الأربعاء, أيار 8, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الأربعاء, أيار 8, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

ملا نصرالدين

حكاياتُ الحكيم السّاخر
مُــــــلاّ نَصْــــر الدِّيــــن

الحلقة الرابعة والأخيرة

في هذه الحلقة الرابعة من حكايات مُلّا نَصْر الدِّين تختارُ “الضحى” باقةً من حكايا وقصص هذه الشخصية الشهيرة في الإرث الأخلاقي والشعبي الشرقي وتُترجمها للقارئ العربي عن اللغة الإنكليزية كما صاغها الفيلسوفُ الصوفي إدريس شاه، نقلاً عن اللغتين الفارسيّة والتركيّة، وذلك لفائدتها التعليمية، أدبياً وأخلاقياً وفلسفياً.

ظرافة تلين قلب تيمورلنك
ظرافة تلين قلب تيمورلنك

ظرافة تُلين قلبَ تيمورلنك
كانت جيوشُ تيمورلنك تجتاحُ أواسطَ آسيا، وسَرَت شائعاتٌ أنّ تيمورلنك كان يتّجه نحو قرية المُلّا نَصْر الدِّين.
وما أن تناهى ذلك إلى سَمعِ المُلّا حتى دعا الناسَ خلال خطبة الجمعة إلى الدعاء والصلاة.
وقال: “دعونا نُصلِّي لموت تيمور الأعرج قبل قدومه”، فصاح جميعُ القرويين “آمين”.
ووقف رجلٌ من بين المُصلّين وسأل المُلّا نَصْر الدِّين: “هل رأيتَ تيمورَ قط؟.
أجابه المُلّا: “لا ولم أركَ من قبل أنتَ أيضاً”.
فقال الرجلُ: “إنّك على حق، فأنا تيمورلنك”.
فصعق المُلّا نَصْر الدِّين لهذا النبأ، وكذلك ذُهِلَ القرويون.
ومن ثم تابعَ المُلّا خطبتَه بهدوءٍ، وقال: “دعونا نُصلِّي جميعاً مرّةً ثانية، وهذه المرّة صلاة جنازتنا”.
سأله تيمور: “كيف تُصلِّي صلاةَ جنازتك أيُّها الأحمق، فصلاةُ الجنازة تُتلَى على الميت”.
فأجابَ المُلّا: “نعم يا مولاي، لكن كما ترى فإنّنا جميعاً على وشك الموت دون أن يكون ثمة مَنْ يُصلِّي صلاةَ الجنازة علينا. لذا ينبغي علينا أن نقوم بذلك بأنفسنا”.
فضحك تيمورلنك من أعماقه وعفا عن المُلّا وأهل القرية.

تيمورلنك ووجه الشيطان
يُحكَى أنّ تيمورلنك لمّا دخلَ قريةَ المُلّا نَصْر الدِّين الشهير، قام باستدعائه.
وقال له: “يُحكى أنّك رجلٌ واسع المعارف، رجلٌ متحالِف مع قِوى الظلام وأنّك تملك قِوى غريبة وتعلم أرهبَ التعويذات، بل يقولون عنكَ إنّك في تحالفٍ مباشر مع الشيطان بحدّ ذاته!”.
فأجابه المُلّا نَصْر الدِّين باستخفاف: “هذا ما يقولونه!”.
فصاح تيمورلنك بصوتٍ هادر، وقد استفزّته برودة المُلّا نَصْر الدِّين: “إن كنتَ حريصاً على حياتك، فقلْ لي إذاً كيف تبدو هيئة هذا الشيطان؟”.
فتبسَّم نَصْرُ الدِّين وناولَ تيمورلنك مرآةً، وقال له: “انظرْ في المرآة فتراه!”.

الثالث مُحِقٌّ أيضاً!
ذهبَ قاضي البلدة في إجازةٍ قصيرة. وطُلِبَ من المُلّا نَصْر الدِّين تولِّي القضاء مكانه مؤقتاً ليومٍ واحد.
فجلس المُلّا نَصْر الدِّين على كرسي القضاء، وبدا الحزمُ على مُحيّاه مُحدِّقاً في الجموع، واستعدَّ للنظر في القضية الأولى.
وبعدما سمِعَ مرافعة الطرفَ الأول، قال له نَصْرُ الدِّين: إنّك على حق”.
وقال للطرفِ الثاني بعد سماع وجهة نظره: “إنّك أيضاً على حق”.
فصاحَ أحدُ الحاضرين وسط الجموع قائلاً: “لكن لا يمكن أن يكون الطرفان على حق”.

السمكة الصغيرة للمتفلسف
السمكة الصغيرة للمتفلسف

السمكةُ الصغيرة للمُتَفَلسِف
مرَّ أحدُ العلماءِ المُتَفَلسِفين بقرية المُلّا نَصْر الدِّين، وما أنْ التقاه حتى سأله عن مكانٍ يُقدِّم طعاماً شهيّاً. فاقترح المُلّا مكاناً، فدعاه العالِمُ المُتَعطِّشُ للمحادثة للانضمام إليه.
فرافق المُلّا نَصْر الدِّين العالِمَ مُكرهاً إلى مطعمٍ قريب.
وعند وصولهما إلى المطعم سألا عن طبق اليوم، فأجاب صاحبُ المطعم: “سمكٌ! سمكٌ طازج!”
فقالا له: “أحضِرْ لنا سمكتَين”.
وما هي إلا بضعُ دقائق حتى أحضرَ الرجلُ طبقاً كبيراً تُزيِّنه سمكتان مشويّتان، واحدةٌ منهما أصغر قليلاً من الأخرى.
فانبرى المُلّا نَصْر الدِّين من دون تردُّدٍ والتقطَ السمكةَ الكبيرة ووضعها في صحنه.
العالِمَ، الذي بدَت على مُحيّاه الدهشةُ والاستغراب، لفتَ انتباه نَصْر الدِّين إلى أنّ ما قام به لم يكن عملاً أنانيّاً بشعاً فحسب، بل ينتهك الأدب ومبادئ الدين!
أصغى المُلّا نَصْر الدِّين لمحاضرة مرتجلة ألقاها العالِمُ المُتَفلسِف بكلِّ صبرٍ، لكن ما أن نفدَ صبرُهُ حتى قال له:
“حسناً يا سيّدي، ماذا كنتَ لتفعَل أنت؟”.
فأجابه العالِمُ: “إنّني كصاحبِ مبادئ وضميرٍ، كنتُ سأختار السمكة الأصغر حجماً”.
فقال المُلّا نَصْر الدِّين: “هاكَ إيّاها”، ووضعَ السمكةَ الصغيرة في صحنِ المُتَفلسف.

أُمنيةٌ أخيرة!
أخذ المُلّا نَصْر الدِّين ورفيقاه يحتسون القهوة، ويتساءلون حول الموت: “إذا كنتَ مسجَّى والأهلُ والأصدقاء يبكون من حولك، فما الذي تتمنَّى أن تسمعه منهم؟”.
قال رفيقه الأول: “أودُّ أن أسمع منهم أنّني كنتُ طبيباً عظيماً في زماني، ومُحبِّاً لأُسرتي وعائلتي”.
ومن ثمّ قال رفيقه الثاني: “أودُّ أن أسمع منهم أنّني كنتُ زوجاً صالحاً ومعلِّماً تركَ أثراً كبيراً في أجيال الغد”.
أمّا نَصْرُ الدِّين فقال: “أودُّ أن أسمع منهم: انظروا!! إنّه يفتح عينيه!!!”.

سمكةُ القاضي في الشبكة!
ذات يوم، تناهَى إلى مسمعِ المُلّا نَصْر الدِّين أنّ السلطانَ قد أرسل لجنةً متخفّية سعياً إلى اختيار مُرشَّحِين أكفّاء لتولِّي منصب القاضي.
فعمدَ المُلّا إلى التنقُّل في الأنحاء واضعاً شبكةً قديمة لصيد السمك على كتفه.
ولمّا وصلَ أعضاءُ اللجنة إلى قريته، استرعت الشبكةُ انتباهَهم وسألوا المُلّا نَصْر الدِّين ما السرّ وراء ذلك.
فأوضح نَصْرُ الدِّين: “نعم، أحملُ هذه الشبكة معي لتُذكّرني بماضيَّ الوضيع كصيّادٍ فقير”.
فتأثَّر أعضاءُ اللجنة أيما تأثر، وعندما حانَ الوقت، عُيِّنَ المُلّا نَصْر الدِّين قاضياً.
وبعد فترةٍ وجيزة، التقى ممثِّلو السلطان المُلّا نَصْر الدِّين مجدداً لكنّهم لاحظوا اختفاء الشبكة.
فسألوه: “أيُّها المُلّا أين الشبكة”.
فأجاب المُلّا نَصْر الدِّين: “حسناً، لا حاجة للشبكة بعد اصطياد السمكة، أليسَ كذلك؟”.

عودةُ الجَمَل
صاحَ المُلّا نَصْر الدِّين بأعلى صوته: “لصٌّ، لصٌّ! لقد سرقَ لصٌّ جَمَلي!”.

وما أن هدأ رَوْعُه وسكَنَ صخبُه حتى بادره أحدُهم بالقول متعجِّباً: “لكن يا نَصْر الدِّين، لا جملَ لديك”.
فقال نَصْرُ الدِّين: “صُهْ .. أخْفِت صوتَك، أتمنّى ألَّا يسمعك اللصُّ، لعلّه يُعيد إليَّ جَمَلاً”.

قوةٌ لا تشيخ!
كان المُلّا نَصْر الدِّين يوماً يتباهى بقوتِه التي لم تؤثّر فيها السنون. وقال: “إنّني على القدر ذاته من القوة التي كنتُ أتمتّع بها شاباً”.
فسأله القوم متعجِّبين: “وكيف أمكنَ ذلك؟”.
فأجاب المُلّا: “هناك صخرةٌ كبيرة خارج منزلي. لم يكن بوسعي أن أُحرِّكها من مكانها وأنا شابٌّ، ولا يسعني أن أُحرِّكها كذلك اليوم!”.

الحمد لله ليست يقطينة!
كان نَصْرُ الدِّين خُجا يستلقي تحت ظلال شجرة جوزٍ عتيقة. استراحَ جسدُه لكنّ فكرَه الوقّادَ لم يجد له راحة. كان يتطلّع إلى أغصان تلك الشجرة الهائلة ويتفكّر في خلقها.
وتساءلَ الخُجا في سِرّه: “ما الحكمةُ في أنْ تُثمِرَ مثلُ هذه الشجرةِ الكبيرة السامقة حبّاتَ الجوز الصغيرة هذه؟ فها هو جذعُها ضخمٌ، وأغصانُها ثخينةٌ بإمكانها أن تحمل بسهولة أكبرً يقطينةٍ تنمو من نبتةٍ ضعيفة مُعرِّشَة في الحقول، نبتةٌ لا يمكنها أن تحمل حتى وزنَ ثمرتها. ألا ينبغي للجوز أن ينمو من تلك النباتات الضعيفة، واليقطين من هذه الشجرة الراسخة؟”.
وفيما هو غارقٌ في تفكُّرهِ وتغشاه الحَيرةُ، سقطت حبّةُ جوزٍ من أعلى الشجرة لترتَطِمَ برأسه.
فانتفضَ نَصْرُ الدِّين مرتاعاً، وقال: “الحمد لله! لو كان ما سقطَ على رأسي يقطينةٌ لقُضِيَ عليَّ حتماً! إنّ الله رحيمٌ! وهو أبدعَ الطبيعةَ وفي نيته أن يُنقِذ حياتي”.

اخترع كذبة وصدّقها
اخترع كذبة وصدّقها

اخترعَ كذبةً وصدّقها!
ذات يوم قرّر المُلّا نَصْر الدِّين أن يُمازِح سكّان قريته. فما أن صادفَ حشدٌ منهم حتى أوهمه بوجود منجمِ ذهبٍ اكتشفه في مكانٍ حدّده لهم.
وما أن سمعَ الجميعُ ذلك حتى أخذوا يهرعون إلى ذلك المكان للاستئثار بالذهب.
وما هي إلَّا هُنيهةٌ حتى وجدَ نَصْرُ الدِّين نفسَه سائراً معهم.
وعندما سأله مَنْ يعرف سرَّ حيلتِه عما هو فاعلٌ، قال: “عندما يصدَّقَ ذلك الجمُّ الغفيرُ من الناس، فإن هناك احتمال بأنّ يكون صحيحاً!”.

لا يفقهونَ الخبزَ ويَحكِمون
اتّهمَ ثلاثةُ علماءٍ المُلّا نَصْر الدِّين بالخروج عن الدِّين، لذا استُدعَى إلى بلاط السلطان للمحاكمة.
وفيما هو يُدافع عن نفسِه، سألَ نصر الدين العلماء الذين جلسوا لمحاكنه: “أيُّها الحكماء، ما هو الخبز؟”.
فقال العالِمُ الأول: “الخبزُ هو قوتٌ، طعامٌ”.
وقال العالِمُ الثاني: “الخبزُ هو مزيجٌ من الطحين والماء عُرِّضَ لحرارة النار”.
أمّا العالِمُ الثالث فقال: “الخبزُ هو نِعمةٌ من الله”.
فتوجَّه المُلّا نَصْر الدِّين إلى السلطان قائلاً: “مولاي، كيف لكَ أنْ تثق بهؤلاء الرجال؟ أليسَ من الغريب أنّهم عاجزون عن الاتّفاق على طبيعة شيءٍ يأكلونه كلّ يوم، ومع ذلك يُجمِعُون على أنّني خارجٌ عن الدِّين؟”.

حصانُ السلطانِ يُغنِّي
ذات يوم، ألقى المُلّا نَصْر الدِّين نُكتَةً في حضور السلطان أثارت سخطَه. فأمرَ على الفور باعتقال نَصْر الدِّين وإلقائه في السجن، واتّهمه بالمروق والعصيان.
اعتذر المُلّا نَصْر الدِّين من السلطان على هذه الدعابة السَّمِجَة، وتوسَّل إليه أن يعفو عنه ويُبقِي على حياته.
لكنّ السلطان بقِيَ متشبِّثاً بموقفه، وبفعل الغضب الشديد أمرَ بقطع رأس المُلّا نَصْر الدِّين في اليوم التالي.
وعندما أُحضِرَ نَصْر الدِّين في الصباح لتنفيذ حُكم الإعدام به، خاطبَ السلطانَ قائلاً: “أطالَ اللهُ عمرَ مولاي السلطان! أنتَ تعلم أنّني مُعلِّمٌ حاذق، والأكثر براعة في مملكتك، فإذا ما أَخَّرتَ إعدامي عاماً واحداً، فسأُعلِّم حصانَكَ الحبيب الغناء”.
لم يكن السلطانُ يعتقد أنّ ذلك ممكناً، لكنّ هذا ما هدّأ من رَوعه، فأجابه: “حسناً، سأمنحُكَ عاماً. لكن الويلَ لكَ إذا حلَّت نهايةُ العام ولم تُعلِّم حصانَي الحبيب الغناء”.
وقام أصدقاءُ نَصْر الدِّين بزيارته مساءً في السجن، فوجوده فرِحاً مسروراً. فسألوه مندهشين: “كيف لكَ أن تكون مسروراً؟ هل تعتقد حقّاً أنّ بوسعك تعليم حصان السلطان الغناء؟”.
فأجابَ نَصْر الدِّين: “بالطبع لا. لكن أمامي مهلة عام، وقد يحدث الكثير في هذه المهلة. فلربّما هدأ غضبُ السلطان وعفا عنّي. ولربّما قتلته الشدائدُ أو المكائدُ أو المرض، ولعلّه يُصدِرُ عفواً عن السجناء جميعاً. أو قد يموت الحصانُ، ولا يعود للسلطان حُجّةً عليّ”.
واستدرك نَصْرُ الدِّين أخيراً وقال: “إذا لم يحدث أيٌّ من ذلك، فما أدراكم، لعلّ الحصانَ يتعلّم الغناء!”.

السجنُ ولا شِعْر السلطان!
خُيِّلَ للسلطانِ يوماً أنّه شاعرٌ. وبعدما سهِرَ ليالٍ عديدة، أكملَ قصيدةً عصماء، واستدعَى المُلّا نَصْر الدِّين ليُلقيها أمامه.
وبعدما انتهى من إلقاء قصيدته، أحبَّ السلطانُ أنْ يعرف رأيَ المُلّا نَصْر الدِّين. فقال نَصْرُ الدِّين مندهشاً: “أحقّاً يا مولاي؟”.
فأجابه السلطانُ: “بالطبع، لِمَ أحضرتُكَ إلى هنا!”.
فقال نَصْرُ الدِّين: “حسنٌ، إنّها يا مولاي.. فظيعة”.
فاستشاطَ السلطانُ غضباً ونادَى الحرس: “ضعوه في السجن، ثلاثين يوماً”.
وبعدما أكمل نَصْرُ الدِّين فترة عقوبته، استدعاه السلطانُ مجدداً لسماع قصيدة أخرى، وعندما انتهى السلطانُ من إلقائها، نهضَ نَصْرُ الدِّين على الفور واتّجه نحو الباب.
فسأله السلطانُ باستغراب: “ما خطبكم، أين أنتَ ذاهبٌ يا نَصْر الدِّين؟”.
فأجابه نَصْرُ الدِّين: “إلى السجن يا مولاي”.

لا شنقَ لمَنْ جاء يُشْنَق!
استاءَ السلطانُ كثيراً من كثرة الغشَّاشين والكذَبَة المخادعين الذين يدخلون أبواب عاصمته الزاهرة ويعيثون فيها فساداً. لذا، أمرَ بوضع حامياتٍ من الجند عند جميع بوابات المدينة المحاطة بأسوارٍ منيعة. وصدرت الأوامر للجنود بشَنْق كلّ مَنْ يكذب حول الغرض الحقيقي وراء رغبته في دخول العاصمة.
أسرجَ المُلّا نَصْر الدِّين حمارَه وانطلقَ قاصداً العاصمة.
وعند إحدى البوابات، استوقفه حارسٌ وسأله عن الغرض وراء رغبته في الدخول إلى المدينة، وحذّره من أنّ الكذب قد يؤدّي به إلى الشنق.
فقال المُلّا نَصْر الدِّين بكلِّ هدوء: “هذا أمرٌ جيد، إذ إنّني أتيتُ إلى هنا لكي أُشنَق!”.
فقال الحارس مندهشاً: “إنّك كاذبٌ وسوف تُشنَق حتماً!”.
فأجابه المُلّا نَصْر الدِّين: “إذاً، أنتَ تَعلم أنّني نطقتُ بالصدق، ووجبَ بذلك ألَّا أُشنَق”.

أحمق في الظلام
أحمق في الظلام

أحمقٌ في الظلام!
في إحدى الأمسيات من ليالٍ حالكات، كان المُلّا نَصْر الدِّين يعود أدراجه إلى المنزل. الطريقُ كانت قصيرة جداً، لكن عند وصوله بدا عليه استياءٌ شديد، وأخذ يقول: “يا حسرتاه، يا ويلتاه”.
وصُودِفَ مرور أحد الشبّان بالقرب من منزله وسمعه يتحسَّر.
فسأله: “بالله عليك، قُلْ لي ما خطبُكَ يا مُلّا”.
فأجابه نَصْر الدِّين: “آه يا صديقي، يبدو أنّني أضعتُ مفاتيحَ منزلي. هلَّ ساعدتني في البحث عنها؟ أنا متأكّدٌ أنّها كانت في حوزتي عندما غادرتُ المقهى”.
فهبَّ الشابُ إلى مساعدة المُلّا نَصْر الدِّين في البحث عن مفاتيحه.
وجَهِدَ الشابُ في البحث هنا وهناك عن المفاتيح لكن لم يجد لها أثراً. ومن ثم نظر فوجدَ نَصْرَ الدِّين يبحث في بقعةٍ صغيرة يُضيئها مصباحٌ معلّق في الشارع.
فسأله الشابُ: أيُّها المُلّا، لماذا لا تبحث سوى في هذا المكان؟”.
فأجابه نَصْرُ الدِّين: “هل أنا أحمقٌ لأبحث في الظلام..!”.

العدل .. حسب نصر الدين
جادلَ أحدُ الأشخاص المُلّا نَصْر الدِّين، وقال له بعد نقاشٍ مستفيض: “دعنا نقذفُ قطعةَ نقودٍ ونرى مَنْ هو على حق؟”.
فسارع المُلّا نَصْر الدِّين وقَذَف قطعةَ نقودٍ في الهواء وقال مُستبقاً حُكمَ الشخص الآخر: “إن جاءت الطُرَّة لي فأنا الفائز، وإن كانت النَقْشَة لكَ فأنتَ الخاسر”!

لله في خلقِهِ شؤون!
وجدَ ولدان كيساً يحتوي على اثنتَي عشرة من الكرات الزجاجية الملوّنة التي يلعب بها الأولاد، واختلفا حول كيفية تقسيمها في ما بينهما، وأخيراً اتّفقا أن يحتكما إلى المُلّا نَصْر الدِّين.
وعندما طلبا منه أن يُقسِّم الكرات الزجاجية بالعدل بينهما، سألهما ما إذا كانا يرغبان بأن يقوم بتقسيمها بعدلٍ إنساني (أي مناصفة) أو استلهاماً لحكمةٍ ربّانية دون تساؤل منهما أو اعتراض وقد آثر الولدان بالطبع الخيارَ الثاني.
عندها قام المُلّا نَصْر الدِّين بعَدّ الكرات، وأعطى ثلاثاً منها للأول وتسعاً للثاني ..!!

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading