الجمعة, نيسان 26, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الجمعة, نيسان 26, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

كلمة سواء

البلديات ومسؤولياتها

بسبب الطريقة التي تعتمد في انتخاب المجالس البلدية ثم في انتخاب هيئاتها أصبحت البلديات في معظم القرى والبلدات مراكز سلطة يفتقد عملها إلى الشفافية ويتم بصورة عامة بعيداً عن أنظار الناس والناخبين وهم كما يفترض مصدر السلطة والهدف الأهم للخدمات التي يفترض أن تقدمها البلديات.
هناك لذلك حلقة مفقودة في عمل البلديات يجب تفعيلها إسمها الرقابة أو المحاسبة أو المتابعة أو المشاركة الشعبية، وهذه الحلقة غير متوافرة محلياً لأن المجلس البلدي نادراً ما يعدّ اجتماعات لأهل القرية بهدف المشاورة أو إطلاع الناس على ما يجري، ولأن سلطة الإشراف المتمثلة في القائمقام أو المحافظ نادراً ما تتدخل في عمل البلدية لأنها تعتبر البلديات جزءاً من وضع سياسي لا تدرك تعقيداته وهي (أي سلطة الإشراف) قد تتردد غالباً في اجتياز حدود معينة، وهذا بالطبع ما لم تحصل خلافات أو نزاعات تفرض تدخلها قانوناً مثل حالات استقالة نصف أعضاء المجلس أو وجود إرتكابات موثقة في الإدارة المالية أو غير ذلك من الأمور الجسيمة.
حقيقة الأمر أن صلاحية المجلس البلدي تنتهي في آخر المطاف لتتركز في يدّ رئيس البلدية وحده وعضو أو عضوين أكثر تفرغاً من غيرهما من الأعضاء، الأمر الذي من إيجابياته بالطبع تسريع عملية اتخاذ القرارات لكن من سلبياته أن إدارة الشأن البلدي تصبح في يد فرد من دون مشاركة فعلية أو محاسبة من قبل المجلس البلدي مجتمعاً. وبسبب ضعف الهمة والتواكل وانشغال الأعضاء الباقين في أعمالهم، أو شعورهم بأنهم لن يستطيعوا تبديل الواقع، فإن الكثير منهم يعتاد التغيب عن اجتماعات المجلس وهو ما ولّد طريقة أخذ تواقيع الأعضاء على القرارات في بيوتهم!!
في الحقيقة البلديات هي أساس الحكم المحلي وقانون البلديات أعطى لها صلاحيات واسعة رغم أنها ما زالت عملياً في الكثير من القرارات المالية تحت إشراف القائمقام الذي أعطاه القانون سلطة الرقابة على التصرفات المالية للبلدية، لكن رغم ما يمكن للبلديات أن تقوم به في إحياء المجتمع المحلي وتجميل البيئة وحمايتها وحفز التنمية فإنها لم تستطع حتى الآن أن تلعب دورها كاملاً وهناك شكاوى أكثرها يتناول التفرد وضعف الشفافية والتواكل وإهمال الشأن البلدي، وبرز في غياب الرقابة المحلية ميل للمحاباة في العقود أو اختلاط في الأولويات بحيث تذهب الأموال لمشاريع محسوبة سياسياً وتهمل أمور أكثر إلحاحاً لأنها «غير منتجة» سياسياً. وبصورة عامة فإن الشأن البلدي باتت له شؤون وشجون تجعل من الصعب تجاهله، لذلك فإننا نجعل منه أحد أهم الأمور التي نتابعها بالتعاون مع البلديات ومع رؤسائها ومسؤوليها لكن في الوقت نفسه من خلال التحقيق الأمين واستطلاع المعلومات والآراء بحيث تجمع تغطية الشأن البلدي بين الموضوعية البنّاءة وبين ما ينبغي من الصراحة لأنه من دون الصراحة لا يوجد حكم محلي ولا توجد خدمة عامة ولا ديمقراطية محلية.
لقد قدّمت «الضحى» حتى الآن خدمة المعلومة والتحقيق والمشورة في الكثير من المجالات وهي الآن تضم الشأن البلدي لكي يكون أحد المجالات التي تساهم من خلالها في تقدم المجتمع المدني والحكم المحلي والشفافية في إدارة شؤون الناس وحفظ أماناتهم.
ونحن نعلم حق العلم أن هناك بلديات نشطة ورؤساء بلديات قاموا بالكثير وقدموا لبلداتهم من وقتهم وفكرهم، وهؤلاء سنعمل لتسليط الضوء على إنجازاتهم والاستماع إلى تجربتهم وخبرتهم، لكن هناك أماكن وأوضاعاً تحتاج إلى مكاشفة، وفي تلك الحالات فإننا سنعمل دوماً مع رئيس البلدية والأعضاء من أجل جلاء الأمور والمساعدة على بلورة الحلول الناجعة. وستبدأ «الضحى» في هذا الإطار في عقد ندوات تستهدف طرح الشأن البلدي على الطاولة وفتح الحوار حول أفضل السبل للتقدم بمجتمعنا، إذ إن كلاً منا مسؤول في النهاية وأكثر الناس مسؤولية هم الذين اختارهم الناس لحمل تلك المسؤولية وأولوهم ثقتهم ووضعوا مقدراتهم بين أيديهم. وقد جاء في الحديث الشريف : «كلكم راع ومسؤول عن رعيته».

مشكلة النفايات: أين المفر؟

لبنان كما نعلم جميعاً بلد صغير وقد انتشر العمران في أرجائه ولم يعد هناك بالتالي في أي منطقة مكان ناء أو قفر يبعد عن العمران. فكيف إذن يمكن لسياسة الطمر أن تستمر وخيارات الأماكن «المناسبة» تضيق إلى حد لم يعد فعلاً هناك مكان يمكن أن تقبل به القرى المجاورة كمكب لنفايات «الآخرين» وقد كان الشعار الذي برز دوماً عند الخلاف على خيارات التعامل مع النفايات هو أنه لا يمكن لأي بلدة أن تقبل بأن تصبح هي مكب للبلدات الأخرى فكلٌ «مسؤول عن نفاياته»، وهذا منطق حق ولا شك لأنه لا يجوز التمييز في حقوق المواطنية بين قرى مرفهة تنتج النفايات وتلقي بها على قارعة الطريق وأخرى يكون عليها أن تستقبلها وأن تعيش معها، وذلك مهما كانت المبررات، لأن حق العيش في بيئة نظيفة غير ملوثة وغير ضارة بصحة الناس يجب أن يكون مصاناً في الدستور والقوانين وهذا الحق غير قابل للإستثناء أو النقاش ويجب على الدولة أن تنطلق منه في اية حلول قد تطرح لمشكلة النفايات.
إن تحول أي مكان إلى مطمر للنفايات يحدث على الفور إنهياراً في أسعار العقارات والاراضي القريبة منه ويجعل من مساحات شاسعة حوله غير صالحة للعيش وبالتالي للإستثمار، وفي كثير من الحالات ينتقل الأثر السلبي نفسه إلى ما هو قائم من عمران ومنازل أبعد عندما تبدأ الرياح بنقل روائح المكبات إلى غرف نوم الناس أو تفسد أمسياتهم على الشرفات أو في الساحات.
الحل المطلوب والأمثل لمشكلة فائض النفايات هو نفسه التي اتبعته الدول المتحضرة منذ عشرات السنين وهو حلّ الفرز عند المصدر، وهذا يعني أن كل مواطن مسؤول عن فرز النفايات التي ينتجها قبل أن يتم نقلها وذلك من خلال الفصل بين نفايات الورق والكرتون مثلاً وبين ما هو زجاج أو معدن أو بلاستيك أو نايلون ووضع كل من هذه الأنواع في أكياس ذات لون خاص بحيث يسهل على الشركات جمع النفايات كل نوع في شاحنات متخصصة ونقل الحاصل كله إلى معمل التدوير المناسب لها، وهناك أموال طائلة تنتج من تدوير الورق والكرتون أو البلاستيك أو المعدن أو الزجاج.
وتبقى النفايات العضوية وهذه يجب اعتبارها ثروة حقيقية من العبث إهمالها أو التخلص منها بالطمر أو الحرق أو غيرهما من الوسائل. ففي الكثير من البلدان وبسبب انضباط المواطنين في عمليات الفرز عند المصدر حلّت مشكلة النفايات منذ زمن وأصبحت قطاعاً اقتصادياً تستثمر فيه شركات كثيرة. في العواصم الأوروبية تتم عملية جمع النفايات المفروزة من قبل المواطنين في ساعات الليل أو الساعات الأولى من الفجر فلا يشعر بها أحد ويقوم الناس إلى أعمالهم في الصباح ليجدوا مدينة نظيفة وشوارع أنيقة لا توجد فيها حتى ورقة أو أي شيء مهمل في الشارع. وفي تلك البلدان هناك أساليب علمية لاستثمار النفايات لإنتاج الطاقة الكهربائية Biomass من غاز الميثان ويتم غالباً بعد استنفاذ طاقة المطمر استصلاحه عبر تحويله إلى مشاريع زراعية بعد تغطية مساحاته بالتربة المناسبة.
أما في الدول الآسيوية فهناك أساليب أكثر ابتكاراً لتدوير النفايات العضوية، خصوصاً في المناطق الريفية ، ففي الهند وسريلانكا يستخدم الناس أوراق الموز لصنع الصحون وهم يحفرون حفرة بسعة متر مكعب يلقون فيها بقية الأطعمة والمهملات العضوية، وقبل أن تمتلئ تلك الحفرة يضيفون 30 سنتمتراً من التربة ويغرسون شجرة مانغو أو أفوكادو أو بابايا فيها وستوفر الحفرة الغذاء للشجرة على مدى سنوات طويلة فتعطي أفضل الثمار.
في القرى اللبنانية يجب على البلديات تنظيم لقاءات توجيهية تعلّم الناس كيفية تخمير النفايات العضوية من خلال تخصيص حفر معينة في زاوية من الارض تلقى فيها بقايا النباتات ونفايات المطبخ وأوراق الأشجار اليابسة والكرتون والصحف والورق ويتم تخميرها عبر تغطيتها بالنايلون وإضافة سماد الدجاج إليها وريها ثم تقليبها باستمرار لينتج من كل ذلك سماد عضوي في غاية الجودة يمكن وضعه على الأشجار أو استخدامه في استنبات الخضار الصيفية أو الشتوية وفي تحسين التربة.
ونحن نعتقد أن منازل الجبل التي تمتلك حدائق أو قطعاً من الأرض يجب أن لا يُقبل منها أي نفايات عضوية بل أن تدرّب على تدوير تلك النفايات في التربة فإذا فعلنا ذلك فإن النفايات الباقية وهي النايلون والبلاستيك والزجاج والمعادن يصبح التعامل معها وتدويرها على نطاق صناعي أسهل ولن يشكل تجميعها وفرزها مشكلة بيئية.
إن إلزام المواطنين في القرى الجبلية من الشمال إلى الجنوب بتدوير النفايات العضوية في أرضهم يخفف كثيراً من مشكلة النفايات ويرتدّ بالنفع على الجميع لأننا بذلك نتعلم أن نستثمر ثروة مهمة في تحسين تربتنا وزراعتنا ونخفف كثيراً من المشكلة عند المصدر.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading