السبت, شباط 22, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

السبت, شباط 22, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

قصص الأمثال – الضحى 18

قصص الأمثال

كما تُدَيّن تُدان

نَعتبرُ هذه الحكاية المؤثّرة من الأمثلة العديدة المُتَداوَلة في الثّقافة الشّعبيّة حول أهميّة برّ الوالدين ومعاملتهما بإحسان خصوصاً عندما يتقدّم بهما العمر ويصبحان في حاجة إلى أولادهما حيث أفنيا العمر في تنشئهم وتأمين عيشهم، وقد جاء في الآية الكريمة }وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا{ (الإسراء: 23)
والحكايةُ أن رجلاً توفّيت زوجته وكان له ابن وحيد فأبى لذلك أن يتزّوج ثانية خوف أن يتعرض الابن لظلم “الخالة” (أي زوجة الأب) لاسيّما إنْ رزق وإياها أطفالاً. لذلك قرّر أن يهتمّ بنفسه بتربية ولده حتى يكبر، وعندما كَبُر الولد وأصبح في سنّ النضج اهتمّ الأب بتزويجه وأعطاه منزله للسّكن فيه مع عروسه واتّخذ لنفسه حَيّزاً من المنزل يتابع فيه حياته واهتماماته، وكان رجلاً يحب القراءة والاطّلاع.
رُزِق الابن وزوجتُه بنين وبنات فكبُرت الأسرة حتى ضاق البيت، فبدأت الزّوجة تتأفّف من الحالة وباتت تصوّر لزوجها أن استمرار سكن الوالد في المنزل لم يعد ممكناً وأنّ عليه أن يعمل على إخراجه من البيت. ولمّا لم يكن للوالد منزل آخر فقد كان الابن يستعظم موقف الزّوجة ويجيبها بالقول :
– كيف أقوم بهذا العمل فهو أبي ! ربّاني، وكبّرني، وزوّجني، كيف أتخلّى عنه وليس له مسكن؟! .إلى أين تريدين أن يذهب؟
وكانت تقول له :
– لكلّ ظرف أحكامه ونحن الآن عائلة كبيرة وقد ضاق علينا المكان ولم يعد البيت يسعنا معه
كان الابن يمانع دوماً ويذكّرها بأفضال والده عليه، لكنّها بقيت تُصِرّ إلى أن أنذرته يوماً:
– إمّا أن يخرج والدك من المنزل وإمّا أن أرحل أنا عنه!
أمام إصرار الزّوجة أخذ الابن يفكّر: إن هو تمسّك ببقاء والده فإنّه سيخسر الزّوجة وعندها لن يكون هناك من يعتني بالأولاد لذلك قرّر أنّه لا مفرَّ من أن يطلب من والده ترك المنزل، فجاءه وصارحه بأنّه إن لم يغادر البيت فإنّه سيخسر زوجته وأولاده.
لم يتذمّر الوالد الشيخ، وقال لولده:
– لا تحملْ همّي، أعطني شيئاً كي أتدثّر به، وبالله المُستعان.
أمر الابن العاق ولده الصّغير أن يأتي بغطاء قديم بال، ليقدّمه إلى جدِّه. فغاب الولد ثم عاد بالغطاء لكنّه قام أمام والده بقطعه إلى نصفين وأعطى جدّه نصفاً واحتفظ لنفسه بالنِّصف الثاني استغرب الأبُ هذا التصرّف من ولده، وسأله :
– لمَ فعلت ذلك ؟! .
أجاب الابن:
– إنّي أحتفظ بالنّصف الثّاني لك لعلّك ستحتاجه عندما تكبُر.
عندئذٍ استفاق ضمير الابن الشّاب على خطورة ما كان يقدم عليه وشعر بخجل شديد فاتّجه إلى أبيه الشيخ يضمّه ويعتذر منه، ثمّ توجه إلى زوجته بالقول: لقد خَيّرْتِني بين أمرين وأنا الآن اخترت. وعليك أنت الآن أن تختاري: إمّا أن تشاركيني بواجب البنوّة وتكوني معي لوالدي خير معين وإمّا أن تغادري هذا البيت غير مأسوفٍ عليك..
ومغزى القِصّة أنَّ من يكون عاقّاً لوالدَيْه سيأتيه أولاد يَعقُّونه بدورهم وصدق من قال: “ كما تُدَيّن تُدان”

لا خالتك قاتلتك ولا جحشك ضايع

تعبيرٌ يُطلقه من يقع في أزمة حادة ويأتي أحدٌ يريد أن يهوّن عليه دون أن يدري عمق الأزمة التي يغرق فيها، فهو يتعاطف معه لكنّه لا يملك ما يقدّمه له في محنته.., وربّما التقى هذا التّعبير مع أمثال شعبيّة أخرى مثل قولهم “يلّي بياكل العصي مش مثل يلّي بيعدّها” أو قولهم “ يلّي إيده بالمَيْ مش مثل يلّي إيده بالنار “ وهم يعنون أنّه لا يشعر بالوجع إلا صاحبُه .
تقول الحكاية أنّ ولداً يتيم الأم كانت خالته (زوجة أبيه) تظلمه. وحدث أن عاد والده من الحراثة في يوم ماطر غير أنّ الجحش الذي كان خلف أمّه لم يعد معها، ولم ينتبه الرّجل إلى فقدان الجحش إلّا حين وصل الدّار .
ووجدتها الخالة فرصة لتمارس ظلمَها على الولد، فأجبرته على الخروج للبحث عن الجحش في ذلك الطّقس العاصف.
خرج الولد مُرغَماً، وتمهّل قليلاً قبل أن يبدأ البحث لعلّ المطر يتوقّف والرّيح تخفّف من عصفها. انتظر وانتظر لكن الطقس لم يعطه فرصة إذ استمر المطر يهطل بلا انقطاع وبغزارة . أُسقط في يد الولد الذي تنتظر منه خالته أن يأتي بالجحش وألّا يعود إلى البيت إلّا وقد عثر على الحيوان الصّغير. فلا هو قادر على المضي في البحث عن الجحش في هذا الطقس الهائج، ولا هو قادر على الرّجوع إلى البيت دون الجحش مخافة أن تعاقبه الخاله. بلغ به الإحباط أشدّه ولم يجد في النّهاية من وسيلة إلا أن يرفع يديه وينظر في السّماء الماطرة محتجّاً بالقول:” شو هامّك ؟! شتي … شتّي ..لا خالتك قاتلتك، ولا جحشك ضايع. “

«عُمرك ما تقصّ ذيل حمارك قدّام اثنين»

يروي المثل حكاية من يطرح همومه ومشاكله أمام الناس، فيتلقّى حلولاً متناقضة، يَحار في الاختيار بينها، وقد صاغ الخَيال الشّعبي حكاية تتحدّث عن هذا الموضوع ؛ تقول إنّ رجلاً وولده أخذا حماراً في سفر، ورأى الأب أن يترك لولده اليافع فرصة امتطاء الحمار في الشّوط الأوّل من الرّحلة، ولما شاهد الناس ذلك بدأوا يعيِّرون الولد ويقولون: ما أسوأ هذا الولد ؛ يركب ويترك أباه المسنَّ يسيرُ على قدميه .
ترجّل الولد ودعا والده للرّكوب ومضى الاثنان في طريقهما. وبعد قليل شاهدهما جمع فبدأ أفراده يهمهمون بلهجة استنكار: ما أقسى هذا الأب، يركب ويدع ولده الصّغير يمشي على قدميه .
نزل الأب وقرّر الاثنان أنْ يتابعا الرّحلة سيراً على الأقدام لعلًهما ينجوان من آراء النّاس وتعليقاتهم التي لا تنتهي. لكن ما أن رآهما جمع من النّاس على هذه الحال حتى بدأوا يتهامسون ويتندّرون مستهزئين. يقولون: ما أغباهما! يسيران على الأقدام ويتركان الحمار بلا ركوب فلماذا يقتنيانه إذن؟!
ما أن ابتعدا عن الجمع حتى قرّرا أن يمتطيا معاً ظهر الحمار ويتابعا الرّحلة راكبَيْن هذه المرّة.
وما هي إلّا فترة حتى صادفهما رجل وقال:
– أما تخافان الله ! اثنان تركبان الحمار، أليس له روح؟ أليس من لحم ودم؟ أم تظنّان أنّه صُنِع من الحجر فلا يتعب ؟ .
ضاق الرّجل ذرعاً بكل هذه النّصائح التي يلغي بعضُها بعضاً، وأيقن أنّه لا فائدة من رأي العوام في أي مسألة، وأنّه لا يأتي منه إلا الحَيْرة والنّدم. تطلّع عندها إلى ابنه بشيء من الأسى وقال:
يا بنيّ! ما عمرك تقصّ ذيل حمارك قدّام اثنين، واحد رح يقول طويل، والثاني رح يقول قصير.

ما بْسَوِّد وجهي

هذه العبارة يستعملها الرّجل عند رفضه القيام بعمل مشين أو قيام أحد من أقربائه أو أصدقائه لحسابه بعمل يستحق الإدانة، فإن فعلوا يقول: “ سوّدوا وجهي “ .
وحكاية العبارة، كما يرويها أحمد أبو سعد، أنّ رجلاً زار يوماً أحد أصدقائه، فوجده قد طلى جداراً من جدران بيته بالأبيض، وترك الباقي، ولما سأله : فيمَ لم تطلِ البيت كاملاً ؟ . فأجابه:
– لم يبقَ معي دراهم .
فقال له :
– ولمَ لا تستدين ؟ .
فأجابه:
– أخاف ألا أستطيع ردّ الدين، أفي سبيل أن أبيّضَ حائط بيتي تريدني أن أسوّد وجهي؟!.
فذهب قوله مثلاً 1

لَحْمُ الحصيني اللّي اْنت خابره

خَبِرُ الشّيء: عَرفه حقّ المَعرفة، وخابْرُه (بالعاميّة) عارفُهُ.
ويُضْرَب هذا المثل للإشارة إلى أمرٍ ما حالته سيّئة. في حين كان الأمل معقوداً على تبدّله نحو الأحسن. وحكاية هذا المثل هو أنَّ أحدهم كان قد خرج لبعض شأنه خارج بلدة مَلَح. وصدف له أن اصطاد “حصيني” (وهو من نوع ثعالب الصّحراء الصّغيرة) فأعجبه اكتناز لحمه وكان جائعاً، فسلخه، وأوقد ناراً، وأخذ يشويه. وحينما اقترب اللّحم من النضوج جذبت رائحة شوائه التي ملأت المكان، أحدَ العابرين من البلدة نفسها، كان قد خرج لبعض شأنه أيضاً. فتقدم الرّجل يسأل الصّياد عن شوائه:
– شو هذا ؟
فأجابه :
– حصيني، أمّا شو حصيني ؟!. مثل الخروف، سلخته، ونظفته، وأقل من ساعة بيكون جاهز للأكل. شو رأيك ؟ .
تأفّف الرّجل وتمنّى أن يكون اللّحم لحم خروف أو غير ذلك، فقال له :
– حصيني ؟!. قول غير هيك يا رجل .
– ليش من شو بيشكي الحصيني خَيُّو؟! لحم أطيب من لحم الضّان.
قال له :
– حصيني يا رُجَّال ؟!..حصيني! حَدا بياكل حْصيني ؟
فأجابه :
– والله حَبَّك حَبَّك، ما حَبَّك على كيفك .
همّ الرجل بالانصراف ثم فطن إلى أمر فخاطب الصّياد بالقول:
– على كل حال أنا راح أُبرُم بَرْمة طُلّْ على الزَّرع، وبس إرجع بدّي إسألك: شو هذا ؟ . لا تقولْ لي حصيني. قولْ أرنب ! قول أيْ شيْ بيتَّاكَل! لكنْ لا تذكرْ لي اسم الحصيني، حتى يصير للواحد نَفْس ياكُل ولو لقمة! فقال له :
– اتَّكل على الله، وتيسّر .
انصرف الرّجل وفي نفسه شيء من الشّواء. وبعد أن أنهى جولته في الحقول عاد إلى الرَّجل صاحب الشّواء وكان يأمل أن يسمع جواباً مختلفاً هذه المرّة. سأله:
– شو هذا ؟! .
أجاب الرّجل من دون اكتراث:
– هذا لحم الحصيني الّلي انت خابره.
فذهبت مثلاً في عدم تغيّر الشَّيء الذي يُتَوَقَّع تَغيُّره .

مش رُمّانة، قلوب مَلْيانة

يُضرَب هذا المثل في ردّ الفعل الذي يفوق الفعل نفسه، فإذا وقع بين اثنين خلاف ما، وأبدى أحدّهما ملاحظة عاديّة على تصّف صاحبه، فسرعان ما يَعْتَبِرُ هذا الصّاحب أنّ الملاحظة كانت بسبب الخلاف القديم، وهي بالتّالي في غير محلّها.
وحكاية المثل أنَّ رجلاً ضبط جاراً له يقطف ثمرة رمّان من أرضه، وكان بين الجارين خلافات. فأمسك به، وأوسعه ضرباً .
اجتمع الجيران، وأخذوا يلومون الرّجل على فعلته. وأخذ الرّجل يحاول مُحْرَجاً تبرير فعله الشنيع مُدّعِياً أنّ جاره يسرقه. ولأنّ الجيران يعرفون قِصّة الخلاف بين الجارين قالوا للضّارب: “هذي مش رُمّانة، هذي قلوب مَليانة” أيْ أنك لم توسعه ضرباً بسبب رمّانة، وإنّما بسبب حقدك عليه للخلاف القائم بينكما.
ويُرجِع سلام الرّاسي المثل إلى عادة متّبعة منذ أيام العباسييّن وكانت تقضي أن يُجرِّب الرّجال نساءهم (مدى صبرهم وجلدهم على طلبات الزّوج) بواسطة الرّمّان، فيطلب الرّجل من زوجته أن تفقأ رُمّانة، وأن تنزع حبّاتها وتضعها في صحن دون أن تدع حبة واحدة تفلت من يدها وتقع على الأرض، فإن حدث العكس وسقطت حبّة أو أكثر تشاءم الرّجل وطلّق الزّوجة!
ومنذ ذلك الزّمن نشأت كراهية النّساء للرّمّان، وصار من دواعي تطمين العروس إلى عدم إخراجها من بيت زوجها أن تضع حماتها أمامها رُمّانة، فتدوسُها وتدخل منزل الزّوجيّة مطمئنّة إلى أنها في أمان في دار الزّوج.
ويروي سلام الراسي أن إحدى النساء كانت حاقدة على عروس ابنها التي تزوجها بغير إرادتها، ومن قلب مليء بالحقد وضعت أمام كنتها رمانة مهترئة، وحين داستها العروس فاحت منها العفونة، فقال أحد الحاضرين “هذي مش رمانة، هذي قلب مليانة ”.

ماعز ولو طاروا

يروى أيضا: “عنزة ولو طارت” والمثل معروف في أنحاء الجبل ويضرب للرجل يصر على خطئه مع وجود الدليل الواضح والذي لا يقبل الجدل أنه على خطأ. وكأنما هو ترجمة للمثل الآخر الذي يندد بالإصرار على الخطأ : “نقول له: “أعزب” بيقول : “كيف حال أولاده” نقول له: تيس، فيقول احلبوه” .
والحكاية كما كان يرويها الكبار في الجبل أن رجلين كانا يسيران في البرية في طقس رملي يرافقه غبار كثير. وسط هذا “الضباب” الرملي تراءت لهما أشياء تتحرك في الأفق، فأخذا يجتهدان في معرفة حقيقة هذه الخيالات. قال أحدهما هذا قطيع ماعز ـ وقال الآخر بل هذا سرب من الحباري، واتفقا على أن يدفع من يخطئ الظن لمن أصاب مبلغاً من المال . ولما اقتربا من المكان انجلت الصورة فإذا بتلك الأشياء هي فعلا سرب من طيور الحباري ما لبثت أن طارت من أمامهما لدى اقترابهما . فقال الذي أصاب في توقعه: أصدقت الآن أنها حباري ؟ ها هي قد طارت . لكن الآخر بقي يُصرّ على أنها قطيع ماعز قائلاً : “ ماعز! ولو طاورا “ فغدت مثلاً يضرب في هذه الحالة .
وورد المثل في مجموعة سلامة عبيد بصيغة المفرد “عنزة ولو طارت”

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي