الجمعة, نيسان 19, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الجمعة, نيسان 19, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

خلْوَة عائلة بو حاطوم حمادة – بعقلين

تقع خلـوة عائلة بـو حاطوم حمادة في مدينة بعقلين حـي الخلوة، الكائن للجهة الغربية منها. قام ببنائها الشيخ أبو حسن رافع بـن أسعـد بوحاطوم حمادة، من بعقلين، والمؤرّخة وصيّته في أوّل شهر مُحَرّم عـام 1301هـ، الموافق لعام 1883م. كان الشيخ أبو حسن رافع شيخًا تقيًّاً، يعتمـر العمامة المـدوّرة، وصفه كاتب وصيّته، بـ (الشيخ التّقي الطاهر المُنعكف في خلوته على عبادة ربّـه).

تتألّف الخلـوة من غُـرف عـدّة فسيحة، بُنيت بالحجر الصّخري المبـوّز، ومسقوفة بطريقة العـقـد. الجـدران مـن الـدّاخل، والأسقف مُـوَرّقة بالطّين الترابي، ولـم تـزل كما هي منـذ أن بُنيـت، ولـم تورَّق بالإسمنت. الغـرفة الرئيسة قائمة على عضائد حجريّة مـع قاعـدة حجريّة في وسط الغرفة. وطريقة البناء هـذه يُطلق عليها «العقـد المصالب». يوجـد بـداخل هـذه الغرفة وقرب المدخل، بئـر لجمع مياه الأمطار، تصله المياه من سطح المبنى بواسطة أنابيب داخلية. فُـوَّهة البئر قطعة حجرية واحدة علـ + و60 سنتيمتراً، مجـوّفة من الداخل بشكل أسطواني قطرها 60 سنتمترا، يمـرّ وسطها دلـو مـربوط بحبل مثبت بحلقة حـديدية، يستعمل لاستخراج المـاء من البئر. وهـذه القطعة الحجريّة محفورة ومنقوشة بشكل هندسي جميل. ويوجـد بئـر أخـرى في الجهة المقابلة من الغرفة، لكنّه مُغطّى بلوح خشـبي، فُرشت فوقه قطعة من السجّاد.

على الجـدار الجنوبي بداخل هـذه الغـرفة جرى تثبيت «محـراب»، فكان يقصدها أشخاص من مذاهب إسلامية أخـرى لتأدية فـروض الصلاة.

الغـرفة المقابلة هي فسيحة أيضاً، قُسمت إلى قسمين بواسطة خزائن خشبيّة في الوسط، وفي أعلى الخزائن يوجـد كواير من الخشب، كانت تُستخدم لخـزن مـادة القمح، وفي جـدار هـذه الغرفة باب خشـبي يصلها بالغرفة الجنوبية نُقش عليه في القسم الأعلى «الدنيا ساعة فاجعلها طاعة».

الأبواب والنوافـذ والخـزائن والرّفوف في الخلـوة، صُنعت جميعها من الخشب، صنعها الشيخ رافع بنفسه، ولم يزل بـاب المدخل الرئيس كمـا هـو. أمّـا النوافـذ الخلفية فقـد جرى تجديدها بواسطة الزّجاج والألمنيوم والحديد، حسب مُقتضى العصر.

أنجـب الشيخ رافـع ثـلاثة أبناء ذكـور هم: حسن وأسعـد واسماعيل. وثـلاثة أبناء إناث هـنّ: عابـدة وفاخرة وورد. وتوفِّي سنـة 1305هـ / 1887م، ودُفـن في مـدفـن خاص قـرب مبنـى الخلوة. أمّـا ابنه اسماعيل فـقـد توفّي قبـل وفاة والـده. وفي سنة 1937م، عمـل السيّـد سليم أسعـد بـوحاطوم حمادة على تجـديد المـدفـن، وبناء ضريح بشـكل هنـدسي ضمن غـرفة مقفلـة. نُقـِش على بلاطة الشاهـد الجنوبي، وتحت مُجسّـم العمامة آيـة الكرسـي. وعلى بلاطة الشـاهـد المقابلة ما يلي:

مـقــام الشيخ التقيّ الطاهر رافع بو حاطوم تـاريــخ 1303هـ. / 1885م.

ضـــــــريــحٌ حـــــــــلّ فيـــــــــــه كــــــــريمُ قـــومٍ
دعــــــــــاهُ إليــــــــــــه مــــــــــولاهُ الــكــــــــــريمُ
إلى دار الســـــــــــــلام مـــضــــــــــى تَقِيّـًــــــــــــــا
بفضــــــــل اللــــــــه يشـمـــلــــــــــه النّعيــــــــــم
فــقــلـــــــــــــتُ رافـــــــــــــعٌ ورعٌ فـــــــــــــــارع
بهـــــــــــــــذا القــــبـــــــــــــــر مفـــضـــــــــــــــال

خـلال الزّلزال الذي حصل بتاريخ 16 آذار سنة 1956، تصدّع البهـو الخارجي للخلوة، الذي كان قائماً على قناطر حجريّة، لكن مبنى الخلوة لـم يُصَب بأذى. فجرى تجـديد بناء البهـو الخارجي، وتـمّ صبّ سطح الخلوة بالباطون، بعـد أن كان سطحاً ترابيّاً. وبعـد ذلك تـمّ إضافة غـرف جانبيّة مـع منافع وإنارة، بُنيت بطريقة حـديثة(١).

تُستخدم الخلوة حاليّاً مجلساً للعبـادة وإقامة الصّلوات والمذاكرات الدينية، وبخاصة ليلة الجمعة من كلّ أسبوع (يوم الخميس مساءً) ويجـري فيها إلقـاء محاضرات بمواضيع ثقافيّة مُختلفة، يحضرها في كلّ مـرّة ما يزيـد على (250) شخصاً، رجالاً ونساءً، حيث خُصّصت غُرف الجهة الشمالية لجلوس النساء، والغرف الجنوبية لجلوس الرجال. وجميع الغرف مجهّزة بأجهزة توصيل الصوت والإنـارة، ومفروشة بشكل نظيف ومرتّب. يجلس الجميع على أرض الغُـرَف، بعـد خلع الأحـذية في الخارج. ويقـوم على خـدمة الخلـوة وإدارة شؤونها حاليّاً، الشيخ أبو غسان حليم حسن بو حاطوم حماده(٢).


المراجع:
  1. مقابلة مع الأستاذ عدنان رفيق بو حاطوم حماده مواليد سنة 1947، في منزله في بعقلين بتاريخ 19/4/2017، وقد أطلعني على وصيّة الشيخ رافع وسلّمني نسخة مصوّرة عنها.
  2. مقابلة مع خادم الخلوة الشيخ حليم حسن بوحاطوم مواليد سنة 1930، في منزله في بعقلين بتاريخ 19/4/2017.

القصرُ الأبيض

على أطراف الصحراء وفي منطقة الحَرّة شرقي جبل حوران، بُني صَرح معماري فريد في نوعه احتار علماء الآثار والمؤرّخون في تحديد زمن بنائه، إنّه القصر الأبيض أو خربة البيضا.

الرحلة من السويداء إلى القصر(1) ليست عادية، فالمسافة تزيد عن المئة كيلو مت، لكن متعة النظر إلى ما يحاذي الطريق ينسيك تعب الرحلة الطويلة. بعد قرية الرّشيدة باتجاه الشرق تبدأ الأرض تأخذ طابعا مختلفاً، فعلى مدِّ النظر ترى الأرض السهليّة ذات التربة الحمراء مفروشة بالحجارة السوداء، وكأن يد الإنسان وضعتها حجراً حجراً بعضها قرب بعض، حتى أنّك إذا لم تقترب منها بدت لك وكأنها قطعة واحدة. وقد يخدعك السراب الذي يسببه انعكاس نور الشمس على الحجارة الملساء وتخال أنك تشاهد بحراً من المياه أمام ناظريك. يرافق الناظر إلى اليسار في هذه الرحلة وادي الشام العميق الذي تحاذيه ضفّتان صخريتان تحاكيان طبيعة المنطقة البركانية.

في الطريق إلى مقصدنا توقفنا عند بئر الرّصيعي على بعد 36 كم من الرشيدة. البئر واحد من عدة آبار حفرتها وزارة الزراعة لخدمة السكان والمارّين من المنطقة وتقديم المياه النادرة فيها على بعد 8 كيلو مترات أخرى يوجد بئر العَيْثة.

قبل وصولنا إلى سدّ الزّلف، وهو المكان الذي كان مقرراً للاستراحة، وصلنا إلى منطقة النّمارة، الجديرة بزيارة خاصة. يوجد هناك مجموعة من الكتابات والرسومات الصفائية ونبع ماء وبقايا معسكر من العصر الروماني. مررنا قرب سد الزلف فوجدنا أنه ليس أكثر من بركة ماء صغيرة، وقد كاد يجف لقلة الأمطار في السنتين المُنصرمتين، لذلك آثرنا أن نكمل رحلتنا علناً نجد مكانا آخر للاستراحة .

وصلنا بئر الزّلف، على بعد 10 كيلو مترات من السد، وهناك كانت استراحة الغداء. إنّ وجود مثل هذه الآبار في تلك المنطقة الصحراوية القاحلة هو بمثابة عودة الروح لمسافر في تلك الأرض.

تمتاز هذه الآبار بوجود حدائق محيطة بها زُرعت بالأشجار والنباتات وبنيت فيها عدة غرف إحداها فوق البئر لحمايته لقد أخبرنا أحد الزملاء أن البناء الموجود فوق البئر بُني في عهد الوحدة، أي قبل 45 سنة.

لم يبقَ من الطريق الطويلة إلى خربة البيضا – مقصدنا – سوى خمسة كيلو مترات كانت الأصعب في هذه الرحلة حيث كانت الطريق الترابية سيئة للغاية، رغم ذلك تابعنا الرحلة بشغف، وقبل الوصول إلى المكان لاحظنا على يسار الطريق بقايا مشروع ريّ لإرواء الأرض المجاورة بعد استصلاحها وزراعتها بالشعير، لكن يبدو أن المشروع توقّف لعدم جدواه الاقتصادية.

وصلنا أخيرا إلى مزار معروف بالمنطقة بمزار (الشيخ سراقة)، وكان علينا أن نسير على الأقدام لمسافة ألف متر باتجاه الشمال الغربي من المزار حيث بدا لنا القصر الأبيض واضحاً من هناك. تحيط بالمزار أراض سهلية خالية من الحجارة، لكن الجفاف واضح عليها، فهي متشققة تصل الشقوق فيها إلى عمق أكثر من 50 سم، وبالكاد استطعنا المشي عليها. فجأة ونحن نسير باتجاه القصر وصلنا إلى أرض ذات طبيعة مختلفة تماماً؛ إنّها صبة بركانية واحدة مترامية الأطراف، وصلنا أولها ولم ندرِ أين مُنتهاها. هناك على هذه الصبة البركانية بُني القصر الأبيض.

لم يبقَ من هذا البناء الجميل سوى مِدماكين أو ثلاثة من جدرانه الخارجيّة (السور) وجدار لإحدى الغرف من الجهة الغربية (يبدو واضحا أنها بُنيت في زمن لاحق للبناء الأصلي حيث استُخدمت في بنائها زخارف ليست في مكانها) وبقايا سبعة أبراج دائرية الشكل ازدان بها سور القصر من زواياه الأربعة ومن منتصف سورِه في الجهات الجنوبيّة والغربية والشمالية. أمّا الجانب الشرقي فقد كان يحتوي على البوابة الرئيسية للقصر.

الجدار الغربي للبناء المحدث (يلاحظ الحجارة المزخرفة المستخدمة في غير مكانها الأصلي) عام 2007.

الفضول قادني لقياس أبعاد البناء الرئيسي للقصر، فوجدته مربّع الشكل يبلغ طول الضلع فيه 65 خطوة. في الشرق دهشنا بوجود ثلاثة حجارة عليها نقوش جميلة وسرعان ما أدركنا أنّها كانت قطعة واحدة لِحِنْت (عتبة) الباب الرئيسي الذي يبلغ عرضه أربعة أمتار ولم يبقَ منه سوى أرضيّة البوابة التي تظهر فيها الثقوب لتثبيت مصراعي الباب. كما هو الحال في ثقوب متشابهة في الحجارة المتكسّرة الثلاثة والموجودة قرب المدخل، ومؤكّد أنها حِنْت (عتبة) الباب. وإذا جُمِعت قطعه الثلاثة المتكسّرة تكون أبعاده نحو أربعة أمتار عرضاً بارتفاع حوالي 75 سم وعمق 50 سم. ولا شكّ أنه من القطع المعمارية النادرة بهذا الحجم. واجهة الحِنْت مليئة بالزخارف، ولا بدّ أنه كان يرتكز على حجرين متشابهين في الزخرفة على جانبي الباب لا وجود لهما في المكان، وهذا ما لم يمكننا من معرفة ما كان عليه الباب من ارتفاع. ويصف رينيه دوسو تلك الزخارف قبل مئة عام في كتابه «العرب في سوريا قبل الإسلام» فيقول: «باب الدخول مُحاط بنوع من الزينة كثير الانتشار في الشام وخاصة في حوران: أغصان كرم تطل من أوانٍ والجزء الأعلى من أسكفة الباب مزيّن بإفريزين من أوراق نبات شوك العاقول، والجزء الأسفل منها قد زُيِّن بمجموعة من الدوائر المتداخلة بعضها في بعض، وقد ظهر فيها عدد كبير من الحيوانات: طيور مختلفة، خيل، أبقار وحشية، وسبع، وثور ذو سنام، وربّما وُجد بينها الفيل والأسماك أيضا. وبين إفريز أشواك العاقول والدوائر المتداخلة يمتدّ غصن كرم، ويتكرّر النقش نفسه فوق الحوائط العمودية، وقد استُخدم هذا النقش بعد ذلك داخل القلعة»(2).

إذا دخلنا من الباب إلى باحة القصر فإننا سندهش لهذه الباحة التي لم تكن بحاجة إلى تبليط في أكثر أجزائها لأنها قطعة واحدة من صبّة بركانية على مساحة تزيد عن ثلاثة أرباع الباحة. أمّا سور القصر الذي لم تزل الأيدي العابثة تقتلع أحجاره، فيتألّف من طبقتين بعرض أكثر من 100 سم متصلتين بمادة الملاط البيضاء، وقد ظهر ذلك واضحاً في الجزء الشرقي للسور الجنوبي حيث يُظهر البياض الناصع لهذا الجزء من السور أنّ حجارته قد سُرقت حديثاّ، وهنا دعوة للمعنيّين بالأمر أن يحموا هذا الصرح الأثري بما بقي منه، ويمكن أيضاً أن يُرمّم بسهولة كون الكثير من حجارته لا زال مرميًّا على الأرض، ويمكن استخدام الحجارة التي بني فيها بناء حديث إلى الشمال من القصر، حيث استُخدمت في بنائه حجارة  من القصر.

مسح أثري وتاريخ البناء

رغم بُعد هذا القصر عن المعمورة بنحو 70 كيلو متراً فقد كان محطّ أنظار معظم علماء الآثار والكثير من الرّحالة. وقد زاره سيريل غراهام عام 1857 وكان أوّل من كتب تقريراً عنه، كما زاره فيتزشتاين والماركيز دي فوغويه، ثم العالم الفرنسي رينيه دوسو، والألماني ماكس فون أوبنهايم. أمّا من الرحالة فقد زاره المصور الألماني هيرمان بورشارت والإنكليزية غيرترود بل وقد التقطت له عدة صور عام 1905. وبقيت خربة البيضا منذ ذلك الحين دون دراسة تُذكر حتى جاء الآثاري الألماني هاينز غاوبة وأعدّ دراسة عن القصر في سبعينيات القرن العشرين.

لا شك أنّ دراسة هاينز غاوبه أكثر أهمية من سابقاتها لاعتماده على ملاحظات من سبقه، ومنهم الفرنسي رينيه دوسو، مكتشف قبر الملك امرئ القيس بن عمرو وقد ذكر أنّه «في العهد الروماني، نشأ في الرّحبة مركز حصين كان على جانب من الأهمية ويطلق العرب على أطلاله قصر الأبيض، أو قلعة البيضاء، لأن جدرانه تميل إلى اللون الرمادي، على أرض من الحجارة البركانية (السوداء) تحيط بالقصر»(3). أمّا غيرترود بل فقد زارت القصر في العام 1905وقد ذكرت أنه بناء روماني مع تأثيرات فارسية وتقول في وصفه: «كانت الخربة على بعد مئة أو مئتي متر داخل البحر البركاني مطلّة على سهل الرّحبة، ويُفترض أنها كانت آخر قاعدة عسكريّة للرومان، أو ربما قبل الرومان. وبدا السّور الخارجي جميلاً جدّاً ومتقن البناء مع أبراج دائريّة على زواياه، وفي منتصف الجدران الجنوبية والغربية والشمالية. ولاحظت بين طبقتي الجدار ما يبدو كأنّه نوع من الملاط. أمّا البوابة الرئيسية في الجانب الشرقي فكانت جوانبها منحوتة ومزينة بطريقة رائعة؛ كرمة وحيوانات ورسومات أخرى وقد صوّرت جميع الأجزاء المكسورة الموجودة في المكان.

والقلعة نفسها أعيد بناء جزء منها في فترات لاحقة من مواد سبق استعمالها في البناء ولكنها بُنيت بصورة سيئة إذ يمكننا رؤية بعض الأفاريز التي بنيت في الجدران في غير مكانها»(4). وإذا كان رأي بِلْ في تاريخ بناء القصر غير دقيق فإنّ ما قام به الألماني غاوبه يُعتبر أكثر دقّة حيث اهتدى إلى الشكل الأساسي للبناء من خلال أساسات الجدران داخل سور القصر أو بالأحرى الجدار الخارجي للبناء، وقد رسم مخطّطاً تفصيليا وإعادة تصوّر لِما كان عليه القصر. بداية، إذ يصف القصر بشكل عام ويحدد «طول كلٍّ من أضلاعه بحوالي ستين متراً، وعرض البوابة بثلاثة أمتار وخمس وثمانين سنتيمتراً تصل ما بين منتصف طرفه الشرقي وساحته الداخلية»(5). أمّا قاعات القصر فتقوم «داخل السور وعلى طول أضلاعه، يبلغ عمقها حوالي 7.6 م ما عدا الضلع الشرقي حيث ينقص عمقها قليلا عن السبعة أمتار. أمّا الشكل الأصلي للبناء فهو واضح لدرجة تمكننا من استخراج تخطيط واضح وأكيد لنظام القاعات. بالإضافة إلى ذلك فإنّ البناء المُستحدث واضح أيضاً، ممَّا يجعل من الممكن تمييز البناء الأصلي من البناء المُستحدث بالنظر إلى التقنية الهندسية المستخدمة في كل منها.

نميّز في البناء المُستحدث مرحلتين معماريتين ترجع أولاها للقرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلادي، وثانيهما للقرن الخامس والسادس عشر. تضمُّ الأولى برجاً في الطرف الجنوبي من البناء والقاعات الواقعة إلى الغرب منه، وتضم المرحلة الأخيرة الأسوار الواقعة في الزاوية الجنوبية الشرقية والضلع الغربي من البناء، كما هو واضح في الرسم باللون الأبيض (البناء الأصلي مُظلّل بالخطوط السوداء)(6).

عن الغرض من بناء القصر «يدلنا نظام البناء على أنّ خربة البيضا استُعملت للسكن لأغراض عسكرية، خلافاً للعديد من الأبنية التي تعود إلى العهد السابق للإسلام المشابهة لها شكلاً وموقعاً، على الحدود الرومانية-البيزنطية. وقد استمرت في تأدية أغراضها السكنيّة حتى بعد إقامة «القصور الصحراوية» العائدة للعصر الأموي.

إلّا أن شكل البناء الفريد غير الموجود في أي بناء آخر يجعل من خربة البيضا مختلفة عن القصور الأموية من أوجه عدة:

  1. كون البناء مكوّن من طبقة واحدة.
  2. العمق القليل نسبيّا لقاعاته.
  3. عدم وجود أروقة محيطة بالباحة، وعدم وجود السقوف المعقودة بالأقباء.

هذه الخواص البارزة توجب استبعاد كون خربة البيضا قد بُنيت في عهد الوليد بن عبد الملك وما بعده «ويضيف «يمكننا الجزم بأنّ أصل البناء لم يكن أمويًّا، ولكن من غير الممكن أيضا أن يكون بانيه غير عربي لأنّ قلة حصانته يجعله خارج نطاق العمارة السورية الرومانية البيزنطية. وعلى ذلك من المرجّح أن يكون بناؤه من الغساسنة، ذلك أن ما نعرفه من أعمالهم العمرانية (الرّصافة، الدير التابع لقصر الحير الغربي، البرج الكائن قرب ضمير والهيّات في حوران) تشير إلى تشابه بينها وبين خربة البيضا… نتبيّن من كل ذلك أنّ خربة البيضا كانت نموذجاً لعمارة سورية سابقة للعهد الإسلامي اقتُدي بها عند بناء القصور الأموية(7).

إنَّ متعة الزيارة لهذا الصرح التاريخي الفريد تجعل المرء يتوق للعودة إليه مرات عديدة، لكن كما ذكرت فإنّ هذا البناء مهدّد بخطر اندثار ما بقي من أطلاله، فكلّما زرناه وجدنا أحجارا مفقودة منه، خصوصاً في سوره الجنوبي… أحد الأصدقاء علّق مازحاً أنّه بحماية مزار (الشيخ سراقة) فأجبته: «إنّ بناء (الشيخ سراقة) أصلاً قد جُلبت حجارته من القصر، فهل هذا هو ثمن الحماية؟!».


المراجع
  1. رحلة لجنة الآثار في جمعية العاديّات – فرع السويداء في 6/4/2007.
  2. دوسو،رينيه،العرب في سوريا قبل الإسلام، دار الحداثة ط أ، ص31.
  3. دوسو، المرجع السابق نفسه ص 28.
  4. الشوفاني، كمال،مذكرات غيرترودبل في جبل الدروز،.دار العوّام، ط أ، دمشق 2008.
  5. غاوبه، هاينز، قلعة البيضا أو القصر الأبيض، دراسة موجزة، الحوليات الأثرية العربية السورية، المجلد الرابع والعشرون 1974، ص 31.
  6. غاوبه، المرجع نفسه ص 102.
  7. غاوبه، المرجع نفسه.ص 105.

مقابلة مع د. غسّان العيّاش

هل زادت أعباء مصرف لبنان اليوم وتحدّياته عما كانت عليه يوم كنتم نائباً للحاكم؟

من حيث الشكل، إنّ المهام التي يواجهها مصرف لبنان اليوم تشبه إلى حدّ بعيد المهام والتحدّيات التي كانت قائمة في مرحلتنا، أي فترة 1990 – 1993. فلا زال المطلوب من مصرف لبنان حماية الاستقرار النقدي وسط العجز المتمادي في المالية العامّة في ظل دولة لا تملك الإرادة أو الخطّة لإصلاح أوضاعها المالية وتضييق الهوّة بين إيراداتها ونفقاتها. وليس استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية وحده هو غاية السياسة النقدية في الماضي والحاضر، بل أيضا المحافظة على معدّلات فائدة معتدلة لضمان نشاط اقتصادي معقول وحماية المجتمع من التضخّم.

لكنّ اليوم، بعد مرور خمس وعشرين سنةً على استمرار المشكلة، أصبحت المهمّة أكثر صعوبة وتعقيداً، بما لا يقاس. فقد تدهورت الأرقام والمؤشّرات تدهوراً خطيراً وباتت التحدّيات في وجه مصرف لبنان شاقّة وبالغة الصعوبة. فخلال ربع القرن الأخير ارتفع الدَّين العام 28 مرّة مقابل ازدياد النموّ الاقتصادي 9 مرّات فقط، فارتفعت نسبة الدَّين العام إلى الناتج المحلي القائم من 50 بالمئة سنة 1993 إلى نحو 150 بالمئة في الوقت الحاضر. دَيْن الدولة الذي كان في مستوى ملياري دولار وقتها بات الآن في حدود 85 ملياراً.

هذه التطوّرات المقلقة انعكست على ميزانية المصرف المركزي نفسه، إذ وصلت التزامات المصرف تجاه القطاع المالي إلى مستوى تاريخي لا سابق له وتجاوزت مبلغ 125 مليار دولار، فيما كانت هذه الالتزامات في مرحلتنا محدودة وتقتصر على الاحتياطي الإلزامي على ودائع المصارف بالليرة اللبنانية فقط. وتواجه ربحيّة مصرف لبنان وضعاً صعباً بسبب اضطراره باستمرار لمساعدة الدولة على تمويل عجزها وفي الوقت نفسه حماية سعر صرف اللّيرة اللبنانية، وتعزيز احتياطاته النقدية بالاستدانة بكلفة عالية.

الوضع الاقتصادي العام في لبنان يشهد منذ ٢٠١٢ تراجعاً خطيراً في مؤشّراته كافة، هل هي انعكاس لأزمات المنطقة والنزوح إلى لبنان، أو لأسباب اقتصادية وسياسية محلّية؟

الظروف الصّعبة التي يعيشها لبنان اليوم هي نتيجة تزامن وتزاوج الأوضاع الإقليمية المتفجّرة مع السياسات الداخلية السيّئة. الأوضاع المضطربة من سورية إلى الخليج (حرب اليمن) أدّت إلى تقلّص السياحة التي يعوّل عليها الاقتصاد اللبناني كثيراً، وأصيبت الاستثمارات الخارجية المباشرة بتراجع من 10 بالمئة من الناتج المحلّي سنة 2010 إلى 3 بالمئة تقريباً في الوقت الحاضر. وخسر لبنان في فترة قصيرة نصف صادراته الصناعية والزراعية، بسبب تعطّل الطرق البرّية وكذلك بسبب تراجع الأوضاع الاقتصادية في الخليج العربي.

لا ننسى بالطبع العبء الكبير الذي وقع على كاهل لبنان جرّاء نزوح أكثر من 1.2 مليون سوري إلى لبنان هربا من أتون الحرب السورية. انعكس هذا العبء على ماليّة الدولة وعلى الخدمات إضافة إلى ارتفاع مُعدّل البطالة بسبب منافسة اليد العاملة السورية لليد العاملة اللبنانيّة.

لكن هذه الظروف الإقليميّة غير الملائمة ترافقت مع ظروف داخليّة غير ملائمة أيضاً. فالأزمة الإقليمية لم تشكّل حافزاً للدولة لتصحيح أوضاعها بل استمرّت في تمويل عجزها بالدَّين، كما أخفقت في تخفيض منسوب الفساد والهدر في الإنفاق وفشلت فشلاً ذريعاً في إدارة الخدمات العامّة كالكهرباء والنفايات. لا نُغفل توالي الأزمات السياسية في زمن المحنة الاقتصادية. وقد أدّت هذه الأزمات إلى تعطيل المؤسّسات الدستورية تباعاً، فتأجّلت الانتخابات النيابية وعُرْقل تشكيل الحكومة مرّتين وشهدت انتخابات رئاسة الجمهورية فراغاً لمدّة تزيد على السنتين.

د. غسّان العيّاش | نائب حاكم مصرف لبنان سابقاً.

يتصدر الوضع المالي واجهة المشهد في لبنان، ما تقويمك للوضع المالي في لبنان بعامّة، وبخاصّة في موضوع الهوّة الواسعة بين المداخيل المحدودة ومتطلّبات الإنفاق الكثيف؟

الإنفاق المستمر سنة بعد سنة دون إيرادات كافية هو الطريق إلى الانتحار المالي والاقتصادي. أودّ أن أوضح هذه المسألة بصورة أدقّ. يجب أن يكون الدَّين العام متناسباً مع حجم الاقتصاد، أي أن يبقى في الحدود التي يستطيع الاقتصاد تحمّلها. في اتفاق الوحدة الأوروبية مثلاً لا يجوز للدين العام في أية دولة أوروبية أن يتجاوز 60 بالمئة من الناتج المحلّي، وقد اعتُبر هذا المقياس معياراً دوليًّا لأنّه مبني على دراسات معمّقة. في لبنان باتت نسبة الدَّين العام إلى الناتج المحلي أكثر من 150 بالمئة من الناتج. لذلك، فتعليقي السريع على الوضع المالي للدولة اللبنانية أنّ دينها بات يتجاوز قدرة الاقتصاد اللبناني على احتماله. ولهذا الأمر نتائج سلبية مالية واقتصادية واجتماعية، لا يتّسع المجال الآن لتعدادها.

كما أنّ المسار المالي للدولة يحمل ظلماً فادحاً بحقِّ الأجيال اللبنانية القادمة. فقد استقرّت القواعد المالية في الدول المتقدّمة على أنّ النفقات الجارية يجب أن تموّل بالضرائب والإيرادات الأخرى للدولة، ولا يجوز أن تستدين الحكومة إلّا لتمويل نفقات الاستثمار. فالنفقات الجارية تقع على عاتق الجيل الذي ينفقها لأنّ الأجيال القادمة لا تستفيد منها. أمّا نفقات الاستثمار فيجوز تأجيل سدادها لأنّها تزيد الثروة الوطنية فيستفيد منها الجيل الحاضر والجيل القادم.

واقع الحال في لبنان، ومنذ سنوات، أن النفقات الجارية لا يموّلها الجيل الحاضر كلّها، بل يُترَك قسمٌ منها لأبنائنا وأحفادنا دون وجه حقّ. خلال ربع القرن المنصرم لم تكن إيرادات الدولة كافية لرواتب الموظفين وخدمة الدين العام وحدها. إنّ كل إيرادات الدولة تساوي 70 بالمئة من النفقات الجارية ويترك القسم الباقي مع نفقات الاستثمار للأجيال المقبلة. حُكْم أبنائنا وأحفادنا سيكون قاسياً علينا بدون شك لأنّنا حمّلناهم بعض ما أنفقناه لمصلحتنا، إضافة إلى كلفة الهدر والفساد.

ما حقيقة ومدى خطورة الوضع المالي الآن؟

باختصار، الوضع المالي في لبنان، كما أسلفنا هو وضع خطير ومضرّ بالاقتصاد والمجتمع. ولكنّي لا أشارك الذين يقولون بأنّ لبنان على حافة الانهيار أو أن الانهيار المالي قدرٌ محتوم. فلا زال هناك وقت للإصلاح وتخفيف المخاطر، وإن كان هذا الوقت ليس طويلا. لِنرَى ما ستفعله الحكومة الجديدة التي قدّمت من خلال بيانها الوزاري وعوداً كبيرة للإصلاح المالي، وهو ليس بالأمر السهل.

كيف تُقيّم الهندسات المالية لمصرف لبنان في السنتين السابقتين، هل كانت لمصلحة مصارف وأشخاص أم كان لا بد منها؟

كان الهدف من الهندسات المالية التي ابتكرها مصرف لبنان منذ أواسط سنة 2016 تعزيز احتياطاته النقدية، وسط تراجع رصيد ميزان المدفوعات والنّزف الذي يتعرّض له المصرف المركزي. هذا مفهوم. إلّا أنّ النقد الذي وُجّه إلى هذه الهندسات أنَّ كلفتها عالية، وهي لا تشكّل حلّا دائما بل تسعى إلى شراء وقت محدود فقط. لم يكن الهدف من الهندسات المالية إفادة مصارف أو أشخاص معيّنين، لكن البعض استفاد من هذه الفرصة المستمرّة بمبالغ ضخمة أحياناً، وهم بعض المصارف، ومودعون كبار محظوظون. صندوق النقد الدولي والمؤسّسات المالية الدولية تفهّمت القيام بهذه العمليات استثنائياً في ظل الفراغ في رئاسة الجمهورية، لكنّها طالبت مصرف لبنان بوقف هذه العمليات الاستثنائية ومعالجة المشاكل بالطرق الطبيعية والعادية المتّبعة في عمل المصارف المركزية.

ما حسنات وخطورة الدّور المتزايد الذي بات للمصارف اللبنانية في الملاءة المالية للدولة في لبنان؟ هل هو وضع يد على الدولة؟

يجب التدقيق في ما إذا كانت المصارف تضع يدها على الدولة أم أنّ الدولة تضع يدها على المصارف، من خلال امتصاص نسبة كبيرة من موجوداتها بغرض تمويل العجز.

الحسنة الوحيدة التي أراها هنا أن المصارف كانت حاضرة دائما لتمويل عجز الموازنة في ظل قصور الإيرادات العامّة عن تلبية احتياجات الدولة ومتطلباتها. ما عدا ذلك لا أرى إلّا السلبيات. فإنّ امتصاص ودائع المصارف بمعظمها من قبل الدولة أضرّ إضراراً كبيراً بالاقتصاد والنموّ الاقتصادي وبخلق فرص العمل. فالقاعدة أنّ المصارف هي وسيط يجعل الادّخارات في خدمة القطاع الخاص، لتمكينه من القيام بنشاطه وتوليد النموّ والوظائف. إنّ استئثار القطاع العام بالقسم الأكبر من موجودات المصارف اللبنانية كان عبر السنين عاملاً مُضرّاً بالنموّ الاقتصادي وسبباً في تراجع النشاط الاقتصادي وارتفاع معدّل البطالة في البلاد.

ما اقتراحاتكم لمعالجة التأزّم الحاصل في لبنان، في الحقلين الاقتصادي والمالي؟

على الصعيد المالي تتمثّل المشكلة كما أسلفنا بالعجز المتمادي والمتواصل في موازنة الدولة، دون أية خطوات إصلاحية لتضييق الهوّة بين النفقات والإيرادات. بالتالي فإنّ العلاج البديهي هو زيادة الإيرادات وخفض النفقات، أوّلا عن طريق منع الهدر ومكافحة الفساد ثم إلغاء النفقات التي يمكن الاستغناء عنها. إنّ مكافحة التهرّب الضريبي مفيدةٌ جدّا خصوصاً أن عدداً من المراجع المطّلعة يقدّر هذا التهرّب بمبلغ أربع مليارات دولار سنويًّا، ما يوازي ثلاثة أرباع عجز الموازنة. ويتركّز التهرّب الضريبي في الجمارك والضريبة على القيمة المضافة وضريبة الدخل.

ومن المتّفق عليه، نظريًّا، أنّ الرصيد الأوّلي للموازنة، أي النفقات من دون خدمة الدين العام، يجب أن يحقّق فائضاً سنويًّا كافياً لِلَجم نسبة الدَّين العام إلى الناتج المحلي القائم، وهذا أمرٌ غير متوفّر حاليا.

شخصيّاً لن أتقدّم باقتراحات إضافية وسط «سوق عُكاظ الاقتصادي» الذي تعيشه البلاد وكثافة الاقتراحات والاجتهادات والأرقام التي تنهال من كلّ حدب وصوب. بل أكتفي بتأييد التعهّد الذي قدّمته الحكومة اللبنانية إلى «مؤتمر سيدر» بخفض عجز الموازنة بدءاً من السنة الجارية بنسبة واحد بالمئة سنويًّا، وهو التعهّد الذي كرّرته الحكومة في بيانها الوزاري أمام المجلس النيابي. إذا تمكّنت الحكومة من تنفيذ هذا التعهّد فإن عجز الموازنة سيصبح في مستوى معقول بعد خمس سنوات.

هل أنت متفائل بقدرة الحكومة على تنفيذ تعهّدها؟

المُقلق أنّ الحكومة تقدّم هذا التعهّد أمام البرلمان وفي المُنتديات الدولية الداعمة للبنان دون أن تبيّن كيف ستصل إلى هذه النتيجة، خصوصاً ألّا وقت لديها ويجب أن تبدأ العمل دون إبطاء. فاعتباراً من موازنة سنة 2019، التي يُفترض إقرارها في القريب العاجل، يفترض أن تُعْلِن الحكومة عن الإيرادات التي تنوي زيادتها والنفقات التي تفكّر في إلغائها، مع العلم أنّ هذه الخطّة إذا كانت حقيقية ستفجّر بدون شك نوعاً من الصّراع الاجتماعي خارج الحكومة، وربّما داخلها.

فإنّ ممثلي الطبقات غير الميسورة بدأوا أساساً بالاعتراض على أيّة ضرائب تصيب الفئات الشعبيّة أو المساس برواتب موظفي الدولة أو صرف الموظفين.
لا يمكن الاطمئنان قبل أن تُفصح الحكومة عن خطّة حقيقية معزّزة بالأرقام بشأن نواياها حيال الإيرادات والنفقات، وهذا ما يجب إعلانه في الأيام والأسابيع المقبلة. بالنسبة للوضع الاقتصادي الصّعب، لا يمكن التكهّن بتحسينه ورفع درجة النشاط الاقتصادي والخروج من حالة الركود الراهنة قبل لجم مشكلة المالية العامّة، فيما التطوّرات المالية لا تبشّر بالخير في ضوء الارتفاع المتواصل في معدّلات الفائدة. حيث هناك فوائد مرتفعة لا مكان للأمل بانتعاش الاقتصاد ورفع مستوى النموّ الاقتصادي.

جامع الحاكم بأمر اللّه الفاطمي

نبذة تاريخية عن “الجامع الأنور” المعروف لاحقاً بـ“جامع الحاكم”

شُرع في بنـاء «جامع الخطبة» خارج باب الفتوح أحد أبواب القاهرة، في ولاية الخليفة الإمام العزيز بالله (344-386 هـ./ 955-996 م.)، «فكان أوَّل من أسَّسهُ وخطب فيه وصلَّى بالنَّاس الجمعة» كما ذكر المقريزي. ويشير المسبحي إلى أنَّ أساس الجامع الجديد خُطَّ بالقاهرة في شهر رمضان سنة 380 ه. وحين سار الخليفة إلى الصَّلاة فيه بعد نحو عام، «كان بين يديه أكثر من ثلاثة آلاف مُصَلٍّ.

ثمَّ يردُ في أحداث العام 393 ه. /1002 م. أنَّ الخليفة الإمام الحاكم بأمر الله (386-411 ه./ 996-1020 م.) أمر «أن يتمَّ الجامع… وقدَّر له نفقة…». وفي سنة 401 هـ. «زيد في منارته وعُمل لها أركان طول كلّ ركن مائة ذراع. وفي سنة 403 ه. أمر الحاكم بعمل تقدير ما يحتاج إليه من الحصر والقناديل والسلاسل فكان تكسير ما ذرع للحصر ستة وثلاثين ألف ذراع…». وفي كتاب كريزويل «العمارة الإسلاميَّة في مصر، المجلد الأول» تفاصيل وافية عن الجامع والزيادات فيه، يخلص فيه إلى القول بأنَّ إتمامه كان في النصف الأول من العام 1013 م./ 403 ه. حيث تمَّ افتتاحه رسميّاً بإقامة صلاة الجمعة به (P. Walker). ويقول المقريزي في ذلك: «وأذِنَ في ليلة الجمعة سادس شهر رمضان سنة ثلاث وأربعمائة لمن باتَ في الجامع الأزهر أن يمضوا إليه فمضوا وصار النَّاس طول ليلتهم يمشون من كلِّ واحد من الجامعَيْن إلى الآخَر بغير مانع لهُم ولا اعتراض… إلى الصبح، وصلَّى فيه الحاكم بأمر الله صلاة الجمعة…».

سُمِّي لاحقاً «الجامع الأنور»، وأُقِـرَّ به التَّدريس حيث «تحلَّق في الجامع الفقهاء الَّذين كانوا يتحلَّقون في جامع القاهرة يعني الجامع الأزهر» (عثمان: موسوعة العمارة الفاطمية). ولم يحمل اسم «جامع الحاكم» إلَّا بعد نهاية العهد الفاطمي. ويعتبرُه بول والكر (الباحث الشهير في التاريخ الفاطمي) جزءاً من منظومة «مؤسَّسات التعليم والعبادة» التي كانت موزَّعة في ردهات خاصَّة في «القصر الشرقي الكبير» (مجالس التأويل)، والمساجد، وأهمّها الأزهر والمقس والأقمر والجامع الجديد أي جامع الحاكم (الفقه والتفسير وعلوم القرآن وإقامة الصلاة)، ثمَّ دار العِلم التي سمِّيت دار الحكمة وغيرها (الفلسفة والعلُوم). وأشار إلى اهتمام لافت بالمساجد حيث كان يتمّ تزويدها بنسخ القرآن الكريم من كلِّ حجم «بعضها كُتِب كاملًا بالذَّهب».

وفي العام 703 ه. تعرَّض الجامع لأضرار كثيرة إثر زلزلةٍ ضربت أرضَ مصر والقاهرة وأعمالهما، فأمر الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير بإصلاح ما تهدَّم منه. وفي العام 827 ه. شهده المؤرِّخُ المقريزي عياناً فقال: «الجامع الآن متهدِّم». وفي زمن الحملة الفرنسية على مصر (1798 – 1801 م.) استخدمهُ الغزاة حصناً. وظلَّ مُهمَلًا تُستغلُّ المساحات فيه لأغراضٍ شتَّى إلى ما بعد استقلال مصر. وفي عهد الرئيس جمال عبد الناصر، بذلَ زعيم طائفة «البهرة» جهوداً ومساعٍ لترميم المساجد التي تعود إلى العصر الفاطمي. و»البُهْرة» تفرَّعت من الاسماعيليَّة الذين لهم وجود عريق في بلاد الهند وما جاورها إذ ارتحل منهُم إليها الكثيرون بعد القضاء على الدولة الفاطميَّة من قبَل الأيوبيّين.

وقد أفلح «البُهرة» في زمن الرئيس السادات بالحصول على قرار رسميّ بالإشراف على مسجد الحاكم، وقاموا بترميمه بالشكل الذي نراه به اليوم (صحيفة «العرب»، 22 كانون الأول 2014: البُهرة في مصر.) وورد في التحقيق أنَّ طائفة البُهرة تعتبر صلاة المغرب يوم الخميس هي الصلاة المقدَّسة، وعند دخولها يُحاطُ مسجد الحاكم في القاهرة بستائر خضراء من جميع الاتجاهات، وتتوافدُ جموعُ المصلِّين على المسجد قبيْل الآذان.[Best_Wordpress_Gallery id=”17″ gal_title=”جامع الحاكم”]

خطرُ الفكرِ الإرهابي…

 

أجرى اللقاء في القاهرة رئيس التحرير، بمعيّة الأستاذ فرحان صالح (أمين عام حلقة الحوار الثقافي).

ما هي مخاطر الإقصاء! يقول أخوان الصّفا: لا تُعادوا عِلْما من العلوم ولا تهجروا كتاباً من الكتب ولا تتعصّبوا لأيّ مذهب من المذاهب. بعد ألف عام ماذا
حدث! لِمَ هذا التعصّب والتَّشرذم والإقصاء! إلى أين نحن ذاهبون كعرب وكأمّة إسلامية فرّقتها المذاهب والمِلَل؟كيف انهار الإسلام كمشروع توحيدي. كيف نقاوم ما حدث؟

ما تتكلّم عنه أستاذنا الكريم حقيقة مُرّة، أمّا كيف حدث ذلك، فإنّ تراكمات من الأحداث خلال القرون أنتجت ما نشهده اليوم. ولنبدأ من سنة 1516، يوم دخول العثمانيّون إلى المنطقة العربية… احتلّوا الشام ودخلوا مصر… وبالتدريج حوّلوا الإسلام إلى سلطة واستبداد على مدى قرون. ثم جاء الاستعمار الأوروبي الجديد مع الثورة العلميّة والفكريّة في أوروبا، ودخول عدّة حضارات على الحضارة الإسلامية إنْ بالقوّة أو بالعلم أو بالاستعمار، أو بالثلاثة معاً. كلّها عوامل تُضاف إلى بعضها بعضاً، ومنذ منتصف القرن الثامن عشر ورغم تململ العرب من الحكم العثماني الظالم والذي لم يكن يطبّق الشريعة الإسلامية فعليّاً، بل رفعها شعاراً وأقوالاً، كانت هناك أكثر من محاولة للخروج من هذا الظّلم والاستبداد، ولا ننسى المحاولة الأولى لعلي بك الكبير في مصر والشام والتي أُجهضت على يد السلطان العثماني بفتوى تكفيرية.

وبعد أن كُشِفت صفقة علي بك الكبير من الأسلحة من روسيا وعَلِم السلطان بها، عندها أصدر فتوى بتكفير هذا الرجل ومن معه، كفتوى إسلاميّة تبيح قتله ومطاردته. واقتنع بهذه الفتوى محمّد بك أبو الذهب قائد جيوش علي بك الكبير ففشلت المحاولة الاستقلاليّة التنويريّة الأولى.

ثم جاء نابليون بونابرت، وهنا لا بدّ من التركيز والإشارة أنها كانت أوّل محاولة مباشرة لإيجاد فجوة وتوظيف الإسلام سياسيّاً.. إذ خاطب نابليون المسلمين ببيان تاريخي أظهر فيه حبّه للإسلام وللنبي وللمسلمين وبأنّه خرَّب الكرسي البابوي في مالطة (وكلُّه هراء وكذب) وأنّه إنسان عادل محبّ لهذا الوطن… وهنا بدأت تتجلّى الفتنة وزرع الشّرخ بين المسلمين بل وبين شرائح العرب كافّة، إذ إنّه عندما شكّل المجلس أو الديوان آنذاك في مصر اختار اثنين من الأقباط للمشاركة في الحكم، وهذه الحالة تُعتبر الحالة الأولى التي أيقظت في نفوس أفراد المجتمع أنّ هناك أقلِّية وأغلبيّة وأنّ هناك مشاركة في الحكم والمصالح والصّلاحيات، أمّا هدفها فكان الفتنة والشّقاق وصولاً إلى التّقسيم وليس العكس.

وتابع الدكتور النمنم: كان هذا الحدث بالتأكيد نقطة تحوّل. كان السائد أنّه عند حدوث أي خلل اجتماعي يعمل معاً علماء الأزهر ورؤساء الأقباط وشيوخ العشائر والقبائل في الحلّ من دون الأخذ بعين الاعتبار العدد والأقليّة والأغلبيّة، كشعب واحد وتُحَلّ الأمور على قاعدة العدل إلى أن جاء بونابارت وأظهر هذه المعادلة التقسيميّة… فكانت محاولة لتكريس فكرة الأقليّة والأكثريّة، وخاصّة في تشكيل الديوان فجعل اثنين من الأقباط يمثلونهم، وعند كلّ مفترق يسألون لماذا اثنان فيكون الجواب لأنّكم أقليّة!

والحمد لله فشل مشروع بونابرت وفشل في احتلال مصر والشام لأسباب عديدة عام 1801 وأهمّها مقاومة واتّحاد المصرييّن في وجه الغريب. وجاء محمّد علي ليؤسّس الدّولة الوطنية الحديثة وكان يريد لها أن تكون دولة مدنيّة حديثة، والكلّ يعلم التّكالب العثماني البريطاني الفرنسي على مصر وقيام الدّولة فيها، وحشد المؤامرات ضد محمّد علي… ولكن مشروع محمّد علي صمد رغم كلّ الصعوبات ولو على نطاق أضيق ممّا كان يطمح إليه صاحبه؛ ثم أتى إسماعيل باشا وأكمل المسيرة وأحدث تقدّما ونهضة حقيقيّة.

وأيضا يعود الاستعمار الأوروبي والاستعمار العثماني ليُقصي إسماعيل بحجّة الديون زوراً.. ونصبوا ابنه مكانه، فدخل الاستعمار البريطاني من بابه العريض، وفي نيّته التكفير والتفريق. ومع ابنه خليل محمّد توفيق أصرّوا على إجهاض مشروع محمّد علي تماماً، فبدأ كرومر يلعب لعبة المسلمين/الأقباط لكنّه فشل فشلاً ذريعاً. ومرّت السنوات إلى أن ظهرت الحركة الوطنيّة المصرية على يد مصطفى كامل ومن ثم سعد زغلول، فتمّ خلق ما يسمّى بـ «جماعات إسلاميّة متطرّفة» لكي تكون مسماراً في ظهر الحركة الوطنية وإسفيناً بيننا. تمّ تمويلهم من هيئة قناة السويس والكلّ يعرف التفاصيل لا حاجة بالاستفاضة.

وانتهى الأمر بثورة 1952 المجيدة، فكان أن لعبت هذه المنطقة دوراً كبيرا كان عصر جمال عبد الناصر. طَرد الاستعمار، وتمّ تأميم قناة السويس وكسر أيدي الأعداء في الداخل وجاء دوره ومشروعه للوحدة العربية… (ولعلّه استعجل في الطّرح) وكانت خطّة التّنمية التي قادها ثمّ السدّ العالي الذي كان من أفضل المشاريع وأهمّها خلال حكمه بشهادة العالم. وجاءت أزمة مايو وهي مؤامرة لضرب عبد الناصر، ومن ثم استشهاد عبد الناصر، وأتى الرئيس السادات وقد حلّل البعض أنّ الرئيس السادات استعان ودعم الإخوان لضرب الناصرييّن واليسارييّن، وهذا كلام أعتقد أنّه غير دقيق إنّما امتدّت الفتنة إلى داخل الشّعب المصري.

في 4 فبراير أطلق الرَّئيس السادات مبادرته الشّهيرة… وتقوم على انسحاب إسرائيل مقابل انسحاب القوّات العربية 15 كيلو متراً شرق وغرب القناة وتستمرّ الملاحة.

لا بدّ اليوم من معالجة شاملة لموضوع التّعصب والتّشرذم والانقسام الدّاخلي وإنْ يكن الأهم هو منع التكفير والإقصاء داخل الشّعب الواحد، كما ظهر بعد تفشّي ظاهرة الإرهاب. بغضّ النّظر عن الأسباب ما هي الحلول لهذه الظاهرة بنظركم! وبخاصّة بعد الإصدارات والمقالات التي كتبتموها في الفترة الأخيرة، هل من حل موجود أو معالجة ما؟ أو هل يمكن أن تشرح لنا عبر الضّحى طبيعة هذه الحلول أو المحاولات؟

نعم أخي العزيز، هناك إجراءات رسميّة مُمْكنة، بالتّعاون مع الكثير من المؤسّسات الرسميّة وغير الرسمية بهدف إظهار مدنيّة الدولة. ولكن هذا ليس كافياً، فإنّي أرى الحلّ في إصدار قرار قانوني يلزم الجميع ويُعتبر مجرماً من يقوم بتكفير الآخر وتطبيق هذا القانون عبر الدولة على الجميع، ومنع استخدام كلمة تكفير، أو «عنده عقيدة فاسدة». وفي الدستور، والقانون، في مصر هناك نصّ صريح وواضح بحرّية المعتقد. إذاً، يجب أولاً تطبيق هذا القانون، ثانياً المناهج التربويّة يجب أن تراعي هذا الأمر وتكرّس مفهوم حريّة المعتقد والتعدديّة، ويجب أن تتم مراقبة الكتب داخل المنهج أو النصوص التي تكرّس مفهوم التكفير، ولماذا التّعتيم على أمثال شكيب أرسلان من العشيرة الدرزيّة المعروفيّة، والكتّاب العرب غير المسلمين مثل جرجي زيدان المسيحي الأرثوذكسي، وشبلي شميِّل المسيحي الماروني… تماماً مثل رشيد رضا المسلم السنّي، والجيل القديم كان يتعامل مع هؤلاء وغيرهم… ولم يكن هناك مشكلة بالانتماء، حتى مع اليهود أنفسهم.

خطورة التطرّف، ليس خطورة سياسيّة وأمنية فحسب، بل هي تدفع الكثير وبخاصة من الشباب إلى ردود أفعال مناقضة ومتهوّرة، ومن النوع المتطرّف نفسه: حتى أنّ بعضهم بات يذهب إلى الإلحاد! لماذا! هناك بصراحة من يترك الإسلام اليوم، وبخاصّة من الشباب أو المسلمين المقيمين في الخارج، بسبب التطرّف وبسبب من جهل أو تعصّب أو تكفير بعض القادة للبعض الآخر! التعصّب والتطرف وإقصاء الآخر هو أصل المشكلة.

كان على هؤلاء أن يعودوا إلى سيرة النبي محمّد عليه الصلاة والسلام. كان رمز التسامح ورمز الاعتدال، فأين أنتم ذاهبون إذاً؟ الدّولة المدنيّة هي تكريس للقانون والعدالة وغير مخالفة لتعاليم الإسلام وأسسه. لا يوجد دين في العالم يدعو إلى القتل أو الكذب أو السّرقة… القِيم الأخلاقية متفّق عليها في كلّ دول العالم وكلّ الديانات، فعلامَ التكفير وإقصاء الآخر واستحضار العداوات؟

لذا يجب حماية الإسلام من بعض المسلمين أنفسهم، أي عبر تحريره من المتطرّفين ومن بعض أعمالهم السيّئة التي تشوّه الدّين الإسلامي وتسيء إلى المعتقد وإلى المؤمنين… كذلك حماية النّص من التفسيرات غير العقلانية وغير المنطقية، يجب تحرير نصوص المسلمين من تلك الأعراض الخطرة. وما يؤكد على كلامي حادثة فرنسا: التي أجبرت الرئيس ساركوزي ورئيس الوزراء وعديد من شخصيات فرنسا أن يوقّعوا على بيان من أجل حذف خمسٍ وعشرين آية من القرآن الكريم بحجّة أنها تدعو إلى القتل، ولم يستطع أحد الرّد على ذلك، ومن بين الموقعين على هذا البيان 20 إمام مسلم. هناك إذاً خطر كبير وحقيقي على الإسلام كعقيدة ودين، وكنتيجة مباشرة أو غير مباشرة للأعمال الإرهابية وتيارات التكفير والإقصاء.

في ظلّ هذه المُعطيات التي أرعبتنا بشكل جدّي نكرّر السؤال، ما هو الحل؟ وما المطلوب من الحكومات والمفكّرين، والإعلاميين قبل سواهم؟

لقد سبقتني في التعبير فأنا ما زلت أقول عن المخاطر المحيطة بالإسلام كعقيدة ودين وهي إنّ ثورة الاتصالات لا أحد يرد عليك، وكلّ عملية يقوم بها داعش يستشهد بآية من القرآن الكريم ويقوم الإعلام بتوزيعها ويقنع العالم كذباً بأنّ الدين يأمر بالقتل.

يا سيدي الفاضل ألم يقل الله تعالى في القرآن الكريم ﴿قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون، ولا تعبدون ما أعبد﴾ هل من تسامح أكثر من ذلك؟ هتلر ذبح الناس ولم يستشهد بآية من الإنجيل أو نتنياهو المجرم استعان بالتّوراة؟ لماذا فقط نحن علينا أن نستشهد بالآيات القرآنية من أجل تحليل الجرائم والقتل والكراهية… هذا خطأ كبير فادح مبرمج من أجل زعزعة العقيدة الإسلامية ضد المسلمين وباقي الشعوب وتسري بسرعة البرق وبحجج واهية مدعّمة بمشاهد فظيعة تحت راية الإسلام وبأمر من الله.. هل يعقل ذلك؟ ﴿لكم دينكم ولي ديني﴾ صدق الله العظيم يا أخي ألا يقرؤون هذه الآية؟ لم يقل ديني هو الصحّ والباقي هو الخطأ!

باختصار، مسالة اختطاف الإسلام عبر داعش أو عبر أيّة جهة متطرّفة تسيء بشدة لا لهذه الجماعات فحسب، بل للإسلام نفسه وللمسلمين جميعاً. محمّد علي جناح هو شيعي إسماعيلي وأمير الشعراء أحمد شوقي من كبار المسلمين… منهم من رفض الذهاب إلى الحج… هل هذا يعني هم كافرون! هل أحد شككّ
في إسلامهم!

ما الذي فعلته الجماعات المتطرّفة تلك بالأمة الإسلامية والعربية وقضاياها خلال السنوات الأخيرة؟

أحسنت في طرحك وهذا هو الجواب عن كل الأسئلة، لم تَعُد فلسطين قضيّة العرب، ولم تعد مصر أمّ الدنيا ولا سوريا ولا لبنان ولا ليبيا. كلّ دولة مشغولة بهمومها الداخلية حتى أصبحت إسرائيل صديقة بعض الدّول، بل وأصبح العدوان على سوريا يسرح ويمرح ولا أحد يستنكر لو كانت أيام عبد الناصر لاشتعلت بيروت والقاهرة لنصرة دمشق.

هذا الأمر أصبح شيئاً طبيعياً ولم يعد أحد يقلق على أحد!! هذا ما فعلته تيارات الإسلام السياسي المتطرّفة في الأوطان العربية والإسلامية. فقد دمّروا الانتماء الوطني والانتماء إلى الأمّة تحت شعار محاربة التيارات الجديدة أو التيارات المتشدّدة… ضاع الوطن وضاع الدين بين الحريّات والمحافظين المتشددين… حتى نتنياهو أصبح يتباهى بالقول: إنّنا استطعنا أن نخرق العالم الإسلامي… أين العالم الإسلامي؟ أين وحدة المسلمين؟ نعم الإسلام السياسي، أي توظيف الدين الإسلامي الحنيف لأغراض سياسية، دَمّر على مدى قرون الأمّة الإسلامية وشتَّتها.

لو كان عبد الناصر وغيره من الزعامات العربية التاريخية الكبرى، وأنا لا أدافع عن أحد، لما كان الأمر على ما هو عليه. الزعامات الكبيرة تلك كان لها الدّور الأبرز في الحفاظ على الإسلام، وفي تقديم صورة الإسلام الإنساني المناضل الذي يدافع عن حرية الشعوب ضد إسرائيل وضد المحتل ويرفع أعلى القيم الإنسانية في آن معاً. الوضع الآن مع الأسف مختلف.

هل تعتقد معالي الوزير أنّ التحوّلات السريعة وغير العادلة على مستوى العالم وما يتعلّق بالهويّة بشكل خاص هو سبب إضافي لتشويه الهويّات ومن بينها هويّتنا العربية، ولانتشار الغلو ومن ثم الإرهاب؟

العالم حدث فيه تحوّل كبير بعد انهيار الاتحاد السوفياتي والذي أفرز القوة العظمى الأولى وهي أمريكا واستطاعت خلال سنوات أن تكوّن ما يسمى العولمة والقرية الكونيّة وبث حضارتها في طول العالم… هذا أمر مفهوم. لكن الغريب هو التحالف بين العولمة وتيّار الإسلام السياسي. فبكل وضوح: أميركا تدعم التطرّف لكنّها تحاربه بالإعلام كما حدث مع ابن لادن وما سبق 11 سبتمبر في نيويورك. لم نسمع من أحد كلمة عن علاقة أمريكا بالتطرّف الإسلامي.

العولمة والإسلام السياسي المتطرّف وجهان لعملة واحدة… وأنا أقول أكثر من ذلك: إنّ المتطرّفين يسكنون في لندن، أي إنَّ الإسلام السياسي هو اختراع الغرب وأوروبا لضرب الأمة الإسلامية وإفشالها.. منذ أيّام نابوليون بونبارت وإلى أيامنا هذه.

فلنكن واقعييّن أيضاً ما يحدث في فرنسا والسّترات الصّفراء لا يصدّقها أحد أنّها بسبب الاقتصاد كلّ هذه التحرّكات هي مشبوهة ومدعومة من خارج فرنسا تستغلّ ظرفاً معيّنا.. لا يمكن للشعوب أن تتحدّى بعد الآن. وفرنسا دولة مدنيّة قوية حديثة كيف استطاعوا اختراقها!

تركيّا، لماذا لا تدخل الاتّحاد الأوروبي؟ هل لأنها إسلاميّة، أم لتحمي نفسها ولعلّ السبب أيضاً من قبل الآخرين.. علينا أن ننظر إلى العالم كلّه بموضوعية.

ماذا سيفعل الشباب البعيد عن الدِّين؟ والذي لا يجد عملاً ولا منزلاً ولا مستقبلاً، لماذا يهرب إلى التطرّف وإلى الإرهاب! ما الحل للجيل الجديد؟ ماذا فعلنا نحن خلال القرن الأخير؟

الأنظمة العربيّة مع الأسف، وهنا لا أتحدّث عن نظام بعينه، أفشلت كل محاولات إنشاء أحزاب ديموقراطيّة علمانية تنير عقول الشباب والمجتمع عموماً، ولم يسمحوا حتى لتيّارات أو مفكّرين مستقلّين، ولا لتعبير الشباب عن مطالبهم المحقّة أو قلقهم… ما حدث في جميع الدّول العربية هو أننا لم ننتبه بشكل جيّد للشباب ولم نعطهم الفرصة للتعبير عن أنفسهم، ولم نحقّق لهم أبسط مطالبهم. ولا سمحت لتحوّل ديمقراطي حقيقي، وكان ذلك سبباً أضيف إلى الأسباب التي أنتجت العنف والإرهاب والتطرّف..

عبد الناصر على سبيل المثال، وعلى قلّة المستشارين الحقيقييِّن، قدّم تجربة لم تكتمل… لم يستطع أحد أن يكمّل مسيرته أو مشروعه أو يرث تاريخه وأفكاره… وعلى الجميع أن يقرأ التاريخ وخاصة مذكرات الرئيس بوش الأب وكتاب كلينتون الذي صدر مؤخّرا… على العالم العربي أن يقرأ ويستفيد من التاريخ ويستيقظ من سباته أو من جهله… والنتيجة واحدة.

أخيراً… أين الكتّاب العرب، أين المثقفون، أين النّدوات، واللقاءات، أين البيانات المشتركة، أين اللغة العربية؟ فعلاً نحن أصبحنا في زمن الجاهلية الأولى، والأكثر من هذا الخوف الذي أصبح يسيطر على العقول فلا أحد يجرؤ أن يكتب بحقّ الفاسدين بل يصبح فوراً خائناً وقد يُقتَل أو يُهَجَّر، أو يهرب كلاجئ سياسي.

نشكر مجلّة الضّحى ونشكر د. محمّد شيّا ونشكر أسرة ومشيخة العقل في لبنان وكل الأخوة المثقّفين المناضلين في لبنان وعالمنا العربي والإسلامي، بوجودهم لن نفقد الأمل… فانهيار المجتمع يبدأ من انهيار الثقافة وموت المثقّفين، ليس جسديّا بل فكريّاً… والسّلام.

رابطة العمل الاجتماعي… تقديمات سخيّة في الزمن الصعب

بو نصّار للضحى: الرابطة ساعدت أكثر من ٣,٣٠٠ طالبة وطالب جامعي والمساعدات تخطت ٧ مليون دولار أميركي

توجّهت مجلّة الضّحى في إطار خطّتها الدائمة في الإضاءة على مؤسّسات طائفة الموحّدين الدروز، إلى رابطة العمل الاجتماعي حيث أجرت مقابلة مع رئيس الرابطة الحالي الدكتور مكرم امين بو نصار، حضر اللقاء كل من رئيس لجنة الاعلام والمعلوماتية في الرابطة السيد رضا عاطف سعد ومدير مركز الرابطة السيد مجدي قباني.

بداية، توجّه الدكتور مكرم بو نصّار بالشكر إلى مجلّة الضّحى لمبادرتها الكريمة وجهدها الكبير في إصدار هذه المجلّة العابرة للطوائف والمناطق، والمُلتزمة بمضمون مُتَميّز، وأثنى على جهود ورعاية سماحة شيخ العقل ودور المجلس المذهبي وأسرة الضّحى الجديدة المتجدّدة. تمنّى بو نصّار أن تتحوّل الضّحى داخل صفحاتها إلى مركز تلاقٍ وتواصل وحوار للشباب المعروفي واللبناني لطرح مشاكلهم وهمومهم وأفكارهم على منبر كبير كمجلّة الضّحى ثمّ جرى الحوار التالي:

ما هي أهم إنجازات الرّابطة؟ وما هي قيمة المساعدات الماليّة التي تقدّمها وهل يمكن ذكر الأرقام؟

إنّ كلّ الأعمال التي نقوم بها موثّقة ومعروفة بالأرقام والأسماء، ونقوم بنشر ما تقدّمه الرابطة بالتفصيل في نشرة سنويّة لمجلّة الرّابطة والتي تُوزّع مجّاناً على الجميع، نعرض فيها تفاصيل نشاطات الرابطة من حيث النشاط الاجتماعي والثقافي والخيري، ونعرض فيها سنويًّا كيف تتوزّع المساعدات بالأرقام والمناطق بكل شفافية ومصداقية. وكلّ موازنات الرّابطة وقَطْع الحساب وأسماء المتبرّعين ستجدونها في مضمون المجلّة دائما.

هل هناك مساعدات من قِبَل الدولة اللبنانية، أو الوزارات المختصّة أو مساعدات دولية عبر جمعيات تعنى بهذا الشأن؟

نحصل على مساعدات رمزيّة من قبل بلدية بيروت وبعض المؤسسات، والمدخول الأهم الذي يغذّي أعمال الرابطة هي الصناديق الداعمة التي أصبح عددها 12 صندوقاً عبارة عن مبلغ مالي يحدد لدعم الطلاب باسم صاحبه أمثال (الشيخ كميل سريّ الدين والشيخ جمال الجوهري وقبلهم أشخاص كثر… والمسيرة مستمرّة مع أصحاب الأيادي البيضاء والمعطاء) ويتم تبليغ صاحب الصندوق بالمستفيدين ليعرف المتبرّع إلى أين تذهب الأموال.

وأمّا بالنسبة للمساعدات من قبل الوزارات لا يوجد أبداً، ومن الخارج أيضا شبه معدومة إذا استثنينا العمل الكبير الذي يقوم به بعض الأخوة في الجالية اللبنانية في دول الخليج عبر دعمنا بإرسال مساعدات مادية لدعم صندوق الرابطة. ونخصّ بالشكر أهلنا في أبو ظبي، ونودّ عبر منبركم أن نعلن عن استقبال التبرّعات والمساعدات من الأهل في دول الاغتراب ونتمنّى أن يصل صوتنا عبر هذا الصرح المنتشر على مساحة الوطن والخارج، وخاصة أنّ الحاجة في ازدياد والطّلبات أيضاً.

كيف تقوم الرابطة بالتواصل مع الجمعيات وما مدى العلاقة التي تربطكم بها؟

نحن على مسافة واحدة من الجميع بل أكثر من ذلك إنّ الرابطة تُعتبر ملتقى للجمعيات والروابط الأهلية وتاريخها يشهد على ذلك إذ إنها أقدم رابطة اجتماعيّة تأسّست سنة 1958. واسمحوا لي أن أسرد بعض التفاصيل عن اعمال الهيئة الادارية للرابطة في سنة ونصف على استلام مهامها:

  • تمديد البروتوكول بين الرابطة وإدارة بنك بيروت والبلاد العربيّة، والمستمر دون انقطاع من العام 2011 وبقيمة خمسمائة مليون ليرة لبنانية سنويّاً لتأمين قروض ميسّرة للطلّاب الجامعيين.
  • تجديد البروتوكول بين الرابطة وبنك الموارد وبقيمة إجمالية تبلغ ملياري ليرة لبنانية ذلك لمدة ثلاث سنوات.
  • إعطاء قروض مباشرة من الرابطة لـ 50 طالباً متفوّقاً وذلك بعد دراستها من قبل هيئة تشجيع التعليم العالي التي تُشكر على جهد أعضائها جميعاً وأمينها الزميل عادل حمدان. أمّا باقي الطلبات والبالغ عددها 61 طلباً، فقد تم تحويل طلباتهم إلى كلّ من بنك بيروت والبلاد العربية وبنك الموارد للبتّ بها وتمَّت الموافقة على معظمها.
  • أقامت اللجنة الاجتماعية في الرابطة برئاسة السيدة هيام الحلبي العديد من النشاطات الاجتماعية الناجحة أبرزها عشاء بيتي في مقر الرابطة وحفل إفطار وحفل العشاء السنوي في فندق “الحبتور”، إضافة إلى العشاء التّكريمي في فندق L’ Heritage. كذلك أقامت اللجنة نشاطاً خيريًّا لأطفال بيت اليتيم الدرزي في مجمّع الـ ABC الأشرفية.
  • أمّا اللجنة الثقافية برئاسة المهندسة دنيا لبو خزام فأقامت العديد من الندوات المميّزة نذكر منها ندوة في قصر الأونيسكو حول كتاب العمليات المصرفية للدكتور وائل الدّبيسي وندوة حول “المؤشرات الأولى للإدمان” بالتعاون مع جمعية جاد وندوة بعنوان “عن الصحافة قبيل الغروب”، حاضر فيها الصحافي طلال سلمان وندوة بعنوان “التحديات التي تواجه الاقتصاد اللبناني” حاضر فيها معالي وزير المالية علي حسن خليل.
  • أمّا لجنة شؤون الخريجين برئاسة السيد ايهاب ذبيان فأقامت بالتعاون مع المكتبة الوطنية نشاطاً لتعريف البلديات والجمعيات والخرّيجين على الرّابطة ونشاطاتها المتنوّعة. وأقامت مؤخّرا ندوة حول أهميّة LinkedIn حاضرت فيها السيدة سالي عادل حمدان.
  • وعملت لجنة الإعلام والمعلوماتية برئاسة السيد رضا سعد على تعزيز صفحة الرابطة على الفيسبوك بحيث أصبح عدد المتابعين لها نحو 2500 شخص. وقامت الرابطة عبر لجنة الإعلام بالتعاون مع جمعية “بيروت ماراتون” وذلك بالمشاركة في نشاط ماراتون بيروت حيث تم مشاركة 110 مشتركين تحت اسم الرابطة برعاية من بنك بيروت والبلاد العربية.
  • استقبلت الرابطة اجتماع “تجمّع الجمعيات النسائية لطائفة الموحدين الدروز ” الذي عُقد نهار الاثنين في ١٢ آذار ٢٠١٨ بحضور أكثر من ١٠٠ شخصيّة نسائية رائدة في العمل الاجتماعي والثقافي وبدعوة من جمعية بيت الطالبة الجامعية. ناقش المجتمعون عدداً من الأمور التي تهم المرأة والمجتمع واتخذوا عدداً من المبادرات الهامة.
  • عُقِد اجتماع المجلس الاستشاري للرابطة بتاريخ ١٨ حزيران ٢٠١٨ بحضور كلٍّ من الأعضاء السادة: د. رؤوف الغصيني، والسيدة حياة المصفي، و د. شوقي غريزي، والشيخ عصام مكارم، والمحامي غاندي الحلبي، والشيخ منير حمزة، والسيّدة منى ابراهيم، والأستاذ رامي الرّيس والشيخ محمود عبد الباقي ود. فاروق أبو خزام إضافة إلى الهيئة الإدارية للرّابطة. وقد هنَّأ أعضاء المجلس الاستشاري الهيئة على إنجازاتها وتمّ البحث في عدد من النقاط التي من شأنها تفعيل دور الرابطة الاجتماعي والثقافي ووعدت الهيئة الاهتمام ومتابعة أفكار واقتراحات أعضاء المجلس الاستشاري.
  • وقّعت الرابطة اتفاقية تعاون مع الجامعة اللبنانية الكندية – LCU تهدف إلى التنسيق بين الفريقين من النواحي التربوية والأكاديمية، والرياضية والثقافية. تتضمن الاتفاقية تقديم دعم خاص وتخفيض كبير من كلفة الدراسة للطلاب المتفوّقين التي تسميهم رابطة العمل الاجتماعي.
  • وقعت الرّابطة مؤخّراً اتفاقية تعاون مع بنك الموارد مشكوراً الذي تبرّع ب 75 ألف دولار للرابطة ونشاطاتها في السنوات الخمس المقبلة.
  • شاركت الرابطة في المؤتمر الدولي الذي تنظّمه الجامعة الأميركيّة في بيروت حول تاريخ الدّروز ودورهم الاجتماعي والثقافي، وذلك في شهر تشرين الأوّل 2018. ووجّه رئيس الرّابطة في المؤتمر تحية خاصة للرّؤساء السابقين وقد كان معظمهم حاضراً في المؤتمر وهم د. رؤوف الغصيني، الشيخ سليم خير الدين، القاضي عباس الحلبي، السيدة ماوية الزّهيري والسيد فؤاد الرّيس، ود. شوقي غريزي ود. فاروق أبو خزام وللرئيس الأوَّل د. عاطف سعد. وقال أيضا إنّ هذه الأرض الخصبة التي يقام عليها المؤتمر هي الحرَمُ الجامعي الاوَّل في الشرق الأوسط وتوزّع محصولُها التعليمي على صعيد الوطن بأطيافه كافّة، وكان لمسلك التوحيد الدورُ الأبرزُ في توحيد المسلك نحو التعلّمِ والانفتاح دون تمييزٍ بين إنسانٍ وآخر… وللرابطة الجامعة في حرم هذه الجامعة الرابطة بين أبناء الوطن، مكانٌ ومكانة، وبين الاثنتين قصّةُ التزامٍ ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، التزامٌ من الرابطة بتأمين الإمكانيّة للطالب والتزامٌ من الجامعة بتامين التعليم الأنسب له وبعد التمكين والتعليم تكون للطلاب حياة أفضل….ولا حلَّ للتطرّف والإرهاب إلّا بتشجيع العلم والثقافة والحوار.
  • قامت الهيئة الإدارية بإجراء بعض التحسينات الإدارية واللوجستية لمركز الرابطة شملت جردة بموجودات الرابطة وإعادة ترتيبها وتنظيمها وبعض أعمال الديكور وتجديد المفروشات بهدف إبراز وجه الرابطة بشكل أفضل وذلك بإشراف ومتابعة من أمينة السرّ.
  • يسعدنا أيضا إبلاغكم عن تحقيق الرابطة لوفر ماليٍّ صافٍ بلغ نحو 100 مليون ليرة في العام 2017، يضاف إليها تحصيل أكثر من 90 مليون ليرة من القروض المستحقّة لتاريخه وذلك بمتابعة من مدير مركز الرّابطة السيّد مجدي قباني.
  • استفاد من قروض ومساعدات الرّابطة خلال الأربعين سنة الماضية أكثر من ٣٣٠٠ طالبة وطالب جامعي بمبلغ إجمالي تخطّى ٧ مليون دولار.

ختاماً، نحتفل هذه السنة بالعيد الستّين للرابطة التي أثبتت نجاحها وتميّزها طوال هذه السنين، هذا النجاحٍ ما كان ليتمّ دون مساندتُكم المستمرّة، وكلّما وَثقتُمْ بنجاحنا زادت الشهادات وزخر المجتمعُ بمثقفين وخرِّيجين وحقّقت الرابطة غايتَها. واسمحوا لنا أن نوجّه تحيّةً لكلّ شخص أو مؤسّسة دعمت الرابطة في مسيرتها، وإلى كلٍّ من رؤساء وأعضاء الهيئات الإداريّة الذين تولَّوْا إدارة الرابطة خلال هذه السنين. وكلّنا أمل أن تستمرّ الرابطة بأداء رسالتها ومواكبة التطوّر مع التمسك بجذورنا وتراثنا وقيمنا.

لا يَسَعُنا إلّا أن نشكر في الأوّل وفي الختام بنك بيروت والبلاد العربيّة وبنك الموارد وإدارتهما الحكيمة الدّاعمة والرّاعية لهذه الرابطة وهي العامود الفقري لأعمالنا والقروض التي تقدمها بفوائد وتسهيلات مميّزة جدًّا. نشكر أيضاً الذين أطلقوا مشروعاً جديداً للقيام بدورات تعليميّة مجانية للّغات الأجنبية الإنكليزية والفرنسية في العديد من المناطق وقد يصل عدد الطلّاب إلى 300 طالب وطالبة وهذا سيسهم بشكل كبير في عملية التوظيف وعملية خلق فرص عمل وكلّ هذا مجّانا من قبل الرابطة. وقد وقّعنا وبروتوكولات مع بعض الجامعات لا سيما جامعة LCU التي قدّمت تخفيضاً يصل إلى 60% من القسط من أجل تلبية أكبر عدد ممكن من طلبات الطلّاب. ونتمنّى أخيراً من الذين استفادوا من تقديمات هذه الرابطة وتخرّجوا من الجامعات أن يدعموا الرابطة وخاصّة الأشخاص الذين تفوّقوا وأصبحوا في مراكز مهمّة ومتقدمة، ويقدّموا المساعدة لإخوانهم الذين يمرّون الآن بالحاجة نفسها.

كلمة أخيرة

سلاحنا هو العلم، فهيّا نَبْنِ معاً مجتمعاً متعلِّماً، مثقّفاً، مُبْدِعاً، وطنيًّا، محاوراً وقويّاً يملك السلاح الوحيد الذي يستطيع من خلاله الدفاع به عن نفسه وتاريخه وأفكاره.. ويستطيع من خلاله فعل الخير وبناء وطن سليم مبدع، وكما يقال ليس لنا عدو، فعدوُّنا الوحيد هو الجهل. شكراً لكم دكتور مكرم بو نصار، وتحية تقدير ومحبة من اسرة الضحى الى رابطة العمل الاجتماعي. وصفحات الضّحى مفتوحة دائما لإبراز أنشطتكم الخيريّة والاجتماعيّة والثقافيّة.

47 عاماً على تأسيس دولة الإمارات العربيّة المتّحدة

احتفلَ شعبُ الإمارات العربيّة المُتّحدة في الثاني من كانون أوّل 2018 بمرور 47 عاماً على تأسيس دولة الإمارات العربيّة المتّحدة، 1971- 2018.

قبل الحديث إيجازاً عن النجاحات الحديثة لدولة الإمارات العربيّة المتّحدة، وهو نجاح لكل عربيّ حقيقي مخلص، (وآخرها تصنيف جواز سفرها الأوّل على مستوى العالم)، ربّما يجدر تذكير الشباب اليوم أنّ دولة الإمارات العربيّة المتّحدة لم تولد بسهولة سنة 1971، وإنّما بعد مخاض طويل بل مواجهة حقيقيّة طرفاها المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم أبو ظبي ومعه حكّام الإمارات المُتَصالحة يومذاك من جهة، وقوى إقليميّة شاهِنشاهية عرقلت، بل هدّدت ما استطاعت، لمنع قيام اتّحاد الإمارات التّسع – ونجحت جزئيّاً بمنع قَطَر والبحرين من الانضمام للاتّحاد العربي العتيد. إصرار المغفور له الشيخ زايد، وحِنْكَته، في تحقيق وحدة الإمارات هو ما دفع الرّئيس عبد الناصر إلى القول سنة 1968 “وُلِد زعيم كبير في الخليج العربي”.

زُرْت شخصيّاً دولة الإمارات العربيّة المتّحدة أكثر من عشر مرّات – إذْ لنا فيها أبناء وأصدقاء وأكاديميّون زملاء ومعارف – قضيت فيها أسابيعَ طويلةً، وزُرْت معظمَ جهاتها ومناطقها، فشاهدت عياناً نهضة الإمارات بسرعة وكثافة ودقّة وتخطيط شمولي غير مسبوق: إذ من الصّعب أن تجد منطقة أخرى في العالم تحوّلت في عشرين سنة، إيجابيّاً وفي كلّ مجال، بالقدر الذي باتت عليه مناطق دولة الإمارات العربيّة المتحدة.

لم يكن النجاح المُذهل ذاك نجاحاً في “الحجر” فقط، وإنّما قبل ذلك في البشر، أي في الإنسان: إذ لم أرَ في أمكنة أخرى كثيرة وزيراً لـ”السّعادة”، أو “التّسامح”، كما في الإمارات، وعلى سبيل المثال لا الحصر. وإنْ دلّ ذلك على شيء، فعلى أنّ الإنسان، وقبول الآخر واحترامه، حاضران بقوّة في وعي قيادات الإمارات العربية، وفي خططها للمستقبل. هذا هو، في رأيي، جوهر النّقلة السياسيّة التي أحدثها المغفور له المؤسّس الشيخ زايد ورفاقه، وهذا الروح مستمرّ بوضوح في خطط الإمارات وسياساتها الرّاهنة، وهو ما اختصرته احتفالات الذكرى 47 لقيام الاتّحاد بكلمَتَي “روح الاتّحاد 47″، وفي ذلك ما يكفي من الدّلالات.

حضارياً وثقافيّاً وسياسيّاً في الإنسان قبل الحجر، بالفعل وليس بالكلام، تميّزت السنوات السبع والأربعون الماضية من عُمْر دولة الإمارات بالسّمات المفصليّة الأساسيّة التّالية:

  • وَحْدَةٌ داخليّة حضارية، غير إلغائية، تحفظ التنوّع ولا تلغيه.
  • الجمعُ بوعي كامل بين الأصالة والحداثة.
  • الإنسانُ وترَقِّيه، الفرديّ والاجتماعي، هو الهدف الأخير.
  • “مجتمع سعيد، مُتسامح”، شعار يتردّد في كلّ زاوية.
  • عروبة غير عنصرية.
  • إسلامٌ معتدلٌ، منفتحٌ، يقبلُ الآخرَ ويتكامل معه.
  • دولة مدنية بمؤسسات حديثة، دستوريّة وإداريّة وتنمويّة، وسواها.
  • المرأةُ شريك كامل.
  • الهدف هو المستقبل لا الماضي.
  • اعتماد العلم في التّخطيط للمستقبل.
  • تنويع في القطاعات الاقتصادية ومصادر الدخل.
  • لا أهدافَ مستحيلةً أو لا يمكن تحقيقها.
  • ما من عقدة نقص، أو تبعيّة، حيال الشّرق أو الغرب.
  • طموح بغير حدود (الحكومة الإلكترونية، مدينة المستقبل الذكية، مثالان فقط)،
  • التزام تام بمعايير الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية.
  • إخلاص ليس فوقه إخلاص، لشعب الإمارات، درسٌ حيٌّ برسم الكثيرين.
  • وأخيراً، يَدٌ خيّرة، معطاء، لكلّ محتاج، بمعزل عن لونه وجنسه ودينه وانتمائه، أطلقها المؤسّس الشيخ زايد قبل خمسين سنة وأصبحت مبدأً في سياسة الإمارات.

    “سعادتنا في قيام الاتحاد”، قالها ببساطة المغفور له الشيخ زايد، وهي تختصر النّظرية العربية القومية برمّتها.

في العيد السابع والأربعين لإعلان الاتّحاد، نتمنّى للإمارات العربيّة المتّحدة، شعباً ودولة، دوام الأمن والأمان والبحبوحة والازدهار والرّيادة في كلّ مجال، فتتحقّق نظريّة “المواطن الحرّ والشعب السعيد”. وهو عين ما نتمنّاه لكلّ الشعوب والدول العربية الشقيقة.

 وتُتَوِّج الضّحى ،التي تشارك الشّعب الإماراتي، واللبنانيين المقيمين في الإمارات، سعادتهم في الذكرى السابعة والأربعين، هذا الملفُّ الذي يلقي الضوء على احتفالات الثاني من ديسمبر في دولة الإمارات العربيّة المتّحدة، بلقاء مع سعادة سفير دولة الإمارات في بيروت، الدكتور حمد الشامسي، الذي ما انفك يمثّل روح دولة الإمارات العربية المتحدة في بيروت بثقافته العالية وعمله الخيري الإنساني الذي لم ينقطع لسنوات وفي المناطق اللبنانيّة كافّة، وفي حَضِّهِ على تعزيز روح المُصالحة والتّعارف والاعتراف بالآخر بين مكوّنات المجتمع اللبناني، وهي عناوين مؤتمر الحوار بين المكوّنات الدينيّة اللبنانيّة والذي دعا إليه سعادة السّفير وانعقد في فندق الحبتور في بيروت في أواخر كانون أوّل 2018 (وفي العدد كلمة سماحة شيخ العقل في هذا المؤتمر).

رئيس التحرير

الأديرة في جبل لبنان الجنوبي:

الحديث عن بناء الأديرة والكنائس في جبل لبنان الجنوبي ليس بالأمر اليسير، فهو يستلزم الكثير من البحث والتنقيب، وسبر أغوار الماضي لتاريخ إمارة جبل لبنان التي شكّلت على مدى ثمانية قرون الأرضية الصّلبة لنشوء الكيان اللبناني الذي اتُّفق فيما بعد على تسميته في الأول من أيلول 1920 بـ: دولة لبنان الكبير. فمنذ زمن الإمارتين الأرسلانية والتنّوخيّة إلى الإمارة المعنيّة المترامية الأرجاء التي بلغت أوجَها في عهد الأمير فخر الدين المعني الثاني الكبير حيث امتدّت حدودها من عسقلان جنوباً إلى إنطاكيا وحلب شمالاً، وإلى مشارف دمشق شرقاً. فالإمارة الشهابية التي نشأت على أنقاض المعنيّة وما حملته من مآس وفتن داخلية، لعلّ أبرزها فيما جرى إبّان حكم الأمراء حيدر ويوسف وبشير الشّهابي التي أسست إلى التقاتل الطائفي والمذهبي وتمزيق النسيج الوطني. إلى عهد المُتصَرِّفية التي انتهت باندلاع الحرب العالميّة الأولى.

من هذا التاريخ المُفعم بالتّضحيات والانتصارات والخَيبات مئات لا بل ألوف الحكايات عن التسامح الديني وترسيخ عُرى التّعايش الأخويّ الذي مورس من قبل الموحّدين الدّروز أصحاب الأرض حيال إخوانهم المسيحييِّن الذين استجاروا بهم ينشدون الأمن والأمان ورفع الحيف عنهم وما قاسَوْه من الظّلم والقتل والتنكيل على أيدي المماليك والطغاة الذين أتَوْا من بعدهم. فتقاسموا معهم لُقمة العيش وأمدّوهم بما يلزم للسكن جنباً إلى جنب والسماح لهم بممارسة طقوسهم الدينية بحرّية. فأقطعوهم جزءاً من أراضيهم ليقيموا فيها ويشيدوا عليها أديرتهم وكنائسهم في بادرة حسن جوار قَلَّ نظيرُها في التاريخ.

الأديرةُ والكنائس في جبل لبنان الجنوبي عنوان للشّراكة والتّسامح الدّيني وشاهد على محبّة الموحّدين الدروز واحتضانهم لإخوانهم المسيحييِّن.

الضّحى، ومن منطلق السّير على نهج السّلف الصالح وتدعيم هذا التعايش وترسيخه بين طائفة الموحّدين الدّروز وإخوانهم المسيحييّن. ليبقى حجر الزاوية في قيامة هذا الوطن، أرادت وبمناسبة عيدَيّ الميلاد ورأس السّنة المجيدَين، أن تسلّط الضوء على بعض المعالم الدينية الأثريّة لدى الطوائف المسيحية في الشّوف وعاليه، وخاصة تلك التي كان للأمراء والمشايخ الدروز الدّور الأبرز في تشييدها وظهورها على ما هي عليه من الطراز المعماري الجميل القائم منذ مئات السنين.

تختلف الرّوايات حول اسم دير القمر فبعضهم يقول: ميزة هذه البلدة أنّها تستقبل الشمس صباحاً والقمر مساء، ولذلك سُمِّيت بـ دار القمر ثمّ استُبْدِلت كلمة دار بكلمة دَير فأصبح اسمها دير القمر. ويقول المؤرخ فؤاد إفرام البستاني إنّ دَير القمر ترجمة لاسم آرامي أصلي قد يكون “بيت سهرو” وسهرو تعني في الآرامية ” شهر في العبريّة والعربيّة” معناه القمر، ومنه في العربية الجاهلية “السّاهور” وفي لهجتنا اللبنانية “السَّهرة. وقد يدلُّ على هذا أنّه كان مكاناً لعبادة القمر في هذه المنطقة، ولعلّه يرقى إلى عهد الفينيقيين. ومعروف أنَّ القمر كان من أهم معبودات الفينيقيين فلا غرابة أن يكونوا قد أنشأوا له المعابد في شمال البلاد ووسطها وجنوبها، فتكون دير القمر من تلك المحطات العريقة في القدم التي أنشأها الفينيقيون في مسلك الجبل وأقاموا فيها إلى جانب مساكنهم أحد الهياكل وكرّسوه لعبادة القمر. وفي هذه الحال لا يجوز الاعتقاد أنَّ هذا الاسم أُطلق على البلدة جِزافاً من دون قيام هيكل فيه لعبادة القمر. وهناك مراجع تاريخية تقول: إنَّ دير القمر كانت مأهولة منذ القدم وهي تُعتبر قصبة المناصف (هي مجموعة من القرى تقع إلى الغرب دير القمر) وكانت تابعة للإمارة التنوخيّة وتحت سلطة مشايخ آل النّكدي الذين هم فَخْذ من أفخاذ التّنوخييّن. ويقال أنَّ بني نبا الذين طردهم المماليك من كسروان (جبل في القسم الشمالي من محافظة جبل لبنان اشتُهر بحملة المماليك ضد سكانه من غير السنّة عام ١٣٠٥) استجاروا بالتّنوخييّن فأسكنوهم دير القمر فعمّروها وعمّروا عدداً من قرى المناصف وكان ذلك في العام ١٣٠٥م.

مقابلة مع معالي وزير الثّقافة الدّكتور غطّاس خوري

معالي الوزير، ماذا يعني لكم «عيد الاستقلال»؟

كلٌّ يتوق إلى التّحرّر، فرداً كان أم جماعةً، لا أحدَ يصبِرُ على التبعيّة، أو الظلم، أو الاستعمار، أو الهيمنة… كلّ إنسان يسعى لينال حقوقه كاملة، كذلك الشعوب. وقد مرّ لبنان بفترات صعبة في تاريخه، لكنّه كان يخرج منها مُنتصراً، عزيزاً، حرّاً…وهذا العيد «عيد الاستقلال» هو الحلقة التي نحتفل بذكراها اليوم، والتي توّج لبنان فيها حرّيته، بعد أن توافقت الدّول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى على «تقسيم» العالم الخاسر، وما تبعه من شعوب، إلى «حِصص» استعمروها، فكان لبنان «حِصّة» فرنسا.

هذه المناسبة الوطنيّة الكبرى، عندي، هي مفصل تاريخي في حياتنا كلّنا في هذا الوطن، مفصل أتاح لنا جميعاً أن نستعيد حقوقنا، فنعملَ على تحصينها سياسيّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً، وهو عمل مُضْنٍ ما زلنا نتخبّط فيه، نُصيب ونُخطئ، ولكننا في الطريق الصحيح لنبني الوطن الذي حَلُم به رجال الاستقلال ونقلوا إلينا هذا الحُلم لنحقّقه كاملاً كما نرغب جميعاً، إن شاء الله.

إذاً، ليس هو استقلال ناجز تماماً؟

لو فلسفنا الكلمة، لَقُلنا إنّ الاستقلال هو جُهدٌ مستمرٌّ… لِنَكُن واقعييّن، ليس الاستقلال هو خروج «استعمار» أو هيمنة ما علينا، بل هو «قبول» و «إدارة» و»تخطيط» لبناء وطن مُتماسك، يرغب شعبُه، شعبُه كلُّه، بالبقاء فيه، والعمل على تطويره، ليعيشوا فيه جميعاً متساوين في كلّ شيء، عيشةً رضيّة هَنِيّة. وهذا فعلاً جهدٌ مستمرّ، تلزمه نوايا وطنيّة صادقة، وأفكار وسواعد وأخلاق وشرائع تؤمن بالانتماء إليه.

قلعة راشيا

فالاستقلال، استطراداً، ليس ذكرى فقط؟

هو ذكرى بطولة، هو لحظة اعتزاز، ولكنّه أيضاً دافع كبير لنتقدم، لنفكّر ونعمل، هكذا يجب أن «نتذكّر» الاستقلال، حرام، هؤلاء الأبطال الذين سعَوْا بكل إمكانيّاتهم لنحصل على هذه «الحريّة» أن لا نتابعها بحسّهم الوطني الجامع، فنخون «أماناتهم» التي أورثونا إياها، لِنَكُن أوفياء لهم، أوفياء لتطلّعاتهم، ونعمل بجد.

ما هي الأوجه الثقافيّة لحدث الاستقلال؟

لمّا كانت الثقافة هي أساس كلّ علم أو سلوك أو فكر.. يكون الاستقلال هو: انتماء إلى الوطن، ويكون محبّة، محبّة لجميع أبنائه، ويكون إخلاصاً للعمل العام والخاص بلا فساد أو مخالفة للنّصوص والأعراف، ويكون إيماناً بالله بلا تفرقة بين عباده، ويكون سلوكاً مدنيّاً راقياً، واندفاعاً للارتقاء بالأجيال القادمة علماً ومعرفة. في هذه الأوجه نجد نشر المعرفة بالاستقلال ومعانيه واجباً أوّل، والنشر كلاميٌّ، وفنّي على تنوّع الفنون، يتجسّد في الاحتفالات والمهرجانات واللقاءات، في المعارض والإصدارات والجوائز. لا حدودَ للثقافة، هي مجال الإبداع للجميع، الموهوبين والقادرين على العطاء، تشجيعنا لهم دائم، معنويّ وماديّ، ضمن طاقاتنا.

وهل هذه الأوجه كلّها ثقافيّة أم لها ألوانٌ أُخرى؟

بيت الاستقلال، بشامون

وكأنّك تشير إلى أنّ الجانب الترويجيّ، أو التجاريّ، أو غيره، يرافق هذه الأوجه، صحيح، لا غنى عن ذلك، فالمؤسّسات الماليّة والاجتماعيّة وسواها هي القطاع الذي يسهم في تمويل «الأوجه الثقافيّة»، وكلّه ينبع من رغبة صادقة – أرجو أن تكون دائماً صادقة – في نشر هذه المعرفة الوطنية المطلوبة.

ووزارة الثقافة، طبعاً، تُسهم في كلّ ذلك؟

نعم، في حدود إمكانيّاتها، وزارة الثقافة ليست مموِّلة، أو منتِجة لأعمال ثقافيّة، بل هي راعية، تشارك جهات أخرى في التنظيم واستثمار العلاقات المحلّيّة والعالميّة، تُقيم المناسبات لمثل هذه الاحتفالات الثقافية، وكلّنا نعرف حجم موازنة وزارة الثقافة، منذ أشهر أطلقنا ثورة، نعم ثورة، أسميناها «الخطّة الثقافيّة الوطنيّة» تشارك في تنفيذها الوزارات كلّها، جَعَلْتُ الدولة اللبنانيّة تتبنّاها، وقد تكرّم الرئيس الحريري فرعى إطلاقها في السّراي بنفسه.

همُّنا الثقافيّ الكبير، سيجعل هذه الوزارة «سياديّة» بإذن الله، في نشاطاتها وأعمالها التي تخطّط لها.

واليوم، وأنتم الدكتور غطاس خوري، وزير الثقافة، ماذا تقولون لِلّبنانييِّن في هذه المناسبة الوطنيّة؟

نمرّ اليوم في أزمة، في لبنان، وفي المنطقة، ونحن جميعاً بحاجة إلى القدرة على الصمود، ولن يكون الصمود بدون تلك النوايا، وذلك السلوك الذي أشرت إليه، نحتاج إلى إخلاص الجميع وتضحيات الجميع، نحتاج إلى صدق مع النفس للالتقاء مع الآخرين، لا تدعني أتحدّث في السياسة الضيّقة، لِنَكُن على مستوى الحدث الوطنيّ المُشار إليه، نعم لنعمل جميعاً بصدق، فهذا وطننا لبنان، لنحافظ عليه، حتى يبقى الأجمل، والأفضل، والأنجح …ليعيش فيه أبناؤنا بروح هذا الاستقلال الذي نعيّد ذكراه.

لقاءٌ مع سعادة سفير دولة الامارات العربيّة المتّحدة في بيروت

نُهنِّئكم ودولة الإمارات العربية المتّحدة بالعيد الوطنيّ الذي نعتبره نحن مَعْلَماً أساسيّاً في الحياة العربيّة الحديثة:

سعادة سفير دولة الامارات العربيّة المتّحدة في بيروت الدكتور حمد سعيد الشّامسي.

• كيف تنظرون سعادة السّفير إلى العلاقات الإماراتيّة – اللبنانيّة وقد شهدت قفزةً كبرى مع نشاطكم الخيِّر الواسع في لبنان؟

نُولي العلاقات الثنائيّة بين البلدين أهميّة خاصّة ونسعى لتوطيدها وتعزيز روابطها بما يصب في صالح الشعبين الشقيقين. لدينا أجندة انسانيّة، تنمويّة وخيريّة ونعمل وفق سياسة خارجية واضحة تقوم على احترام سيادة الدول وعدم التدخّل في شؤونها الداخلية.

منذ قدومي إلى لبنان، وضعت في سلّم أولويّاتي هيكلة المساعدات الانسانيّة استكمالاً لنهجنا السابق والذي طالما أولى الجانب الإنسانيّ حَيِّزاً مُهمّاً وذلك منذ ما قبل قيام الاتّحاد. وقد تمّ إنشاء “مُلْحَقيّة للشؤون الإنسانيّة والتنمويّة” هدفها دراسة المشاريع والعمل على تنفيذها وفق رؤية مُمَنْهجة تقوم على مساعدة جميع المناطق وكافّة الجنسيّات والفئات، لانّ العمل الإنسانيّ لا يمكن أن يتجزّأ. نعمل لخدمة الإنسان كإنسان بعيداً عن أيّة اعتبارات دينيّة، طائفيّة، عرقيّة، مذهبيّة…

لدينا مشاريع في كافّة المناطق اللبنانية لا سيّما في القرى والبلدات النائية والمهمشة من أجل تعزيز مبدأ التنمية المستدامة ومساعدة السكّان، كما أنّ حملاتنا الإنسانيّة مستمرّة على مدار العام للوصول إلى أكبر عدد مُمكن من المستفيدين. في أوقات الشدّة تجد سفارتنا في طليعة أعمال الإغاثة بالتّنسيق مع الحكومة اللبنانيّة والوزارات المعنيّة كما منظمات المجتمع المدني والجمعيّات المُرَخّصة من قبل وزارة الداخليّة والبلديات.

عَلّمَنا القائد المؤسّس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيّب الله ثراه”، ونحن نحتفل هذا العام بمئويّته، أنّ العمل الإنسانيّ الجادّ هو الأساس لبناء المجتمعات وفق مبادىءأو ركائز تقوم على التسامح ونشر رسالة المحبّة والخير وإعلاء شأن الإنسان دون أيّة اعتبارات أخرى، ولهذا تبوّأَت دولتنا المركز الأوّل للعام الخامس على التّوالي في المساعدات الخارجيّة المُقدّمة إلى دول العالم.

حمّلتنا قيادتنا الرّشيدة مسؤوليّة كبيرة ونحن نعمل بجدّ ونجهد من أجل السّير على نفس النَّهج والخطى، بتنا في المركز الأوّل على عدّة أصعدة واحتلّ جواز سفرنا المركز الأوّل وقمنا بخطوات جبّارة في مجال التّسامح حيث نحن أوّل دولةٍ عربيّة تكرّس للتّسامح عاماً بعدما أطلق صاحب السّمو الشّيخ خليفة بن زايد آل نهيان “حفظه الله” على عام 2019 “عام التّسامح” وذلك يترافق مع الزّيارة التاريخيّة لبابا الفاتيكان إلى أبو ظبي في أوائل شهر فبراير المقبل، ما سيجعل الإمارات عاصمة للثقافة والأخوّة الإنسانيّة.

• ما الدروس التي تقدّمها تجربة الاتّحاد المُبارك في دولة الإمارات العربية المتّحدة إلى الشعوب العربية؟

أرسى الشّيخ زايد “طيّب الله ثراه” أسّس الاتّحاد الذي بات اليوم نموذجاً يحتذى به بعدما استطاع توحيد 7 إمارات وجعلها دولة واحدة، لدى كلّ منها مميّزاتها ومعالمها ولكنها تجتمع جميعًا تحت مظلّة واحدة وتسعى لتأدية دورها وواجبها في تلبية حاجات الناس ومصالحهم. القيادة والشعب الإماراتي يكمّلان بعضهما البعض، ولهذا الولاء مطلق للعلم والوطن والقيادة التي تبذل الغالي والنّفيس لتبقى رايتُنا شامخة ومرفوعة.

الوحدة والتعايش والانفتاح وقبول الآخر هي أهمّ السّمات التي ميّزت اتّحادنا الذي استطاع رغم عمر الدّولة القصير مقارنة بباقي الدّول أن يصبح قبلة أنظار العالم بعدما وضعنا خططاً استراتيجيّةً قصيرة وطويلة الأمد، وعزّزنا مفهوم المواطنة والانتماء وحوّلنا التسامح إلى ثقافة وكرّسنا المحبة والعطاء شعار. العام 2019 سيكون عاماً للتسامح بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد “حفظه الله” والذي سيستكمل ما بدأناه في عام الخير 2017 وعام زايد 2018.

المجتمعات القويّة هي التي توظّف في طاقات الإنسان ومهاراته وتبتعد عن الكراهية والغلوّ وتفتح الأبواب أمام التنوّع ومن هنا قوّة اتّحادنا بعدما شرّعنا قانوناً يحمي حريّة المُعْتقد وممارسة الشعائر الدينيّة ونظّمنا مؤتمرات عالميّة لنقول للعالم أنّ القضاء على الإرهاب والتطرّف يبدأ من الفكر، عبر جيل واعٍ ومثقّف ومتنوّع يكون عماد بناء الغد والمستقبل.

مدينة دبي | الإمارات العربية المتحدة.

• ما خططكم لزيادة وتفعيل شبكة تقديماتكم من أعمال خيريّة في لبنان خصوصا نحن نتذكر أنّه عام زايد الخير في دولة الإمارات العربيّة المتّحدة؟

مساعداتنا الإنسانية مُستمرّة على مدار العام، تجد دَوْرَنا في الكنائس والمساجد، في رمضان كما في عيد الميلاد… لدينا خطط نعمل وفقها ونسعى لتنفيذها فنحن افتتحنا في هذا العام أكثر من 70 مشروعاً إنمائيّاً وتنمويّاً في عَكّار، وطرابلس والضنيَّة وإقليم الخرّوب وجميعها تساعد السكَّان كما النازحين السورييِّن.

في “عام زايد” أوْلَينا اهتماماً خاصّاً بالمرأة والشباب فكانت لدينا حملة للتّوعية ضدّ سرطان الثّدي جابت كافّة المناطق من خلال ندوات توعية وإرشاد وتوزيع قسائم لإجراء الصُّوَر الشُعاعيّة والصوتية، كما كانت لدينا نشاطات تربويّة للشباب ككأس زايد للتّحدِّي في طرابلس، وكأس زايد للرّماية في الصّفرا وتمَّ تتويج الفائزين.

نحاول أن تكون المشاريع والمساعدات في مختلف المجالات وأن لا نهمّش فئة أو منطقة. هذا من دون أن ننسى المساعدات الإنسانيّة للأفراد حيث واكبنا حالات تمّ من خلالها إعادة الأمل لهم عبر مساعدتهم طبّياً من خلال عمليّات وزراعة أعضاء بفضل المكرُمات للجهات الإماراتية المانحة.

هناك فكرة دائماً ما أُردّدها. إنّ العمل الخَيِّر لا بُدّ أن يعود بالحبِّ، وبالحبّ والعمل الصالح تبني الدُّولَ والأوطان. فنحن وجودنا ليس جديد في لبنان كانت لدى الشّيخ زايد “رحمه الله” محبّة خاصّة واستثنائيّة لهذا البلد وقد أمر بتنفيذ مشروع نزع الألغام في جنوب لبنان كما أنّه كان عَرّاب اتّفاق الطائف من خلال الدّعوة لِلَّجنة الرُّباعيّة حينها، وهذا ما تُرْجِمَ من خلال افتتاح شارع ودوّار ونصب تذكاري لـ “الشيخ زايد” في الرّملة البيضاء مقابل مبنى السفارة الذي وضعنا حجر الأساس له بحضور ورعاية الرّئيس سعد الحريري.

• هل من كلمة أخيرة مع شكرنا وتقديرنا دائما؟

تحتضن دولتُنا أكثر من 200 جنسيّة على أرضها وهم يعيشون جميعهم في رخاء وهناء وراحة، لأنّ هناك دولة قانون ومؤسّسات تعمل للصالح العام للمواطنين كما المقيمين. ونحن نُجَسّد هنا سياسة دولتنا التي تقوم على ركائز ومبادئ يعرفها الجميع، لأنَّ نشاطاتنا تعبِّر عن مفهومنا للعلاقات الثنائيّة. نحن دولة زَرَع فيها القائد المؤسّس “روح الاتّحاد” ونكمّل نفس المسيرة بفضل قيادتنا الرّشيدة. رسالتنا للسّلام نكمّلها في هذا البلد العزيز والشقيق الذي افتتحنا فيه سفارة هي الثانية بعد مصر وهذا دليل على مكانة لبنان واللّبنانييّن.

نهنِّئ العالم بعيد الميلاد والسّنة الجديدة، آملين أن تحمل للبنان رئيساً وحكومة وشعباً كلّ الاستقرار والخير وأن يعمَّ الأمن والأمان لأنّ لبنان الذي نعرفه هو صلة وصل، هو تاريخ وحضارة وثقافة…

صور من إحتفالات اليوم الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة.

خلوات جرنايا

جِـرنايا هي منطقة زراعيّة تقـع على هضبة مُشرفة بين بلـدتيّ كـفرحيم وديـر القمـر، في قضاء الشـوف، وبسبب وجـود مبنى الخلـوات بين منازلها، أصبح يُطلـق عليها “خلوات جرنايا”، وهي تضمّ مبنى الخلـوات بالإضافة إلى حـيّ سكنـي تقطنه عائلات مُتقاربة في النّسب، وأراضٍ زراعية متّسعة.
إنّ تسمية جـرنـايـا تعـود إلى الكلمة “الجـرين”، التي تعني بيـدر الحـَبّ(1)، والجـرينة تعني “ساحة القمح” أي الساحة التي يتم فيها تخزين وبيع القمـح، (فـفي سنة 1811م، كان ناظر الجرينة في مـدينة عـكّا في فلسطين، أبـو عمـر المِصري، والكاتب لويس أبو راس)(2)، مـع العلم أنـّه توجـد قـرية في قضاء جـزّين تـدعى جرنـايـا، ويـوجـد عين تُدعى “عيـن جرنايا” في جبل الشّيخ فوق بلدة راشيّا، ويوجـد أيضا عيـن في بلـدة عانـوت في إقليـم الخرّوب، تـُدعى “عين جرنـايـا”.

خـلال العهـد العثماني كان يُطلق عـلى جـرنايا “مـزرعة جـرنـايـا”، وكانت منفصلة عقاريّاً وإداريّاً عـن بلـدتي كفـرحيم وديـر القمر حيث كان يُفـرض عليها مبلغ (1000) إقجـة، ضرائب سنوية مختلفـة. ويفـرض على بلـدة كفـرحيم مبلـغ (5900) إقجـة، كمـا يُفـرض على بلـدة ديـر القمـر مبلـغ (33500) إقجـة(3).
على أثر الأحـداث التي حصلت سنة 1860، جَلَت عـن ديـر القمر العائلات الدّرزية التي كانت تقيم فيها، فانتقل آل نكـد إلى كفرفاقـود وديـر بابا، وعلي صالح وبوعلي يونس إلى عمّاطور، وأبو ناصر الدين إلى بطمـه، والخبيـص إلى كفرنبرخ، ونجّــار إلى بعقلين، وأبو ضرغـم إلى دميـث، وغنّـام إلى كفرحيم، وكان قـد جـلا عـن ديـر القمر بتاريخ سابـق :آل الشنيف إلى عين أوزيـه (عين وزين)، وآل السّعـدي وآل المُصفي إلى كفـرنبرخ، لخلاف وقـع بينهم وبين آل نكـد.
في بـداية عهـد المُتصرّفية سنة 1861، عنـدما عُيـّن داود باشا مُتصرّفا على جبل لبنان، تـمّ تقسـيم جبل لبنان بموجب النظام الأساسي الذي وضعته الدّول الأوروبية الخمس والدولة العثمانيّة إلى أقضية سـتّة. وقُسّـمت الأقضية إلى نواحٍ، وجَعَـل المُتَصرّف مـن ديـر القمر ناحية مُستقلّة عـن قضاء الشوف يرأسها مـديـر، ومرتبطة بالحكومة المركزية في بيت الدين، وبهـذا التدبير نـزع عـن ديـر القمر عاصمتها، ونقـل مـركز الحكومة منها إلى سـرايا بيت الـدين، بعـد أن اشترى السـرايا تلـك، من أرملة الأمير بشير الشهابي الثاني الست حُسْن جيهان، بمبلـغ خمسة آلاف قـرش، وألحَـقَ بـديـر القمـر بعـض القـرى المجاورة لها، وهـي :وادي الـديـر- بكـرزيه – بنحليه – ديـردوريت – خـلـوات جـرنايا(4)، ومنـذ ذلـك الحيـن، أصبحت خـلـوات جـرنايا والقرى المذكـورة تـلك، تابعـة عـقاريّاً وإداريّـاً لبلـدة ديـر الـقمـر. وفي سنـة 1863، بعـد أن عـاد بعـض المنفيين إلى الـوطن، ومنهم من ينتمي إلى العائلات الدّرزيّة التي كانت تقطـن ديـر القمر. اضطُـرّ المتصرّف أن يشجّـع بعضهم إلى النـزوح عـن الـديـر، وعـدم الإقامة فيهـا لتجنّب حصول صـدام بيـن الأهليـن؛ المسيحيين والدروز.

الـخـلــوات

كان مبنـى خـلـوات جـرنايا مبنيّـاً بالحجـر الصخري من اللون الأصفر، وقناطر حجريّة، وكان السطح ترابيّا مسقوفاً بجـذوع الأشجار، يُحـدل بالمِحْدلة الحجريّة أثناء الشتاء، والبناء مـركز دينـي يتّخـذه الشـيوخ المـوحّـدون الـدروز مكاناً للصلاة والتّعبّـد، كما كان يُتّخـذُ مكاناً لاجتماعات تُعقـد فيـه، لبحث أمـور تتعلّـق بمصلحة الوطن والأهلين، ومنها اجتماعات لجماهير من مُختلف االمناطق والمذاهب، خلال نهاية العقـد الثالث من القـرن التاسع عشـر، للاعتراض على حُكـم ابراهيم باشا المِصري(5).والأمير بشير الشّهابي الثاني.
أمـام مبنى الخلوات باحة خارجيّة فسيحـة، يوجـد في جانبها بئـر قـديم محفـور قسـم منـه في الصخـر يُمـلأ بمياه الأمطار في فصل الشّتاء، وتُسـتخـدم مياهـه للاسـتعمال المنزلي، وكانت توجـد خلوة أخرى قرب خلوات جرنايا، تُدعى خلوة الشيـخ صالح، وقـد تهـدّمت منـذ زمـن ولـم يعـد لها أثـر، بالإضافة إلى مبـانٍ سكنيّة عـديـدة تـقـطنها عـائـلات متقاربة في النّسـب(6).
لـم نتمكـن مـن معـرفة بـداية تاريخ بناء مبنى خلـوات جـرنايا، لعـدم وجـود مُستنـد أو وثيقـة تفيـد ذلك، لكـن مـن المـؤكـّد أنّه بُني قبل سنة 1700م. ومبنى الخلـوات هـو مـن أملاك عائلة غنّـام “فـرع عمّـار”، التي تقيـم أسـرها حاليّاً في بلدتي كفـرحيم ودميـت، وهـم أصلآً من عائلات ديـر القمر التي نـزحوا عنها بعـد أحـداث سـنة 1860، ووجـود أجـداد عائلـة غنّـام (فـرع عمّـار) في خلـوات جـرنايا يعـود لأكثـر مـن (350) سنـة (7)، وقـد ذُكـرت خلـوات جـرنايا في العـديـد من وصايا الشيوخ، ومنها وصية كُل من :الشيخ ناصيف أبو شقـرا، شيخ العقّال، المـؤرّخة سنة 1750م(8)، والشيخ أبو علي يوسـف بردويل أبو رسـلان، شيخ العقّال أيضاً والمؤرخة وصيّته سنة 1243هـ/ 1827م(9)، فقـد أوصى كلّ منهما إلى خلـوات جـرنايا بِحَسنَة نقـديّة، جـرياً على العادة التي كانت مُتّبعـة حينـذاك، مـع العلم بأنّه توجـد أراضٍ زراعيّة تابعة لخلوات جرنايا، تُعتبر أرض وقـف، ومن هـذه الأراضي ما يلي:
“في بيان بالأرزاق المُشتركة مناصفة بين آل جنبلاط وناصيف بك نكـد، والمؤرّخ في 17 رمضان سنة 1269هـ/ 1852م، ذُكـِرْ :جميع الرّزقة المعروفة بسليمان أبي عـز الدّين في حرف شالا(27) أصل زيتون وبمكانه(18) أصل زيتون شركة خلوات جرنايا”(10).
خـلال الحـرب الأهليّة التي حصلت سـنة 1859/ 186م، قـام حشـد مـن أهالي ديـر القمـر المسيحيين مـع مـن انضمّ إليهـم مـن بعض الأنحـاء بالهجوم على خلـوات جـرنايا وإحـراق منازلها(11) فانتقل سكانها للإقامة في بلدتي كفـرحيـم ودميت المجاورتين.

في السـنوات الأولى مـن عهـد المتصرّفية(12) وبعـد استقـرار الـوضع الأمني في بـلاد الشوف، عـاد سكان خلـوات جـرنايا للإقامـه فيها، بـعـد أن عملـوا على تـرميم مبنـى الخلـوات والمباني السكنية الأخـرى، حتى أصبحت صالحة للسكن، كمـا عملـوا على استصلاح وزراعـة الأراضي التابعة لهـا.
في بـداية عهـد الانتـداب الفـرنسي سـنة 1920، قـام رجـال عـديـدون مـن قـرى المناصف، وآخـرون مـن قـرى وبلـدات مختلفة بنقـل الأسلحة الحـربيّة وتنفيـذ أعمال جهاديّـة وعمليات عسكرية ضـد دوريـات الجيش الفرنسـي التي كانت تجـوب القـرى والبـلـدات في الشّوف والبقاع والجنوب. من هـؤلاء الرّجال، مـن كان يـقـوم بـهـذه العمليات بمفـرده، ومنهم مـن يقـوم بها ضمـن مجموعـة مجـاهدين، وبمـا أن خلوات جـرنايا تقـع على تلّـة تشـرف على قـرى الشوف شـرقاً، وقـرى المناصف غـرباً، وتمـرّ وسـطها طـريـق المشاة الرئيسـة التي تنطلق مـن ديـر القمـر إلى كفـرفـاقـود، ومنها إلى جسـر القاضي وقبـر اشـمون، لـذلك كان أولئك المجاهـدون يحضرون إلى خلوات جـرنايا في أوقات مختلفـة مـن الليل والنهار، لمـراقبة تنقّـلات دوريات الجيش الفـرنسي، كما كانت الدوريّات الفرنسيّة تحضر إلى الخلوات، لنصب كمـائـن لمـراقبة ومـداهمة المجـاهـدين للقبـض عليهم، وكان يحصل أحياناً اشتباك وإطلاق نـار فيما بينهم(13) مـن أجـل ذلك أصبحت الإقامة في خـلـوات جـرنايا غيـر آمنـة، فنـزح عنها سكانها، وانتقلـوا مجـدّداً للإقـامـة في بلدتي كفـرحيم ودميـت وآخـر مـن نـزح عنها، الشـيخ أبـو نجيب محمّـد عمّـار غنّـام سنـة 1923(14) مـع العلم بأن الأعمال الجهادية ضدّ دوريات الجيش الفرنسي، استمرّت من قِبَل المجاهـدين، طيلة عهـد الانتداب الفرنسـيّ وحتى بداية عهد الاستقلال.
بعـد أن نزحـت آخـر أسرة عن خلوات جرنايا سنة 1923، بقي مبنى الخلوات والمباني الأخرى خالية من السّكان لسنوات عـديدة، فتصدّع سقف مبنى الخلوات التّرابي وتهدّم قسم من الجدران، بسبب العوامل الطبيعيّة وعـدم الصّيانة، وخلال الزلزال الذي حصل سنة 1956، سقط سقف البناء، أمّـا بقيّة الجدران والقناطر الحجرية فقد بقيت قائمـة.
في سنـة 1982، تعرّض لبنان للاجتياح الإسرائيلي، وفي العام التالي أي في سنة 1983، وبعـد انسحاب الجيـش الإسرائيلي، وقعت حـرب الجبل وتعرّضت قـرى المناصف للقصف بقـذائف المدفعية، فقامت الميليشيات المسلحة التي كانت تسيطر على منطقة المناصف، بإقامة مراكز عسكريّة ومرابض مدفعيّة على تلّة خلوات جرنايا، وبسبب القصف المدفعي والقصف المضاد، تحـولت الأماكن السكنية فيها إلى بيـوت خَـرِبـة.

مبنـى الخلـوات الجـديـد

في سنة 1984، بعـد استقرار الوضع الأمني في منطقة الشوف، بـدأ أعيـان عائلة غنّام ” فرع عمّـار” في بلـدتي دمـيت وكـفـرحيم، بعـقـد اجتماعات دوريّة للبحث بشأن إعـادة بناء خلوات جرنايا بطريقة حـديثة ومُتقنة، وبما أنّ مساحة العقار الذي كان قـد بنيت عليه خلوات جرنايا في السابق لا تفي بالمطلوب، والعقارات التي تحيط بـه، انتقلت بالوراثة إلى مالكين عـديدين، فقد تـمّ الاتّفاق أن يقـوم كلّ فـرد من هؤلاء المالكين بالتنازل عـن قسم من عقاره وضمّ هذا القسم إلى عقار الخلوات. وبـدأت أعمال بناء خلوات جرنايا، وبعـد سنوات قليلة تـمّ إنجـاز بناء طابق سفلي يحتوي على غـرف عـدّة مع منافعها، تُستخدم لإقامة الشيوخ الذين يقيمون في الخلوة للعبادة والتنسّك مع قاعـة صغيرة، والطابق العلوي يحتوي على مجلس متّسع للرجال، وآخـر للنّساء تُقام فيهما الصلوات وحلقات الذّكر وشرح آيات الكتاب الكريم، وخلال عـام 1987، جرى افتتاح المبنى الجـديـد خلال اجتماع عام حضره سماحة شيخ العقل محمـّد أبو شقرا، والشيوخ :أبو حسن عارف حلاوي، وأبو محمـّد جواد وليّ الدّين، وأبو محمـّد صالح العنداري، وأبو ريـدان يوسف شهيّب، وأصبحت خلوات جرنايا مكاناً يقصده المريدون من طلاّب العبادة والتنسّك، وتجري فيـه اجتماعات بمناسبات دينيّة واجتماعيّة مُختلفة.
وبمـا أنّ مبنى خلـوات جرنايا يحتاج إلى من يـديره ويشرف عليه، من أجل ذلك تـمّ تأسيس جمعيّة تحمل إسم :”جمعيّة مجلس خلوات جرنايا الخيرية” وقد تـمّ الترخيص لهـا بموجب بيان علم وخبر رقم 1744 تاريخ 26/11/2008، صادر عن وزارة الداخلية والبلديات، وتألّفت الجمعيّـة من المؤسّسين السادة :حسن أحمد غنّام، وأمين محمـد غنّام، وسلمان محمود غنّام وجرى انتخاب هيئة إدارية(15)
في العام 2014، بـدأ العمل في خلوات جرنايا بتوسيع مساحة البناء، وإنشاء غرف جديدة تابعة للبناء السابق، لذلك قام مالكو العقارات المجاورة بالتنازل عن أقسام من عقـاراتهم، وضمّها إلى عـقار خلوات جرنايا، وجميع المالكين من عائلة غنّام “فرع عمّار” وذلك مجّـاناً ودون مقابل، وبعضهم قـدّم تبرّعات ماليّة، وجـرت عملية الضمّ والفرز في الدوائر العقاريّة حسب الأصول، وتمّـت أعمال البناء، مـع بناء بئـر لخـزن المياه، يُمـلأ بمياه الأمطار في فصل الشتاء، وأحياناً بمياه الشّفه، كما تـمّ بناء قناطر حجريّة على جميع جهات المبنى وقد بُنيت بالحجر الصّخري الأصفر بطريقة فّنيـة مُتقنة، وأمام المبنى سـاحة فسـيحة تُقـدّر مساحتها نحو الف متـر مربّـع، تُستخدم لوقوف السيارات.

وبما أنّ خلوة الشيخ صالح كانت قـد هـُدِمت منـذ زمـن بعيـد، ولـم يعــد يُعـرف مكانُها. وكان قـد تـوفّي الشيخ أبو محمـد نجيب حسن عمّار غنّام، بتاريخ 8 حزيران سنة 2014، وأقيم مأتمه في باحة خلوات جرنايا، وأثناء عمل الجرّافة بجـرف التربة لتوسـيع طريق السّيارات، ظهرت حجارة أساس مبنى خلوة الشيخ صالح، وبـدأ العمل على إعادة بنائها في ذات المكان والذي يبعـد عن مبنى خلوات جرنايا نحو سبعين متراً لجهة الشرق، وهي تتالف من مجلس للعبادة، وصالون لاستقبال الضّيوف، وتمّـت جميع أعمال البناء في خلوات جرنايا وخلـوة الشيخ صالـح عام 2017.
قامـت “جمعيّة خلوات جرنايا الخيريّة”، بجميع الأعمال اللازمة، مـن إنجاز عمليّات فـرز وضـمّ الأراضي وتسجيل العقارات بحسب المُقتضى القانوني، وقبول الهِبات والتبرُّعات، والإشراف على أعمال البناء، والاهتمام بالمـزروعات وغير ذلك.
كان الشيخ أبو حسين شبلي أبو المنى المتوفّى سـنة ( 1272هـ/ 1855م)، يحضـر لزيارة أصدقائه آل نكـد في قرية ديـر بـابا، خلال النّصف الأوّل من القـرن التاسع عشـر، وهـم أصحاب مقاطعة المناصف ودير القمر زمنذاك، ويقيم أيّاماً عـديدة في ضيافتهم، فكان يقيم سهرة دينيّة مساء يـوم الأربعاء من كل أسبوع في خلوات جـرنايا، بـرفقة شيوخ عـديدين من بعض قرى المناصف، وتخليداً لهـذه الـذكرى، يقيـم الشيوخ حالياً سهـرة دينية في خلوات جرنايا، مساء يـوم الأربعاء من كل أسـبوع، تقام فيها الصّلاة وشرح أيات الكتاب الكريم.(16)


المراجع:

(1) – ابن منظور، لسان العرب، دار صادر، بيروت، ط 6 – 2008، مـج 3 ص 132.
(2)- الجرينة تعني “ساحة القمح” حيث يتم فيها استلام وتسليم وبيع مادة القمح.. (ابراهيم العورة، تاريخ ولاية سليمان باشا العادل، تحقيق أنطوان بشارة قيقانو، دار لحد خاطر، بيروت، 1989، ص 167)..
(3)- عصام خليفة، الضرائب العثمانيّة في القرن السادس عشر، لادار، 2000 ص 197 و199 و203.- والأقجـة هي العملة التي كانت متداولة في الدولة العثمانية حتى نهاية القرن السابع عشر، وعندما هبطت قيمتها، سُكّت عملة بديلة بدلاً عنها هي البارة. وكل 40 بارة تساوي قرشاً واحداً.
(4)- أسد رستم، لبنان في عهد المتصرّفية، دار النهار للنشر، بيروت، 1973، ص 45.
(5)- نعيم فؤاد غنام- لمحة تاريخية عن خلوات جرنايا، مطبعة الدويك، كفرنبرخ، 2017 ص 17
(6)- وصيّة الشيخ يوسف عمّار غنّام المؤرخة سنة 1254هـ/ 1838م، المُدرجة في كتاب (لمحة تاريخية عن خلوات جرنايا) تأليف الأستاذ نعيم غنام، مطبعة الدويك- كفرنبرخ، 2017.
(7)- نعيم فؤاد غنّام، لمحة تاريخية عن خلوات جرنايا، م م.
(8)- وصية الشيخ ناصيف أبو شقرا، نسخة مصوّرة في مكتبة الباحث الأستاذ نايل أبو شقرا، عماطور.
(9)-فؤاد أبو رسلان، سيرة سماحة شيخ العقل الشيخ أبو علي يوسف بردويل أبو رسلان، 2004- لادار.
(10)- سليمان أبو عز الدين، مصادر التاريخ اللبناني، المركز الوطني للمعلومات والدراسات، يعقلين، 1996، ج 2 ص873
(11)- يوسف خطار أبو شقرا، الحركات في لبنان إلى عهد المتصرّفية، لا دار نشر، لا تاريخ ص 115
(12)- عهـد المتصرّفية من سنة 1861 حتى سنة 1914.
(13)- عزت زهر الدين ، المجاهدون الدروز في عهد الإنتداب، م}سسة التراث الدرزي. 2004
(14)- نعيـم غنّام، م.م. ص 15 .
(15)- نعيم غنّام م،م، ص 41 مع صورة عن بيان العلم والخبر.
(16)-الشيخ فرحان العريضي، مناقب الأعيان، ج 3 منشورات مدرسة الإشراق- عالية 2011 ص 193
– مقابلة مع خادم الخلوات الشيخ أبو زين الدين حسن أحمد عمّار غنام، في منزله في كفرحيم، بتاريخ 27/5/2018.
– تصوير راضي بو ضرغم

إتحاد بلديات السويجاني يواكب تطوير معمل فرز النفايات والاستاد الرياضي

عندما تنعطف بك طريق الصلّيب بإتجاه ظهور الكحلونية – مزرعة الشوف، ينتابك شعور وكأنك في روض غناء معلق بين السماء والأرض تمتع ناظريك بما تراه من سحر فاتن، وطبيعة خلابة حباها الله لهذه البقعة الجميلة من شوفنا الحبيب. لذا فإنك ترى كل شيىء جميلاً من حولك. فتطالعك من جهة الشرق محمية أرزالشوف الفائقة الروعة والجمال والآخذة في التمدد على طول المحيط الحيوي لجبل الباروك المشهور بغابات أرزه الأربع المنتشرة في المعاصر والباروك وعين زحلتا وبمهريه مظللة قرى الشوف الأعلى المنتشرة في سفوحه، وهو ما كان يطلق عليه في الماضي القريب “الشوف الحيطي”، حيث يتكىء بعضها على كتف وادي مرج بسري الخلاب قبل أن تغمره مياه السّد المنوي إنشاؤه لتأمين مياه الشفة لبيروت وضواحيها. فيقابلها لجهة الغرب عدد من قرى وبلدات “الشوف السويجاني”، وتقف المختارة بين هذين الشوفين العزيزين شاهداً على تطورهما ونموهما.
هناك، على تلك الهضاب المشرفة على كل ما حولها، يلفتك مشروعان كبيران هما في غاية الأهمية، جرى تنفيذهما منذ فترة وجيزة، ستاد السويجاني الرياضي، والمعمل المخصص لفرز النفايات في المنطقة قد تظن للوهلة الأولى ان الدولة هي المبادرة إلى تنفيذهما، نظراً للتكلفة المادية التي تستوجب إنشاء هكذا مشاريع. لكن سرعان ما تظهر لك الحقيقة جلية، فتستدرك بأن الدولة التي كانت ولا زالت غائبة او مغيبة ومنذ عقود من الزمن عن كل ما تحتاجه هذه المنطقة من مشاريع إنمائية وتنموية لا ناقة لها ولاجمل بكل ما يجري في منطقة الجبل بشكل عام والشوف بشكل خاص وهو بأمس الحاجة لها، وبخاصة في المجالات الصحية، والبيئية، والإقتصادية، والإجتماعية، والتربوية، والإنسانية.
بين أولئك الذين تعاقبوا على العمل الطوعي في منطقة الشوف السويجاني وكان لهم الفضل في ما أنجز من مشاريع إنمائية، وبالأخص المشروعان المشار اليهما، ثلاثة من كبار المهندسين المشهود لهم بالخبرة والكفاءة الذين تعاقبوا على رئاسة اتحاد بلديات الشوف السويجاني. المهندس سمير الفطايري الذي يعود له الفضل الأول في شراء العقار الذي بني عليه معمل فرز النفايات وستاد السويجاني. الدكتورة نهى الغصيني التي أشرفت على البناء والتشغيل. المهندس يحي أبو كروم الذي يواكب عملية التطوير والتشغيل في آن حتى أصبح يستوعب حوالي مئة طن من النفايات الصلبة. ويتولى حالياً استكمال البناء في الملعب من مدرجات ومضمار للركض وغيرها من الأقسام التي يسعى الإتحاد لتنفيذها، بالإضافة الى جهود رئيس بلدية بعقلين الأستاذ عبدالله الغصيني.

الغصيني: كان همنا تطوير مهارات الشباب وقدراتهم

الدكتورة نهى الغصيني الرئيسة السابقة لبلدية بعقلين ولإتحاد بلديات الشوف السويجاني تحدثت لـ عن دورها في إنشاء المجمع الرياضي في منطقة السويجاني، فقالت: نحن كإتحاد كنا نتطلع الى شبابنا الشوفي، فنرى وجوهاً تشع بالطموح والأمل، متسلحين بما تزودوا به من علم ومعرفة .. انهم شباب مدرك متفوق وطموح.. بهم نسمو الى غد واعد ونتطلع الى أفق منير. بهم نفخر ونكبر. بهم نتحدى ونطمئن الى مستقبل سعيد يوفر لمجتمعنا الشوفي الحياة الفضلى. ولفتت بأن اتحاد بلديات السويجاني يسعى الى تحصين حيوية الشباب الشوفي وحمايتها، وتحويل طاقاتهم الشبابية الى مصدر ابداع وتفوق. يقيناً منه أن الأمم الناجحة هي تلك التي تستمد قوتها من دفق الشباب الذي لا تعيقه المصاعب ومن ارادته التي لا تقهر. وانطلاقاً من ايماننا بدور الشباب الحيوي في مجتمعنا، وأهمية ممارسة الرياضة على مختلف أنواعها في تطوير مهارات الشباب وتعزيز قدراتهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم سعينا الى إنشاء مجمع رياضي ضمن نطاقه الجغرافي يكون مفتوحاً أمام جميع الشباب الشوفي واللبناني. ولتفعيل هذه المشاريع ووضعه قيد التداول. وضعت له البرنامج العملي وقدمت التصاميم المعمارية اللازمة له، آملة أن يتحمس المستثمرون لتنفيذ هذا المشروع الحيوي في منطقتنا مما ينعكس ايجاباً على شبابنا وشاباتنا، امل مستقبلنا. ولفتت بأن المجمع بوشر بتنفيذه على العقارات 1341و1343و1344 ذات المساحة الإجمالية البالغة 38180 م م من منطقة الكحلونية العقارية، ويسمح تصميم هذا المجمع الرياضي بتنفيذه على مراحل متعددة نظراً لكلفته العالية التي تصل الى مليون وثمانماية ألأف دولار اميركي.
وذكرّت الغصيني أن شبابنا في الناديين المصنفين إتحادياً، نادي شعلة الكمال الرياضي – بعقلين، ونادي التعاضد مزرعة الشوف، يتكبدان مشقات مادية جمة لمتابعة تدريباتهم الرياضية خارج منطقة الشوف السويجاني نظراً لعدم وجود ملاعب رياضية تسهل عليهم متابعتهم للتدريبات الرياضية في منطقتنا.

وفي تفاصيل المشروع أوضحت الغصيني أن مشروع الـ ستاد الرياضي يتشكل من عدة أقسام:

أقسام المجمع

القسم الأول: ملعب لكرة القدم وهو ما تم إنجازه مع حارات للجري حوله ومدرج يستوعب حوالي الألفي مشاهد. تبلغ مساحة هذا القسم حوالي 1500م.م
القسم الثاني: وهو ناد رياضي يأخذ شكل عصفورين ذي جناحين خافقين نحو العلى، يستريحان لفترة عند تلة الصلّيب. يحتوي هذا النادي على صالتين مقفلتين، واحدة لملعب كرة السلة والأخرى لرياضة السباحة. وفي الفسحات الخارجية للنادي تم تصميم مسبح خارجي للكبار وآخر للأطفال مع شرفة واسعة تشكل امتداداً خارجياً للمطعم والمقهى الملحوظين داخل المبنى.
القسم الثالث: حديقة عامة فيها مساحات لممارسة رياضة المشي وركوب الدراجات الهوائية مع مواقف للسيارات تخدم جميع اقسام المجمع. تبلغ مساحتها ستة آلاف م.م
بالإختصار يحتوي النادي الرياضي على الوظائف التالية:
صالة مقفلة لملعب كرة السلة مساحتها837م.م
صالة مقفلة للمسبح مساحتها837م.م
صالات رياضية عديدة مساحتها 611م.م
مطعم ومقهى داخل المبنى مساحته488م.م
مسبح مكشوف للكبار مع مسبح للصغار مساحتهم372م.م
شرفات حول المسابح الخارجية مساحتها 1730 م.م
مشالح وأدواش ووظائف أخرىمساحتها 405م.م
الإدارة مع قسم العناية التمريضية ومدخل المشروع 379م.م
مستودعات مساحتها 140م.م
المساحة الاجمالية للطابق السفلي مستوى المسبح الخارجي 1480م.م
المساحة الإجمالية لباقي المبنى مستوى المدخل وما فوق2700م.م
ويبقى الباب مفتوحاً للأيادي الخيرة التي بإمكانها مساعدة الإتحاد في تحقيق هذا الحلم، بحيث يتجلى الإتحاد بأسمى معانيه بفعل ارادتنا وإيماننا جميعاً بضرورة العمل سوياً من أجل تشجيع جيل جديد يشكل قوام شخصية الشوف الوطني، شباب منفتح على كل ما هو حق وحقيقة، شباب مؤمن بالقدرة الكبيرة على التغيير والتطوير.ابو كروم: نعمل على مشروع متكامل يكون عبارة عن أكاديمية تضم كل المؤسسات الرياضية.

المهندس يحي أبو كروم رئيس بلدية مزرعة الشوف ورئيس اتحاد بلديات الشوف السويجاني الحالي يقوم بجهود جبارة لتشغيل معمل فرز النفايات وتحديث وتطوير ستاد السويجاني، اشار في حديث لـ الى أبرز المحطات التي رافقت تطوير هذين المرفقين الحيويين. وهذا نص الحوار:

متى بدأت فكرة إنشاء ستاد السويجاني؟

إن فكرة إنشاء المجمع الرياضي تعود الى ما قبل العام 2000 منذ أيام الرئيس السابق لإتحاد بلديات الشوف السويجاني المهندس سمير الفطايري، هذا المشروع أكبر إنجاز تم تحقيقه لغاية اليوم من قبل الإتحاد، وذلك بعد أن تم شراء العقار البلغ مساحته قرابة 40 الف م م.

هل تعتبر فكرة إنجاز الـ ستاد الرياضي بالإستراتيجية؟

نعم يمكن وصف هذه الخطوة بالإستراتيجية، بالنظر الى الإرتفاع الجنوني في أسعار العقارات اليوم، ولو لم يتم شراء الأرض في تلك الفترة لتعذر علينا تنفيذ مشروع بهذا الحجم. كيف بوشر العمل بتنفيذ هذا المشروع؟
الجزء الأول من المشروع أنجز من قبل اتحاد البلديات السابق، وبإشراف شخصي من رئيسته الدكتورة نهى الغصيني، وبدعم مباشر من وليد جنبلاط. وإن نادي التعاضد – مزرعة الشوف، فالخطوة الأولى بدأت بزيارة المختارة لطلب المساعدة على إنشاء ملعب للرياضة، فأبدى استعداده للتعاون واعداً بمناقشة الموضوع مع الدكتورة الغصيني بعد ذلك اتفقنا على إقامة عشاء ريعي في فندق المير أمين تمكنا من جمع مبلغاً لا بأس به من المال، وتكفل وليد بيك بتقديم ما أمكنه للمساعدة. بعد انجاز الرخصة باشر الإتحاد بالعمل وتم أنجاز القسم الأول منه وقد تمكنت الدكتورة الغصيني من الحصول على دعم مالي لا بأس به من قبل الإتحاد الأوروبي استطاعت من خلاله تغليف الملعب بالموكيت الأخضر كما هو معتمد في المدينة الرياضية والملاعب الكبرى. بالإضافة الى تامين الإنارة الكاملة له. وهذه تعتبر خطوة هامة على طريق استكمال هذا المشروع الذي يتوقع أن تصل كلفته الإجمالية الى حدود 8 مليون دولار.

الملعب في حالته الحاضرة مصمم لكرة القدم هل لديكم نية لتطويره؟

الآن اصبح لدينا تصميم متكامل للمشروع كمركز رياضي بمواصفات عالمية، تؤهله ليكون من الملاعب الحديثة، يضم ملعباً لكرة القدم مع مدرجاته الخاصة به ، ومضماراً للجري، هذا المضمار سيتم تنفيذه بمساعدة من وزارة الشؤون الإجتماعية، بعد أن تم تلزيمه لشركة خاصة، ولقد أصبح في مراحله الأخيرة. ونكون بذلك قد انتقلنا الى المرحلة الثانية ضمن دراسة شاملة لـ ستاد رياضي يضم ملاعب مسقوفة ومسرحاً مكشوفاً. ولن يكون المشروع مجرد ملعب للرياضة فقط، بقدر ما نريده نقطة جذب لجميع محبي الرياضة على كافة انواعها. على ان يضم نادياً للثقافة، وقاعات للإجتماعات، ومجموعة مكاتب، أحدها للشؤون الإجتماعية، ومعهد الكونسرفتوار الوطني. وفي هذا المجال يهمني لفت النظر إلى أن معظم المكاتب المستأجرة والمستخدمة كفروع للإدارات العامة والمستقلة هي على عاتق الإتحاد، لذلك من الضروري تجميعها في مبنى واحد. كما يضم ايضاً مكاتب للشباب وللنشاطات المتعددة. مع إمكانية تحويل المجمع الى مركز حيوي يضم مطعماً وكافتيريا، ومدرجاً يتسع لعشرة آلاف متفرج.

هل تلقيتم مساعدات من وزارة الشباب والرياضة والمنظمات المانحة؟

وزارة الشباب والرياضة وعدت بالمساعدة ولكنها لم تحدد قيمة المساعدة. المهم أننا سنباشر ببناء إحدى جهات المدرج بدعم من تيمور بك.

هل لديكم فكرة عن الكلفة الإجمالية للمشروع؟

كلفة المشروع الإجمالية قد تصل الى 8 مليون دولار، ولا يمكن تنفيذه إلا على مراحل. علماً إن الملعب بدأ استقبال اللاعبين والفرق الرياضية والأندية من العام الماضي. وهذا الصيف شهد العديد من الدورات الرياضية كان آخرها دورة رياضية كبيرة بمشاركة معظم أندية الشوف العامة والخاصة. وهناك فرق رياضية تستخدم الملعب للتدريب بشكل يومي، ونحن كإتحاد نتحمل كلفة المدربين وبدل إنتقالهم من والى الملعب. لأن هدفنا جمع كل الفرق ضمن مؤسسة رياضية تكون مميزة في هذا الجبل، وهذه المؤسسة من شأنها أن تتولى توفير الدعم لكل الأندية الرياضية، وبالأخص المتوقفة منها. كل ذلك ضمن الإمكانيات المتوفرة على أمل أن نصل الى اختيار منتخب للشوف بعد إنتقال الفرق الناشطة الى الدرجتين الأولى والثانية، مع السعي المستمر لإيجاد الحوافز المشجعة على الرياضة وصولاً الى إنشاء المدرسة الرياضية مع تامين الجوائز المعنوية للمبدعين منهم.

ما هي الأهداف التي ترومونها من وجود ملعب بهذا الحجم في منطقة السويجاني؟

هدفنا كإتحاد بلديات الإهتمام بجيل الشباب لأنه أمل المستقبل في هذا الجيل ، لذا يجب تاطيره في بوثقة رياضية صرفة، تجعله يبتعد إرادياً عن الآفات المسيئة لشخصه ولسمعته، كالمخدرات وما يتفرع عنها. فمن خلال الرياضة يستطيع الشاب أن يجد نفسه ولا يعود يكترث بالمسائل الأخرى.

ألا ترى وجود صعوبة لتحقيق ذلك؟

إن العمل على تنمية بشرية نظيفة يتطلب التحرك على عدة اتجاهات، ولذلك أطلقنا حملة ( شوف خال من المخدرات) وضرورة تطوير هذه الحالة لمكافحة الإدمان ليس فقط على المخدرات فحسب وقد يكون الإدمان على الأجهزة الخلوية مسيئاً للشباب مثل المخدرات وأكثر. لذلك كان من الضروري ايجاد البديل والمكان الذي يستطيع الشاب ان يعبر عن ذاته رياضياً وجسدياً ونفسياً. فالعنوان الأساسي الذي نعمل عليه يتلخص بإنجاز هذا المشروع الذي هو مركز متكامل للشباب يضم بالإضافة الى ما تمت الإشارة اليه معهداً للموسيقى والغناء والدروس الجامعية، وغرف مطالعة ومكتبة عامة . وهذا كله يتماشى مع الرياضة التي نحن بصددها. وقد أعددنا لهذا المشروع دراسة متكاملة على أمل التمكن من تنفيذه في السنوات المقبلة، وإن لم ينفذ على أيامنا فقد ينفذ على يد غيرنا. المهم أننا انطلقنا والتوفيق على الله.

معمل فرز النفايات:

في القسم الثاني من هذا الحوار شرح أبو كروم المراحل التي قطعها مشروع تشغيل معمل فرز النفايات على الشكل التالي:

متى باشرتم العمل في معمل فرز النفايات؟

بعد إقفال مطمر الناعمة الذي كان لوليد بك الكلمة الفصل في ذلك، إنشغل المعنيون بالبحث عن أماكن بديلة لطمر النفايات فتضاربت الآراء وتشابكت الإقتراحات ولكن من دون أية نتيجة. ومع تكدس النفايات في الشوارع وأمام عجز وزارة البيئة المعنية المباشرة بهذا الملف دخل المجتمع المدني على خط الضغط على الحكومة لمعالجة المشكلة وإيجاد الحل المناسب لها ما أدى الى تفاقمها بدلاً من حلها. فكانت توجيهات وليد بيك جنبلاط تتمحور حول أمرين: الطلب الى وزير الزراعة أكرم شهيب بمساعدة رئيس الحكومة تمام سلام لإيجاد حل لمشكلة النفايات في العاصمة، ومعالجة أزمة النفايات بشكل آني وسريع في منطقة الجبل وعلى الفور أصدر أوامره بضرورة تشغيل معمل الفرز الكائن في منطقة الصليب التابع ادارياً لإتحاد بلديات السويجاني. يومها لم يكن هذا المعمل مجهزاً للعمل والمباشرة بعملية الفرز، على اعتبار أن شركة سوكلين كانت المعنية بجمع النفايات، وبالتالي ليس هناك من حاجة للتشغيل لما يرتب على اتحاد البلديات من تكاليف مادية كان بغنىً عنها. ومع نشوء الأزمة ونزولاً عند رغبة وإلحاح وليد بيك استنفرت القوى المعنية بتشغيل المعمل أقصى درجات الإستنفار وعقدت لهذه الغاية عدة لقاءات شاركت فيها يومذاك رئيسة الإتحاد المهندسة نهى الغصيني بالتعاون مع البلديات المعنية ووكالة الداخلية في الشوف، لكنها إصطدمت بعدم جهوزيته للعمل، وبدأ إتحاد بلديات السويجاني البحث عن الطرق الآيلة للتشغيل، الى أن تمكن من ذلك بعد جهد جهيد. وذلك بعد تلقيه الدعم المادي والمعنوي من قبل الأستاذ جنبلاط. لكن عملية استيعاب المعمل للنفايات بقيت محدودة جداً. وبدلاً من أن يستوعب المعمل ما بين 40 الى50 طناً وهو المعدل التي تفرزه المنطقة بشكل يومي، لم يستوعب سوى 15 طناً في اليوم. فتكدست النفايات في محيطه بطريقة عشوائية، كما لم تكن عملية الفرز تتم وفق الأصول المتبعة علمياً وفنياً، ما جعل الشكاوى من طريقة التجميع والتكديس والفرز تتفاقم، مع ما رافق ذلك من ملاحظات وإنتقادات بسبب الروائح الكريهة المنبعثة منه.

أبو كروم يتصدى للمشكلة ويستبدل الشركة المشغلة بفريق عمل دربه لهذه الغاية

متى بدأت بالإشراف شخصياً على تطوير عملية الفرز في المعمل؟

منذ اليوم الأول لإنتخابي رئيساً لبلدية مزرعة الشوف، وقبل أن أصبح رئيساً لإتحاد بلديات الشوف السويجاني. عكفت على دراسسة مكامن الخلل التي تعيق تشغيل معمل فرز النفايات بالطريقة المطلوبة. خاصة وإنني كمهندس قبل أن أتعاطى بالشأن العام كنت أعرف الكثير عن هذا المعمل وظروف إنشائه، والمشاكل التي تعيق تشغيله فور تسلمي رئاسة الإتحاد وعملاً بتوجيهات وليد بيك ومتابعة شبه يومية بعد ذلك من الأستاذ تيمور بعد تسلمه عباءة الزعامة من والده، قدمت بإسم الإتحاد كل التسهيلات والإمكانيات والتعاون بتصرف الشركة المشغلة المدمجة ( بريدي – ابومصلح ) لكن العمل في معمل الفرز لم يتطور ما أدى الى تفاقم المشكلة بدلاً من حلها.
وفي 10 – 9 – 2016 الموعد المقرر لتركيب المعدات المطلوبة بموجب دفتر الشروط الموقع من قبل الشركة المذكورة من أجل تطور العمل، توقف عمال المعمل عن تشغيله من دون سابق إنذار بهدف إرباك الإتحاد والضغط عليه. وبنتيجة هذا التصرف غير المبرر وتجنباً لوقوع أزمة في المعمل شكل الإتحاد فريق طوارىء وبدأنا تشغيل المعمل، مع كل المعدات التي تمنعت الشركة المذكورة عن تركيبها فزادت كمية الفرز وتبيّن الفرق. وبعد خلاف استمر لأكثر من شهرين فضّينا العقد حبياً مع الشركة المشغلة، فيما تولى الإتحاد تأمين كل المعدات المطلوبة بالتعاون مع وكالة التنمية البريطانية عبر مشروع انتاج بالتعاون مع جمعية (مرسيكورت) التي قدمت لنا (بيك آب – بوب كات – جرافة – مكبس). وأن كل هذه الخطوات التي تمت كانت بدعم من حضرة الرئيس لتأمين النقص الذي يحتاجه المعمل ومنها: (مولد كهرباء) فيما تولى الإتحاد شراء وتأمين كل المعدات الباقية، مع الإستمرار بتنظيم وتدريب فريق العمل، وتأمين الألبسة الخاصة ل، إضافة الى حل مؤقت لمشكلة العوادم وتجميعها مؤقتاً في المطمر وعزلها الى حين إيجاد الحل النهائي لها مع المؤسسات المعنية.

كم تبلغ كمية النفايات التي ترسل الى المعمل كل يوم؟

في البداية كانت كميات النفايات المرسلة الى المعمل يومياً تتراوح ما بين 23 طن الى 40 طن فيكون المعدل اليومي 33 طن. وبناء عليه تكون نسبة الفرز بمعدل 95 في المئة. أما عدد العمال في المعمل حالياً فهو 25 عامل بالإضافة الى مراقب عام. أما اليوم فأصبحت الكمية تناهز المئة طن، خاصة وإن إتحاد البلديات يضم القرى والبلدات: بعقلين – مزرعة الشوف – جديدة الشوف – عين وزين – الكحلونية – غريفة – عينبال – عترين – السمقانية. ويتم نقل جميع نفايات هذه القرى الى معمل الفرز، بالإضافة الى نفايات دير القمر وموقع قيادة الجيش في بيت الدين. كما يتم تنظيف المعمل بصورة مستمرة مع الباحات الخارجية. أما الطرق المؤدية اليه فهي شبه خالية من النفايات على عكس الفترة الماضية. كذلك تم تصريف المواد المفرزة مما ساهم بنظافة المعمل وتحسين مظهره.

كيف تتم عملية الفرز؟

عملية فرز النفابات تتم بشكل يومي، ولا يوجد تراكم للنفايات على الإطلاق لأن عملية التشغيل لاتتوقف طوال الإسبوع بما فيها أيام الأعياد.
بعد عملية الفرز تتحول النفايات الى أسمدة عضوية، وتتم عملية تسبيخ المواد العضوية. ويعمل الإتحاد حالياً على تطوير المعمل لتصبح عملية الإستيعاب فيه افضل. كما يتم نقل العوادم بواسطة شاحنة مخصصة لهذه الغاية بدلاً من الجرافة. ويوجد صيانة دائمة للآليات المستخدمة والمقدمة من قبل الإتحاد، مع تركيب كاميرات مراقبة لمنع السرقات إضافة الى وجود مطافئ ضد الحرائق، وإنترنت للتواصل السريع.

تنويه من قبل دي فريج على دورالإتحاد في عملية التشغيل

ماذا كان دور الدولة بعد تشغيل المعمل وزيادة كمية الفرز؟

في الماضي إقتصر دور الدولة على التنويه بما قمنا به، واليوم نحن نسأل أين هي الدولة. فلقد وجه لنا وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية في حكومة الرئيس تمام سلام نبيل دي فريج كتابين:
الأول بتاريخ 4 – 7 – 2016 طالبنا بموجبه بتحسين الأداء في المعمل بأسرع وقت ممكن. ثم أرفقه بكتاب تنويه جديد وقعه بتاريخ 9 – 12 – 2016 أي بعد اقل من خمسة أشهر على كتابه الأول، جاء فيه نشكر لكم جهودكم المتعلقة بتشغيل المعمل ونؤكد على أهمية التقيد بالتوصيات الواردة في التقرير المرفق من أجل تحسين الأداء وعلى ضرورة الإلتزام بالشروط الفنية المشار اليها في المرجع أعلاه.

تحقيقات و مقابلات

تقع خلـوة عائلة بـو حاطوم حمادة في مدينة بعقلين حـي الخلوة، الكائن للجهة الغربية منها. قام ببنائها الشيخ أبو حسن رافع بـن …

القصرُ الأبيض

على أطراف الصحراء وفي منطقة الحَرّة شرقي جبل حوران، بُني صَرح معماري فريد في نوعه احتار علماء الآثار والمؤرّخون في تحديد زمن …

هل زادت أعباء مصرف لبنان اليوم وتحدّياته عما كانت عليه يوم كنتم نائباً للحاكم؟ من حيث الشكل، إنّ المهام التي يواجهها مصرف …

نبذة تاريخية عن “الجامع الأنور” المعروف لاحقاً بـ“جامع الحاكم” شُرع في بنـاء «جامع الخطبة» خارج باب الفتوح أحد أبواب القاهرة، في ولاية …

ما هي مخاطر الإقصاء! يقول أخوان الصّفا: لا تُعادوا عِلْما من العلوم ولا تهجروا كتاباً من الكتب ولا تتعصّبوا لأيّ مذهب من …

بو نصّار للضحى: الرابطة ساعدت أكثر من ٣,٣٠٠ طالبة وطالب جامعي والمساعدات تخطت ٧ مليون دولار أميركي توجّهت مجلّة الضّحى في إطار …

احتفلَ شعبُ الإمارات العربيّة المُتّحدة في الثاني من كانون أوّل 2018 بمرور 47 عاماً على تأسيس دولة الإمارات العربيّة المتّحدة، 1971- 2018. …

مقابلة مع معالي وزير الثّقافة الدّكتور غطّاس خوري بمناسبة العيد الماسي لاستقلال لبنان معالي الوزير، ماذا يعني لكم «عيد الاستقلال»؟ كلٌّ يتوق …

كيف تنظرون سعادة السّفير إلى العلاقات الإماراتيّة - اللبنانيّة وقد شهدت قفزةً كبرى مع نشاطكم الخيِّر الواسع في لبنان؟ ..... This content …

خلوات جرنايا

This content is locked Login To Unlock The Content! تذكرني Lost your password?

This content is locked Login To Unlock The Content! تذكرني Lost your password?