1. خسرف باشا:والي بلاد الشام
2. الطواب:جمع طوب وهو المدفع الثقيل المستخدم للتدمير
3. الكبشة: وعاء من نحاس له يد نحاسية طولها نحو (50) سم يستخدمها المضيف لسكب السمن على الزّاد.
4. قفَّرت: أي سكبت السمن فوق الزاد.
5. بتاريخ 31/10/1926.
يا اْمّ اْلْوَحِيْد اِبكي عليه
بطلات معروفيّات
في التّاريخ الكفاحي لجبل العرب
الكولونيل الفرنسيّ أندريا دُهِش لشجاعة بستان شلغين
فاعتمر قُبّعته ثمّ تأهّب وأدّى لها التّحيّة العسكريّة
اختلط جهاد الرّجال والأبطال في جبل العرب عبر الأجيال بجهاد النّساء اللّواتي رفضن في أيّ وقت أن يعتبرن موضوع الدّفاع عن الأرض والعِرض محصورًا بالأزواج والأبناء والأقارب من الشّباب، بل نهضنَ إلى جانب إخوانهنّ وأقاربهنّ ليقمن بدور مؤثّر في قلب الميدان أو خلفه من أجل نصرة المقاتلين وشدّ عزائمهم.
من هؤلاء النّسوة اللّواتي سجّلن مآثر في التّضحية والصّبر على خسارة الأقربين أو اللواتي قُمْنَ بدور مباشر في المعارك؛ حفظ لنا التاريخ أسماء بطلات كثيرات نتوقف هنا عند سيرة بعضهنّ في هذا المقال.
المجاهدة “مُرَّةْ” قَصّوعَة
بدايةً لابدّ لنا من معرفةِ الأسبابِ الحقيقيّة للحملة، ليعرفَ الجميع بأنّهُ منذ أن سكنَ أجدادُنا هذا الجبل كانوا مسالمينَ غيرَ معتدين وهم يردّونَ للمعتدي الصاعَ صاعين، إنّهم مقاومون مدافعون وليسوا مهاجمين إرهابيين كالصّهاينةِ الّذين جاءوا من أنحاءِ العالمِ ليحتلّوا أرضَ فلسطينَ ويشرّدوا شعبَها، فعندما استولى إبراهيم باشا المصري على سوريّة من العثمانيين، أصدر أوامِرَهُ بالتجنيد الإجباري في كافّةِ انحاء سوريّة، وبما أنّ جبل حوران كان قد أصبح ملاذاً للفارّينَ من جيشهِ، ولهذا فقد قرَّرَ إخضاع الجَبَلِ، فأوعزَ إلى والي الشام( شريف باشا ) أن يطلُبَ من أهالي جبل حوران (مُجنّدينَ لجيشه) فاستدعى آنذاك شيخ الجبل الطاعن بالسِّنّ (الشيخ يحيى الحمدان) لدمشق؛ وطلبَ منهُ تأديةَ الضرائب وتقديم المجنّدين، ولم يُقدِّر الوالي وضع الجبل وقلّة عدد سكانه وحاجتهم الماسّة لتأمين المدافعين عنهُم من الشبّان، بسبب غياب سلطة الدّولة على تخوم البادية التي تسودها فوضى الغزو البدويّ..
عندما ألحَّ الشيخ الحمدان على شريف باشا، الوالي المتصلّب برأيه في طلب الإعفاء من تقديم المجنّدين؛ صفعه الوالي على وجهه، فقَرَّرَ الحمدان أن يردَّ الإهانة مضاعفة، قال للوالي: “ابعث قوّة عسكريّة من عندَك وخذ عسكر مجنّدين قَدّْ ما بَدَّك..؟!”.
بعد ذلك بأيّام جَهَّزَ والي دمشق قُوَّةْ عسكريّة مؤلفة من أكثر من 400 عسكري بقيادة علي آغا البصيلي الذي تقدّم بعسكره باتّجاه الجبل ومن ثمّ تمركز في قرية الثّعلة، وتظاهر البصيلي برغبته في التفاوض مع مشايخ بني معروف من جانب وبالتهويل من جانب آخر، غير أنهم أدركوا أنه سيغدر بهم، فبادروه بالضّربة الأولى إذ هاجموه عند حلول الظّلام، وقَتَلوا مُعْظَمَ عساكره، وهَرَبَ الباقون وعددهم ثلاثون عسكريّاً، ولكنّ البصيلي الذي هرب من النّافذة نجا بجلده، ليُبلغ الوالي شريف باشا في دمشق بما حدث لعسكره، وقد أكَّدَ تلك الواقعة قسطنطين بازيلّي الذي كان قنصلًا لدولة روسيا في يافا حينذاك؛ في كتابه “سوريا وفلسطين تحت الحكم العثماني”، ص157.
وكانَ متسلّم حوران عبد القادر آغا أبي حبيب من بين القتلى، فيما استُشْهِدَ من فرسان جبل حوران أحد زعمائه الأبطال وهو إبراهيم الأطرش بن إسماعيل الأول، أثناء مطاردته ما تبقّى من العساكر الهاربين باتّجاه قرية اُزرع.
على أثر ذلك أرسلَ والي دمشقَ شريف باشا حملة ثانية في أوائل عام 1838 مُجَهَّزَةْ بالمدافع عدد أفرادها 8000 جندي وضابط بقيادة محمّد باشا، مُفَتِّشْ الجيش العام يعاوِنُهُ علي آغا البصيلي الهارب من موقعة الثّعلة، وكان عدد المقاتلين من أهالي الجبل لا يتجاوز الـ 1600 مقاتل.
ولكي يتمكّنَ أهالي الجبل من الصمود نقلوا نساءَهُم وأطفالَهُم إلى كهوفِ اللّجاه بعيداً عن أرض المعركة. وعندما بدأ القتال، أبدى فُرسانُ بني معروف من البأسِ والشّجاعة ما أذهل قائدَ الحملة، لاسيما أَنهم أسروا للمهاجمين 50 جنديّاً وقُتل مع القتلى علي آغا البصيلي، لذلك أمر قائد الحملة أحدَ أركانهِ أن يأسُرَ ما يجده في القرى المجاورة من النّساء والأطفال ليُقايض بهم أسراهُ، وعندما عاد إليه القائد المكلّف بأسر النساء والأطفالِ قال له: “لم أجد أحداً في القرى لأنَّها خالية تماماً من السّكان” فأدركَ قائدُ الحملة بحسِّهِ العسكري أنّ أهالي الجبل الذينَ يقاتلونهُ بهذه الشّجاعة والرّوح المعنويّة العالية، قد أمّنوا على نسائِهم وأطفالِهم في الكهوف بعيداً عن ساحات المعارك، لذلكَ أمرَ معاونه أن يُتابع مُهمتَهُ من جديد ويأسُرَ النساء والأطفال من الكهوف التي يختبئون بها.
بدأ القائدُ المكلّفُ بالبحث في غياهب اللّجاه عن الكهوف التي تختبئُ بها نساءُ المجاهدينَ وأطفالُهم؛ وقد وضع بقرب تلك الكهوف بعض المقاتلين ليؤمّنوا لها الحماية اللازمة لدى أيّ طارئ، فجعلوا متاريسهم مخفيّة حول كل كهفِ في أماكن مشرفة تبعد عن مدخله نحو 500م ليتمكنوا من كشف قدوم أيّة قوة معادية قد تقترب من المكان، ومشاغلتها عند اللزوم واستجرارها بعيداً عن مدخله.
فوجئ حُراس أحد الكهوف بقوةٍ من جنودِ إبراهيم باشا تفتشُ المنطقة، وفي تلك اللّحظات الحرجة كانت السيّدة مُرَّهْ قَصّوعَه واحدة من بين لاجئي ذلك الكهف تحتضن طفلها الوحيد الذي كان عمرُه لا يتجاوز الثّلاث سنوات. كان الصغير مريضاً وجائعاً، ولسوء حظّه أخذ الطفل يبكي والأمُّ تحاولُ دون جدوى إرضاءهُ ليكفّ عن البُكاء، عندها تقدّم منها أحد القائمين على الحماية عند مدخل الكهف وقال لها “ لاتفضحوا مخبأنا، سَكّتي ابنك يا بنت الأكارم … لأنّ عساكر إبراهيم باشا عمَ بيدوّروا علينا..” فقالت لهُ مُرَّهْ “ارجع إلى َ متراسك واتّكلْ على الله” لكنّ الصّغير استمرّ في بكائه، فعاد المجاهد من جديد إلى والدة الطّفل ورجاها: “سَكّتي ابنك يا حُرمة… صوتو بدّو يدلّ العسكر علينا، وساعتها بتعرفي شو بدّو يصير فيكي وبالحريم اَللي حولك “ فأجابته بيأس وأسى: “ ارجع لمتراسك، لابد ما لاقي طريقة سكّت فيها ها الطفل”.
كان السكون القهري الرّاعب يخيم على من الكهف من النّسوة والصّغار، وكان الخوف من افتضاح أمر المخبأ يبعث الهلع في نفوس الجميع، حتّى أولئك الرّجال الذين في عراء اللجاة وبين صخورها المسننة كأسنان أسماك القرش يقاتلون بأسلحتهم البدائية جيش ابراهيم باشا المدجّج بأحدث أسلحة عصره… لكنّ الأم المسكينة لم تفلح في إسكات الصّغير، فوضعت اللّحاف فوقه وشدّت عليه قليلاً ليكتم من صوته، غير أنّ الطفل مات خنقاً.
كان عسكر ابراهيم باشا قد وصلوا إلى مسافة نحو 1000م عن مدخل الكهف الذي يمتدّ سرداباً تحت الأرض التي يصولون متغطرسين فوقها، استراحوا قليلاً، كانت الدقائق تتطاول كدهور مديدة بالنسبة لرجال الحراسة، أمّا عسكر ابراهيم باشا الأرناؤوطي فقد تابعوا طريقهم مبتعدين دون أن يهتدوا إلى مكان الكهف لأن مدخله ومتاريس حُماتِه كانت خفيّة بشكل جيد.
بعد زوال الخطر، أخذت الأمّ تبكي ابنها بحرقة، وفوجئ الجميع بأن والدة الطفل الباكي أسكتته إلى الأبد؛ فبكى الجميع لبُكائها، وقالت لها إحداهن: “كيف بتضّحي بابنك الوحيد يا مُرَّهْ؟” تماسكت الأم وهدّأت من روع نفسها، وقالت: “ابني مش أغلى من الشّباب اللّي استشهدوا..يموت ابني ألف موتي ولا ينكشف ستر وحدي منكن..؟!”.
كانت تضحية تلك الأم تضحية جسيمة قلّما عرف التاريخ لها نظيراً وقد وردت حكايتها في كتاب “طفولتي” للكاتب سلامة بن المجاهد علي عبيد كقصّة قصيرة بعنوان :(سَكّتي ابنك يا حرمي) ولم تُشِرْ تلك القصة إلى اسم المعركة أو اسم الوالدة، لكنّني تمكّنت من توثيق تفاصيلها مستعيناً بعدد من مُعَمّري قرى اللجاة، فتبين لي بأنّ والدة الطفل هي بالفعل “مُرَّه قصّوعة” من قرية “وَقْمْ” أمّا والده فهو المجاهد حمّود نَوْفل من قرية “عَمْرَة” شمالي شهبا القريبة من اللجاة


“تحت صبيب الرّصاص سقت سعدى ملاعب المقاتليــن ماءً، وألهبت حماسهم للاستبســـــال في المعركة ودحر المعتدين”
المرأة في معركة عُرْمان عام 1896
السّيّدتان المجاهدتان سعدى ملاعب
ودلّة حمزة
أصبحت بلدة “عرمان” في الفترة المتأخّرة من العهد العثماني ملجأ للهاربين من الجنديّة التي كانت تأخذ شبانها للقتال في جبهات الحروب العثمانيّة في البلقان الأوربّيّة، ولهذا فقد لجأ إليها العديد من الرّجال الذين هربوا من التّجنيد ومن ظلم الولاة العثمانيين. وخشية أن يوحي مثال عرمان بالتمرّد على الدّولة من قبل بلدات أُخرى في الجبل قرّرت السّلطات العثمانية احتلال تلك القرية وتحويلها إلى عِبرة لأهل القرى من حولها. وبتأثير المتطلّبات العثمانية تلك أرسل والي الشام خسرف باشا إلى عبده أفندي الجبولي حاكم السويداء في حينه بأن يهيِّئ الأسباب لحملة عثمانية لإخضاعها. وبذلك بدأ عبده أفندي الخطّة بأن أوعز إلى بدو من عشيرة “الصّْفيَّان” باستباحة مزروعات عرمان بأغنامهم، فاضطرّ نواطير عرمان لتنحيتهم عن مزروعاتهم، ووقعت بين الرّعاة ونواطير القرية عدة اشتباكات قُتل خلالها اثنان من الرّعاة، فشكا البدو أهل عرمان إلى حاكم السّويداء عبده أفندي.
هنا أرسل عبده أفندي بطلب وجهاء من عرمان، ومن بينهم ابراهيم الجرمقاني وهلال العطواني وصالح الحلبي ومحمود صيموعة لمقابلته في مكتبه بسرايا السويداء.
حضر وفد الوجهاء إلى السويداء قبل المقابلة بيوم لأنه لايمكنهم في ظروف مواصلات ذلك العصر السّفر من عرمان إلى السويداء ومقابلة المسؤول العثماني في النهار نفسه، ولما كانوا يتشكّكون بنوايا السّلطة تجاههم فقد كان عليهم أن يستشيروا أهل خاصّتهم في السّويداء، ومنهم محمود جربوع مختار المدينة الذي نصحهم بعدم مقابلة عبده أفندي لأنّه سيعتَقلُهم كرهائن لينفّذ أغراضه في عرمان، لذلك عادوا من فورهم إلى قريتهم واجتمعوا مع وجهاء من قرى ملح وامتان، وتعاهدوا جميعاً على مواجهة أيّة حملة قد يجرّدها عبده أفندي ضدّهم.
كان وجهاء عرمان قد تجنّبوا مقابلة الحاكم ، عبده أفندي، الذي رأى في ذلك فرصته للانتقام من أهالي عرمان. لذا فقد ذهب بنفسه إليها على رأس قوّة عسكرية مؤلّفة من خمسين جنديّاً يساعده في قيادتها مشرف آغا بحُجَّةْ البحث عن هاربين من الجنديّة العثمانيّة، ومن بين أولئك شابّان من نبلاء بني معروف هما فارس وقبلان الحمّود الأطرش، وكان يتعمّد القبض على النواطير الذين قتلوا الرّاعيين البدويّين اللّذين اعتديا على مزروعات أهالي عرمان بتحريض منه شخصيّاً.
دخلت القوّة العثمانيّة التي يقودها الجبولي إلى عرمان بدون قتال، كان الأهالي يريدون تسوية وسلامًا مع الدولة، إذ كانوا يأملون أن تنصفهم فتحميهم من تعدّي البدو على مزروعاتهم. نزلوا جميعاً في مضافة الوجيه محمود أبوخير؛ الذي أولم لهم حسب عادات أهل الجبل، ولكن عبده أفندي أرسل مساعدهُ (مُشرف آغا) مع جنديين لإلقاء القبض على النّاطور عبد الله ياغي؛ فأحضراه وهما يشدّانه من ثيابه، ولدى مرورهم أمام مضافة المضيف محمود أبو خير، قال لمشرف آغا: “تفضَّل يا آغا لتناول الغداء ولاحِقْ تاخد زُلُم”. فأجابه مشرف بلهجة تركية هجينة: “أنا بياخد زُلُمْ.. وبياخد راسك كمان”.
غضب محمود أبو خير من وقاحة مشرف، فاستلّ سيفه وهجمَ عليه ليقتله؛ وفي تلك اللحظات تمكّن عبد الله ياغي من الإفلات والهرب من الجنديين فأطلق الرّصاص.
عليه أحدهما، لكنّه أخطأه.
عندما سمع الجنود داخل المضافة صوت إطلاق الرّصاص، خرجوا لاستطلاع الأمر فشاهدوا محمود أبو خير هاجمًا على مشرف آغا لقتله، عندها أطلق أحد الجنود النار على محمود أبو خير فقتله، وفي تلك اللّحظات هجم علي الدّبيسي على مشرف آغا وضربه بالسيف، فأرداه قتيلًا، واشتبك الأهالي مع الجنود.
وهكذا غَيّب الدّم الوليمة!، فانهزمَ عبده أفندي مع من بقيَ حيّاً من جنوده واحتموا داخل مضافة الوجيه ابراهيم الجرمقاني القريبة وأوصدوا بابها من الداخل، وبدأوا بإطلاق الرّصاص من نوافذها باتّجاه الأهالي فقتلوا رجلاً وأردوا أيضًا امرأة كانت مارَّة بالصّدفة.
أثناء انتقال الجنود من مضافة أبو خير لمضافة الجرمقاني، تمكَّن أحد الجنود من الوصول لفرسه، فامتطاها وهرب ليخبر السّلطة في السويداء بما حلَّ بجنودها.
استمر حصار الجنود في مضافة الجرمقاني من قبل أهالي عرمان، بقية نهار ذلك اليوم حتى مغيب الشّمس.
بعدَها صَعَدَ شبّان من البلدة إلى سطحِ المضافةِ، وفتحوا فيهِ ثغرةً تمكنوا خلالها من القفز إلى داخل المضافة والقضاء عليهم مع قائدِهِم عبده أفندي، ولا زالتْ آثارُ تلكَ المعركةِ ماثلة على بابِ مضافةِ إبراهيم الجرمقاني شاهدًا حيًّا على تلكَ الحادثةِ حتى يومنا هذا.
وعلى أثرما جرى في عرمان جَهَّزَ ممدوح باشا القائد العسكري لحاميةِ حورانَ حملةً عسكريّة مؤلفةً من أربعِ كتائبَ من المشاة معززةً بمدفعين جبليين بقيادة غالب بيك و رضا بيك وكتيبة خيّالة بقيادة محمّد بك الجيرودي وأمرهم باحتلال عرمان ليلًا وحرقِها. ولكنَ دليلَ الجيشِ المقدّم سليم الجاري من أهالي السويداء المتطوّعَ معالعثمانيينَ، تمكّنَ من تضليل الجيشَ بينَ كرومِ عرمانَ طوالَ الليلِ حتى بزوغِ الفجرِ، كانتْ حينها عرمانُ تبعُد عنهم مسيرَ ساعة، ولما شاهدهم بعضُ فلّاحيها الذاهبينَ باكراً الى حرث حقولِهم رجعوا وأخبروا الأهالَي بما شاهدوه، فهبّ مقاتلو عرمان لمواجهةِ الحملةِ الزّاحفة إليهم. كان عدد المقاتلينَ في عرمانَ حينها لا يتجاوز المئة مقاتل، لكنّهم قرروا مهاجمة الجيشَ من جهةِ الغربِ ليبعدوهُ عن بيوتِ القريةِ قدرَ الإمكانِ وأرسلوا المفازيعَ (أي الرّسل) لاستنفار أهالي القُرى المجاورةِ للمشاركةِ في المعركةِ وكان لمبادرةِ المجاهدِ المسيحي طحيمر الصّيقيلي شأن في استنفار أهل صلخد ليسارعوا بنجدة عرمان، وقد تمكّنَ أهلُ عرمانَ منَ الصمودِ في مواجهةِ الجيشِ، إذ كانَ عليهم أن يثبتوا بضع ساعات ريثما تصلُ النَجدات من القرى المجاورةِ، وقد دفعوا ثمنَ صمودِهم استشهاد العديد من أبطالِهم، وفي تلك المعركة شاركت نساء عرمانَ رجالهنّ في القتال، إذ هبّت كلٌّ منهنّ وأخذَن يحِثُّثن المقاتلين على الصمودِ، وكان من أبرزهنّ السّيّدة المجاهدةُ سعدى ملاعب التي كانتْ تنتقلُ من متراسٍ إلى متراسٍ غيرَ مكترثةٍ بالرّصاصِ الموجّهِ نحوَها لتؤمِنَ الماءَ للمقاتلينَ في متاريسهم، ثم أخذتْ تحثّهُم على الصّمودِ قائلةً لهم:” يا نشامى . الشّجاعة صبر ساعة، اصمدوا لحتى تصل بيارق امتان مَلَــح فالنّصر قريب بإذن الله … قولوا يا غيرة العرض والدّين، واتكلوا على الله” واقتدتْ بسعدى ملاعب المجاهدة دَلّة حمزة واخذتْ تبثّ الحماس في المقاتلينَ قائلةً لهم “اليومَ ولا كلّ يوم يا نشامى … قولوا يا ناصر السّتِّي على السّتّين، انتوا المنتصرين بإذن الله لأنكم على حقّ”، وقد أخذتْ تزغردُ لهم ولصمودِهم حتى وصول بيارق ملح وامتان.
ولدى وصول بيرق صلخدْ التي استبسلَ فرسانها استبسالًا أسطوريًّا حيث قدّموا في تلك المعركةِ 72 شهيدًا، وعلى أثر ذلك تواصلتْ النّجداتُ من بقية قرى المقرنِ القبلي فارتفعت معنوياتُ المدافعينَ، وتراجعَ الجيشُ قليلاً ممّا زاد في معنوياتِ المجاهدين فهاجموهُ من ثلاثِ جهاتٍ وتركوا لهُ الجهةَ الغربيةَ ليهربَ منها، واشتبكوا معهُ أخيراً بالسلاحِ الأبيضِ إلى أن هزموه وبذلك انتصَر أصحابُ الحقِّ رُغمَ قِلةَ عددِهِم وتواضِعِ سِلاحِهِمْ.
لكنَ ممدوح باشا زجّ بكتيبة الخيّالة التي كانت في مؤخرةِ الحملةِ بقيادةِ محمّد بك الجيرودي، وعندما وصلَ الأخير الى تلول الأشاعر قرب عيون فوجئ بجيشِ الدّولة مدحوراً والمجاهدونَ يطاردونَهم، عندها أدار الجيرودي رأسَ فرسِهِ الصّفراءِ غرباً وهربَ مع الهاربينَ من كتيبتهِ، وتابع المجاهدونَ مطاردتَهم له ولمن معه وهُم يردّدونَ:
صَــــــــــــــفْـــــــــــــــــــــــرة جيـــــــــــــــــــــــرودي غـــــــــــــــــــــــرّبـــــــــــــــــــــــت قـُـــــوطـــــــــــــــــــــــر يحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــثّ ركـــــــــــــــــــــــابـــــــــــــــــــــــها
يـــــــــــــــــــــــا خُسْـــــــــــــــــــــــرُف1 خِبّـــــــــــــــــــــر دولتـــــــــــــــــــــــك حِنّـــــــــــــــــــــــا ولينـــــــــــــــــــــــــا طوابـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــهــــــا2
وقد غنم المجاهدون من تلك الحملة سلاحًا كثيرًا، كما غنموا المدفعين الجبليين، أكَّدَ ذلك المؤرّخ محمّد كرد علي في كتابه “خطط الشام” ـ الجزء الثالث الصّفحة 109، وقد استُشهِدَ من المجاهدين في تلك المعركة نحو مئتي شهيد، بينما قتل من العثمانيين نحو ألفي قتيل، وجرح أكثر من ألفين حسبما كتبت جريدة (المقتبس) آنذاك.
وأخيراً عاد المجاهدون يردّدون حُداء النصر، ويشيدون بدور النّساء المجاهدات فيقولون:
لعيونـــــــــــــــــــــــك سعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدى ملاعــــــــــــــــــــــــــــــــــب نِــــــــــــــــــــــــــــــــــــــفنـــــــــــــــــــــــي كـــــــــــــــــــــــلّ الكتـــــــــــــــــــــــايـــــــــــــــــــــــــــــب
مـــــــــــــــــــــــا بيرجـــــــــــــــــــــــع لـَ غمدو الســــــــــــــــــــــــــــــيف غيـــــــــــــــــــــــر يْـــــــــــسَـــــــــــــــــــــــوِّي العجـــــــــــــــــايـــــــــــــــــــــــــــــب


السّيّدة أم عجاج الجرمقاني
بمناسبة الحديث عن معركة عرمانَ لا يمكن أن ننسى مأثرة السّيّدة أمّْ عجاج الجرمقاني التي لا تقلّ روعة عن مأثرتي السّيّدتين سعدى ملاعب ودلّه حمزة.
كان ابنها عجاج شابًّا وسيمًا، بَهيّ الطّلعة، وكان وحيدها لأربع بنات، وليس لَهُنَّ من مُعيل سواه، حيث استُشهد زوجها في معركةٍ سابقة مدافعاً عن أرضه.
كان عجاج على خُلُقٍ كريم وهِمّةٍ عالية، متميزًا بالشّجاعة والفروسيّة، محبوبًا من الجميع، وله خمسة أصدقاء من شباب عرمان يماثلونه في مزاياه.
وعندما انطلق أبناء عرمان للدّفاع عن حِماهم ضدّ حملة ممدوح باشا التي سبق وتحدثنا عنها، فاشتبكوا مع جنودها وقاتلوهم بكلّ شجاعة، كان الشّاب عجاج من الأبطال الذين اشتبكوا مع قوّات مقدَّمة الحملة بالسّلاح الأبيض، فقَتَل أحد الجنود بالسيف وغنم بندقيته، وتابع القتال حتى استُشهد.
اضطُرّ رفاق عجاج الخمسة الذين كانوا إلى جانبه في تلك المعركة، إلى دفنه في المكان الذي تضمَّخَ بدمه الطّاهر، واحتفظوا بسيفه وفرسه والبندقيّة التي غنهما ، إلى أن انتهت المعركة.
عاد رفاق عجاج الخمسة بفرسه وسيفه وبندقيّتة إلى عرمان، ولما التقوا بالنّسوة المنتظرات عودة الأبناء والرّجال غربيّ البلدة، وبينهنّ كانت أمّ عجاج تسأل العائدين عن وحيدها، قائلةً لهم: “ الحمد للّه على سلامتكم يا نشامى.. مبروك عليكم نصركم .. مين منكم شاف لي عجاج الوحيّد؟ خواتو (شقيقاته) الأربعة عبيستنّوه، ليفرحوا بعرسو! يامين عَيّن لي عجاج بأيّا أرض؟”وما أن سمعها أحد رفاقه الخمسة حتى أجهش بالبكاء، وقال لرفاقه:” شو بدنا نقول لأمّ عجاج .. وشو بدنا نقول لـَ خواتو الأربعة ..؟!!” أجابه أحدهم واسمه فندي المتني: “رُدُّوا بعدي يا نشامى”:
يـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا امّ الوحيد اِبكــــــــــــــــــــــــــي عليــــــــــــــــــــــــــــه ألمـــــوت مـــــــــــــــــــــــــــــــــا يـــــــــــــــــــــــــــــــــرحم حـَــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدا
لابُـــــــــــــــــــــــــــــــــد مـــــــــــــــــــــــــــــــــا تنــــــــــــــــــــــعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي عليــــــــــــــــــــــــــــه اِن كان اليــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوم ولّا غـَــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدا
بـــــــــــــــــــــــــــــــــالرّوحِ مـــــــــــــــــــــــــــــــــا بخِلنـــــــــــــــــــــــــــــــــا عليــــــــــــــــــــــــــــه نِفديــــــــــــــــــــــــــــــهْ لَـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوْ صـــــــــــــحّ الفـِـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــِدا
والثّـــــــــــــــــــــــــــــــــار مـــــــــــــــــــــــــــــــــا نِمـــــــــــــــــــــــــــنـــــــــــــــــــــــــــــــــا عليــــــــــــــــــــــــــــه خَذينــــــــــــــــــــــــــا ثــــــــــــارو مـــــــــــــن العِــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدا
وعــــــــــــــــــــــــــــــــدوّنــــــــــــــــــــــــــــــــا راحــــــــــــــــــــــــــــــــــت عليــــــــــــــــــــــــــــه حَدينـــــــــــــا مـــــــــــــن خَلفــــــــــــــــــــــــــــــه حـَــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدا
وما إن سمعت أم عجاج حِداء رفاقه حتى أيقنت أنّ وحيدها قد استُشهد بطلاً في ساحة الجهاد، وعندما دَنَوْا منها، وشاهدت فرس عجاج وسيفه والبندقية التي غنمها، قالت لرفاقه:
“ألف اللّحمد لله على سلامتكم يا حبايبي، انتو عواضي عن عجاج، أني كان عندي ولد وحيّد صار عندي اليوم خمسة.. صرتو كّلكم أولادي الله يفرّحني فيكم، وشوفكم عرسان قبل ما موت”
وأخذت تزغرد لهم، حتى أغميَ عليها من شدة الحُزنِ والانفعال، ولم تَصْحُ إلّا في دارها ومن حولها بناتها الأربع، ونساء الأهل والجيران، يواسونها، ويطيّبون خاطرها إذ قالت لها إحدى جاراتها: “اللّي بيقدم شهيد للوطن مْقدَّر عند ألله وعند البشر يا أُم عجاج”.
أما رفاق عجاج، فقد دخلوا عرمان وهم يردّدون مع فندي المتني الأبيات السابقة، بقلوب يعتصرها الأسى على رفيقهم الغالي.
لقد كَرَّمَ الله أمّ عجاج وأمَدَّ في عمرها لترى رفاقه الخمسة “عرساناً”، كما تَمَنَّتْ، لكنها أصبحت مُقعدة بعد عامٍ واحدٍ من استشهادِ وحيدِها عجاج.
أما رفاق عجاج، فكلّما تزوّج أحدهم، كان أوّل ما يقوم به بعد انتهاء مراسم عرسه، هو زيارة والدة عجاج، فيذهب مع عروسه لزيارتها لتفرح بهما، وتدعو لهما بالتوفيق من قلبها المحبّ المخلص.
ومع وصول العريس وعروسه لزيارتها تقول لهما: “ يا حيّا الله بعجاج وعروستو ..؟!” وتزغرد لهما فرَحًا بهما، وتفتحُ ذراعيها لتضمّ العريس لصدرها وتُقبّله وتقول له: “يا حيّا الله بريحة عجاج، بوستك فيها طعمة بوستو .. ألف اللّحمد لله يا بنيّي إللّي عشت وشفتك عريس. ألله يهنّيك ويسعدك ويرزقك الولد الصّالح ويوسِّع عليك الرزق ويحميك من مكايد الخلق!”.
وبعد أن زارها آخر رفيق من رفاق عجاج الخمسة مع عروسه، ونيله تهانيها ومباركتَها، لم تمضِ على تلك الزّيارة إلّا نحو ثلاثة أشهر حتّى انتقلت بعدها السّيّدَة أم عجاج الى رحمة بارئها، فما كان من رفاق وحيدها الخمسة إلّا أن بادروا بحمل جثمانها إلىالمأتم للصلاة على الجنازة وهم يرددون مع فندي المتني: “يا امّ الوحيد ابكي عليه…” ليذكِّروا الجميع بمأساتها. فترحَّم عليها كلّ من حضر، وأخيراً ضمّها تراب عرمان المعطَّر بدَم ابنها الوحيد ودماء الشّهداء الآخرين، وعانقت روحها الطّاهرة روح وحيدها عجاج في جنان الخُلد. رحمهما الله.




معركة صْمَيد 5 ومأثرة المجاهدة
بستان شلغين
كانت اللّجاه وما زالت مقبرة للغزاة كما سلف، ولقد لجأ إليها الثّوّار بعد أن ضيّق الفرنسيّون عليهم كافة السُبُل، كانت تضاريسها الخشنة الملجأَ الأمينَ والحصينَ في وجه المعتدين على الجبل، لذلك وجّهَ الفرنسيونَ إليها حملةً مؤلّفةً منْ أربعةِ ألافِ جنديٍ تساندُها الطائراتُ والمدفعيةُ بقيادةِ الكولونيل “اندريا”.
لقد كان عددُ الثوّارِ الذينَ تصدَّوْا لتلك الحملةِ بحدودِ ثلاثمائةِ مجاهدٍ، وقد جرتْ معركةٌ عنيفةٌ استمرّتْ حتّى حلولِ الظلامِ، حيث أسقطَ الثوّارُ ببنادِقِهِم طائرتينَ، وكبّدوا الفرنسيينَ العديدَ منَ القتلى والجرحى بينما استُشهد من المجاهدين عشرة أبطال كان من بينهم جبر شلغين ومزعل شلغين، وهذا شقيق المجاهدة بستان درّة ذاكرتنا في الجبل…
بنتيجة انسحاب الثوّار أمام الجيش الفرنسيّ؛ قرّر أندريا الانتقامَ منْ ثوارِ قريةِ صميد لما أبدَوْه في هذه المعركةِ من بسالةٍ نادرةٍ فأمرَ بتهديمِ بيوتِ المجاهدينَ المعروفينَ. وكان مِنْ بين تلك البيوت التي جرى هدمها بيتُ المجاهد الشهيدِ هايل شلغين الذي سبق أن استشهد في معركة سابقة، لكنّ زوجته السّيّدة بستان ظلّت تواظب بعد استشهاده على تزويد الثّوّارِ بالذّخيرةَ والمؤونةَ بعد أن باعَتْ مصاغَها الذّهبي ( أي حُليّها) وأغنامَها، واشترَتْ بأثمانها سِلاحاً للثّوارِ الذينَ قدموا منْ لبنانَ للمشاركةِ في الثورةِ. كان ذلك قد زادَ منْ حقدِ الفرنسيينِ عليها لخشيتهم أن تُصبِحَ السّيّدة بستان قدوةً لغيرِها. وقد قال أندريا فيها عبارته المشهورة:” يجب أن نقمع ظاهرة بستان شلغين بأيّ شكل؛ وإلّا فسيتحوَّل ذهب الزّينة لنساء الدّروز إلى رصاص يمزّق صدورنا”.
بعد احتلال صْميد طلبَ الكولونيل أندريا التعرّفَ على السّيّدة المجاهدة أم حمد بستان شلغين بعد أن هَدَّمَ دارَها، فرفَضَتْ أن تقابلَهُ في بيتِهَا، وعندما ألحَّ في طَلَبها جاءَتْ إليهِ مع ولديها حمد وعُمره خمس سنوات وهايل، ثلاث سنوات، وبعض أقارِبِها وأهالي قريتها… قالَ لها أندريا بواسطةِ مُتَرجمهِ: “إذا تراجعتِ عن موقِفِكِ بدعمِ هؤلاءِ الخارجينَ عنِ القانونِ (يقصد الثّوّار) فسوفَ نعوِّضُ عليكِ بمبلغٍ يُعيدُ لكِ داركِ أحسنَ ممّا كانَتْ عليهِ، فهل تتراجعينَ عن موقِفِكِ) ومَدَّ يَدَهُ لمصافحتها ظَناً منهُ أنّها لو صافحتهُ لكانت علامةُ إذعانِها وتراجُعِها عن موقِفِها، فما كانَ منها إلا أنْ جعلت يَدَيها خلفَ ظهرِها وقالتْ للمترجم: “قول لسيدكَ ما وقفت هالموقف، حتى اتراجع عنّه ..؟!!”.
بعد ذلك أرادَ أندريا أن يخفّفَ من حِدّةِ عدائِها، فأشار لولديها ثمّ قالَ: “سأكلمُ سيّدي الجنرال ليرأفَ بحالِ هذينِ الطّفلينِ بما يعوضُهما عن معاناتِهما من فقرٍ وحرمانٍ”، فأجابتهُ بأنَفةٍ وشموخٍ: (ما بقبل مساعدة من عدوّي اللي قتل بَيّيْ وولادي وقتل خيّي وقرايبي وأهل بلدي وهَدَّمْ داري).
وعندما تَرْجَمَ المترجمُ ما قالتهُ المجاهدةُ أم حمد بستان، صُعقَ الكولونيل أندريا لصلابَةِ هذهِ المجاهدةِ وعنفوانِها وقال: “لاشَكّْ أنَّكِ (جان دارك العربيّة) أيتُها البطلة” ثم اعتمر قُبَّعته وأدّى لها التّحية العسكرية تكريمًا لأنَفَتها.
هذا وقد حَظيتْ المجاهدةُ أم حمد بستان شلغين باحترامِ القائدِ العامِ للثورةِ السوريّةِ الكبرى سلطان باشا الأطرش، وتقديرهِ، كما كرّمتَها الدولةُ السوريّة وأطلقت اسمها الميمونَ على إحدى المدارِسِ الرّسميّة في مدينة صلخد بجوار قلعتها الشّامخة، فلتفتخر الأجيال القادمة ولتعتزّ بهذه المجاهدة، لتبقى قدوة خالدة لأمّهات بني معروف الموحّدين.
“خولة أبو عاصي:
ياالْلّي بياكل من زادنا لازم يهجم بكرة على متراس العدوّ ويااْلْلّي ما بيهجم بكرة زادنا هذا حَـــرام عليـــــه”