زراعة الورد الشامي
ثــــــروة اقتصــــادية وعلاجــــية
اللتر الواحد من زيت الورد قد يباع بـ 12 ألف دولار
والحصول عليه يحتاج إلى أربعة أطنان من بتلات الورد
الاستخدامات الكثيرة للورد تجعل منه زراعة اقتصادية
ومستخلص الورد الدمشقي صيدلية قائمة بذاتها
لبنان عرف الورد الجوري واستعمله لإنتاج ماء الورد
لكن الورد الدمشقي من أهم الزراعات البديلة الواعدة
حذار مكافحة آفات الورد بالمبيدات لأنها تنتقل
إلى مقطر ماء الورد والمربى والزهورات
لا توجد كلمة تثير في النفس من المشاعر والراحة والخيال التعبيري والشعري ما تثيره كلمة “الورد” في النفوس والأذهان، وهي على الأرجح مع كلمات مثل القمر أو الشمس أو البحر من أكثر الكلمات تداولاً في آداب الشعوب وفي تراثها الثقافي، لكن عندما يتحدث الناس في بلادنا عن “الورد” فإنهم غالباً يعنون بذلك نوعاً محدداً منه هو الورد الدمشقي (أو الشامي) الذي عرف على مدى الأزمان باعتباره “ملك الورود” بسبب جمال أزراره وورداته المتفتحة وكذلك لونه الوردي الزاهي وعطره الفواح وهي صفات أهّلته لكي يصبح رمزاً للمحبة والطهر والإيمان والجمال. ولفرط الإعجاب بالورد والتعلق باستخدامه استكشفت الحضارات السابقة التي كانت لها خبرات واسعة في الفوائد الطبية أو الغذائية أو التزيينية للنباتات والأعشاب وسائل وحرفاً عديدة للإفادة من الورد الدمشقي وهي سرعان ما وجدت له من الاستخدامات ما لا حدّ له، فهم بدأوا بتقطير بتلاته لصنع ماء الورد وصنعوا من تلك البتلات مربى الورد اللذيذ وجعلوا منه مكوناً أساسياً في “الزهورات” التي يتم تناولها كشراب دافىء صحي، وفي بعض الحلويات مثل الملبن، ثم تمكنوا من استخراج زيته الغالي الثمن لاستخدامه في صناعة العطور، ثم انكبوا على درس خصائصه الطبية وسجلوا عشرات الحالات والعلل التي يمكن للورد أو مائه أم مغليه أن يساعد على شفائها. وبسبب تلك الفوائد تهافت الناس في بلاد الشام وبلدان المنطقة على زراعة الورد الدمشقي ولم يمض وقت حتى كان الرحالة الأجانب أو التجار أو الجنود ينقلون شتلات الورد إلى بلدانهم، فانتقلت زراعة الورد الدمشقي بذلك إلى أوروبا وآسيا وازدهرت في بلدان معينة مثل بلغاريا وفرنسا وتركيا والهند وهي دول تعتبر من أكبر المنتجين للورد الدمشقي في العالم.
فما هي قصة الورد الدمشقي؟ كيف يمكن زراعته والعناية به والحصول على الفوائد الكثيرة التي يقدمها؟
يعتبر الورد الدمشقي Rosa Damascena من أشهر أصناف الورد إطلاقاً، وهو واحد من نوعين فقط من الورد في العالم يمكن استخراج الزيت العطري منهما (النوع الثاني هو الورد الجوري Rosa centifolia المعروف في بلادنا أيضاً(، كما إن الورد الدمشقي لا يزرع بكميات تجارية إلا في أمكنة معينة حول العالم لأنه يتطلب مناخاً معتدلاً وتربة معينة، ورغم شهرته المتزايدة في لبنان فإن الورد الدمشقي سبقه في الشهرة الورد الجوري وهو نوع من شجيرات الورد التي تعطي في موسم الربيع إنتاجاً وفيراً من ورود أصغر حجماً وأقل كثافة في البتلات ولموسم إزهار قصير نسبياً بالمقارنة مع موسم الورد الدمشقي الذي قد يطول من الربيع وحتى أواسط الخريف، لكن الناس تخلط أحياناً بين النوعين وتطلق على الورد الدمشقي اسم “الورد الجوري”. وكان اللبنانيون ولا يزالون يستخدمون الورد الجوري لتقطير ماء الورد الزكي الرائحة لكنه أقل تركيزاً في عطره من ماء الورد المنتج من الورد الدمشقي، ولهذا السبب ربما نجد أن زراعة الورد الدمشقي بدأت تنتشر بصورة متدرجة سواء كزراعات منزلية أم كزراعات واسعة بهدف تقطير ماء الورد، لكن بالدرجة الأولى من اجل زيت الورد الغالي الثمن والمطلوب كثيراً في الخليج، ولاسيما في المملكة العربية السعودية.
وتعتبر بلغاريا أكبر بلد منتج للورد الدمشقي ومشتقاته وخاصة الزيت العطري ومن البلدان المنتجة الرئيسية أيضاً كل من تركيا وإيران والمغرب والهند والصين. ويعتبر زيت الورد الدمشقي الأكثر استخداماً في صناعة العطور ويمثل 90% من الزيوت الأساسية المنتجة في العالم بينما يأتي الـ 10 % من زيوت العطور من الورد الجوري. ويتطلب إنتاج لتر واحد من زيت الورد نحو أربعة أطنان من الورد الدمشقي، وهذا ما يفسر الثمن الباهظ لزيت الورد والذي يتراوح بين ثمانية آلاف و12 ألف دولار للكيلوغرام.
تاريخ الوردة
تمّ تهجين الورد الدمشقي من ثلاثة أنواع من الورد العطري بعضها كان برياً، لكن الورد الدمشقي المحسّن لم يعد موجوداً كورد برّي، ويعتقد أن أصله يعود إلى بلاد الشام وإلى دول منطقة الشرق الأوسط عموماً، لكن الأبحاث الجينية الأخيرة أظهرت أن الورد الدمشقي يحمل أيضاً جينات من المناطق الجبلية في آسيا الوسطى.
انتقلت نبتة الورد الدمشقي من المنطقة إلى أوروبا نتيجة للحروب الصليبية ودخول الألوف من الجند الأوروبيين إلى بلاد الشام، وينسب المؤرخون إلى القائد الصليبي روبير دوبري الفضل في نقل الورد الدمشقي من مدينة دمشق في سوريا إلى أوروبا. ووفق روايات أخرى فإن الرومان هم الذين جلبوا الورد الدمشقي معهم إلى جنوب بريطانيا بينما تقول رواية ثالثة إن الطبيب الخاص للملك هنري الثامن أهداه شجيرة من الورد الدمشقي في حوالي العام 1540.
وبرغم الشهرة التقليدية لبلغاريا وتركيا في صناعة أنواع الزيوت المستخرجة من الورد فإن الهند تفوقت مع الوقت في إنتاج كميات كبيرة وبسعر أقل بالنظر إلى رخص اليد العاملة، وتشتهر مدينة الطائف في المملكة السعودية في إنتاج الورد الدمشقي الذي يسمى في السعودية “الورد الطائفي” لكن القسم الأكبر من زيت الورد العالي النوعية الذي يباع في المملكة مستورد.
زراعة الورد الدمشقي
يمكن القول إن زراعة الورد الدمشقي على نطاق واسع ولأغراض التصنيع ما زالت محدودة وهذا على الرغم من المناخ اللبناني المثالي لإنتاج هذه الوردة التي تعتبر منتجاً اقتصادياً ممتازاً ويمكن أن تتحول إلى إحدى الزراعات البديلة التي تساهم في تنمية الريف اللبناني وقراه. لكن إدخال الورد الدمشقي كمنتج اقتصادي يتطلب إعادة تخصيص مساحات واسعة من الأراضي الزراعية لهذا الغرض، وهناك مساحات كبيرة في الجبال اللبنانية أو في سهل البقاع غير مستخدمة استخداماً فعالاً، وهذه يمكن تحويل استخدامها لهذه الزراعة المربحة، وأي توسع في زراعة الورد الدمشقي سيجرّ حتماً إلى قيام صناعات لتقطيره أو لاستخراج زيته العطري الغالي الثمن، وهذا التطور يمكنه أن يخلق فرص عمل كثيرة لأبناء القرى ويعزز الاقتصاد الريفي فضلاً عن فوائده السياحية غير المباشرة، إذ إن حقول الورد يمكن أن تصبح مقصداً أو جزءاً من مشاريع للسياحة البيئية.
في هذا المقال، لن نركّز على خيار الزراعة الواسعة بل سنركز بصورة خاصة على زراعة الورد الدمشقي كمشاريع صغيرة أو متوسطة تلائم طبيعة الملكيات والواقع الريفي في الجبل بصورة خاصة.
“التعشيب الدائم لشتلات الورد ونكش تربتها أساسيان لعدم قدرة جذوره على منافسة الأعشاب الطفيلية الضـارّة”
تكثير الورد
إن الخطوة الأولى في إنشاء مشروع للورد الدمشقي هي بالطبع اختيار المساحة التي ستخصص لهذا الغرض، ثم توفير الشتول الناضجة التي يمكن الحصول عليها من مشاتل متخصصة بعمر سنتين وبسعر قد لا يزيد على 3 دولارات للشتلة، وهذا سعر معقول. لكن ما إن ينجح مشروع الورد حتى يمكن تكثير الشجيرات وتوسيع الزراعة من خلال التكثير المحلي. والمصدر الأول لتكثير الورد داخل البستان هو العُقَل أو “الأقلام” التي يمكن الحصول عليها عند تقليم الشجيرات في الشتاء تحضيراً لها لموسم إزهار جديد. ويمكن للمزارع اغتنام فرصة التقليم لانتقاء العقل الجيدة من الشجيرات علماً أن العقل الأفضل هي التي يتم أخذها من أسفل سيقان الوردة، كما إن العقل القاسية من الورد المختارة من السوق النامية في العام السابق أعطت أفضل النتائج لجهة نجاح التجذير والنمو. وبيّنت الدراسات أن أفضل وقت لأخذ العقل المعدة للتكثير هو شهرا كانون الثاني وشباط لأن العصارة النباتية تكون عندها في حالة سكون.
ويتمّ غرس العُقَل في أثلام أو مساكب بعد برش أسفل العقلة قليلاً بسكين أو قطع الطرف السفلي بصورة مائلة بما يشجع على نمو الجذور، على أن يتم نقل العُقَل بعد تطور نموها إلى عبوات زراعية والعناية بها لمدة سنة قبل نقلها إلى مكانها النهائي. ويمكن الاستغناء عن الخطوة الأولى بغرس العُقَل مباشرة في عبوات زرع بلاستيكية من الحجم الوسط (قطر 20 سم) مع ضغط التراب بقوة حولها منعاً لتسرب الهواء، ويتابع ري العقل بعد أن تورق وتبدأ بالنمو حتى موسم الزرع في نهاية الخريف ومطلع الشتاء، حيث يتمّ غرس الشتول الناتجة عن العُقَل في مكانها النهائي.
أسلوب الزرع
يتوقف أسلوب زرع الورد الدمشقي على عدة عوامل أهمها المساحة المخصصة له والغاية من زرعه أهي للزينة وللإستخدام المنزلي أم لأغراض تجارية. في الاستخدام للأغراض التجارية يفترض وجود مساحة واسعة مخصصة لزرع الورد وفي هذه الحال من الأفضل زرع الورد في صفوف متوازية بعد العمل على تخصيب التربة بالأسمدة العضوية مع ريّها بالنقطة وذلك لتوفير المياه ولتسهيل عملية القطاف والمعاملة مثل التقليم والنكش والتسميد. وفي حالات أخرى يتم زرع الورد الجوري كسياج للأرض أو على السياج المحيط بالمنزل وهذا الخيار يعطي عدة فوائد فهو يوفر الحماية المنتظرة من سياج شائك كما إنه يعطي منظراً رائعاً لمحيط الحديقة في موسم الإزهار وأخيراً فإنه يوفر الورد الذي يمكن الاستفادة منه بطرق مختلفة.
الري والتغذية
الورد الدمشقي لا يحتاج إلى الري الدائم ويمكنه أن يتحمل الري المتباعد خصوصاً مع زيادة عمر الشجيرة، وفي حال عدم توافر المياه بصورة كافية يمكن توفير الكميات المستخدمة لري الورد عبر تغطية الأثلام بغطاء كثيف من الحشائش اليابسة أو “السميسمة” أو ورق السنديان المتجمع في الأحراج وأي غطاء من النباتات حتى الخضراء يؤدي الغرض.
التغذية : يحتاج الورد إلى التغذية عبر التسميد المنتظم لأن الوردة يمكن أن تبقى في مكانها لسنوات طويلة ولا بدّ بالتالي من تجديد البيئة الغذائية للتربة الحاضنة سواء عبر التسميد الطبيعي وهو الأفضل لأنه يزيد في نوعية عطر الورد وقيمته الغذائية في حال استخدامه لصنع مربى الورد، لكن الأسلوب المهم لتغذية الورد هو مياه السماد العضوي المسماة أحياناً “محلول” الروث الحيواني Manure soup أو شاي الكومبوست Compost tea، ويمكن الحصول على ذلك بتثبيت خزان أو خزانين سعة 2,000 لتر للواحد ووضع كيس من سماد الماعز أو الدجاج البيتي أو الاثنين معاً مع العناية بوضع مضخة لتدوير المياه في الخزانين وهذا الأسلوب يحافظ على تهوئة المياه ويؤدي إلى إنتاج محلول غني جداً بالمواد الغذائية الطبيعية.
زراعة غراس الورد: يفضل زراعة غراس الورد خلال طور سكون العصارة في نهاية فصل الشتاء. من أجل ذلك تحفر حفرة بعمق 45 سنتم وتخلط التربة بمثلها من السماد العضوي ثم يوضع قليل من هذه الخلطة في أسفل الحفرة وبعد التأكد من وضع الغرسة بالشكل المناسب يردم خليط التراب والسماد حول الغرسة وترصّ التربة ثم تروى الغرسة. وتختلف المسافة بين الغرسة والأخرى حسب الهدف من الزراعة ونوع الصنف ورغبة صاحب الحقل.
من المفيد هنا الإشارة إلى ضعف قدرة جذور الورد على منافسة جذور النباتات الأخرى التي قد تحيط بها، لذلك فإنه من المهم جداً القيام بالتعشيب الدائم لأغراس الورد ونكشها وتسميدها في كل موسم.
المتطلبات البيئية
يحتاج الورد إلى الإضاءة الشديدة والحرارة المرتفعة ويلاحظ أن الإنتاج الأوفر من الورود يحصل في فصل الربيع والصيف حيث الإضاءة والحرارة كافيتان وعليه، فإنه لا ينصح بزراعة الورد الدمشقي في الأماكن الظليلة لكونه يحتاج على الأقل إلى 6 ساعات يومياً من أشعة الشمس المباشرة.
التربة: يفضل الورد التربة العميقة المتوسطة القوام الغنية بالمغذيات العضوية ولا تنجح الشجيرة في الأراضي الدلغانية أو الضعيفة التهوئة حول الجذور، كما إنه من المفيد عزق التربة وتحريكها وتفكيك التربة السطحية وتهوئتها.
الريّ: تفضل طريقة الريّ بالتنقيط، وإذا استخدم الريّ العادي (بالخرطوم) يفضل عدم رش الساق والأوراق منعاً من الإصابة بالأمراض، وتختلف احتياجات النبات من الماء بحسب الموقع والصنف ونوع الأرض ومرحلة النموّ وعمر الشجيرة وبحسب الظروف البيئية، وتؤدي عملية الريّ المنتظمة إلى زيادة النموّ الخضري وزيادة نسبة الورود التي تظهر على الشجيرة.
التقليم: تتم عملية التقليم خلال فصل الشتاء وبداية فصل الربيع أي قبل بدء النمو الجديد وتزال الأفرع الميتة والتالفة كما تزال التفرعات المتجهة إلى وسط الشجرة ويكون التقليم حسب الصنف والغاية من الزراعة. وتكون عملية القطع فوق العيون (البراعم النائمة) بميل 45 درجة عن محور الساق، وذلك لمنع تجمع قطرات الندى والمطر التي تؤدي إلى حدوث تعفّن. وتختلف طريقة التقليم بحسب الهدف من تربية الشجيرة لأن هناك التربية العالية والتربية القصيرة ويجب بشكل عام أن تتناسب طبيعة التقليم مع طبيعة الصنف فمثلاً يستخدم التقليم الجائر للأفرع التي لها من العمر أربع سنوات وذلك بهدف تشجيع نمو أفرع نشطة تسهم في زيادة الإنتاج. ويستخدم التقليم المستمر لأصناف الورد التي تنتج أزهاراً عنقودية من مجموعات الورد وذلك للحصول على تفرعات وأزهار وفيرة.
معلومات سريعـــــــــــــــــــــــــة
• في الأرض المروية يمكن غرس ما بين 1,500 و2,000 شجيرة ورد بالدونم
• ويمكن أن يصل حجم الشجرة في الزراعة المروية إلى متر ونصف أو مترين ونصف المتر طولاً
• يعطي كل كيلوغرام من الأزهار 800 غرام من ماء ورد وكل واحد كيلوغرام من بتلات الورد واحد كيلوغرام من ماء ورد
• كل أربعة أطنان من الورد الشامي تنتج لتراً واحداً من زيت الورد
• يتراوح سعر اللتر الواحد من زيت الورد الشامي ما بين 10 إلى 12 ألف دولار
• تحمل شجيرة الورد الشامي أزهاراً عطرية وردية اللون تتفتح أزرارها في فصل الربيع وتتراوح أعدادها ما بين 1,500 و2,000 برعم للشجيرات المروية وقد يصل إلى 5,000 برعم بينما يتراوح عدد البتلات ما بين 30 و40 بتلة تقريباً للزهرة الواحدة
• يبلغ متوسط وزن الزهرة الواحدة ما بين 2 إلى 2.5 غرام
الآفات التي تهاجم الورد
المن: وهي حشرة صغيرة جداً متعددة الألوان تتطفل على النموّات الحديثة وعلى حواف البراعم الزهرية وأعناقها مؤدية إلى تشوّهها والتفافها بفعل سحب العصارة النباتية، كما إن مخلفات المنّ تجذب الحشرات الأخرى وبخاصة النمل وتؤدي الإصابة الشديدة إلى ظهور سائل عسلي يسمى الندوة العسلية يتحول لونه إلى أسود. يكافح المنّ بالأسلوب الطبيعي عبر رشه بمزيج من خل التفاح وبودرة الحر الأحمر اللاهبة وربما مع إضافة مقطر الصعتر إذا وجد، وهذه الخلطة كافية لإزالة المنّ بما في ذلك المن القطني.
التربس: وهو حشرة صغيرة تهاجم الأزهار وقمم الأفرع والأوراق وتؤخر من تفتح الأزهار، وهذه الآفة يمكن التخلص منها برش الخلطة المقترحة سابقاً لمعالجة آفة المنّ.
البياض الدقيقي : وهو مرض فطري يصيب الأوراق والأفرع والبراعم الزهرية وتؤدي الإصابة به إلى اتلاف الأوراق وذبولها كما تذبل الأزهار قبل تفتحها ويظهر مسحوق أبيض اللون أو رمادي يغطي الأوراق والأفرع، وهذا المرض من أخطر أمراض الورد ويزداد مع شدة ارتفاع الحرارة والرطوبة، لكن المرض ينتشر أكثر بسبب كثافة المجموعة الورقية للوردة وعدم تقليمها بطريقة صحيحة تسمح بدخول الشمس والهواء إلى داخلها، وينصح باستخدام مبيد فطري طبيعي مثل التغبير بالكبريت أو الجنزارة أو خليط من العنصرين أو استخدام مبيدات فطرية كيميائية مخصصة للزراعة العضوية.
الصدأ: وهو من الأمراض الخطرة التي تصيب الورد وتسبب ظهور بقع وبثور وردية إلى برتقالية على الأوراق والأفرع وتؤدي إلى زيادة فقد الماء وجفاف النبات بل وموته عند الإصابة الشديدة. ينصح بإزالة الأجزاء المصابة من الأسفل فوراً وحرقها لحماية باقي أجزاء الوردة كما ينصح بتجنب ترطيب الأوراق عند الري ومراعاة تهوئة الشتلة والمحافظة على قوتها الطبيعية.
حذار المبيدات الكيميائية
ومن الواجب التحذير هنا من أن المزارع يسارع في حال إصابة الورد بمثل هذه الآفات إلى رشّ الورد بالمبيدات السامّة الحشرية أو الفطرية بصورة متكررة، وهذه المبيدات عدا عن أنها تخلق مع الوقت مناعة عند البكتيريات والحشرات فإنها خطرة في حال استخدام الورد لتقطير ماء الورد لأن الترسبات السامة ستنتقل إلى ماء الورد الذي يستخدم في حالات كثيرة لترطيب العين أو البشرة، كما إنها ستنتقل إلى المربيات التي تصنع من بتلات الورد وتبقى فيها على شكل رواسب خطرة على الصحة.
تصنيع زيت الورد الدمشقي في بلدة تركية
تقع مدينة إسبارطة التركية في جنوب غربي البلاد على ارتفاع 1035م وهي غير إسبارطة اليونانية المعروفة التي خلدها هوميروس في الإلياذة. لكن رغم أن إسبارطة التركية ليست شهيرة بتاريخها فإنها شهيرة بزراعة الورد الدمشقي بحيث تسمى “مدينة الورود”. يعيش في المدينة نحو 222,500 نسمة يعمل قسم كبير منهم في حقول الورد المنتشرة على مدّ النظر حول المدينة أو في تصنيع زيت الورد في وحدات إنتاج حديثة. وتضم إسبارطة شركة سِبات أكبر منتج لزيت الورد في تركيا.
يبدأ قطاف الورد الدمشقي في إسبارطة في مطلع شهر حزيران حيث يكون الإزهار في ذروته ونسبة الزيت في الورد بلغت أيضاً أقصاها، ويتم قطاف الورد في الساعات الأولى من الفجر والصباح الباكر قبل صعود الشمس في السماء وقبل أن تتفتح الوردة فتكشف كمية الزيت فيها للتبخر لأن زيت الورد زيت طيار مثل غيره من الزيوت العطرية وهو قابل للتبخر بفعل الحرارة. ويتم قطاف الورد يدوياً ومن خلال تعاون أفراد الأسرة الزارعة للورد ثم ينقل الورد حوالي الساعة العاشرة صباحاً في سلال كبيرة سعة الواحدة منها 15 كلغ إلى مصنع استخراج زيت الورد الواقع على بعد 5 دقائق بالسيارة من الحقول. وتتم معالجة بتلات الورد في خزانات سعة الواحد منها 500 كلغ، وبعد التحقق من الوزن يتم إلقاء بتلات الورد في الخزان لتملأه حتى ثلاثة أرباعه ويضاف 1500 لتر من الماء ويتم تسخين المزيج حتى يبدأ بالغليان في عملية تسمى “التقطير” وعندها يبدأ جمع المياه المتبخِّرة والحاملة للزيت (ماء الورد) في خزان آخر، وهذه العملية يجب إعادتها ثلاث مرات بحيث يتم تقطير المزيج كل مرة بهدف تبخير المزيد من الماء وزيادة نسبة زيت الورد في ماء الورد المقطر. بعد ذلك يتم فصل زيت الورد الذي بسبب خفة وزنه يعوم على المياه فيتم جمعه وفصله ثم يمرّ أخيراً بعملية تكرير من الشوائب وبقايا الرطوبة ليصبح زيت ورد صافياً وجاهزاً للتصدير أو البيع في الأسواق.