديد من قرى وبلدات راشيّا من قبل جيش الانتداب الفرنسيّ، إلّا أنّ اتفاقاً أُبرم بين الكولونيل climent وأعيان البلدة قضى بإخراج الثّوار من البلدة مقابل تجنيبها القصف وهذا ما حصل إلّا أنّ الثوّار إنتقلوا إلى بلدة راشيّا وكان لهم الكلمة الفصل إذ اقتحموا قلعتها الحصينة وسيطروا على مخزن الأسلحة ثمّ قاموا بتوزيعها على الثّوار المهاجمين حيث سقط للثوّار المهاجمين عدد من الشّهداء نقشت أسماؤهم على اللوحة التذكارية داخل قلعة راشيّا .

السكّان والعائلات
يبلغ عدد سكّان البلدة المسجّلين 3225 نسمة لكنّ المقيمين منهم لا يزيد عددهم على 1650 نسمة بسبب انتقال قسم من سكّان البلدة إلى خارجها سواء بفعل العمل في المهاجر أو في العاصمة وغيرها من المدن وهذه في الواقع حال الكثير من القرى الجنوبية ومعظم قرى لبنان.
سكان البلدة المقيمون والمغتربون هم من الدروز والمسيحيين ويتوزّعون على العائلات التّالية:

دروز: القاضي، الحاج، الساحلي، جابر، حمدان، خضر، خير، ريدان، شديد، فرج، ميرهم، عبد الحق، غازي، غزالي، وهبة، يونس.
مسيحيّون: الحدّاد، الزّين، ثابت، خوري، موّال.

وفرة مياه
تتميّز هذه القرية بوفرة مواردها المائيّة العذبة التي تتمثّل بعدد من الينابيع الدّائمة ولعلّ أبرز هذه الينابيع نبع عين اللّوز الذي تُعتبر مياهُه من المياه الأعذب والأنقى في لبنان حيث ينبع من جبل الشّيخ على ارتفاع يزيد عن 2400 متر عن سطح البحر وتمّ جرّ مياهه في منتصف ستينيّات القرن الماضي حيث كان للمعلّم كمال جنبلاط دور أساسيّ في جرّ مياه النّبع إلى البلدة وتوزيعها على منازلها كافّة وهناك ينابيع أخرى منها عين الضّيعة وعين الغرقة وعين جبّ ملكة وعين الكروم وكل هذه الينابيع العذبة تنبع في محيط القرية.

الاغتراب
لعب الاغتراب دوراً مهمّاً في تحريك العجلة الاقتصاديّة في البلدة لاسيّما من خلال الأموال التي يرسلها المغتربون إلى ذويهم أو من خلال بعض الاستثمارات الصّغيرة في بعض المشاريع التي تساهم في تفعيل اقتصاد البلدة أو في خلق بعض فرص العمل وعلينا ألّا ننسى تقديمات المغتربين إلى أبناء البلدة خلال فترة الحرب الأهليّة وإبّان الاحتلال الإسرائيلي وفي طليعتهم محمّد حسن خضر الذي ساهم في تشييد مدرسة لطلّاب البلدة وملعب لكرة القدم وبناء مستوصف إضافة إلى العديد من التّقديمات الاجتماعيّة ودعم الطلّاب المتفوّقين كذلك المغترب سليمان علي ريدان الذي كان له اليد البيضاء في تشييد قاعة عامّة للبلدة ومدّ شبكة الكهرباء وغيرها من المشاريع وهناك أيضاً مساهمة أبناء الخوري حبيب الحداد في إقامة مكتبة عامّة للبلدة .

النّزوح
تُعتبر ظاهرة النّزوح الموسميّ من عين عطا إلى ضواحي العاصمة بيروت وعلى وجه التّحديد منطقة الشّويفات ودير قوبل ملفتة حيث أنّه في تلك المنطقة أصبح ما يزيد على مئة أسرة تمتلك شققاً بالإضافة إلى شقق ومنازل في عاليه وبيروت وضهر الأحمر. والسّبب الأساسيّ للنّزوح هو البحث عن فرص العمل أمّا الثاني والمهمّ فهو موضوع تعليم أبناء الأسر في جامعات لأن اقرب الجامعات الى القرية تقع في زحلة ولا يستطيع الطلّاب الانتقال إليها بشكل يوميّ نظراً لغياب وسائل النّقل وإن وجدت فهي تكبّد الطلّاب مشقّة الطريق وهدر الوقت نظراً لبعد المسافة .

حراك اجتماعي
ينشط في عين عطا عدد من الجمعيّات الشبابيّة والمنظّمات الكشفيّة ونادٍ رياضيّ لعب دوراً مهمّاً خلال العقود الماضية في جمع المجتمع المحلّي تحت راية الرّياضة إضافة إلى عدد من الجمعيّات التي تُعنى بالشّأن المحلّي مثل جمعيّة الرّعاية الصحيّة والاجتماعيّة وتعاونيّة عين اللّوز لتصنيع المنتجات الزراعيّة المحليّة التي تقوم بمساعدة المزارعين على تصنيع منتجاتهم وحمايتها من الكساد والتّلف وهذه المنتجات يتمّ تسويقها في القرى والبلدات المجاورة ومن خلال المشاركة في المعارض على مساحة الوطن وتمتاز عن سواها من التعاونيّات الزّراعية بكون منتجاتها خالية من الموادّ الحافظة والمنتجات بعليّة لا تدخلها الأسمدة كذلك ساهمت في خلق العديد من فرص العمل لفتيات ونساء القرية.

إقتصاد القرية
لازالت عين عطا تعتمد بشكل جزئي على النّشاطات الزراعيّة وفي طليعتها زراعة الزّيتون والكرمة وزراعة الصّنوبر إضافة إلى زراعة القمح وتربية النّحل. وقد ازدهرت مؤخّرا مهنة إعداد الخبز المرقوق (خبز الصّاج) والتي تحقّق دخلاً إضافيّاً للعديد من ربّات المنازل، وهناك الآن سبعة أفران تؤمّن احتياجات أبناء البلدة وما يزيد يتمّ تسويقه في القرى والبلدات المجاورة
ويشكل انتاج الصّنَوبر بصورة خاصّة مردوداً جيّداً ولاسيّما في الآونة الأخيرة بعد ارتفاع اسعاره وأصبحت بلدة عين عطا الآن محاطة بمساحات من الصّنوبر المعمر إضافة إلى قيام ابناء القرية بتشجير مساحات واسعة من السّفوح المحيطة بالبلدة بشجيرات الصّنوبر. واستقدمت التعاونيّة الزراعيّة كسارة خاصة بفصل حب الصنوبر بسبب وفرة الإنتاج.

مقام الشيخ الفاضل
مقام الشيخ الفاضل

التّعليم
تم افتتاح مدرسة في البلدة في مطلع السّتينيّات من القرن الماضي وتمّ تطويرها وتدعيمها لاسيّما خلال الحرب الأهليّة حتى وصل عدد الطلّاب إلى أكثر من ثلاثمائة طالب قبل أن تنهار في العقد الأخير وتقفل أبوابها ليتمّ توزيع الأساتذة على المدارس المجاورة، أمّا السّبب في ذلك فيعود من جهة إلى تأثير النّزوح على انخفاض عدد الطلّاب دون الحدّ الأدنى اللّازم، وكذلك تفضيل عدد متزايد من الأهالي تعليم أولادهم في المدارس الخاصّة، علماً أنّ هناك ما يزيد على عشرين حافلة مدرسيّة تخرج من البلدة في صباح كلّ يوم.
ويتمّ تعليم المرحلة الثّانوية في ثانويّة الكفير الرّسمية وفي ثانويّة راشيّا الرّسمية القريبتين من البلدة. أمّا مرحلة التّعليم الجامعيّ فلا تخلو من الصّعوبة لغياب الاختصاصات عن الجامعة اللّبنانيّة في راشيّا والّتي تنحصر في اختصاص إدارة الأعمال، ممّا يدفع الطلّاب للانتقال إلى مدينة زحلة أو إلى العاصمة بيروت .

مقام الشّيخ الفاضل
يقع في عين عطا المقام المهيب للشّيخ محمّد أبي هلال المعروف بالشّيخ الفاضل وهو أحد أهم الأولياء الدّروز ومن أبرز العلماء الزّاهدين. وحسب بحث للأستاذ منير سعيد مهنّا من راشيا الوادي فإن الشّيخ عاصر الأمير فخر الدين المعني الثّاني في القرن السّابع عشر، ويُعتقد أنّه ولد في سنة 989 للهجرة (1577م).امّا مكان ولادته فإحدى حارات قرية كوكبا في منطقة راشيا الوادي تدعى الشعيري. وقد نشأ يتيم الأب، وارثاً عن أهله بعض الماشية التي كانت مصدر معيشة له ولوالدته.
ويذكر مهنا أنّه “ولمّا لم يكن في قريته أستاذ يعلّمه أصول الكتابة فقد اصطنع لنفسه لوحاً كان يحمله في تجواله مع قطيعه سائلا من يلتقيهم من أهل العلم والمعرفة أن يدوّنوا له الحروف ويعلّموه شيئاً من الكتابة، فأتقن الخط وتعلم القراءة ببداهة لافتة تدلّ إلى فطنة وشغف بالعلم مذ كان طفلاً”.
بعد مدة أمضاها الشّيخ الفاضل في قريته كوكبا، كان قراره الذّهاب إلى دمشق لتحصيل العلوم الدّينية، كما فعل من قبله الأمير السيّد عبدالله التّنوخي، والذي كان يعتبره الشّيخ مرجعاً في شرح أمور عقيدة التّوحيد ومسلكها
تنقّل الشّيخ الفاضل بين قرى عدّة منها شويّا في منطقة حاصبيّا (وما زال فيها كهف معروف باسمه) حتى وافته المنيّة في بلدة شبعا، ونقل جثمانه بعد ذلك إلى عين عطا، حيث دفن في مقام يزوره الموحّدون الدّروز حتى اليوم. ومن وصاياه عندما دنا أجله قوله: “مطلوبي أن لا تدفنوني إلاّ في حقل يُحرث حتى لا يُعرف لي قبر أبداً، ولا تنعوني إلى أحد، وبلّغوا عن لساني ألا يرثيني أحد ببيت شعر”
يُعتبر مقام الشّيخ الفاضل من أبرز المقامات الرّوحية لطائفة الموحّدين الدّروز وهو يزار يوميّاً ويحظى بإجلال خاص لدى المؤمنين.

ثروة آثار
يقول الأستاذ نعمان السّاحلي إنّ الكثير من آثار عين عطا تعود إلى الحقبة الرّومانية وهي موزّعة في أمكنة مختلفة من البلدة، إلّا أنّ إهمال الاهتمام بها من قبل الدولة أدى الى إندثارها، وما بقي منها فلأنه صعب على العابثين سرقته. كما أنّ حصول الكثير من أعمال الحفر والتنقيب في المنطقة غير معالمها فتعرضت للتشويه منطقة جبل الخان حيث إله الشمس “هيليوس” وفي أعلى البلدة “خلة الجرن” شرق البلدة توجد صخرة منقوش عليها صورة لملكة والحراس من حولها وهذا يعود إلى الحضارة الهلنستية ويشكل دليلاً على أهميّة هذه المنطقة خلال تلك الحقبة ، أمّا الآثار الموجودة في مقام الشيخ الفاضل فتضمّ منحوتة لنِسرٍ مجنّح إضافة إلى بعض الآثار المجاورة وبعض المسلّات والأحجار التي يوجد عليها أيضاً بعض الكتابات اليونانيّة .

منظر عام للبلدة
منظر عام للبلدة

مجموعة الشيخ أسعد خير
تاريخ عين عطا العريق، يوجد الآن نماذج كثيرة منه في مجموعة المقتنيات القديمة للشّيخ أسعد خير الرّجل السبعيني الذي سعى لحفظ معطيات الزّمن السّابق (زمن البركة) بمصنوعاته الخشبيّة التي ترجم من خلالها شغفه بفن الحفر على الحجر والخشب على حدّ ٍ سواء. وممّا أنجزه إعادة تصنيع وحفر جميع مقتنيات الأسرة الرّيفية في القرن الماضي مثل:
• المَوْرَج: وهو عبارة قطعتين من خشب الصّنوبر بعرض المتر تقريبا ً تُجمع مع بعضها البعض لتصبح مسطّحاً خشبيّاً تُحْفَر في أسفله ثقوب تُزرع بالحصى الخشن ومعظمها صوّانيّة سوداء اللّون، وهذه الحجارة تمرّ على سنابل القمح المجمّعة في البيدر فتدرسها أي تفصل حبّات القمح التي تحملها عن السّاق الجافّ والذي بدوره يتكسّر تحت المَوْرج ليصبح “تبناً” يتمّ خزنه لاستخدامه كعلف للماشية. وكان المورج يُجَر عادة بثور أو أكثر وفي حالات أخرى استُخدمت البغال لجرّه على البيدر.
• النَّير: عبارة عن قطعة خشبيّة لها فتحتان وتوضع على رقبتي حيوانَيْ جرّ بهدف جمعهما إلى بعضهما بحيث يعملان سويّاً عند حراثة الأرض أو جرّ المَوْرج أو غير ذلك من مهمّات الجَر.
• العُود: يتألّف من عدّة قطع خشبيّة ويثبّت في طَرَفه “سكّة” من الحديد ويتمّ ربط طَرفه الآخر بالنّير أيضاً وهو مزوّد بـ “كابوسة” وهي القبضة التي يمسك بها الفلّاح لتوجيه السكّة أثناء الفلاحة.
• الزّحف (الرّحْت): قطعة خشبيّة تُستخدم لإزالة الثّلوج من أسطح المنازل التّرابيّة ويتمّ التّنظيف بعد الزّحف بواسطة المقحاط .
• الماعوس: وهو عبارة عن قضيب من حديد قطر 14مم على شكل حرف u مفتوح عند رأسيه يدخل في ثقبي المحدلة الجانبيين ليساعد على جرّ ها.
• المحدلة: وهي عبارة عن قطعة أسطوانيّة من الحجر تستخدم بعد المطر أو جرف الثلج عن سطح المنزل لرصّ ترابه بهدف منع المياه من التسرّب إلى سقف المنزل ومنه إلى أرضه.
إضافة إلى الأواني التي كانت تستخدم في المنازل القديمة وهي جرن القهوة والمهباج ويتبع بالمبرّدة الخشبية التي يتمّ وضع القهوة بها بعد تحميصها لتبرد، الجاروشة وهي عبارة عن قطعتين من الحجر يعمد بواسطتها إلى جَرش البُرغل .
ومن مستلزمات المنازل القديمة مجموعة من وسائل الإنارة تُعرف بالقِنديل و الشّمعدان والفَنار والنّواصة والسّراج .
والهدف من إحياء هذه المقتنيات هو تخليدها في ذاكرة الأجيال الصّاعدة التي لا تعرف عنها شيئاً ولحمايتها من الاندثار
ويتابع الشيخ أسعد خير حديثه: “إنّ الزّمن الجميل الماضي كان زمن مباهج حقيقية وليست مزيفة وقد كان النّاس يومها يفرحون أو يحزنون لفرح أو لحزن بعضهم البعض هو زمن كانت الناس تاكل من معاجن بعضها البعض، فالتّعاون كان السّمة الاساسيّة لعين عطا ولأيّ قرية وكان تقليد “العَوْنَة “ يمثّل المساعدة الجماعيّة التي يُسديها الجيران لبعضهم في الأعمال التي تحتاج إلى أيد ٍ كثيرة والفكرة انطلقت من مفهوم حسن الجوار ومن العصبيّة التي جمعت أبناء العائلة أو الحي أو القرية وفرضتها طبيعة المجتمع بحكم عُزلته الجبليّة القاسية. وهذه العَوْنة كانت تتجسّد في مختلف مظاهر الحياة كسَلق البُرغل ونقله إلى السّطح، وهو المكان الذي يتم تنشيفه عليه، أو في قطاف الكروم أو في قطع العجين وترويجه قبل الخَبْز، أو في حدل الأسطح الترابيّة أو في سقف المنازل المبنيّة حديثاً.. أمّا اليوم قد ذوّبت التّقنيات الحديثة والقيم الفرديّة الدّخيلة التي غزت مجتمعاتنا هذه الألفة، وجعلتها من الذّاكرة حتى أفراد الأسرة الواحدة هم بعيدون عن بعضهم وإن وجدوا في غرفة واحدة!

الأستــاذ نعمــان الساحلي
الأستــاذ نعمــان الساحلي

العمل البلدي
لبلدية عين عطا تجربة نوعيّة في الخروج عن التّقليد في العمل البلدي والاهتمام بالجانب العمراني إلى جانب آخر يعني الإنسان بشكل مباشر حيث اعتبر رئيس البلدية طليع خضر في حديث إلى “الضّحى”إنّ واجب المجلس البلدي متابعة هموم المواطن وحماية البيئة إضافة إلى تأمين الخدمات الأساسية للمواطن.
وأضاف السيّد خضر: إنّ البلدية قامت بدورها على صعيد حماية الثّروة الحرجية الموجودة في محيط البلدة وزيادة المساحات الخضراء حتى باتت عين عطا من البلدات القليلة في راشيّا التي تتمتّع بغطاء أخضر متنوّع النّباتات، وهو ما ساهم في تصنيفها بين البلدات الأنقى بيئيّاً على مستوى الشّرق الأوسط من قبل إحدى البعثات الأجنبيّة التي زارت البلدة.
وشرح رئيس البلديّة أبرز إنجازات وخطط البلديّة على النّحو التّالي:
• أحيت البلديّة العمل بمستوصف البلدة بما في ذلك عيادة طب الأسنان التي تساهم في معالجة أبناء القرية بأسعار مدروسة. وهناك عمل على تجهيز سيارة إسعاف.
• أطلقت البلدية تجربة رائدة هي مدرسة محو الأمية التي تهدف الى مساعدة من يرغب من كبار السن في تحصيل القراءة والكتابة وهذه التجربة الناجحة أدخلت المجتمع داخل البلدة في شباب متجدد .
• تمت الاستفادة من وسائل التّواصل الاجتماعي لإقامة مجموعة لأبناء البلدة في المغترب أو داخل لبنان حيث أصبح بإمكانهم التّواصل الدّائم ومعرفة كل ما يجري داخل البلدة من أتراح وأفراح أو أي حدث في وقت حصوله.
• تسعى البلدية إلى إقامة قاعة عامة للمناسبات في البلدة وضعت الخرائط لها على أن يجري العمل بها في وقت قريب لتكون قاعة مميزة تليق بالبلدة وبضيوفها .
• كما يتمّ التّحضير لإقامة حديقة عامّة في وسط البلدة تكون متنفّساً ومَعْلماً بيئيّاً. وكذلك توسيع مدخل البلدة الجنوبي الشّرقي.
• قامت البلدية بمتابعة وضع اللّاجئين السّوريين داخل البلدة من خلال عمليّة الإحصاء والمتابعة المستمرّة لضبط وجودهم داخل البلدة .
• ومن مشاريع البلديّة توسيع طرقات البلدة الدّاخليّة وتعبيدها لتصل إلى كافة المنازل والعمل على تطوير شبكة الكهرباء وشبكة مياه الشّفة وإنشاء برك لتجميع مياه الأمطار في

منزل قديم 1 (1)
منزل قديم 1

أعلى البلدة يستفيد منها المزارعون وأصحاب المواشي .

حكاية نخوة غير معهودة

من العادات والتّقاليد التي مازالت تتوارثها الأجيال حتى يومنا هذا النّخوة التي تتمثل في مؤازرة الناس بعضهم لبعض في الأفراح والأحزان وتقاليد الكرم وتكريم الضيف.
ويروي أبناء البلدة كمثال على ذلك قصّة الشّيخ أبو توفيق حسين القاضي الذي كان يعتني بكرمه الواقع على طرف القرية، عندما صادف مرور مجموعة من مشايخ الجليل بقربه فبادر إلى التّرحيب بهم ودعاهم إلى تناول العنب من كرمه وسارع إلى قطف مجموعة من عناقيد العنب وناداهم أن “تفضلوا جابرونا”.
إلا أنّ المشايخ بادروه برمي الحرام عليه ألّا يقطف أيّاً من العناقيد ظنّاً منهم أنّه ناطور وأنّه يقدم الضيافة من كروم الآخرين وتابع المشايخ سيرهم. لكنّ الشّيخ القاضي انزعج ممّا حصل وأراد أن يثبت للمشايخ حسن النّيَّة وأن الرّزق حلال فلم يجد طريقة أفضل من اقتلاع الدّالية من أرضه واللّحاق بالمشايخ على الدّرب الذي سلكوه وفور وصوله إليهم طلب منهم أن يقطفوا بيدهم من الدّالية لإبعاد الحرام الذي رموه عليه، وكان لهذا التّصرّف وقعه على المشايخ الذين بادروا إلى المشاركة وقطف العنب من الدّالية وهم مندهشون من نخوته وحرصه على توضيح موقفه حتى لا يبقى هناك التباس في ذهن أحد عن استقامته.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي