السبت, أيار 4, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

السبت, أيار 4, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

العَفِينَة “أم الينابيع”

هي من القرى النبطية القديمة ذات الينابيع الغزيرة وقد جُرّت مياهها قديماً إلى بلدة الكرك في سهل حوران، وكانت قناطر القناة مازالت ظاهرة للعيان في القرن الماضي، وقد تخربت آثار القرية القديمة ولكن ما بقي منها يشهد على أهميتها وفيها كتابات يونانية كما يشير إلى ذلك الباحث الآثاري الدكتور علي ابوعساف في كتابه «الآثار في جبل حوران» ص 164.

حملت هذه القرية اسمها «العفينة» بسبب خصوبة أرضها نتيجة للخيرات التي كثيراً ما تتعفن لتراكمها. ترتفع العفينة عن سطح 1127 متراً أمّا عدد سكانها فيبلغ 2700 نسمة.
وتقع في موقع متوسط بين المرتفعات الجبلية لجبل العرب فإلى الغرب منها منبسط من الأرض يميل باتجاه الغرب والجنوب بانحدار لطيف ومن جهة الشمال الغربي يميل بحدة نسبية باتجاه وادي نبع عرى…
أمّا إلى الشرق منها فتأخذ الأرض بالارتفاع مع ازدياد الوعورة باتجاه قرية حبران الأكثر جبلية منها.
تحدها من الشمال قرية رساس ومن الشمال الشرقي قرية سهوة بلاطة ومن الشرق قرية حبران ومن الجنوب بلدة القريّا ومن الغرب قرية المجيمر ومن الشمال الغربي بلدة عرى.
وتتبع العفينة من الناحية الإدارية لناحية القريّا الواقعة إلى الجنوب منها على مسافة نحو 4 كلم، أمّا عن السويداء مركز المحافظة فتبعد نحو 14 كلم.
تربتها سوداء تميل إلى الاحمرار لكونها ناتجة عن تفتت الصخور البركانية التي اغتنت ببقايا المواد العضوية النباتية ممّا يزيد في خصوبتها.
تزرع القرية الحبوب بأنواعها بالإضافة إلى زراعة الخضروات والفول والبصل، ويطل عليها من جهة الجنوب الغربي تل السرجين ومرتفع كوم التينة وتل المَجْمَر الشمالي الغربي، وتمر منها قناة الغسانية الأثرية من الشرق إلى الغرب وتعود إلى العصر الروماني وقد تم ترميمها حالياً بالإسمنت المسلح.

القرية القديمة مبنية بالحجر البازلتي الأزرق، أما القرية الحديثة التي امتدت بمعظمها إلى جهة الغرب عبر المنبسط السهلي فبيوتها مبنية من الحجر الإسمنتي المسقوف بالإسمنت المسلّح.
إلى جهة الجنوب منها يمر واديا الجعّار والزيدي، المتجهان غرباً عبر أراضي بلدة القريّا إلى سهل حوران.

الوضع المائي في العفينة

كان أهالي العفينة يتباهون فيما مضى بقولهم: إنّ «في قريتنا 50 نبع ونبع»، إذ تمتاز العفينة بغناها بالينابيع التي تنبثق في فصل الشتاء إثر هطول الأمطار الغزيرة وأهمّها نبع غسان (ويدعى اليوم بنبع عرى) وكان فيما مضى قبل نحو مئة عام نبعاً جارياً، ويبعد عن القرية نحو 3 كلم إلى الشمال منها، ونبع عين الزبدة الذي يقع شرق نبع عرى، وعين الغورية على الحافة الشمالية للقرية ونبع العين الشرقية شرقها، وعين التيس شرق القرية على حدود حبران، ونبع عين السخنة وسط القرية ونبع العين الغربية، وهي عموماً ينابيع تنقطع صيفاً وتنشط شتاء وربيعاً.
وفي خراج القرية 9 آبار ارتوازية حفرتها الدولة، منها اثنان على طريق قرية المجيمر غرب القرية والآبار الأخرى جنوب القرية، وجميعها معطلة باستثناء بئر واحد يعمل بين حين وآخر ويتعطل أحياناً بسبب الإهمال.

آل درويش أُولى العائلات في العفينة

استناداً لمَرويّات المُعمرين في القرية ولمرويات آل درويش فإنّ آل درويش قدموا إلى العفينة كمشايخ للقرية بالتفويض من شيخ مشايخ الدروز الأطرشي في عرى نحو الثلث الأخير من القرن التاسع عشر،غير أن الرحالة البريطاني بيركهاردت الذي زار المنطقة عام 1810 يذكر أن القرية كانت مسكونة في تلك الفترة وفيها 25 عائلة درزية وذلك في كتيب «رحلات في سورية، ترجمة سلامة عبيد، ص 20».

أما آل درويش فهم كما يعرّفهم صاحب كتاب «الأصول والأنساب» يحيى حسين عمار ص 83 فهم «من العائلات التي تعود بقديمها إلى المقدّم علي العكس، جاؤوا من جهات الجبل الأعلى، وتوزعوا في المتن (جبل لبنان) وعُرف أمرهم في بلدة حمّانا وكانت لهم فيها أملاك ومطاحن كثيرة واشترى أملاكهم في حمانا المقدمون من آل مزهر، ورافقوا الفرع من آل الأطرش الذي ارتحل عن لبنان إلى بلدة بقعسم في إقليم البلان، وفي حدود مطلع القرن التاسع عشر ارتحل عن بقعسم حسين الدرويش مع أبناء عمه إلى الجبل وكان لحسين الدرويش دور هام جدّاً في معارك اللجاة ضد إبراهيم باشا إذ كان قائد المشاة المقاتلة، وبعد المعارك لُقّب حسين الدرويش بـ : «سبع اللجاة»، واشتُهر رجال هذه الأسرة بالقوة والصلابة، ومنهم في الثورة السورية الكبرى عام 1925 المجاهد حمزة الدرويش».

وأمّا عائلات العفينة التي وفدت إلى القرية بعد آل درويش الذين قدموا من غوثا قرب عرى حسب ما أفادنا به الأستاذ نزيه درويش والاستاذ مقبل منذر، فهم آل غانم، وآل منذر نحو عام 1868 قدموا من برمانا وغريفة، وآل قرموشي، (أصلاً من آل الداود من قرية حَلوى في جنوب لبنان)، وآل الهادي من الشوف (أصلاً آل شرف الدين)، وآل محمود وأبو فخر والأشقر والحمدان وأبو غازي والعماد وريدان وحرب وحمزة والنمط وفخّور.

وهم عائلات هاجرت أو هُجّرت من لبنان بسبب أحداث ونزاعات جرت في القرن التاسع عشر وحتى عام 1914 عام سفر برلك.
ولم تتأخر العفينة عن المشاركة في أحداث الحركة العامية التي جرت في النصف الثاني من ثمانينيات القرن التاسع عشر إذ جرى فيها الاجتماع الثاني للحركة العامية التي تمثل فيها النزاع بين العائلات الإقطاعية المالكة في الجبل من جهة والعائلات المتوسطة الملكية والفلاحين من جهة أخرى كما يرجّح معمرو القرية؛ في موقع الأرض الواقعة غربي القرية بينها وبين الطريق العام الذي يتجه جنوباً إلى بلدة القريّا، ولم تزل تلك الأرض تحمل اسم «أرض العامية» إلى اليوم، وهي عبارة عن مرج منبسط زحف إليه العمران الحديث.

وفي ص 419 من كتاب حوران في الوثائق العثمانية ترجمة الدكتور عبد الرحيم أبو حسين ما يفيد أن القرية شاركت بنشاط ضد الحملة العثمانية الظالمة لتي قادها سامي باشا الفاروقي على الجبل عام 1910 وأن القوة العثمانية المرسلة إلى الجبل حينها انتقمت من قرية العفينة التي «تعرضت أثناء الاشتباكات لخراب كامل» ولم تزل مضافة عبد الكريم درويش التي اتخذها العثمانيون مركزاً للجندرمة (الدرك) ماثلة إلى يومنا هذا بشهادة معمري القرية. وفي ص 421 ما يفيد أنّ القرية (العفينة) قُصفت بالمدافع العثمانية مع «قرى الكفر وحبران وقنوات لمقاومتها القوات العسكرية…» إذ كان محمود درويش واحداً من قادة عصابات الثوار المقاومة للعثمانيين آنذاك، وذكر آل حمزة (وهم أصلاً من اعبيه) أن جدّ والدهم الشيخ أبو محمود حسن حمزة نفاه العثمانيون مع أسرته إلى الأناضول…

الشيخ عبد الكريم درويش يحصّل حق مسيحي عربي من الدرك العثماني
كان أبو طعمة رجلاً مسيحيّاً من حي باب توما في دمشق يربّي أبقاراً حلوبةً وعجولاً في القرية خلال الفترة الأخيرة من العهد العثماني في الجبل، ولما كان هؤلاء يجمعون فلولهم للهروب من وجه قوى الثائرين عليهم من الأهالي، وقد رفضوا دفع ما عليهم من دين بالليرات الذهبية لأبي طعمة، فقد لجأ هذا يشكو أمره للشيخ عبد الكريم درويش الذي وجد أمامه محراثاً بدائياً فك منه وصلة عصا طويلة وهاجم مخفر الدرك بها وأجبرهم على دفع حق الرجل قبل أن يغادروا القرية ليلتحقوا بالقوات العثمانية الهاربة من الجبل.
أمّأ في الثورة السورية الكبرى فإن قرية العفينة قدمت سبعة عشر شهيداً في معاركها خلال أعوام 1925 و1927.

آل حمزة وآل الهادي حملة بيرق العفينة

أوّل من حمل بيرق العفينة هم آل حمزة الذين استشهد منهم تحته، إسماعيل حمزة وآخرون منهم. خشي الشيخ أبو يوسف ملحم حمزة من انقراض رجال الأسرة فقام بالتنازل عن البيرق لآل الهادي بعد معركة المسيفرة التي جرت في 17 أيلول عام 1925 قائلاً: «هذا البيرق يلزمه رجال تحميه».

وقد حمل آل الهادي بيرق العفينة، وفي معركة رساس وأثناء القتال ضد الفرنسيين استشهد اثنان منهم تحت البيرق هما يوسف وحمود الهادي، فتناول البيرق في ساحة المعركة حسن خليل منذر، وقد بقي البيرق في حوزته مدة تسعين يوماً إلى أن أُعيد إلى آل الهادي تكريماً لهم.

طفل لبناني في العفينة ينجو بمعجزة من قصف الطيران الفرنسي!

«أيام من الثورة السورية في ذاكرة الشيخ أبو يوسف جميل الأشقر إثر مقابلة معه عام 2016»
في فترة الاحتلال الفرنسي تعرضت العفينة لقصف الطيران الفرنسي عقاباً لسكانها على أثر زيارة القائد العام للثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش لدارة الشيخ عبد الكريم درويش عام 1925، وقد أصيب عدد من المنازل ومنها بيت الشيخ أبو إبراهيم سلامة طيفور الذي كان شيخاً ميسوراً وصاحب دار واسعة باحتها مبلّطة ببلاط حجري وكثيرون ممن يقدمون من لبنان يستأجرون عنده.

في ذلك البيت كان قد ولد في عام 1918 الطفل جميل الأشقر لأب هو حسين الأشقر كان يعمل على نقل القمح إلى جبل لبنان من قرية عرى وغيرها من قرى جبل الدروز على جمل له، وكان يرتاد مضافة الشيخ شبلي الأطرش وأخيه يحيى من بعده والأمير سليم الأطرش بعدهما، وكان هذا يحترمه لرجولته وطيب صوته وحسن غنائه، فكان واحداً من مرافقيه والفداوية من حوله.

كانت أم جميل في ذلك اليوم المشؤوم من صيف ذلك العام 1925 تعمل على غسل القمح تمهيداً لتنشيفه وطحنه وصنع الخبز منه، وإلى جانبها صغيرها جميل بن حسين الأشقر ذي السنوات السبع، ولكن الطيران الفرنسي لا يرحم فقُصفت الدار مع ما قصف من بيوت العفينة المتعاونة مع الثورة، وهُدمت دار جادالله درويش وشاء القدر أن يصاب الطفل جميل بشظية دخلت من فمه وخرجت من وراء الفك دون أن تكسر شيئاً من العظم، صرخت الأم مستنجدة «يا أبو إبراهيم» وهرب مَن في باحة الدار إلى الغرف واختبأ الصغير في الفرشة. لم يشعر الطفل بالإصابة بادئ الأمر، لكنه بعد قليل أحس دماً ينزف من فمه، هبّ من الفرشة وخرج للبريّة القريبة من الدار. الأب حسين كان في المقرن الشرقي يبيع عنباً على جمله، أمّا أخته «خزماء» فقد كُسرت رجلها وامرأة أخرى من آل الأشقر كانت قد هربت، عبر باب إحدى الغرف أصابتها شظية قنبلة فماتت من فورها…

انتقل كثيرون من أهل القرية على أثر القصف الجوي الفرنسي إلى المقرن الشرقي، إلى قرية شعف، ومن ثم إلى الشرق منها خربة القسطل حيث توجد هناك مغاور أزلية تحت الأرض، كان الطيران الفرنسي يقصف الدور التي تتواجد فيها الخيول، هناك في تلك الخربة النائية كلّ أسرة حملت معها الصاج والجاروشة حيث تتناوب الصبايا في جرش القمح لصنع الخبز الضروري للأسرة، وكان البَلاس (بساط لأرض الغرفة) مصنوع من شعر الماعز.

في ذلك المنأى كانت حقول القمح قد حُصدت، وكان الصغير جميل قد تعافى من جراحه. طُلب إلى ذويه أن يعمل في دَرْس القمح على المَوْرَج الذي تجره كديشة، ولم يلبث أن ظهر الطيران الفرنسي في الجو، هرب جميل إلى المغارة تاركاً المَوْرَج والكديشة التي تجرّه. ضربت الطيارة قنابلها فقتلت رأسين بقر وعجل وحمار.

الوالدة والأقارب من آل أبو حسن سليمان الأشقر لجأوا إلى مغاور عميقة في خربة القسطل. بعد خلو السماء من الطيران هَجُّوا إلى الوادي، كان الصغير يحمل بعض الحاجيات، هرب ورماها في عرض الوادي الجاف، عطش وليس من ماء، اضطرت امرأة أن تسقيه زيتًا، ومن الوادي رجعوا للقسطل، وذهب الصغير مع ذويه إلى قرية الرشيدة، فيها مياه وفيرة نقية كماء عين مرشد في لبنان، وفيها حجل كثير، ناموا ليلتهم في الرشيدة وفي اليوم التالي عادوا إلى قرية شعف، ومنها انتقلوا إلى بُصرى سافروا بالقطار إلى الشام، الأب والأم والابن والعمّتان خزماء وأدماء، والعم سعيد الأشقر، والعم محمود أبو علي الأشقر، ومنها بالقطار أيضاً إلى صوفر.

وصل جميل إلى الخريبة، فأصرّت جدّته السيّدة أم حسين زين الأشقر على إرساله إلى مدرسة المختارة، عند المعلم شفيق ناصيف، كانت المدارس حينها جديدة على حياة الناس، ولم يكن سوى أولاد ذكور منهم عبد الله أبو حمزة وعارف أبو حمزة ومحمود أبو حمزة ونصارى هم حليم عبود وسعيد أسعد نقولا، ثم جاءت بنات نصارى ودروز. ويستذكر الشيخ جميل الحياة في خريبة الشوف في النصف الثاني من عشرينيات القرن العشرين «ستِّي حرمة ختيارة لا أحد عندها سواي، ليلة نسهر بالبيت وليلة عند قرايبنا، غُمر جرزون وراء الموقدة، والموقدة بلا قسطل، (بواري) كان عندنا موقدتان من الطين المجبول بالتبن، واحدة نشعل بها، والثانية تضع جدّتي فيها سراج كاز تشعل النار من السراج، ثم تطفئه مع ظهور النار.

كان الوالد حسين ينتقل بين جبل لبنان وجبل حوران، وكانت فترات جوع، جاء ومعه قمح، أرد أن يرمي بالبلوط الذي كنا نقتات به قبل وجود القمح، منعته الجدّة، إذ كانت تعمل منه خبزاً بعد طحنه. صار من طلع إلى جبل حوران ليقاتل هناك يعود بعد عام 1927، عاد الجد أما الوالد حسين فقد كان مشاركاً مع العصابات الثائرة، وعمل الفرنسيون على سياسة ترضية في السويداء، وصاروا يوظفون العديد من الشبان ويدفعون لهم معاشات مُجزية، ويوصلون الماء للعديد من القرى، وعينوا حمزة درويش قائمقاماً في صلخد، كما تم توظيف العديد من الطرشان، وفيما بعد عندما صار جميل شاباً زار جبل حوران بصحبة قريب له هو أمين علي الأشقر وزاروا حمزة درويش الذي رحّب بهم بقوله « أهلاً بأولاد عمنا»، وذبح لهم وزّتين، كما ذكر الشيخ أبو يوسف جميل أنّ له أقارب في قرية المشقوق منهم أبو محمود سلمان الأشقر وأنّ حمزة درويش زار لبنان، وكانت له فيه أهميّة كبيرة.

العفينة في معمعان الثورة السورية الكبرى 1925-1927

يذكر الشاعر صالح عمار أبو الحسن في كتابه «ديوان شعر شعبي» أسماء شهداء العفينة وهم: يوسف مكارم وحسين مكارم ونايف مكارم وإبراهيم غانم ومحمّد غانم وملحم غانم ونجم غانم ونجيب النمط وحمود أبو فخر ويوسف الهادي وحمود الهادي وحسين كحل ويوسف قرموشي وفارس الأشقر ويوسف العنداري وملحم حمزة وجادالله أبو عرب…

علياء المنذر والدة فريد وأسمهان أقامت في العفينة

أثناء إجراء التحقيق في قرية العفينة فوجئت بشهادات قدمها العديد من أهالي العفينة منهم الأستاذ نزيه درويش والأستاذ مقبل منذر وآخرون تفيد بأن السيدة علياء المنذر زوجة القائمقام في العهد العثماني سابقاً فهد الأطرش، ووالدة الموسيقار والمطرب فريد الأطرش وأخته أسمهان والابن الأكبر لهما فؤاد؛ قد أقامت مع أولادها شهوراً قليلة في العفينة؛ القرية التي يقطنها أقرباؤها من آل المنذر، ولم تزل آثار تلك الدار التي لجأت إليها علياء المنذر ماثلة في العفينة إلى الآن. ولا بدّ أن تكون تلك الفترة بعد عام 1922 إذ تقول شريفة زهور صاحبة كتاب «أسرار أسمهان..» ص 65 أن حادثة أدهم خنجر (التي تم على أثرها قصف قرية القريا المجاورة للعفينة بالطيران الفرنسي) استحثت علياء بمغادرة المنطقة إذ لم تكن مستعدة لاحتمال مرحلة ثانية من الأعمال الحربية في الجبل، فالمنطقة كانت حافلة بأحداث التململ الاجتماعي التي مهّدت للثورة السورية الكبرى عام 1925…

العفينة تصد عنها جيش الشيشكلي بمياه ينابيعها

في عام 1954 كان الدكتاتور أديب الشيشكلي قد أرسل حملة إلى محافظة السويداء لاعتقال سلطان باشا الأطرش إثر تأييده لمؤتمر حمص الذي طالبه بالعودة بسورية إلى الحياة الديموقراطية، وقد اجتاحت قوات الجيش آنذاك مدينة السويداء والعديد من القرى في طريقها إلى القريّا، فما كان من رجال العفينة، وكان الفصل شتاءً، إلاّ أن أطلقوا مياه ينابيعهم باتجاه الأرض السهلية الواقعة إلى جانب الطريق العام المتجه جنوباً إلى القريّا فعجزت الآليات الحربية من دخول القرية عندها أخذت قوات شيشكلي تطلق النار عشوائياً على القرية مما أدى لإصابة الشيخ عبد الكريم درويش واستشهاده بنتيجة ذلك العدوان في 28 كانون الثاني 1954.

اقتصاد العفينة: الزراعة وتربية الحيوان

تتبع قرية العفينة إلى منطقة الاستقرار الثانية من حيث تصنيف استعمالات الأراضي الزراعية وغير الزراعية، وتبلغ مساحة عموم أراضي القرية 1461,3 هكتاراً (أي:14613 دونماً)، أما مساحة الأراضي القابلة للزراعة فتبلغ 8551 دونماً، مساحة المروي منها 7 دونمات فقط، والباقي زراعة بعلية، وتشغل الأبنية والمرافق مساحة 250 دونماً والأراضي الصخرية والرملية مساحة 356,2 دونماً.

اهم المحاصيل الحقلية في العفينة:
القمح: ويشغل مساحة 90 هكتاراً، ويبلغ متوسط إنتاج القرية منه 90 طناً في السنة.
الشعير: ويشغل مساحة 70 هكتاراً ومتوسط الإنتاج السنوي 90 طناً.
الحمَّص: ويشغل مساحة 45 هكتاراً والإنتاج 18 طناً في السنة.
الجلبان: 2هكتار وإنتاجه 1,2 طن / سنة، والكرسنّة مساحة 3 هكتار وإنتاجه 1,8 طن / سنة.

الأشجار المثمرة
ومعظمها زراعة بعلية، وتشمل:
الزيتون السقي: ويشغل مساحة 31 دونماً عدد أشجاره 465 شجرة مردود الشجرة 12كلغ، وكمية الإنتاج 5,6 طن.
الزيتون البعل: يشغل مساحة 1265 دونماً وعدد الأشجار المثمرة 14563 وتنتج 87,4 طناً.
الكرمة: وتشغل 695 دونماً عدد الأشجار المثمرة 29500 إنتاجها 170 طناً.
الفستق الحلبي: ويشغل مساحة 316 دونماً وعدد أشجاره 4896 شجرة المثمر منها 3450 شجرة مردود الشجرة الواحدة 3 كلغ، ومجمل الإنتاج 10,4 طن.
التفاح: يزرع في مساحة 91 دونماً وعدد أشجاره 2246 المثمر منها 2200 مردود الشجرة 12 كلغ ومجمل الإنتاج 26,4 طن.
التين: يزرع في 180 دونماً عدد أشجاره 2449 كلها مثمرة، مردود الشجرة 12 كلغ ومجمل الإنتاج 29,4 طن.
اللوز البعل: يزرع بعضه سقياً في مساحة 39 دونماً وعدد أشجاره 585 شجرة مردود الشجرة 5 كلغ ومجمل الإنتاج 2,9 طن.
اللوز البعل: يزرع في مساحة 68 دونماً عدد أشجاره 1661 المثمر منها 1196 مردود الشجرة 3 كلغ وكمية الإنتاج 3,6 طن.
الجوز (بعل): مساحته 8 دونمات وأشجاره 160 شجرة مردود الشجرة 10 كلغ وإنتاجه 1,6 طن.
الرمان: يزرع متفرقاً في الحدائق والكروم وعدد أشجاره 318 شجرة مردود كل منها 10 كلغ ومجمل الإنتاج 3,2 طن.
الكرز: يشغل مساحة 3 دونمات وعدد أشجاره 419 شجرة مردود الواحدة منها 10كلغ وكمية الإنتاج 4,2 طن.
الدراق: مساحته 24 دونماً وعدد أشجاره 1339 شجرة المثمر منها 1284 شجرة مردود كل منها 10 كلغ، وكمية الإنتاج 12,8طن.
الإجّاص: مساحته 183 دونماً أشجاره 4551 شجرة مردود كل منها 10 كلغ وكمية الإنتاج 45,5 طن.
السفرجل: مساحته 11 دونماً وأشجاره 375 شجرة مردود الواحدة 10 كلغ وكمية إنتاجه 3,8 طن.
التوت: يزرع في مساحة 5 دونمات وعدد أشجاره 90 شجرة المثمر منها 70 شجرة.

الثروة الحيوانية:
الأبقار الحلوب: وعددها 160 رأساً منها 6 رؤوس أجنبية مستوردة، مجمل حليبها 597 طناً.
الأغنام: وعددها 1060 رأساً، مجمل حليبها 41 طناً.
الماعز: وعددها 28 رأساً، مجمل حليبها 2طن.
الدجاج: عدد الدجاج الفردي في المنازل 700 دجاجة، مجموع بيضها 54000 بيضة/ سنة.
طيور الحبش: 12 طيراً والحمام 180 طيراً.
المداجن: في القرية10 مداجن تنتج سنوياً 191000 فروجاً مجمل وزنها 382 طناً.

الاغتراب في حياة القرية

ساهم الاغتراب في تحسين حياة السكان في القرية، فأثره واضح في دور المغتربين وحياتهم، وهو إلى جانب الزراعة يشكل مورداً مهمًّا في حياة العديد من مواطني القرية ومن المغتربات التي يرتادها شبان العفينة: فنزويلا (سابقاً) وأستراليا وبلدان الخليج العربي وليبيا، ولبنان سابقاً، وسواها من البلدان خاصة بعد المحنة السورية منذ العام 2011 حيث تضيق سبل العيش بالمواطنين.

المدارس

توجد في القرية مدرسة ابتدائية واحدة يبلغ عدد تلاميذها 280 تلميذاً وتلميذة بتعليم مختلط. وكذلك مدرسة إعدادية عدد تلاميذها 150 تلميذاً وتلميذةً.
ويبلغ عدد المعلمين والمعلمات 50 معلّماً ومعلّمة.
يضاف إلى ذلك حضانة تابعة لمديرية التربية للأطفال تضم عشرين طفلاً وطفلة، وحضانة قطاع خاص تضم40 طفلاً وطفلة.

المحلات التجارية والحرفية

تتواجد في القرية عدد من المحلات التجارية منها خمسة محلات للخضار ومحل للنجارة وأربعة محلات للحدادة الإفرنجية، كما يوجد فيها خمسة صالونات للحلاقة الرجالي وثلاثة للكوافير النسائي.

الدوائر الرسمية والجمعيات

في القرية جمعية فلاحية وفرع لجمعية الهلال الأحمر ومقر للفرقة الحزبية «حزب البعث العربي الاشتراكي».
وقد أنشئت في القرية محطة تنقية مياه حديثة تعمل بطريقة تنشيط نوع من البكتيريا بحيث تصلح مياهها لري المزروعات والخضار. وتخدّم هذه المحطة قريتي العفينة وحبران.

دور العبادة

لا يعبأ الموحدون بتضخيم دور عبادتهم لله تعالى، فالمجلس / المسجد، عبارة عن بناء بسيط مكوّن من غرفتين كبيرتين واحدة للمتعبدين من الرجال وأخرى مثلها للنساء، مفروشة بسجاد وفرش بسيطة للجلوس، دون وسائد، بينهما ستارة، قماشية لنقل صوت القرّاء من الرجال يجتمع المتعبدون فيها مساء، ولِلَيلة الجمعة أهمية خاصة عندهم.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading