محمّد حسين الخَليل
من بائع كشّة في ماريدا المكسيكيّة
إلى امبراطوريّة أعمال في نيجيريا
تعطّلت باخِرَة العَوْدَة إلى لُبنان في مرسيليا
وبدأت بذلك رحلةٌ مثيرةٌ في بناء الثّروات
بفضل دعم محمد الخليل لأبناء عشيرته ووطنه
أصبح 85% من شركات النقل في نيجيريا ملكاً للّبنانييّن.
شركة ببسي كولا نيجيريا
توزع لـ 180 مليون مستهلك وتملك ثمانية مصانع
ويعمل فيها 140,000 موظّف في جميع أنحاء نيجيريا
صَدق من قال: “إنّ الرّجولة ليست فقط في ميادين القتال، بل هي صفة تضيء على هامات الرّجال في كلّ مجالات الحياة وما إليها يؤوب. كذلك أمر الشّجاعة فهي قد تُرى على خطوط المواجهات ويوم التقاء الجموع وتطاحن الإرادات لكنّ من الشّجاعة ما يَظهر دون ضوضاءَ في مجالات الحياة وخصوصاً مجال الأعمال لكنّها شجاعة مقترنة بالحِنكة وبُعد النّظر وهي شجاعةُ العمل الدّؤوب والصّبر وأخذ المخاطر واغتنام الفرص.
نُقدّم بهذا الكلام لقصّة من قصص الرّيادة في الأعمال وقِصّة نجاح اقتصادي من أبرز ما أنجزه المهاجرون اللّبنانيون في المُغتربات، وهي قِصّة المهاجر أبو كمال محمد الخليل، والد النائب والوزير السّابق الأستاذ أنور الخليل، والذي تطوّر من مهاجر بسيطٍ يحمل “الكشّة” في شوارع مدينة “ماريدا” المكسيكيـة إلى مؤسس لامبراطورية صناعيّة وتجاريّة وماليّة مترامية الأطراف عبرَ القارّات وإلى قوّة اقتصاديّة يُحسب حسابُها في نيجيريا التي هي من أكبر بلدان أفريقيا سكاناً، وأغناها بالثّروات النّفطيّة والطّبيعيّة، ويُقدّر عدد عمّال وموظّفي هذه الامبراطورية بمئات الألوف فُمَن هو رائد الأعمال وبِناء المؤسسات الكبرى في نيجيريا وفي العديد غيرها من البلدان محمد الخليل؟ وما هي قصّة كفاحه وحياته الحافلة التي عاشها بين عاميّ 1891 و1992 والتي امتدت لمائة سنة وسنة واحدة؟
وُلِدَ محمّد الخليل عام 1891 في بلدة عُرمان من جبل العرب لوالدين هما حسين يوسف الخليل وقرينته، وقد هاجر الزوجان من بلدتهما الفرديس حاصبيّا إلى جبل العرب منتصف القرن التاسع عشر، ورافقهما الجدّ الشّيخ يوسف حسين الخليل الأوّل (والد حسين) ليستقرّ الجميع في تلك الدّيار. وبسبب تعشُّـقُـه الحرّية والكرامة فقد التحق الشّيخ يوسف (الجدّ) بالزّعيم اسماعيل الأطرش في ثورته ضد الإقطاع الحمداني المتسّلط على رقاب العباد والتي انتهت كما هو معروف بزوال سلطة آل الحمدان وتكريس آل الأطرش في زعامة الجبل.
في هذه البيئة الحميدة من الرّجولة والكرامة نشأ الفتى محمد الخليل، لكنّه ما إن شبّ عن الطّوق وتحرّك فيه الطّموح وبدأ يطرق أبواب الحياة حتى صُدم بضيق الفُرَص في بيئة الجبل، وعَرف بحدسه أنّ مستقبله لن يكون في تلك البقاع. لذلك ترك موطن هجرة أهله وعاد إلى موطنه الأول حاصبيّا، ومنها إلى ديار الاغتراب عام 1910 ليصل إلى منطقة “ماريدا” في المكسيك حيث التقى بالأخوين مسعود من بلدته حاصبيّا ونزل بضيافتهما.
هنا، وكما رواها أمامنا يوماً، فإنّه لم يجد عندهم مكاناً للنّوم حيث كانا يقطنان في غرفة واحدة، لهذا أقام لنفسه أرجوحةً أو “سريراً مُعَلّـــقاً” من الحبال شدّه إلى اثنتين من أشجار الحديقة فكان ينام فيه ليلاً ويستريح نهاراً. وكم هي الأعمال المضنية والقاسية التي صادفها أثناء عمله وهو يحمل الكشّة (وهي حقيبة محشوّة ببضائع متنوعة للمنازل)على ظهره ويتنقّل بها من منزل إلى منزل ومن شارع إلى شارع. ومن فضائل تواضعه واعتزازه بعِصاميَّتِــه أنّه لم يكن ليخجلَ أنْ يُخبــِـر عن الشّقاء الذي كان رفيق بداياته في المغترب المكسيكي، ومن ذلك أنّه صادف في يوم عائلة كانت تهم بتناول طعام الغداء، فأشاح بنفسه احتشاماً، لكنّ ربّ العائلة الذي انتبه إلى وجوده ناداه قائلاً : يا توركو Turko (وهــذا اللّقب كان يُطلق على المغتربين العرب لكونهم من رعايا الدولة العثمانيّة آنذاك)، هل تنتفُ لنا هذه العصافير وتأخذ غداءك منها؟ وهذا ما حصل!..
أكملَ الشيخ أبو كمال قائلاً :”لقد نتفتُ تسعين عُصفوراً لآخذ ستّة عصافيرَ تناولتها كغداء” وكان يضيف قائلاً: إنّ الحرمان والتشرّد والبُعد عن الأهل يزيد من عزيمة الإنسان على العمل والكفاح، ربّما بسبب حنينه إلى الوطن ورغبته في أن يعود إليه عزيزاً ومُعتبراً. لذلك فإنّه أخذ يسابق طلوع الصّباح للذّهاب إلى عمله وبقي على هذا المنوال ستّة عشْرة سنةً في تلك الدّيار. وحيث أنّ المكسيك في ذلك الزّمان كانت بلداً عديم الاستقرار حكومةً ونقداً، لهذا قرّر تركَها والعودة، فباع جميع ما يملك بقيمة زهيدة لا تتجاوز العشرين ليرةً ذهبيةً، دفع القسم الأكبرَ منها ثمناً لتذكرة السّفر، ليستقلّ الباخرة عائداً إلى بلاده.
لكنّ الباخرة المذكورة أصابها عطل أساسي اضطرها للتوقف في مرفأ مرسيليا جنوب فرنسا وكان إصلاح العطل سيأخذ وقتاً. نزل المهاجر محمد الخليل إلى البرّ وجال في المدينة فإذا به يلتقي أحد المهاجرين اللّبنانيين المسَافرين إلى إفريقيا الغربيّة فعرَض عليه الأخير فكرة مرافقته بدل الانتظار هناك، وهكذا عَدَلَ عن العودة إلى بيروت وانتقل إلى نيجيريا وكان ذلك في العام 1926 ليبدأ عمله في الأرض الواعدة.


«على المهاجر أنْ يسعى إلى لُقمة عيشه ولو في لُبْدَة الأسد والكسل والخمول وقلّة التّدبير من أكبر الآفـات»
لفرصة الأولى
مَثَلُه في الحياة، وكما كان يردّد أمام زوّاره، أنّه ما من أمرٍ صعبٍ أمام إرادة الإنسان، وعلى المهاجر أنْ يسعى خلف لُقمته ولو كانت في لُبدة الأسد أو في أقصى أصقاع الأرض، لأنّ الحياة للأقوياء وليست للضّعفاء، وما الكسل والخمول وقلّة التّدبير إلاّ من أكبر الآفات.
ما إن وطأت قدماه أرض الاغتراب الجديد، نيجيريا، حتى أيقن بِحسّه التّجاري الفذّ أنّ مجالات العمل واسعة ووفيرة هناك، وهذا على الرّغم من صعوبة الحياة وقسوتها في تلك البلاد من حيث اختلاف الثّقافة وتخلّف المجتمع وشدّة الحرّ والحشرات المؤذية والمسبّبة للمرض أو الأوبئة. لكن خفف كثيرا من وطأة هذه الصّعوبات تعرّفه على عدد من المغامرين اللّبنانيين الذين كانوا قد سبقوه إلى ذلك البلد، وباتت لهم بالتّالي خبرة في كيفيّة التّعامل معه ومع ظروفه، وقد هوّن ذلك الكثير على المغترب الشاب فضلاً عن أنّه وبشخصيته الذّكية والمحبّبة تمكّن في وقت قصير من أن يقيم علاقات الصّداقة مع العديد منهم.
خاض الشّاب المهاجر محمد الخليل أولاً غِمـــار التّجارة فأقدم على العمل في مدينة لاغوس بما تبقّى لَديه من اللّيرات الذّهبية العشرين التي كانت في حَوْزته، وفي المهنة ذاتها التي ألِفها في هجرته الأولى أيْ تجارة الأقمشة الإنكليزية المُستوردة من مدينة مانشستر. لكنّه بعد سنة على تلك التّجارة تركها واتّجه نحو قطاع جديد هو قطاع النّقل لاستشعاره بأنّ السّوق النّيجيرية التي كانت في صعود ونموّ ستكون في أمَسّ الحاجة إلى خدمات النقل في وقت كان السّوق يعاني من نقص كبير في ذلك القطاع، خاصة في وسائل النّقل المتوافرة لشحن البضائع من المرفأ إلى العاصمة. وبدأ محمّد الخليل مؤسسة النّقل التي أنشأها بشاحنة واحدة لتكبر هذه المؤسّسة خلال خمس سنوات وتصبح من أكبر شركات نقل البضائع في نيجيريا. وحصل الخليل بعد ذلك على عقد من الدّولة لنقل جميع ما يلزمها من بضائع ومعدّات ومفروشات وسوى ذلك. وساهم العقد مع الحكومة في تنمية أعمال المؤسّسة التي ارتفع عدد شاحناتها فيما بعد إلى أكثرَ من ثلاثمائة شاحنة وباتت مؤسّسة الخليل تُعرف بعلامة تجارية ممّيزة في نيجيريا هي:
M-E-L- Kahalil- transport- Ltd..
” حول جزيرة مهملة في البحر إلى أكبر مشروع عقاري وبنى أكبر شركة للنقــــل ضمت أكثر من 300 شاحــــنة “


زواجُه وعائلتُه
بعد أن ضَحكت الأيّام للمُغترب محمد الخليل عاد إلى وطنه عام 1932، ليقترن من الفاضلة بتلا الأطرش كريمة فضل الله بيك الأطرش من بلدة مَلَح لتكونَ إلى جانبه في معركة الحياة ولْتلعب دور الزّوجة والمُدبّرة والمرشدة والوالدة لأسرة كبيرة كريمة. وبعد ستّة أشهر من زواجه عاد إلى عمله في نيجيريا لينصرفَ بكلّ جدّ إلى إدارة تلك الشّركة والعمل على رفع شأنها وازدهارها ممّا جعلها إحدى أكبر شركتين تجاريتين للنقل في تلك الديار حيث انتشرت شهرتها ومصداقيتّها في التّعامل من حيث نقل البضائع سواء أكانت للدّولة أو للتّجار أو للمزارعين الرّاغبين بنقل محاصيلهم الزراعية للتصدير أو للاستهلاك المحلّي.
بعدها في عام 1938 أسّس محمد الخليل شركة عقاريّة تُعنى بتشييد المباني وتأجيرها، ثم أقدم على استصلاح جزيرة “أبابا” في مشروع احتوى على الكثير من عناصر الإبداع والمخاطرة في آن، وقد استخفّ البعض بمشروع تطوير الجزيرة واعتبروه مثل من “يرمي ماله في البحر”. والحقيقة هي أنّ الجزيرة لم تكن توحي بأيّ قيمة عقاريّة وكانت مُهْمَلة لسنين لا يهتم بها أحد لأنّها كانت شبه مغمورة بمياه البحر، لكنّ محمد الخليل لجأ إلى أحدث معدات الطّمر واستخراج الرّمول البحريّة لكي يقوم بردم الجزيرة ورفع مستواها عن سطح البحر وحمايتها من الأمواج، ممّا حوّلها فجأة إلى أحد أهم الثّروات العقاريّة السياحيّة. وقام الخليل بعد ذلك بتطوير الجزيرة وأقام الأبنية عليها وذلك كلّه أمام دهشة واستغراب المجتمع النّيجيري الذي لم يكن يتوقّع تلك النّتيجة الباهرة.
ومن نجاح إلى نجاح كانت أعمال العائلة تكبر وتكبر وقد أكرمه المولى بأن رزقه أولاً بنجله كمال ثم شقيقه أنور وكرّت السُّبحة: حسام، هدى، فريد، فيصل، فاروق، وفريال. وهذه الأسرة الكريمة لمعَ جميع أفرادها في حياتهم العمليّة والاجتماعيّة وكان كلّ منهم نواة لعائلة صالحة مصونة من والدين صالحين مع تعليمهم في أرقى الجامعات والتّركيز في الوقت نفسه على ترسيخ ارتباطهم ببيئتهم وثقافتهم المعروفيّة.


“مَدَحَه أحد الشّعراء منادياً إياه بـ محمد بيك الخليل فقاطعه بالقول: «يا بُنَـــــيّ والدي كان فلاّحـــاً وليس بَيـْــــكاً”
امتياز الببسي كولا
إضافة إلى توسّعه في مختلف مجالات النّقل والعقار أتيحت لمحمد الخليل وأسرته في ما بعد فرصة ذهبيّة هي فرصة الحصول على امتياز تصنيع وتوزيع منتجات شركة سفن أب في كامل الأراضي النّيجيرية وكان أحد أنجال محمد الخليل وهو الشاب أنور قد تخرّج حديثاً من جامعة لندن بشهادة الحقوق الدّولية فاستدعاه لمساعدته في إدارة أعمال العائلة في نيجيريا وتعاون الوالد مع الشاب الذي شغل لاحقاً منصب وزير في الحكومة اللّبنانية على تأسيس شركة “سفن أب – نيجيريا” في العام 1960، ثم أضيف إليها لاحقاً شركة “ببسي كولا” لتصبح الشّركة المذكورة أكبر شركة لتصنيع وتوزيع المشروبات الغازيّة في نيجيريا وربّما في كامل القارّة الإفريقية. وعلى سبيل المثال فإنّ الشّركة تقوم بتوزيع منتجاتها في سوق يضمّ حاليّا نحو مائة وثمانين مليون نسمة، وهي تدير ثمانية مصانع ضخمة يعمل فيها نحو مائة وأربعين ألف موظفٍ وموزّعٍ في جميع أنحاء نيجيريا. وهذه الامبراطوريّة الاقتصادية المترامية الأطراف بين المَهاجر والوطن باتت قيمة أصولها تقدّر بمليارات الدّولارات وفوق ذلك فقد غدا منزل محمد الخليل وأنجاله في لاغوس مرجعاً لأبناء جلدته من اللّبنانيين وسواهم، وقد كان يحثّهم ويرشدهم ويقدّم يد لهم العون لتركيز أعمالهم، وأحد أهمّ إنجازاته التي تذكر أنّه وبسبب دعمه وتشجيعه فقد أصبح 85% من شركات النقل في نيجيريا ملكاً للّبنانييّن.
الاستثمارات في الوطن
بعد توطيد دعائم الامبراطورية الاقتصادية عاد محمد الخليل إلى عرينه حاصبيّا واشترى من أمراء آل شهاب تلّة جميلة كانت مصيفاً لهم في الماضي وهي تقع قبالة البلدة من الجهة الشّمالية وتُعرف بتلّة “زغله”. وهناك بنى محمد الخليل قصراً منيفاً إلى جانب بناء قديم أصبح مَعْلَما معمارياً في المنطقة. وهذا المَعْلَم قصفه العدوّ الإسرائيلي ودمّره كيْداً وحقداً في العام 1982 لكنّ إرادة الأبناء الشّباب أعادت إعمار القصر من جديد ليعود مَعلّمــاً لافتا. ومما يزيد من جماله شجرة سنديان أثريّة يفوق عمرها مئات السنين،
هذا في بلدته. أمّا في العاصمة بيروت فكان الخليل بِبُعد نظره من أوائل الذين استثمروا في شراء الأراضي في منطقة الحمراء يوم كانت لا تزال بساتين للصّبار وأشجار العنب والتّين واستمرّ الخليل في بناء العمائر والأبنية الحديثة وهذه لم يزل قسمٌ منها قائماً إلى اليوم.
أنشأ محمد الخليل أيضا برّاداً ضخماً في شارع الأرز قرب المرفأ لتبريد الفاكهة اللّبنانية وسواها من المنتجات الزّراعيّة المُعَدّة للتّصدير أو المستوردة للاستهلاك المحلي. أمّا إنجازه الأكبر في الوطن فكان تأسيسه مصرفاً تجارياً عُرف يومها باسم بنك بيروت والرّياض مع الاقتصادي الكبير حسين منصور.


العَوْدَة إلى الجذور
أواسط السّبعينيّات عاد المغترب الكبير محمّد الخليل إلى وطنه ليتقاعد من عمله، بعد أنْ استراح بالُه بتسليم الأمانة إلى الجيل التالي من الأنجال الذين تابعوا رسالته في إدارة تلك الامبراطوريّة التجاريّة في الوطن والمهجر وليتفرّغ إلى واجباته الاجتماعية مؤازراً ومواسياً ومشاركاً في شتّى المناسبات سواء أكانت في بلدته حاصبيا أمْ في قضائها أو عند أقاربه وأقارب قرينته في جبل العرب. وذلك بكلّ محبّة وتواضع وتفانٍ دون أيّ أبّهة أو اعتزاز بالنّفس أو بالمال.
ذات يومٍ أقرضه أحد الشّعراء في إحدى المناسبات شعراً بمناداته ـ محمد بيك الخليل، فما كان منه إلا أنْ اعترضه وأجابَه مُصَحّحاً :” يا إبني والدي كان فلاحاً وليس بيكاً”.
في أواخر أيامه أتمّ واجباتِه الدّينية ولبس زِيّ الأجاويد وانصرف بأكثرَ وقته إلى زيارة المشايخ الأفاضل وأعضاء الهيئة الرّوحية والانتفاع من علمهم وبرَكتهم وكان يزور المشايخ في خلواتهم أو في مجالس العبادة، متّعظاً وصاغياً وخاشعاً لإرشاداتهم ومواعظهم، وطالباً شفاعاتهم وتبريكاتهم، وفي النّهاية كانت الشّهادة يوم وافته المنيّة يوم 11 نيسان 1992 وقد واكبه حشْدٌ من المشيعين والسّادة المشايخ والهيئات الرّوحية مُشيدين بأعماله الخيريّة وحسناته الاجتماعيّة الكثيرة، ثمّ ليُدفن قرب منزله في عاليه أولاً بسبب الأوضاع الأمنية السّائدة آنذاك، وبعدها لينقلَ جثمانه، وحسب وصيته، إلى أغلى الأماكن على قلبه، بلدته حاصبيا، وإلى تلّة زغلة بالذّات والمقابلة لأشرف وأجلّ التّلال، البيّاضة الزّاهرة، ليستريح هناك.
بعد وفاته بقليل عمد أنجاله معالي الوزير الأستاذ أنور وأشقاؤه السيّدان فريد وفيصل والعائلة إلى إنشاء “مؤسّسة الخليل الاجتماعية” تخليداً لذكراه وكان من عطاءاتها إقامة صرحٍ كبير عند مدخل حاصبيا عُرف باسم “دار حاصبيّا” والذي صمِّم ليتّسع لأكثر من ألفي شخص وقد بات هذا المقرّ العامر الإطار المفضّل لإقامة المناسبات الاجتماعية والحفلات سواء لأهل حاصبيا أو لسائر أبناء المنطقة.