الثلاثاء, نيسان 30, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الثلاثاء, نيسان 30, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

زراعة الزيتون رهان المستقبل

زراعـة الزيتـون رهـان المستقبـل
كيف نجعل من «شجرة النور» زراعة اقتصادية ناجحة

الزيتون يحتل 20 % من إجمالي المساحات المزروعة في لبنان
لكن ضعف المعاملة ونقص الخبرة يتسببان بإنخفاض الإنتاجية

التسميد والريّ التكميلي ومكافحة الآفات عوامل
أساسية لتحسين الإنتاجية

مساحات واسعة تضاف الى المساحة المزروعة بالزيتون سنوياً في لبنان وحول العالم في دول كالولايات المتحدة وايران والصين وغيرها من الدول التي لا عهد لها بزراعة الزيتون في الماضي. هذا الاهتمام بزراعة الزيتون يؤكد الأهمية الاقتصادية لهذه الزراعة، وخاصة بعد أن اثبتت المراكز الطبية العالمية أهمية ادخال زيت الزيتون بكميات أكبر في الوجبة الغذائية العصرية، وذلك لتصحيح الخلل الحاصل في الوجبة بين محتوى الوجبة من الأوميغا 6 ومحتواها من الأوميغا 3.
في لبنان، تقدّر المساحات المزروعة بالزيتون بستين ألف هكتار
(12 مليون شجرة)، أي حوالي 20 % من إجمالي المساحة المزروعة، وهي موزّعة على المحافظات الأربع على الشكل التالي: 35 % في الشمال، 30 % في الجنوب، 20 % في جبل لبنان، 15 % في البقاع. يستخدم جزء من الزيتون الناتج كزيتون مائدة، أمّا الباقي فيتم عصره في حوالي 300 معصرة تنتج سنوياً حوالي 25 ألف طن من زيت الزيتون كمعدل عام، فتكون حصة الفرد في لبنان حوالي خمسة كيلوغرامات من زيت الزيتون، وهي نسبة قليلة جداً، مما يعني أنه يمكن التوسّع بزراعة الزيتون في لبنان لتغطية الإستهلاك المحلي.
إن زيادة الإنتاج يجب أن تتم أيضاً برفع إنتاجية الأشجار المنتجة حالياً، وليس فقط بزيادة المساحة المزروعة، لأنه وكما تدل الإحصاءات المذكورة أعلاه فإن إنتاجية الشجرة حالياً من زيت الزيتون لا تتعدى الكيلوغرامين كمعدل سنوي ويمكن بالمعاملات الزراعية الجيدة رفع هذه الإنتاجية الى أربعة وحتى الى خمسة كيلوغرامات.

إنتاجية الشجرة من زيت الزيتون في لبنان لا تتعدى الكيلوغرامين كمعدل سنوي لكن يمكن بالمعاملات الزراعية الجيدة رفع هذه الإنتاجية إلى خمسة
إنتاجية الشجرة من زيت الزيتون في لبنان لا تتعدى الكيلوغرامين كمعدل سنوي لكن يمكن بالمعاملات الزراعية الجيدة رفع هذه الإنتاجية إلى خمسة

شروط إنشاء بساتين الزيتون
قبل ذكر المعاملات الزراعية الجيدة يجب ذكر الشروط التي يجب اتّباعها عند انشاء بساتين الزيتون، لأن هذه الشروط هي عوامل محدِّدة للإنتاج في المستقبل وأي خطأ يتم ارتكابه يصبح من الصعب إصلاحه في ما بعد، فتحصل إضاعة للجهود والوقت ورأس المال.
أمّا الشروط الأساسية التي يجب مراعاتها عند إنشاء بساتين الزيتون فهي:
1. اختيار الصنف المناسب من حيث:
أ- مقاومة الأمراض والآفات
ب- ملاءمتها للهدف المقصود من الزراعة، وعلى سبيل المثال فإن الأصناف الجيدة لإنتاج زيتون المائدة قد لا تكون الأفضل لإنتاج زيت الزيتون.
ج- تحمّل الظروف المناخية للمنطقة المراد زراعتها. (صقيع، ثلوج، رياح، رطوبة).
2. توفر النوعية الملائمة من التربة ورطوبتها، فالزيتون لا يحب التربة الطينية الثقيلة وخاصة الرطبة منها مثلاً.
3. عمق التربة الزراعية، فأحياناً تكون التربة الزراعية الجيدة قليلة العمق تليها تربة صخرية أو دلغانية.
4. التأكد من خلو التربة من بعض مسببات الأمراض كالفرتيسيليوم الذي يمكن أن يصيب أشجار الزيتون، ومن الصعب مكافحته في الزراعات الواسعة.
5. التأكد من توفّر أشعة الشمس بكمية كافية، فبعض الأراضي توجد على منحدرات لا تصلها أشعة الشمس إلا ساعات قليلة في اليوم.
6. زراعة النصوب على مسافات لا تقل عن سبعة أمتار.
7. أن تكون حفر الزراعة كبيرة قدر الأمكان والأفضل أن يتم ذلك آلياً كي يصل عمق الحفرة الى متر اذا أمكن ذلك.
8. أن يتم وضع كمية من السماد العضوي المتخمر في أسفل الحفرة وخلطها بالتربة السطحية مع حفنة (حوالي 100 غرام) من الفوسفات لتسريع نمو الجذور.
9. اختيار نصوب سليمة قوية (عمرها سنتان أو ثلاث سنوات) ذات مجموع جذري كامل وقوي، حيث أن في بعض الأحيان يكون حجم النصوب الخضري كبيراً ولكن المجموع الجذري قد تمّ قطعه ولم يبقَ منه سوى بعض النموات الجذرية البسيطة داخل وعاء الغرسة المعدّة للبيع.
10. أن يتم ريّ النصوب في السنوات الثلاث الأولى للزراعة على الأقل لتسريع النمو والوصول خلال فترة زمنية أقل الى مرحلة الانتاج.
11. أن لا يتم تقليم النصوب المزروعة إلا بعد ثلاث سنوات من الزراعة، حيث نبدأ بتربية الشجرة واعطائها الشكل المرغوب.
12. شرط يجب إضافته ولو لم يكن زراعياً وهو أنه يجب مراعاة مستقبل المنطقة المراد زراعتها من حيث التمدّد العمراني وانشاء الطرق وغيرهما، لأن الإنتاج الاقتصادي لشجرة الزيتون يبدأ بعد عشر سنوات من الزراعة.

المعاملات الزراعية الجيدة في بساتين الزيتون
إن شجرة الزيتون هي شجرة حرجية تستجيب للخدمات الزراعية (ريّ، تقليم، تسميد)، فيصبح بالإمكان زيادة انتاجها لتصبح شجرة اقتصادية، أي ذات مردود أعلى من مجموع التكاليف الضرورية لإتمام عمليات الإنتاج والقطاف والعصر.
عندما نقول إن شجرة الزيتون هي شجرة حرجية يعني ذلك أن هناك توازناً طبيعياً في بساتين الزيتون بين العوامل الممرضة والحشرات الضارة وبين أعدائها الطبيعية. وأن أي خطأ يتم ارتكابه يؤدي الى خلل في هذا التوازن يستوجب معالجة مكلفة وأحياناً دائمة تجعل المردود أقل من التكاليف، وبالتالي تصبح زراعة الزيتون غير ذات جدوى اقتصادية فيتم اهمالها ومن ثم اقتلاعها واستبدالها بزراعات أخرى. ومن هذه الأخطاء:

زراعة الزيتون من أقدم الزراعات في جبل لبنان
زراعة الزيتون من أقدم الزراعات في جبل لبنان

أ- زراعة أشجار أخرى بين أشجار الزيتون كالدراق والتفاح والإجاص وغيرها فتنتقل الأمراض والحشرات من هذه الأشجار الى أشجار الزيتون.
ب- القيام بعملية المكافحة التي تعتمد التغطية الشاملة وخاصة بالمبيدات الحشرية التي تقتل كل أنواع الأعداء الطبيعية، فتنشأ سلالات مقاومة من الحشرات لا ينفع معها المكافحة الكيميائية ولا توجد أعداء طبيعية لإفتراسها أو إفتراس بيوضها فتتكاثر بشكل هائل، كما يحصل في الحشرة القشرية السوداء على الزيتون التي تكون أعدادها محدودة جداً، وبعد المكافحة المستمرة تغطي الشجرة وتقوم بإفراز مادة عسلية ينمو عليها الفطر الأسود فتصبح أشجار الزيتون كتلة سوداء دبقة لا يمكن حتى الإقتراب منها لوجود أعداد هائلة من الزراقط والدبابير والحشرات الأخرى التي تجذبها المادة السكرية.
ت- إعتماد برامج المكافحة الموضوعة مسبقاً دون الأخذ في الاعتبار العتبة الاقتصادية للآفة المطلوب مكافحتها.
ث- عدم دراسة الأثر البيئي لأي عملية سيتم القيام بها داخل أو حول بساتين الزيتون.
أما المعاملات الزراعية الجيدة فهي معاملات يجب أن تكون متكاملة كي نحصل على النتائج المرجوة، كما يجب القيام بكل عملية في وقتها المحدد وبمواصفاتها المحددة. وهذه المعاملات هي:
1. الريّ: لقد أعطيت هذه المعاملة الرقم واحد نظراً لأهميتها، حيث تتطلب زراعة الزيتون ريّاً تكميلياً في فترتين مهمتين.
الفترة الأولى هي فترة الإزهار وتكوُّن الثمار في أشهر نيسان وأيار، وفي هذه المرحلة تكون المياه ما زالت متوافرة بعد فصل الشتاء مباشرة.
الفترة الثانية هي نهاية شهر آب وبداية شهر أيلول، ولكن في هذه المرحلة تكون المياه غير متوافرة بسهولة ولكن تأمينها لأشجار الزيتون يؤدي الى مردود اقتصادي عالٍ يتمثل بزيادة كمية الزيت الناتج وزيادة حجم الثمار.
أما المحافظة على مياه الأمطار وتسهيل تغلغلها في التربة الى منطقة الجذور فيتم عن طريق الحراثة الخريفية والحراثة الربيعية.
ملاحظة: يمكن الاستغناء عن الحراثة اذا قمنا بتأمين الكمية الكافية من الرطوبة في منطقة الجذور عن طريق الريّ بالتنقيط مثلاً.
إن المياه عامل محدد لكمية ونوعية الانتاج، فيجب دائماً التعويض عن النقص في مياه الأمطار بالريّ التكميلي المناسب والمدروس في كل سنة وفي كل مرحلة.
2. التقليم: إن الشكل النموذجي لشجرة الزيتون هو شكل الشمسية التي تقترب أغصانها الطرفية من ملامسة سطح الارض، وخاصة أثناء فصل الخريف أي قبل القطاف. المطلوب من عملية التقليم هو تأمين:
أ- أكبر كمية من الطرود التي ستحمل موسم السنة التالية.
ب- تقليل كمية الخشب في الأشجار المعمرة بشكل تدريجي وليس في سنة واحدة.
ت- ازالة الأغصان الداخلية والمتشابكة واليابسة وحرقها بعد أن تكون قد شكلت ملجأً لحشرة خنفساء فروع الزيتون.
3. التسميد: يتطلب التسميد توفّر الكميات الكافية من المياه وإلا أدى ذلك الى نتائج عكسية على نمو الشجرة وعلى انتاجها. فكلما أمكن تأمين كمية أكبر من المياه أمكن زيادة كمية الأسمدة المضافة، والتسميد يمكن أن يكون بأشكال متعددة منها:

شجرة الزيتون هذه تمت تربيتها بصورة صحيحة فهي غنية بالنموات الخضرية التي تحمل الثمار كما أن أغصانها قريبة من الأرض ويمكن بصورة عامة قطافها من دون صعوبة
شجرة الزيتون هذه تمت تربيتها بصورة صحيحة فهي غنية بالنموات الخضرية التي تحمل الثمار كما أن أغصانها قريبة من الأرض ويمكن بصورة عامة قطافها من دون صعوبة

أ- إضافة الأسمدة العضوية المتخمرة وخاصة زبل البقر والماعز ويتم ذلك بحفر خندق حول الشجرة بعيداً عن جذعها بعمق حوالي 30سم وعرض حوالي 50 سم، حيث يتم وضع السماد في الخندق وخلطه بالتربة ثم تغطيته بالتراب،كما يمكن إضافة حوالي 4-2 كلغ للشجرة من السماد المركب NPK فيخلط مع السماد العضوي ويطمر معاً، ويمكن أن تتم هذه العملية مرة كل سنتين.
ب- التسميد الآزوتي في نهاية شهر شباط حيث يتم نثر حوالي 4-3 كلغ من سلفات الأمونياك تحت المجموع الخضري للشجرة قبل بدء سقوط الأمطار مباشرة، وعادةً يتم ذلك في سنوات الحمل.
ث- إضافة الأسمدة الكيميائية الذوابة عبر أنابيب الريّ في المواعيد السابقة نفسها على أن تكون كمية المياه كافية لوصول السماد الى منطقة الجذور.
ملاحظة: إن زيادة التسميد الكيميائي تؤدي الى زيادة كمية الإنتاج وزيادة عدد الثمار، ولكن يقابل ذلك انخفاض في نسبة الزيت الناتج وكبر حجم النواة بالنسبة للمادة الشحمية المغلفة لها فتزداد كلفة القطاف والنقل والعصر وتنخفض نسبة الزيت الناتج. لذلك يجب إضافة الأسمدة الكيميائية وخاصة المركبة باعتدال، كما أن زيادة التسميد الآزوتي تؤدي الى كثافة النمو الخضري وضعف مقاومة الأشجار للأمراض والآفات المختلفة، وعدم وصول أشعة الشمس الى داخل الشجرة لذلك يجب ايضاً إضافة الأسمدة الآزوتية باعتدال.
4. القطاف: إن أكثر العمليات الزراعية كلفة في زراعة الزيتون هي القطاف حتى أنه يتم في لبنان ضمان بساتين الزيتون بشكل يحصل فيه الضامن على 50 % من الانتاج مقابل فقط القيام بعملية الجني. إن جني الزيتون يجب أن يتم من دون الحاق الأذى بالثمار ومن دون تكسير النموات الطرفية التي ستحمل موسم السنة التالية، وأفضل طريقة قطاف هي القطاف اليدوي باستخدام الأمشاط اليدوية ولكنها عملية مكلفة لذلك يتم اللجؤ الى طرق أخرى كاستخدام الفراطة الآلية والعصا وهز الأغصان.

الحدّ من خطر بعض العوامل الممرضة والحشرات الضارة
من أبرز المهمات التي يجب أن ينتبه إليها المزارع في هذا المجال ما يلي:

أهلاً بشيـخ السفــرة
أهلاً بشيـخ السفــرة

الحدّ من ضرر الإصابة بذبابة ثمار الزيتون: إن الصيف الحار الطويل يحدّ من تكاثر ذبابة ثمار الزيتون، وبالتالي يخفف من ضررها أحياناً بشكل كامل، بينما الصيف المعتدل الحرارة يساعد على تكاثر الذبابة وانتشار خطر الإصابة، فيجب مراقبة ذلك عن طريق المصائد المختلفة الأنواع، وعن طريق معرفة نسبة الثمار المصابة وعندما تقترب هذه النسبة من 4-3 % نقوم برش جزء من الجهة الجنوبية من الشجرة المواجهة للشمس بمزيج مركز من المادة الجاذبة (هيدروليزات البروتين) والمبيد الحشري ديمتوات. وفي كل الأحوال يجب القيام بالقطاف المبكر اذا كان الطقس مساعداً لانتشار الذبابة واذا كنا لا نرغب بوجود بقايا الديمتوات في الزيت الناتج لأن فترة الأمان عند المكافحة بالديمتوات هي عشرين يوماً على الأقل من تاريخ المكافحة.
الحدّ من ضرر الفطر المسبب لمرض عين الطاووس: عندما تكون الأشجار ضعيفة وغير مقلمة وعندما تكون الرطوبة عالية جداً في بطون الأودية ينتشر مرض عين الطاووس بشكل يمكن أن يؤدي الى تعرية قسم كبير من الشجرة، وذلك بسبب جفاف الأوراق المصابة وسقوطها، ولكن الأشجار القوية والمقلّمة والموجودة على السفوح المشمسة لا يشكل سقوط نسبة من أوراقها حالة تستوجب المكافحة.
إذا كانت الحالة تستوجب المكافحة، فإن ذلك يتم بالمبيدات النحاسية بعد القطاف في فصل الخريف شرط أن لا يلي الرش سقوط الأمطار، ويمكن أن يعاد الرش في بداية فصل الربيع قبل تفتح الأزهار.
الحدّ من ضرر البكتيريا المسببة لمرض سل الزيتون: يجب قص الأفرع المصابة وحرقها مباشرة على أن يتم تطهير وسيلة القص بمادة مطهرة بعد كل قطع، لأن البكتيريا تنتقل بواسطة وسائل القطع مسببة انتشار الإصابة في الأفرع السليمة.
الحدّ من ضرر خنفساء فروع الزيتون: نقوم بتقليم بعض الأفرع المطلوب تقليمها ونبقيها في البستان لتشكّل مصيدة لخنفساء فروع الزيتون، وعندما تظهر الثقوب على الأفرع المقلّمة معنى ذلك أن الحشرات أصبحت بداخلها فنقوم بحرقها مباشرةً.
أمّا عثة الزيتون وبسيلا الزيتون ونمشة الزيتون السوداء، فالأعداء الطبيعية كفيلة بالتحكم بأعدادها وعدم وصولها الى العتبة الاقتصادية إلا إذا قمنا بالأخطاء التي ذكرناها سابقاً.

إن بساتين الزيتون المنتشرة على سفوح جبالنا والتي كانت تعطي آلاف الأطنان من ثمار الزيتون يجب أن تعود الى انتاجها الأمثل، ويجب أن تشكّل مصدر أمان اقتصادياً لأجيالنا المقبلة. فلماذا لا يُخصص جزء من الرساميل الهائلة التي نضعها في قطاعات أخرى كالعمران والسياحة والخدمات لقطاع الزراعة ؟ فالزراعة، ومنها زراعة الزيتون هي ما يجب أن يتوجّه اليه اهتمامنا في السنوات المقبلة اذا كنا نريد لأولادنا حياة كريمة على أرض بلادهم وأجدادهم.

زراعة الكستناء في الجبل

زراعة الكستناء في الجبل

معدل إنتاج شجرة الكستناء المتوسطة الحجم
قد يصل إلى 150 كلغ في حالة التلقيح الكامل

الصين أكبر منتج للكستناء في العالم
واستيراد لبنان يزيد على 3200 طن سنوياً

تحب الماء وتحتاج إلى معدل أمطار سنوي لا يقل عن 800 ملم
وعدم ريها قد يضرها ويؤدي إلى جفاف وتساقط العديد من ثمارها

تتابع “الضحى” في هذا العدد تسليط الضوء على الزراعات الاقتصادية التي يمكن تطويرها في الجبل والتي يمكن أن تشكّل أساساً لمردود اقتصادي مجز للمزارع ومدخلاً لإحياء الاقتصاد الزراعي والإنتاجي وإعادة الاعتبار للأرض كمصدر لإعالة الأسر وتأمين استقرار المواطنين في قراهم. لقد بينا في السابق أن تراجع الاقتصاد الزراعي يعود إلى أسباب منها هيمنة الملكيات الصغيرة وعدم وجود خطة لدعم الزراعة وضعف الإرشاد والدعم بالخبرات، لكننا شدّدنا أيضاً على أن تراجع الجدوى الاقتصادية للزراعة يعود أيضاً إلى ضعف الاستثمار والاقتصار على عدد من “زراعات الكفاف” وغياب نشاطات البحث والتطوير وعدم استكشاف أصناف جديدة يمكن أن تكون أكثر جدوى وملاءمة للمناخ وللشروط الجغرافية والطبيعية، وأوردنا في الأعداد السابقة أبحاثاً حول زراعة الأصناف الجديدة من التفاح وزراعة الكيوي باعتبارهما من البدائل الواعدة اقتصادياً ، ونحن نورد في هذا العدد بحثاً عن زراعة الكستناء التي يمكن اعتبارها من الزراعات الاقتصادية التي توفّر للمزارع مردوداً طيباً مع أقل قدر ممكن من المعاملة أو الصيانة.

منشأ الكستناء
إختلفت الآراء حول الموطن الأصلي لأشجار الكستناء، إلا أننا نعلم أنها استخدمت كغذاء أساسي منذ أكثر من 400 عام قبل الميلاد في اوروبا، وهي وجدت في المنطقة الشمالية من الكرة الأرضية خاصة في أوروبا والصين واليابان وشمال القارة الأميركية. أما في يومنا الحاضر فإن زراعة أشجار الكستناء تزدهر في مناطق عديدة حول العالم نظراً لفوائدها الغذائية والاقتصادية، إذ أن شجرة الكستناء تثمر بصورة منتظمة في كل سنة اعتباراً من عمر 25 سنة إذا كانت الأشجار من أصل بذرة ومن دون تطعيم وابتداءً من 4 سنوات إذا كانت الأشجار مطعمة من الصنف الأوروبي الاقتصادي (Castanea sativa).
وتعتبر الكستناء من الأشجار المعمّرة المتوسطة العلو الى المرتفعة، وهي تعيش بصورة طبيعية في المناطق الجبلية متوسطة الارتفاعات والتي يزيد ارتفاعها على 600 متر عن سطح البحر وتتحمّل أشعة الشمس والحرارة العالية، كما تتحمل الصقيع والثلوج في فترة السكون. وشجرة الكستناء تعطي انتاجاً افضل في المرتفعات التي يكون شتاؤها بارداً، وتعتبر من الأشجار النافرة للكلس، إذ لا تناسبها الأتربة الغنية بكربونات الكالسيوم والتي تقترب فيها نسبة الكلس الفعّال من 2 إلى %3.

خصائص الشجرة
تتصف أشجار الكستناء بشكلها الجميل وبحجمها الكبير بحيث يمكن أن يصل ارتفاعها إلى 30 متراً كما أنها شجرة معمّرة يمكن أن تعيش لآلاف السنين اذا زرعت في بيئة ملائمة من حيث عمق وخصوبة التربة والري والمعاملة، وهي ذات أغصان منبسطة، قشرتها ملساء، الأوراق بسيطة متبادلة ذات عنق قصير، بيضوية الشكل متطاولة يصل طولها الى 25 سم ذات أسنان كبيرة. لون الوجه السفلي للأوراق أخضر غامق، أما البراعم فضخمة مروَّسة ملساء وتنمو الأزهار المذَّكرة بشكل نورات خيطية و طويلة لونها أصفر فاقع، أما الأزهار المؤنثة فهي بدون عنق و تقع عند قاعدة الأزهار المذكرة.
لا تعطي أشجار الكستناء إنتاجها منفردة لأنها بحاجة إلى ملقح مساعد، وفي الماضي كانت أشجار الكستناء تعرف بكونها تحتاج إلى جنسين: أنثى وذكر. لكن في الواقع، شجرة الكستناء تحمل اعضاء التذكير والتأنيث معاً انما تحتاج لمساعدة اضافية للتلقيح من اشجار اخرى. أما التلقيح فيتم بواسطة النحل والهواء. الثمار كبيرة (قطرها 5 – 11 سم) ذات غلاف خشبي قاسي بني اللون ومحاطة بالقنّاب ذي الزوائد الشوكية والذي ينفتح بواسطة مصراعين أو أربعة، يتراوح عدد الثمار داخل كل قناب من 7-1. اشجار الكستناء متساقطة الأوراق، مقاومة للجفاف والرطوبة والآفات الزراعية نوعاً ما. تشبه بعض الأشجار الحرجية التي تحمل ثماراً غير صالحة للأكل وبعضها سام للإنسان.

أصناف الكستناء
تنتمي شجرة الكستناء الى مجموعة أشجار الجوزيات مثل البندق والفستق الحلبي واللوز والجوز والبلوط، وتتميز ثمارها بغلافها الخشبي. وهي تتوزّع على 4 أصناف رئيسية: الأوروبية والصينية واليابانية والأميركية.
• الفصيلة الأوروبية: الكستناء الحلوة (Castanea Sativa) والمعروفة ايضاً بالكستناء الإسبانية وهي الصنف الوحيد في أوروبا. وتمّ ادخاله بنجاح الى الهملايا ومناطق اخرى من آسيا.
• لفصيلة الآسيوية: الكستناء اليابانية (Castanea Crenata)، الكستناء الصينية (Castanea Mollissima)، (Castanea Davidii)، (Castanea Henryi) المعروفة ايضاً (Chinese Chinkapin) و(Castanea Seguinii).
• الفصيلة الأميركية: (Castanea Dentata)، (Castanea Pumila)، (Castanea Alnifolia)، (Castanea Ashei)، Castanea Floridana) و(Castanea Paupispina).

المتطلبات البيئية
الحرارة: تحتاج أشجار الكستناء الى فترة سكون وراحة في فصل الشتاء لا تقل عن أربعة اشهر يرافقها صقيع وثلوج وانخفاض في درجات الحرارة الى اقل من 5 درجات مئوية فوق الصفر وهي تتحمل درجة حرارة منخفضة حتى 30 درجة مئوية تحت الصفر. أما في فصل الربيع عند مرحلة انفتاح البراعم والتفريع (الطرود) فتتأثر الشجرة بالحرارة المتدنية والصقيع على الرغم من أن الكستناء من الاشجار التي تتأخر في تفتح البراعم الخضرية ومن ثم البراعم الثمرية، كما انها تنمو وتنتج بشكل أفضل في السنين الحارة صيفاً.
التربة: تنمو أشجار الكستناء في التربة العميقة والغنية بالمواد الغذائية ذات نسبة رطوبة مرتفعة نسبياً، الجيدة الصرف والقليلة الحموضة أي بمعدل حموضة 5.5 – ph 6.0، والرملية أو الطميية أو الصوانية.. أما الاتربة التي لا ينمو فيها الكستناء فهي الكلسية والقلوية والقليلة العمق.
الضوء: تحتاج اشجار الكستناء الى أشعة الشمس المباشرة مما يعني إنتاجاً اكثر. فهذا يدل على أن زراعة هذه الشجرة يجب أن تكون متباعدة نسبياً. فالاشجار القريبة من بعضها البعض لدرجة تشابك الاغصان تمنع وصول أشعة الشمس وبالتالي لا إنتاج. وان كان لا بدّ من زرع الاشجار متقاربة، فيجب تقليمها بشكل كثيف أو حتى إزالة شجرة بعد فترة.
الري: اشجار الكستناء محبة للمياه، تحتاج إلى معدل أمطار سنوي لا يقل عن 800 ملم. اما في المناطق التي لا يصل تساقط الامطار الى هذا المعدل، فيجب ريها في فصل الصيف، فتستجيب وتنمو بشكل أفضل ولا سيما ريها عبر نظام الري بالتنقيط لتشجيع نمو الجذور. ان نقص المياه عن شجرة الكستناء يضر النبتة بشكل عام والثمار خاصة بحيث تؤدي إلى جفاف وتساقط عدد لا يستهان به من ثمارها، وبالتالي يفقدها نضارتها وجودتها ويجعل من الصعب تسويقها تجارياً. والكمية التي تحتاجها اشجار الكستناء خلال شهري تموز وآب حوالي 30 الى 50 لتراً خاصة الأشجار الحديثة الزرع كي تكوّن مجموع جذري يستطيع مقاومة الجفاف.
إكثار الكستناء
تتكاثر الكستناء بطرق عديدة أهمها:
• البذرة (حبة الكستناء): تزرع بذور الكستناء في شهري كانون الثاني وشباط ضمن أوعية خاصة أو في المشاتل على خطوط. تصبح في العام الثاني جاهزة للتطعيم بالأصناف المرغوبة اقتصادياً لأن الاشجار الناتجة عن البذرة تبدأ بالانتاج بعد 25 عاماً.
• التطعيم: يتم تطعيم نبتة الكستناء بالرقعة او بالعين خلال شهري حزيران وتموز.
• العقل: تؤخذ العقل من أشجار معروفة بانتاجها الوفير ونموها الجيد ومقاومتها للآفات والجفاف ومرغوبة اقتصادياً في فصل الربيع من فروع العام السابق بطول 25 الى 35 سم، تغمس الجانب السفلي بهرمون التجذير وتزرع في الأوعية المجهزة.

تقليم الكستناء
لا تحتاج الاشجار المغروسة بشكل منتظم حسب المسافات (8 – 10 م) تقليماً جائراً. وتقتصر عملية التقليم على إزالة الفروع والأغصان المتزاحمة والمتشابكة والمريضة أو التي تكسرت من جرّاء تراكم الثلوج عليها.

يمكن لشجرة الكستناء تحمّل درجة حرارة حتى 30 درجة مئوية تحت الصفر وهي تنتج بشكل أفضل في السنين الحارة صيفاً

شجرة الكستناء معمرة ويمكن أن يزيد ارتفاعها على عشرين متراً
شجرة الكستناء معمرة ويمكن أن يزيد ارتفاعها على عشرين متراً

تسميد الكستناء
إن تغذية أشجار الكستناء ضرورية خاصة الأسمدة العضوية على أنواعها مثل السماد الحيواني المخمّر (روث الأبقار والماعز والخيل الأغنام والدواجن، والأسمدة النباتية: (النباتات القرنية- فول، عدس، حمص، بازيلاء، الباقي والبرسيم). والتي تثبّت الآزوت الجوي بواسطة الدرنات البكتيرية الموجودة على جذورها.

لا حاجة للأسمدة الكيماوية في زراعتها
من المفضل تسميد الكستناء بالأسمدة العضوية قبل الشتاء أي مرحلة الإزهار تحرث الأرض وتخلط هذه النباتات معها لأنها تكون درناتها مشبّعة بالآزوت المفيد جداً للنبات خاصة للنمو الخضري، وتساهم أوراق الأشجار والحشائش وبقايا مصانع الأوراق والأخشاب (نشارة)، تساهم جميعها في الحفاظ على رطوبة التربة وتكاثر الكائنات الحية الدقيقة (البكتيريا الايجابية) التي تُفكِّك وتحلل وتحوّل المواد الغذائية لامتصاصها من قبل جذور الأشجار. توضع هذه الأسمدة خلال فصل الخريف حول جذع الشجرة على مسافة متوازية مع تفرع اغصانها في خندق يحفر بعمق 20 سم ليصبح هذا السماد قريباً من الشعيرات الماصة لجذور الشجرة وفي متناولها. اما استخدام الأسمدة الكيماوية فغير ضروري، لكن إذا كانت الأرض فقيرة بعض الشيء يضاف إليها القليل من الـNPK 20-20-20 (الآزوت – الفوسفات – البوتاس) الذوابة توضع مع مياه الري بالتنقيط، أما حاجة شجرة الكستناء المتوسطة الحجم وبعمر حوالي 40 عاماً من هذا السماد فهي 500 غرام تقريباً. لكن بعد ثلاث سنوات من الغرس لا تحتاج لأكثر من 100 غرام منه.

آفات الكستناء
أهم الأمراض التي تعتري أشجار الكستناء هي التالية:
1. لفحة الكستناء يسببها فطر يدعى (Cryphonectria
Parasitica).
2. الحشرات: وأولها دودة الثمار التي تسببها خنفساء تدعى
(Curculio Elephas).
3. حشرات العِثّ التي تصيب الأوراق والفروع.

مكافحة آفات الكستناء
حتى تاريخه لا توجد مكافحة خاصة بأشجار الكستناء لأن غالبية الشتول والنصوب المستوردة من الخارج أوروبية المنشأ وهي مقاومة لتلك الآفات، لذا ننصح بغرس الصنف الأوروبي لأنه مقاوم للجفاف ويتأقلم مع طبيعة بلادنا وتربتها.

الصنف الأوروبي أفضل لأنه مقاوم للجفاف والآفات ويتأقلم بسرعة مع طبيعة بلادنا وتربتها
الصنف الأوروبي أفضل لأنه مقاوم للجفاف والآفات ويتأقلم بسرعة مع طبيعة بلادنا وتربتها

آفات الكستناء
أهم الأمراض التي تعتري أشجار الكستناء هي التالية:
1. لفحة الكستناء يسببها فطر يدعى (Cryphonectria
Parasitica).
2. الحشرات: وأولها دودة الثمار التي تسببها خنفساء تدعى
(Curculio Elephas).
3. حشرات العِثّ التي تصيب الأوراق والفروع.

مكافحة آفات الكستناء
حتى تاريخه لا توجد مكافحة خاصة بأشجار الكستناء لأن غالبية الشتول والنصوب المستوردة من الخارج أوروبية المنشأ وهي مقاومة لتلك الآفات، لذا ننصح بغرس الصنف الأوروبي لأنه مقاوم للجفاف ويتأقلم مع طبيعة بلادنا وتربتها.

إنشاء بستان الكستناء
البنية الأساسية: بعد اختيار الموقع المناسب لزراعة الكستناء من حيث صلاحية الأرض للزرع (بحيث لا تميل إلى التربة الكلسية) كما ذكرنا سابقاً في المتطلبات البيئية من التربة العميقة الجيدة الصرف والغنية بالمعادن والمواد الغذائية، قرب الأرض من طريق زراعية أو يتم شقها لتسيهل الأعمال الزراعية (حراثة، تسميد، شبكة ري، قطاف المحصول) أو تأهيل نبع مياه او إنشاء بركة لتجميع مياه الشتاء (بركة ترابية أو تصنع من الإسمنت).
مواعيد النقب: تنقب الأرض خلال الفترة الممتدة بين شهري آب وأيلول، بعد تدني نسبة الرطوبة في الأرض، وقبل هطول الأمطار لضمان عدم استمرارية النباتات البرية وعدم تكتل التربة في حالة الرطوبة المرتفعة. تنقب الأرض على عمق 90 الى 120 سم، تنظف من الصخور والأحجار الكبيرة الحجم (لانشاء الجدران او للإستفادة منها في أغراض أخرى (كاستخدامها لتحديد الأرض أو بيعها) والنباتات وجذور الاشجار البرية الكبيرة ان وجدت، انشاء الجدران في حال كانت الأرض منحدرة. تحرث الأرض بواسطة الجرار (سكة جنزير) حراثة متوسطة على عمق حوالي 45 سم. تساعد هذه الحراثة على رفع ما تبقى من أحجار متوسطة وصغيرة الحجم وتسوية سطح التربة نوعاً ما، ثم تفرم بواسطة الفرامة (العزاقة) لتكسير وتنعيم وتسوية سطح التربة.
تخطيط الأرض: يتم تقطيع أو تقسيم الأرض إلى خطوط وتحديد موقع الغراس مع الأخذ بالإعتبار المسافة بين الشجرة والأخرى وبين الخط والخط. إن افضل وانسب الأشكال الهندسية لزراعة الاشجار المثمرة بشكل عام هي المثلث والمربع. فإذا كان الشكل المعتمد من قبل المزارع “المربع”، نأخذ نفس المسافة بين الشجرة والاخرى وبين الخط والآخر من 8 الى 10 امتار، في الصنف الاوروبي. اما اذا كان الشكل “المثلث” والمفضل والذي يتسع الى عدد أكبر من الأشجار، تبقى المسافة بين الشجرة والأخرى نفسها بينما تنخفض المسافة بين الخط والآخر الى أقل من ذلك أي من حوالي 6 الى 8 امتار. تحفر الجور في المكان المحدد لها على عمق 50 سم وعرض 50 سم، ويوضع 2 كلغ تقريباً من السماد العضوي المخمر في قاع الحفر بالإضافة الى حوالي 100 غرام من السوبر فوسفات الثلاثي وخلطها مع التراب في قاعها.
غرس الأشجار: تغرس أشجار الكستناء في الحفر المهيئة على ان تكون مستقيمة ويجب ان تكون منطقة الإلتحام (الإتصال) بين الأصل (المطعم عليه) والمطعوم على مستوى سطح التربة حتى نمنع حدوث انبات فروع من الأصل اذا ما كان مرتفعاً عن سطح التربة، وعدم السماح للطعم من انبات الجذور اذا ما طمرت منطقة الطعم تحت سطح التربة، ويؤدي ذلك الى عدم مقاومتها للأمراض والجفاف وعدم قدرتها على تكوين مجموع جذري كبير.

جوزة الكستناء قبل تفتحها عن حبات الكستناء الثمين
جوزة الكستناء قبل تفتحها عن حبات الكستناء الثمين

إنتاجية أشجار الكستناء
تتميز اشجار الكستناء بغزارة انتاجها، اذ يصل معدل انتاج الشجرة الواحدة متوسطة الحجم الى حوالي 150 كلغ في حالة التلقيح الكامل، وتنخفض الانتاجية كثيراً في الاشجار التي لا تزورها حشرات النحل لعدم تلقيحها.
وتعتبر ايضاً شجرة الكستناء، بالإضافة لكونها شجرة مثمرة، شجرة خشبية إنتاجية. فخشبها يشبه خشب البلوط غير أنه يختلف عنه بكون الأشعة الخشبية عند الكستناء تكون رفيعة جداً بدلاً من أن تكون سميكة، لذلك يصلح خشب الكستناء لصنع الركائز وبعض المنازل والمزارع الصغيرة والبراميل الخشبية التي تستعمل في تخمير الكحول وألواح الخشب المضغوط. يتم زرع الكستناء أيضاً كشجرة لتشجير الأراضي بشكل أسيجة، أو تُزرع حول الحقول كصادات للرياح، أو تُزرع بشكل مجموعات ضمن الغابات الحرجية نظراً لمقاومتها للحرائق.

الفوائد الغذائية والطبية
تعدّ ثمار الكستناء مصدراً غذائياً مهماً وهي لا تقل أهمية من حيث القيمة الغذائية عن القمح و الذرة. فقد كانت تسمى “أكل الفقراء” واعتمدت قبل اكتشاف البطاطا وطحين القمح كمصدر اساسي للكربوهيدرات Carbohydrates وكانت تقدم حتى على موائد الملوك. وتتميز الكستناء عن غيرها من المكسرات بأنها قليلة الدهون، وذات محتوى عال من النشاء وحلوة المذاق، ويمكن تناولها كطبق جانبي بنكهة خفيفة إما مسلوقة أو مشوية، كما كانت تؤكل كحلوى بعد أن تغمر بماء الورد أو بالنبيذ (في ايطاليا) وغالباً ما تتم اضافة الكستناء الى الحساء او حشوات الطعام والكاتو وتتواجد ثمارها بشكل كبير وطازج في فصل الشتاء، إلا ان هناك أنواعاً مقشرة ومعلّبة على مدار العام.
تحتوي ثمار الكستناء الطازجة على حوالي 180 سعرة حرارية (800 كج) لكل 100 غرام من الأجزاء الصالحة للأكل، وهذا أقل بكثير من الجوز واللوز والمكسرات الأخرى (التي تحتوي حوالي 650 إلى 700 Kcal بكل 100 غرام). ولا تحتوي الكستناء على الكوليسترول بل على القليل من الدهون غير المشبعة في معظمها، كما لا تحتوي على الغلوتين (مادة بروتينية موجودة في الدقيق تسبب حساسية لدى بعض الناس). وتتميز منفردة بين مجموعة الجوزيات باحتوائها على 40 ملغ من فيتامين “س” بكل 100 غرام. (عند استهلاكها نيئة)، وهي تحتفظ بـ 60 % من الفيتامين بعد شيّها. ويعود حفظ الكستناء للفيتامين “س” رغم تعرضها للنار لقشرتها السميكة التي تمنع التقاء لبها بالهواء وبالتالي تأكسدها، وتحوي الكستناء على ضعف نسبة النشاء التي تحتويها البطاطا وحوالي 8 % من السكريات المختلفة أهمها: السكروز، الغلوكوز، الفركتوز، وكميات قليلة من الرافينوز والستاشيوز.
وتحتوي الكستناء على نسب لا بأس بها من الأملاح المعدنية كالصوديوم والكالسيوم والكلور والمغنيسيوم والكبريت والبوتاسيوم، وهي في ذلك من أكثر النباتات التي تحتوي على هذه الأملاح. ونظراً لهذه الخاصية فإن الكستناء تعتبر غذاءً جيداً للأطفال بما تحتويه من العناصر الغذائية الضرورية، كما أن البوتاسيوم يوجد بكمية تعادل ضعف ما يحويه القمح.
وهناك كثيرون يشكون من أن الكستناء صعبة الهضم، وإنها تسبب لهم الانتفاخ والتجشؤ والغازات.
حقيقة الأمر أن الكستناء صعبة الهضم فعلاً بسبب احتوائها على النشاء بنسبة عالية جداً. ومن المعروف أن الطبيعة تقدّم لنا النشاء بصورة معقدة، لا نستطيع الإستفادة منها إلا إذا حولناها إلى مواد أقل تعقيداً، وتقوم عادة مادة البتيالين الموجودة في لعاب الإنسان بهذه المهمة، ثم تكمّل العصارات المعوية هضمها. فإذا ما ابتلع المرء الكستناء قبل أن يمضغها جيداً لسبب أو لآخر، اعترضت عصارات الإمعاء سبيل الكستناء وشنت عليها هجوماً مركزاً لتفتيتها.
ويوصى بتناول الكستناء لمن يعانون من حالات الهزال (الضعف العام)، حيث أنها تفيد في اعادة بناء أنسجة الجسم. وتعدّ الكستناء أفضل وسيلة بناء للعضلات لاحتوائها على العناصر الغذائية.
وتفيد الكستناء ايضاً في علاج تقيح الاسنان والعناية باللثة. وتستخدم اوراق الكستناء في علاج حالات الحمّى. كما تستخدم في علاج حالات السعال الديكي والتشنجي وحالات التهاب الجهاز التنفسي، بالاضافة الى أن الكستناء تعمل على إعادة اصلاح الثقوب الميكروبية والتسرب في الأوعية الدموية والعشيرات الدموية، كما انها تعمل على جعل الأوردة الدموية أكثر مرونة وبالتالي تمنع تورمها.

جبال لبنان العالية مناسبة جداً لزراعة الكستناء
جبال لبنان العالية مناسبة جداً لزراعة الكستناء

نضج ثمار الكستناء خلال شهري أيلول وتشرين الأول من كل عام. قبل حلول موعد القطاف، من الأفضل، تنظيف الأرض تحت أشجار الكستناء من الأعشاب واوراق الأشجار المتساقطة لكي يتم رؤية الثمار بشكل أفضل بعد تساقطها على الأرض. أما طرق القطاف الشائعة فلا زالت يدوية في الغالب. وينصح عدم قطاف الثمار قبل نضجها خاصة بواسطة آلات القطاف التي تعمل على هز الأشجار او الضرب عليها بالمفاريط. ويستدل على مرحلة النضج عند الكستناء من بدء الثمار بالتساقط وعندما يصبح لون الحاضن الشوكي للثمار بني اللون، ونسبة الثمار البنية من 80 الى 90 % تقريباً. ومن المفضل، عدم ترك الثمار المتساقطة على الأرض لفترة طويلة تجنباً لجفافها. ولا تؤذي الرطوبة الثمار خلافاً لبعض المعتقدات. مثلاً في بعض دول أوروبا، توضع ثمار الكستناء بعد جمعها من دون الغلاف الشوكي في المياه لمدة أسبوع وذلك قبل حفظها لمراحل التسويق.

حفظ الكستناء
للحفاظ على ثمار الكستناء طازجة لبضعة أشهر بدون أي تبريد وحسب الطرق التقليدية، يتم نقع ثمار الكستناء في مياه باردة لحوالي 20 ساعة مباشرة بعد القطاف، ثم توضع في الظل لتنشف من المياه. تنقل من بعدها الى غرف الحفظ حيث يتم وضع طبقة من الرمل الرطب بسماكة 10 سم في قاع الغرفة ثم صف او صفين من ثمار الكستناء، وبالتوالي طبقة اخرى من الرمل ثم الكستناء مع الحفاظ على سماكة الرمل والثمار على ان لا يزيد ارتفاع الطبقات على 60 سم.
اما الطرق الحديثة التي تحدّ من انتشار الفطريات وخاصة المسببة للإهتراء والتي تمنع فقدان الوزن، فتوضع ثمار الكستناء في احواض خاصة مغلفة بقطع من البلاستيك الشفاف موصولة على اجهزة تتحكم بجو تلك الاحواض لتعديل الاوكسجين وتخفيضه الى اقل من 5 % ورفع نسبة ثاني اوكسيد الكربون الى اكثر من 15 %، وأفضل درجات الحرارة هي من 1 الى 2 تحت الصفر. هذا بالنسبة للكميات الكبيرة المخصصة للبيع، ولحفظ كمية صغيرة يستطيع المزارع والمستهلك وضع ثمار الكستناء في اكياس مثقبة (مثل اكياس البصل) في برادات المنازل التي لا تزيد حرارتها على درجتين فوق الصفر.

الأهمية الاقتصادية للكستناءستناء في الصناعات الغذائية مثل الكاتو، الحلويات (مارون غلاسيه)، الشوربات، الخ…

تعدّ زراعة الكستناء من الأشجار المثمرة التي تحتل المراتب الاولى من حيث المردود الاقتصادي للمزارع، وهي تساهم في توفير دخل إضافي يساعده على العيش براحة مادية دون تكاليف تذكر. فمثلاً في سويسرا، يمكن لمحصول شجرة واحدة من الكستناء تأمين معيشة جيدة لشخص واحد خلال موسم الشتاء. أما أبرز ميزات أشجار الكستناء الاقتصادية فهي:
1. دخول الشجرة في الانتاج في السنة الرابعة بعد زرعها في الأرض المستديمة.
2. الغزارة في الإنتاج، إذ يصل انتاج الشجرة الواحدة الى حوالي 150 كلغ من ثمار الكستناء في عامها الـ 40 تقريباً.
3. سرعة تأقلم الأشجار مع التربة والمناخ.
4. لا تحتاج إلى أعمال زراعية خاصة.
5. تقاوم أشجار الكستناء الجفاف والآفات بشكل عام.
6. يمكن حفظ ثمار الكستناء لعدة أشهر وبالتالي استغلال الوقت الأفضل للبيع .
7. ارتفاع أسعار ثمار الكستناء لزيادة الطلب عليها وقلة إنتاجها.
8. استخدام ثمار الك

أبرز الدول المنتجة للكستناء
تبين لنا من خلال إحصاءات FAO لعام 2005 أن الدول المنتجة للكستناء التي تحتل المراكز الخمسة الأولى في العالم هي التالية: (الكمية بالطن)

استيراد الكستناء في لبنان:

يستورد لبنان الكستناء منذ سنة 1961 حتى تاريخه وبحسب إحصائيات منظمة الأغذية والزراعة FAO، يتبين أن كمية الاستيراد للسنوات الثلاث من 2006 وحتى 2008 هي كالتالي:

وهذا يدلّ على أن الطلب على استهلاك الكستناء يتزايد رغم ارتفاع اسعاره الملحوظة سنة تلو الاخرى.
لذلك، وعلى سبيل الاستنتاج، فإننا ننصح بالتوسّع في زراعة أشجار الكستناء في المناطق الجبلية الملائمة لهذه الزراعة من لبنان (وهي التي يزيد ارتفاعها على 600 إلى 700 متر) بإعتبارها من الزراعات الاقتصادية التي تلائم طبيعة لبنان والتي لا تتطلب من المزارع الكثير من الجهد لكنها مع ذلك يمكن أن تشكّل مع الوقت مصدر دخل متناممٍ ومهم للمزارع وأسرته.

زراعة الكيوي في جبل لبنان

زراعــة الكيــوي فــي جبــل لبنــان
خيــار اقتصــادي وفوائــد كبيــرة

ارتفاع الطلب والأسعار والإنتاجية المرتفعة ومقاومة الآفات وتدني كلفة الإنتاج تجعل من الكيوي بين أهم الزراعات البديلة في الجبل

الكيوي تحب الماء والضوء والتغذية الوافية
وتكره التربة الكلسية والرياح الشديدة

تعتبر شجرة الكيوي من الزراعات الاقتصادية المهمة التي يمكن إدخالها إلى الجبل، نظراً لملاءمة البيئة الجبلية لها ولإنتاجيتها العالية وسهولة صيانتها وارتفاع الطلب عليها والأسعار الجيدة التي تحققها في الأسواق، وهو ما يجعل منها بين أفضل الزراعات الجديدة أو البديلة. ويذكر أن المحاولات الأولى التي تمت حتى الآن لاقت نجاحاً ملفتاً من ناحيتي الإنتاجية والدخل الاقتصادي وأدت تلك النتائج إلى نمو تدريجي لزراعة الكيوي في لبنان، وزرعت هذه الشجرة في بعض الأماكن على ارتفاع 1250 متراً عن سطح البحر وأعطت إنتاجاً وفيراً. ومن أهم ميزات شجرة الكيوي سرعة تأقلمها مع العوامل الطبيعية وتحمّلها للبرودة. بالنظر للفوائد الكبيرة التي يمكن أن تجلبها هذه الزراعة لاقتصاد الجبل نعرض في ما يلي لدليل عملي مفصّل حول أنواع هذه الشجرة وطريقة زراعتها وتغذيتها والعناية بها والفوائد الاقتصادية الجمة التي تحملها للمزارعين.

صفات الكيوي
الكيوي من النباتات المتسلقة والمتساقطة الأوراق التي تحتاج الى سقائل أو أسلاك لترتكز عليها، بالإضافة الى أنها معمّرة ومربحة لأن عمرها الاقتصادي أو الإنتاجي قد يصل إلى حوالي 40 عاماً.
تشبه الكيوي شجيرات الكرمة إلى حدٍ ما، من حيث كونها قوية النمو وغزيرة الإنتاج؛ ثمارها بيضاوية الشكل وقشرتها بنية اللون وتحمل أوباراً. لون لبّ ثمار الكيوي غالباً ما يكون أخضر، وهي تتحمل التخزين لفترة طويلة تفوق الـ 5 أشهر، أما النضج والقطاف فيأتي تدريجياً أي تقطف على دفعات وهذا يخفف مخاطر التلف ويساعد المزارع على التحكم بالسوق والأسعار وليس العكس. يبلغ وزن ثمرة الكيوي من 50 الى 120 غراماً حسب الأصناف والإرتفاع عن سطح البحر والصفات البيئية، وتدخل شجيرات الكيوي في طور الإنتاج بعد عامها الثالث من زراعتها في الأرض، وهذا يعود الى نموها القوي وخصوبة التربة ونوعيتها. ولثمار الكيوي فوائد غذائية وطبية وصناعية إضافة الى نكهتها اللذيذة والمرغوبة من المستهلكين. وحتى الآن ما زال الطلب عليها كبيراً في مقابل عرض محدود، الأمر الذي ينعكس بارتفاع أسعارها كما يدل على حاجة السوق المحلية الى التوسّع في زراعة مساحات كبيرة من هذه الشجرة. ويلاحظ أن أفرع شجيرة الكيوي سريعة النمو وطويلة وتقسم الى مجموعتين: أفرع ثمرية قوية تتميز بكثافة البراعم الزهرية التي تتمركز على الأطراف السفلية للفروع بعمر السنة وهذه تعطي ثمار العام التالي، وأفرع خضرية رفيعة سهلة الكسر.

راعة الكيوي
اُكتشفت الكيوي في جبال الصين بداية القرن العشرين ودخلت الإنتاج الاقتصادي في نيوزلنده العام 1930. أزهار الكيوي ثنائية المسكن أحادية الجنس لأنها تحمل أزهاراً أنثوية على شجرة وأزهاراً ذكرية على شجرة أخرى. أما الأزهار المؤنثة فمفردة وهي ذات مبيض ضخم، بينما الأزهار المذكرة كبيرة الحجم ويتجمع فيها العضو الحامل لأكياس حبوب اللقاح على شكل باقة. هذا يعني أن لا إنتاج في الكيوي إذا ما زرعت من جنس واحد. وتحتاج كل سبع شجيرات مؤنثة من الكيوي الى شجرة واحدة ذكر، وهذا في حال توفّر حشرات النحل التي تنقل حبوب اللقاح من أزهار الشجيرات الذكرية إلى أزهار الشجيرات الأنثوية، أما في حال عدم وجود النحل، فيستحسن عدم غرس أكثر من أربع شجيرات إناث لكل شجيرة من النوع الذكري وأن يراعى زرع الذكر في وسط الإناث.

شجرة الكيوي الناضجة يمكن أن تنتج 50 كلغ
شجرة الكيوي الناضجة يمكن أن تنتج 50 كلغ

نتاج الكيوي
ينتج الكيوي حالياً في جميع البلدان تقريباً وبكميات مختلفة. أهم الدول المنتجة للكيوي حسب الإحصاءات الدولية الموثقة هي أولاً إيطاليا التي تحتل المركز الأول بعد تقدمها على نيوزلنده في 2005 وبلغ إنتاجها في ذلك العام حوالي 415 ألف طن. ويبين الجدول المرفق ترتيب الدول الثماني الأولى في إنتاج ثمرة الكيوي.

الكيوي-ثمرة-شهية-ومرغوبة-على-االمائدة
الكيوي-ثمرة-شهية-ومرغوبة-على-االمائدة

إنتاج الكيوي في لبنان
بدأ إنتاج الكيوي في لبنان اقتصادياً منذ ثمانينات القرن الماضي خاصة في الجنوب، وتوسّعت هذه الزراعة لتشمل مناطق أخرى من جبل لبنان (الشوف – جبيل) والبقاع (البقاع الغربي) والشمال (عكار). وتعتبر زراعة الكيوي ذات جدوى إقتصادية عالية نسبة لأسعارها المرتفعة.

أهم أصناف الكيوي
1. شجيرات الكيوي الأكثر انتشاراً في العالم هي من نوع ديليشيوزا Deliciosa، وقد شاع هذا النوع نظراً لامتيازه على الأنواع الأخرى من حيث حجمه الكبير نسبياً وقدرته على تحمل التخزين لمدة طويلة (أكثر من 5 أشهر)، بالإضافة إلى طعمه المميز والزكي. ومن أهم أصنافه الذكرية، طوموري Tomuri وماتوا Matua اللذان يتلاءمان مع الأصناف الأنثوية التالية:
2. هايوورد Hayward: تتناسب أزهارها في الوقت نفسه مع طوموري وماتوا، صلابتها جيدة، إنتاجها متوسط أقل نسبياً من إنتاج الأصناف الأخرى لكن كمية الإنتاج منتظمة ومتزايدة عاماً بعد عام. تمتاز ثمار هذا الصنف بحجمها الكبير ووزنها الذي يتراوح ما بين 80 و100 غرام، شكل الثمرة بيضاوي، لون القشرة بني فاتح تكسوها شعيرات وبرية. يحتوي هذا الصنف على نسبة متوسطة من السكر ما يجعل معدل الحموضة متوسطاً ويعطيه مذاقاً طيباً ورائحة مميزة.
3. مونتي Monty: اُكتشف في نيوزلنده قبل العام 1920 واُستخدم كمنتج للتسويق العام 1957. صلابة الثمار جيدة جداً، تمتاز في الإنتاج الكثير والمتعاقب. تتخذ الثمار شكلاً مخروطياً يتراوح وزنها ما بين 60 و80 غراماً خلال شهري تشرين الثاني وكانون الأول لذا ننصح بعدم زراعة هذا الصنف على المرتفعات.
4. برونو Bruno: اُكتشف في نيوزلنده العام 1920 تمّ تسويقه العام 1928، الثمرة صغيرة الحجم تزن حوالي 40 غراماً، مستطيلة الشكل بنكهة عطرة. تمتاز بنضجها المبكر، وتعتبر ثمار هذا الصنف الأغنى بالفيتامين ث (c).
5. آبوت Abbot: اُكتشف أيضاً في نيوزلنده وفي العام 1920 وتمّ تسويقه في العام 1930. صلابة الثمرة جيدة، كثيرة الإنتاج، أزهارها صغيرة الحجم وتزهر باكراً مقارنة بالأصناف السابقة. تمتاز الثمرة بشكلها البيضاوي، وبحجمها المتوسط (تزن حوالي 60 غراماً) نكهتها عطرة، لكن تظهر بعض التشققات على قشرة الثمرة.

الكيوي-يتحمل-الخزن-لمدة-طويلة
الكيوي-يتحمل-الخزن-لمدة-طويلة

التخزين:
نادراً ما تنضج ثمار الكيوي على الشجرة، لذا فإن تبريد الكيوي لمدة 15 يوماً يساهم في نضجها. ويمكن تبريد الكيوي لمدة تفوق الـ5 أشهر في مراكز تبريد متخصصة على درجة حرارة من صفر الى 4 درجات فوق الصفر. وإذا أردنا التسريع في النضج، توضع ثمار الكيوي في برادات يحتوي على ثمار التفاح لأنها تفرز غاز الاثيلين الطبيعي مما يسرّع في نضج ثمار الكيوي.

الاحتياجات البيئية

الحرارة: شجرة الكيوي تحتاج لظروف بيئية مناسبة لنمو النبات وإنتاجه، تحتاج في فصل الشتاء درجات حرارة منخفضة أقل من 8 درجات مئوية فوق الصفر وحوالي 600 ساعة برودة كمعدل وسطي ثم تدخل الأشجار في مرحلة الراحة والركود بالإضافة الى تحول البراعم الخضرية الى براعم زهرية، كما أن زراعة الكيوي الاقتصادية تكون على ارتفاع يتراوح ما بين 300 و1400 متر عن سطح البحر.

الرطوبة: من الأفضل أن لا تقل نسبة الرطوبة عن المعدل المطلوب لأن شجيرات الكيوي محبة للماء.

التربة: إن أفضل التربة لزراعة أشجار الكيوي هي الأراضي العميقة والجيدة الصرف والغنية بالعناصر الغذائية الضرورية لها كالتربة الطميية أي المختلطة والطميية الرملية التي تكون حبيبات التربة متباعدة نسبياً مما تسمح للجذور بالتنفس وعدم تجمع المياه حولها مما يؤدي إلى اختناقها وانتشار الأمراض الفطرية على الجذور. أما إذا زرعت غراس الكيوي في التربة الكلسية فإنها لا تعطي ثماراً على الإطلاق.

الرياح: تتأثر نباتات الكيوي بالرياح الشديدة التي تؤدي الى تكسير فروعها وأغصانها الصغيرة. لذا ينصح بزراعتها في الأماكن المحمية نسبياً من الرياح خاصة الشمالية الشرقية منها.

الري: نبات الكيوي حساس جداً لنقص الماء في التربة ويحتاج الى رطوبة عالية بمعدل 80 في المئة والى حوالي 85 ليتراً من الماء كل ثلاثة أيام وهذا إذا كانت التربة مختلطة. أما إذا كانت مائلة الى الرملية، فتحتاج الشجيرة إلى 100 ليتر من الماء كل ثلاثة أيام، ومن المهم هنا أن نتجنب الري اليومي للكيوي، وذلك لإفساح المجال أمام المجموع الجذري للنبات بالنمو والتغلغل عميقاً بين حبيبات التربة بحثاً عن الرطوبة والمواد الغذائية. نشير أيضاً إلى أن أفضل طرق الري للكيوي هو الري بالتنقيط بواسطة أنابيب النقطة، وللري بالتنقيط فوائد كبيرة وعديدة للنباتات المثمرة من أشجار فاكهة وخضار أهمها: منع إنبات عدد كبير من الأعشاب البرية التي تزاحم الكيوي على الغذاء، توفير مياه الري، توفير كلفة اليد العاملة، كما أن الري بالتنقيط يعتبر وسيلة مساعدة لتوزيع الأسمدة الكيميائية الذوابة على جميع النباتات بالتساوي وتوفير كمية لا يستهان بها من الماء، كما أن الري بالتنقيط يقلل بشكل كبير من إنتشار الأمراض خاصة التي تنمو وتعيش طيلة فصل الشتاء على الأعضاء المترممة، أي الأوراق والفروع الصغيرة بعد تساقطها على الأرض. أيضاً، إن الري بالطرق القديمة والبدائية إضافة الى الري بالرذاذ يؤدي الى تجمع حبيبات التربة السطحية على المسامات التنفسية مما يؤدي الى عدم وصول الهواء الى الجذور، بينما الري بالتنقيط يبقي سطح التربة على حالها بعد الحراثة والمسامات التنفسية مفتوحة.

الضوء: إن أشجار الكيوي محبة للضوء، لكن تنجح زراعتها في بيئة لا تتميز بفترة ضوء طويلة لسرعة تأقلمها مع الظروف المناخية التي تحيط بها. وللضوء أهمية كبيرة لأشجار الكيوي: 1- يقوي الفروع والأغصان ويساعد في تخشبها وعدم بقاء جزء من فروعها غضة التي تؤدي الى يباسها في فصل الشتاء وبالتالي إنخفاض في الإنتاج. 2- زيادة في تكوين البراعم الزهرية مما يؤدي ذلك الى زيادة في الإنتاج. 3- تصبح شجيرات الكيوي أكثر مقاومة للأمراض والحشرات. 4- يساعد الضوء أيضاً على تحويل المادة البكتينية القابضة الى سكريات أحادية سهلة الهضم، وإعطاء الثمار اللون الطبيعي المميز ونكهة ورائحة زكيتين، ويساعد أيضاً في تركيز الفيتامينات في الثمار وتسريع عملية النضج …الخ.

التسميد: تحتاج شجيرات الكيوي الى الأسمدة العضوية والكيميائية، قبل الزرع يوضع في الحفر المهيئة بوقت سابق حوالي كيلو غرام واحد من السماد العضوي المخمر ومئة غرام من السماد الكيميائي (سوبر فوسفات ثلاثي) ويُخلط السمادان مع تراب قاع الحفرة ثم تغرس شتول الكيوي. إن هذا السماد هام جداً في تقوية المجموع الجذري لشجيرات الكيوي. يستحسن عدم إضافة أسمدة جديدة في السنوات الثلاث الأولى لتشجيع الجذور على الدخول عميقاً في التربة. وتعتمد في وضع الأسمدة العضوية والكيميائية الطريقة التالية: يحفر خندق بعمق حوالي 15 الى 20 سم حول جذع الشجرة متوازياً من حيث قطره تقريباً مع دائرة تفرع الأغصان وتوضع بداخله الأسمدة العضوية المخمرة، ثم يطمر الخندق حتى تصبح الأسمدة قريبة من الجذور الماصة وكي لا تفقد رطوبتها وبعض العناصر الغذائية حيث يتفكك السماد ويتحلل.

طريقة التسميد: وللأسمدة العضوية فوائد عديدة منها؛ تحسين خواص التربة والحفاظ على رطوبتها،.كما إنها الحاضنة الوحيدة لتكاثر الكائنات الحية الدقيقة في التربة، والتي تساعد في تفكيك وتحليل السماد وتحويله إلى غذاء قابل للامتصاص من قبل جذور النبات، إضافة الى نسبة الآزوت التي تحتويها…الخ. أما الكمية التي تحتاجها شجرة الكيوي من الأسمدة العضوية والكيميائية إبتداءً من السنة الرابعة بعد الغرس فتزداد في موازاة نمو الشجرة وقد تتراوح ما بين 10 و 20 كلغ سماد عضوي حيواني إضافة إلى 0,5 إلى 1 كلغ سماد كيميائي ذواب على أن يحتوي هذا السماد على آزوت بنسبة 35% تقريباً وفوسفور حوالي 15% وبوتاس 30 الى 40%، إضافة الى العناصر الصغيرة خاصة الحديد والبور. وتضاف كمية السماد الكيميائي على خمس دفعات الى النبات مع الري على أن يكون الفارق بين المرة والأخرى عشرة أيام على الأقل في الموسم الواحد، أي يضاف الى مياه الري من (100 الى 200) غرام من ذلك السماد.

الإكثار: يتكاثر نبات الكيوي بواسطة البذور وأسهلها العُقل أي أخذ العقل بعمر السنة من الشجيرات بطول حوالي 40 سم وتغرس في أرض المشتل أو في أواني خاصة بشكل مائل، على أن يبقى على سطح التربة برعمة أو اثنتان من العقل، بالترقيد أو بـ “التدريخ” كما في الكرمة حسب لغة المزارعين.

التقليم: يفضّل ترك غراس الكيوي سنتين أو ثلاث حسب قوة نموها دون تقليم مع إزالة النموات القريبة من سطح التربة لإدخالها باكراً في مرحلة الإنتاج. أما تقليم الكيوي فيتم على مراحل عدة، في التقليم الشتوي تنزع الفروع المتزاحمة والغضة والضعيفة والمكسورة وتقصر أطراف الطرود المنتخبة لتكوين شكل الشجرة وحسب وضعها على السقائل أو الأسلاك أو الجدران المائلة مع المحافظة على البراعم الزهرية. وفي السنوات المقبلة ومع إزدياد إنتاجها، تقصر الطرود أكثر سنة تلو الأخرى حتى الوصول أو إزالة ثلثي الفروع. يتم التقليم الصيفي بعد تكوين فكرة عن كمية الإنتاج على الشجرة أي أثناء فترة النمو خلال شهري حزيران وتموز. تزال الفروع التي لا تحمل ثماراً وغير المرغوب بإبقائها للعام المقبل ويقصّر بعضها إذا دعت الحاجة بالإضافة الى الفروع النامية على منطقة الجذع مما يؤدي الى تحويل الغذاء للفروع المقلمة وإلى الثمار لتكون كبيرة الحجم ومميزة. هذا التقليم يساهم في تحضير الأشجار للموسم المقبل.

حقل من أشجارالكيوي النامية
حقل من أشجارالكيوي النامية

أبرز عناصر الجدوى الاقتصادية لزراعة الكيوي

تستند الجدوى الاقتصادية لزراعة الكيوي في لبنان وارتفاع أسعار ثمار الكيوي إلى عوامل عدة أهمها:
الإنتاجية المرتفعة وهي حوالي 3 طن للدونم الواحد أو ما بين 25 و50 كلغ بالشجرة الناضجة.
بدء الشجرة بالإنتاج المبكر بعد عامها الثالث من الزرع.
عدم نضج الثمار دفعة واحدة، الأمر الذي يبعد احتمالات كساد المحصول أو تلفه ويحافظ على السعر على مدى الموسم.
قدرة الثمار على تحمّل التخزين لفترة طويلة وعمليات التعبئة والنقل والشحن دون تعرضها لأية أضرار مما يجعل ثمار الكيوي متوافرة على مدار العام.
الأسعار المرتفعة لثمار الكيوي نتيجة لكون الطلب عليها كبيراً بالقياس إلى محدودية الإنتاج وارتفاع كلفة المستورد منها.
النكهة المميزة وتزايد شعبية الثمرة لدى المستهلكين.
تدني كلفة العمليات الحقلية بعد الزرع.
إمكان استخدام ثمرة الكيوي في الصناعات الغذائية مثل العصائر والكومبوت وغيرهما.
قدرة شجيرات الكيوي على التأقلم مع العوامل الطبيعية العديدة في جميع المناطق اللبنانية.

 

 

أسعار ثمار الكيوي لا زالت مرتفعة نتيجة لكون الطلب عليها كبيراً بالقياس إلى محدودية الإنتاج وارتفاع كلفة المستورد منها

آفات الكيوي
لا تأثير يذكر إقتصادياً للأمراض والحشرات التي تعتري شجيرات الكيوي، إنما يجب الإنتباه الى عدم إدخال شتول جديدة موبوءة الى بساتين الكيوي خاصة الديدان الثعبانية (نيماتودا Nematodes)، إضافة الى مرض إهتراء ساق النبات الذي يطمر جزءاً منه تحت سطح التربة، أي يجب أن يراعى أثناء زراعة النبات أن تكون منطقة إلتحام الطعم بالأصل المطعم عليه بمستوى سطح التربة. يسبب هذا المرض فطراً يدعى Phytophtora Cactorum، وتجنباً لإصابة ثمار الكيوي بحشرة ذبابة الفاكهة، يمكن وضع مصائد فورمونية لترقب وجود هذه الحشرات وإصطيادها. ننصح بعدم إستعمال المبيدات الزراعية السامة لمكافحة الأمراض والحشرات على شجيرات الكيوي لتجنّب القضاء على الأعداء الطبيعية لهذه الآفات. من جهة أخرى، لجذوع شجيرة الكيوي رائحة تجذب الحيوانات منها القطط التي تفرك جسمها بالشجيرة مسببة بتكسر النبتة والفروع الطرية.

كبار المنتجين في العالم
كبار المنتجين في العالم

القيمة الغذائية
والطبية للكيوي

تحتوي ثمرة الكيوي على 10% سكريات و 1% بروتين، وعلى أملاح معدنية منها البوتاسيوم والكالسيوم والمغاغنيزيوم والفوسفور، و80% من وزن الثمار ماء، وللعلم فإن الثمرة تحتوي على حوالي 150 ملغراماً من فيتامين سي C، وهذه النسبة تعادل أربعة أضعاف ما تحتويه ثمار الحمضيات. وتعتبر الكيوي فاكهة مفيدة جداً للنظم الغذائية الهادفة لإنقاص الوزن، لأنها تساعد على الشعور بالشبع والامتلاء. ويشير الخبراء في التغذية إلى أن لها فوائد كثيرة لأنها تنتج وحدات حرارية قليلة للجسم، فالثمرة الواحدة تعطي 20 وحدة حرارية نظراً الى أنها تحتوي على الألياف، وتساعد في عمليات الهضم وفي تنقية الجهاز الهضمي وتخفيض معدل الكولسترول في الدم.
ثمرة الكيوي غنية بالمواد المضادة للتأكسد Antioxidants وبالبوتاسيوم، وهي تساهم في خفض ضغط الدم. ويقول باحثون إن تناول ثلاث حبات من ثمرة فاكهة الكيوي يومياً يمكن أن يخفض ضغط الدم. كما يمكن أن يقلل معدلات الكولسترول المرتفعة والترايغليسريد وهو ما يؤدي إلى حماية القلب والأوعية الدموية ويخفف من مخاطر التعرض للجلطات، كما يحدّ من مخاطر التعرّض لتدهور مقلة العين المتصلة بتقدم الإنسان في العمر. ويساعد الكيوي في التخفيف من اضطرابات الجهاز التنفسي وأزمات الربو.
ويرى خبراء التغذية أن الكيوي تغطي حاجة الجسم من فيتامين ث (c)، ومن أهم فوائدها التالية:
مقاومة التهابات الأنسجة والتهابات المفاصل.
مقاومة حالات الرشح الشديد
زيادة المناعة
مقاومة اضطرابات الدورة الدموية
تنشيط الجسم وخلايا الأنسجة العصبية
مساعدة مرضى فقر الدم
المساعدة في عملية الهضم
تليين الأمعاء

تقليم الأشجار المثمرة

تقلـيــم الأشجــار المثمــرة
الخطــة، الأهــداف والأخــطاء الشائعــة

التقليم التكويني
يستهدف تكوين الفروع التاجية للشجرة في السنوات الأربع الأولى من عمرها

التقليم الثمري
يبدأ في السنة الخامسة ويستهدف حفز الإثمار والتأسيس للإنتاج الاقتصادي للشجرة

التقليم التجديدي
يطبّق على الأشجار الهرمة ويستهدف التشجيع على نمو جيل فتي من الأغصان التاجية

الشكل الكأسي للتقليم هو الطريقة الأكثر شيوعاً في دول البحر المتوسط

يعدّ التقليم من الأركان الأساسية لعمليات الخدمة الحقلية، لأن للتقليم تأثيراً مباشراً على نمو وتطور أشجار الفاكهة. ومن الضروري لكي يعطي التقليم النتائج المرجوة أن يقوم به المزارع بشكل دوري ومنظم حسب المبادئ أو القواعد العلمية المعمول بها بالنسبة لكل صنف، وكذلك مع مراعاة الخصائص البيولوجية وتطور عمر الأشجار ومدى تجاوبها مع عملية التقليم. و للتقليم دور بارز في توزيع الغذاء داخل الأشجار وتسهيل توزيع وامتصاص العصارة النباتية، ولهذا فإنه من الممكن من خلال عمليات التقليم التحكم بطبيعة نمو الأشجار لتوجيهها في المنحى الذي يخدم عملية الإنتاج ويحافظ في الوقت نفسه على قوة الشجرة وتوازنها.

على الرغم من وجود مبادئ عامة للتقليم فإن طريقة التقليم قد تختلف حسب أنواع الأشجار، كما أنها قد تختلف بالنسبة للشجرة نفسها وتتطور في موازاة خط نمو الشجرة وحالتها والمشكلات التي قد تعاني منها (مثلاً من جراء التقليم الخاطئ في سنوات سابقة). بمعنى آخر، فإن تقليم شجرة أو صنف معين يجب أن يتبع مبادئ معينة لكنه يجب في الوقت نفسه أن يكون تفاعلياً وأن يتلاءم مع التطور الطبيعي لكل شجرة مع انتباه خاص لمعادلة النمو الخضري والثمري.
أضف إلى ذلك أن عملية التقليم هي جزء من برنامج العناية الشاملة بالحقل أو بالغراس وهي لا يمكن أن تعطي مفعولها ما لم ترافقها الأعمال الحقلية الأخرى كالحرث والتسميد والري ومكافحة الآفات وغيرها.

مراحل التقليم
على الصعيد التطبيقي يختلف الهدف من عملية التقليم حسب المراحل التي تمر بها الشجرة، وسنتوقف هنا عند مرحلتين من التقليم: التقليم التكويني والتقليم الثمري. وسنقدم بعدها فكرة موجزة عمّا يمكن تسميته التقليم التجديدي، وهو خاص بالأشجار الهرمة أو التي قد يصيبها ضعف يؤثر على إنتاجيتها.

تعريفات سريعة
التقليم التكويني: يتم العمل به في مراحل التكون الأولي للغراس، ويكون الهدف منه المساعدة على تكوّن التاج الشجري في السنوات الثلاث الأولى من حياة الشجرة، ولهذا يسمى التقليم في هذه المرحلة “تكوينياً”. والمقصود بالتاج هنا هو الفروع الرئيسية المنبثقة من جذع الشجرة، والتي يجب أن تكون قوية ومتباعدة نسبياً عن بعضها وقادرة على حمل النموات الخضرية والثمرية وفي الوقت نفسه تأمين دخول الشمس التي تعتبر عاملاً أساسياً في أداء الشجرة المثمرة. ويجب بالطبع الأخذ في الاعتبار في جميع الحالات اختلاف الأصناف والظروف المناخية والبيئية المحيطة بالشجرة والتي قد تؤثر في نموها.

التقليم الثمري: من المفضّل إدخال الأشجار المثمرة في الإنتاج باكراً، أي بعد السنة الثالثة حسب الأصناف والأنواع. وفي هذا السياق، فإن التقليم الثمري يستهدف المساعدة في تنظيم الحمل بين الأغصان والفروع الأساسية والمساعدة أيضاً على تنظيم الحمل السنوي وتجديد نمو البراعم الثمرية، وذلك بالتخلص من الفروع القديمة الضعيفة وفي الوقت نفسه الحفاظ على التوازن المطلوب بين النمو الخضري وبين النمو الثمري.
أولاً: خطة التقليم التكويني
بناءً على ما سبق فإن على التقليم التكويني أن يتبع خطة معينة وفق مراحل نمو الشجرة، وهذه الخطة يمكن إيجازها كالتالي:

1.تقليم العام الأول
إن تكوين هيكل تاج الأشجار يبدأ في العام الأول، أي عام غرس النصوب بقص الجذع الطولي للغرسة بعد وضعها مباشرة في مكانها الدائم في الأرض، وذلك على ارتفاع ما بين 50 – 70 سم كمعدل وسطي.
يجب الإنتباه إلى أننا ننصح بتأسيس الشجرة على جذع قصير نسبياً، وهو شرط أساسي لتكوين التاج أو الفروع القوية في المرحلة الأولى للنمو. ولأن الأشجار التي تربى على ساقٍ أطول من ذلك تكون غالباً هزيلة وضعيفة وغير فعّالة اقتصادياً، لأنها تحتاج إلى أعمال وتجهيزات حقلية عديدة كمعدات التقليم والقطاف مثل السلالم، كما أن قرب الأشجار للأرض يجعلها أكثر نجاحاً وإنتاجية بالإضافة إلى نشرها الظل بصورة أفضل فوق التربة، وبالتالي الحفاظ على رطوبتها والتقليل من عملية التبخر، كما أن تقصير جذع الشجرة يحول الأغصان إلى “مظلة” تحمي الجذوع من وصول أشعة الشمس القوية مباشرة وهو ما يتسبب بجفافها وتشقق القشرة.
بعد قطع محور الغراس في السنة الأولى للغرس، وبفضل تقصير الجذع الوتدي، فإننا سنلاحظ في مطلع فصل الربيع ظهور براعم عديدة نشطة على الجذع سرعان ما ستتحول إلى فروع. وفي هذه الحال، فإن علينا انتخاب مجموعة من هذه البراعم- الفروع تحت منطقة القطع مباشرة على أن يكون عددها حوالي خمسة براعم قوية وجيدة. أما الهدف من ذلك فهو أن نختار من أصل هذه البراعم الخمسة، الثلاثة الأقوى في العام التالي. ويفضل في منتصف فصل الربيع نزع البراعم التي نمت في منطقة الساق تحت الفروع الخمسة المنتخبة من قاعدتها حتى لا تستطيع الإنبات من جديد ولا تزاحم بالتالي البراعم المنتخبة، والتي يتعين توجيه العصارة وقوة الشجرة كلها للتسريع في نموها.

2.تقليم العام الثاني
في العام الثاني يتم انتخاب ثلاثة أو أربعة فروع من المجموعة المتكونة من العام الأول، على أن يراعى توزيعها بشكل منتظم على الجذع بما يساهم مع الوقت في إعطاء الشجرة ما يسمى بالشكل “الكأسي”، وهو شكل الكأس الذي نحصل عليه من تطور الفروع الرئيسية باتجاه الخارج بصورة شبه دائرية مع الإبقاء على فراغ نسبي داخل الشجرة، وهذا الشكل يعتبر أفضل الأشكال الهندسية للتقليم في لبنان وبعض الدول المجاورة.
من المفضّل في تقليم العام الثاني أن يكون عدد الفروع المنتخبة ثلاثة فروع تتوزع على الجذع بشكل حلزوني، أي بحيث لا تكون مقابلة لبعضها البعض. وعلى هذه الفروع سنشهد في العام نفسه نمو براعم جانبية بحيث يكون داخل الأشجار فارغاً على شكل كأس. وتقلم هذه الفروع الثلاثة حسب قوة وطول النموات فإذا كان طول الفروع ما دون الـ 50 سم يزال نصفها مع الأخذ في الاعتبار أن يكون البرعم القيادي أي الذي يقع تحت القطع مباشرة متجهاً نحو الخارج ومتوازياً مع الفرع الرئيسي لهيكل الأشجار. أما إذا كانت الطرود أطول من 50 سم يفضّل أن يكون التقليم “تطويشي”، أي قطع الجزء الأعلى من الطرود الأساسية للأغصان (الملوك) بنسبة الثلث بحيث يترك ثلثا الطول الأصلي للغصن المتبقي.

3.تقليم العام الثالث
يكون التقليم الثالث متوسطاً للفروع المتكونة على الأغصان الثلاثة الأساسية المتكونة على الجذع في السنة الأولى مع مراعاة إدخال الغراس في الإنتاج. أما الفروع التي نمت من براعم العام السابق فيتم تقليمها على مسافات متباعدة نسبياً وإزالة الفروع المزاحمة والقريبة من الأغصان الأساسية وأيضاً الفروع التي تعيق عمليات الخدمة الحقلية من حرث وريّ وقطاف ومكافحة الآفات، مع الإنتباه على إبقاء الفروع والبراعم الصغيرة على الشجرة لأنها ستتحول إلى براعم زهرية (أي ثمرية) في العام المقبل.

تقليم-شجرة-في-عامها-الثالث---صورة
تقليم-شجرة-في-عامها-الثالث—صورة

ثانياًً: خطة التقليم الثمري
يعتبر التقليم الثمري العملية الأهم ابتداءً من السنة الرابعة من عمر الشجرة والهدف منه، بعد أن أنجز تكوين التاج والفروع الرئيسية، ضمان الاستمرارية في النمو وتنامي الإنتاج الثمري مع الحفاظ على عاملي الجودة والنوعية.

تقليم العام الرابع
يجري تقليم الفروع الهيكلية مع الإنتباه للفروع الصغيرة والبراعم الثمرية للشجرة، وعلى جميع الأغصان والفروع، يجب أن ترتب هذه البراعم على مسافات متساوية تقريباً. ومع ابتداء هذا العام الرابع من عمر الشجرة نكون قد بدأنا عملية التقليم الثمري وبدأنا تحضير الشجرة للبدء في الإنتاج. لكن كما أن تكوين الشجرة يتطلب طريقة معينة في التقليم، فإن مرحلة الإثمار تحتاج بدورها إلى طريقة مختلفة لأن الهدف الآن لم يعدّ تشجيع النمو وتكوين الفروع بل تنظيم مرحلة الإنتاج وجني ثمار التأسيس والعناية التي قمنا بها خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الشجرة.
من المهم التركيز في هذا المجال على أن القاعدة ابتداءً من العام الرابع من عمر الشجرة هي ترك النموات الطرفية دون تقليم للحد من النمو الخضري القوي وتشجيع نمو البراعم الزهرية، في هذا العام تبدأ الشجرة بالحمل التبشيري ويتزايد إنتاجها عاماً بعد عام، وهذا هو جوهر ما يعرف باسم التقليم الثمري أي التقليم بهدف تحفيز وتنمية الإثمار. بكلام آخر، فإن عملية التقليم ابتداء من السنة الرابعة تصبح سهلة وتهدف إلى إجراء تقليم خفيف لطرود النمو الخضري مع الحفاظ دائماً على الشكل. ويهدف هذا التقليم إلى تنظيم الحمل وتقوية خشب الفروع الثمرية وتشجيع الأشجار على تكوين براعم زهرية جديدة.
تجدر الإشارة إلى أن التقليم يؤثر تأثيراً هاماً على يقظة البراعم وزيادة الإنتاج. فالتقليم المتوسط لا يجهد الأشجار ويشجع على تكوين كمية كبيرة من البراعم الثمرية. أما التقليم القصير أو الجائر فيقلل من تكوين البراعم الثمرية ويقلص المساحة الورقية والحمل ويؤخره ويسبب بالتالي كثافة في الطرود التاجية. كما أن للتقليم القصير أضراراً عديدة أهمها: انخفاض الإنتاج، وإجهاد الأشجار والأرض لأنه يؤدي إلى امتصاص كمية كبيرة من الرطوبة المشبعة بالمواد الغذائية.
المهم في التقليم الثمري هو دائماً الإنتباه إلى قوة النمو ودرجة يقظة البراعم والقدرة على تكوين الطرود؛ مثلاً، في بعض أصناف التفاح التي تكون درجة يقظة البراعم ضعيفة، يؤدي عدم تقليم الشجرة إلى تعرية الفروع وانتقال البراعم الثمرية إلى قمة الفروع وعدم نمو البراعم الخضرية على الفروع. كما أن زوايا الفروع الحادة هي السبب الأساسي في تكسيرها. لهذا من المفضل تقليم طرود الأشجار خاصة في هذه الأصناف تقليماً متوسطاً إلى قصير مما يساعد على زيادة تفتح البراعم الخضرية لتكوين الفروع. أما الأصناف المتميزة بيقظة براعم جيدة وقدرتها العالية على تكوين الطرود والميل نحو كثافة التاج مثل بعض أصناف التفاح والدراق وبعض أصناف الخوخ فلا حاجة هنا إلى تقليم قصير للطرود.

التقليم ثلاثة أنواع:
التقليم المتوسط وهو الأعم والتقليم القصير ويطبّق على الأغصان الضعيفة والتقليم الطويل ويطبّق على الأغصان القوية والطرود الطويلة

تحتاج الأشجار بشكل عام إلى تقليم مستمر لتاج الأغصان بما يضمن استمرار النمو نحو الأعلى لكن ينبغي في هذه الحال تقصير الفرع الرئيسي والأقوى بين الفروع الموازي إلى الغصن الذي يحمله. أما الفروع المتبقية فيجب تفريدها وإزالة الأطول منها والمتجهة إلى الأعلى من قاعدتها لأنه إذا بقي في تلك الفروع براعم فإنها ستستمر في الربيع المقبل وتشكل فروعاً تزاحم على الغذاء وتتشابك مع بعضها البعض. أي أن هذه الأشجار تحتاج إلى تقليم طويل نسبياً لإستمرارها في النمو الحجمي، وإلى إزالة الفروع المتشابكة والمريضة والمتزاحمة وتفريغ الأشجار من الداخل لتأمين الضوء والتهوئة لكافة أجزاء النبتة. بالإضافة إلى الانتباه التام لناحية تقليم الطرود، يجب أن يكون البرعم النهائي متجهاً إلى الخارج لكي يبقى داخل الأشجار مفتوحاً.
يعتمد تقليم الأشجار البالغة على تنظيم الإثمار بين الأغصان والفروع المتقابلة، وعلى اليقظة التامة بشأن استمرار النمو الهيكلي للشجرة والمحافظة على شكل الأشجار عبر منع تزاحم الفروع والحفاظ كذلك على ارتفاع الشجرة بالمعدل المطلوب حسب الأصناف والأنواع. مثلاً أشجار التفاح من 1.5م أصناف مقزمة إلى 3.5 م أصناف معمرة، وأشجار الكرز من 3.5 م إلى 5 أمتار. وإذا كان طول الطرد التاجي حوالي 60 سم يجب إزالة حوالي الثلث منه أي 20 سم، وإذا كان طول الطرد أقل من 35 سم فيجب أن يكون التقليم قصيراً بحيث يزال ثلثا الطرد أي 22 سم لإعادة تشجيع الشجرة على النمو الجيد. كما أنه من المستحسن إزالة أكبر كمية ممكنة من التشكيلات والفروع الثمرية الهرمة لتنمو مكانها أو بالقرب من منطقة التحامها بالأغصان براعم وفروع ثمرية حديثة.

تقليم شجرة تفاح كبيرة - لاحظ كيف ساعد التقليم السابق تكاثر البراعم الثمرية
تقليم شجرة تفاح كبيرة – لاحظ كيف ساعد التقليم السابق تكاثر البراعم الثمرية

التقليم التجديدي
يستخدم التقليم التجديدي عند الضعف العام للأشجار، إذ يلجأ المزارع عندها إلى إزالة بعض الأغصان وتقصير بعضها الآخر، وذلك بهدف تكوين براعم حديثة وفروع جديدة قوية تتهيأ للإنتاج في العام التالي. ومن المعروف أن الفروع أو التشكيلات التي تحمل البراعم الثمرية تعطي أكبر كمية من إنتاج الشجرة بعمر ثلاث إلى خمس سنوات، وتقل تدريجياً نسبة الإنتاج كلما تقدمت التشكيلات الثمرية بالعمر.
أما رد فعل الشجرة الهرمة على التقليم التجديدي فيتصف عادة بإنتاج طرود وفروع جديدة وكثيفة العدد، وهذا يعود إلى قدرة وسلامة المجموع الجذري للأشجار التي تحوّل الغذاء من الأغصان المقطوعة إلى النموات الجديدة. وفي هذه الحال، يجب أن يراعى عدم تقليم الفروع الجديدة قبل عامها الثالث، وبعد مرور عامين على إنبات الفروع الجديدة. ويفضل في هذه الحال تفريدها، أي إزالة الفروع المتزاحمة والمريضة والتي نمت في داخل الأشجار حتى تكون منفرجة إلى الأعلى على الشكل المعتمد أي الكأسي، للسماح بدخول أكبر كمية من ضوء الشمس إلى داخل الأشجار، ثم يتم بعد ذلك انتخاب أفضل الفروع وأقواها المتواجدة على الأغصان الرئيسية والتي تأخذ الشكل الكأسي للتقليم والمستقيمة مع هيكل الأشجار، ثم تقصّر الفر وع المنتخبة بإزالة الربع الأعلى منها مع ترك عدد كبير نسبياً من الفروع والنموات الخضرية القصيرة التي تتحول بدورها إلى براعم ثمرية في العام التالي.

معدات التقليم ومواعيده
تستخدم في عمليات التقليم معدات كثيرة أهمها: المقص والمنشار والسلم. ومن المفضل أن تكون هذه الأدوات نظيفة وحادة حتى لا تساهم في تلوث ونقل الميكروبات إلى الأشجار وعدم تلف عدد كبير من الخلايا، كما يستحسن ارتداء الأحذية الطرية حتى لا تؤدي إلى الخدوش والأضرار للغراس الحديثة، وبالتالي إضعاف نموها، مع العلم أننا نحتاج إلى شجرة قوية لأننا قد نحتاج لتسلقها في المستقبل سواء لأعمال الصيانة أو القطاف. ويمكن استخدام المناشير اليدوية في إزالة الأغصان المتوسطة الحجم؛ أما المناشير الكهربائية، فتستخدم لتوفير الجهد والوقت اللازمين على الأشجار الهرمة والمسنة غير القادرة على تجديد نموها الخضري وإعطاء الإنتاج بشكل جيد، والتي تصبح معرّضة للإصابة بالأمراض والحشرات. تقطع الأغصان في منطقة تشكيلها أي في منطقة اتصال الفروع بالأغصان كما في أشجار الزيتون والمشمش والكرز والكستناء والجوز وغيرها من الأشجار المعمرة.
ومن الأفضل تنفيذ عملية التقليم في مرحلة السكون عند الأشجار المتساقطة الأوراق، أي في فصلي الشتاء والخريف حين تكون العصارة النباتية مشبعة بالمواد الغذائية الضرورية التي تغذي وتحث البراعم الخضرية والزهرية في الربيع المقبل على الظهور. هذه المواد توجد في الأغصان والفروع والجذوع والجذور. الدليل على أن الأشجار دخلت في مرحلة السكون هو تساقط الأوراق عنها ويفضل تقليم الأشجار الحساسة للصقيع في أواخر فصل الشتاء وأوائل فصل الربيع.

خلاصة
نستنتج إذاً، أن تقليم الأشجار المثمرة من أهم الأعمال الرئيسية الحقلية المنفذة في البساتين، بل يمكن القول إن التقليم هو التقنية الأكثر أهمية وتأثيراً مباشراً على الشجرة من الخدمات الحقلية الأخرى كالتسميد والحرث والري ومكافحة الأمراض والحشرات وجني المحصول، والسبب هو أن التقليم هو الذي يحدّد شكل وهيكل الأشجار، كما يحدّد مدى استمراريتها في النمو وزيادة إنتاجها الاقتصادي خاصة عند تقدمها في السن، كما يساهم أيضاً في تشجيع إنبات فروع ثمرية جديدة بعد قطع القديمة منها.
في جميع الأحوال يستحسن استشارة ذوي الخبرة في هذا التقليم وعدم الاجتهاد كما يحصل في كثير من الأحيان، لأن للتقليم قواعده ومبادئه العلمية المبنية على علم النباتات والأشجار وسلوكها الطبيعي، ولأن الغاية الأساسية من زراعة الأشجار المثمرة ليس إجراء التجارب بل الحصول على إنتاج يعطي مردوداً اقتصادياً مع إعطاء أهمية أقل لشكل الأشجار، خصوصاً الفتية منها، والتي ينبغي إدخالها في مرحلة الإثمار ومساعدتها على الاستمرار في توفير أفضل الإنتاجية طيلالعمر الاقتصادي للشجرة.

تنويه

سقط اسم الكاتب الاستاذ رائد زيدان سهواً عن موضوع زراعة الأصناف الجديدة من التفاح المنشور في العدد رقم 2 من الضحى. فاقتضى التنويه والاعتذار

تربية النحل ذهـب لبنــان السائــل

في كل أوروبا 700 نوع من النباتات الرحيقية
وفي لبنان وحده وجد العلماء 500 نوع

النحل مهم جداً لتلقيح الأشجار المثمرة والمزروعات
ويساهم بأكثر من 08-90 %من تلقيح المواسم الحقلية

يقدّر عمر سلالة نحل العسل بحوالي 01-20 مليون عام أي منذ العصر الميوسي، وقد اكتشفت مستحثات للنحل عمرها ملايين السنين، وتعلم الإنسان جني العسل منذ أمد بعيد، فالآثار المتروكة في إسبانيا تشير إلى جني العسل منذ 7 آلاف سنة قبل الميلاد، وفي مصر منذ 5510 سنوات قبل الميلاد، في العراق منذ 2100 سنة قبل الميلاد. وأوضحت بعض المراجع أن تجارة العسل بدأت في تلك الحقبة أي قبل نحو ألفي عامٍ من ميلاد السيد المسيح(ع).
اختبر الإنسان فوائد العسل الغذائية والعلاجية، فحاول استئناس النحل على مرّ الأزمان محاولاً “تربيته” واجتذابه للإقامة في خلايا يبنيها له، واعتمد في البداية على المواد البدائية التي كان يبني منها القفير الطبيعي باستخدام الطمي الصلصالي والقش أو جذوع الأشجار ثم تمكّن عبر الاختبارات العلمية من اكتشاف إمكان صنع براويز وخلايا من صنع الإنسان يتقبلها النحل كأساس لبناء أقراص العسل الشمعية. وكانت هذه الخطوة هي بداية قيام تربية النحل كما نعرفها اليوم، إذ مكنت من تكثير النحل وجمعه في أماكن يسهل فيها التعامل معه وقطاف العسل الذي ينتجه. وزاد الإقبال على تربية النحل بعدما اتضح دوره في تلقيح الكثير من المحاصيل الزراعية والاشجار المثمرة وزيادة إنتاجيّتها. وقد دلت الدراسات على أن نسبة مساهمة نحل العسل في تلقيح النباتات البرية و المزروعات هي ما بين
(90%-80%)، أما النحل البري و الرياح وغيرها من الحشرات المفيدة فتساهم في تلقيح ما نسبته (20%-10%).
بدأت تربية النحل في لبنان منذ ما بدأ الوعي البشري، لكن معارف النحالين تقدمت إلى حدٍ كبير عبر الاحتكاك بالدول الأوروبية والتي كانت قد طوّرت علم النحل بصورة كبيرة.
تدلّ الإحصاءات على أن النباتات المسجلة والمعروفة في لبنان، هي بحدود 2700 نوع بينها 500 نوع من النباتات الرحيقية التي تعتبر مصدراً لإنتاج العسل وعلى سبيل المقارنة يوجد على مساحة القارة الأوروبية حوالي 3200 نوع من النباتات المسجلة من بينها 700 نوع من النباتات الرحيقية، أي أن لبنان يقترب في تعداد نباتاته على صغر مساحته من أعداد النباتات في قارة بكاملها، مما يجعل منه مرعى مثالياً للنحل و مورداً مميزاً لإنتاج العسل كمّاً ونوعاً.

ميزات العسل في لبنان
يمتاز لبنان بجودة عسله نظراً لتوفّر الأزهار في سهوله وجباله على مدار السنة. فموسم الزهر في لبنان متلاحق بعضه ببعض، فيستفيد النحال من موسم الربيع على الساحل والسفوح لتقوية جيوش النحل، وجني العسل الربيعي الرقيق المفعم غالباً برائحة الليمون، ومن موسم الصيف في الأعالي للحصول على الذهب السائل.

إدارة المناحل
لا بدّ لمربي النحل من الإلمام بأصول تربية النحل وقواعدها العلمية سواء ما يتعلق منها بالنحل و عاداته وسلوكه أو بالبيئة المحيطة في مكان التربية ومدى توفّر مصادر الغذاء، على أن يبدأ بالتدريب على عددٍ قليلٍ من القفران ليزيد بعد ذلك عددها مع تعمّق خبرته. وتذكر أوساط النحالين عدداً من الشروط المكانية المهمة لنجاح المنحل منها: إختيار المكان، وضعية كل خلية، عدد الخلايا في المنحل، المسافات بين المناحل، إدارة المنحل من خلال:
تقوية و دمج الطوائف الضعيفة وتبديل الملكات في الربيع وتضم:
1. اتباع القواعد اللازمة في فترة التطريد الطبيعي.
2. استخدام الطرود الطبيعية.
ضم الطوائف.
عدم اعتماد التطريد الطبيعي.
توسيع المنحل و تكوين طوائف جديدة.
ضم وتقوية الطوائف وتبديل الملكات في الخريف وتضم:
1. التغذية الصناعية .
2. المغذيات .
3. وقت التغذية وكمية الغذاء.

من “صيد” العسل في البراري
إلى مرحلة المناحل والصناعة

يعتقد علماء الطبيعة أن اكتشاف النحل العاسل (أي المنتج للعسل) تمّ بمحض الصدفة كما الكثير من الاكتشافات والمعارف البشرية، وقد يكون الإنسان الأول انتبه إلى العسل من خلال ملاحظة سيلان العسل من بعض الخلايا الممتلئة في الصخور أو الأشجار، ومن المؤكد أن تذوق الإنسان للعسل منذ المرة الأولى جعله يتعلق بهذا المنتج الطبيعي ويدرك فائدته الكبيرة للصحة، فضلاً عن كونه محلياً مهماً ويوفر للجسم طاقة كبيرة. وكان أول ما سعى الإنسان لتعلمه هو قطاف العسل من البراري عبر إبعاد النحل وذلك لتفادي اللسع المؤلم لمئات بل آلاف النحلات التي تدافع عن خليتها بشراسة. وقد اختبر الإنسان أن دخان الحرائق يبعد النحل ويشله عن الحركة فتعلم أسلوب “تدخين” الخلايا التي يسعى لقطاف العسل منها. واستمر الإنسان لآلاف السنين معتمدا على اقتفاء أثر النحل للعثور على خلاياه ثم قطافها من دون أن يعبأ بفن تربية النحل كما نعرفه اليوم.
لكن الإنسان عاد وتقدم باتجاه تربية النحل عندما بدأ يصنع له خلايا شبيهة بما يميل إلى الإقامة فيه في الطبيعة فاستخدمت جذوع الأشجار كما استخدمت القفران المصنوعة من القش والطين أو من القصب والجرار الفخارية، وتم تطوير القفران حسب بيئة كل شعب وما يتوافر حوله من مواد طبيعية أو ما يلاحظه من سلوك النحل. وقد استخدمت خلايا العود والطين والجرار و غيرها من المواعين منذ 2400 سنة قبل الميلاد وخاصة من قبل الحضارات القديمة من مصر واليونان وغيرهما وهذا النموذج من الخلايا ما زال يستخدم على نطاق محدود في بعض مناطق الشرق الأوسط.

آفات نحل العسل
رغم أن طائفة النحل مزودة بسلاح طبيعي لحماية نفسها من الأمراض والأعداد الاخرى إلا أن وجود العوامل المشجّعة أحياناً لإنتشار الأمراض والآفات في المناحل تتغلب على هذا السلاح الطبيعي لدى النحل و تصيبها ببعض الأمراض .

القيمة الغذائية والطبية لمنتجات النحل
عرفت منتجات نحل العسل منذ القدم بقيمتها الغذائية والشفائية وقد أكدت الأبحاث الحديثة هذه المقولة القديمة ورغم ما توصّل إليه العلم من تقدّم مدهش فما تزال خواص كثيرة من حيث القيمة الغذائية والدوائية الوقائية والعلاجية لمنتجات النحل غير معروفة حتى الآن. يستهلك ما يقارب الـ75% من إنتاج العسل العالمي بحالته الطبيعية ويستعمل حوالي الـ 10% منه للصناعة و15% في صناعات ٍمختلفة ويساهم العسل في الكثير من العلاجات الطبية والوقائية كما ذكرنا ومنها :
يستعمل العسل كمطهر ومضاد للبكتيريا
يساهم في التئام الجروح والقروح
يساعد في معالجة امراض المعدة والامعاء
يستخدم العسل في معالجة أمراض الجهاز التنفسي
يستخدم العسل في معالجة أمراض الشرايين والقلب.

خلايا نحل قديمة مصنوعة من القش
خلايا نحل قديمة مصنوعة من القش

نائب رئيس منتدى نحالي الجنوب الشيخ طارق أبو فاعور
عسل لبنان بين الأجود في العالم

الشيخ طارق أبو فاعور من أبرز العاملين في قطاع النحل وصناعة العسل في منطقة الجنوب. في هذا الحوار كانت لنا جولة سريعة استهدفت التعريف بتربية النحل وفوائدها الاقتصادية وقضاياها وبعض أبرز التحديات التي تواجهها. وهنا الحوار:

الشيخ طارق أبو فاعور
لشيخ طارق أبو فاعور

كيف تنظر إلى تربية النحل ؟
تعتبر تربية النحل أحد أهم مجالات العمل الزراعي في لبنان اذا أوليت الاهتمام اللازم لما لها من تأثير إيجابي على الاقتصاد الوطني وعلى دخل الافراد، وتعتبر البيئة في لبنان مثالية لتربية النحل من خلال الفصول الأربعة، إذ يساهم ذلك في تنوّع النباتات الرحيقية، كما أن الموقع الجغرافي وطبيعة التضاريس مفيدة لمربي النحل، إذ تمكنه من وضع النحل على مستويات ٍ مختلفة ابتداءً من الساحل حيث موسم زهر الليمون وبشكل متصاعد حتى قمم جبال لبنان خلال فصل الصيف.
هل تعتبر لبنان غنياً بالمراعي الطبيعية للنحل؟
نعم، إذا أقمنا مقارنة بين لبنان والقارة الاوروبية نجد وفق دراسة حديثة أن القارة الأوروبية تحتوي على ما يقارب الـ745 نوعاً من النباتات الرحيقية، في حين أن لبنان يحتوي على ما يزيد على 500 نوع من تلك النباتات، وهذا ما من شأنه أن يضفي جودة على العسل اللبناني من خلال اختبار ما بين العسل اللبناني والعسل الايطالي عندما كنا نجري دورة هناك فاثبت العسل اللبناني جدارته وجودته.

ما هي الآفات التي يتعرض لها النحل حاليا؟
يواجه النحالون العديد من أمراض النحل والتي يتم التعامل معها وفق الخبرة التقليدية والمكتسبة، بالإضافة إلى الأدوية المتوافرة، كما أن هناك أمراضاً لا يعرفها النحال وهذا يعود إلى غياب التنسيق ما بين النحالين ولاسيما خلال فترات الأمراض، وحين يتوجب وضع الأدوية و التنبه إلى هذا المرض من خلال التنسيق لكي لا تنتقل عدوى المرض إلى النحل المجاور . ونلفت إلى أنه يوجد اليوم في أوروبا وأميركا مرض يتمثل باضمحلال جماعات النحل وتراجع عددها في القفران ولم تُعرف أسبابه العلمية حتى اليوم لكن هذه الظاهرة لم تصل بعد إلى لبنان .

ماهي مواسم قطاف العسل ؟
نعتمد على موسمين، الموسم الربيعي و الموسم الصيفي، حيث يتم قطف الموسم الأول في نهاية فصل الربيع حيث يكون العسل يحوي رحيق أزهار هذا الموسم. و نلفت أن العسل ممكن أن يأخذ طبيعة الحقل الذي وجد فيه لاسيما العسل الذي يجنى من زهر الليمون حيث يكون غنياً لاسيما بالفيتامين c وهذا الموسم يجنى في أول الصيف. أما موسم العسل الصيفي فيتم جنيه في نهاية فصل الصيف.

كيف أثّر دخول النحل الأجنبي على النحل؟
هناك تأثير سلبي، فالنحلة الموجودة لدينا هي نحلة أصيلة وذات نوعية جيدة لكن النحل أو الملكات الغربية التي دخلت غير منتجة مثل الملكة الوطنية و ضعيفة المناعة بحيث هي قابلة للمرض بسرعة و هذا ما يجب العمل عليه من خلال إعادة تطوير وإنتاج الملكات الوطنية.

هل من أحد يعمل على تربية الملكات خارج قفرانها؟
توجد مجموعة قليلة من النحالين في لبنان الذين يهتمون في تربية الملكة وتأصيلها نحن من هذا الفريق إذ نعمد إلى تربية الملكات في قفران خاصة ونبدأ العملية عندما تكون النحلة ملكة يتم نقلها من قفيرها إلى كؤوس خاصة بطريقة نحافظ عليها.

كيف تصف لنا دور الملكة في القفير؟
الملكة كما يدل اسمها عليها أن تقود جيشاً من العاملات اللواتي يقع على عاتقهن إغناء قوالب الشمع بالعسل، وكلما كانت الملكة فتية ومحصنة كلما كانت النتيجة أفضل، وهنا فإن على المربي أن يعمد إلى تطوير الملكة بشكل مستمر كون عطاء الملكة يكون في السنتين الأولى والثانية من عمرها ثم يبدأ بالتراجع.

هل يتم أخذ العسل كله من داخل القوالب؟
كلا، لا يجوز قطاف كل ما ينتجه النحل من العسل داخل القفير، بل يجب ابقاء قوت لها كي تبقى قوية و منتجة. وعلى المربي الا يطمع في إخراج كل ما يحتويه القفير من العسل كي لا تتراجع قوة النحل العامل إذا لم يجد غذاءً. ونشير بصورة خاصة إلى عملية القطاف والفرز التي تتم في نهاية الصيف على أبواب فصل الشتاء وفي وقت تكون الطبيعة مفتقرة للأزهار الرحيقية فتصبح النحلة بحاجة إلى أن تأكل من داخل القفير من العسل التي تمّ جنيه في فصل الصيف .

ما هي نصيحتك للنحالين ؟
يجب ألا يتم التعامل مع النحل على أنه مسألة تجارية للكسب أو الربح، فالنحل يجب أن يأخذ حقه من الرعاية و الاهتمام و تربيته شبيهة بتربية الأبناء تماماً، ولأن أي جور على النحل قد يحقق كسباً قصير الأمد لكنه يؤدي إلى إتلاف القفران وخسارة النحال في نهاية المطاف.

الارشاد الزراعي-زراعة أصناف التفاح الجديدة

زراعــة أصنـاف التفــاح الجديــدة

أبرز ميزات الأصناف المحسّنة لشجرة التفاح :
> قـــوة الأصـــل الجـــذري
> تكيّفـــها مـــع مختلـــف أنــــــواع التــــــربة
> قــــــدرتها علــــــى النمـــو والإثمـــار مـــن دون ريّ
> تحمّلــــــها للبــــــرودة الشــــــديدة
> إنتــــــاج وفيـــر وثمـــار متجانســـة وجميلـــة الشكـــل

تستهدف هذه المقالة مساعدة الراغبين في زراعة التفاح على تكوين ثقافة زراعية أولية حول هذه الشجرة، التي تعتبر ربما ملكة أشجار الفاكهة وأكثرها شهرة وشعبية في العالم.
نبدأ بالقول إن زراعة التفاح تخضع لمعايير عامة تتعلق بزراعة الأشجار المثمرة، وهي معايير تهتم بتنظيم وتأهيل الأشجار المثمرة وتطوير إنتاجها اقتصادياً، كما تركّز على الأعمال الحقلية من تقليم وريّ وحراثة وتنظيم إثمار وتسميد (حسب الحاجة) ومكافحة، إذا لزم الأمر، ثم القطاف، وذلك بهدف الحصول على أفضل إنتاج من حيث الجودة والكمية، وبالتالي القيمة الاقتصادية.

واعد عامة في زراعة الأشجار المثمرة

تخضع زراعة الأشجار المثمرة إلى مجموعة من المحددات الطبيعية والمناخية، ولا بدّ من مراعاة تلك المحددات عند التفكير في زراعة صنف معين من الفاكهة أو الأشجار المثمرة. ومن أهم العوامل التي لا بدّ من مراعاتها خصائص المناخ ومدى ملاءمته للشجرة التي يراد الاستثمار فيها، وكذلك موقع الأرض وخصائصها الطبيعية. وسنفصل كلاً من هذين العاملين في الفقرات التالية:
أولاً : عامل المناخ
يتيح لنا فهم المناخ معرفة الأصناف التي يجب زرعها، والتي تعطي مردوداً اقتصادياً، وهذا العامل لم تتم مراعاته في السابق عندما أهدرت مساحات في الجبل لتجربة أصناف زراعية جديدة بلا جدوى، لأنها لا تنمو الا على ارتفاع معين وفي تربة خاصة. من تلك الأمثلة زراعة أشجار المشمش على ارتفاع 1300 متر عن سطح البحر، وهي خيار غير مجدٍ لأن شجرة المشمش تحتاج إلى حرارة معتدلة في مرحلة الإزهار. ومن أهم مكونات المناخ:
-1 الحرارة: تحتاج الأشجار المثمرة إلى درجات حرارة تختلف باختلاف أصنافها، فمنها ما يحتاج إلى درجة معينة من البرودة كأشجار التفاح والكرز والكستناء، ومنها ما يفضل حرارة معتدلة كأشجار المشمش والدراق والإجاص والخوخ وغيرها، بينما تفضل أشجار أخرى حرارة معتدلة إلى دافئة في فصل الشتاء مثل أشجار الحمضيات.
-2 الأمطار: تنجح الأشجار المثمرة في المناطق التي يزيد فيها معدل الأمطار على 700 ملم سنوياً خاصة في الأراضي المزروعة بالأشجار البعلية، أي التي تعتمد على موسم الأمطار ولا يجري ريها في موسم الشحّ. أما في الجبل، فان معدل الأمطار يزيد على 700 ملم سنوياً هذا يعني أن جميع مالكي الأراضي في الجبل قادر على استصلاحها وغرسها بالأشجار المثمرة وخاصة التفاح والتين والكرمة والكرز والجوز والزيتون … الخ.
-3 البرودة: تحتاج بعض أصناف الأشجار المثمرة إلى البرودة خلال فصل الشتاء من أجل مرحلة السكون والراحة اللتين تمر بهما، أي ايقافها عن النمو، خاصة الأشجار التي تتساقط أوراقها. أما الأشجار دائمة الخضرة، فهي أيضاً تحتاج إلى فترة من الراحة ولكنها تستمر في تغذية أوراقها بشكل جزئي من العناصر الغذائية التي ادّخرتها خلال موسم النمو والنشاط (خلال فصلي الربيع والصيف).
-4 الارتفاع عن سطح البحر: تزرع الأشجار المثمرة في الاماكن حسب ما تحتاجه من ارتفاع ملائم لها ومدروس اقتصادياً، أي أن أشجار التفاح لا جدوى اقتصادية من زراعتها على ارتفاع اقل من 800 متر عن سطح البحر، وعلى عكسها الحمضيات فهي لا تزرع على ارتفاع يزيد على 700 متر عن سطح البحر.

موقع الأرض
-1 التربة الملائمة: تعتبر التربة من العوامل المهمة لنجاح زراعة الأشجار المثمرة وإنتاجها وتأتي في الدرجة الثانية بعد عامل المناخ. مثلاً، إن أشجار التفاح وخاصة المطعمة على أصل جذر تنمو وتتلاءم مع جميع التربة، أما بعض الأشجار الأخرى لا تنمو وتعطي مردوداً اقتصادياً وفيراً الا في أتربة خاصة؛ مثلاً، الزيتون ينمو ويعطي مردوداً اقتصادياً في التربة الكلسية الطميية، وبينما شجيرات الكيوي لا تعطي “إنتاجاً” مطلقاً في التربة الكلسية.
-2 المسافات بين الأشجار: تختلف المسافات من صنف لآخر وحسب حجم وعمر الأشجار اقتصادياً وطبيعة التربة وخصوبتها، وحسب الأصل الجذري المستخدم، فإنَّ أصناف التفاح المطعمة على أصل جذر تزرع على شكل خطوط متوازية يكون بين الخط والآخر 3،5 أمتار وبين الشجرة والأخرى أيضاً 3،5.
-3 عمق التربة وخصوبتها: تحتاج الأشجار المثمرة إلى تربة عميقة نوعاً، منها ما يحتاج إلى تربة عميقة لأن جزءاً من جذورها وتديا كأشجار الكرز، ومنها ما يحتاج إلى تربة متوسطة العمق بين (150-200سم) مثل التفاح، وأخرى إلى أقل من ذلك مثل أشجار الدراق والكرمة، وكذلك حسب أنواع الأشجار وأحجامها.
-4 استصلاح الأرض: من المفضل قبل زرع النصوب استصلاح الأرض أي نقبها وتسطيبها إذا كانت منحدرة على ان لا يزيد انحدارها على نسبة 40 في المئة.
-5 الطرقات: قرب البساتين من الطريق عامل مهم في الزراعة لأنه يوفّر تكاليف وعناء توصيل الشتول والمعدات المستعملة للزراعة والأسمدة العضوية وغيرها، وكذلك نقل الإنتاج منها وإلى الأسواق.
-6 الريّ: من المفضَّل توفير مصدر مياه للريّ لمساعدة الأشجار على اجتياز الحرارة الشديدة في الصيف، كما حصل في هذا العام خاصة في بداية نموها وبعد زرعها في الأرض المستدامة، لأن عندما تقلع النصوب من المشاتل يبقى قسم لا يستهان به من جذورها الشعرية الماصة في أرض المشتل وأيضاً تقلع قبل سقوط أوراقها، وهذان العاملان يؤديان إلى ضعف الشتول وحاجتها إلى الريّ.

تفاح غرني سميث
تفاح غرني سميث

القواعد الخاصة بزراعة أشجار التفاح

تعتبر زراعة التفاح من أقدم الزراعات التي عرفها الإنسان في حقل الأشجار المثمرة. وعرفت هذه الزراعة منذ حوالي أربعة آلاف سنة وتعتبر أشجار التفاح أكثر الأشجار المثمرة انتشاراً في العالم بعد الزيتون.
وفي بداية القرن العشرين بدأت شجرة التفاح تنتشر في الشرق الأوسط بعد أن استطاع بعض المهاجرين العرب التعرّف عليها وتعلُّم على كيفية زراعتها. وقد أثبتت شجرة التفاح تأقلمها وملاءمتها للظروف المناخية والتربة في لبنان خاصة في جبله، حيث أُنشئت البساتين وزُرعت بأشجار التفاح، ومما زاد انتشارها إقبال المزارعين على استيرادها وزراعتها في حقولهم.
ولأشجار التفاح أهمية كبيرة في جميع أرجاء العالم بسبب فوائدها الاقتصادية والغذائية والصحية، كما أن ثمارها لذيذة الطعم وموجودة في الأسواق بشكل دائم لإمكانية تبريدها وحفظها لمدة طويلة نسبياً، وكذلك تتحمل ثمرة التفاح النقل بدرجة كبيرة بالمقارنة مع ثمار الأشجار الأخرى.
كما تحتوي ثمرة التفاح على مواد غذائية للجسم (ماء 85 في المئة – سكريات نحو 14في المئة – أحماض 0،8في المئة – مواد عفصية 0،2 في المئة – فيتامينات أ، ب1، ب2 وسي). (راجع الفوائد الطبية للتفاح في مكان آخر).

> أصنـــــاف التفـــــاح

إنتاج نصوب التفاح المحسنة قد يتراوح
ما بين 40 و200 كلغ في السنة للشجرة الناضجة
-1 أصناف التفاح القديمة:
وهي منتشرة في مناطق عديدة من لبنان، إلا أن هذه الأصناف بدأت بالانقراض لأسباب عديدة منها إهمال المزارع لها لقلة إنتاجها ورخص ثمن ثمارها وعدم مقاومتها للآفات الزراعية، ومن هذه الأصناف التفاح السكري – التفاح البلدي – التفاح الانكليزي – والأحمر المخضر وغيرها.
وغالباً ما تكون هذه الأصناف غريبة الشكل، ومتنوعة في الملمس واللون، حيث يجد البعض أن للأصناف القديمة نكهة أفضل من الحديثة، ولكن ربما تواجه الأصناف القديمة مشاكل أخرى تجعلها غير قادرة على البقاء تجارياً، مثل العائد المنخفض، وسهولة المرض، أو التحمّل الضعيف للنقل والتخزين. ولكن هناك أصنافاً قديمة قليلة لا تزال تنتج على نطاق ضيق، ولكن بعض المزارعين أبقى على قيد الحياة على بعض تلك الأصناف في الحدائق المنزلية، وهم يبيعون إنتاجها مباشرة إلى الأسواق المحلية. هناك العديد من الأصناف الغريبة والمهمة محلياً التي تحمل نكهاتٍ ومظاهر فريدة؛ وبدأت حملات حفظ التفاح في جميع أنحاء العالم للحفاظ على هذه الأصناف المحلية من الانقراض.
-2 أصناف التفاح الحديثة:
هذه الأصناف مستوردة من الخارج ومطعمة على أصول جذرية أوروبية من إنتاج خضري للتفاح. تم اختيار هذه الأصول بعد أبحاث علمية أجريت على عشرات من أصول التفاح البري من أنحاء العالم وانتخب منها حوالي خمسة أصول تتميز بمواصفات عالية لتأقلمها مع جميع أنواع التربة وتنمو من دون ريّ (بعل) وتتحمل البرودة الشديدة والحرارة المرتفعة ومقاومة للآفات الزراعية. أهم الأصناف المطعمة على الأصل الجذري هي: سكارليت سبور- ايس – توب ريد – ايرلي ريد – ايرلي ريد وان – ايرلي غولدن – ريد شيف – غيل غالا – غولدن ديليشوس- ريد ديليشوس – غراني سميث – فوجي وغيرها. جميع هذه الأصناف تعطي إنتاجاً وفيراً وثماراً جميلة اللون والحجم ومردوداً اقتصادياً جيداً لأنها مرغوبة في الأسواق المحلية والخارجية وأسعارها مرتفعة نسبة للأصناف القديمة، كما أنها صالحة للتصدير والتخزين لفترة طويلة وذات قيمة غذائية عالية. أما أسعار هذه الأصناف، وبحسب مؤسسة جورج ن. إفرام (مؤسسة تُعنى بتأصيل الأشجار المثمرة) في سوق الجملة، جمعت بواسطة مسح ميداني أجري في جميع الأقضية ما بين 15 و31 تشرين الأول 2009 فهي كما يلي وفق الجدول المرفق.

الأصناف الجديدة تتميز بإنتاجية مرتفعة وتجانس في الثمار
الأصناف الجديدة تتميز بإنتاجية مرتفعة وتجانس في الثمار

إكثار التفاح:
تتكاثر أشجار التفاح بطرق عديدة أهمها: البذرة، التطعيم، الأصول الجذرية، الفسائل والأخلاف. وسنكتفي بالتحدث عن الأصول الجذرية للأصناف الجديدة المحسنة لأنها الأفضل اقتصادياً.
تتميز الأصول الجذرية بالمجموع الجذري الكبير الذي يساعد الأشجار على النمو بسرعة وتثبيتها في الأرض، كما أنها مقاومة للآفات الزراعية ومقاومة أيضاً للجفاف، وقدرتها السريعة على التأقلم مع غالبية أنواع التربة.
وتزرع هذه الأصول (البادرات) على شكل خطوط في المشتل، ويتم تطعيمها في العام الثاني بالأصناف الحديثة والمرغوبة اقتصادياً، ثم تزرع في الأرض المستدامة (البساتين) في العام التالي. وتعطي هذه النصوب إنتاجاً ابتداءً من العام الثاني بعد غرسها في البساتين والحقول، كما أنها تعطي إنتاجاً غزيراً ومتجانساً في اللون والحجم الكبير نسبياً بالمقارنة مع أصناف التفاح القديمة التي تتأخر في الإنتاج، أي بعد عامها الرابع من الغرس.
تعطي الأشجار الناضجة بدءاً من 40 كيلوغراماً في السنوات الأولى (بين السنة الرابعة والسادسة) من إنتاجها إلى 200 كيلوغرام من التفاح كل سنة (بين السنة الثانية عشرة والخامسة عشرة)، على الرغم من أن الإنتاجية تتفاوت من سنة إلى أخرى حسب العوامل المناخية والخدمات الحقلية. وتتفاوت الأصناف في قوتها والحجم النهائي للشجرة، حتى عندما تنمو على الفسيلة الجذرية نفسها.
اختيار النصوب من المشتل: يفضّل اختيار الشتول المستقيمة والتي يتراوح طولها ما بين 1.5 و2 متر وغير مصابة بالأمراض وتكون تامة الالتحام بين الأصل والطعم، وارتفاع الأصل يكون نحو 40 سم وخالياً من أي أخلاف جانبية، وجذورها كثيفة وقوية وتكون جميع أوراقها متساقطة وتقلع أمام المزارع.

> الشــــــروط المنــاخيــــــة

التفاح يحتاج إلى مناخ معتدل مائل إلى البرودة
ويفضل ارتفاعات لا تقل عن 800 متر عن سطح البحر

تفاح-فوجي-الياباني-يزداد-شعبية
تفاح-فوجي-الياباني-يزداد-شعبية

للتفاح احتياجات مناخية ومتطلبات بيئية أهمها:
-1 الحرارة: ينمو التفاح في المناطق المعتدلة والمائلة إلى البرودة وتفضّل المناطق التي تكون فيها الحرارة معتدلة وتتحمل الحرارة المنخفضة أثناء فصل الشتاء لإكمال مرحلة السكون من دون أي ضرر، لأن الأشجار متساقطة الأوراق ترتاح خلال فصل الشتاء. أما في مرحلة الإزهار وإذا انخفضت الحرارة إلى ما دون الصفر لأيام عدة، لا تتحمل الأزهار فلا يتم عقدها وتسقط على الارض. اما بالنسبة لارتفاع درجات الحرارة، فإن الأجزاء والنواة الحديثة والحساسة تتأذى عندما ترتفع درجات الحرارة إلى أكثر من 40 درجة مئوية؛ وأفضل درجات الحرارة التي ينمو فيها التفاح والثمار وكافة أجزاء الشجرة هي ما بين 15 – 28 درجة مئوية.
-2 البرودة: تحتاج أشجار التفاح خلال فصل الشتاء إلى برودة كافية من أجل مرحلة الراحة والسكون على أن تكون الفترة ما بين 500 و1500 ساعة ولا تزيد فيها درجة الحرارة على 7 درجات مئوية وحسب أصنافها.
-3 الامطار: تحتاج أشجار التفاح في الزراعات البعلية إلى أمطار يزيد معدلها على 700 مللتر سنوياً وما فوق كي تكون الزراعة اقتصادية.
-4 الارتفاع عن سطح البحر: تزرع أشجار التفاح في جبل لبنان على المرتفعات، والذي يكون ارتفاعها ما بين 800 و1800 متر عن سطح البحر (حسب الأصناف)، وذلك لتوفر البرودة الكافية لفترة الراحة والركود.
-5 التربة: تتميز أشجار التفاح المطعمة على الأصل الجذري بمجموعة جذرية كبيرة وعالية. فهي تنمو في جميع التربة، ولكن تفضل التربة الطميية الخصبة والعميقة وجيدة الصرف.
-6 الضوء: إن دخول أشعة الشمس إلى داخل الأشجار ضروري لمساعدتها على تكوين براعم ثمرية من الداخل، وبالتالي إنتاج الثمار الجيدة من حيث اللون والطعم. لذا يستحسن في التقليم إزالة الأغصان والفروع المتشابكة والمتزاحمة لزيادة المساحة الغذائية المناسبة.
-7 إنشاء البستان: بعد اختيار الموقع المطلوب والملائم للاغراس المنوي زرعها، يتم تحضير التربة آخذين في الاعتبار خصائص المجموعة الجذرية لأصناف التفاح من حيث النمو. ويستحسن تنفيذ الأعمال الزراعية التالية:
نقب الأرض: تنقب الأرض على عمق حوالي 90 سم وتنظف من الأحجار وجذور الأشجار البرية إن وجدت، وذلك خلال شهر آب عندما تصبح التربة قليلة الرطوبة لمنع استمرار النباتات البرية المزاحمة على الغذاء مثل العليق، النجيليات (التيّل، الرزينة، السعد)، ونباتات برية أخرى. في المرحلة الثانية، تحرث الأرض على عمق 40 سم على جرار جنزير ثم تحرث حراثة سطحية بواسطة فرامة لتسوية سطح التربة وتكسير الكتل الترابية.
تخطيط الأرض: طرق الغرس كثيرة أفضلها الشكل المثلث والمربع مما يتيح زرع أكبر عدد ممكن من النصوب. يتم تخطيط الأرض لتحديد موقع النصوب وتكون المسافة ما بين خطين متوازيين 3،5 أمتار وبين شجرة وأخرى 3،5 أمتار. كما أن هذه المسافات بين الخطوط تتيح المجال لاستخدام الآلات الزراعية مثل جرار الحراثة.
زرع الشتول: يستحسن قبل الزرع وضع قليل من السوبر فوسفات الثلاثي في قاع الحفرة لأنه يساعد المجموع الجذري على نمو أفضل، مما يؤدي إلى زيادة حجم أكبر للأغراس.
-8 التقليم: يعتبر التقليم من أهم الأعمال الحقلية لشجرة التفاح لأنه من الأعمال الأساسية لزيادة الإنتاج وجودة الثمار وزيادة عمر الشجرة اقتصادياً. وتساعد عملية تقليم الأشجار على التحكم بطبيعة واتجاهات نموها. وأفضل أشكال التقليم هو الشكل الكأسي الذي يمكّن الشجرة من الإثمار من الخارج وفي الداخل أيضاً، كما يسمح بدخول الشمس والضوء.


تبدأ عملية التقليم بعد الغرس مباشرة على ارتفاع يتراوح ما بين 50 و70 سم ويفضل أن تكون الساق قصيرة، لأنها تتعرَّض للعوامل الطبيعية من حرارة وصقيع. وفي الوقت نفسه، يجب الانتباه إلى السماح بمرور الآلات الزراعية بين الأغراس من دون تضرّرها.
في العام الثاني، يبدأ التقليم التكويني فينتخب المزارع ثلاثة أو أربعة فروع وتقطع الفروع المتبقية. أما الفروع المنتخبة، فيقص نصفها العلوي على أن يراعى اختيار البرعم العلوي المتجه إلى خارج الشجرة، وذلك بهدف توجيه الفرع الجديد الذي سينبت منه إلى الخارج أيضاً والحفاظ على الشكل الكأسي للشجرة. في العام الثالث أيضاً يستمر التقليم التكويني مع بدء تقليم تنظيم الإثمار خاصة في هذه الأصناف مبكرة الإنتاج. وتقلم الشجرة بالطريقة نفسها على أن تراعى البراعم الثمرية ويكون هذا التقليم خضرياً وتنظيم إثمار في آن واحد.
ومع تقدم عمر الأشجار، تزداد نسبة عملية التقليم لتنظيم الإثمار على التقليم الخضري للمحافظة على عمر الأشجار والحمل السنوي. من المهم والضروري جداً في تقليم الأشجار أن نحافظ على استمرار نمو الأشجار نحو الأعلى، وأن تبقى مستقيمة وليست ملتوية كي يكون ممر العصارة النباتية المشبعة بالمواد الغذائية سهلاً وسريعاً وتصل إلى الأوراق وتطبخ وتوزع إلى جميع أجزاء الشجرة (أوراق، فروع، ثمار، أغصان، جذع وجذور). وكذلك التقليم الإثماري يهدف إلى تنظيم الحمل بين الفروع والأغصان ليكون متساوياً نوعاً ما مع الإبقاء على بعض الفروع الثانوية لتكوين براعم ثمرية جديدة. وأفضل توقيت لتقليم أشجار التفاح يكون خلال الفترة الممتدة من تشرين الثاني إلى كانون الثاني، أي بعد دخول الأشجار مرحلة الراحة والسكون وتساقط أوراقها.

تفاح-ريد-ديليشيوس-أشهر-أنواع-الستاركن
تفاح-ريد-ديليشيوس-أشهر-أنواع-الستاركن

> تسميـــــد أشجــــــار التفــــــاح

أفضل السماد هو السماد العضوي
وأفضل العضوي سماد الدجاج البلدي

تحتاج أشجار التفاح إلى نسب عالية من العناصر المعدنية خاصة عند مرحلة النمو والإثمار. فإن جميع أنواع التربة تحتوي على العناصر الضرورية للأشجار بنسب مختلفة وحسب أنواعها مثلاً: التربة الطميية أغنى أنواع التربة والتربة الرملية أفقرها. لذا يستحسن وضع الأسمدة العضوية البلدية المخمرة كالسماد الحيواني (المعتمد في غذائه على النباتات والحبوب الخالية من المواد الكيميائية) أهمها سماد الدواجن، سماد الماعز، سماد البقر، سماد الخيل والغنم.
هذه الأسمدة هي الحاضنة الطبيعية والوحيدة لتكاثر الكائنات الحية الدقيقة التي تفكك وتحلل وتحول المواد الغذائية لامتصاصها من قبل أشجار التفاح. جميعها غنية بالآزوت (اليوريا) وتلعب دوراً أساسياً في خصوبة التربة وتساعد على تباعد حبيبات التربة الصغيرة مثل التربة الطينية والثقيلة وتقرب الحبيبات الكبيرة كما في التربة الرملية لتسهيل مرور الجذور بينها. كما إنها تساعد التربة على الاحتفاظ بالرطوبة لوقت أطول وتجديد جذور الأشجار وزيادة عمرها الاقتصادي واكتسابها مناعة لابأس بها ضد الجفاف والآفات التي تعتريها.
وإن سماد الدواجن البلدية التي تتغذى من المواد العضوية مثل القمح والأعشاب وبقايا الخضار والفواكه وغيرها هو من أفضل الأسمدة العضوية وأغناها بالعناصر الغذائية ويتميز باحتوائه على حوالي 7 في المئة من الفوسفور، بالإضافة إلى بعض العناصر الأساسية والنادرة التي تحتاجها أشجار التفاح.

جني الإنتاج
تقطف ثمار التفاح قبل نضجها بحوالي الأسبوع كي تتحمل أعمال التوضيب والنقل والاستهلاك والتبريد. لكن لأصناف التفاح مراحل عدة للنضج حسب أنواعها؛ منها يتم نضجه خلال شهري تموز وآب مثل الغالا، وخلال شهر أيلول مثل الريد ديليشوس وغولدن ديليشوس وسكارليت سبور، وخلال شهري تشرين الأول والثاني مثل غراني سميث وغيرها. تعتبر ثمرة التفاح ناضجة عندما تأخذ الحجم واللون الطبيعي لها وعندما يحتوي مذاقها على القليل من المادة القابضة (البكتين). وتحتاج أصناف الستاركن إلى 130 يوماً لتنضج، والغولدن إلى 135 يوماً. كما يمكن معرفة درجة نضج الثمار من اكتمال اسوداد بذور الثمرة. اما عند قطاف الثمار، فيجب مراعاة النقاط التالية:

1. الانتباه لعدم الضغط على الثمار باليدين لأنه يؤدي إلى تلف الثمار بعد القطاف بوقت قصير، وخاصة الأصناف الصفراء والمبكرة في النضج.
2. عدم جرح الثمار عند القطف.
3. يجب قطف الثمار مع العنق الذي يحملها وبرفعها إلى الأعلى تنفصل عند نقطة الالتحام بالغصن، مع الانتباه إلى البراعم الأخرى التي يعتمد على إنتاجها من السنة المقبلة.

التفاح الطيب معجزة
الغذاء والطب الطبيعي

تشكّل الأشجار المثمرة الجزء الأهم والأساس من الزراعة وتعتبر ثمارها مصدراً غذائياً للإنسان، كما أنها تعدّ من المواد الخام الضرورية للصناعات الزراعية الغذائية.
ولثمرة التفاح فوائد طبية عالية وعناصر غذائية مختلفة كالبروتين والفيتامينات والأحماض والدهون ،اذ تساعد الانسان بعد تناولها على الهضم وتليين الجهاز العصبي والألياف وتنظيم الدورة الدموية.
والتفاح يقوي الدماغ والقلب، والمعدة، ويفيد في علاج آلام المفاصل والخفقان، يسكن العطس، ويوقف القيء، ويداوي عسر التنفس ويصلح الكبد، وهو ينقي الدم من السموم، ويقوي عضلة القلب، وبذوره تقتل دود البطن. التفاح غني بفيتامينات أ، ب، ج. كما يحتوي على مواد سكرية وبروتين ومواد دهنية وبكتينية وأحماض عضوية وأملاح معدنية مثل البوتاسيوم والكالسيوم، والصوديوم وغيرها مما لا غنى عنه في تغذية الخلايا وإنمائها وتقوية العظام وتجديد الخلايا العصبية. أما الأبحاث الطبية الجديدة، فتشير إلى أهمية التفاح في المساعدة على تعديل سكر الدم عبر حثّ البنكرياس على ضخ هورمون الأنسولين لتنقية الدم من السكر الزائد للحفاظ على معدل أفضل لسكر الدم. كما دلّت الأبحاث على أن تناول التفاح يخفض خطر التعرض لمرض الألزهايمر.
ظهرت منافع التفاح كمضاد لأنواع عديدة من السرطانيات خاصة سرطان القولون وسرطان الثدي وإنما بشكل خاص في سرطان الرئة، وكذلك في الحد من خطر التعرض للربو. ومثل المزايا المضادة للسرطان والمضادة للربو في التفاح، وقد ارتبطت فوائد التفاح مع العناصر الغذائية المضادة للأكسدة وللالتهابات.
أيضاً، التناول المنتظم للتفاح يخفّض الكولسترول الضار والتريغليسريد مما يؤدي إلى منع انسداد الشرايين
(تصلب الشرايين)، وبالتالي مشاكل القلب والأوعية الدموية الأخرى. لذا نقول “تفاحة يومياً تغنيك عن الطبيب”
“An apple a day keeps the doctor away”

إحياء الاقتصاد الزراعي في الجبل

إحيــاء الاقتصـاد الزراعــي فـي الجبـــل
خريطــة طريــــق وممهــــدات أساسيــــة

في العدد السابق من “الضحى” خصصنا ملفاً أساسياً لموضوع الأرض، وقد شدّدنا فيه على ما يلي:
1. إن انسلاخ جمهور الموحِّدين الدروز عن الأرض، تسارع بصورة خطيرة في العقود الثلاثة أو الأربعة الأخيرة، بحيث باتت أقلية من أهل الجبل تعتمد في عيشها على الأرض وعلى الاقتصاد الزراعي بالمعنى الواسع، بينما انصرفت الغالبية إلى قطاعات الوظيفة العامة أو الخاصة، أو حتَّى إلى قطاعات التجارة والخدمات.
2. إن هذا الاتجاه يهدد بتحويل الأرض من أصول اقتصادية مُنتجة للدخل إلى مجرد أصول عقارية تكتسب قيمتها الوحيدة من قيمتها المحتملة كمواقع للبناء. ونظراً للطلب القوي على البناء، نتيجة التزايد السكاني وارتفاع مستوى المعيشة وتدفُّق التحويلات من المغتربين، فإنَّ أسعار الأراضي كالعقارات، ارتفعت إلى حدٍّ جعل بيعها في كثير من الأحيان مغرياً للمالك، الذي غالباً ما يحتجُّ بأن الاحتفاظ بالأرض كأصول زراعية لم يعد يحقِّق له دخلاً كافياً للعيش، وأنَّ بيعها بالتالي يوفِّر له سيولة نقدية فورية، تمكِّنه من أن يستخدمها في مشاريع معينة، أو أن ينفقها لبناء منزل أو تعليم أولاده، أو تلبية حاجات ملحة.
في الوقت نفسه، شدَّدنا أيضاً على أن الحجة الأساسية التي جعلت الناس يهجرون الأرض ويهبطون بها إلى مستوى العقار الجماد، ليست بالضرورة حجة اقتصادية، بقدر ما أصبحت ترتبط بتبدُّل أسلوب العيش ورغبة الكثيرين – وخصوصاً الشباب الذي يتلقَّى قسطاً من التعليم – تقليد الحياة كما يعيشها أهل المدن، أو كما يرونها على شاشات التلفزيون أو عبر الإنترنت؛ وبالتالي فإنَّ اتخاذهم القرار بهجرة أي نشاط يدوي أو زراعي على اعتبار أنه لا ينسجم مع قيم المجتمع الجديدة الذي يريدون الانضمام إليه، والتوجه تالياً إلى نشاطات لا تتطلب الجهد نفسه في قطاعات التجارة أو الخدمات، أو السفر إلى الخارج للعمل في مجالات مماثلة.
بمعنى آخر، إن تراجع الاهتمام بالأرض لا تبرره بالضرورة أسباب اقتصادية، ولا يمكن من هذا المنطلق تبريره بتراجع إنتاجيتها.
علماً أنَّ هذه النقطة المهمة نخصص مقالتنا هذه للتأكيد عليها وإيضاح نتائجها. وسنبدأ أولاً بعرض بعض الوقائع الأساسية التي تؤكِّد أنَّ إحياء الزراعة وتطوير عدد من الصناعات المتصلة بها قد تكون خياراً مجدياً بل مفضَّلاً إذا تمَّ الأخذ بعدد من القواعد الأساسية التالية:
أنَّ النشاط الزراعي لم يتوقف إطلاقاً في الدول الغربية التي يتسابق البعض إلى تقليدها، بل إنَّ الزراعة والمزارعين ما زالوا يعتبرون في تلك الدول فئة محظوظة لأنها تعيش في الريف وتتمتع بحرية أكبر، وهي تعتبر غالباً فئة ميسورة.
أنَّ التلوُّث المتزايد في المدن بات مصدراً لعدد كبير من الأمراض، كما أنَّ الازدحام المتزايد سلب المدينة الكثير من رونقها السابق وجعل الكثيرين يسعون للعودة إلى الأرياف، لكن العودة هذه تتطلَّب، بالطبع، أن يتمكَّن العائدون من توفير مصدر رزق بديل لهم في الزراعة ونشاطاتها.
أنَّ في لبنان نفسه فئة واسعة ما زالت تعيش على الزراعة، سواء في السهول الساحلية أو سهل البقاع؛ وهناك أيضاً فئة تجمع بين الوظيفة والنشاط الزراعي.
يجب الإقرار بالطبع أنَّ إحياء النشاط الزراعي يتطلَّب وضع استراتيجيَّة شاملة تلحظ توفير متطلبات الحد الأدنى، ولاسيما مصادر المياه، هذا فضلاً عن التدريب والإرشاد لحلِّ مشكلتي التسويق وتصنع الفوائض الزراعية. لكن هذه الاستراتيجية يمكن حفزها واستقطاب الموارد إليها في حال توافر نهضة واهتمام متجددين بالنشاطات الزراعية المنتجة من قِبَل المواطنين، إلى جانب قيام تجارب رائدة ناجحة يمكن للآخرين النسج على منوالها، أي أننا بحاجة إلى روَّاد في هذا القطاع، وإلى تجارب نموذجية توفِّر بحدِّ ذاتها أساساً يمكن للآخرين البناء عليه.
إن منطلق تطوير الزراعة كنشاط اقتصادي في الجبل يتطلب وضع مخطط توجيهي جديد يقوم على دراسة شاملة لأنواع التربة وجغرافية الأراضي والمناخات ومصادر المياه القائمة والتقنيات الملائمة Appropriate technology ، أو تلك التي يمكن إضافتها، كما يقوم هذا المخطط على إدخال ما يمكن اعتباره الجيل الجديد من الزراعات الاقتصادية، وهي عبارة عن نصوب تمّ تكوينها على أصول جذرية قوية، وجرى تأصيلها، بحيث باتت تبدأ بالإنتاج من السنة الثانية للزرع وتتميز بتحمّلها لمختلف أنواع التربة والجفاف الجزئي ومقاومة الأوبئة. وهذه الأصناف من الأشجار المثمرة غير معدلة وراثياً، ولكنها نتيجة تجارب طويلة وناجحة من التهجين واختبار الأصول الجذرية التي يتم التطعيم عليها، باتت معتمدة باعتبارها أنواعاً اقتصادية ترفع كثيراً الجدوى الاقتصادية للحقل.
أنَّ منطقة جبل لبنان نظراً إلى طبيعتها الوعرة، قد حافظت إلى حدّ كبير على المزايا الطبيعية فيها، ولم يلحق بها التلوُّث الكيميائي الذي لحق بالسهول نتيجة للزراعات المكثفة، وللاستخدام العشوائي للمسمدات والمبيدات العشبية أو الحشرية والفطرية. وتالياً فإنَّ الجبل ما زال يحتوي على مقوِّمات أساسية لقيام زراعات عضوية تجعل منه المقصد الأول للمستهلكين الراغبين في استهلاك هذه المنتجات، أو لشركات التوزيع والتسويق المتخصصة في تلك المنتجات أو للزراعات العسلية، أي التي تزرع لذاتها – مثل الخزامى Lavender أو اكليل الجبل Rosemarry أو القصعين Sage أو الصعتر- لكن التي يمكن في حال زرعها بكثافات كافية أن تصبح مصدراً رئيسياً لإنتاج العسل العضوي بخصائص رفيعة غذائية وطبية أيضاً.
أنَّ أي مخطط توجيهي جديد لإحياء النشاطات الزراعية الاقتصادية في الجبل، يجب أن يعتمد على تعيين ثمار ومحاصيل مثلى، وأن يأخذ في الاعتبار دورة المحاصيل لتلك الثمار، بحيث يمكن لتلك المحاصيل أن تنزل إلى السوق في توقيت مناسب يحفظ سعرها، كما أن هذا المخطط يمكن أن يلحظ مجموعة المواصفات التي تتيح تصدير المنتجات الزراعية العضوية أو الطبيعية إلى أسواق مختارة في الخليج أو أوروبا أو في الولايات المتحدة وغيرها.
أنَّ الاستثمار في النشاطات الزراعية الجديدة، وفي مشروع تحويل الجبل إلى مقصد للراغبين في المنتجات العضوية وتسويقه على هذا الأساس Branding على نطاق واسع، يمكن أن يوفِّر فرصاً عديدة للمغتربين الراغبين في توفير مبرِّر أقوى للتواجد الدائم في الوطن، أو استثمار أموالهم في مشاريع مجزية تساهم في خلق فرص العمل للشبان والشابات في القرى الجبلية.
أنَّ إحياء الاقتصاد الزراعي كفيل بوضع الأسس لدورة اقتصادية جديدة في الجبل، لأنَّ الزراعات الجديدة والأصناف المحسنة، والدفع في اتجاه تخصص متزايد لاقتصاد الجبل في الزراعات العضوية التي توفر الأسس لصناعات صغيرة ذات قيمة مضافة عالية، تبدأ بصناعات التعليب والمعالجة والتجفيف إلى التقطير، ويمكن لهذه الصناعات أن تشكِّل في مجموعها قطاعاً متقدماً موجهاً للشريحة العليا أو المتطلبة من المستهلكين وللتصدير لأسواق متقدمة في آن واحد.

لمذا-تأخرنا-في-استثمارها
لمذا-تأخرنا-في-استثمارها
شجرة-التين-الطيبة
شجرة-التين-الطيبة
زراعة-الكيوي-في-الجبل-واعدة-ومربحة
زراعة-الكيوي-في-الجبل-واعدة-ومربحة

أنَّ الصيغة المناسبة للاستثمار الزراعي في الجبل، هي صيغة المشاريع الصغيرة المستندة إلى الأُسر أو إلى المجموعات القروية المتقاربة، وليست صيغة التصنيع ذات العمالة الكثيفة، لأنَّ الهدف منها هو توفير الاقتصاد المنزلي أو القروي الملائم للنسيج الاجتماعي وللقيم والعادات، خصوصاً أن فئة كبيرة من سكان الجبل باتت من الملتزمين بسلوك الدين وموجباته، وهذا الأمر يجعل من الصعب عليها القبول ببيئات الاختلاط الواسع التي تفرضها المصانع الكبيرة. وعلى العكس من ذلك، فإنَّ تشجيع الزراعات الجديدة أو المرتبطة بمتطلبات قطاع المنتجات الغذائية العضوية، ينسجم بصورة أفضل مع المزارع الصغيرة أو المتوسطة، ويستوعب في الوقت ذاته الملكيات الصغيرة التي هي الشكل الأغلب للملكية في الجبل، ولا يتطلب بالتالي إحداث بلبلة أو زعزعة في الأساس الاقتصادي لحياة القرية.
أنَّ الصناعات الجديدة المقترحة يمكنها تغطية دورة إنتاج متكاملة لا تتوقف على تسويق المنتج الأصلي، مثل الثمار أو الأعشاب في سوق تنافسية، بل تتوسَّع باتجاه إضافة القيمة على المادة الخام، بحيث لا تكون تلك المنتجات معتمدة بكليتها على التسويق المباشر قبل أي تصنيع أو معالجة، بل على العكس من ذلك فإنَّ تكوين قاعدة صناعات صغيرة تعتمد على المنتجات العضوية أو الطبيعية كمادة خام، سيجعل من الأفضل والمنطقي أكثر عدم بيع كامل المنتج في حالته الخام، بل العمل على تصنيع أكبر نسبة منه بهدف إضافة القيمة وتحقيق أعلى مردود ممكن على المنتج النهائي.
أنَّ طبيعة الاقتصاد الزراعي، الذي نقترح العمل على تطويره، والمنتجات المحسنة والعضوية ستضع في حدّ ذاتها الأسس لتبني أحدث أساليب خلق الماركات التجارية والترويج والتسويق لتلك المنتجات، وهذا في حدّ ذاته قطاع متكامل لا بدّ أن يقوم ويتطور بسرعة إلى جانب القطاع الإنتاجي، بهدف استكمال دورة المشروع وتوفير مقوِّمات الجدوى والربحية. وبهذا المعنى، فإنَّ تطوير اقتصاد يقوم على الزراعات المتقدمة والأصناف المحسنة والصناعات الغذائية سيضع الأسس لقيام قطاع خدمات وقطاع بيع بالتجزئة ومحلات متخصصة تصبح بدورها مقصداً للمستهلكين من داخل وخارج المنطقة. وفي حال توافر الطلب الخارجي على تلك المنتجات، فإنَّ قطاعات مكملة يمكن أن تنشأ وتتطور إلى جانب المنتجات الغذائية عالية النوعية، مثل، قطاع الصناعات الريفية والحِرفية، وهو قطاع ينسجم أيضاً مع التركيبة الاجتماعية للجبل، بإمكانه أن يتطوّر ليصبح مكوَّناً أساسياً من اقتصاد الجبل وقطاعاته الإنتاجية.
أخيراً، فإنَّ النتيجة الأهم لوضع هذه الرؤية موضع التطبيق هي توفير الأسس لتعظيم حلقات القيمة Value chain في اقتصاد مؤسَّس على الزراعة، لكنّه يشمل بمفاعيله قطاعات أخرى متكاملة ويعتمد بعضها على البعض الآخر. وغنيٌّ عن القول إن هذه الصيغة ستساعد في توفير الآلاف من فرص العمل لسكان الجبل، سواء في البيوت (خصوصاً للنساء)، أو في المشاغل والمحترفات أو في التعاونيات الإنتاجية. وتالياً، سيتبع ذلك توفير الأسس لتعزيز الارتباط بالقرية ووقف النزف السكاني باتجاه المدن، ومعالجة جذرية لواقع بطالة الشباب مع ما ينشأ عنها من آفات اجتماعية متزايدة؛ كما أنَّ المأمول هو أن تسهم النهضة الزراعية -الصناعية في إضعاف الحوافز للهجرة بالنسبة إلى عدد كبير من الشبَّان، وتعزيز الرابطة الاقتصادية والمعنوية للموحِّدين الدروز بأرضهم وقراهم، لأنَّ العمق الجغرافي لن يكون عمقاً فارغاً، بل سيتحوَّل إلى عمقٍ اقتصادي أيضاً.

تقهقـــر الاقتصــاد الزراعــي فــي الجبــل مؤشــرات مقلقــة ونــداء للعمــل

في إطار الملف الخاص حول الموحدين الدروز والارض، ننشر هنا مع بعض التصرف فصولاً من دراسة مهمة وحديثة أعدها مجلس الإنماء والإعمار حول الوضع الاقتصادي والتنموي في مناطق الشوف وعاليه، وقد بنيت الدراسة على عمل ميداني واستبيان إحصائي دقيق وشامل استهدف تكوين صورة مفصلة عن الواقع الديموغرافي والاقتصادي والزراعي ومصادر دخل الافراد وحجم الهجرة الداخلية أو الخارجية وطبيعة المشكلات التي تواجه تلك المناطق والحاجات الملحة التي ينبغي التركيز عليها في سياق أي خطة لتنمية وإنهاض القرى الجبلية.
وعلى الرغم من أن الدراسة استهدفت تقييم الوضع الإنمائي بوجه عام، فإن النتائج والبيانات التي خرحت بها تسلّط الضوء لأول مرة على حجم التقهقر الذي تعرض له القطاع الزراعي في الجبل وعمق التحول الذي طرأ على نمط عيش السكان ومصادر دخلهم، وبالتالي طبيعة علاقتهم بالارض وبالمكان. وأبرز ما كشفت عنه الدراسة هو التالي:
إن سكان الجبل الذين كانوا حتى أربعين عاماً مضت يعتمدون على الزراعة والأرض بصورة رئيسية قد تحولوا في معظمهم إلى موظفين في القطاعين العام والخاص أو إلى مغتربين في الخارج، بينما انتقل القسم الباقي منهم إلى قطاع التجارة والخدمات، ولم يبقَ منهم سوى نسبة بسيطة تعتمد في عيشها على الأرض والإنتاج الزراعي أو الحيواني أو تصنيع المنتجات الزراعية في حالات قليلة. وبصورة عامة أظهرت الدراسة أن ما يترواح بين 10 و20 في المئة من السكان المقيمين باتوا يعملون في القطاع الزراعي، لكن الدراسة أظهرت أيضاً أن نسبة كبيرة من هؤلاء يعتمدون على الزراعة كمصدر إضافي للدخل وليس كمصدر رئيسي، كما أن الغالبية الكبرى منهم غالباً ما تستهدف من العمل في الزراعة سد حاجاتها الخاصة من دون القدرة على تحقيق فائض تجاري ذي شأن يمكن بيعه في السوق والحصول منه على دخل رئيسي.

إن التحول الكبير والحاسم في نمط عيش أهل الجبل من الزراعة إلى الوظيفة الخاصة أو العامة أو الهجرة أو التجارة والخدمات يمكن أن يفسر في حد ذاته الانقلاب الصادم الذي نشهده اليوم في نظرة الموحدين الدروز وأهل الجبل عموماً إلى الأرض، وهو انقلاب يجب أن يكون سبباً لقلق عميق ويحمل في طياته أسئلة كبيرة عن المستقبل.
إذ ما الذي يعنيه أن يتحول 80 في المئة من أهل الجبل أو أكثر من منتجين حقيقيين إلى موظفين أو مغتربين أو أصحاب دكاكين ومحلات تجارية؟ فضلاً عن المغازي الكبيرة لتحول أهل الجبل إلى مستهلكين وزبائن للسوبرماركت أو لمحال بيروت وغيرها، ما هو الأثر المحتمل لهذا النوع من التبدل الحياتي على مفاهيمنا الاجتماعية وعلاقاتنا داخل القرية وروابطنا بل وعلى سلوكنا وقيمنا الفردية أو الجماعية؟
ما هو أثر هذا التحول الذي يترافق مع بطالة واسعة ظاهرة أو مقنعة على شبابنا وشاباتنا؟ ما هو تأثيره على لياقتنا البدنية وقوتنا الجسدية وقد قيل دوماً إن العقل السليم في الجسم السليم؟
ما هو تأثير ذلك على تراجع القدرات الذاتية وزيادة الارتهان بالعوامل الخارجية التجارية والسياسية والظروف الطارئة وغير المحسوبة؟
أسئلة وأسئلة نتركها بين أيدي الموحدين وأهلنا في الجبل للتفكير فيها وبأبعادها. هذه الأسئلة ليست نهاية المطاف بل هي على العكس ويجب أن تكون منطلقاً حقيقياً لمواجهة واقعنا المتردي بجدية وروح تضامن واندفاع للعمل والمبادرة. إذ لا يكفي البكاء على الواقع الحالي، بل ينبغى أن نجد الشجاعة والصدق لكي نبدأ العمل معاً من أجل وقف التقهقر أولاً، ثم السعي بدأب لإعادة بناء واقعنا ومرتكزات وجودنا ومستقبل أبنائنا وأجيالنا القادمة.

الدراسة الاجتماعية – الاقتصادية للتجمعات الزراعية في الشوف وعاليه
مجلس الإنماء والإعمار والبنك الدولي

في إطار البرنامج المناطقي ضمن مشروع التنمية الاجتماعية الممول من البنك الدولي، والذي يديره مجلس الإنماء والإعمار، جرى مسح في مناطق في الشوف الأعلى والأوسط ووادي جسر القاضي والشحار الغربي وجرد عاليه.
واستهدف المسح إجراء دراسة ميدانية للتجمعات وتحليل الواقع وتحديد المشاكل والأولويات، لاسيما في القطاع الزراعي، تمهيداً للاستفادة منها في مشروع التنمية الاجتماعية من أجل تمويل مشاريع تستهدف معالجة بعض هذه المشاكل ضمن مؤشرات محددة. واستندت الدراسة إلى تقييم الميزات الجغرافية للمنطقة المستهدفة ومواردها الاقتصادي وواقعها الديموغرافي وثرواتها الطبيعية ومصادر دخلها ونسبة الهجرة الداخلية والخارجية في كل قرية، فضلاً عن تعيين المشكلات التي تواجه تلك المناطق والقرى. وقسمت الدراسة المناطق المستهدفة إلى خمس:

1.الشوف الأعلى

2.المناصف

3.وادي جسر القاضي

4.الشحار الغربي

5.جرد عاليه

وبالنظر لاهتمام المجلة بتظهير الواقع الزراعي في المناطق المشمولة بالدراسة، فقد بدأنا باختيار جوانب الدراسة التي تناولت الزراعة أو المعطيات والعوامل التي تؤثر فيها وفي آفاق نموها، وذلك على أمل أن نعود فننشر في أعداد لاحقة الفصول المتعلقة بالجوانب الأخرى التي لا تقل أهمية.

 المنطقة الجغرافية

استهدف المسح تجمعات في قضائي الشوف وعاليه في الجزء الجنوبي من محافظة جبل لبنان تضم المناطق نحو 55 ألف مواطن بشكل دائم. وتتفاوت نسبة المقيمين الموسميين والمهاجرين بين منطقة وأخرى، ويمثل المقيمون في القرى المدروسة نسبة 81 في المئة من المقيمين في التجمعات. وقد ضمت هذه المحاور المناطق والقرى الواردة في الجدول أدناه الذي يفصل الخصائص الأساسية للمناطق المستهدفة:

الخصائص الجغرافية والسكانية لقرى الشوف وعاليه المشمولة بالدراسة
المساحة (هكتار) السكان المقيمون القرى التي يشملها المحور القضاء اسم المحور
5175 8050 مرستي، الخريبة، بعذران، معاصر الشوف، جباع، وبطمة الشوف الشوف الأعلى
1342 8645 دير بابا، كفرفاقود، كفرقطرة، بشتفين، ديركوشة، الكنيسة، وعميق الشوف المناصف
1866 5368 الغابون، كفرعميه، مرج شرتون، سلفايا، بوزريدة، جسر القاضي، دفون، ومجدليا عاليه وادي جسر القاضي
3062 8750 عبيه، كفرمتى، البنيه، عين كسور، بعورته، دقون، وعين درافيل عاليه الشحار الغربي
2818 11870 بدغان، شارون، أغميد، مجدلبعنا، الرملية، مزرعة النهر، ومعصريتي عاليه عاليه الجرد

وقد جرى العمل على عينة من قرى كل تجمع تضم العدد الأكبر من المقيمين وفق الجدول التالي:

السكان ونسبة المواطنين المقيمين في القرى
النسبة من التجمع % المقيمون في القرى القرى المقيمون
في المحور
المحور
92 7450 مرستي، الخريبة، بعذران، معاصر الشوف، وبطمة 8050 الشوف الأعلى
41 3500 كفرقطرة، ديركوشة، وبشتفين 8645 الشوف الأوسط
90 4813 الغابون، ومجدليا 5368 وادي جسر القاضي
96 8400 عبيه، كفرمتى، البنيه، وعين كسور 8750 الشحار الغربي
69 8200 الرملية، المشرفة، شارون ومجدلبعنا 11870 عاليه الجرد

ولكن بنسب ضئيلة كما يظهرها الجدول أدناه. كما أن العدد الأكبر لليد العاملة موجود في بلدة معاصر الشوف.
يلاحظ ومن تحليل هرم الأعمار في منطقة الشوف الأعلى الطبيعة الفتية للسكان، إذ تمثل فئة ما دون العشرين عاماً نحو 35 في المئة من السكان، ويشير ذلك إلى نسبة كبيرة من الأفراد الين ينتظرون إنهاء دراستهم والمباشرة في العمل، وبالتالي إلى أهمية الاهتمام بالجانب التنموي وخصوصاً الإنتاج الزراعي لتوفير فرص العمل ومواجهة مخاطر تفاقم بطالة الشباب في الجبل مع ما يمكن أن تجر إليه من مشكلات اجتماعية ونفسية وشخصية. يلاحظ أيضا الأهمية الكبيرة للفئتين التاليتين من الأعمار (بين 20 و59 عاماً)، والتي تبلغ نحو 53.4 في المئة، وهذه الفئة تمثل الفوة العاملة الرئيسية وتشير أيضاً إلى حجم الطلب على فرص العمل بين السكان.
كذلك، يظهر الجدول التالي أن نسبة العاملين داخل القرى عالية جداً، مما يشير إلى وجود فرص للعمل داخلية:
وعند دراسة نسبة الدخل الاقتصادي لمختلف قطاعات الانتاج، نجد أن النسبة الأكبر من الدخل تأتي من السكان الموسميين الذين ينتقلون خلال فصل الشتاء إلى المدن أو إلى الخارج طلباً للعمل والذين يمضون العطل وفصل الصيف في القرى. الأمر الذي يحرك العجلة الاقتصادية. فكما يشير الرسم البياني المرفق إن نسبة  الدخل من الهجرة الداخلية (الوظائف) تصل إلى 47 في المئة، وأن الهجرة الموسمية تصل نسبتها إلى 18,8 في المئة، كما يلاحظ أن نسبة العاملين في القطاعات غير الزراعية والتي تشمل الموظفين والمغتربين والعاملين في التجارة والبناء والنقل وغيرها تقارب الـ 82 في المئة، بينما يمثل قطاعي الصناعة والبناء نحو 7.4 في المئة، وهذا ما يبين بوضوح تراجع الزراعة والإنتاج الزراعي، وبالتالي تراجع القطاعات الإقتصادية المحلية كافة.

الإنتاج الزراعي

يتجلى النشاط الزراعي في منطقة الشوق الأعلى بصورة خاصة في المنتجات البيتية (المونة) التي لطالما إشتهرت بها منطقة الشوف. لكن هذا القطاع يحتاج الى الدعم عبر تدريب سيدات المنازل والمزارعين على الإنتاج الصحيح والتعليب والتسويق بالمواصفات العالمية. يشار هنا إلى مشروع التنمية الريفية الذي تنفذه جمعية أرز الشوف بالتعاون مع البلديات، والذي أصبح ينتج ما يزيد على 70 منتجاً من المقطرات والمربيات والنباتات الطبية والعطرية والمأكولات، وكذلك دعم العسل كمنتج حرجي غير حطبي.

 الزراعة

تعاني من قلة مياه الري، وبالتالي قلة الإنتاج وعدم القدرة على المنافسة في الأسواق المحلية، علماً أن المساحة الزراعية الكبيرة التي يمكن إستصلاحها خصوصاً في بلدتي بعذران والخريبة (في حال توافر المياه) يمكن أن تغيّر الواقع الموجود بشكل كبير، بناءً على تجربة البرك الجبلية في بلدة مرستي.

تراجع أهمية الزراعة في الشوف الأعلى
نسبة العاملين في الزراعة (% من الإجمالي) عدد العاملين في الزراعة عدد العاملين الإجمالي القرية
19,2 100 520 مرستي
2,4 20 820 الخريبة
3 30 910 بعذران
3 50 1640 معاصر الشوف
4,8 25 522 بطمة
5,1 225 4412 المجموع
معظم سكان قرى الشوف الأعلى يقيمون في قراهم
نسبة العاملين خارج البلدة نسبة العاملين داخل البلدة عدد العاملين النشاط الاقتصادي
10% 90% 225 الزراعة
20% 80% 2.5 الصناعة
2% 98% 2982 وظائف، تجارة. إلخ.
4412 المجموع

 

 

 

 

 

 

 

 الشوف – المناصف: نصيب أفضل للزراعة والصناعة على حساب الوظائف

لمحة جغرافية

– يقع التجمع المؤلف من سبع قرى في منطقة المناصف، قضاء الشوف.
– جرت الدراسة في ثلاث قرى هي كفرقطرا، بشتفين وديركوشة. وهي تشكل 40 في المئة من السكان المقيمين في كل التجمع.
– الارتفاع الوسطي للتجمع 566م عن سطح البحر.
– تبلغ مساحة التجمع 1343 هكتاراً.
– تحول التجمع من مجتمع خليط بين زراعي وصناعي إلى مجتمع يعتمد أكثر على الوظيفة والصناعات الخفيفة.

 الثروات الطبيعية

تشكل المساحة الخضراء نحو 64 في المئة من مساحة التجمع. ويقع التجمع على منحدر يصل الى 60 درجة مئوية. وتتميز المنطقة بوجود إرث طبيعي وثقافي غني بغابات الصنوبر المثمر والبري، السنديان والملول، لكن الثروة الطبيعية تعاني من الاهمال وسوء الإدارة.

 الوضع الاقتصادي

 يبلغ عدد العاملين العام التقريبي في قرى التجمع الثلاثة نحو 1385 ،أي نسبة 25.64 في المئة من عدد السكان المقيمين الدائمين والموسميين.
19 في المئة من اليد العاملة تعمل في القطاع العام و81 في المئة في القطاع الخاص
تتنوع المداخيل الاقتصادية للأهالي وفق القطاعات الانتاجية، حيث يشكل المدخول من الهجرة الداخلية (الوظائف) النسبة الأعلى، تليه مداخيل الهجرة الموسمية والصناعة والتجارة ثم قطاع البناء والزراعة كما يظهر في الجدول المرفق.
تبلغ نسبة العاملين في قطاع الزراعة 5،77في المئة والصناعة 13،3 في المئة، بينما الخدمات والتي تشمل الموظفين والقطاع السياحي والتجارة والمحال التجارية وغيرها فهي تبلغ نحو 70،2 في المئة. وفي ما يلي جدول يوضح توزع اليد العاملة على قطاعات الإنتاج وأهم أنواع المنتجات، بالإضافة إلى الأسواق المعتمدة لتصريف الإنتاج المحلي والمدخول الاقتصادي من كل قطاع

وادي جسر القاضي: هجرة إلى الوظيفة وبلاد الاغتراب

الوضع الجغرافي

يقع التجمع المؤلف من 12 قرية في قضاء عاليه، في القسم الوسطي منه، على إرتفاع يصل إلى 550م عن سطح البحر.وقد جرت الدراسة على 4 قرى تشكل 90 في المئة من عدد السكان المقيمين في كل قرى التجمع. يبلغ عدد سكان قرى الدراسة 16045 نسمة يتوزعون على 1369 أسرة بمعدل 5 أفراد في الأسرة.

 الثروات الطبيعية

تشكل المساحات الخضراء في التجمع 65 في المئة، لكن أحراج الصنوبر تعاني من عمليات القطع والحرائق لا سيّما في الفترات التي تسبق فصل الشتاء. ويمر في هذه القرى رافد نهر الغابون الذي ترتفع فيه نسبة التلوّث الناتجة عن رمي النفايات فيه وإستخدام المبيدات على حوضه.

 الوضع الاقتصادي

يبلغ عدد العاملين التقريبي في التجمع 1390 عاملاً، أي نسبة 20 في المئة من عدد السكان المقيمين (دائمون وموسميون).ويعمل 40 في المئة من العمال في وظائف القطاعين العام والخاص وتبلغ نسبة العاملين في قطاع الزراعة والتصنيع الزراعي.

 المشاكل

من أهم المشكلات في هذه المنطقة تلوث البيئة والمياه بسبب عدم وجود شبكة صرف صحّي، بالإضافة الى التلوث في الأراضي الزراعية وإتلاف الثروات الطبيعية

الوضع الإقتصادي

إن قطاع الزراعة في كل من الغابون ومجدليا هو قطاع أساسي ومورد رزق مهم لأهالي المنطقة بشكل عام.
مثلا، يعمل في الغابون 210 أشخاص في هذا القطاع، وتشكل الزراعة نحو 40 في المئة من الدخل الأساسي في البلدة.
أما في مجدليا، فيعمل نحو 200 شخص في هذا القطاع، ويؤمن هذا القطاع نحو 15 في المئة من الدخل الأساسي في القرية.

أما لجهة تقييم الوضع الاقتصادي في المنطقة، ففي الغابون مثلاً يشكل قطاع الزراعة المصدر الرئيسي للدخل في القرية، بينما يختلف الوضع في مجدليا. إذ إن الوظائف هي التي تشكل مصدر الدخل الأساسي.

الشحار الغربي: التهجير فاقم تدهور البنية الزراعية

جرت الدراسة على 4 قرى هي البنيه، عبيه، كفرمتّى، وعين كسور، والتي تشكل 96 % من عدد السكان الإجمالي المقيمين في كل التجمع

الوضع الجغرافي

– تقع هذه القرى في قضاء عاليه، في القسم الجنوبي الغربي منه، على إرتفاع وسطي يصل إلى 712م عن سطح البحر.
– تحولت خلال خمسين سنة مضت من مجتمع زراعي إلى مجتمع خدماتي.

الوضع الديمغرافي

– يبلغ عدد سكان قرى الدراسة 14200 نسمة يتوزعون على 1900 أسرة بمعدل 5 أفراد في الأسرة الواحدة.
– 51.9 في المئة مقيمون دائمون و7.8 في المئة مقيمون موسميون.
– 13.5 في المئة مهاجرون ونحو 31.5 في المئة نازحون.
بالإضافة الى السكان الدروز، يشكل السكان المسيحيون 30 في المئة من السكان الأصليين،
54 في المئة من العاملين فيها يعتمدون على القطاع الوظيفي.

الثروات الطبيعية

تكثر في التجمع المساحات الخضراء وأحراج الصنوبر والأرز التي تصل مساحتها الى 65 في المئة من المساحة الإجمالية للمنطقة.
تتوفر المياه في التجمع بشكل عام، حيث يمر رافد نهر الغابون في كل من كفرمتى والبنيه وتتوفر الينابيع بكثرة في بلدة كفرمتى، ولكن لا تتم الاستفادة من هذه الثروات بشكل عام.

الوضع الاقتصادي

يغلب على المنطقة الطابع الزراعي، حيث تصل نسبة الاراضي الصالحة للزراعة إلى 34 في المئة، بينما لا يتم زراعة أكثر من 10 في المئة منها، وذلك ضمن الزراعات البعلية (زيتون).
إن تدهور القطاع الزراعي في لبنان بشكل عام وعدم وجود سياسات زراعية يؤديان الى تشجيع هذا القطاع ما ترك آثاراً كبيرة على الوضع الزراعي في التجمع، مما دفع بالسكان للبحث عن بدائل لذلك.
تغلب الوظائف العامة على القطاعات الاقتصادية، وذلك بعد تراجع الزراعة وهي تشكل النسبة الأكبر من الدخل في كل البلدات. يذكر أن معظم أصحاب المصالح والتجار والمهن الحرة لا ينشئون عملهم داخل بلداتهم، بل يسعون إلى المراكز التجارية والاقتصادية في البلدات القريبة (قبر شمون بشكل خاص ومدينة عاليه) لإقامة مصالحهم فيها، وذلك نظراً لموقعها الجغرافي المميز وازدهار الحركة التجارية والعمرانية فيها.
يطهر الرسم البياني أعلاه تشابهاً في حجم الخلل في البنية الاقتصادية لهذه المنطقة، إذ تفتقد الى التنوع وإلى قطاع خاص نشط واقتصاد زراعي منتج وفعّال قادر على خلق فرص عمل جديدة للشباب الذين يعمدون إلى ترك المنطقة أو الهجرة بسبب غياب فرص العمل المناسبة والمجزية..
ويلاحظ أن الدخل المتأتي من الوظائف يمثل 52 في المئة من الدخل الكلي للمنطقة، كما يظهر تدنّي دخل القطاع الزراعي (6.75في المئة).

 أبرز المشاكل الاقتصادية

عتبر نسبة النشاط الزراعي قليلة جداً مقارنة مع حجم الأراضي الزراعية. ويعتبر تصريف الإنتاج وارتفاع التكلفة ومضاربة السلع الأجنبية من أهم أسباب تراجع هذا القطاع. وتشكل البطالة مشكلة حقيقية بالنسبة للشباب الذين تتراوح اعمارهم بين 25 و35 سنة.
تشكل قلة مردود الإنتاج الزراعي وكلفة الإنتاج المرتفعة وعدم القدرة على تصريفه والمنافسة للإنتاج المحلي (للزيتون خاصة) وعدم وجود سياسة زراعية

مركزية وغياب الإرشاد الزراعي، الأسباب الرئيسية في تراجع هذا القطاع.
هذا بالإضافة إلى التهجير الذي تسبب بإهمال الأراضي مما أدى إلى تعرضها للتعديات الكثيرة عبر قطع الأشجار وانتشار الحرائق وتدهور التربة الزراعية (على سبيل المثال 400 هكتار من 850 هكتاراً مهملة في بلدة كفرمتى وحدها في حين كانت تنتج 70 في المئة من إنتاج المنطقة من الزيت والزيتون).

جرد عاليه: أهل الجرد لا يحبون الوظيفة لكنّ الكثيرين هاجروا

 المنطقة

– 8 قرى في قضاء عاليه هي: الرملية، أغميد، شارون، مجدلبعنا، المشرفة، معصريتي، مزرعة النهر وبدغان.
– جرت الدراسة في 5 قرى هي: الرملية، أغميد، شارون، مجدلبعنا والمشرفة. ويمثل سكانها 69 في المئة من مجمل السكان المقيمين في التجمع.
– يتراوح ارتفاع القرى قيد البحث بين 600 إلى 1200م عن سطح البحر، وتبلغ المساحة الإجمالية لكل من قرى الدراسة بين 3 ملايين و9 ملايين متر مربع.

 الوضع الديموغرافي

– عدد السكان الإجمالي حسب القيود 18،840 الف نسمة، منهم 10،650 مقيمون ويرتقع العدد في موسم الصيف إلى 22،850 الفاً، وتبلغ نسبة الهجرة  الداخلية 55 في المئة، والهجرة الخارجية 30 في المئة (إلى دول الخليج). وتتألف كل القرى من الدروز باستثناء الرملية التي تضم مسيحيين ودروزاً.

الثروات الطبيعية

– تعتبر القرى الخمس في هذا التجمع مناطق زراعية بالدرجة الأولى، إلا أن جزءاً كبيراً من الأراضي الزراعية أصبح مهملاً خصوصاً في شارون ومجدلبعنا بسبب الشح في الموارد المائية، غير أن المصطبات الزراعية ما زالت موجودة.
– تغطي أحراج السنديان والصنوبر المثمر مساحات واسعة في الرملية وأغميد، إلا أن الغطاء الحرجي مهدد بنسبة 30 في المئة نتيجة حرائق الغابات التي تقضي أيضاً على الأشجار المثمرة، نظراً إلى تداخل الأراضي الزراعية والأحراج في هذه القرى.
– يعتبر انجراف التربة من المشاكل الأساسية المترتبة عن انحسار الغطاء النباتي بسبب الحرائق وقطع الاشجار غير المنظم.

الوضع الاقتصادي

– شكلت اليد العاملة في القرى الخمس 33 في المئة من مجمل السكان المقيمين.
– مصادر الدخل الأساسية للسكان تأتي من القطاع الزراعي والمهاجرين بنسبة 20 في المئة، وبنسبة أقل 15 في المئة من الهجرة الموسمية والتجارة، و 30 في المئة من اليد العاملة تعمل في قطاع الزراعة.
– قلة المستثمرين بسبب سوء وضع البنى التحتية والخدمات.
– عدم وجود أسواق كافية لتصريف المنتجات الزراعية.
– عدم وجود الكفاءات من أجل تطوير مشاريع محلية صغيرة.

المشكلات الأساسية

– القطع الجائر غير المنظم للأحراج وحرائق الغابات.
– إنجراف التربة.
– قلة مياه الري والشرب.
– ضعف القطاعات الانتاجية وعدم تنوعها.

الحاجات حسب الأولويات

– حماية الموارد الحرجية من الاعتداءات وتطوير هذا القطاع وقطاع السياحة.
– تأمين مياه للري للمزارعين بالإضافة إلى مياه الشرب.
– دعم قطاع الزراعة من خلال استصلاح الأراضي الزراعية

والجدير بالذكر هنا بأن المناطق الحرجية في هذه المنطقة مهددة بنسبة 30 في المئة نتيجة حرائق الغابات، وذلك وفق الدراسة الوطنية التي أعدتها جمعية حماية وتنمية الثروة الحرجية في هذا الخصوص خلال العام 2005، وأن خسارة الموارد الحرجية تؤدي إلى خسارة اقتصادية من جراء خسارة الموارد الحطبية التي تعود بالفائدة على المزارع أو صاحب الملك من خلال بيعها، والموارد الحرجية غير الحطبية كالنباتات العطرية والطبية التي تستغل في الاستخدام المنزلي أو لأغراض تجارية، وخسارة المنظر العام الذي يجذب السيّاح البيئيين. كذلك تتميز هذه القرى بكثرة الاعشاب الطبية والعطرية التي تستغل من قبل المحليين للاستخدام المحلي أو لأغراض تجارية. أيضاً، تكثر الينابيع والمياه الجوفية في هذه المنطقة. ففي الرملية مثلا يوجد نحو 12  نبعاً و26 بئراً إرتوازياً، وفي شارون 3 أنهر و50 بئراً إرتوازياً.  إن اهمال الأراضي الزراعية في عدد من القرى وخاصة في مجدلبعنا وشارون يعود الى مشكلة عدم توفر المياه، الأمر الذي يساعد أيضا على زيادة الأثر السلبي لحرائق الغابات وانتشارها على مساحات أوسع بسبب تكاثر الأعشاب في الأراضي الزراعية وتداخلها مع الأحراج.
كما أن تلوّث الأراضي الزراعية والوديان والأنهر والمياه الجوفية سببه عدم وجود شبكات للصرف الصحي أو محطات للمعالجة والتكرير.

 الوضع الاقتصادي

أظهرت الدراسة الميدانية بأن النسبة الأعلى من السكان تعتمد لتأمين الدخل الاقتصادي على قطاع الزراعة والمهاجرين بنسبة 20 في المئة، وقطاع التجارة بنسبة 15في المئة. أما أبرز المشاكل الاقتصادية في التجمع فيمكن تلخيصها على النحو التالي:
– نقص في تأمين الأسواق لتصريف المنتجات الزراعية، إضافة إلى تدني أسعارها وغياب الدعم للمنتجات المحلية وتشجيع الإستيراد من الخارج في ذروة المواسم، مما يؤدي إلى إهمال الأراضي من قبل المزاراعين لعدم جدواها الاقتصادية.

 المشاكل

-القطع الجائر لأحراج الصنوبر والسنديان وانتشار حرائق الغابات الذي يقضي على مورد حرجي ذات مردود اقتصادي مهم وخاصة في أحراج الصنوبر المثمر والسنديان في الرملية وأغميد.
-إنجراف التربة على الطرقات الرئيسية والطرقات الفرعية في الأراضي المحروقة والتي تقطع منها الأشجار، الأمر الذي يشكل خطراً على السلامة العامة ويؤدي إلي خسارة تدريجية لتربة السطح التي تصلح للزراعة.
– ضعف القطاعات الانتاجية الاقتصادية خاصة الزراعية والتجارية.

أولويات التجمع

– حماية الموارد الحرجية من الاعتداءات وتطوير هذا القطاع.
– تأمين مياه للري للمزارعين بالإضافة إلى مياه الشرب.
– دعم قطاع الزراعة من خلال استصلاح الأراضي الزراعية

توزع الأراضي الزراعية والأحراج – الجرد
أراض زراعية أحراج سنديان أحراج صنوبر اسم البلدة
35% 26% معصريتي
39% 2% 3% المشرفة
43% 5% 1% بدغان
28% 8% شارون
42% 8% مجدلبعنا
37% 39% أغميد
43% 15% 18% الرملية

بذور الموســــم الواحــــد وخطــر انقـــراض الأجنــــاس البلــــدية

إحدى الظواهر الملفتة في الزراعة الجبلية هي النمو المستمر عاماً بعد عام لقطاع البذور المهجنة، التي يتم استخدامها غالباً باعتبارها بذوراً محسنة ويجري بيعها بأسعار مرتفعة. معظم هذه البذور من إنتاج الشركات الأجنبية مثل «مونسانتو» و»دوبون» اللتين اتجهتا في العقد الأخير لزيادة الأبحاث في تطوير بذور زراعية معدلة وراثياً وبيعها باعتبارها نوعيات محسنة وأفضل من البذور التقليدية التي كان المزارعون يحتفظون بها من عام إلى عام عبر تجفيف الخضار التي تنتج عنها. وقد كان تجفيف الخضار بغية استخراج البذور المفيدة لزرعها في الموسم التالي كان عادة متوارثة بل كان المصدر الأهم تقريباً للبذور المستخدمة من المزارعين.

يذكر أن هذه البذور كانت تستخرج من المنتجات المحلية الموروثة من مئات السنين مما يمكن أن يوصف اليوم بالمنتجات البلدية، وعلى الرغم من أن بعض هذه البذور أو الأنواع استقدم أحياناً من الدول المجاورة أو غيرها إلا أن المهم هو أنها كانت في مجموعها منتجات طبيعية وبنت بيئتها ولم يدخل عليها أي تعديل عبر السنين.
لكن منذ مطلع التسعينات، ومع تقدم علم التعديل الوراثي للنباتات وتطور وسائل السيطرة على الجينات الوراثية، بدأت الشركات الأجنبية في أميركا وكندا وأوروبا تجرب أبحاثاً مكثفة على بذور جديدة قيل يومها أنها تساعد على مقاومة العوامل المناخية والجفاف أو مقاومة الأمراض والآفات التي تصيب المواسم، وتمّ في غضون سنوات قليلة تطوير بذور زعم أنها تمتلك تلك الصفات وأنها إضافة إلى ذلك تعطي محصولاً أفضل من البذور التقليدية. لكن من أجل حماية حقوقها التجارية قامت تلك الشركات بتعديل البذور الجديدة بحيث لا يمكن استخدامها إلا لموسم واحد، وبحيث يترتب على المزارع شراؤها كل سنة من تلك الشركات. كيف قامت الشركات بذلك؟ استخدمت علم التعديل الوراثي والتلاعب بالجينات لتحقن تلك البذور وغالباً عن طريق تعريضها مادة التتراسيكلين (وهي مضاد حيوي قوي)، بحيث تنتج ثمرة لا يمكن الاستفادة من بذورها أو تنتج بذوراً (في حالة القمح مثلاً) يمكن طحنها واستهلاكها لكن لا يمكن استخدامها كبذور لأنها عملياً عقيمة ولا يمكن أن تنبت محصولاً جديداً. هذه البذور أطلق عليها أسماء مثل البذور المحكومة بالموت أو البذور الذاتية التدمير.

ماذا وراء هذه التقنيات الجديدة؟

يعتقد الكثيرون أن شركات عملاقة، مثل مونسانتو ودوبون وغيرهما، تسعى عن طريق هذه البذور للسيطرة على القطاع الزراعي وارتهان المزارعين في العالم، لأن شيوع استخدام تلك البور يعني أن المزارعين (خصوصاً في الدول الفقيرة) سيحتاجون في كل عام لشراء البذور المهجنة من تلك الشركات لأن المحصول الذي يجمعونه كل عام لا يمكن استخدامه مجدداً كبذور، لكن مخاطر هذه التقنية على العالم الثالث لا تتوقف عند هذا الحد بل تمتد إلى النواحي المصيرية التالية:
إن البذور المهجنة معدلة وراثياً. وقد نشأت مخاوف حقيقية من أن تؤدي عملية التلاقح بين البذور المعدلة وراثياً وبين النباتات التقليدية التي قد تكون مزروعة في جوارها إلى انتقال خاصية العقم إلى النباتات المحلية، الأمر الذي قد يؤدي إلى انحسار النباتات الوطنية الأصلية، وبالتالي التسبب بكوارث بيئية لا أحد يعرف مداها. وقد شبه الكثيرون من معارضي البذور المعدلة وراثياً بأسلحة الدمار الشامل واتهموا الشركات الغربية والحكومات التي تدعم تلك الشركات في الولايات المتحدة وكندا بأنها تستخدم وسائل أقرب إلى الأسلحة البيولوجية للسيطرة على العالم من خلال السيطرة على مصدر عيش الناس وخصوصاً المزارعين والفلاحين.

أوروبا وعدد كبير من البلدان تحرّم استخدام البذور المعدلة وراثياً بسبب أثرها في تلويث البيئة الزراعية وتهديد الأجناس المحلية

إن نشر البذور المهجنة والمعدلة وراثياً يمكن أن يؤدي إلى إدخال محاصيل منمطة تقضي على التنوع الزراعي والبيئي. وعلى سبيل المثال، فقد سعت شركة مونسانتو الأميركية لإدخال ثمرة الباذنجان الهندي المعدلة وراثياً، ووجهت بانتفاضة شاملة من قبل المزارعين والحكومات المحلية، الأمر الذي اضطر الحكومة الهندية في العام الماضي إلى تجميد المشروع. وقد لفت أحد الخبراء الهنود يومها إلى أن الهند تحتوي على أكثر من 300 نوع من الباذنجان الجيدة النوعية، الأمر الذي يجعل من المستغرب محاولة إدخال نوع جديد لا يعلم أبداً الأثر الذي يمكن أن يحثه على الزراعة الهندية. 

يذكر أن الأمم المتحدة كانت قد صوتت بمنع استخدام البذور المعدلة وراثياً وراثياً وذاتية التدمير Seeds with terminator genes ، وقد وعدت الشركات الأميركية يومها بتأجيل طرح هذا النوع من الحبوب في السوق. لكن الوقائع أثبتت في ما بعد أن الشركات مستمرة وبالتعاون مع الحكومة الأميركية في محاولة إدخال هذا النوع من البذور على شكل “مساعدات إنسانية” للمزارعين خصوصاً على أثر تعرض بلد معين لكوارث طبيعية. وهذا ما حدث في هايتي مؤخراً التي تعرضت إلى زلزال مدمر سارعت على أثره الحكومة الأميركية للدفع بمساعدات كبيرة كان من بينها مئات الأطنان من القمح المعدل وراثياً ولا يمكن استخدامه إلا لإنتاج محصول واحد. والملفت أن المزارعين المنكوبين في هاتي رفضوا استلام هذا القمح وهددوا بحرق الشاحنات في حال شحنها إلى بلادهم، هذا الأمر نفسه حدث مع باكستان ومع دول أفريقية فقيرة وقد رفضت كل هذه الدول إدخال هذا النوع من الحبوب الذي صوتت الأمم المتحدة على منعه، كما أن كافة الدول الأوروبية تحرم استخدامه أو استيراده إلى أراضيها.

ما الذي يعنينا في الجبل من هذا الموضوع؟

إن الضجة القائمة في العالم حول التلاعب بالجينات الوراثية للنباتات مهمة جداً لنا، لأن الشركات المهيمنة على هذا المجال تسعى لدخول كافة الأسواق لبيع منتجاتها وجعل المزارعين مضطرين لشراء بذورها سنة بعد سنة وبأسعار باهظة تبررها هذه الشركات بكون المحصول الذي توفره تلك البذور أعلى من حيث النوعية والإنتاجية من البذور التقليدية. وما ينطبق على الهند أو بلدان أفريقيا أو غيرها ينطبق أيضاً على لبنان وبلدان العرب التي تعتبر سوقاً كبيرة للبذور.
إن المحاذير التي كانت في أساس تحريم البذور المعدلة وراثياً في أوروبا وعدد كبير من البلدان ما زالت قائمة، وهي تطاول ليس فقط بذوراً إستراتيجية مثل القمح والأرز والذرة وغيرها، بل تمتد لتشمل كل ما هو معدل وراثياً من البذور بما في ذلك بذور الخضار التي باتت دائرتها تتسع عندنا سنة بعد سنة، لأن تلك النباتات تزرع أحياناً إلى جانب نباتات محلية متوارثة ولا أحد يعلم ما هو نوع التأثير التبادل عن طريق التلقيح وتطاير الخصائص الجينية لتلك المنتجات عبر الهواء إلى حقول أخرى قريبة أو بعيدة.
إن لبنان والجبل كان يحتوي على أنواع عديدة ومجربة من الخضار المحلية أو “البلدية” التي وصلت إلينا من أسلافنا وقد نعمنا بإنتاج تلك البذور من الخضار والفاكهة جيلاً بعد جيل، وكان الفلاحون يستخرجون كل عام بذوراً طبيعية ومن إبداع الله الرزاق ويخزنونها للعام التالي. أما الآن فإن البذور المهجنة أو المعدلة وراثياً بدأت تتسلل إلى الجبل سنة بعد سنة، بحيث بات من الصعب في بعض الحالات إيجاد بذور الأجناس التاريخية والبلدية التي تشكل ثروتنا الزراعية والطبيعية. وهنا يظهر الخطر الأساسي للبذور المهجنة وهي أننا وعبر تعميم استعمالها على الجميع سنة بعد سنة وقبولها كأمر واقع قد تنتهي بنا إلى اختفاء سلالات بكاملها من الخضار البلدية والمنتجات التي تعتبر في أصل الثروة الطبيعية لبلادنا، فضلاً عن ذلك فإن هذا الواقع سيعني في المستقبل بأنه ما لم نتمكن من استيراد البذور المهجنة من الشركات الأجنبية في عام معين فإننا لن نجد في الجبل بكامله بذوراً من السلالات البلدية يمكن استخدامها عند الحاجة.
إن المحاذير التي ذكرناها تتعلق بالأمن الغذائي لمنطقة الجبل، كما تتعلق بالأمن الغذائي لكافة المناطق في لبنان أو سورية أو غيرها من البلدان النامية، ولا بد بالتالي من طرحها كموضوع ملح على المختصين والتداول في محاذيرها والإجراءات الاحتياطية الضرورية لاحتواء تلك المخاطر. ولا يعتقدن أحد أن خطر انقراض سلالات وأجناس نباتية محلية بكاملها أمر افتراضي، لأن هذا الأمر سيحصل إلى حد كبير في حال استمر نمو استخدام البذور المهجنة على المنوال الحالي.
الأمر المهم هنا هو أن غذاءنا يصبح يوماً بعد يوم مرتهناً ليس بإرادتنا نحن وبعطاء الطبيعة التي أكرمتنا وتعهدت حاجاتنا عبر السنين بل بشركات أجنبية لا يعرف الإنسان ما الذي يمكن أن يحصل لها أو لسياساتها في المستقبل. وقد تختفي تلك الشركات أو يفرض عليها قيود أو سياسات جديدة تمنعها من توريد منتجاتها، أو قد يحصل من الظروف ما قد يحول دون وصل تلك البذور المهجنة إلينا فكيف سيكون حالنا في مثل تلك الظروف القاهرة؟

وما العمل في تلك الحال؟

إن الخطوة الأولى والأهم هي قيام مبادرة لإنشاء بنك لبذور المنتجات البلدية غير المهجنة، وهي التي يمكن استخراجها من المحصول وخزنها لاستخدامها ثانية في الموسم التالي. كما أنها الوسيلة الأنسب للحفاظ على ثروتنا النباتية الأجناس البلدية المتوارثة، والتي لم تعبث بها أيدي المختبرات السوداء في الشركات التي تخطط ليل نهار لجعل المزارعين رهائن لإنتاجها ومصدراً لزيادة أرباحها.
إن الخطوة التالية هي إقناع المزارعين بالتخلي عن استخدام البذور المهجنة لأن مخاطرها على مستقبلنا الزراعي حقيقية في وقت ليس واضحاً ما هي الفوائد التي تقدمها أو ما هي مصداقية الميزات العديدة التي تنسبها الشركات لها. وكلنا يذكر أن إنتاجنا البلدي كان يتميز بالقوة والخضرة والطعم اللذيذ ولم يكن هناك من الأساس أي حاجة لاستبداله بهذه البذور الممسوخة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
إننا نهيب أيضاً بالتجار والمتعاملين بالبذور أن ينضموا إلى هذا الجهد، وأن يدركوا أنهم معنيون به فلا يسعون بالتالي إلى الترويج القوي لهذا النوع من البذور بل أن يكون لديهم على الأقل البذور التقليدية إلى جانب المهجنة بحيث يكون الخيار متاحاً أمام المزارع لاستخدام أي منها.

أهمية وجود مطمر تخمير الأعشاب في بساتين الجبل وحدائق المنازل

في هذا العدد تفتتح مجلة “الضُحى” باباً خاصاً يتعلَّق بالثقافة الزراعية وثقافة البيئة، وتبدأه هذه الحلقة الخاصة عن كيفية صُنع مطمر تخمير الحشائش وتحويلها إلى تورب Compost والإفادة منه في الزراعة الجبلية.

كثير من الناس سيفوته مغزى هذا النداء، إذ بات الجميع ينظرون إلى الحشائش على اعتبارها عبئاً وإزعاجات ينبغي التفكير بكيفية التخلّص منه، وبالنظر الى تراجع ثقافة الزراعة والحدائق وانشغال أكثر المالكين في أمور كثيرة وبالنظر الى ارتفاع تكلفة العمالة الزراعية، فقد اتجه الناس في اتجاه خاطئ لتخلّص من تلك الثروة الخضراء وفاتهم أنَّ هناك العديد من الوسائل لتحويل الحشائش إلى ثروة حقيقية عن طريق تخميرها وتحويلها إلى تورب زراعي بدل رشِّها بالمبيدات أو حرقها، كما يتمّ في حالات كثيرة.
في سابق الأيام كانت للأعشاب وظيفة اقتصادية مهمة، بحيث كان يتمّ للتخلّص منها يدوياً بهدف تقديمها كعلفٍ للماشية التي كانت أغلب البيوت تحتوي على واحد أو أكثر منها على الأقل، مثل: البقر، والماعز، والحمير؛ وفي حالات أخرى كان يتمّ ترك الماشية لترعى تلك الحشائش تحت رقابة المالك. كان ذلك ما يمكن اعتباره عهد السلسلة الزراعية المتكاملة، بحيث لم يكن هناك شيء تعطيه الأرض يذهب أو يتلف من دون الإفادة منه.

لكن مع انحسار الاهتمام بالماشية المنزلية فقدت الحاجة إلى استغلال الحشائش، وتسلَّلت من ذلك الباب المبيدات العشبية، ثمَّ ظهرت الآلات المحمولة لقطع الحشيش والتي تتميَّز بفعالية كبيرة لكنها مرتفعة الثمن وتستخدم العمالة والوقود المكلف أيضاً.
يجب الإقرار أولاً بأنَّ استخدام الحشائش كعلف للماشية لم يعدّ كافياً للتخلّص من الكميات الكبيرة التي تنتجه الطبيعة منه في كلِّ ربيع وأحياناً مرتين في العام. وذلك عائد لواقع أنّ الناس انقطعوا عن اقتناء الماشية والإفادة من خيرها، غالباً بسبب هيمنة نظرة الاستعلاء على أسلوب الحياة التقليدي للمزارع وحلول السوبر ماركت كبديل سهل لتأمين احتياجات الغذاء اليوميَّة.
لكن إذا كان استخدام أطنان الحشائش كعلفٍ لم يعدّ عملياً، فإنَّ رشِّها بالمبيدات ليس حلاً لأنَّ الاستخدام الواسع لها له محاذيره الكثيرة لأنَّه مبيدات جهازية، ولأنَّها تلوِّث البيئة ومجاري المياه الجوفية، ولأنَّها قد تؤدِّي إلى خلق حشائش مقاومة للمبيدات ولا يمكن التخلّص منها بتلك الطريقة في المستقبل.
من هنا يطرح الحلّ الأمثل لإعادة استخدام الحشائش في الجبل، وهو تخميرها وتحويلها إلى تورب زراعي مفيد جداً لتخصيب الأرض وتحسين نوعية التربية وزيادة البكتيريا المفيدة فيها، وهو ما يؤدِّي إلى خصوبة عالية وإلى محاصيل ممتازة للفاكهة أو الخضار.

نذكر هنا أنَّ تخمير أوراق الأشجار اليابسة والحشائش البريَّة يعتبر أمراً طبيعياً في حياة المزارعين في شتَّى أنحاء العالم، وهو منتشر في الخارج أولاً لأنَّ له فوائده الكبيرة، وثانياً لأنَّه غير مكلف البتة، كما أنه سهل التطبيق ولا يحتاج إلى خُبرات أو تقنيات خاصة.

أولاً: ما هو تخمير الأعشاب والمواد العضوية؟
تتحوّل بقايا النباتات إلى تورب Compost، عندما تتحلَّل تلك هي وغيرها من المواد العضوية، وتتحوّل بعد مُدَّة من الزمن إلى ما نعرفه بـ “التورب” الزراعي، وهي مادة بنية داكنة أشبه بالتراب، لكنَّها أخفّ بكثير منه وتتميّز أيضاً بأنها غنية بالبكتيريا المفيدة للتخصيب وبموادٍ آزوتية وتساعد على تهوئة التربة والاحتفاظ بالرطوبة لفترة أطول نسبياً. إنَّ استثمار بقايا النبات في صُنع التورب فضلاً عن فوائده العظيمة للتربة وللموسم الزراعي، ينسجم مع اتجاه الناس في كلِّ مكان لإعادة استخدام المواد النباتية العضوية في وجه يُسبِّب الفوائد الجَمَّة للأرض وللمزارعين. ولن نتحدَّث هنا عن تدوير النفايات المنزلية، فهذا موضوع آخر قد نتطرق اليه في المستقبل ويختلف عن تخمير البقايا النباتية للطبيعة.

متى نبدأ عملية التخمير؟
أهمُّ فترة لعملية تخمير النباتات الطبيعية هو فصل تكاثر الحشائش في الربيع لكن قبل أن تبلغ النبات البريَّة مرحلة البلوغ، وبالتالي تكوين البذور لأنَّها في تلك الحال ستحمل الكثير من بذور الحشائش البريَّة إلى مطمر التورب، وهذا يعني أنَّه من الأفضل البدء بتكوين كومة التورب باكراً وأنَّ على المزارع أن يراقب مراحل نموّ الحشائش.
يدخل في كومة التورب أيضاً ما يكون قد جمع في فصل الخريف من أوراق الأشجار المتساقطة، خصوصاً الكرمة والفاكهة وغيرهما من الأشجار، وكذلك ما قد يتجمَّع تحت أحراش السنديان والملول من طبقات من الأوراق اليابسة والتي تكون عملياً في طور التحلُّل بصورة طبيعية. لكن الكمِّية الأكبر التي سيتمّ الحصول عليها هي، ولا شكَّ في الربيع، حيث يمكن حصد الأطنان من تلك الحشائش من الحقل وجمعها بهدف تخميرها. ولا ننسى بقايا شتول الخضار في آخر الصيف وما ينتج عن قلع موسم البطاطا، أو ما قد يتمّ جمعه من الدكان من خضار تالفة.
المهم ألا يضاف إلى كومة التورب الأغصان اليابسة والقاسية لأن تحلّلها يطول سنوات، كما أنَّ وجودها يفقد التورب نعومته ويعرقل “حصاده”، عندما يحين الوقت لذلك، وهو غالباً ربيع العام التالي. ويحذر من إضافة المواد الحيوانية والشحوم والنباتات المصابة أو المريضة أو الضارة، مثل: النجيل، وغيره .

عناصر نجاح كومة التورب

يعتمد نجاح عملية تخمير النباتات وتحويلها على إيجاد البيئة المناسبة داخل كومة التورب، وخصوصاً الرطوبة و”الخميرة” المناسبة والهواء أو الأوكسجين، لأنَّ تحويل التورب يتم بواسطة ملايين وربما مليارات البكتيريا النافعة والكائنات المجهرية التي تبدأ على الفور بالتغذي على النبات وتحويله إلى المادة التوربية الخفيفة وداكنة اللون. وغالباً ما يؤدِّي العمل الهائل لهذه البكتيريات إلى ارتفاع حرارة كومة التورب إلى 70 درجة مئوية، وهذه الحرارة كافية لقتل ما يكون قد تسرَّب من بذور أعشاب ونباتات إلى الكومة، لكن الحرارة العالية موجودة في وسط الكومة وليس على أطرافها، وهذا هو أحد الأسباب التي تدعو المزارع إلى تقليب الكومة من حين إلى آخر، بحيث يدفع بالمواد الموجودة في الغلاف الخارجي للكومة إلى الداخل.
ويتمُّ الحصول على بيئة مناسبة داخل كومة التورب أو المطمر، عن طريق الحفاظ على توازن جيِّد بين العناصر الأربعة الرئيسية المكوِّنة لعملية التخمير؛ وهي:
– المواد الكربونية: وتأتي من الحشائش اليابسة.
– المواد الآزوتية: وتأتي بالدرجة الأولى من الأعشاب الخضراء والسماد العضوي.
– الرطوبة: ويتم توفيرها عبر رش المياه قليلاً على الكومة، إذا كانت مائلة إلى الجفاف، أو إضافة نسبة كافية من النباتات الخضراء.
– أخيراً هناك الهواء أو الأوكسجين الضروري لمدِّ البكتيريا العاملة على تحليل النباتات بالطاقة الحيوية لعملية التحليل.
التوازن يعني أنَّه من الأفضل أن لا تكون الرطوبة عالية (عبر الريّ الكثيف بالمياه)، لأنَّ ذلك قد يفسد التورب فيجعله لزجاً، كما أنه يقلِّل الهواء والأوكسجين اللازم للبكتيريا، كما أنَّ النيتروجين مصدر مهم للبروتين الذي تستخدمه البكتيريا وهو يأتي من النباتات الخضراء ومن السماد العضوي، لكن كثرة النيتروجين على حساب الكربون، قد تُفسد عملية التخمير.

يعتمد نجاح عملية تخمير النباتات وتحويلها على إيجاد البيئة المناسبة داخل كومة التورب، وخصوصاً الرطوبة و«الخميرة» المناسبة والهواء أو الأوكسجين

مواقع بناء كومة التورب

أفضل أنواع التخمير تلك التي تتمّ ضمن “خندق” طبيعي، أو يتمّ حفره وعند وجود حقول مترامية الأطراف، يجب على المزارع أولاً تعيين الأماكن المناسبة لإنشاء أكوام التورب ومن الأفضل اختيارها، بحيث يمكن تغطية الأرض وتخفيف عبء نقل الأعشاب من مكان إلى آخر.. وقد تقدم طبيعة الأرض نفسها تجاويف طبيعية يمكن استخدامها لجمع النباتات المراد تخميرها، لكن يمكن للمزارع ببساطة جمع التورب في أكوام أو “تلال” لكن فعالية عملية التخمير لن تكون نفسها.

بناء كومة التورب

يجب على المزارع بناء كومة التورب على شكل طبقات بسماكة 30 أو 40 سم لكل طبقة، وأن يفلش فوق كل طبقة خميرة التورب التي يمكن أن تكون مزيجاً من السماد العضوي، مثل: سماد الدجاج المنزلي (لا تستخدم سماد الدجاج الآتي من المزارع)، أو سماد الماعز أو البقر، الذي يضاف إليه التراب (مقدار تنكة أو أكثر حسب حجم الكومة)، ويفضل سماد الدجاج لأنه السماد العضوي الوحيد الذي يحتوي على نسبة عالية من الفوسفور (نحو 7 في المئة)، وكلَّما تمَّ جمع طبقة من الحشائش والنباتات بهذه والنباتات بهذه الصورة يجب ريّها بالمياه لإعطاء المزيج الرطوبة اللازمة لتحلُّل الخميرة وازدهار البيئة البكتيرية داخل الكومة وتكاثرها. ثم يبدأ بجمع الطبقة التالية من الحشائش والعناصر العضوية إلى أن يتمّ استهلاك الحشائش كلها، عندها يمكن أن تغطى الكومة بستار (شادر) بهدف زيادة الحرارة في الداخل وإطلاق عملية التحلُّل وتخفيف عملية تبخُّر الرطوبة، الأمر الذي قد يخل بالتوازن داخل الكومة لأنّ جفاف كومة الحشائش يؤخِّر عمل البكتيريا ويضعف تكاثرها. 

من المهم هنا أن تكون كومة التورب محتوية على مزيج من الحشائش والنباتات اليابسة والخضراء، وذلك بهدف الإبقاء على توازن الكومة لأنَّ النباتات الخضراء تحتوي على نسب عالية من النيتروجين، كما أنَّها تُسهم بتوفير الرطوبة للكومة ولعمل البكتيريا.
من المهم أيضاً اختيار موقع كومة التورب في مكان ظليل واجتناب المواقع التي تتعرّض للشمس معظم النهار.
العمل الأهم في تحليل كومة الأعشاب والنباتات تقوم به ملايين البكتيريا في المرحلة الأولى، وهذه يمكنها تحمُّل الحرارة العالية التي قد تصل في وسط الكومة إلى 70 درجة. لكن مع تقدُّم عملية التحلُّل تبدأ كومة التورب بخسارة حرارتها العالية، فتدخل في عملية التخمير عندها أنواع عديدة من الطحالب والفطريات والكائنات المجهرية. وفي المرحلة الأخيرة من التحلُّل والتخمُّر سنجدّ في كومة التورب حشرات مختلفة ودود الأرض وخنافس وغيرها، وهذه تأتي في المرحلة الأخيرة لتُسهم في عملية التفكيك والتحليل العضوي للكومة.

طريقتان للتخمير

هناك طريقتان معروفتان لتخمير التورب:
-1 التخمير البارد: حيث لا يحتاج المزارع إلى قلب الكومة في مرحلة التخمر أو تهويتها، وفي هذه الحال فإنَّ نضج التورب وحصاده يحتاجان إلى ما بين 6 أشهر أو سنتين.
-2 التخمير الحار: الذي يستخدم فيه قلب الكومة وتهوِئتها، وأحياناً إضافة بعض الرطوبة إليها يسرع في عملية تحليل المواد العضوية بحيث أن كومة التورب قد تصبح جاهزة في 6 أو 8 أسابيع.
إنَّ اختيار الطريقة المُثلى يتوقَّف على المزارع. إذا كانت الأرض تنتح  كمِّيات كبيرة من الحشائش، فإنَّ المزارع قد يختار تجميعها في أكوام أو خنادق عديدة ويصبر عاماً واحداً لحصاد الموسم الأول من التورب . وفي هذه الحال فإنَّ الحصاد قد يحصل في الربيع، بحيث يتمّ جمع التورب في أماكن مُخصَّصة له (من الأفضل جمعه في “كاراج” أو تخشيبة كبيرة في الحديقة)، وبحيث يتمُّ إخلاء الخنادق أو أماكن التخمير لتستقبل الأكوام الجديدة من الأعشاب والحشائش. وهنا فإنَّه من الأفضل الإبقاء على كمِّية من التورب وخلطها مع الأعشاب الجديدة لأنَّ ذلك يسرِّع في انطلاقة عملية التخمير.

متى يمكن “حصاد” التورب؟
يصبح التورب جاهزاً لاستخدامه في تحسين التربة عندما تتحلَّل الأعشاب والمواد العضوية تحلُّلاً تاماً، ويصبح التورب مثل التراب الخفيف وبلون البني الداكن أو المسوّد. ويُستدلُّ على نُضج التورب أيضاً من تراجع الحرارة في داخله، ممَّا يعني أنَّ عملية التخمير والإنضاج قد بلغت منتهاها.
ومن المهم عدم استخدام التورب غير الناضج في التربة لأنَّ البكتيريا التي لا تزال حيَّة في التورب غير المكتمل، ستدخل في تنافس مع البكتيريا المتواجدة في التربة، الأمر الذي قد يؤدِّي إلى مظاهر نقص في تغذية النبات.

كيف يستخدم التورب؟
إذا كانت الأرض تنتج كمِّيات كبيرة من التورب، فبإمكان المزارع فلشه على التربة بسماكة 4-8 سم ثم حرثه بحيث يختلط بالتربة مشكِّلاً طبقة من التراب الخفيف الذي يحفظ الرطوبة ويمرِّر الهواء، هذا فضلاً عن كونه مقوّى بعناصر التغذية والخصوبة التي يحتاجها النبات. مثل هذا التراب ينتج محاصيل متفوِّقة وممتازة من حيث النشاط والنموّ وقوَّة الثِمار. وأكثر ما يفيد هذا الأسلوب في الأرض الفقيرة أو الدلغانية التي تحتاج إلى تحسين تركيبتها العضوية وخصائصها البيولوجية. وفي هذه الحالات فإنَّه من المفيد إضافة السماد العضوي إلى التورب قبل حرث التربة، والحصول تالياً على مزيج متوازن وغني للزرع. تجدر الإشارة إلى أنَّ الاستخدام المُتكرِّر للتورب في تخصيب وتعديل تركيبة التربة يؤدِّي مع الزمن إلى تربة سوداء ناعمة وغنية وسهلة المعاملة، وهو ما سيشكِّل أفضل مكافأة للمزارع الصبور والمثابر.
في الحالات التي يكون فيها إنتاج التورب محدوداً يمكن للمزارع تركيز

إرشاد زراعي