الإثنين, شباط 24, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الإثنين, شباط 24, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

اخلاقيات الاعلام في لبنان بين الممارسة و التنظيم

عندما تنوي الحديث عن واقع أخلاقيات الإعلام، أول ما يستوقفك مشهد الناس في المقاهي والتجمعات ووسائل النقل وصالات الانتظار والاماكن الاخرى، وهم منهمكون بحواسيبهم وهواتفهم النقّالة، غير آبه اي فرد منهم بمن وما يحيط به، وتصدمك من ناحية ثانية، اجابة “لا اعرف “على سؤال “ما هي الاخلاق؟” لبومهارت، أحد علماء الاجتماع، من قبل مجموعة وازنة من أبرز اصحاب المؤسسات المختلفة ورجال الاعمال المعاصرين (1).
يدفع هذا المشهد الاتصالي وهذه الاجابة عن الاخلاق الى مراجعة نقدية لمحدّدات وتعريفات ومبادئ الاخلاق والاعلام او ما يعرف بأخلاقيات الاعلام، ومقاربة هذه المفاهيم والمحدّدات مع الواقع الاعلامي في لبنان ومدى التزامه بالاخلاقيات المنصوص عنها او المتعارف عليها، والتعرّف على الاسباب الكامنة وراء الانتهاكات المفترضة لاخلاقيات الاعلام، ومحاولة تصويب وتوضيح بعض النقاط الملتبسة وايجاد بعض الافكار التي قد تفيد او تساهم على الاقل، في تخفيف حدة هذه الانتهاكات.
ان الغاية من اخلاقيات الاعلام في اي مكان، هي حماية المجتمع وكذلك المؤسسات الاعلامية والعاملين في المجال الاعلامي من الانحراف والممارسات غير الاخلاقية (تجاوز آداب الكلام والملابس)، وذلك من خلال وضع ضوابط وقواعد ومعايير اخلاقية لسلوك المؤسسات الاعلامية وشروط ممارسة اعمالها. وهذه الشروط والمعايير تشكل جزءا من الفكر والوعي الاخلاقي(2)، الذي تسترشد المؤسسات الاعلامية به اثناء قيامها بعملها وممارستها لدورها، ويقيّم السلوك الاخلاقي للمؤسسة الاعلامية بمقارنة وعيها الاخلاقي مع ادائها وواقعها العملي.

 يبلغ عدد المستخدمين للإنترنت في لبنان حوالي اربعة ملايين مستخدم، اي نسبة 89,9%، وهذا ما يؤشر الى تراجع تأثير الاعّلام التقليدي، وبداية هيمنة الاعلام الالكتروني
يبلغ عدد المستخدمين للإنترنت في لبنان حوالي اربعة ملايين مستخدم، اي نسبة 89,9%، وهذا ما يؤشر الى تراجع تأثير الاعّلام التقليدي، وبداية هيمنة الاعلام الالكتروني

الوعي الاخلاقي للاعلام اللبناني
( مبادئ وافكار ومواثيق اخلاقية)
ان اخلاقيات الاعلام هي مجموعة اخلاق اعلامية جامعة، متنوعة ومتفاعلة ضمن مكوّن الاخلاقيات، وتتضمن اخلاقا اعلامية عامة (النزاهة والصدق والامانة والاخلاص..) ومبادئ مهنية لا يمكن فصلها عن الاخلاقيات مثل الموضوعية، المسؤولية، الاستقلالية، الجرأة … وعدم التفريط بحق الاعلام كسلطة رابعة في مراقبة السلطات الاخرى ومواكبة المسائل والقضايا التي تهم الناس و”تعبر عن ميولهم وروحهم وعقليتهم واتجاهاتهم” (3).
وتضمنت اول شرعة لبنانية للاخلاق المهنية الصحفية (1974)” تتجنب المطبوعة نشر المواد التي من شانها تشجيع الرذيلة والجريمة…وتتجنب نشر الانباء غير الموثوق بصحتها…والتعصب واثارة النعرات وتتحاشى القدح والذم والتحقير… وتتجنّب عدم الافتراء والاتهام الباطل … والشتم والتهويل والابتزاز…وتعتبر المصلحة العامة قبل السبق الصحافي … ولا تلجأ الصحف الى وسائل غير مشروعة لاقتناص المعلومات، والحرص على عدم البوح بمصادر المعلومات ، و احترام خصوصيات الافراد والجماعات” … كما ركز اول ميثاق شرف تضعه وسائل الاعلام المرئية والمسموعة(1992) على “التزام الرقابة الذاتية وما يضمن عدم المس بالاخلاق والاداب العامة..”(4).
تشمل اخلاقيات الاعلام ايضا، أخلاقا اعلامية وطنية وسياسية او خطوطاً حمراء اعلامية (5) مثل (عدم بث او نشر ما يعكّر الاستقرار والسلامة العامة، عدم بث ونشر ما يثير النعرات الطائفية والعنصرية، عدم التعرض لكل ما يعرّض لبنان الدولة ووحدتها وسيادتها وحدودها، وما يعكر علاقات لبنان الخارجية، وكل ما يلحق الاذى بمعنويات القوى المسلحة ولا سيما خلال الحرب، وكل ما يمس بكرامة الرؤساء والمرجعيات…(6)
وهناك اخلاق اجتماعية وثقافية للإعلام، مثل: (المسؤولية الاجتماعية والاخلاقية عن كل ما يصدر من مواد وبرامج اعلامية، وعدم بث او نشر كل ما يمس او يتعلق بخصوصيات الافراد والامن العائلي، والمعتقدات والاديان) واخلاق اعلامية قانونية وادارية مثل: (الامتناع عن نشر وبث تحقيقات او قرارات سياسية وادارية وحكومية قبل ان تعلن رسميا، وعدم نشر او بث وقائع تحقيقات التفتيش المركزي المالي والعدلي السرية الطابع). (7)
مظاهر ازمة الاخلاقيات المتفاقمة: عندما ننتقل الى مرحلة المقارنة بين مستوى الفكر والوعي الاخلاقي للإعلام في لبنان، ومستوى السلوك الاخلاقي من جهة ثانية، يرتسم امامنا مشهد مقلق لأخلاقيات الاعلام بمختلف مكوناتها: فعلى مستوى الاداء السياسي للاعلام تكثر الحريات الاعلامية والصحفية، وتغيب الصحافة الحرة والمستقلة في ضؤ غياب التمويل الذاتي الذي دفع الاعلام الى موقع المرتهن للقوى السياسية والطائفية والمالية. وبدل ان ينقل الاعلام الى السياسة قيم الصدق والمكاشفة وقول الحقيقة، انتقلت امراض اهل السياسة الى الاعلام: اصطفافات طائفية … فسيفساء مذهبية، واصبحت وسائل الاعلام كجوقات الزجل او “كومبارس” لدى السياسيين في هذا الاتجاه او ذاك. (8)
وقد تحولت مقدمات الاخبار والبرامج السياسية الى صدى لقوى الامر الواقع، رعاة واصحاب المؤسسات الاعلامية، منتهكة بذلك مبادئ المسؤولية والموضوعية والاستقلالية وتجاوز الخطوط الحمراء، بتعرّض كثير من البرامج الاعلامية، الى سلامة البلاد وسيادتها ووحدتها، واثارة النعرات الطائفية (لا محظورات او خطوط حمراء امام البرامج السياسية في المحطات اللبنانية …) وأكثر من مرة اهتز الامن وانفلت الشارع وشارف على الانفجار بسبب برنامج تلفزيوني ساخر او فيديو الكتروني مسرب…
كما تأثّرت اخلاقيات الاعلام بتحوّل محطات التلفزة، الى منصّات متقابلة، متنافسة حينا ومتواجهة احيانا، تتقاذف الاتهامات والافتراءات من خلال البرامج السياسية العالية النبرة، و”الاسكتشات” الساخرة مثل (بسمات وطن، ما في متلو، كتير سلبي،…)، مع ما تستعمله هذه البرامج، من مفردات والفاظ وعبارات شارعيه، وصور ومشاهد وايحاءات بعيدة كل البعد، عن تقاليد الاعلام الرصين وتراث اللبنانيين واخلاقياتهم.
وعلى مستوى الاخلاق الاجتماعية والثقافية، هناك ظاهرة اعلامية تتجاوز الخطوط الحمراء ايضا، وتتمثل بتمادي الاعلام في لبنان، في “مسرحة” شاشات التلفزة، وذلك عن طريق نقل المسرحيات “الفاقعة” بإيحاءاتها الى البيوت والعائلات كما هي ومن دون اية مونتاج او “فلترة”. والامر ذاته يحصل مع بعض الفيديوهات التي تتداولها المواقع الالكترونية ويتلقفها الاعلام التلفزيوني من دون اية مراعاة للبعد الاخلاقي.

تحوّلت محطات التلفزة منصّات متقابلة، تتقاذف الاتهامات والافتراءات
تحوّلت محطات التلفزة منصّات متقابلة، تتقاذف الاتهامات والافتراءات

وتبيّن دراسة عن ثقافة المجتمع اللبناني الاستهلاكية (9)، انه مجتمع استهلاكي بامتياز، يعيش”هوس الاستهلاك” الذي تعود اسبابه الى تزايد دور سياسات الترويج والاعلان المعتمدة من قبل شركات الانتاج والتوزيع. فاللبناني بحسب هذه الدراسة يصرف الغالي والنفيس من اجل شراء تلفزيون وفيديو او جهاز خليوي، لكنه ضعيف في استهلاكه الثقافي الاساسي، وبالإمكان القول انه يعيش “تنبلة” ثقافية مزمنة.
وتبيّن الدراسة نفسها ان اغلب المستجوبين افادوا بان مستواهم التعليمي هو جامعي وان 93% منهم من محبي المطالعة، بينما تسجل المكتبات العامة ما يشبه الكساد وتشكو اسواق معارض الكتب من قلة المشترين. وهذا ما يفسر رواج “البرستيج” / المظهر/ الذي تساهم وسائل الاعلام والاعلان في ترسيخه وتنميطه، كأحد اهم دوافع الاستهلاك عند اللبنانيين.

ميثاق الشرف الإعلامي الذي أطلقته المواقع الالكترونية اللبنانية في 3 شباط/فبراير 2016 وتناول المبادئ العامة لعملها، فهل يُعمل به؟
ميثاق الشرف الإعلامي الذي أطلقته المواقع الالكترونية اللبنانية
في 3 شباط/فبراير 2016 وتناول المبادئ العامة لعملها، فهل يُعمل به؟

 

يبلغ عدد المستخدمين للانترنت في لبنان نحو أربعة ملايين مستخدم، اي نسبة 89,9%

لقد أصبح الاعلان في الاعلام اللبناني صناعة همها فقط، الربح على حساب الضوابط الثقافية والاخلاقية. وزادت نسبة التلوث البصري الذي يسببه الاعلان (المعدل العالمي للاعلان 6 دقائق في الساعة وفي لبنان 14,5 د بالساعة) هذا بالإضافة الى فوضى الملصقات واللوحات الاعلانية المنتشرة في كل مكان. وبيّنت دراسة احصائية للإعلان على احدى محطات التلفزة اللبنانية: بث 123 اعلان بـ 58 د، خلال 4 ساعات بث تلفزيوني. وتضمنّت هذه الاعلانات خمور 5 %، سجائر 6%، ظهور المرأة 84% ومشاهد وايحاءات جنسية. كما اظهرت هذه الدراسة تعرض 89,6% من الاطفال بصفة منتظمة لمثل هذه الاعلانات.(10)
ولا يقل اهمية، عن التلوث البصري، التلوث اللغوي الذي يسببه الاعلان. فقد بينّ استطلاع ميداني تضمنته دراسة بعنوان: اللغة الرديئة للإعلان: اشكالية التعبير(11)، ان أكثر من 59 % من افراد العينة اعتبروا ان الثقافة هي المتضرر الاول من تدهور اللغة التي تعتبر روح الثقافة. و76% يعتقدون ان الفئة العمرية الاكثر تاثرا باللغة الاعلانية هي ما بين 10الى 20سنة. ووصف 79 % من العينة اللغة المستخدمة في الاعلان بالرديئة والمهجّنة للغة العربية.
ففي خضم الزخم الاعلاني، اجتاحت الاعلانات لغة بات من الصعب تسميتها بالعربية، هي لغة هجينة تمزج بين العامية التي يتدنى مستواها احيانا الى السوقية، وبين الكتابة الخطأ وبين المزج بين اللغة العربية والاجنبية. ومن نماذج هذه اللغة:
ـ وطنك …ألبك …. بالألب يا وطن (قلبك) (12)
وكان بالإمكان ببساطة ترك النص كما هو في العربية: وطنك قلبك، بالقلب يا وطن.

لا محظورات او خطوط حمراء امام البرامج السياسية
لا محظورات او خطوط حمراء امام البرامج السياسية

ويضاف الى الاعلام الاعلاني وملوثاته، تلك البرامج والافلام الكثيرة التي تبدو في مظهرها مسلية وهادفة اجتماعيا، ولكن في الواقع، تحمل في طياتها شحنات ومشاهد ومواقف وقيما هدّامة وبالأخص لجيل المراهقين والشباب. ومن بين هذه البرامج تلك التي لم تكتف بالقليل من المشاهد الموحية، فراحت تلجأ الى الايحاءات الجنسية المباشرة والسافرة مثل برنامج (نقشت) على شاشة ال د س. وغيره.
كما ان هناك من المسلسلات التي تمتعّت باعلى “رايتنغ” مشاهدة في الموسمين، مثل مسلسل “الهيبة” على الام ت ف، والذي تجاوز كل الخطوط الحمر في اسقاطه لهيبة المجتمع والدولة امام هيبة شيخ الجبل، شيخ الحصن المنيع لتجارة المخدرات. “جبل” الذي أبرزه المسلسل كرجل جبار، وفاتن وجذاب وقادر رغم كل ارتكاباته وجرائمه، ان يفلت من قبضة الدولة والعدالة ويستمر شيخاً للجبل يخشاه الجميع. ولقد تجلّى الانتهاك الصارخ لأخلاقيات الاعلام بإظهار شخصية “جبل”، تاجر المخدرات، على صورة فارس نبيل ومقدام يدغدغ احلام ومخيلة الكبار والصغار.

يبقى الأخطر في هذا المجال، تصاعد تاثير الاعلام الالكتروني والتفاعلي الحديث، والانتشار السريع والكثيف للمواقع الالكترونية المحلية والعالمية، ومن بينها مواقع لا حسيب ولا رقيب على اصحابها والقيمين عليها، ولا قدرة على الضبط الكامل لعمليات تلقيها، وبالمقابل، غياب الجهود الجدية لمواجهة اخطارها، لا سيما وان هذه الوسائل الحديثة تتميز بالتفاعلية والانتشار غير المحدود و”بالتفتيت والفردانية واللاّتزامنية وقابلية التحميل والتحويل والتوصيل”(13).
وتشير الارقام الى انتشار الاعلام الالكتروني في لبنان بوتائر سريعة، ففي عام 2007 بلغ عدد المستخدمين للإنترنت باللغة العربية 28 مليون ونصف المليون، ومن بينهم 600 ألف مستخدم في لبنان اي نسبة 15,4% من عدد السكان(14)، واليوم، اي بعد 11 سنة تقريبا، يبلغ عدد المستخدمين للإنترنت في لبنان نحو اربعة ملايين مستخدم، أي نسبة 89,9% (15)، وهذا ما يؤشر الى تراجع تأثير الاعّلام التقليدي، وبداية هيمنة الاعلام الالكتروني، الامر الذي بات يتطلب جهودا حثيثة وسريعة لمواكبة هذه التطور.
ومن المظاهر المعبرة عن ازمة الاخلاق المتفاقمة على مستوى القيم، دور اعلام الإنترنت والفيديو الذي يعمل في ظل غبار المعارك السياسية، ويجري كالنعاس تحت قعر المجتمع، والذي يوشك ان يدمر الفئة العمرية الشابة. والخطير في الموضوع ان الطبق الرئيسي لإعلام الانترنت والفيديو، الترويج لأنواع من أنشطة الترفيه في لبنان، تسيء الى صورة لبنان والمرأة اللبنانية وقيم المجتمع اللبناني، والعدد المخيف لزوار هذه المواقع داخل لبنان وخارجه.(16)
ومن مظاهر ازمة الاخلاقيات ايضا، انكفاء الاعلام وعدم اضطلاعه بالمسؤولية الاخلاقية تجاه مسائل خطيرة كالمخدرات. وفي هذا السياق، تبيّن دراسة احصائية ان 25% من الشباب اللبناني، جربوا المخدرات مرة او اكثر(17). وينسحب الانكفاء الاعلامي على مسائل اخرى مهمة كعدم تطبيق المادة 30 من قانون المرئي والمسموع التي تلزم الاعلام بث برامج للمصلحة العامة والتقارب والتلاقي بين اللبنانيين (18).
وينبري هذا الاعلام بالمقابل، وفي معرض التنافس على “السكوب” الاعلامي، الى خرق خطوط حمراء قانونية وادارية، بنشر وثائق وقرارات ومحاضر تحقيقات لها طابع سري او قبل ان تعلن رسميا، وذلك بشكل مخالف للأصول المهنية والاخلاقية، ولعل فضيحة الفضائح في هذا المجال، في الفترة الاخيرة، طريقة تعامل الاعلام في لبنان مع قضية المسرحي زياد عيتاني.

التلاعب بالصورة يمكنه ان يظهر قصة مختلفة كلياً عن الحقيقة
التلاعب بالصورة يمكنه ان يظهر قصة مختلفة كلياً عن الحقيقة

اسباب تفاقم أزمة اخلاقيات الاعلام
هناك العديد من الاسباب التي جرى استخلاصها من خلال هذه الدراسة، وكان لها دورها في تراجع اخلاقيات الاعلام ويمكن ايجازها كما يلي:
֍ التناقض بين الطبيعة المستقرة نسبيا، للثقافة ” المقيمة” (العادات والتقاليد والمفاهيم والافكار واللغة)، والوتيرة المتسارعة لتطور التكنولوجيا “الوافدة” (تكنولوجيا الاتصال والمعلومات).
֍ انفجار ثورة المعلومات وطفرة التكنولوجيا وتجاوزها حدود الدول وتشريعاتها وثقافاتها ومعتقداتها وتأثيرها النوعي والكمي على شكل المادة الاعلامية ومحتواها.
֍ تأثّر الواقع الاعلامي بالواقع السياسي اللبناني وتبعية الاعلام مادياً وسياسياً للقوى السياسية النافذة.
֍ القمع السافر من خلال مسلسل اغتيال صحفيين وترهيبهم، والمقنّع من خلال امتناع بعض المحطات التوقيع على ميثاق شرف اعلامي لحماية الصحفيين، وقبول صحفيين تحويل الاعلام منصات طائفية، او لعب دور الامن في الاعلام او تسلل امنيين للعب دور اعلاميين..
֍ عدم وجود ضوابط قانونية واخلاقية وتقنية كافية للحد من التلوث الاعلامي والاعلاني البصري واللغوي، وتأثيرهما السلبي على ثقافة المجتمع من خلال التأثير على الاطفال والشباب.
֍ انكفاء الاعلام وعدم قيامه بمسؤوليته ودوره الطبيعي تجاه القضايا والأحداث التي لها اهميّتها وأولويّتها في حياة الناس.
֍ المعالجة الرقمية للصورة وما تعنيه من انقضاء لعهد الصورة “البريئة” والصادقة وبداية لعهد الصورة المعدّلة والمركّبة والمشكوك بصدقيّتها.
֍ طغيان تكنولوجيا الاتصال الوافدة وتحكمها المتزايد بالسلوك الإتصالي للأجيال الفتية والصاعدة في مجتمعاتنا، في حين تواكب دول المنشأ، التطور التكنولوجي باستخدام الضوابط القانونية (19) والتقنية اللازمة لحماية مجتمعاتها.

احد البرامج التي لجأت الى الايحاءات الجنسية المباشرة والسافرة لزيادة نسبة المشاهدة
احد البرامج التي لجأت الى الايحاءات الجنسية المباشرة والسافرة لزيادة نسبة المشاهدة

 

نتانج ومقترحات
يتبيّن بنتيجة هذه الدراسة، انه لا يوجد في لبنان ميثاق اعلامي واحد عصري ومتكامل، وبان هناك فجوة واسعة، تزداد اتساعا بين المواثيق، المبادئ، الضوابط والخطوط الحمراء الاعلامية الموجودة، وبين السلوك والاداء الاعلامي والاعلاني، وبان هناك مخاطر جديدة وجديّة تتمثل بالطفرة التكنولوجية الوافدة وبالاخص طفرة الاعلام الالكتروني، وتقابل بالتجاهل او التعامل الانفعالي غير الحرفي أو المدروس على جميع المستويات.
كما يتضح مما سبق، ان هناك لأساب مادية وغير مادية، ما يشبه التواطؤ من قبل الاعلام، مع المجتمع السياسي الطائفي ومجتمع الأعمال بأشكاله الظاهرة والخفية، وكذلك هناك شعور بغياب الحماية او الحصانة سببه وجود ملامح للقمع السافر او المقنّع بحق الاعلاميين.

تعبّر النتائج المذكورة عن وجود ازمة حقيقية في اخلاقيات الاعلام في لبنان، تستدعي معالجة لا تحتمل التأجيل، وتتطلّب متابعة مشتركة وحثيثة من قبل اصحاب الشأن الاعلامي، التقليدي والاتصالي الحديث، والمرجعيات الثقافية والتربوية والاجتماعية والعلمية، وبرعاية مباشرة وفاعلة من قبل الدولة والجهات الحكومية المعنية والمختصة. ويجب ان تكون اولوية العمل والجهد المشترك، ايجاد ميثاق اعلامي، اتصالي ـ تفاعلي حديث، يتيح الافادة من الطفرة التكنولوجية الوافدة بما لا يلحق الضرر بمقومات لبنان الثقافية والاجتماعية، وياخذ بعين الاعتبار الملاحظات الأخرى المهمة التي سبق ذكرها.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي