السبت, شباط 22, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

السبت, شباط 22, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

مآثر وعبر

مآثـــر وعبـــر
هل جميعكم بهذا الإيمان؟!
أنا أضعفهــــــــم

هل-جميعكم-بهذا-الإيمان
هل-جميعكم-بهذا-الإيمان

 

السؤال طرحه إبراهيم باشا المصري الذي كانت قواته تخوض قتالاً مريراً ضد الموحدين الدروز وتحاول إخضاعهم، والجواب هو ردّ به المرحوم المجاهد الشيخ حسن البيطار على قائد الحملة المصرية وابن محمد علي باشا. وقد حصلت المقابلة بين الرجلين بعد معركة وادي جنعم وموقعة البيرة بين الثوار الدروز بقيادة شبلي باشا العريان والقائد المصري. قبل ذلك كان الدروز قد تعرضوا لهزيمة مؤلمة على يد القوات المصرية في معركة وادي بكّا عام 1838 بقيادة الشيخين حسن جنبلاط ونصر الدين العماد الذي استشهد في المعركة. وقد هزم الموحدون الدروز بسبب خديعة مدبّرة ووشاية عن مكان تواجدهم من قبل أحد القرويين المتعاطفين مع المصريين، وكان ثمن تلك النكسة غالياً، إذ قتل في تلك المعركة نحو 640 ثائراً من بينهم 41 جوز أخوة ستة منهم من بلدة شوفية واحدة.
هذه المعركة الفاصلة كانت السبب في تراجع الثوار إلى منحدرات جبل الشيخ الوعرة، ومنها وادي جنعم السحيق والذي تحدّ به من الشرق قمم جبل الشيخ الشاهقة، ومن الغرب الجبل الوسطاني، وعند آخره لجهة الجنوب تقوم بلدة شبعا المختلطة آنذاك بسكانها من المذاهب السنية والدرزية والمسيحية الأورثوذوكسية وفي البلدة كما هو معروف بقايا من الجنود الصليبيين الذين فروا من الخدمة بعد معركة حطين واعتنقوا الدين الإسلامي ثم استقروا واندمجوا وتزاوجوا وخصوصاً مع العائلات السنية، ومنهم من لم يزل يحمل الإسم الأجنبي الغربي كآل مركيز وسواهم..
القائد إبراهيم باشا لم يكتف بانتصاره في معركة وادي بكّا، بل أراد أن يلحق بالثوار إلى أماكن تواجدهم في منطقة جنعم الحصينة. وكان الثوار الدروز يواجهون وضعاً صعباً بسبب تناقص أعداد المقاتلين وتضعضع الباقين منهم وانسحاب قادتهم إلى الجولان. لكن مع ذلك، فإنهم انتصروا على القوة الشهابية الآتية من حاصبيا المساندة لجيش إبراهيم باشا بأمر من الطاغية الحاقد الأمير بشير الشهابي الثاني وعلى رأسهم حفيده الأمير مسعود ابن الأمير خليل، فكان أن فاجأهم الثوار بمكمن صخري في منطقة في خراج بلدة شويا تُدعى البيرة، فقتل أحد قادتهم الشيخ فضل الخازن وسبعة عشر رجلاً وهرب الباقون وعادوا من حيث أتوا. وغنم الثوار أسلحتهم وأمتعتهم، كما يشير بذلك المؤرخان طانيوس الشدياق والدكتور أسد رستم 1.
بعد ذلك، وصلت قوات إبراهيم باشا بقيادة الضابط الأرناؤوطي مصطفى باشا لنجدة الشهابيين، ولما كان عدد الثوار قليلاً بالمقارنة مع الجيش المصري الجرّار، فقد انسحبوا إلى بلدة شبعا التي تقع جنوب وادي جنعم وهناك وقع قتال ضار طوال النهار والليل حتى انبلاج فجر اليوم التالي قبل أن يتمكن إبراهيم باشا وجنوده من دخول البلدة المذكورة في ما انسحب الثوار المقاتلون إلى إقليم البلّان بينما اختار آخرون الالتحاق بالثوار السوريين في جبل اللجاة من أعمال جبل الدروز.
ويروي المؤرخ فيليب عن هذه الموقعة في كتابه “ لبنان في التاريخ” قائلاً : “ هاجم إبراهيم باشا قرية شبعا التي تقع جنوب شرقي حاصبيا ونهب خلواتها والتي تعدّ من أقدم خلوات الدروز وأعظمها احتراماً وتكريماً، وحمل مخطوطاتها التي استقر بعضها في مكاتب مصر والبعض الآخر وصل إلى أوروبا على يد الجنرال الملقب سليمان باشا وهو جنرال فرنسي كان يقود الحملة المذكورة ويعرف بإسم الجنرال سيف الفرنسي” 2…
بعد دخول بلدة شبعا من قبل القائد إبراهيم باشا طلب مستشاره الشيخ جرجس الدبس الاتصال بالثوار ومفاوضتهم على الاستسلام مقابل السلام والأمان وذلك بقصد تصحيح الأخطاء التي ارتكبت من قبل ولاته في السابق وتحسين صورة الحكم المصري وغايته أن تبقى بلاد الشام جزءاً من مملكة والده محمد علي باشا بعد فصلها عن الإمبراطورية العثمانية. وفي هذا الصدد يقول الشيخ الدبس أنه بينما كان سائراً إلى الثوار شاهد في خراج بلدة شبعا اثنين من عساكر الأرناؤوطي ممسكين بإمرأة فرجع مسرعاً وأخبر الباشا الذي طلب من اليورجي أن يردعهما عنها فلم يمتثلا، فما كان من إبراهيم باشا أن قاد بغلته بنفسه نحوهما، وما إن وصل إليهما حتى أمر بقتلهما3.
أثناء إقامة العسكر في بلدة شبعا ، وبعد أن غادرها القائد ابراهيم باشا، أمر الضابط المسؤول عن الفرقة المتواجدة مختار البلدة السيد ابراهيم الخطيب والوجيه الأورثوذوكسي الشريف شاهين هدلا أن يجلبا إليه النساء القاطنات في البلدة كونهن في نظره سبايا حرب لأنهن من أتباع الثوار، غير أن السيدين المذكورين ردّا عليه قائلين: “يهون علينا تسليم نسائنا وبناتنا على أن نسلم من هم للشرف آياته وللعرض حماته”4.
وفي هذا الصدد أيضاً يقول المؤرخ ميخائيل مشاقة5 إن الدروز أرسلوا الشيخ حسن البيطار من بلدة راشيا، وهو من المقربين من شبلي باشا العريان، ليتفاوض مع القائد إبراهيم باشا حول التقارب وإنهاء النزاع، فذهب الشيخ المذكور وقابل الباشا، وبعد أن جلس وإيّاه طويلاً حيث استلطفه وانشرح لحديثه ولباقته. ويضيف مشاقة القول إن عباءة الشيخ حسن البيطار كانت بها خروق من البارود والرصاص فقال له إبراهيم باشا : هل كنت تشارك في الحرب؟؟” أجابه الشيخ :
– نعم..
– وهذه الخروق؟؟
– إنها بارود ورصاص جنودك
– ومع هذا لم تزل حياً !!
– إذا الله تعالى لم يأمر بالموت فلا قوة في الأرض تقدر على ذلك، وإذا شئت موتي فأنا بين يديك.
هزّ القائد إبراهيم باشا برأسه مطولاً ثم سأل الشيخ وقد امتلأ بالإعجاب لهؤلاء القوم الذين دوّخوا عسكره:
– هل جماعتك كلهم بهذا الإيمان؟
– ربما كنت أضعفهم يا سيدي القائد..
بعد هذا الحوار قال القائد للشيخ: أنا لا أريد الموت لأحد، ولكن جماعتك يسعون إلى قتل أنفسهم.
أجاب البيطار: هم الآن يلتمسون من جانبكم السلام والأمان.
قال الباشا: شرط تقديم السلاح..
قال الشيخ: إنهم ملتزمون بما تأمرون به، فليصدر أمرك بالسلام ووقف القتال وليذهب معي بعض جنودك كي يجمعوا السلاح وتسليمكم إياه. وهكذا حصل وسلّم الدروز أربعمائة بندقية فكرّم القائد إبراهيم باشا قائد الثوار شبلي باشا العريان الذي وُلّي على إمارة الرُّها في العراق.
بعد تلك المعارك لباس أضعفت قوى الموحدين الدروز وخصوصاً في بلدة شبعا، كان أن رحل معظمهم والتحقوا بأقاربهم وأنسبائهم في قرى وادي التيم، ومنهم من انتقل إلى بلاد الجولان وإقليم البلان وضواحي الشام وسواها من أماكن تواجد الموحدين الدروز.
ولتاريخه لم تزل تعرف ثلاث عائلات في حاصبيا بـ “دروز شبعا” وفي هذا الصدد لا نعلم طبيعة الصلة بين كثير من العائلات في بلدة شبعا حالياً والتي تحمل على سبيل المثال اسم آل ماضي وآل الخطيب وآل سرحان وآل حمدان وآل السعدي وآل وهبه وآل نصر الله وآل غانم وآل زهيري وآل برغشه وسواها.. ومع هذا نجد العديد من الصداقات والمودة التي تجمعهم، وهم ينادون بعضهم بعضاً بأبناء العم والله أعلم .

يللــــي بيخِفّــــو رجليــــه بيتعــــب راســــو

إحفــــظ لسانـــك
فهـــو حصانــــك

أيام الترام الكهربائي ركب أحدهم من ساحة البرج إلى الحرج لزيارة بعض الأصدقاء.في وطى المصيطبة، جاء عامل قطع التذاكر، وكانت قيمة تذكرة الركوب يومها خمسة غروش سورية حجر. أدخل الراكب يده في جيبه وأخرج ما اعتقد أنه قطعة الخمسة غروش المطلوبة، لكنه في الحقيقة أعطى الجابي خطأ ليرة ذهبية وكانت هذه تشبه بحجمها قطعة الخمسة غروش السورية بالشكل واللون. وبعد عودته إلى منزله تفقد دراهمه فإذا به يكتشف أنه قد أخطأ ودفع ليرة ذهبية لجابي التذاكر بدلاً من الخمسة غروش.
إحتار في أمره وبدأ يفكر بوسيلة تساعده على استرجاع القطعة الذهبية الثمينة، ولم يجد في نهاية الأمر سوى التوجه إلى مدير الترام وكان آنذاك السيد فيليب رزق الله ومركزه ساحة البرج. أخبره بما حدث معه. فأجابه المدير: هل تعلم رقم الترام والساعة التي ركبت بها؟ أجابه بلا حتى وأنني لا أعرف الرجل الذي قبض مني الأجرة.
إستمهله المدير وطلب منه أن يأتي بعد ساعتين إذ “ربما نكون قد اهتدينا إلى الموظف المذكور ونعيد الليرة”.
في نهاية الوقت المحدد رجع الرجل إلى المدير فنقده الليرة عينها فتعجب الرجل لهذه السرعة والتوقيت ثم تجرأ وسأل المدير : كيف وجدتم الليرة؟
أجاب المدير: الذي قبضها منك افتقد الدراهم المجموعة معه بعد انتهاء نوبته من العمل فرأى الليرة فأرجعها لي قائلاً إنها ليست له فهي بذمة الشركة إلى أن يظهر صاحبها.
سرّ الرجل بالطبع لأمانة الموظف ولهمة إدارة الترام لكنه سأل المدير قائلاً: عندما أتيت إليكم وقصصت عليكم الأمر طلبتم مني أن أغيب ساعتين ثم أرجع إليكم، فما الداعي إلى غيابي هذه المدة والليرة كانت بحوزتكم؟
أجاب المدير لربما لسانكم قد خانكم وسبب لكم ما أقلقكم. قال الرجل : بالله عليكم أخبروني كي أتعلم من أخطائي.
قال المدير: يبدو أنكم أخبرتم سواكم بما حصل معكم فأتى أحدهم فوراً إلينا وطالب بما طالبتم فأمهلناه الوقت ذاته لاعتقادنا أنه ربما لها صاحب آخر أحق منه فيأتي فيطالب بها. وكوننا اقتنعنا بإجابتكم وبأنكم صاحب الغرض المفقود لهذا أعطيناكم الليرة وإن كان بعد تأخير ساعتين من الزمن.
كان درساً ثميناً من المدير يذكّر بالحديث النبوي الشريف:”استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان”. وكم من مرة ينزلق لساننا بأخبار أو أمور ثم نعود ونندم على ما قلناه. وفي أمور المال والتجارة فإن هذا المبدأ أساسي ومعروف وأكثر التجار الحصيفين يلتزمون به فأنت لا يمكنك أن تأخذ منهم لا حقاً ولا باطلاً في كل ما خص تجارتهم وهذه الحكمة يتوارثونها أبا عن جد.
أثناء الحرب الأهلية اللبنانية المشؤومة ما بين العامين 1976 – 1989 زار الدكتور هنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية آنذاك بيروت عدة مرات، وكان معروفاً بخبثه ودهائه وطول باعه في السياسة الدولية كما أنه كان باعتباره يهودي الأصل متعاطفاً مع إسرائيل.
في إحدى زياراته إلى لبنان استقبله في مطار رياق العسكري رئيس الجمهورية اللبنانية آنذاك سليمان فرنجية، وبينما كان الرجلان يتباحثان في الوضع اللبناني وأوضاع المنطقة تشعب الحديث وإذا بالدكتور كيسنجر يطرح على الرئيس فرنجية سؤالاً مفاجئاً. قال له: “فخامة الرئيس، في رأيكم من أولى بحماية الأماكن المقدسة في إسرائيل: اليهود أم المسيحيون أم المسلمون؟”
أجاب الرئيس فرنجية دون تردد: المسلمون. تعجب كيسنجر وسأل عن السبب: فردّ الرئيس فرنجية بجواب مفحم فاجأ وزير الخارجية الأميركي إذ قال: السبب واضح وبسيط. اليهود لا يعترفون بالمسيحية ولا بالإسلام، والمسيحيون لا يعترفون بالإسلام، بينما المسلمون يعترفون بالديانتين الكريمتين ويقدسون أنبياءهما معاً فهم وليس غيرهم المؤهلون للحفاظ على القدس والمعالم التاريخية للأديان السماوية الثلاثة.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي