كان شعراء جبل العرب يلتقون كل اسبوعين يحيون التراث وكان عميد الاجتماع المغفور له المهندس ابو رياض جادالله عز الدين المحترم الرزين والمثقف المميز صاحب مكتبة على رفوفها احدى عشرة ألف كتاب تحت تصرف الجميع.
تم تداول فكرة هي ان نكرم الافذاذ بعد رحيلهم ولم يبق من سيوف المجد صانعي الاستقلال المشاهير غير اللواء ابو غالب زيد الاطرش الأخ الشقيق لسلطان ويده اليمنى في كل المواقف التاريخية فلماذا لا نُسمعه وهو على قيد الحياة رأي الشعراء به واتفقنا ان نزوره في عرين سلطان باشا الاطرش وفي مضافته فنقول رأينا به وحددنا يوم الثلاثاء في١٣-٣- ١٩٩٦ وقبيل الظهر زرت ابا رياض جادالله عز الدين وهناك التقيت الاخ العقيد الشاعر ابو نزار محمد شجاع عنده، وبحثنا الخطوات اللازمة للمناسبة؛ فاقترح ابو رياض ان نبحث في السوق عن هدية رمزية نقدمها للواء ابي غالب زيد؛ فوجدنا هدية ترمز الى الفتوّة والنضال فاشترينا سيفا كهدية رمزية ..
وفي المساء كانت مضافة سلطان باشا تغص بالشعراء وأنصار التراث، بدأت السهرة بكلمة ألقاها عميد السهرة جاد الله عز الدين باسمه الكبير وقدم الهدية (لابو غالب) باسم الجميع ونيابة عنهم ففاجأته الهدية ووقف بطوله المهيب ليقبّل السيف ويقول: وصيتي ان يوضع تحت راسي في قبري!!
ابتدأت السهرة التي كانت حفلة منضبطة ومنظمة وبرنامجها محترم من الجميع …وجاء دوري فقدمت قصيدتي هذه:
ما المجد غير تجشّم الأخطار
والذِكر غير حصيلة المشوار
الليل يغتال الوضوح تغلّساً
والصبح خير هديّة للساري
والبدر في كبد السماء مميّز
والشمس تمحو لألأ الأقمار
يا زيد مَن للخيل في يوم الوغى؟؟
حين ارتخاص الروح للأقدار؟؟
يوم العجاج امتدَّ يسحب ذيله
ليلاً يحدّ خوارق الأبصار؟
حين استجار الشرق من أغلاله
هذا العزيز الصعبُ بالثوّار؟
تالله كُنتَ الليث ينثر لبدةً
والثائرون منائرُ الأكوار
والسيف منصلتٌ تعندم راعفاً
يهوي بوهج نيزكيٍّ عاري
إن هُجتَ هاجوا دمدماً وصواعقاً
سيلَ السيولِ وجذوة الإعصارِ
مزّقت أجناد العدوّ بفتيةٍ
في كلّ موقعةٍ كسهم النار
وهززت راشيّا بجمعٍ ثائرٍ
حين اقتحمتم شاهق الأسوار
يا فارساً بالحرب يزجي مهره
مستهزئاً بالنار والأخطار
يا زيدُ أغنيت الجهاد ولم تزل
تُعطي عطاء الديمة المدرار
صلبٌ إذا اعتبكت وطار شرارها
تغشى الوطيس بهمّة المغوار
يا زيد شاخ الدهر إلّا أنكم
كبشٌ عليه غُلالة من غار
يا شاعراً أغنى القريض بشعره
يا قائداً يا أحصف السمّار
أنجزت صرحاً للتراث مشيّداً
بالسيف والتنظيم والأشعار
يا زيد ليت الدهر في امكاننا
إرجاعه قرناً بدون ضرار
فأراك في النبك البعيدة بادياً
شاكي السلاح مهلهل الأطمار
ترنو الى صوب الشمال وأهلهِ
والروح تهدي ذاتها للشاري
إنّي أحيي الآن شيخاً فارساً
في أعظم الأيام، في آذار
في دار سلطان العظيم وحصنه
نسقي أصول المجد بالتذكار
يا ربُّ هَبْ زيداً شموخاً دائماً
هذا بقيّة نخبة الأبرار