الجمعة, نيسان 26, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الجمعة, نيسان 26, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

قَنَوات مدينة التاريخ

قَنَوات مدينة التاريخ
وعروس جبل العرب

إحدى أقدم المدن في العالم تهدمت صروحها
وأعاد الموحدون إعمارها فعادت حاضرة زاهرة

بسبب أهميتها سكّ الرومان النقود باسمها لكنها إندثرت
بعد انتقال الخلافة إلى بغداد وتحوّل طرق التجارة عنها

الشيخ قاســــم المهتار وشديد شـرّوف أول من سكنها
وعائلاتها الحالية تعود في معظمها إلى أصول لبنانية

جانب-من-معبد-هيليوس-ويبدو-جزء-من-المدينة-خلفه
جانب-من-معبد-هيليوس-ويبدو-جزء-من-المدينة-خلفه

قنوات واحدة من بين أقدم حواضر الجبل، بل هي حسب بعض المؤرخين من أقدم مدن العالم اعتبرها الرومان بين أكبر مدن الإمبراطورية وسكّوا النقود باسمها، وأقاموا فيها المدارج الرياضية والفنادق أو الخانات، وبنوا فيها المعابد وخزانات المياه الضخمة والطرق، وجروا إليها المياه في أقنية حجرية وأحاطوها بأسوار منيعة، لكن هذه المدينة الزاهرة أفل نجمها في ما بعد وتآكلتها صروف الدهر وأيدي العابثين من بني البشر حتى غدت خراباً قاحلاً. إلا أن المهاجرين الأوائل من الموحدين وجدوا فيها موئلاً وطبيعة خصبة ومنيعة فأقاموا فيها وأعادوا إعمارها لتصبح مع الزمن مدينة يسكنها اليوم نحو 12 ألف نسمة، ومجتمعاً أهلياً تزدهر فيه أعمال الزراعة وبعض الصناعات وتدعمه المؤسسات الرسمية والأهلية والخيّرون من أهل البلدة.
فما هي قنوات، ولماذا اشتهرت عبر التاريخ، ولماذا درست، وكيف أحياها الموحدون الدروز ليجعلوا منها حاضرة مزدهرة؟

قنوات في التاريخ
كانت قنوات في العصر الهلنستي (أي عصر الدولة السلوقية ذات الحضارة الإغريقية المتمازجة مع حضارات الشرق الأوسط القديم)واحدة من المدن العشر الهامة ( ديكا بوليس)، في جنوب بلاد الشام، ومن هذه المدن قنوات وبصرى وجرش وأم الجمال وعمّان (فيلادلفيا )… وبعد احتلال الرومان لسوريا على يد القائد الروماني بومبيوس سنة 63 قبل الميلاد، تنامى ازدهار المدينة، وكانت أمور مجتمعها تُدار بأسلوب شبيه لما كانت عليه الحال في المدن الرومانية واليونانية، من خلال مجالس شيوخ محلّية من الوجهاء والقادة… ومنذ بداية القرن الرابع الميلادي، عندما اعتمد الامبراطور الروماني، قسطنطين، المسيحية ديانة رسمية للدولة، غدت «كاناثا»، (وهذا هو اسمها القديم)، مقرّاً لأسقفية كبيرة ترتبط ببصرى، وتتبع وإياها بدورهما لبطريركية أنطاكيا.
ولأهميتها، فقد سُكّت نقود برونزية حملت اسمها، ويقدّر الآثاريون وعلماء التاريخ القديم عدد سكان قنوات في عصرها القديم ذاك بنحو 60000 نسمة. لكنّ قنوات تراجع عمرانها في العصر العربي الإسلامي، وخاصة بعد أن نقل بنو العباس العاصمة من دمشق إلى بغداد، وبعدت طرق التجارة عنها.

موقع مرتفع ومصيف جميل
تقع مدينة قنوات على ارتفاع نحو 1320م فوق سطح البحر، وعلى مسافة 7كلم، شمال شرق السويداء، يشقّها وادٍ عميق يشطرها نصفين، وتحيط بها المرتفعات من الشرق والشمال والجنوب، ولها أفق مفتوح على الغرب، ومن موقعها هذا تطل على سهل حوران، وجبل الشيخ ومرتفعات الجولان ممّا يؤهلها لتكون مصيفاً ممتازاً لطيب هوائها ووفرة مياهها، والاسم «قنوات» يدل على وفرة الأقنية في تلك المدينة وخراجها.
عودة الروح إلى الخراب
بدأت قنوات في عشيّة القرن الثامن عشر تنفض عن نفسها غبار قرون من الخراب عندما قدم إليها، وفقاً لرواية أحد معمري آل عسقول، الشيخ قاسم المهتار ( أصلاً من عرمون في جبل لبنان) وشديد شرّوف، وكانا يسكنان في خربة سلم، الواقعة بين بلدتي سليم وعتيل قرب قنوات، واستوطنا فيها، وكان ذلك أول دخول لبني معروف إليها، وإيذاناً بإعادتها إلى العمران.
عندما زارها الرحّالة بيركهاردت سنة 1810، وهو المستشرق السويسري المكلّف من قبل بريطانيا باستطلاع بلاد العرب، ذكر أنه وجدها شبه خَرِبة، وصلتنا أخبار تلك الزيارة من خلال كُتيب صغير ترجمه المرحوم الأستاذ سلامة عبيد، متناولاً فيه فقط ما يتعلّق بحواضر جبل حوران عنوانه: «جبل حوران في القرن التاسع عشر، مقتطفات من كتاب: «رحلات في سوريا». يقول بيركهاردت في ص20: «إنّ قنوات تقع على مسير ساعتين شرق السويداء ــ الأصح شمال شرق السويداء ــ ويصف الطريق من السويداء إليها بأنّه يسير في حرج لم يُسمح له بالنمو، وأشجاره من السنديان والزّعرور، تتخلله بضعة حقول مزروعة»، ويذكر بأنه «يوجد إلى الجنوب الغربي من المدينة نبع غزير».
ويوثّق بيركهاردت مشاهداته في قنوات في تلك الفترة من الزمن، فيذكر أنّ أوّل ما يلفت انتباه القادم من السويداء إلى قنوات عدد من الأعمدة العالية فوق مصطبة على مسافة قريبة من البلدة، وكان هذا معبد إله الشمس «هيليوس» في عصور الإغريق والرومان، ويعود بناؤه إلى القرن الأول قبل المسيح.
أمّا عن سكان قنوات في ذلك العصر، فيقول الرّحالة أنّه لا توجد في قنوات إلاّ أسرتان درزيّتان، كان أفرادهما منهمكين في زراعة حقول التبغ.

وفود المهاجرين من لبنان
لكن الدروز، ومنذ تلك الفترة ــ أي مطلع القرن التاسع عشر ــ أخذوا يتوافدون إلى حواضر جبل حوران الخربة ومنها قنوات، ويعمّرونها، كان هذا شأنهم منذ أن قضى العثمانيون على الإمارة المعنية، وقد اختلف الوضع على بني معروف الدروز منذ ذلك الوقت، وتفاقم الأمر بعد أن تحوّل الأمراء الشهابيون السنّة ــ الذين حلّوا محلّ المعنيين ــ إلى المارونية وتمكنوا، وخصوصاً بشير الثاني، من استخدام نفوذهم وحلفهم مع المصريين لإضعاف شوكة الموحدين الدروز وتشتيت أسرهم الإقطاعية وسلب إقطاعتها وأراضيها. وقد تصاعدت نتيجة لتلك الضغوط الشديدة هجرة الموحّدين الدروز إلى جبل حوران فعُمّرت قنوات وغيرها من حواضر جبل حوران بعد أن كانت خراباً لزمان طويل.

مأثرة الشيخ فارس حميد
مع توافد أسر الموحّدين إلى قنوات خلال القرن التاسع عشر، وبسبب الحاجة الماسة لتأمين سكن على وجه السرعة، كان الناس يستسهلون الإقامة في البيوت التي وجدوها تصلح للسكن أو البناء بحجارة الآثار المتناثرة في المدينة المهملة.
عاش في تلك الفترة الشيخ فارس حميد، وكان ذا عقل نير وفكر سديد، وقد هاله ما رأى من عدوان على الآثار، فارتأى أن يوحي للناس بأنّ هذا المجمّع المركزي الفريد بآثاره كان مقرّاً للنبي أيّوب عليه السلام في أيّام مرضه. هنا امتنع الناس عن المساس بتلك الآثار، ولابد أن الشيخ فارس حميد في موقفه الحصيف هذا قد ساهم بتقليص حجم الضرر الذي لحق بتراث قنوات، ولم يزل مثقّفو المدينة وعقلاؤها إلى يومنا هذا يذكرون له هذا الجميل الذي أسداه لتاريخ مدينتهم وتراثها العريق.

أحراج قنوات ضحية الحرب

أصبحت غابات قنوات الشهيرة، في غياب الدولة، من ابرز ضحايا الوضع المضطرب في البلاد، ولم يتبقَ منها حالياً أكثر من 5000 دونم من الأحراج، وحتى هذه المساحة المتبقّية تلتهمها حاليّاً وبشراهة مناشر البنزين لتحول هذه الثروة الحرجية الثمينة إلى حطب للتدفئة في فصل الشتاء البارد في مدينة جبلية، وذلك بسبب ضغوط أزمة المازوت وتردي مستوى المعيشة وحاجة المواطنين الماسّة للتوفير ولو من أي باب.
ولمواجهة ما يتعرّض له حرش قنوات من خطر الإبادة، فإن الوحدة الإرشادية الزراعية في المدينة تقاوم التحطيب الجائر اللاعقلاني عن طريق فصائل حراسة طوعية ــ ولكن لا حياة لمن تنادي ــ على حد قول أحد المعنيين بحماية الحرش المهدّد بالزوال بسبب التعديات الحاصلة من أهالي قنوات أم من مواطني قرى الجوار من ضحايا أزمة البلاد.

آثار-رومانية
آثار-رومانية

الآثار الطبيعية
اكتشفت في أراضي قنوات، في منطقة «حيور اللوز» الواقعة شرق المدينة، مغارة طبيعية قديمة، طول المعروف منها نحو 760 متراً، بعرض نحو 5 أمتار، وارتفاع 4 أمتار، ويشكّل سقفها وجداراها قوساً غير متناظر على طول امتدادها. وبتأثير من عوامل الرطوبة عبر العصور القديمة فقد تشكّلت في تلك المغارة ما يُعرف بظاهرة الصواعد والنوازل ذات اللون البنّي المختلف عمّا نشاهده في المغاور التي تشكّلت في المناطق الرسوبية التي يغلب عليها التركيب الكلسي( كمغارة جعيتا مثلاً)، بحيث يكون لون الصواعد والنوازل مائلاً للّون الأبيض الكريستالي، وغلبة اللون المائل للبُنّي على صواعد ونوازل مغارة حيور اللوز في قنوات، ناشئ عن غنى تربة الجبل البركانية بالهيماتيت( أوكسيد الحديد الأحمر)، الذي أكسبها ذلك اللّون.
قنوات في محنة تيمورلنك
تعرّضت قنوات لما تعرّضت له سائر بلاد الشام في العهود التاريخية السالفة، ولعلّ الخراب الأكبر الذي تعرّضت له حواضر الجبل على يد الغازي المغولي تيمورلنك سنة 802هـ، نحو سنة 1403م، قد نال منها، كما يذكر سعيد الصغير في كتابه: «بنو معروف في التاريخ»(ص122). بذلك فقد كانت قنوات خراباً يباباً قبل أن يعيد الموحدّون من بني معروف عمرانها منذ نحو قرنين ونيّف من عصرنا هذا، وإن أوّل شهادة توثّق نزول الموحّدين فيها هي شهادة الرحالة بيركهاردت الذي زارها سنة 1810، وقد ذكر فيها وجود أسرتين ( درزيتين)، إلاّ أن بيركهاردت لم يسمِّ لنا أحداً ممن ذكر وجودهم آنذاك.

قدوم آل الهجري
يذكر المعمرون في المدينة أنّ الشيخ قاسم المهتار أول ساكني قنوات هو جدّ آل جزّان، وقد اشتهر بادئ الأمر بعمله في الحطب فعُرف بالجزّال، ( والجزل لغةً هو ماعظم من الحطب ويبس)، وفي ما بعد حُرّفت الكنية فأصبحت «جزّان»، ومن ثم قدم إلى قنوات آل شرّوف وقيصر، وهؤلاء أساساً يتحدّرون من أصل واحد، ومن ثم تلاهم الشيخ أبو حسين ابراهيم الهجري، ولعلّ قدومه هذا إلى قنوات كان بتأثير خلاف وقع له مع الشيخ الحمداني في السويداء. والشيخ الهجري، حسب ما يذكره المعمرون، ينتمي لآل زين الدين أصلاً، كان والده محمود سلمان زين الدين قد هاجر من خريبة الشوف في جبل لبنان إلى أشرفية صحنايا.

توسع-عمراني-في-المدينة
توسع-عمراني-في-المدينة

ويذكر أستاذ التاريخ في قنوات، جدعان زين الدين، أن سبب هجرة آل زين الدين من جبل لبنان يرجع لكونهم ضحية السياسة المستبدة والإقصائية التي كان يمارسها الأمير بشير الشهابي المدعوم من الأكليروس الماروني وفرنسا من خلفهم، ضد الموحّدين من بني معروف، وهذا يصح على معظم المهاجرين من جبل لبنان من بني معروف الذين لجأوا إلى جبل حوران في ذلك العصر. وأشرفية صحنايا هذه هي إحدى قرى غوطة دمشق التي يقطنها الموحّدون آنذاك وإلى يومنا هذا، ومن ثمّ انتقل الرجل إلى الجبل، وقد عمل عند قدومه إلى السويداء بحياكة الوسائد من الصوف والبُسْط من شعر الماعز، وكان شاعراً وأديباً، ورجل دين وتقوى هجر جبل لبنان، ولهذا لُقّب بالهجري، وقد اعتمده الحمدان، شيخ مشايخ الموحّدين في الجبل آنذاك، وكان مركزه في السويداء.
اشتهر الشيخ ابراهيم بعلمه الواسع وحكمته بصواب رأيه الذي عمل به الموحّدون في حربهم ضد حملات ابراهيم باشا (حليف الأمير بشير الشهابي)، التي وجهها ضد بني معروف على الجبل، وقد كانت حربه تلك من بين أسباب فشل مشروعه القاضي بالتخلّص من السيطرة العثمانية.

“هال الشيخ فارس حميد تخــريب الســـــكان للآثـــار العظيمة واستخدام أحجارها في بناء منازلهم فأوحى لهم أنها كانت سكناً للنبــي أيوب فامتنعوا ..وسلمت”

توافد العائلات إلى قنوات
كان من القادمين إلى قنوات آل شقير ( وهم أساساً من جبل لبنان)، وقد تفرّع منهم آل زريفة نسبة لإسم والدتهم (زريفة شقير)، ثم قدم آل زين الدين ومنهم تفرّع آل عسّاف وشكر.
ومن عائلات قنوات آل عسقول، وآل الجرماني، وهم أصلاً من آل ملاعب من بيصور، سكنوا في جباع الشوف زمناً، ومن ثم انتقلوا بعدها إلى جرمانا من قرى غوطة دمشق، انتقلوا بعدها إلى الجبل وسكن بعضهم قنوات، وهناك آل خير، ويقال إنهم يمتّون بصلة القربى لآل أبو فرح في صحنايا، في غوطة دمشق، ولآل كيوان ومنذر وفرحات في بقعاتا الجولان. ومرجع هذه الأسر يعود إلى جبل لبنان. وآل أبوخير، وهؤلاء أصلاً من دير القمر جبل لبنان، ولكنّهم بعد حرب 1860 هُجّروا منها وتفرّقوا بين دميت وكفر نبرخ في جبل لبنان، وبين رخلة في جبل الشيخ وامتد بهم التهجير إلى جبل الدروز، فاستوطن بعضهم في قنوات، وكانوا حمّلة البيرق فيها أيام حروب بني معروف في المواجهات ضد العثمانيين، وقد استشهد منهم خمسة أخوة في تلك المعارك خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، وفي ما بعد تسلّم البيرق آل شرّوف.
وهناك آل قيسيّة، وهم أصلاً متفرّعون من آل عامر في بعقلين من جبل لبنان، وآل خلف، وآل أبو شاهين، وبشير وأمين، وجمال الدين ،وبكري، وفرحات، وريدان، والقضماني، والعقباني، وغنّام، وعسقول والمغوّش، وأبو سعد، والشويّاني، وأيوب، والشوفي، وزرزور، وشهيّب، وصعب، والأعور، والبرنوطي، وزيدان وفرزان، وفهد، ومن الملاحظ أنّ معظم هذه العائلات المعروفية ذات جذور لبنانية.

تركيبة السكان
يبلغ عدد سكان قنوات حاليّاً نحو 11862 نسمة، يضاف إليهم في هذه الفترة نزوح نحو 500 أسرة سورية من محافظات الجوار وغيرها بسبب ما تتعرّض له البلاد من أحداث مؤلمة، وعموماً فللمدينة جاذبية أكسبها إياها موقعها الطبيعي الجميل، حيث تحيط بها أحراش من السنديان والبطم والزعرور، ومُناخها العليل المميز، تضاف إلى ذلك المواقع الأثرية التي تمنحها ميزة سياحية لم تستفد منها بشكل كافٍ، وبسبب من ظروف العمل والتوظيف داخل القطر السوري، فإنّ نحو 1500 أسرة من قنوات موزعة في محافظات سورية عدة بحكم عمل أربابها، أهمّها دمشق وحلب والرّقة.

مبنى-بيت-الضيعة-في-قنوات
مبنى-بيت-الضيعة-في-قنوات

استخدامات الأراضي في قنوات
تبلغ المساحة المستثمرة زراعيّاً من أراضي قنوات نحو 26000 دونم من أصل 50000 دونم هي المساحة الإجمالية لأراضي المدينة، تتراوح فروق ارتفاعاتها بين 1075م فوق سطح البحر من جهة الغرب، لتصل إلى نحو 1690 متراً من جهة الشرق. وهناك 11190 دونماً، هي عبارة عن أراضٍ غير قابلة للزراعة، لكونها أبنية ومرافق وبحيرات ومستنقعات، وأراضي صخرية أو رمليّة، وهناك أخيراً الأحراج التي تتعرض اليوم لأخطر أزمة قد تهدد وجودها.

مواسم العنب الوفيرة
تصنّف أراضي قنوات على أنّها منطقة استقرار أولى في محافظة السويداء، وهي مخصصة للزراعة، إذ تمنع فيها تربية الماعز والأغنام على شكل قطعان، ومتوسط كميّة المطر السنوي فيها يفوق الـ 400مم، وكان العنب يشكل المحصول الزراعي الرئيسي إلى أن اقتحمت حشرة الفلوكسيرا سلامه، فكان هذا بداية تراجعه لصالح التفّاح، وهبطت مساحة المغروس منه من نحو 5500 دونم إلى نحو 4480 دونماً، وتدنّى عدد أشجار الكرمة المثمرة إلى نحو 222000 شجرة، بلغ إنتاجها من العنب نحو2504 أطنان، يذهب معظمه (1404 أطنان) للموائد أو للزبيب (نحو 250 طناً) أو للدبس (نحو 350 طناً). وأنواع العنب في قنوات عديدة، ويتم تصريف إنتاجها داخل المحافظة وخارجها. هذا وتوجد ثلاث معاصر آلية على مستوى محلّي للعنب قبل غليه، ويبلغ متوسّط إنتاج الدبس في قنوات نحو 10000 تنكة من الدبس، أي نحو 250000 كغ ( نحو مئتين وخمسين طنّاً) يستهلك بعضه محليّاً، ويباع الباقي في الأسواق.
وهناك من يصنع الدبس في المنزل، ودبس البيت أفضل من دبس المعصرة التجاري ذي اللون المائل للأسود، في حين يكون دبس البيت أشقر بلون العسل ويكاد يكون بطعمه.

التفّاح كمحصول إقتصادي
أصبحت شجرة التفّاح، الشجرة الرئيسية في قنوات، ويبلغ عدد أشجارها نحو 329,000 شجرة، ولذا بدأ التفاح يحل تدريجياً محلّ العنب من حيث دوره في الإنتاج الزراعي وقد بلغ الإنتاج منه في سنة 2012 نحو 4,000 طن،إلا أن الإنتاج يتقلّب من سنة لأخرى، بحسب الظروف المناخية.
تضاف إلى ذلك قدرة المزارع على الإنفاق على التسميد الذي من شأنه أن يحافظ على مستوى إنتاج مناسب، وهذا لولا مشكلة الارتفاع العاصف لأسعار الأسمدة، إذ كان ثمن الكيلوغرام من سماد البوتاس 12 ل.س، في حين أصبح سعره في تمّوز 2013 60 ل.س، وقد اصبح سعر السماد يثقل كاهل المزارع، وهو ما سيؤثر حكماً على الإنتاج.

بلد الأشجار المثمرة
لقد وهبت الطبيعة قنوات أرضاً خصبة، ومياهاً ومناخاً ساعدا على قيام زراعة ناشطة ساهم بها إنسان يعي أهمية الزراعة التي أخذت تنحو باتجاه زراعة الأشجار المثمرة والبستنة والكروم بشكل عام. ومن هنا، وبالإضافة لما سبق بيانه من زراعة العنب والتفاح، فقد ازدهرت زراعة أشجار مثمرة أخرى، وكلّها على العموم تُزرع بعلاً، أهمّها الزيتون، وقد بلغ عدد أشجاره نحو 38,457 شجرة والإجّاص (نحو 47,000 شجرة) واللّوز (نحو 20,000 ألف شجرة)، وهناك أنواع أخرى من الأشجار المثمرة مثل الكرز: ويبلغ عدد أشجاره 7073 شجرة، والدرّاق وعدد أشجاره نحو 15000 شجرة، والتين (نحو8000 شجرة) ويزرع التين بالترافق مع العنب، وهي الشجرة الأكثر ملاءمة للزراعة في بيئة الجبل بشكل عام والأقل تأثراً بأمراض الأشجار وآفاتها. وهناك المشمش (نحو 3,000 شجرة)، والخوخ (نحو 2,300 شجرة)، متوسّط إنتاج الشجرة الواحدة 15 كلغ، والجوز والرّمّان والفستق الحلبي والجانرك والسفرجل وغيرها.
محاصيل حقلية أُخرى: رغم أن التنظيم الزراعي ينصح بزراعة البستنة والكروم في قنوات، إلا أنّ بعض المزارعين يقومون بزراعة محاصيل حقلية من الحبوب كالقمح والحمّص والعدس وغيرها، ولكنّ هذا يجري على نطاق محدود، ولا توجد إحصاءات لدى الوحدة الإرشادية الزراعية عن تلك المحاصيل.

خزانات--المياه-الرومانية---القناطر-صممت-لحمل-السقف-وقد-زال-الآن
خزانات–المياه-الرومانية—القناطر-صممت-لحمل-السقف-وقد-زال-الآن

المياه في قنوات
كان بناة المدينة الأوائل من الأنباط والإغريق والرومان قد استجرّوا الماء لسكان المدينة من ينابيع «الصايغ»على بعد 7 كلم، وارتفاع 1400 فوق مستوى سطح البحر إلى الشرق من المدينة، وعندما احتل الفرنسيون سوريا مدّوا خطّ المياه على آثار الخط القديم…وحاليّاً، توزّع المياه على سائر بيوت المدينة، بكلفة 5 ليرات سورية للمتر المكعب الواحد للمواطن.

الإنتاج الحيواني
بحكم موقع قنوات وأراضيها ضمن منطقة الاستقرار الأولى، فقد منعت فيها تربية الماعز والأغنام والجمال والأبقار الجبلية التي كانت تربّى على شكل قطعان، وذلك لما كانت تسببه تلك المواشي، وخصوصاً الماعز منها، من أضرار على المزروعات والأشجار المثمرة والحرجية. ولهذا السبب فقد تحول الكثير من المزارعين إلى تربية الأبقار ذات الأنواع العالية الإدرار من الحليب أو تسمين العجول الذكور أو تربية الماعز الشامي، بعد تحريم تربية الماعز الجبلي على شكل قطعان ترعى الأرض على سفوح الجبل وأوديته وأحراشه. ولأهمّية الماعز من حيث حليبه ولحمه وشعره وفضلاته التي تفيد في تسميد الأرض، فقد لجأت أسر عديدة لتربية الماعز الشامي المحسّن، أو الدواجن على أنواعها في منازلهم، وفي المدينة مدجنة للدّجاج البيّاض تربّي 10,000 طير. وهناك عدد من الأشخاص في المدينة يقومون بتربية النحل.
هذا ويقوم الأطباء البيطريّون ومساعدوهم وموظّفو الوحدة الإرشادية الزراعية بزيارات منزلية دورية لمربّي تلك المواشي من أبقار وخيول وماعز ودواجن للإشراف، ولتفقد صحّة سائر الحيوانات المنزلية وتقديم اللقاحات المجانية والإرشاد المناسب.

المرافق العامّة
تقوم على خدمة المدينة وسكانها مجموعة من المرافق العامة أبرزها:
دائرة البلديّة: التي تهتم بمسائل تنظيم العمران وفق مخطط تنظيمي يغطي المدينة الأثرية القديمة، كما تعتني البلدية بتلبية احتياجات التوسّع العمراني المتنامي، وإصدار رخص البناء وشقّ الشوارع، وسفلتتها، وصيانة الشوارع القديمة، ورعاية نظافة الشوارع التي يبلغ مجمل أطوالها 70 كيلومتراً، وجملة ما يخص المدينة بشكل عام، ومتابعة عملية ربط منازل الأهالي بشبكة الصرف الصحي التي تخدّم 40% من مجمل منازل المدينة فقط، ورعاية الحديقتين العامتين اللتين تبلغ مساحة الواحدة منهما دونماً واحداً على المخطط التنظيمي للمدينة.
ومن ضمن اهتمامات البلدية، التعاون مع دائرة الأحراج في حماية الأشجار الحرجية الواقعة ضمن أراضي قنوات، ومراقبة حسن توزيع المواد التموينية من خلال صالة بيع المواد الاستهلاكية.
المدارس: التعليم في المدينة بجملته تعليم حكومي مجّانيّ، تديره الدولة التي تقوم بإمداد المدارس بوسائل التدفئة من مدافئ ومازوت في فصل الشتاء. وفي قنوات 5 مدارس إبتدائية ــ تعليم مختلط ــ

خارطة-محافظة-السويداء-وتبدو-قنوات
خارطة-محافظة-السويداء-وتبدو-قنوات

” الشيخ التقي إبراهيم الهجري كان شيخ مشايخ الجبل اشتهر بعلمه الواسع وحكمته وقد عمل الموحدون بمشورته في حربهم ضد حملات ابراهيـم باشا “

مشكلة سدّ الفطم

في أواخر القرن الماضي أنشأت الدولة سداً يقع في الجهة الشمالية الغربية من قنوات، حمل اسم سد الفطم، نسبة للأرض التي شيّد عليها، وكان من المتوقّع لذلك السد أن يخزن نحو 7 ملايين م3.
لكن بعد إنشاء السدّ تبيّن أن نفوذية التربة في أرضيته أفشلت المشروع الذي كان مقدّراً له أن يرفع مستوى الزراعة في قنوات، ويساهم في إنتاج وفير يمكن استثماره في مجال تصنيع المنتجات الزراعية.
يعتقد بعض مهندسي المياه مع ذلك أنه من الممكن تدارك الخسارة، وإعادة تأهيل السد من خلال تزويد أرضيّته بما يدعوه المختصّون بسجّادة غضارية كتيمة أو بإجراءات هندسية مناسبة لإعادة الحياة إلى ذلك المشروع الذي لايزال بحكم الميت، بعد كل ما أنفق عليه من أموال ومجهودات.

ومدرسة إعدادية، وفي المدينة مدرسة ثانويّة عامّة ومدرسة فنية نسوية و4 روضات أطفال. ومما يجدر ذكره أن التعليم في قنوات هو تعليم مجّانيّ عام تديره الدولة، باستثناء مدرسة الشمس الخاصة. وهناك روضة أطفال تشرف عليها تابعة لمنظّمة الاتحاد النسائي في السويداء مركزالمحافظة ومن ضمن اهتماماتها، وتضم الروضة ما بين 80 إلى مئة طفل وطفلة. وتتواصل الناشطة في الوحدة النسائية، راغدة أيوب مع 230 أسرة في قنوات، حيث تقام دورات كومبيوتر مسائية للراغبات، ونشاطات تدريبية على كيفية صناعة الصابون ودورات تنجيد للمفروشات، وتطريز المناديل النسائية، ودورات إسعاف أوّلي للمرضى والجرحى في مجال الدفاع المدني.
الوحدة الإرشادية الزراعية: تقوم الوحدة الإرشادية في قنوات بمهام فنّية هامة لدعم الزراعة وتربية الحيوان في قنوات، وعدد موظّفيها 18 موظّفاً وموظّفة يتقاضون رواتبهم من وزارة الزراعة. منهم 7 رجال، 4 منهم مهندسون زراعيّون، وبيطري واحد، وثلاثة مراقبين زراعيين. أما النساء فعددهن 11 منهنّ 4 مهندسات زراعيات، والأخريات موظّفات في ملاك الوحدة إلإرشادية، ويتضمّن بناء الوحدة الإرشادية قاعة محاضرات للتثقيف الزراعي تتّسع لـ40 مشاركاً.
هذا وتقوم هذه الدائرة بعمل ميداني هام لتطوير عمل وإنتاج المرأة الريفية مثل التدريب على تصنيع الشامبو وسوائل الجلي وصناعة الطحينة، والاستثمار الأمثل للحديقة المنزلية، وزراعة الخضار، وإقامة دورات تدريبية لتعليم النساء مهنة قص الشعر النسائية «الكوافير».
المركز الثقافي: خُصّصت للمركز الثقافي في قنوات دار مساحة بنائها 120 متراً مربّعاً تحتوي على قاعة محاضرات ومطالعة وعرض سينمائي تتسع لـ100 كرسي، الى جانب غرفتين للإدارة والموظفين ومرافق خدمة تقع ضمن المنطقة الأثرية من المدينة القديمة. وعدد موظفي المركز ستة من الذكور والإناث، ورئيسه الأستاذ حمد شكر زين الدين. ومن الدوائر الرسمية في قنوات، مركز الهاتف ومكتب للبريد وشعبة للآثار.
المركز الصحي : ويدعى بـ»مركز الدكتور شفيق أبو سعد الصحّي»، وهو عبارة عن بناء حديث متقن بطابقين، مساحة كل منهما 160م2، وقد تبرّع ببنائه شقيق الدكتور المتوفّى.
يضم المركز الصحّي ثلاثين موظّفاً وموظّفة من المختصّين في شؤون الصحة، رئيس المركز طبيب عام، وفيه عيادة نسائية، وعيادة أسنان مجانية ويتم تحويل المرضى عند اللزوم إلى مشفى السويداء، ويتضمّن المركز مخبراً لتحاليل الدم والبول وصالة للمحاضرات للتثقيف الصّحّي تتسع لـ 20 كرسيّاً.
صالة بيع المواد التموينية: ويتولى المسؤول عنها بيع المواد الاستهلاكية بأسعار مدعومة، وهذا مع الأخذ في الاعتبار عدم استقرار الأسعار في الظروف الحالية التي تمر بها سوريا، لكن أسعار الصالة تبقى أرخص كثيراً من سعر السوق وأرحم للمواطن العادي، هذا بالطبع عند توفّر المادة المطلوبة فيها.
جمعية قنوات الخيرية: تأسّست الجمعية الخيرية في قنوات سنة 2004، ويرأسها السيد أبو شكري فوّاز جزّان، وهي تقدّم خدمات للفقراء والمحتاجين، وتساعد في تعليم الطلاب المعوزين، كما تقدم المعونات العينية للأسر الفقيرة.
دور العبادة والأوقاف: في قنوات مجلسان للموحّدين، واحد لآل الهجري، ومن معهم، وآخر لآل جّزان ومن في جماعتهم، وهذا التوزيع لا يدل على انقسام اجتماعي في الوقت الحالي، وإنما هو نتيجة لظروف اجتماعية تجاوزها أهالي قنوات ومضى عليها الزمن.
أما أوقاف المدينة، فتتألف من تبرّعات المواطنين، والمدفوعات الطوعية عن أرواح المتوفّين، والزيارات والنذور، والتقدمات للضريح في مقام الشيخ الهجري. وتنفق الأموال لترميم المجالس وموقف بيت المدينة وبيت الجنازة للنساء، والموقف العام حيث يتم تشييع الجنائز تبلغ مساحته 525 م2، وهو عبارة عن بناء مدرّج مسقوف، وقد خصص له موظّف لصيانته، وينفق الباقي على الفقراء والمساكين.

قنوات الأثرية متحف الأزمنة
لم يصلنا من كنوزها إلا القليل

بقايا-الكنيسة-الشرقية
بقايا-الكنيسة-الشرقية

تعرضت آثار قنوات الغنية والمتنوعة لصروف الدهور، إذ عبثت بها أيدي البشر جيلاً بعد جيل عندما لم يكن الكثير يعرف عن أهمية الآثار، وكان الناس في المقابل فقراء ولا تتوافر لهم وسائل قطع الأحجار التي نمتلكها اليوم. وقد كان أسهل لذلك نقل أحجار القلاع والآثار القديمة من مكانها واستخدامها في شتى الأمور بما في ذلك رصف بعض الطرق أو الساحات. وقنوات ليست استثناء على تلك القاعدة لكن ربما بسبب حماية الشيخ فارس حميد لآثار قنوات أو ما كان قد تبقى منها في زمانه، فإننا نجد اليوم بضعاً منها مما يرتدي أهمية تاريخية وأثرية كبيرة، ومن هذه:
1. السرايا: وتشمل أطلالاً لأبنية دينية عدة هامة بنيت على آثار بعضها البعض، إذ تعود إلى عصور متعاقبة، وهذه هي أوسع آثار المدينة، وأكثرها إثارة للسائح والدارس معاً، وإلى الغرب من السرايا تمتد ساحة واسعة مبلّطة بالبلاط البازلتي تتّصل بأبواب المدينة، ومن الراجح أنها كانت تشكّل السوق التجارية لمدينة مزدهرة كانت تقع على الطريق إلى كعبة سيع المجاورة لها، بالإضافة إلى ما احتوت عليه قنوات من موقع إداري في تلك العهود، ومعابد آرامية نبطية، وإغريقية ورومانية ووثنية ومسيحية بيزنطية… فالمعبد الروماني العائد للقرن الثاني الميلادي، أقيمت فيه كنيسة مسيحية في القرن الرابع للميلاد، ولكن باتجاهات تعاكس اتّجاهاته، ثم بنيت كنيسة أُخرى في ما بعد تعود الى أواخر القرن الرابع أو الخامس في الجهة الخلفية مع قاعة أماميّة، وقاعة استقبال كبرى، ويقع مدخل هذا المجمّع الديني الكبير في الواجهة الغربية التي تطلّ على الساحة العامّة، وما زالت الواجهة الغربية محافظة على ارتفاعها الأصلي كما كانت عليه الحال في العصور القديمة.
2. خزّان المياه: أبعاده 17× 14,5 متراً بعمق 7م، ولا يزال بحالة جيّدة، غير أنه افتقد الملاط الذي كان يساعد على الاحتفاظ بمياهه، ولابد أن ذلك حدث بفعل تطاول القرون، ويقع في الجهة الجنوبية الغربية من السرايا، ولا تزال القناطر الضخمة القوية على حالها، لكن البلاطات المنحوتة ــ الرّبد ــ التي كانت تشكل سقف الخزان قد زال معظمها بفعل عدم وجود حماية للآثار في الماضي. أما إمداد الخزان بالماء فقد كان يتم من مياه الوادي الجارية من جهة الجنوب من سيع، ومنه يتم سحب الماء إلى الحمّامات.
3. معبد الإله زوس: ويقع إلى الشرق من الخزان، ولم يبقَ من معبد زوس سوى المصطبة والزاوية الشمالية من الرواق الذي كان أمام بوابة مصلّى المعبد.
4. المسرح: وهو صغير الحجم بالقياس إلى تلك المسارح التي بقيت من ذلك العصر البعيد، ويرجّح أنه كان يستخدم للموسيقى، ويعود للقرون الأولى للميلاد، ولاتزال ماثلة منه للعيان، وبحالة جيدة 9 صفوف من مدرّجه، وعلى جدار الصف الأوّل من الدرجات تبرز كتابة تفيد أنّ»ماركوس أوليبس بن ليزيا بن إيكاروس قام بتشييد هذا الأوديون على شكل مسرح بكلفة 10000 قطعة نقدية بكل الشجاعة والسرور»، ويوجد مكان للجوقة على شكل نصف دائري 11,70×10,40م، مع أرضية لا تزال محتفظة ببلاطها من الحجر البازلتي المنحوت، وواجهة المنصة مزيّنة بمحاريب متعاقبة، والمدرّج مقسّم إلى ثلاثة قطاعات بدرجين في الوسط.

جانب-من-معبد-هيليوس-الروماني
جانب-من-معبد-هيليوس-الروماني

5. معبد آلهة المياه: وموقعه إلى الجنوب من المسرح، وهو بناء جميل مربّع الشكل، منحوت بشكل دقيق ومتماسك، تتدفّق المياه من حوله، وخاصة مياه الوادي، ويعود ذلك البناء إلى النصف الثاني من القرن الثالث الميلادي، أيام كانت الديانات الوثنية هي السائدة.
6. الأبراج: ولعلّها شُيّدت لتكون مدافن، وتقع إلى الجنوب من معبد آلهة المياه، أحد هذه الأبراج مربّع والآخر مدوّر وهما بحالة جيّدة، وهذه المنشآت تقع خارج المدينة القديمة على الضفة الشرقية لوادي قنوات، أمّا على الضفّة الغربية الشديدة الانحدار للوادي فقد امتد فوقها سور المدينة ذو الأبراج المنيعة.
7. هيكل إله الشمس: ويظن أن من بناه هو هيرودس الأوّل (أغريبا)، ويقع خارج سور المدينة، إلى الشمال الغربي منها، وقد أصابه التهديم ولم يبقَ منه سوى المصطبة مع شفيرها المتقن، وفوقها أعمدة عدة ترتفع فوق قواعد عالية، ولعلّه كان بحالة أفضل ممّا هو عليه الآن سنة 1810م، عندما زار الرّحالة بيركهاردت قنوات.
8. البناء المربع: لعلّه كان مخصّصاً ليكون فندقاً للغرباء أو مضيفاً أو مدرسة، ويقع في الطرف الشرقي من المدينة، وهو عبارة عن قاعة على شكل المربّع، تقريباً، بنيت نحو سنة 124ــ 125م.
9. البيت الأثري: وهو بيت جميل مؤلّف من طابقين في وسطه فناء ــ ساحة داخلية ــ يحيط به رواق بارتفاع الطابقين، وقد وصفه الرحالة الذين سبق لهم أن زاروا المدينة بـ القصر، وهو بحالة جيّدة إلى حدّ ما.
10. المعبد: وهو ذو رواق أمامي، ويقع إلى الجهة الجنوبية الغربية من سرايا المدينة، وهذا المعبد متهدّم، لكنّ أطلاله بارزة، ومن الراجح أنه بني نحو نهاية القرن الثاني أو في مطلع القرن الثالث الميلادي.
11. ملعب للرياضة: جوار السور الغربي للمدينة، ولا تزال أطلاله شاهدة، وكان يتضمّن مسارب للعَدْو والسباق.
12. بوابات المدينة القديمة: لم يبقَ منها سوى البوابة المقابلة للسرايا من الجهة الغربية.
13. السور: يمتد سور المدينة المنيع بأبعاد 400×350 متراً، فمازال من الممكن متابعة امتداده وتحديد الأبراج التي كانت تنتصب عليه، وملاحظة بوّاباته الحجرية التي لم يزل بعضها ماثلاً إلى يومنا هذا.

الشيخ ابراهيم الهجري الأوّل

مقام-المرحوم-الشيخ-إبراهيم-الهجري-ومشايخ-آل-الهجري-من-بعده
مقام-المرحوم-الشيخ-إبراهيم-الهجري-ومشايخ-آل-الهجري-من-بعده
ضريح-الشيخ-إبراهيم-الهجري
ضريح-الشيخ-إبراهيم-الهجري

يعتبر المرحوم الشيخ ابراهيم الهجري المؤسس الأول للرئاسة الروحية في جبل الدروز ، ولئن كان قد تبوّأ منصبه هذا برضى الشيخ الحمداني في بادئ الأمر، إلاّ أنّ الأمر اختلف في ما بعد، فالرئاسة الروحية أكثر التزاماً بالقيم من الزعامة الدنيوية. هنا اضطر الشيخ الهجري للارتحال إلى قنوات، ولكن خلال حملة ابراهيم باشا التي شكلت أخطر تهديد لوجود الموحدين الدروز الذين كانوا يعانون من قلّة العدد وضعف التسليح سيلعب الشيخ إبراهيم الهجري دورا حاسما في شد عزيمة المقاتلين وتوحيد صفوفهم في معركة صمود خطرة وغير متكافئة. وفي مقتطفات من نسخة منقولة عن قصة حرب اللجاة لكاتب مجهول من أهل التوحيد، كتبت عام 1840م بعد وفاة الشيخ ابراهيم الهجري بقليل، وأوردها الدكتور حسن أمين البعيني في كتابه “جبل العرب” تتضح المكانة العظيمة التي كان يحتلّها الشيخ ابراهيم الهجري كقائد روحي ومعنوي لبني معروف آنذاك، يقول الكاتب بلغته العامية البسيطة:” … فعند ذلك اجتمعت المشايخ والأعيان إلى محلّ الشيخ يحيى الحمدان ومن جملتهم فريد وقته والأوان ورئيس عصره وذلك الزمان الشيخ أبو حسين ابراهيم المغمد بالرحمة والرضوان ثم والبطل الهمام والأسد المقدام جناب شبلي آغا العريان. ولم يزالوا يتفاوضوا بذلك الحال والشان وصاروا يشددوا جميع الشبان، وجعلوا يحرضونا على الحرب والقتال كما جاء في محكم القرآن وخصوصاً الشيخ المذكور المغمد بالرحمة والرضوان فإنه لم يزل يشدد ويحرض الفوارس والشجعان ويقوّي البائس الجنان ويبشّر بالنصر والظفر مع السلام والأمان من القوم الخاسرين الخاسيين الأغنام…”.
بعد وفاة الشيخ ابراهيم عام 1840خلفه ابنه الشيخ حسين، وبهذا أصبحت الرئاسة الروحية في الجبل متوارثة في أسرة مرموقة بخلاف ماهي عليه الحال لدى إخوانهم في جبل لبنان، ولعل مبعث هذا عائد إلى التركيبة العشائرية في الجبل، وإلى التهديدات الخارجية لوجود الموحّدين في الجبل والتي كانت تفرض عليهم تضييق أبواب الخلافات بينهم إلى أضيق الحدود، وهو ما كان يمكن أن ينشب بسهولة في ما لو طرح موضوع المشيخة على أساس الانتخاب والمنافسة بين مرشحين. بعد وفاة الشيخ حسين عام 1880،جاء بعده ابنه الشيخ حسن…

مزار الشيخ حسن الهجري في بلدة الرحيبة
كانت أيام بني معروف في الجبل أكثر اضطراباً على زمان الشيخ حسن الهجري، فعلى أثر سلسلة من المعارك ضد القوات العثمانية، قام العثمانيون نحو عام 1896م، بتهجير أعداد من الأسر البارزة من الموحّدين، ومن رجالهم المميّزين، وكان من بينهم الشيخ حسن الهجري الذي نفي مع عدد من أهالي قنوات إلى الأناضول، وبعد أربع سنوات من التهجير القسري تمكن الشيخ حسن وآخرون من إخوانه من الهروب من منفاهم، كانوا يسيرون ليلاً ويكمنون نهاراً، ويتجاوزون ما يواجههم من المخاوف والأخطار في ذلك الزمن العثماني المظلم.
كانوا يعبرون في طرق البادية مبتعدين شرقاً عن الطريق الرئيسة بين الشام والأناضول، تلك الطريق التي يسيطر عليها العثمانيون، لكن الشيخ الهجري وقد أنهكته مشاق الطريق واعتلال صحته توفّي في قرية الرحيبة إلى الشمال الشرقي من دمشق عام 1898، ودفن هناك بترحيب من أهل قرية الرحيبة الذين رفضوا أن يُنقل جثمانه إلى قنوات تبرّكاً بمقام ضريحه في ديارهم، ولم يزل مدفنه مزاراً قائما يتبرك به المؤمنون. ولا زالت شجرة هذه العائلة الكريمة تزهر وتثمر بالرجال الكبار ً.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading