ذِكرى المؤرّخ والأديب والشاعر
حافــظ أبــو مصلــــح
مكتبــة فــي رجــــل
أكثر ما يدهش في الإرث الفكري والأدبي للمفكر الراحل الشيخ حافظ أبو مصلح هو تلك الغزارة وذلك الثراء الكبير في إنتاجه الذي امتد على مدى يزيد على النصف قرن وشمل في مواضيعه التاريخ والتأمل الروحي والفلسفي والأدب والقصة والشعر والترجمة حتى يصح القول فيه إنه كان مكتبة في رجل، وقد كان بسبب سخائه في العطاء وفي الكتابة من تلك القلّة النادرة من كتَّاب وجدوا لكي يكتبوا وهو الذي لم ير نفسه إلا في الكتابة التي كانت أنيسة روحه ورفيقة حياته، كأنني به من تلك الفئة من الخلاقين الذين تنطبق عليهم حقيقة إن لم تكتب تموت! هو الذي كان يردّد على مسامعنا أن الكتابة هي الهواء لرئتيه ونبضات قلبه، وأنه إن توقّف عن الكتابة فسيشعر بدنوّ الأَجَل.
عندما جفّ الحبر
كم كان صادقاً في ذلك القول لأنه وفي الفترة الأخيرة التي بدأت فيها صحته بالتدهور، وبدأت الآلام والعمليات الجراحية تدهم جسده النحيل، ولم يعد لديه الوقت والقوة على الكتابة، بدأ يشعر بأن العدّ العكسي بدأ فعلاً، وقد تسلل الموت إلى قلمه ونبض وجوده قبل أن يأتي على جسده وقد ترافق انقطاعه عن الكتابة أو عجزه عن القيام بواجباتها بتراجع متسارع في صحته عجّل في انتقاله إلى الرفيق الأعلى.
رغم ذلك، لم يودّع حافظ أبو مصلح هذه الدنيا إلا قرير العين بسبب القدر الكبير من التكريم والتقدير اللذين حظي بهما على الدوام من مقدري أدبه وفكره، وقد أوفاه محبوه بعض حقه وهو على قيد الحياة عندما قاموا بتكريمه في احتفال كبير دعت إليه اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز بتاريخ 6 أيلول 2013، في بيت اليتيم الدرزي في عبيه، تكلّم فيه السادة الشيخ سامي أبي المنى، والمؤرّخ ناظم نعمة، والأستاذ سماح أبو رسلان، والناقد والأديب سلمان زين الدين، والمكرَّم الشيخ حافظ أبو مصلح. وقد قدّم المتكلّمين د. صالح زهر الدين. وكان للتكريم يومها وقع في قلب الفقيد رغم أنه لفرط تواضعه لم يكن من المهتمين بحفلات التكريم والظهور في الإعلام.
فمن هو حافظ أبو مصلح؟ وماذا عن إنتاجه الفكري والتاريخي والمعرفي وإبداعاته في ميدان الكتابة على اختلافها؟
طفولة يتم وشوق للعلم
ولد الشيخ حافظ أبو مصلح في بلدة عين كسور سنة 1930 وعاش منذ طفولته يتيم الأب إذ توفي والده وهو إبن عامين فتولّت والدته تربيته مع أخيه الأكبر كمال. تلقى علومه الأولى في مدرسة الداوودية في عبيه، وتتلمذ على يدي أخيه كمال وعمّه هاني أبو مصلح، ثم تابع دراسته في مدرسة الليسيه الفرنسية (اللاييك) في بيروت، وبدأ مسيرته التربوية باكراً، عندما درَّس أولاً في مدرسة وادي الرطل (الهرمل)، ثم في لبّايا والعقبة وينطا في البقاع، كما درّس أيضاً في مزرعة الشوف سنة 1956.
كان من مؤسسي مدرسة البنّيه في الشحّار الغربي عام 1957 وكان المدرّس الأوحد فيها، ثم بدأ بتوسيعها وتطويرها إلى أن أصبحت مدرسة متوسطة تمنح شهادة البريفيه، وبقي مدرساً في مدرسة البنّيه لمدّة 22 سنة.
نُقل إلى تعاونية موظفي الدولة في بيروت، وفي سنة 1989 عمل على فتح فرع لتعاونية موظفي الدولة في بيت الدين-الشوف، وبقي فيها الى حين إحالته على التقاعد عام 1993، حيث كان رئيس الفرع.
عمل رئيس تحرير لمجلة “الرؤية” سنة 1990 وكتب في مجلات: “الحداثة” و“الأماني” و“الضحى”، وتمّ تكريمه في الرابطة الثقافية في البنّيه عام 2002.
توفّاه الله بعد 9 أشهر من تكريمه الأخير، وذلك في 7 حزيران 2014.


قلمـــــــــــــــــي أَبَيْتُ بــــــــــــأن يدوِّن مــــــــــــا اشتــــهــــــــــــى إلا إذا كــــــــــــــــان الــــــــــــمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدادُ مُحَـــــــــــــــــــرَّراً
وخشيت وخز العلم، إنْ شطَّ الهوى فســـــكبتُ روحي للحقيــــــــــــقة أســـطرا
حافظ أبو مصلح
إهتمامه بالتاريخ
كان لحافظ أبو مصلح ميل خاص إلى التاريخ، لذلك كان أكثر من نصف نتاجه الفكري في حقل التاريخ. وفي كثير من لقاءاتنا المتكرّرة كان يشدّد على أهميّة كتابة تاريخ القرى، وينصح كل باحث أن يكتب عن تاريخ قريته خوفاً على هذا التاريخ من الضياع، وفي هذا المجال، يؤكّد الباحث نديم الدبيسي قائلاً بأن الشيخ حافظ أشار عليّ بكتابة تاريخ قريتي مرستي، وقال لي:
“في كلّ قرية ولو صغرت، مادّة تاريخيّة تستحقّ الدراسة. لا فوقيّة في التاريخ، ولا إقطاعية فيه. يتساوى عند المؤرّخ الصّادق ما يحمله المزارع والعامل في الأرض، مع ما يتبجح به صاحب الأطيان والمزارع الكبيرة. فالأرض وجه الإنسان، أو إذا شئت الإنسان وجه أرضه”.
وقال فيه صديقه الراحل الدكتور سامي مكارم: “إن حافظ أبو مصلح، صفا أدبه، وصدق تاريخه، طيب القلب والعشرة، صديق ورفيق”، كما كان “أميناً في دراسة كتب التاريخ، رائعاً بأدبه وشعره” – حسب قول المؤرّخ ناظم نعمه.
وقال فيه الدكتور توفيق توما: “ شرب من ينابيع لبنان، وتنشق ربى جبله، فصفا أدبه وصحّ تاريخه واشتهرت قصصه”…
ولعلّ الشيخ حافظ أبو مصلح نفسه يوضح مسألة البحث في التاريخ وحقيقته بقوله: “ما دَفَعني في الحقيقة إلى هذا العمل المضني الشاق، هو ما وجدته من إهمال في كتابة التاريخ عندنا، ومن تزوير فاضح روّجته السياسة، ومن تغاضٍ مقصود ستراً لحقيقة، ومن أقلام كان همَّها إسترضاء بعض الفئات طلباً لمكسب، ومن دعاية مأجورة كان القصد منها سعياً وراء مغنم. وإنني حاولت أن أكون نزيهاً وصادقاً في نقل الحقائق، لا يحدوني ميل ولا يشدّني غرض ولا تستهويني شهرة. كان همّي أن أعطي أصحاب الحق حقّهم من التاريخ..” (من مقدمة “تاريخ عين كسور”)…
المؤرّخ التوحيدي
من ناحية أخرى، ونظراً إلى الترابط العميق والعلاقة الوثيقة بين التاريخ والتراث الإنساني، ومعرفة حافظ أبو مصلح لذلك معرفة دقيقة، فقد جاء تاريخه الإنساني مترابطاً بين الأرض والعشيرة، تماماً مثلما هو الحال بين الإنسان المعروفيّ الدرزيّ الموحّد وبين قريته وأرضه وجبله ووطنه. وعلى هذا الأساس يبرز حافظ أبو مصلح معروفياً أصيلاً، وقد جاءت مؤلفاته عن طائفة الموحدين الدروز وخلواتها وأضرحتها وتاريخها، تأكيداً على التزامه بمجتمعه والتصاقه بقيم التوحيد والتاريخ الحافل للموحدين ومحطات المجد التي لم تنقطع في مسيرتهم. وقد عبّر عن ذلك خير تعبير المؤرّخ الكبير يوسف ابراهيم يزبك الذي قال فيه: “أرّخ حافظ أبو مصلح عن الدروز بحسٍّ وطنيّ وصدق تاريخي وأمانة أخلاقية عالية”.
أما المؤرّخ ناظم نعمة فقد قال: “إكتشفت بالشيخ حافظ تأصّله العميق بعقيدته التوحيديّة وزهده اللامتناهي عن متاع هذه الأرض، فهو لا يبغي سوى مرضاة ربّه في كلّ ما كتب ويكتب. أليست رسالة التوحيد زهداً وتقشّفاً وانصرافاً عن مباهج الدنيا، والتمسّك بالفضائل الأخلاقية والإنسانيّة؟”…
أمانة فكرية ودِقَّة
يعتبر حافظ أبو مصلح من نخبة البحّاثة الموحّدين الذين جعلوا همهم الحفاظ على التراث الغني والمشرف لهذه الطائفة العريقة بعاداتها وقيمها وتقاليدها وأصالتها وقيمها العربية والإسلامية. لقد كان باحثاً ومنقّباً في مختلف الأماكن المعروفة، وغير المعروفة منها، ليستقي معلوماته من الينابيع الأصلية حرصاً على الصدق في الرواية والدقة في سرد الوقائع، وهذه من صفات الباحث والمؤرّخ الذي يحترم نفسه ويحترم الآخرين. وقد قام المؤرخ والمفكر أبو مصلح بزيارات وجولات في العديد من القرى والأماكن الدرزية أنفق في تلك الجولات قدراً كبيراً من الوقت والجهد والدراسة حتى أصبح بسبب ما جمعه وحققه خزَّان معرفة، ومستودع ثقافة ومعرفة في الشأن التاريخي والاجتماعي الدرزي.
كما يتميّز المخزون الفكري المنشور لحافظ أبو مصلح في غناه وسعته وتنوّعه ومعاصرته، غير انّ حصّة مجتمعه التوحيدي من مؤلفاته كانت وفيرة إلى حدٍّ أنها شملت بصورة كليّة أو جزئية كل كتب التاريخ الثمانية والعشرين التي نشرها، وخمسة من كتب الشعر، وثلاثة من القصص، واثنين من كتب الترجمة، وهذا ما يفوق الـ 70% من إنتاجه الفكري من الكتب.
حصاد ثقافي ضخم
ويكفي أن نلقي نظرة على هذا التراث الفكري التاريخي التوحيدي الذي أنتجه الشيخ حافظ أبو مصلح، لنرى كم كان هذا الأديب ثروة إنسانية حقاً، وهذه لائحة بعناوين هذه المؤلفات التاريخية (التي أعيد طباعة بعضها مرات عدّة):
1. في التاريخ
واقع الدروز وتاريخ دير القمر، تاريخ القرى، تاريخ الدروز في بيروت، تاريخ الدروز في بيروت وعلاقتهم بطوائفها.التنوخيون تاريخ وحضارة (بالإشتراك مع الأستاذ أنيس يحيى)، تاريخ قبرشمون، تاريخ عين كسور، تاريخ البنّيه، تاريخ جسر القاضي، تاريخ عين درافيل، تاريخ ديركوشة، ثوار على الإنتداب.
2. في الإيمان والتوحيد
درّة التاج وسلّم المعراج، الدروز فلسفة ومفاهيم، خلوات القطالب، حسن المآب لمن آمن واستجاب، نور الحكمة سلوك الأجاويد، الظاهر الخفيّ.
2. تأملات في الحياة
أيّها الإنسان: تمهّل، وعادت الأرض، جنّة الأموات، شرح ما يلزم، جهجاه لو عرفته، رسائل الحب، أساطير من لبنان، الستّ جندلة.
حافظ أبو مصلح والترجمة
كان الشيخ حافظ مترجماً ولاسيّما من اللغة الفرنسية إلى العربية، ومن ترجماته على سبيل المثال:
1. “ثورة الدروز وتمرّد دمشق” تأليف الجنرال الفرنسي أندريا Andria- (أعيد طبعه أربع مرات)
2. “الدولة الدرزية” (أعيد طبعه ثلاث مرات)
3. “الأم” لمكسيم غوركي
4. مدام بوفاري
5. رسائل من طاحونتي
6. من الأرض إلى القمر
7. مرتفعات وذرنج
8. قصة حب
9. كيف تكتب الرسالة
حافظ أبو مصلح القاصّ والشاعر
بقدر ما كان مؤرّخاً وموحّداً ومترجماً، فقد كان حافظ أبو مصلح أيضاً قاصاً وشاعراً. وقد قدّم الشاعرُ العربيُّ الفلسطينيُّ الراحل سميح القاسم لكتاب حافظ أبو مصلح “قصائد منمنمة”… وكتب رئيف خوري عن حافظ أبو مصلح بأنه “قصّاصٌ لامع، ولاسيّما في قصّته سيليستا اللبنانية”… أما الدكتور العلاّمة أسعد علي قال عنه بأنّه “روائي لامع. باكورته “ومعي أمي” تنمّ عن قدرته الأدبية ورفعة أسلوبه القصصي.. إياك أن تتوقّف عن الكتابة”… وكذلك الحال مع الدكتور (اللغوي المعروف) أحمد حاطوم الذي قال إن “كتاب “ومعي أمي” فرضت قراءته على ولدي. إنّه كتاب يجب أن يقرأه جميع الأبناء والبنات”.
ومن أهم ما كتب حافظ أبو مصلح في “القصة” ما يلي: 1- ومعي أمي، 2- مدى العمر، 3- دوّامة القدر، 4- سيليستا اللبنانية، 5- على طريق المطار، 6- العسل الكذوب،7- وداعاً أيّها التراب، 8- المقهى المظلم، 9- أحرقوا المدينة.
أما في “الشعر”، فله: 1- سنابل الستين، 2- أزهار كانون الأول، 3- مصفاة النغم، 4- ظلال الروح، 5- قصائد متحرّرة، 6- نفحات شعريّة، 7- وثار الصّمت، 8- قصائد الألفين، 9- قصائد منمنمة (قدّم له الشاعر سميح القاسم).


حافظ أبو مصلح، سلاحه قلم وورقة
وكتاب وإيمان
يكفي حافظ أبو مصلح الفخر، أنّه أعطى – ولم يأخذ-، أعطى عصارة فكره ودماغه وقلبه، وما اختزنه العقل من معارف وعلوم، وما جادت به القريحةُ من شعر، وما فجّر وجدانه من أدب إجتماعي وروحي، لكي يفتّح عقولاً على كنوز معرفيّة ثمينة… كما رسّخ قناعتنا بأن عَظَمَة الإنسان لا تكمن في ما يكتنزه من ذهب وفضّة، بل مما يختزنه من أدب وعلم وإنسانيّة وعطاء معرفيّ، يقوّم السلوك، ويهذّب النفوس، ويقوّم الإعوجاج – على أنواعه- في سبيل المجتمع الإنساني وأنسنة المجتمع. ولهذا نرى الشيخ حافظ يقول: أنا لا أملك مالاً ولا ثروة نقدية، ولا قصوراً، ولا عقارات… بل أملك فكراً وقلماً أغنى من كل هذه الثروات.
قد بتُّ أغنى من يروحُ ويغتدي فغنى حروفي ثـــــــــروةٌ من عَسْجَدِ
إني أموت بـــــــــــــحرقتي إنْ لم تَكُنْ فـــــــــــي منزلي كتبٌ تُنَوِّرُ لــــــــــــي غدي
في ضوء ذلك، يكفي حافظ أبو مصلح لقب “المؤرّخ الأديب”، حيث يجمع فيه الكلّ إلى الجزء، وإنك إذا دعيت يوماً إلى مائدته المزدانة بالأفكار والصور الرائعة، فإنك ستشبع العقل والوجدان من أطايب شعره وأدبه وتاريخه ولن تشعر مع ذلك بالشبع بل ستطلب المزيد. كذلك الحال في حديقته وعرائشها التي هي من حكمة الدهور وتجارب الزمن، وليست هناك ثمرة في هذا الكون أشهى من ثمرة شجرة المعرفة.
هذا، وبما أن حافظ أبو مصلح كان يتميّز بالصمت وقلّة الكلام أحياناً، لذلك قال عنه أخوه عالِمُ اللغة المرحوم كمال أبو مصلح، إن“حافظ أبو مصلح صَمْتُهُ مدوٍّ، لذلك تراه قليل الكلام”.
لقد كتب حافظ أبو مصلح في الأدب والشعر وفي التاريخ وعن التاريخ، ونقَّب في بطون الخزائن والوثائق بحثاً عن الواقعة الصحيحة وإرضاء لاستقامته الفكرية، لذلك، فإن التاريخ سينصفه كما سينصفه المؤرخون اعترافاً بأمانته وموضوعيته وتقديراً لشخصيته المتنوعة الصادقة المفعمة حباً صادقاً للإنسان من دون تمييز أو إستثناء من أي نوع.
الوسط الأدبي والفكري
يكرِّم ذكرى حافظ أبو مصلح
شهدت قاعة آل أبو مصلح في عين كسور، نهار السبت الواقع فيه 19/9/2015 احتفالاً شعبياً وأدبياً حاشداً كان موضوعه تكريم الكاتب والمفكر وتحدّث في هذه المناسبة كلّ من المؤرخ حافظ أبو مصلح، وقد تحدث فيه كل من الشيخ سامي أبي المنى، والأستاذ سلمان زين الدين، ود. صالح زهر الدين، والأستاذ أنيس يحيى، والأستاذ سماح أبو رسلان، والأستاذ نديم الدبيسي، وأسامة حافظ أبو مصلح عن آل الفقيد، وكان عريف الحفل المهندس الأستاذ كمال فخر.
وقد جاء في كلمة الشيخ سامي أبي المنى قوله: “كأني بالشيخ حافظ حكيماً واعظاً مؤمناً بأنّ أمر الله عدل وتخيير، وأن نهيه عظة وتحذير، طالما أنّ للإنسان عقلاً مميّزاً، معلناً “أنّ لا راحة للإنسان في السماء إن أهمل راحته في الأرض”، أي لا راحة لمن تعجَّل الراحة، على ما يقول الأمير السيد (ق)، ومن يهمل تحصيل زاده الروحي في الدنيا، فكيف له أن يتّقي جوع الآخرة.
وألقى الأستاذ سلمان زين الدين قصيدة عنوانها “إياب” مهداة إلى الشيخ حافظ أبو مصلح. واستذكر الدكتور صالح زهر الدين صداقته مع المرحوم حافظ تجاوزت الثلاثين عاماً وتجسّدت فيها قرابة الحبر في أسمى معانيها، حتى غدت أقوى من قرابة الدم.
وذكر الأستاذ أنيس يحيى كيف أن حافظ أبو مصلح “كان يشعر بالإرتواء عند صدور واحد من كتبه” لكن هذا الإرتواء لا يكتمل ويصبح الظمأ ملحّاً من جديد”. وقال الأستاذ سماح أبو رسلان إن ما قاله وكتبه يصلح لكلّ آن وأين، لذلك ستبقى يا حافظ في ضمير أهل الأدب إسماً، وفي دقّات القلوب وتراً، وفي محافل الشعراء نجماً، وفي قلب التاريخ بدراً”.
وذكر الأستاذ نديم الدبيسي أن منزل الفقيد في عين كسور “كان أشبه بنادٍ ثقافيّ، يلتقي فيه من حين إلى آخر وبفترات متقاربة، أصدقاء، أدباء وشعراء ومؤرّخون، يتباحثون في مختلف الأمور، فكان يستقبلهم بإبتسامته الحانية، وعينيه التي تسبق الشفاه في التعبير وقول الحق، وكذلك عقيلته السيدة أحلام التي نكنّ لها كل التقدير والاحترام”.
وكانت كلمة الختام لآل الفقيد، وقد ألقاها ولده أسامة أبو مصلح شاكراً فيها جميع الأصدقاء المتكلمين والحاضرين والراعين للحفل.
وفي الختام تمّ توزيع كتابه الأخير “أيّها الإنسان تمهّل” على الحضور.