السبت, نيسان 27, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

السبت, نيسان 27, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

كائنات صغيرة ذكية تهدّد الجنس البشري

كائنات صغيرة ذكية تهدّد الجنس البشري

كيف خسرت المضادات الحيوية
الحرب الطويلة على البكتيريا

العلم مندهش لقدرة الجراثيم بأنواعها على تطوير مقاومتها للمضادات الحيوية

شركات الأدوية تخلّت عن تطوير مضادّات حيوية جديدة واتجهت إلى الأدوية الباهظة الثمن للأمراض المزمنة

كيف يمكن مقاومة الأمراض الجرثومية ببدائل طبيعية بدل المضادات الحيوية التي تراجعت كفاءتها العلاجية

لم تنجح أي من الأدوية والمضادات الحيوية في معالجة كبد المريض الذي كان يخضع للمعالجة على يد الدكتورة سينثيا غيبرت. لقد بذلت جهوداً جبارة لكن بالرغم من أنها جربت كافة العلاجات المتاحة إلا أن دم المريض ظل مشحوناً بالسموم. “لم يعد لدينا أي علاج” تقول الدكتورة غيبرت، المتخصصة بمعالجة الأمراض المعدية في المركز الطبي لقدامى المحاربين في واشنطن أميركا، “مع أن نتائج فحوص الدم أتت سليمة أحياناً، لكن سرعان ما كان دم المريض يمتلئ مجدداً بالسموم والبكتيريا التي لم تعد تتأثر مطلقاً بالمضادات الحيوية”.
أخيراً بات المريض على علم بأن العلاجات كلها لن تحدث أي فارق وأنه سيموت قريباً، ولم يعد أمام الطبيبة سوى إخباره بحقيقة الأمر. فالبكتيريا التي هي أكثر الكائنات الحية بدائية على وجه الأرض تفوقت على المضادات الحيوية، معجزة القرن العشرين الطبية.
هذه الحالة التي أوردتها دراسة علمية لمجلة “نيوزويك” بعنوان “نهاية المضادات الحيوية” ليست حالة معزولة بل هي مثال عما يحدث يومياً في مستشفيات العالم بما فيها مستشفياتنا في لبنان عن الصراع المستميت الذي يخوضه الأطباء أحياناً ضد بكتيريات تجتاح جسد الإنسان ولا يجد الطب إلا بشق النفس وسيلة ناجحة لقتلها. أما السبب فهو أن معظم أنواع البكتيريا المعروفة والمسببة للأمراض أصبحت مقاومة لمعظم المضادات الحيوية وهو ما يتيح لها الانتشار والفتك بالمريض دون أن يكون هناك، مع فشل المضادات، وسيلة بديلة ناجعة لوقف هجومها.
كانت البكتيريات في الماضي السبب الأول في وفاة الملايين سنوياً بشتى الأمراض الناجمة عنها، السل الرئوي أحد هذه الأمراض وكذلك التهاب الشعب الرئوية أو الكوليرا أو التيفوئيد وغيرها وكانت نسبة الوفاة في حالات الالتهاب الرئوي مثلاً 80 % من المصابين، وكانت قوة البكتيريا وقدرتها على التكاثر والفتك بالمريض أمراً مخيفاً وأحد أسباب انتشار الأوبئة.
في العام 1928 اكتشف ألكسندر فلمنغ بالصدفة البنسيلين أول المضادات الحيوية التي يصنعها الإنسان في المختبر. بعدها بقليل خصوصاً أثناء الحرب العالمية الثانية اتسع استخدام البنسيلين في محاربة الأمراض البكتيرية لكن اكتشف في العام 1948 أن بعض أنواع البكتيريا أصبحت مقاومة له فتمّ تطوير مضادات حيوية جديدة لتصبح هذه بدورها غير ذات فائدة مع تطوير البكتيريا لسبل مقاومتها، ومنذ تلك الفترة والطب في سباق مستمر مع البكتيريا يسبقها تارة بمنتج جديد لتعود البكتيريا فتربح السباق مع تطوير سبل مقاومة المضادات الحيوية الجديدة، مع ذلك وبسبب فعالية المضادات الحيوية في القضاء على البكتيريا فقد ساد الاعتقاد لفترة بأن، صناعة الأدوية تمكنت من وضع حد لكل الأمراض والأعراض المسببة للبكتيريا مهما كان نوعها، لكن هذا الاعتقاد سرعان ما تحول إلى وهم وحلّت محل الثقة بالإنجاز العلمي لصناعات الدواء حالة متصاعدة من الخوف بل والذعر إزاء جهود المقاومة الناجحة التي بذلتها البكتيريا في مواجهة حرب الإنسان. لقد نجحت تلك الجهود إلى درجة أن بعض البكتيريات أصبحت مقاومة لأكثر أنواع المضادات. وبالاستناد إلى تقرير المركز الفيدرالي للتحكم بالأمراض CDC فإن أكثر من مليوني أميركي من كل الأعمار تصيبهم أمراض معدية تسببها بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية كل سنة، ومن أصل هؤلاء فإن 23 الف شخص يموتون سنوياً من جراء فشل المضادات الحيوية في احتواء المرض البكتيري. وفي العام 1992، قضى 13,300 مريض في الولايات المتحدة الأميركية جراء التهابات بكتيرية تمكنت من مقاومة المضادات الحيوية التي أعطيت من قبل الأطباء, وبينما كان الأطباء يعملون جاهدين على تحضير مضاد حيوي يمكن أن يعمل، كانت البكتيريا الهائجة قد سممت دم المريض أو شلّت بعض الأعضاء الحيوية لديه. وبما أن الكلفة المالية لتحضير مضادات حيوية مناسبة لكل مرض مرتفعة جداً، وغالباً ما يفشل أول مضاد حيوي يوصف، فالكائنات الحية الدقيقة هي الفائزة اليوم لأنها أقدم من البشر كما أنها كما يبدو أكثر حكمة منهم!
تكشف هذه الأرقام عن أن الطب الحديث في مأزق، لأن التعويل المفرط على المضادات الحيوية أضعف مع الوقت جهاز المناعة الطبيعي في الجسم فأصبحت صحة الفرد معتمدة بصورة كبيرة على وجود المضادات الحيوية الفعالة وليس على قدرة الجسم نفسه على إنتاج الدفاعات الطبيعية. ولهذا فإن إعلان الأوساط الطبية أن فعالية المضادات الحيوية في مقاومة الأمراض قد استنفدت وبلغت نهايتها ليس خبراً عادياً بل هو كاف لبث الخوف في المجتمعات التي لا تعرف اليوم بديلاً عن المضادات في حماية الصحة الفردية والعامة وها نحن وبعد نحو 86 عاماً على اكتشاف البنسيلين نعود تدريجياً إلى المربع الأول وعاد الناس ليموتوا من جراء أمراض اعتقد العلم منذ مدة أنها وبفعل المضادات الحيوية أزيلت من على وجه الأرض.
ما الذي يمكن فعله في هذه الحال وما هي البدائل المتاحة؟
ما يزيد في خطورة الوضع أن شركات الأدوية الكبرى والتي تملك الإمكانات الهائلة لإجراء الأبحاث والإنفاق على تطوير أدوية وعلاجات جديدة لم تعد مهتمة بإنتاج مضادات حيوية أكثر تطوراً وتأخذ في الاعتبار تراجع كفاءة المضادات الحالية، وذلك لأسباب تجارية محض هي أن تطوير مضاد حيوي جديد يكلف كثيراً ولا يحقق الأرباح المرجوة. في المقابل وجدت الشركات من الأفضل الاستثمار في تصنيع الأدوية الباهظة الثمن للأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسكري والسرطان والتهاب المفاصل وغيرها وهي الأدوية التي يحتاج الإنسان لتناولها على مدى الحياة، بينما لا توجد حاجة لتناول المضادات الحيوية لفترة قصيرة نسبياً.
حتى منتصف الثمانينات من القرن الماضي كانت شركات الأدوية دوماً منهمكة في تطوير مضادات حيوية جديدة باستمرار، لكن جهود الشركات تراجعت بقوة حتى أننا لم نر سوى مضاد حيوي جديد يدخل السوق في العام 2013 كما أن الحكومة الأميركية تبدو وقد فقدت حماستها لتقديم المساعدات لأبحاث المضادات الحيوية خلال السنوات العشرين الماضية. وهذا الواقع في حد ذاته يزيد من حالة التشاؤم السائدة بين المرضى والأطباء الذين تتناقص خياراتهم كل يوم في الحرب الشرسة مع البكتيريات المميتة.
إن فشل المضادات الحيوية المتبقية في مقاومة البكتيريا، ستتسبب بخسائر بشرية كبيرة نظراً لعدم وجود خطة شاملة لتوفير العلاجات البديلة وبالتالي فإن مصير البشرية سيكون في العودة الإجبارية إلى العصر الذي كان سائداً قبل اكتشاف المضادات الحيوية لكن هذه المرة بعد أن خسر الإنسان المناعة التي كانت له في السابق وبعد أن أضيفت إلى المشكلة مشكلات كبيرة تتعلق بتدهور بيئة العيش والنظام الغذائي وتعاظم مصادر التلوث. لكن فشل المضادات الحيوية يجب أن لا يعتبر بمثابة نهاية الطريق للطب المعاصر ولا ينبغي أن يكون مقدمة لكارثة بشرية لأننا ولحسن الحظ نمتلك بدائل متكاملة يمكنها أن تحل في مقاومة البكتيريا محل المضادات التي تتناقص كفاءتها العلاجية يومياً، وسنأتي على ذلك لاحقاً.
لكن لنطرح السؤال أولاً: كيف وصلنا إلى هذه الحالة اليائسة؟ وكيف تمكنت كائنات مجهرية دقيقة من أن تلحق الهزيمة بالعقل البشري وبأبرز العقول والمؤسسات العلمية والطبية؟

” الجراثيم ليس فقط تتعلم مقاومة المضادات الحيوية بل هي تتبادل المعلومات بشأنها إلى حد يجعلها تطوّر مقاومتـــها لمضادات حيوية قبل أن تصادفــه “

البكتيريا تربح الحرب
“منذ عام 1928 عندما اكتشف “الكسندر فلمنغ” البنسيلين، بدأ السباق بين الإنسان والميكروبات” يقول الدكتور ريتشارد وينزل من جامعة أيوا. إنه سباق يتغير فيه الرابح باستمرار فقد يكون هذا المضاد الحيوي أو ذاك اليوم لكن قد تصبح البكتيريا غداً هي الرابح عندما تتعلم كيفية إلغاء مفعول المضاد الحيوي وتتكيف بسرعة في معرض الاستجابة له.
في العام 1948، أي بعد خمس سنوات من انتشار استخدام البنسيلين خلال الحرب العالمية الثانية، اكتشف الأطباء “المكورات العنقودية” التي لم تستجب للدواء. لكنهم لم يتوقفوا عندها، بل اخترعوا مضادات حيوية جديدة أنقذت البشر من أمراض عديدة فتراجعت نسبة الوفيات على الأقل عند الأشخاص الذين بدأوا استخدام المضادات الحيوية قبل بدء الميكروبات بتطوير نظامها الحيوي الخاص. وقد ظن العلماء، في الثمانينات، أنهم استطاعوا احتواء كافة الأمراض المعدية، وبدوا مقتنعين بأن التحدي الكبير يكمن فقط في مواجهة الأمراض المستعصية والمزمنة كالسرطان وأمراض القلب، لكن نصرهم الطبي المزعوم أصبح وهماً في نظر الدكتور شيروين نولاند في كتابه “كيف نموت”.
أصبحت البكتيريا المسببة للأمراض قادرة على مقاومة مضاد حيوي واحد على الأقل من أصل مئة، في حين تقاوم أخرى كافة أنواع الأدوية والمضادات تقريباً.
كائنات ذكية في طرق تطورها
كيف تتطور البكتيريا لتصبح مقاومة للمضادات الحيوية؟
تطوّر البكتيريا مقاومات للمضادات الحيوية بالطريقة ذاتها التي جعلت الغزلان تزيد سرعتها لمواجهة الأسود والهرب منها. فعندما تعالج مستعمرة من البكتيريا بالدواء المناسب لها، تموت معظم البكتيريا متأثرة بالعلاج في حين تنجو قلة منها وتشكّل جينات مقاومة للدواء، تماماً كما تعيش بعض الغزلان بعد هجمات السباع لتنعم بيوم رعي آخر قبل أن تصبح مجموعة أخرى وجبة غذاء جديدة للأسود.

كيف يدافع الميكروب عن نفسه؟
هناك عدة أساليب تمكن البكتيريا من إبطال عمل المضادات الحيوية:
1. إذ يمكنها أن تفرز أنزيماً يؤدي إلى تفتيت الدواء كما يفعل الستافيلوكوكس مثلاً في تعطيل مفعول البنسيلين
2. يمكنها أن تغير جدار خليتها بحيث يتعذر على المضاد الحيوي اختراقه وبالتالي قتل الميكروب
3. يمكنها أن تحدث تعديلات في خصائص أخرى يستهدفها المضاد الحيوي فتعطل مفعوله
4. أخيراً يمكن للميكروب ببساطة أن يتخلص من المضاد الحيوي بضخه إلى خارج الخلية

جرثومة-الستافيلوكوكس-المسببة-للاتهاب-الرئوي-وتسمم-الدم-أصبحت-مقاومة-لأكثر-المضادات-الحيوية
جرثومة-الستافيلوكوكس-المسببة-للاتهاب-الرئوي-وتسمم-الدم-أصبحت-مقاومة-لأكثر-المضادات-الحيوية

بكتيريا الموت

بكتيريا ستافيلوكوكس أوريوس Staphylococcus aureus المسببة للإلتهاب الرئوي وبصورة خاصة لتسمم الدم الناجم عن الجراحات أصبحت مقاومة لكل أنواع المضادات الحيوية بإستثناء مضاد واحد هو الفانكومايسين Vancomycin لكن المصادر الطبية لا تخفي اقتناعها بأن هذا المضاد سيهزم قريباً وأن البكتيريا سيمكنها عند ذاك أن تتكاثر من دون عوائق على الإطلاق.

لكن يجب أن نذكر أنه وعندما كانت الحال كذلك ولم يكن للطب دفاعات ضد هذه البكتيريا فإن نسبة الوفاة في حالات الإصابة بها كانت تتجاوز الـ 80% . لذلك فإن ما يشغل بال المصادر الطبية هو ماذا لو تمكنت هذه البكتيريا من اكتساب المناعة إزاء الفانكومايسين آخر المضادات التي ما زالت قادرة على قتلها؟ السؤال في حد ذاته مخيف والجواب عليه يجب أن يثير الخوف أيضاً.

كيف-تنتشر-البكتيريا-المقاومة-للأدوية
كيف-تنتشر-البكتيريا-المقاومة-للأدوية

وعندما تفلح بكتيريا معينة في تطوير مقاومتها للمضادات فإن الجينات المتحولة تتكاثر بشكل سريع، وتنقل قدرتها على مقاومة الدواء أو العلاج (عبر الجينة المقاومة) الى كل الميكروبات الموجودة في الجسم حتى غير المرتبطة بالمرض منها. وقد ينتج عن تحول البكتيريا إلى مقاومة ما يقارب الـ16.7 مليون جينة خلال 24 ساعة. لقد تبين لنا أن هذه البكتيريات تطور نفسها من أجل اكتساب خصائص مناعة تتغلب بواسطتها على أفضل العقاقير الصيدلانية التي يقدمها الطب الحديث مما جعلها تكسب المعركة بدون أي شكّ.
الأغرب من ذلك، هو أن البكتيريات لا تكتفي فقط بتطوير دفاعاتها بل هي “تتبادل المعلومات” مع أنواع أخرى وتنقل خبرتها لتلك الميكروبات، وهي تقوم بذلك عن طريق إفراز مكون كيميائي يحفّز الخلايا البكتيرية على التقارب في ما بينها وتبادل الجينات المقاومة للدواء، وبهذه الطريقة السهلة، اكتسبت بكتيريا “الكوليرا” صفة المقاومة للتتراسيكلين من بكتيريا “إي كولاي” الموجودة في أمعاء الإنسان. وبصورة عامة فإن استخدام المضادات الحيوية عزز قدرة البكتيريا على التكيّف مع مختلف أنواعها في عملية تكيف وتحول Mutation لا مثيل لها في سجل التاريخ البيولوجي بحسب ما ورد في كتاب الدكتور ستيوارت ليفي “The Antibiotic Paradox” .
لقد برهنت البكتيريات المختلفة على كونها أشبه بشياطين صغيرة ذكية وأظهرت قدرة هائلة على المراوغة والتطور بطرق لم يتوقعها العلماء أبداً. لقد تبين أن الجراثيم ليس فقط تتعلم مقاومة المضادات التي تتعرض لها بل إنها قد تكتسب مقاومة لمضادات حيوية لم تصادفها مطلقاً من قبل. فالنساء اللواتي يحصلن على التتراسيكلين لالتهاب المسالك البولية مثلاً، طورت جرثومة إي كولاي E-coli مقاومتها لمضادات حيوية أخرى لم تعرفها من قبل! وكأنّ البكتيريا أصبحت تتوقع نوع الهجمات التي يمكن أن تتعرض لها وتستعد بالتالي «استراتيجيّاً» لمواجهة أدوية ذات وظائف متقاربة عند مواجهتها لنوع واحد فقط منها.
أكثر من ذلك، لقد ثبت أن بكتيريا معينة تعلمت كيف تقاوم مضاداً حيوياً يمكّنها من أن تنقل خبرتها لبكتيريا من نوع آخر فتصبح هذه الأخيرة مقاومة لنفس المضاد الحيوي قبل أن تصادفه. يحدث ذلك عندما تقوم البكتيريا التي اكتسبت القدرة على مقاوِمة المضاد الحيوي بصنع نسخة من حلقة الحمض النووي الذي يحتوي على جينات المقاوَمة، وعندما تلامس هذه البكتيريا المقاومة جرثومة أخرى فإنها تقوم بنقل تلك الحلقة من الحمض النووي المقاوم عبر جدار خليتها إلى البكتيريا الأخرى، فتصبح البكتيريا الثانية بدورها مقاوِمة للمضاد الحيوي نفسه دون أن تكون قد تعرضت له أصلاً، وذلك بمجرد امتصاصها للجينة المقاومة في جرثومة أخرى اكتسبت تلك الصفة، وهذا يعني أنه في إمكان بكتيريا مسببة لمرض معين تعلمت أسلوب مقاومة المضادات الحيوية أن تنقل خبرتها بواسطة الملامسة أو الاحتكاك الجيني إلى سلالات أخرى من البكتيريا وهذه «التحالفات» التي تحصل بالصدفة بين أنواع البكتيريا تزيد في تعقيد الحرب التي تخوضها شركات الأدوية ضد البكتيريا المكتسبة لصفة المقاومة وهي حرب يبدو، حسب كل الدلائل، أن شركات تصنيع الأدوية شارفت على خسارتها.

الطب الحديث في مأزق
من مفارقات الحرب على البكتيريا أن الأطباء -والمرضى أنفسهم- وبسبب اعتمادهم شبه الوحيد على اكتشاف المضادات الحيوية والتطبيق المتزايد لأنواع جديدة منها كلما فشلت القديمة ساهموا من دون وعي في صناعة «فرنكشتين» من نوع خاص هو البكتيريا التي لا تقهر أو السوبر بكتيريا Superbug المسببة لشتى الأمراض، وهذه الأمراض لم تكن كلها أمراضاً خطرة بل «تحديات» دورية تواجه جهاز المناعة الإنساني وتساهم في تجديده وكانت البدائل الطبيعية وجهاز المناعة البشري يتمكنان في الماضي من التصدي لها لكن مع تردي جهاز المناعة وانهيار الدفاعات الطبيعية للجسد وتطور البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية أصبحت الأمراض العادية عامل تهديد حقيقياً للصحة وبات ممكناً أن تتطور إلى حالات مميتة.

كيف وصلنا إلى الكارثة؟
يمكن القول إن الكارثة التي تواجه السلطات الصحية والأطباء وشركات الدواء والتي تواجه المرضى ما هي إلا نتيجة لمجموعة من العوامل التي ساهمت كل على طريقته في إضعاف عمل جهاز المناعة الذي أودعه الله في الجسد البشري مما يجعل الصحة البشرية اليوم مكشوفة لهجمات مختلف أصناف البكتيريا التي تعلمت كيف تهزم دفاعاتنا الأساسية مما يفتح الطريق أمام تكاثرها دون رادع وتدميرها لأعضاء الإنسان الحيوية، وقد تتمكن هذه الكائنات المجهرية في نهاية الأمر من قتله. ما هي العوامل التي ساهمت في إيصالنا إلى الأزمة؟

الإفراط في استخدام المضادات
إن السبب الأهم لتطور مقاومة البكتيريات المختلفة للمضادات الحيوية هو الاستخدام المفرط وسوء الاستعمال، يقول الدكتور سرينيفاسان إن ما يقارب نصف المضادات الحيوية المستخدمة إما أنها تعطى من دون حاجة لها أو أن المرضى يستخدمون الأنواع الخاطئة منها لمعالجة أمراضهم. وفي كثير من الحالات يقوم الطبيب بوصف المضاد الحيوي دون أن يتأكد إذا كان المرض مسبباً من بكتيريا أو من فيروس، ومعروف أن المضاد الحيوي لا يؤثر في الفيروسات بل يمكنه فقط أن يقتل البكتيريا. وبالطبع كلما ازداد استخدام الجسم للمضادات كلما أعطيت البكتيريات المختلفة الفرصة لتطوير قدرتها على مقاومة تلك المضادات وقد وصلنا الآن إلى وضع بات الطبيب المعالج يضطر فيه إلى استخدام أكثر من مضاد أو تجربة ثلاثة أو أربعة أو خمسة مضادات لأن الفحوصات تدله على أن الأول أو الثاني أو الثالث كلها لم تتمكن من قتل البكتيريا وأن البكتيريا مستمرة في التكاثر بصورة تهدّد حياة المريض.

دور التصنيع الواسع للغذاء
العامل الثاني الأهم في تطور مقاومة البكتيريا للمضادات هو الاستخدام الواسع للمضادات الحيوية في العديد من الصناعات الغذائية مثل اللحوم والطيور وإنتاج الحليب، وتشير إحصاءات نشرتها مجلة «نيوزويك» إلى أن الصناعات الغذائية الحيوانية تستخدم من المضادات الحيوية كميات تبلغ 30 ضعف ما يستخدم في الطب البشري. وكل هذه الصناعات باتت تعتمد على إدخال المضادات الحيوية بصورة منهجية ضمن الأعلاف التي تعطى للحيوانات، ويستعمل نحو 80% من إجمالي المضادات الحيوية لأغراض غير علاج الأمراض، مثل جعل الحيوانات تنمو بسرعة أكبر، لكن الذي يحصل هو أن رواسب المضادات الحيوية وكذلك البكتيريات التي تكون قد اكتسبت المقاومة داخل الحيوان المعالج بالمضادات تدخل جسد الإنسان عبر تناول اللحوم أو الألبان وغيرهما وهذا يعني أننا نتناول المضادات الحيوية يومياً مع طعامنا وإننا بسبب ذلك نخسر مناعتنا الطبيعية باستمرار بحيث أصبحنا ضعفاء وبلا حماية حقيقية عندما تهاجمنا تلك الجراثيم التي تعلمت سبل تعطيل مفعول مختلف المضادات التي قد يسارع الطبيب لمعالجتنا بها.
رغم كل الدلائل على خطورة إضافة المضادات الحيوية إلى علف الحيوانات فقد تراجعت إدارة الغذاء والدواء FDA الأميركية مجدداً عن سحب موافقتها على استخدام تلك المضادات الحيوية في صناعات اللحوم والألبان، وذلك بتأثير الضغوط الهائلة التي يمارسها اللوبي الذي يضم تلك الصناعات ومؤيديها من السياسيين. بذلك أعطت
الـ FDA صفة الشرعية والقانونية لأحد أخطر الممارسات التي تهدد صحة الفرد والمجتمع في الولايات المتحدة معطية الأفضلية لمصلحة الشركات المصنعة على حساب صحة المستهلك وأسرته وأطفاله.

الهندسة الجينية للمحاصيل
لا توجد دراسات معمقة عن الآثار الصحية الناجمة عن تناول الأغذية المعدلة جينياً لكن الدراسات الأولية التي أجريت خصوصاً في أوروبا أظهرت وجود صلة بين تناول تلك الأغذية وزيادة احتمال الإصابة بأمراض المناعة والسرطان، لذلك منعت السلطات الأوروبية الأغذية المعدلة جينياً في أسواقها وفرضت في حالات أخرى لصق معلومات صريحة تشير إلى احتواء السلعة الغذائية على مكونات معدلة جينياً.

معظم-مبيعات-المضادّات-الحيوية-تذهب-إلى-قطاع-اللحوم
معظم-مبيعات-المضادّات-الحيوية-تذهب-إلى-قطاع-اللحوم

 

وتشير الدراسات الأوليّة إلى أن الهندسة الجينية للكثير من الأغذية الأساسية للإنسان تساهم في زيادة مشكلة المناعة لأنها تمكن البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية من إرسال الصفات الجينية المقاومة إلى نظامنا المعوي مقدمة بذلك دعماً كبيراً للبكتيريا وموفِّرة لها البيئة الأمثل لتعلم سبل جديدة لمقاومة المضادات وبقية العلاجات.

أسلوب الحياة المعاصرة
أدى أسلوب الحياة المعاصرة في المجتمعات الحديثة وخصوصاً في المدن إلى ابتعاد الإنسان عن الطبيعة والعمل في الأرض كما ولد ضغوطاً هائلة في مكان العمل أو في البيوت بسبب الانعكاسات النفسية والعصبية الناجمة عن الأزمات الاقتصادية وتفكك الأسر والعلاقات، وقد أثبت الطب الحديث أن الضغوط النفسية والأزمات وحالات الإكتئاب والإرهاق والخوف من المستقبل هي أهم أسباب تراجع نظام المناعة في الإنسان وأنها بصورة خاصة أحد أهم أسباب الانتشار المتزايد لأمراض السرطان. بالمعنى نفسه فإن ضغوط الحياة المعاصرة هي من العوامل الإضافية التي تمكّن البكتيريا من العمل بفعالية أكثر على مقاومة المضادات وإحداث الأضرار في صحة الفرد والصحة العامة.

خيارات متناقصة
إن تزايد البكتيريا والجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية يزيد من خطورة الوضع، إذ ينذر بأن البشرية ستجد نفسها قريباً وقد عادت إلى العصر السابق لاكتشاف المضادات الحيوية. سبب ذلك أن معظم تلك الأدوية والعلاجات أصبحت غير نافعة للإنسان مما يضع البشرية في خطر محدق. في هذه الأثناء، وكحل مؤقت، تركز شركات الأدوية على تحسين قدرة المضادات الحيوية على إبطال دفاعات الجراثيم كأن يطلق الدواء أنزيماً يقتل أنزيم المقاومة الذي تفرزه البكتيريا. وقد نجحت الشركات في حالات معينة لكن البكتيريا عادت فأنتجت أنزيماً جديداً أبطل مفعول الدواء. لهذا السبب تعتقد الأوساط العلمية أن أسلوب تحسين القوة الهجومية للمضادات قد تكسبنا بعض الوقت في الحرب مع البكتيريا ربما خمس أو عشر سنوات لكن البكتيريا أثبتت أنها قادرة على التفوق وكسب الجولة الأخيرة.

في المقابل، فإن بعض الشركات تركّز أبحاثها الآن على فهم آليات الدفاع التي تستخدمها البكتيريا ووسائل التواصل وتبادل المعلومات في ما بينها والهدف هو التشويش على تلك العملية مما قد يجعل البكتيريا مكشوفة مجدداً لعمل المضادات والأدوية الأخرى. على سبيل المثال اكتشف العلماء في بريطانيا طريقة تواصل البكتيريا في ما بينها، وهم يتحققون من طرق تعطيل هذه العملية مما يحول دون قدرة المجموعات البكتيرية على التواصل وإحداث الضرر أو نقل العدوى. كذلك، يعتقد العلماء أن هذه العملية قد توصل إلى مضادات حيوية لا تقتل البكتيريا بالضرورة لكن قد تضعف فعاليتها وتبطل قدرتها على التسبب بالمرض.
كن طبيب نفسك
يتضح لنا مما سبق أننا في مأزق حقيقي وأن علينا أن نقوم بخطوات أساسية لتأمين حماية صحتنا وصحة أطفالنا إزاء المخاطر المحدقة. إذا كان الاعتماد على المضادات الحيوية لم يعد ممكناً فإن علينا أن نقرر ما يمكن أن نفعله نحن على سبيل الوقاية وتعزيز جهاز المناعة الذاتية بحيث نصبح أقوياء في مواجهة تلك الجراثيم وبحيث نمكّن آلة الجسد العجيبة من القيام بدورها الدفاعي الذي خلقت من أجله. لنأخذ مثلاً تناول اللحوم والألبان من السوق. إن معظم هذه اللحوم كما يتبين لنا محشوة بالمضادات الحيوية وربما بالبكتيريات المقاومة للعلاجات والأدوية. إن أول أمر يمكن أن نقوم به هو ببساطة الامتناع عن تناول اللحوم التي لا نتأكد أن مصدرها منزلي أو أنها عضوية. قد يكون ذلك صعباً لأن السوق مغرق بتلك المنتجات غير الصحية لكن في إمكان الكثيرين ممن يعيشون في المناطق الجبلية القيام بتربية الطيور والدجاج البلدي أو تربية الأغنام والعجول وفق الطريقة الطبيعية التي لا تتضمن التغذية بالهرمونات أو بالمضادات الحيوية. أضف إلى ذلك أنه في إمكان بعض رجال الأعمال أن ينشئوا صناعات للحوم بالطريقة العضوية والطبيعية أو أن ينشئوا مزارع الطيور التي تربى بصورة طبيعية ولا يدخل في علفها المضادات الحيوية، لأن الطلب سيكون موجوداً في هذه الحال خصوصاً إذا كان الفارق بين المنتج الصحي السليم وبين منتجات المزارع الحديثة والصناعات الغذائية ليس كبيراً.

مضادات حيوية من كل الأصناف، هل فقدت فعاليتها؟
مضادات حيوية من كل الأصناف، هل فقدت فعاليتها؟

” شتى أنواع المضادات الحيوية في علف الحيوانات تنتقل إلى أجسادنا وتضعف جهاز المناعة لدينـــا عند تناولنا لحومها وألبانهــا  “

تربية-الأبقار-على-الأعشاب-فتوفر-لحوما-وألبانا-صحية-وغير-ملوثة-بالمضادات-الحيوية
تربية-الأبقار-على-الأعشاب-فتوفر-لحوما-وألبانا-صحية-وغير-ملوثة-بالمضادات-الحيوية

إن النظام الغذائي هو الأساس وهو المنطلق لإعادة بناء جهاز المناعة في جسدنا ولا بدّ من العمل سريعاً على تنظيف جسدنا من ترسبات المضادات الحيوية وربما البكتيريات المقاومة التي تختبئ في جسدنا. بذلك فقط نضمن حماية نظام المناعة من التعرّض للمضادات الحيوية مهما كانت ضئيلة ونضمن بالتالي عدم إضعاف قدرتنا على مقاومة الهجمات البكتيرية، لأن التعرض المستمر عبر الغذاء إلى ترسبات المضادات الحيوية هو الذي يسمح للبكتيريا بتطوير أشكال مقاومة تضعف قدرتنا على مجابهتها حتى بواسطة أكثر المضادات الحيوية قوة.

عودوا إلى الطبيعة
تزخر الطبيعة الأم بالكثير من الأعشاب والمكونات الحية التي تصلح لأن توفِّر العلاج الشافي للعديد من الأمراض. إن مضادات الميكروبات كثيرة في الطبيعة مثل الثوم، والصعتر والقرفة وعسل المانوكا والبكتيريات النافعة لتنشيط الجهاز الهضمي Probiotics والأطعمة المخمرة (المخلّلات) وأشعة الشمس والفيتامين D كل هذه خيارات يجب تجربتها قبل اللجوء إلى الأدوية بما في ذلك المضادات الحيوية خصوصاً وأن البكتيريا لا تميل الى تطوير المقاومة لهذه الأنواع من العلاجات، لأن الطبيعة هي ربما أذكى مما نتصور عند الحديث عن توازن الجسد ونعمة الصحة التي وضع الله قواعدها في جسدنا منذ فجر البشرية.
المفتاح الأساسي لحفظ صحة جهاز المناعة هو الخيارات الصحيحة لأسلوب الحياة مثل اتباع نظام غذائي سليم وممارسة الرياضة، كذلك يجب التأكد من تناول الأطعمة الكاملة (حبوب ولحومات ونباتات)، وبهذا لن نكون بحاجة الى تناول المضادات الحيوية لأن نظام المناعة القوي والنشط في جسمنا سيقوم بدوره كاملاً وسيتولى حماتنا من هجمات الجراثيم.

زراعة الكرمة في لبنان

شجرة الكرمة أميرة المواسم

وركن الدار وفاكهة الضيافة

 

زراعة العنب قديمة تعود إلى العصر الحجري
ويوجد منه اليوم عشرة آلاف نوع في العالم

أفضلها اقتصادياً ما يزرع على ارتفاع يقل عن 1000م
لأن إنتاجه المبكر يسبق عنب المناطق الباردة إلى السوق

أهم عناصر نجاح الكرمة تربة جيدة الصرف
والضوء الساطع للشمس يزيد حلاوة العناقيد

العنب مصدر أساسي للفيتامين C وفيتامين K2
وسكره ليس عالياً لكن لا ينصح به لمرضى السكري

إنها “العريشة” كما كنا نعرفها كأولاد. في جانب دار البيت سقالة من أعمدة السنديان ركبت بطريقة بسيطة، قبل أن نتطور إلى مرحلة سقائل الحديد، وعليها كرمة تظلل الدار وتجود بأنواع العنب الحلو لأهل البيت وخصوصاً للضيوف. يذكر كبار الأسرة أن عنب الدار كان خالياً من أي آفة من دون حاجة لأي مكافحة، وكان الناس لا يعرفون شيئاً عن آفات العنب قبل أن يأتي وكلاء الشركات الأجنبية ويبدأوا في ترويج الأسمدة الكيميائية ثم أنواع المبيدات. في مرحلة تالية كان الكبريت الأصفر كل ما نعرفة عن وسائل مقاومة الفطريات ولا سيما الرمد.
لكن عريشة الدار لم تكن سوى جزء مكمّل من اقتصاد البيت ولوازم الضيافة. فقد كان الجبل، عدا ذلك عامراً بالكروم، وكانت نواطير الكروم ظاهرة عامة في القرى فكان كل جانب من القرية يعتبر “منطرة”، أي منطقة لها ناطورها لكثرة ما كان ينتج من العنب، وقد اختفى كل ذلك الآن، بعد أن هجر المزارعون الأرض إلى وظيفة حكومية في المدينة أو إلى باب رزق في بلاد الله الواسعة. هناك بالطبع عودة تدريجية لمشاريع العنب في لبنان في أكثر من منطقة، إذ أدرك العديد من المستثمرين أنها استثمار جيد جداً وتدر أرباحاً بالطبع إذا تمت العناية بها، وفقاً للأصول العلمية وقواعد الزراعة الحديثة. وفي لبنان أكثر مشاريع العنب الحديثة تنتج لصناعات النبيذ، الذي يُصدّر قسم كبير منه إلى الخارج. أما في مناطق راشيا وغيرها حيث يعتبر استخدام العنب لإنتاج الكحول حراماً، فإن المزارعين وجدوا باب رزق جيداً عبر تصنيع العنب دبساً شهياً، وهم يحققون أسعاراً جيدة بسبب الطلب المتزايد على الدبس المصنّع بالطرق التقليدية.
في هذا الفصل الموجز تعريف بشجرة الكرمة وأسلوب زراعتها والعناية بها، والأصناف الاقتصادية منها، والاحتياجات البيئية للكرمة، والآفات التي قد تصيبها وطرق مكافحتها.

من أين جاءت
يعتقد أن العنب هو أقدم الفواكه التي زرعت في التاريخ، وتدلّ المعطيات أن زراعة الكرمة إنتشرت على الكرة الأرضية في أوقات مختلفة، وأن موطنها الأصلي هو آسيا الوسطى وحوض البحر الأبيض المتوسط. ويقول العالم نيكرول إن زراعة الكرمة كانت مرافقة للإنسان حتى في العصر الحجري، كما أن الرسومات والنقوش الموجودة على مقابر الفراعنة تدلّ على قدم هذه الزراعة في منطقة الشرق الأوسط، حيث قام المصريون بزراعة الكرمة منذ أكثر من 5000 سنة قبل الميلاد، وإزدهرت هذه الزراعة في منطقة ما بين النهرين منذ 3500 سنة قبل الميلاد، وإنتقلت الى اليونان قبل أكثر من 2000 سنة قبل الميلاد. وقد عمل الإغريق على تحسين أنواع الكرمة بزراعة بذور ثمار العنب وإنتاج أصناف جديدة خلال القرنين الرابع والخامس قبل الميلاد، وأدخل الإسبان والبرتغاليون زراعة الكرمة الى أميركا الجنوبية في أواسط القرن السابع عشر، ثم أدخلها البريطانيون الى الولايات المتحدة الأميركية قبل الاستقلال، وفي يومنا هذا، تعدّ إيطاليا أكبر منتج للعنب في العالم (8,5 ملايين طن)، وتليها الصين، فالولايات المتحدة ثم فرنسا فإسبانيا، فتركيا.

مواصفات أشجار الكرمة
تتبع الكرمة عائلة الفيتاسيا (Vitaceae) وتتصف أشجار أو شجيرات الكرمة بتسلقها على بعض الأشجار الحرجية أو الدعائم المصنوعة من الجدران الصخرية أو أغصان الأشجار، وحديثاً تصنع الدعائم من الحديد المقوى وتربط بالأسلاك لتصبح المسند الذي تلقي عليه أشجار الكرمة فروعها وعناقيدها، ومنها الذي يستلقي على الأرض مباشرة (رُجم)، أي مجموعة من الأحجار الصغيرة الموضوعة حول كعب الشجيرة، هذا في الأصناف القديمة، مثل المقساسي، البياضي، الجوزاني، اللوّل حاله، القزازي، العاصمي، الحلواني، الأسود الطويل… أما الأصناف الحديثة نوعاً ما، فتستلقي على الخيم السلكية المسماة بالسقائل، مثل الحيفاوي أو المغدوشي، التفيفيحي، البيتموني، الممسّك، الصلتي، الكاردينال، البلدي، الأسود المدور، الأسود الديراني..إلخ.

اختيار الأصناف الإقتصادية المراد زرعها:
يوجد أكثر من 10 آلاف نوع من أنواع العنب حول العالم، وعند استعراض أصناف الكرمة من حيث الإنتاج الإقتصادي فإنها تنقسم الى أربع مجموعات:
1. عنب المائدة: حباته تتميز بلون فاقع وتكون كبيرة الحجم وحلوة المذاق، وتوجد منه أصناف عديدة أهمها صنفان هما: (توكي) وتنمو ثماره على عناقيد كبيرة وتكون حمراء اللون، و”الإمبراطور” وهو العنب الأسود الحلو المذاق. وهناك أصناف أخرى لعنب المائدة منها “بيرليت”، وهو ذو لون أبيض مائل للخضرة وعديم البذور، “فليم” وهو أيضاً عديم البذور ولكن أحمر اللون. ومن أهم دول العالم المنتجة لعنب المائدة جنوب أفريقيا والدول الآسيوية كالهند والفيليبين وتايلاند وتايوان.
2. عنب الزبيب: تكون السمة المميزة لعنب الزبيب عديم البذور، قشرته ناعمة بعد تجفيفه، وأكثر أصنافه شهرة “طومسون” ويمتاز بلونه الأخضر المائل للون الذهبي الفاتح. وهناك أصناف أخرى من هذا النوع مثل البناتي الأبيض، بلاك مونيكا.
3. عنب النبيذ والخل: من أهم خصائصه إحتواؤه على نسبة كبيرة من السكريات الطبيعية وأحماض الفاكهة، ومعظم ثمار العنب التي تستخدم في صناعة النبيذ متوسطة الى صغيرة الحجم. ومن أهم أصنافه موسكات أبيض، سوفينيون، شاردونيه.
4. عنب العصير: أفضل الأصناف التي يمكن عصرها هي الكونكورد الأميركي الذي يتصف بطعمه الجيد وعصيره الحلو وبحفظه على صفاته الطبيعية هذا اذا ما تعرّض للتعقيم والتخزين.
اختيار الموقع المناسب
إن إختيار الموقع المناسب لزراعة الكرمة يتطلب معرفة إحتياجاتها المناخية، لأن شجيرات الكرمة تنمو وتعطي مردوداً إقتصادياً جيداً في المناطق الواقعة على ارتفاعات تتراوح ما بين 400 و 1000 متر عن سطح البحر، كما أنها تعطي إنتاجاً وفيراً في المناطق التي يزيد إرتفاعها على 1000 متر، ولكن تنضج الثمار في وقت متأخر مما يؤدي الى إنخفاض سعرها في السوق.

قابلية الأرض للإستصلاح:
يجب التأكد أولاً من أن الأرض المراد غرسها بأشجار الكرمة جيدة الصرف، لا تتجمع فيها مياه الأمطار على شكل مستنقعات صغيرة لأن ذلك يؤدي الى عدم نجاح الأشجار بشكل عام.
يجب أن تكون التربة عميقة صالحة للزرع وغنية بالمواد الغذائية.
أن لا تكون أشجار الكرمة معرّضة للرياح والصقيع أثناء فترة تفتح براعمها وإزهارها.
يجب أن تزرع أشجار الكرمة في مساطب على شكل مدرجات، وإذا كانت الأرض منحدرة يجب أن تنقب خلال شهري آب وأيلول، بعد تدني نسبة الرطوبة من الأرض وقبل هطول الأمطار لضمان عدم إستمرارية النباتات البرية المعمرة، وعدم تكتل التربة في حالة الرطوبة المرتفعة.
إعداد التربة: تنقب الأرض على عمق حوالي 70 سم، تنظف من الصخور والأحجار الكبيرة الحجم (للإستفادة منها في أغراض أخرى)، وتتم إزالة النباتات وجذور الأشجار البرية الكبيرة إن وجدت، وتقام الجدران في حال كانت الأرض منحدرة. تحرث الأرض بواسطة الجرار (سكة جنزير) حراثة متوسطة على عمق حوالي 35 سم. تساعد هذه الحراثة على رفع ما تبقى من أحجار متوسطة وصغيرة الحجم وتسوية سطح التربة نوعاً ما، ثم تفرم بواسطة الفرامة (العزاقة) لتكسير وتنعيم وتسوية سطح التربة.
تخطيط الأرض: يتم تقطيع أو تقسيم الأرض الى خطوط مستقيمة مع تحديد موقع الغراس مع الأخذ في الإعتبار المسافة بين الشجرة والأخرى، وبين الخط والخط، بالإضافة الى وضع السنادات أو أعمدة السقائل هذا في الزراعة المتسلقة. إن أفضل وأنسب الأشكال الهندسية لزراعة أشجار الكرمة هي المثلث والمربع. فإذا كان الشكل المعتمد من قبل المزارع هو المربع، تكون المسافة بين الشجرة والأخرى مترين، وبين الخط والآخر 3 أمتار لتسهيل عملية الحراثة والتعشيب والقطاف وغيرها من أعمال زراعية أخرى، أما إذا كان الشكل المعتمد هو “المثلث”، وهو المفضل كونه يتسع لعدد أكبر من الأشجار، تبقى المسافة بين الشجرة والأخرى نفسها بينما تنخفض المسافة بين الخط والآخر الى حوالي 2,5 متر. تحفر الجور في المكان المحدد لها على عمق 50 سم وعرض 40 سم، ويتم وضع كيلوغرام واحد تقريباً من السماد العضوي المخمر في قاع كل حفرة بالإضافة الى حوالي 100 غرام من السوبر فوسفات الثلاثي، علماً أن الثلاثي هنا أفضل من الآحادي، لأنه مقوٍ للمجموع الجذري على أن يتم خلطه جيداً بالتراب في قاع الحفر قبل إنزال الغراس.
أما في غرس شجيرات الكرمة، فمن الأفضل أن يكون خلال شهري كانون الأول والثاني، أي بعد تساقط أوراقها، مع مراعاة منطقة الإتصال بين الطعم والأصل على مستوى سطح التربة حتى نمنع حدوث إنبات فروع من الأصل إذا ما كان مرتفعاً عن سطح التربة، وعدم السماح للطعم من إنبات الجذور إذا ما طمرت منطقة الطعم تحت سطح التربة، ذلك يؤدي الى عدم مقاومتها للأمراض والجفاف وعدم قدرتها على تكوين مجموع جذري كبير.

تربية-الكرمة-بطريقة-السقائل
تربية-الكرمة-بطريقة-السقائل

“شجيرات الكرمة تنمو في درجة حرارة تزيد على 25 درجة مئوية ولا تقل عن 15 درجة مئوية والصقيع الشديد يؤذيها”

الإحتياجات البيئية للكرمة
الحرارة: تعتبر درجة الحرارة من أهم العوامل المناخية تأثيراً في نجاح زراعة الكرمة، لأن شجيرات الكرمة تنمو في درجة حرارة تزيد على 25 درجة مئوية ولا تقل عن 15 درجة مئوية. ويسبّب إنخفاض الحرارة إلى درجة الصفر في مرحلة السكون والراحة، أثناء فصل الشتاء، أضراراً بالغة لنبات الكرمة خصوصاً إذا طالت مدة الإنخفاض. أما في مرحلة النمو والإزهار فتحتاج شجرة الكرمة الى حرارة تزيد على 12 درجة مئوية، وتتعرض نباتات الكرمة، في المناطق التي ترتفع فيها الحرارة عن 35 درجة مئوية لفترة طويلة، لأضرار في النمو الخضري والثمار أو العناقيد.
وإذا زادت الحرارة كثيراً عن ذلك، يصاب النمو الخضري بأضرار عديدة. لذلك، إن معدلات الحرارة في السنة تلعب دوراً مهماً في اختيار أصناف العنب التي يتم زرعها لأن لكل منطقة وارتفاع ومعدلات حرارة أصنافاً تناسبها، وقد وجد مثلاً أن زراعة الكرمة في المناطق ذات الصيف الطويل تؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر في الثمار لدرجة تسمح بتجفيفها لإنتاج الزبيب، كما أن لشدة الضوء أهمية خلال موسم النمو، حيث لوحظ أنه في المنطقة ذات الشمس الساطعة تقل الحموضة في الثمار ويزيد محتواها من السكريات، مما يكسبها صفات جيدة ومرغوبة.
الرطوبة: إن اشجار الكرمة لا تحتاج الى رطوبة مرتفعة لأن إرتفاع الرطوبة الجوية في وقت الإزهار يؤدي الى سقوط الكثير من الأزهار وتكوين ثمار صغيرة تعجز عن النمو وتعرف بالحصرم، وهو ما يلاحظ في المناطق التي يسودها الضباب والغيوم في موسم الإزهار.
وبالإضافة إلى ذلك، ينجم عن إرتفاع الرطوبة الجوية أثناء موسم النمو الصيفي، إنتشار للأمراض الفطرية مثل البياض الدقيقي والعفن الأسود. أما رطوبة الأرض المغروسة بها الكرمة فمن الأفضل أن تكون 60 في المئة كمعدل وسطي، والرطوبة المثلى للنمو الخضري هي حوالي 50 في المئة.
الضوء: أشجار الكرمة تحتاج الى الضوء كما غالبية أشجار الفاكهة، فالضوء يساعد الكرمة على عملية التمثيل الضوئي الذي يكسب النبات اللون الطبيعي والنضارة والقوة، لذا يجب الإبتعاد عن الأراضي المظللة من الأشجار الكبيرة والمباني الشاهقة والغابات والوديان.
التربة: تنجح زراعة الكرمة في مختلف أنواع الأتربة والفقيرة نوعاً منها، أما التربة التي تكون رطوبتها أو حموضتها مرتفعة فهي غير صالحة لزراعة الكرمة، كما أن الأراضي الثقيلة تؤدي إلى تدني المحصول ونقص السكريات في ثمار العنب وزيادة في نسبة الحموضة. وتحتاج الكرمة إلى تربة جيدة التهوئة. وتؤدي إضافة الأسمدة العضوية جيدة التحلل إلى تحسين تهوئة التربة عند الري بالطرق الصحيحة، كما يؤدي ذلك أيضاً إلى الإقلال من التأثير الضار لأملاح التربة، والتي تنتج عن أملاح الصوديوم (كربونات الصوديوم)، وكذلك أملاح كلوريد الصوديوم. أما أفضل أنواع الأتربة لزراعة الكرمة فهي الرملية الطينية والمختلطة.
الري: إن نبات الكرمة لا يحتاج الى ري بشكل عام خاصة إذا كانت مطعمة على أصل بذري وفي المناطق التي لا تقل نسبة الأمطار فيها عن 600 ملم سنوياً، نظراً إلى تكوين مجموع جذري كبير وقوي يتغلغل بين حبيبات التربة الى أعماقها بحثاً عن الرطوبة والمواد الغذائية. أما إذا كانت نسبة الأمطار أقل من النسبة المذكورة أعلاه، فمن الضروري دعم الأشجار بمياه الري تجنباً لتدني الإنتاج والنوعية.
التسميد: للأسمدة العضوية فوائد عديدة منها الحفاظ على رطوبة التربة وتحسين خواصها، وهي الحاضنة الوحيدة لتكاثر الكائنات الحية الدقيقة في التربة، والتي تساعد على تفكيك وتحليل السماد وتحوله إلى غذاء قابل للإمتصاص من قبل جذور النبات، إضافة الى نسبة الآزوت التي تحتويها. بعد وضع السماد في الحفر المهيَّأة وزرع شتول الكرمة، يستحسن انتظار ثلاث سنوات قبل تسميدها ثانية بالأسمدة العضوية، وذلك لكي يسمح بتعمق جذور الغرسة في عمق التربة، وحتى لا يؤدي الاستخدام المبكر للسماد إلى تشجيع الجذور على النمو والتكاثر باتجاه سطح التربة.
الإكثار: تتكاثر الكرمة بطرق عدة أهمها: البذور، العُقل، التطعيم والتدريخ (الترقيد). يستخدم التكاثر بالبذرة لأعمال التأصيل والتهجين لتحسين نوعية الكرمة وإنتاج أصناف جديدة. التكاثر بالعُقل يكون من نباتات الكرمة (الأمهات) التي تتصف بإنتاجية وجودة عالية ومرغوبة في السوق المحلية ومقاومة للآفات الضارة، وذلك عبر أخذ العُقل بعمر السنة من الشجيرات بطول حوالي 50 سم ثم تجمع على شكل حزم وتحفظ في غرف مظلمة بعد تعقيمها في محلول النحاس (الجنزارة) بنسبة 3 في المئة لوقايتها من الأمراض الفطرية. وبعد جفافها من المحلول، تطمر في الرمل الرطب على حرارة 5 درجات مئوية تقريباً، لتشجيع نمو الجذور. وعند تحضير أرض المشتل، تنقل اليها لتزرع بشكل مائل على أن تبقى فوق سطح التربة برعمة أو إثنتان من العقل، ولا ننسى وضع السماد العضوي قبل الزرع.
تطعيم الكرمة: يتم تطعيم الكرمة بواسطة القلم على طريقتين: الشق والإنكليزي. تطعيم الشق يتم للكروم الكبيرة نوعاً ما، بقطع الشجرة أفقياً وشقها بطول 3 الى 4 سم وتحضير أقلام المطاعيم بطول حوالي 15 سنتمتراً. وتجذف أسفل القلم بواسطة سكين التطعيم الحاد بطول حوالي 3-2 سم على أن يكون أسفل المطعوم سماكة صفر صعوداً الى سماكة القلم، ووضعه في الكرم المقطوع أفقياً والمشقوق مع مراعاة إلتصاق قشرة القلم والمطعم عليه. أما التطعيم الإنكليزي، فغالباً ما يتم على الطاولة في مراكز تكاثر الكرمة بواسطة آلات خاصة (أنثى وذكر) على أن يكون القلم والمطعوم في السماكة نفسها. الترقيد يتم بطمر فرع من الأمهات في التراب على أن يبقى متصلاً بالأم ليتم فصله في الموسم الثاني ويغرس كنبتة مستقلة ويتبع مواصفات الأم نفسها من حيث الإنتاج وغيره.

سهول-مزروعة-بالعنب-في-أيطاليا-أكبر-منتج-للكرمة-في-العالم
سهول-مزروعة-بالعنب-في-أيطاليا-أكبر-منتج-للكرمة-في-العالم

العنب في العالم

يجنى من العنب كل عام قرابة الستين مليون طن متري في كل أنحاء العالم. وطبقاً لبيانات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، فإن قرابة 75,866 كلم من أراضي العالم تزرع بكروم العنب، غير أن أغلب هذا المحصول يستخدم في صناعة الأنبذة، وذلك بقرابة %80 من المحصول العالمي، ويستهلك ما نسبته %13 من هذا المحصول طازجاً، بينما تتعدد استخدامات البقية الأخرى فتدخل في صناعة المربيات وصنع العصائر والتعليب مع فواكه أخرى أو التجفيف لصنع الزبيب.

“نبات الكرمة لا يحتاج الى ري في المناطق التي لا تقل نسبة الأمطار فيها عن 600 ملم سنوياً

لكن في حالات الجفاف من الأفضل مساعدتها بالميــــاه”

العنب-الخالي-من-البذور-بات-له-شعبيته-وسوقه
العنب-الخالي-من-البذور-بات-له-شعبيته-وسوقه
عنب-الكونكورد-الأميركي-الأفضل-للعصر
عنب-الكونكورد-الأميركي-الأفضل-للعصر

 

 

 

التقليم: شجيرات الكرمة تحتاج الى تقليم سنوي شبه جائر حسب قوة نموها وأصنافها مع إزالة النموات القريبة من سطح التربة، وخاصة التي تنمو على الأصل (المطعم عليه). يجب أن يتم التقليم بعد تساقط أوراق الكرمة عن الشجرة، أي بعد أن تدخل الأشجار في مرحلة السكون أو الراحة. وللتقليم طرق وأشكال عدة منها بطريقة رويات (Royat) وغيوث وشكل الدوابر والكأسية وغيرها. لكن سنشرح هنا بشكل خاص التقليم الشتوي والتقليم الصيفي، إضافة الى التقليم التجديدي، هذا في حال شيخوخة الأشجار أو ضعفها لسبب من الأسباب.
1. التقليم الشتوي: ويجري في فصل الشتاء، وفي مرحلة سكون العصارة النباتية بعد تساقط الأوراق، هذا في المناطق التي لا تتعرض للصقيع كثيراً وتتدنى فيها درجات الحرارة الى تحت الصفر ولفترة طويلة. أما في المناطق التي تتعرض للصقيع، فمن المستحسن تقليم الكرمة في أواخر فصل الشتاء وأوائل الربيع مع الإنتباه الى عدم بدء العصارة النباتية بالسريان (قبل أن تبدأ بالتنقيط)، وهو عبارة عن قطع الفروع أو تقصيرها وإبقاء من 3 الى 5 براعم من الفروع التي لا يزيد عمرها على العام الواحد (نموات السنة الماضية) مثل الأصناف البلدية. هذا في الأصناف التي تحمل العناقيد من البرعمة الأولى. أما الأصناف التي لا تعطي عناقيد عنب على البراعم الأولى والثانية والثالثة مثل البيتموني والتفيفيحي، فتقطع بعد البرعمة الخامسة الى الثامنة حسب قوة الطرود.
2. التقليم الصيفي: وهو تقليم أخضر ويتم خلال مرحلة النمو وبعد ظهور العناقيد وعقدها، نبدأ أولاً بإزالة الطرود الشحمية والقريبة من الأرض، والتي لا حاجة لها في مستقبل الشجرة، وإزالة أيضاً الفروع الثانوية التي تنمو في آباط الأوراق مع الحفاظ على الأوراق، قطع رؤوس الأفرخ الطويلة التي تحمل العناقيد. هذا التقليم يساعد النبتة على النمو بشكل أفضل وأقوى ويزيد من حجم العناقيد وطعمه الطيب.
3. التقليم التجديدي: هذا النوع من التقليم مهم جداً بالنسبة لأشجار الكرمة المعمرة والضعيفة، تقص الكرمة من منطقة الساق القريبة من سطح التربة مع الإنتباه الى البراعم النائمة التي توجد تحت القشرة الخارجية للكرمة. إن هذه البراعم تكون على شكل إنتفاخ بسيط ينتظر الوقت المناسب ليفرّخ بعد قطع قسم كبير من الأشجار.

عنب-البرليت-من-أشهر-أنواع-عنب-المائدة
عنب-البرليت-من-أشهر-أنواع-عنب-المائدة
العنب-الأسود-الشتوي-شديد-الحلاوة-لكنه-متأخر-النضج-نسبيا
العنب-الأسود-الشتوي-شديد-الحلاوة-لكنه-متأخر-النضج-نسبيا

 

تربية-الكرمة-بطريقة-الجدران-الحجرية-او-الرجم-في-إيطاليا
تربية-الكرمة-بطريقة-الجدران-الحجرية-او-الرجم-في-إيطاليا

آفات الكرمة
أهم الآفات التي تصيب الكرمة هي التالية:
– البياض الدقيقي: يصيب هذا المرض الأوراق والطرود الحديثة النمو والعناقيد، ينتج عنه إنخفاض في الإنتاج، ومن أعراضه ظهور غبار يشبه طحين القمح على سطح الأوراق العلوية والسفلية، وفي الإصابة القوية تتجعد، ثم تذبل الأوراق وتتساقط.
– البياض الزغبي: يصيب هذا المرض كما في البياض الدقيقي. تظهر على الأوراق بقع مصفرة وتنتشر وتقوى الإصابة في جو حار ورطب وتظهر على السطح السفلي للأوراق النموات الزغبية للتكاثر.
– المكافحة: تتم مكافحة هذين المرضين بواسطة المبيدات العضوية النحاس (الجنزارة) والكبريت الزهرة الأصفر ناشفاً بالتعفير على الكروم في مرحلة النمو أو يحل الكبريت الغروي والجنزارة مع الماء ويرش في المرة الأولى عند بدء البراعم بالإنتفاخ.

حشرات الكرمة
– الفيلوكسرا: إنها أخطر الحشرات التي تصيب أشجار الكرمة. تصيب هذه الحشرة جذور الكرمة وتؤدي الى انتفاخات أو تآليل، ويتغيّر لون الجذر من الطبيعي الى الأصفر، ويتحول الى اللون البني القاتم، تضعف الشجرة وتتوقف عن النمو حتى موتها. المكافحة تكون بطريقة واحدة هي استخدام الأصول المقاومة وأفضلها المر 41 ب.
– دودة ثمار العنب: تصيب الثمار عند بدء نضجها وتؤدي الى إتلافها. تكافح بواسطة المصائد الفيرومونية التي تجذب أحد الصنفين وإلتقاطه (فيرومون إنثوي لجذب الذكور).
– دودة أوراق الكرمة: لا تتعدى عتبة الضرر الإقتصادي في لبنان حتى تاريخه. تتغذى على الأوراق (الكبريت الأصفر يعيق تفشي ضررها).
– حفار أفرع الكرمة: تحفر اليرقات داخل الفروع أنفاقاً تؤدي الى ضعفها ويباسها في ما بعد. تكافح بتقليم الفروع المصابة وحرقها قبل خروج اليرقات منها.

مرض-الرمد-على-أسفل-ورقة-الكرمة
مرض-الرمد-على-أسفل-ورقة-الكرمة

العناكب
حلم العنب: ينمو على أوراق الكرمة خاصة الناضجة منها (التي ظهرت في البداية) تمتص نسغها وتؤدي الى تجعدها نوعاً ما. تكافح بواسطة التعفير بالكبريت الأصفر قبل إزهرار العناقيد وبعد عقد الثمار بثلاثة أسابيع تقريباً. وإذا إستمرت الإصابة، يستمر العلاج حتى بداية النضج بفارق شهر.
الديدان الثعبانية: تدخل جذور الكرمة وتسبب لها انتفاخات مما يعيق عملية إمتصاص المواد الغذائية وتمرير العصارة الى كافة أقسام الشجرة، وذلك يؤدي الى ضعف عام وموتها في ما بعد. الوقاية من هذه الآفة تكون بإستقدام شتول من دول ومصادر موثوقة وخالية منها.

الفوائد الصحية للعنب
للعنب فوائد غذائية وعلاجية جيدة، وذلك لإحتوائه على فيتامينات (أ)،(ب6) و(ج) والفوليك أسيد، إلى جانب بعض المعادن الضرورية الهامة جداً مثل البوتاسيوم، الكالسيوم، الفوسفور، الحديد، الماغنيزيوم والسيلينيوم. ويحتوي أيضاً على مركبات مضادة للأكسدة مثل الفلافونويد.
كان الباحثون سنة 1936، قد لاحظوا وجود مركبات ذات فوائد علاجية بالعنب، منها مركبات الفلافونويد، وبعد مرور أكثر من 70 سنة، تؤكد الآن الدراسات الحديثة على أهمية هذه المركبات في دورها كمضاد لسموم الكبد. وهذه المركبات هي مضادات أكسدة قوية توجد بتركيزات عالية بالعنب، وبخاصة في الأصناف الداكنة مثل الحمراء والبنفسجية والسوداء، وتتركز هذه المركبات بالقرب من قشرة العنب.
تحتوي ثمار العنب على مادة البروانثوسياندينس أويجوميريك PPCs، وهي مادة تعمل كمضاد قوي للأكسدة، وقادرة على منع إحتباس السوائل داخل الجسم، ووفقاً للمركز الطبي في جامعة ميريلاند الأميركية، فإن حامض اللينوليك والفلافونويد وفيتامين (هـ) يعملون على منع إحتباس الماء داخل الجسم.
كما يعمل عصير العنب على الوقاية من مشاكل القلب. فقد إكتشف العلماء أن الشعب الفرنسي هو الأقل تعرضاً لمشاكل القلب، وذلك يعود لتناوله عصير العنب مع وجباته الغذائية. وأكدت الدراسات أن عصير العنب يعمل على منع إنسداد الشرايين نتيجة تراكم الدهون (السبب الرئيسي للإصابة بأمراض القلب).
العنب يحتوي على معدن البودون المهم والمساهم في عملية زيادة هرمون الإستروجين لدى الإناث عند بلوغهن سن اليأس. ويعمل هرمون الإستروجين الضروري للسيدات على إمتصاص الكالسيوم، والذي يكون في الغذاء عادة، ولكن نسبة إمتصاصه تنخفض مع تقدم العمر عند الرجال وعند النساء عموماً، إلا أن تأثيره عند السيدات أكثر. لذلك، فإن هناك علاقة غير مباشرة لإستهلاك العنب وعملية قوة وسلامة العظام والحدّ من مشاكل هشاشة العظام.
يعمل العنب على التخلص من مشكلة الإمساك، حيث يعتبر غذاء مليناً لأنه يحتوي على أحماض عضوية والسكر والسليلوز، وبالتالي تقليل من مخاطر الإصابة بالبواسير.
يحتوي العنب على مركب الريزفيراترول Resveratol الذي يعمل على تقليل بيبتيدات البييتا أمايويدال عند مرضى الزهايمر، كما تشير الدراسات أن العنب يعزز صحة المخ.
كما يعرف العنب بفوائده للبشرة، إذ يستخدم لتفتيح البشرة والوجه بصورة طبيعية، وذلك عبر طحن ثمار العنب (بذور) وإضافة الطحين ثم وضع المزيج على الوجه لمدة 10 دقائق قبل تنظيفه بالماء.

دبس-العنب-مسامير-الركب
دبس-العنب-مسامير-الركب

 

معلومات غذائية عن العنب
في كوب عنب بوزن 151 غراماً

سعات حرارية 25 غراماً
سكر 23 غراماً
بروتين %2
ألياف %5
أهم المعادن
كالسيوم 2%
ماغنيزيوم 3%
حديد 3%
فوسفور 3%
بوتاسيوم 8%
نحاس 10%
أهم الفيتامينات
c 27%
k2 28%
Thiamine 7%
B6 6%
A 2%
المصدر: Nutrition data وزارة الصحة الأميركية

 

خطر حبوب الكالسيوم على الصحة

أبحاث علمية تؤكد:

خطر حبوب الكالسيوم على الصحة
أكبـــر بكثيــر من منفعتـها للعظام

الكالسيوم الصناعي قشور بيض وصخور وعظام ذبائح
ولا يمكن للجسم امتصاصه من دون وجود أنزيمات مساعدة

لقوة العظام خذوا الكالسيوم من مصادره الطبيعية
وتناولوا الفيتامين K2 وثمار الرمان

منذ نحو عقد أو أكثر برز في عالم الصحة اصطلاح جديد لم يكن أحد قد سمع به من قبل هو “ترقق العظام”، ومنذ ذلك الوقت بات الحديث عن “ترقق العظام” يتكرر في الصالونات، وفي وسائل الإعلام، وفي لغة الأطباء الذين بدأوا يصفون لهذه الحالة الجديدة حبوب الكالسيوم بجرعات متفاوتة على سبيل الوقاية. وقد بات الانطباع شائعاً بأن “ترقق العظام” حالة مرضية لا بدّ من معالجتها خوف أن يؤدي سقوط الأشخاص المتقدمين في السن إلى إحداث كسور في جسمهم قد تؤدي إلى مضاعفات أخرى.
لكن خلال الفترة التي بدأ الحديث فيها عن ترقق العظام والوقاية منه بحبوب الكالسيوم، نظمت أبحاث علمية كثيرة توصلت إلى نتائج أساسية تثبت أن تناول الكالسيوم يتسبب بمخاطر صحية كبيرة على صحة القلب والكلى والأوعية الدموية بل الدماغ، ويزيد خطر الذبحات القلبية والإصابة بسرطان الثدي لدى النساء. وبناءً على تلك الدراسات، يتعاظم كل يوم حجم الرأي العلمي بل الطبي الذي يدعو إلى وقف استخدام حبوب الكالسيوم والاستعاضة عنها بمصادر الغذاء التي تحتوي على نسبة عالية من الكالسيوم الطبيعي القابل للإمتصاص.

من أجل الحصول على جواب علينا تحرّي الدور الذي تلعبه الشركات المهيمنة على صناعة الأدوية في العالم في إعادة تعريف الكثير من الحالات بهدف جعلها حالات تستدعي معالجة بالأدوية، وهذه الاستراتيجية التي طبقت بنجاح في العديد من الحالات لاقت دوماً دعماً من منظمة الصحة العالمية، وأدت إلى اتساع هائل في سوق الدواء وتنامٍ غير مسبوق في أرباح شركات الأدوية العالمية.
في حالة ما يسمى “ترقق العظم” حققت صناعة الأدوية وبالتحديد مصنّعو الكالسيوم اختراقاً مهماً عندما تمكنوا في سنة 1994 من إقناع منظمة الصحة العالمية بتبني تعريف جديد للمعدل الطبيعي لكثافة العظام بني على كثافة العظم لدى إمرأة بعمر 25 عاماً (وهو عمر الذروة في كثافة النسيج العظمي لدى المرأة). وجرى تصنيف “المرض” إلى مرحلتين أولى تدعى Osteopenia، وأخرى “أكثر حدة” دعيت بإسم osteoporosis.
وبالطبع، نجم عن ذلك أن فئات كبيرة من النساء اللواتي كنّ يعتبرن صحيحات الجسم تمّ تصنيفهن كـ “مريضات” يحتجن إلى معالجة وقائية، وقد بني على هذا التحول قيام صناعات عالمية واسعة لمعالجة الحالة الجديدة، وهي صناعات يقدر دخلها السنوي بعشرات المليارات من الدولارات سنوياً.

تضليل علمي
هل تحتاج نساء اليوم اللواتي يدخلن في سن متقدمة (60 عاماً وما فوق) إلى تناول حبوب الكالسيوم للوقاية من “ترقق العظام”؟
لا توجد إجابة علمية واحدة بالطبع، إذ أن العديد من الأطباء يفضلون اتباع توجيهات منظمة الصحة العالمية. لكنّ هناك تياراً متزايداً بين الأوساط العلمية والصحية يعتبر أن تناول النساء للكالسيوم الصناعي غير ضروري إطلاقاً، بل هو يتسبب في أمراض ومخاطر جسيمة على الصحة. وهذه الفئة من العلماء يعتبرون أن تراجع كثافة العظم لدى النساء أو الرجال ظاهرة طبيعية كغيرها من ظواهر التقدم في السن، ولم يكن من الجائز علمياً اعتبارها “مرضاً”، كما يشددون على أن خطر الموت بسبب حادث انزلاق يسبب كسوراً يعتبر ضئيلاً جداً إذا قيس بالمخاطر التي يسببها الكالسيوم الصناعي على صحة الجسد وخصوصاً خطر التعرض لنوبات قلبية، أو مرض سرطان الثدي بالنسبة للنساء. وهناك أدلة علمية قوية تثبت أن خطر الإصابة بسرطان الثدي يقفز 300 % في النساء اللواتي يتناولن حبوب الكالسيوم لسنوات طويلة.

قشر-البيض-والصخور-وعظام-الذبائح-والقواقع-البحرية-مصادر-لصنع-حبوب-الكالسيوم
قشر-البيض-والصخور-وعظام-الذبائح-والقواقع-البحرية-مصادر-لصنع-حبوب-الكالسيوم

مخاطر الكالسيوم الصناعي
إن الكالسيوم الوحيد المفيد للجسم هو الذي يحصله الجسم من عدد من الأغذية التي تحتوي على نسب عالية منه، أما حبوب الكالسيوم

نسبة حالات ضعف أو ترقق العظم لدى النساء
(حسب مقاييس منظمة الصحة العالمية)

25 عاماً 50 عاماً 65 عاماً 80 عاماً
طبيعي %84 %66 %40 %10
ضعف العظام %15 %33 %40 %35
ترقق العظام %1 %1 %13 %27
ترقق متقدم %1 %1 %7 %27

حسب المقاييس المتطرفة لمنظمة الصحة العالمية، فإن 89% ممن تتجاوز أعمارهم الـ 80 عاماً لا يعتبرون كهولاً من الطبيعي أن يرق عظمهم، بل يعتبرون “مرضى” في حاجة لتناول الكالسيوم مع ما يحمله من مخاطر. لنتخيل الآن حجم السوق الذي يفتحه تعريف مبالغ به من هذا النوع لشركات إنتاج أدوية الكالسيوم في العالم.

فإنها مصنوعة في الغالب من الصخور أو قشور البيض أو طحين عظام الذبائح أو قشور القواقع البحرية، وهناك سبب رئيسي لعدم فعالية تلك الحبوب بل خطرها، وهو أن الكالسيوم الصناعي يدخل الجسم من دون أن يكون متّحداً مع الأنزيمات والعناصر العضوية الأخرى التي تسهل “توجيهه” بصورة طبيعية عبر الدم إلى المستقر النهائي له في الجسم، وهو العظام. وبالنظر الى انعدام وسيلة توصيل “ذكية” للكالسيوم الصناعي فإن هذه المادة الكثيفة قد تتجه إلى الأماكن الخطأ في الجسم أو قد تتجه إلى المكان المقصود وهو العظام. لكن مخاطر أن يضيّع الكالسيوم طريقه تصبح أكبر كلما زادت الجرعات منه أو طالت مدة استخدامه.
ومن أبرز المضاعفات التي قد تنجم عن تناول حبوب الكالسيوم الصناعي:
أن فضلات الكالسيوم التي لا ينجح الجسم في توجيهها إلى العظام قد تتراكم في الأمعاء الغليظة مسببة الإمساك.
فضلات الكالسيوم قد تتجمع في الأوردة مسببة ارتفاعاً في ضغط الدم أو الجلطات أو حتى اضطراب خفقان القلب أو انقباض عضلة القلب.
قد يتراكم الكالسيوم في الكلى مسبباً أمراض الحصى أو الرمل الكلوي.
من أكثر الأمور غرابة هو اكتشاف ترسبات كالسيوم بحجم الحصى منتشرة في أنحاء الدماغ البشري، وذلك لدى تشريح بعض المتوفين الذين كانوا يتناولون حبوب الكالسيوم بانتظام ولسنوات طويلة.

تناولوا الرمان لصحة العظام
تناولوا الرمان لصحة العظام

 

مصادر الكالسيوم
من الغذاء الطبيعي

الغذاء الكمية كالسيوم (ملغ)
لبن قليل الدسم 250 غ 415
سلق فنجان 357
حليب بلا دسم فنجان 306
لبن من الحليب الكامل 250 غ 275
فاصوليا العين السوداء فنجان 211
سالمون معلب 100 غ 181
جبنة 33 غ 162
فاصوليا مطبوخة فنجان 154
قريشة فنجان 138
خس آيسبرغ راس 97
بازيلا مسلوقة فنجان 94
برتقال فنجان 72
لوز 33غ 70

يلاحظ هنا أن تناول الحليب والأجبان والحبوب واللوز وبعض الخضار الغنية بالكالسيوم كفيل بتأمين حاجة الجسم الذي لا يحتاج لأكثر من 1200-1000ملغ يومياً من الكالسيوم في حال الشيخوخة.

المصدر: كلية الصحة العامة في جامعة هارفرد

حبوب الكالسيوم وسرطان الثدي
يعتبر تزايد احتمال الإصابة بسرطان الثدي جراء تناول حبوب الكالسيوم من أبرز المخاطر التي بدأت تجتذب انتباه الأوساط العلمية وتعزز الدعوة إلى وقف استعمال الكالسيوم من قبل النساء. وقد أظهرت الأبحاث وجود جزيئات الكالسيوم في خلايا سرطان الثدي، وقد كان يظن أن هذه الجزيئات هي نتيجة للإصابة بالمرض، إلا أن الرأي الغالب هو أن تراكم جزيئات الكالسيوم في الثدي يعمل كمحرض لتكاثر الخلايا ويطلق أعراض السرطان. وقد أظهرت الأبحاث أن النساء اللواتي يتمتعن بأعلى درجة كثافة في العظام معرضات للإصابة بمرض سرطان الثدي بنسبة 300 % أكثر من اللواتي لا يتعاطين حبوب الكالسيوم.

خلاصة
يمكن تلخيص الجدل العلمي حول “ترقق العظام” بالنقاط الأساسية التالية:
1. إن تراجع كثافة العظام ظاهرة طبيعية (وليست مرضية) سببها التقدم في السن، وقد عاش الناس لقرون طويلة وهم يعلمون أن التقدم في السن ينعكس على مختلف قدرات الإنسان من النظر إلى السمع إلى الذاكرة إلى القوة البدنية، ومن بين تلك النتائج تراجع كثافة العظام. لكنّ السابقين عاشوا حياتهم وأنهوها بصورة طبيعية، ولم يكن موضوع ضعف العظام لديهم وسواساً، بل أحد مظاهر الكهولة، ولهذا السبب لم يوجد لحالة “ترقق العظم” أي ذكر في تاريخ العلوم قبل اعتماد التسمية من قبل منظمة الصحة العالمية!
2. إن كثافة العظم قد تكون معياراً لقوة احتمال الصدمات لكنها قد لا تؤشر إلى “ليونة” تساعد العظم على مقاومة حالات أخرى مثل الشد أو المط، بل إن الدراسات أظهرت أن العظم الكثيف قد يكون أحياناً أضعف، كما يظهر في المقارنة بين الخشب (وهو أقرب في تكوينه إلى عظم الإنسان)، وهو أقل “كثافة” من البلّور مثلاً، لكنه أقوى احتمالاً بكثير منه، إذ أن الأخير رغم كثافته يعتبر سريع العطب في حال السقوط.

في الثمانين ولا زال يعمل في صيد البحر - ترقق العظام فزاعة لترويج حبوب الكالسيوم
في الثمانين ولا زال يعمل في صيد البحر – ترقق العظام فزاعة لترويج حبوب الكالسيوم

3. إن كثافة العظام مقياس مختلف عن مقياس نوعية المادة العظمية، فالأولى قد تحصل عليها من تناول مكملات غذائية صناعية مثل حبوب الكالسيوم، لكن نوعية وحيوية العظام لا يمكن الحصول عليهما إلا من مصادر التغذية الصحية، ومن أهم مصادر تحسين قوة ومرونة العظام مثلاً الفيتامين K2 والرمان.
4. إن تعريف منظمة الصحة العالمية لخطر السقوط أو كسر العظام يركّز على كثافة العظام لكنه يتجاهل أن العديد من أسباب الوقاية من حوادث كسر العظام لا يتعلق بتناول حبوب الكالسيوم بل بعوامل أخرى مثل مشكلات التوازن وأسلوب المشي أو ضعف النظر. بمعنى آخر، فإنه طالما كانت لديك القوة للتحرك والنظر الصحي لرؤية طريقك فإن من أبعد الاحتمالات أن تتعرض للسقوط.
5. إن كثيراً من الشباب أو النساء الشابات يتعرضن أحياناً لكسور متفاوتة الخطورة من جراء السقوط، والأمر كله يتوقف على طبيعة الحادث وظروفه، وهذا يعني أن حوادث السقوط والإصابة بكسور في العظام حوادث لا علاقة لها دائماً بـ “ترقق العظم”، وهي تشمل الجميع ولا مبرر بالتالي لتخويف كبار السن واعتبارهم “مرضى” لإجبارهم على تناول عقاقير يعتبر أذاها أكثر بكثير من نفعها للمريض، وإن كان نفعها المالي الصرف أكبر بكثير لصناعة الدواء العالمية.

“تعاطي حبوب الكالسيوم قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم والجلطات والإمساك وحصى الكلى وأمراض القلب وزيادة مخاطر سرطان الثدي لدى النســاء”

منظمة الصحة العالمية
ومصالح صناعة الدواء

يعتبر النقد الشديد الذي توجهه أوساط طبية وعلمية لمنظمة الصحة العالمية بشأن حبوب الكالسيوم حالة من حالات عدة وقعت فيها المنظمة في أخطاء أو تبنت مواقف بدت فيها أقرب إلى مصالح صناعة الادوية العالمية منها إلى الإنسان العادي الذي يفترض أن المنظمة تعمل لأجله.
من ذلك مثلاً، مسارعة منظمة الصحة العالمية أكثر من مرة لتحويل بعض حالات المرض والأنفلونزا إلى “حالات وبائية” خطرة والترويج بسبب ذلك لفرض التلقيح ضد تلك “الأوبئة” في أنحاء العالم ليتبين بعدها أن تلك الحالات كانت معزولة، ولم تكن تبرر إثارة الذعر في العالم. لكن موجات الهلع التي أثارتها بيانات المنظمة مكنت شركات الأدوية وما زالت من أن تحصد مليارات الدولارات من تصنيع لقاحات مشكوك جداً في فعاليتها تجاه الأمراض التي طورت للحماية منها.
من ذلك أيضاً، موقف المنظمة الجازم بفرض لقاحات على الأطفال تزايدت الشكوك حول فعاليتها ومخاطرها الجانبية على صحتهم.
وقبل عقد من الزمن، روجت المنظمة لأسلوب المعالجة بالهرمونات لمساعدة النساء على تخطي سن اليأس والاحتفاظ بحيويتهن الجنسية إلا أنها توقفت عن ذلك بعد أن ظهرت آثار المعالجة بالهرمونات في تزايد حالات السرطان والجلطات والأزمات القلبية.
إن أهمية منظمة الصحة العالمية هنا هي طابعها الكوني وقدرتها على إصدار تعميمات وإرشادات يتم رفعها إلى الحكومات التي تقوم عندها بتبنيها كسياسات وفرضها على أنظمة الرعاية الصحية في بلدها، كما أن الأدبيات التي تنشرها المنظمة يتم تداولها في الإعلام فتروج باعتبارها أموراً “علمية” لا غبار عليها. لذلك، فإنه عندما تتبنى المنظمة الجهة الخطأ مثل دعمها لمصالح صانعي الأدوية بدلاً من الإنسان العادي، فإن العالم يكون في مشكل حقيقي.

الكركم صيدلية الطبيعة

الكركم
صيدلية الطبيعة

عشرات الأبحاث العلمية الرصينة
أكدت فعاليته في كبح الخلايا السرطانية

الكركم يخفف التهاب الأنسجة لدى مرضى التكلس وآلام الظهر
وقد يغني عن المسكنات غير الستيرودية الخطرة على المعدة

الشعوب الآسيوية التي تكثر من استخدام العقدة الصفراء
هي الأقل تعرضاً في العالم لمرض سرطان البروستات

بين جميع العلاجات الطبيعية بات الكركم أو (العقدة الصفراء) أفضلها وأشهرها جميعاً، إذ أظهرت الأبحاث العلمية والطبية ومئات التجارب أن للعقدة الصفراء -وسنسميها للإختصار بمادتها الفعالة، وهي الكركم (من كركمين)- وظائف وقائية عديدة لجهة تعزيز المناعة وتخفيف عوارض الشيخوخة والضعف، كما أن لها أيضاً وظائف علاجية شاملة للعديد من الأعراض، بما في ذلك بل على رأسها السرطان.
فما هو الكركم؟ وما هي أسباب الشهرة العالمية التي بدأ يحققها كصيدلية طبية قائمة بذاتها؟

الكركم نبات إستوائي من الفصيلة الزنجبيلية، منتشر بكثرة في جنوب آسيا خصوصاً في الهند والصين وأندونيسيا، ويستعمل مسحوق جذوره تابلاً وصباغاً أصفر فاقع اللون، ويسمى في بعض البلدان بـ “العقدة الصفراء”، و يُعرف علمياً بإسم “كركوما لونجا”، ويقال إنه مشتق من اللفظ العربي «الكركم»، وهذا بدوره مأخوذ من الفارسية، وهو يعني الأصفر نسبة الى الصباغ الذي يستحضر من جذوره، وقد استعمل هذا الصباغ في التلوين منذ أكثر من 700 سنة قبل الميلاد.
من الملفت أن الطب الأيورفيدي Ayurvedicفي الهند، وكذلك الطب الصيني القديم، عرفا الكركم منذ آلاف السنين، وخبرا الخصائص العلاجية لمادة الكركمين، وقد بلغ من تعلق الهنود بهذا الغذاء، الذي يتخذ حين سحقه اللون الأصفر المائل إلى البرتقالي، درجة جعلوه في معظم أغذيتهم. ومن الأمور الملفتة أن الهنود وسكان جنوب وشرق آسيا وشمال أفريقيا الذين يستخدمون الكركم بكثافة لا يتعرضون إلا نادراً لسرطان البروستات. (راجع الرسم البياني)
وقد اشتهر مركب الكركمين في السنوات الأخيرة بعد أن صدرت مئات الدراسات التي تؤكد خصائصه المقاومة أو الكابحة للنمو السرطاني، كما اكتشفت معاهد الأبحاث العالمية خصائص علاجية عدة للكركم جعلت منه أفضل مكمل غذائي على وجه الأرض. معروف بخصائصه ومن أهم نتائج تلك الكشوفات أنها أكدت خصائص الكركم المضادة لإلتهابات أمراض المناعة كالروماتيزم والتهابات المفاصل والتكلس وغير ذلك، وتبين بصورة خاصة أن هذا المركب يؤثر في أكثر من 700 من جينات الإنسان ويعيق نشاط وتركيب
الـ COX2Cyclooxgenase -2 و 5-LOX 5-lipoxygenase إضافة إلى أنزيمات أخرى لها دور أساسي في الالتهابات inflammation التي نتعرض لها بين الحين والآخر.

دوره في الوقاية من السرطان وعلاجه
أكثر ما عزّز شهرة الكركم هو ما أكّدته مئات الأبحاث المخبرية من جهات علمية رصينة، من بينها مثلاً كبيرات جمعيات أبحاث السرطان في العالم، من أن الكركم يحتوي على عناصر يمكنها كبح نمو الخلايا السرطانية وقد تنتهي بدفعها إلى الموت أو “الانتحار”. ويقوم الكركم بذلك عبر عناصر يحتويها تمنع الخلايا السرطانية من تكوين الأوعية الدموية الدقيقة التي تحتاجها للنمو. وبسبب ذلك، فإن الخلايا التي تكون قد نشطت لا تلبث، وبسبب حرمانها من الدم وما يحمله من غذاء، أن تذوي وتضمحل في ما يسمى بعلم البيولوجيا الموت الذاتي للخلايا Apoptosis.
معظمنا يحمل في الواقع كتلاً صغيرة من الخلايا السرطانية في جسمنا في جميع الأوقات. لكن نتيجة لتردي جهاز المناعة والخلل الذي يصيب عمله يمكن لهذه الخلايا أن تبدأ في تنمية شبكة الأوعية الدموية الدقيقة الخاصة، وهذا النشاط البيولوجي يسمى angiogenesis ومع تزودها بالأوعية الدموية المغذية تتحول هذه الخلايا إلى سرطانية نشطة لأنها تمكنت من تأمين سبيل لتغذية نموها في غفلة عن نظام المناعة في جسدنا.
لحسن الحظ، فإن الطبيعة زوّدت العديد من الأطعمة والأعشاب بعناصر طبيعية كابحة لتكون الشرايين في الخلايا السرطانية، الأمر الذي يجعل من هذه الأغذية والأعشاب بمثابة عامل وقاية طبيعي من السرطان. وفي موضوع السرطان، فإن الأمر المهم ليس أن تجد العلاج للمرض عندما يقع، بل أن تنظم حياتك وتغذيتك وصيانة نظام المناعة بما يحول أصلاً دون تنشيط الخلايا السرطانية وتحوّلها إلى عنصر تدمير للجسد من داخله.
لقد أثبتت الأبحاث العلمية أن مادة الكركمين الموجودة في العقدة الصفراء لها تأثير كابح أساسي على تشكل الأوعية الدموية الدقيقة في الخلايا السرطانية النائمة، وهذا مصدر القوة الأهم الذي يجعل من الكركمين مادة كابحة تساعد في تدمير خلايا السرطان.

جذور الكركم شبيهة بالزنجبيل لكنها أصغر وذات لون برتقالي داكن، متوافر بأنواع متعددة، ومستخلص الكركم متوافر بأنواع متعددة
جذور الكركم شبيهة بالزنجبيل لكنها أصغر وذات لون برتقالي داكن، متوافر بأنواع متعددة، ومستخلص الكركم متوافر بأنواع متعددة

ويرى الدكتور ويليام لا فالي، أحد أبرز الأطباء الذين يهتمون بمعالجة السرطان بالوسائل الطبيعية، أن للكركم “مئة سبيل للتأثير” عندما يصل إلى الخلية السرطانية، ويبدو أنه سبيل آمن إذ لا مضاعفات جانبية له في معالجة جميع أنواع السرطانات.
في الهند حيث يكثر استعمال الكركم (العقدة الصفراء )، لوحظ أن سرطانات القولون والثدي والبروستات والرئة هي أقل انتشاراً بكثير منها في الولايات المتحدة الأميركية التي تزيد فيها تلك الحالات عشر مرات عمّا هو في الهند.. كما أن سرطان البروستات الذي هو من أكثر السرطانات التي تصيب الرجال في أميركا نادر الوجود في الهند، وهذا عائد في جزء منه على الأقل الى تناول الهنود بكثرة لمادة الكركمين الموجودة في العقدة الصفراء ( الكركم) .
وقد قامت جهات علمية في بلدان عدة بدراسة قدرة الكركمين على محاربة النمو السرطاني وكانت النتائج التي خلُصت إليها الدراسات واعدة جداً، إذ تبين أن مركب الكركمين الموجود في العقدة الصفراء يمكنه أن يقاوم مختلف أنواع النمو السرطاني، وهو يقوم بذلك بسبب تأثيراته التالية:
يمنع تكاثر الخلايا السرطانية بتحريك رد الفعل المناعي الذي يحرمها من سبل النمو
يمنع تحول الخلايا من خلايا طبيعية إلى خلايا سرطانية
يساعد الجسم على تدمير الخلايا السرطانية المتحوّلة بحيث لا تستطيع الانتشار في جسمك
يقلل من الالتهابات التي غالباً ما تكون عاملاً مساعداً لتنشيط الخلايا السرطانية
يحسن عمل الكبد
يمنع تركيب البروتين الذي يُعتقد أنه مساهم في التحول السرطاني
يمنع تشكل الأوعية الدموية في الخلايا السرطانية النائمة، وقد وجد الباحثون في جامعة تكساس أن الكركمين يمنع عن هذا الطريق تكاثر خلايا الميلانوما ( سرطان الجلد) ويدفعها إلى “الانتحار” من خلال إغلاق عامل الكابا factor kappa B، وهو بروتين قوي معروف بقدرته على استثارة ردّ الفعل الإلتهابي الذي يؤدي إلى مجموعة منوعة من الأمراض كإلتهابات المفاصل والسرطان.

تأثير-الكركمين-على-كبح-نمو-خلايا-سرطان-الرئة
تأثير-الكركمين-على-كبح-نمو-خلايا-سرطان-الرئة

 

الكركم والسرطان

نشر الموقع الأبرز لأبحاث السرطان في العام الماضي دراسة لمجموعة من الأطباء الصينيين أكدت أن للكركمين أثراً فعّالاً ومؤكداً في كبح نمو الخلايا السرطانية سواء عبر مهاجمتها مباشرة أم عبر منعها من تكوين الشرايين الدقيقة التي تسمح بتغذيتها، وبالتالي نموها. وتسمى تلك العملية angiogenesis . واستخدم الباحثون في تجاربهم نوعاً من الكركمين القابل للذوبان في الماء ويدعى liposomal curcumin ، واستخدم هذا المحلول لاختبار قدرة الكركمين على منع انتشار الخلايا السرطانية في سرطان الرئة. ويظهر الرسم البياني التالي الذي بني على الدراسة كيف أدت المعالجة بمحلول من الكركمين القابل للذوبان في الماء إلى كبح نمو الخلايا السرطانية بعد 19 يوماً من العلاج بالمحلول الطبيعي، علماً أن اتجاه الخط البياني يظهر أن النمو شبه توقف في الأسبوع الثالث مما يعني أن استمرار العلاج سيؤدي على الأرجح إلى موت الخلايا السرطانية.

الفوائد الصحية العامة للكركم
لقد اتسعت الأبحاث العلمية في ما خص الفوائد الصحية للكركم لتشمل دراسة آثاره العامة في تعزيز جهاز المناعة ومقاومة العديد من الأعراض والحالات المرضية.
وقد وصف الكركم طبياً كمنبه خفيف، ومضاد للدوخة، وطارد للريح، ومدر للبول، وهاضم، ومضاد لداء الاسقربوط (الحفر)، ولعلاج الرشح والآلام العظمية واضطرابات المرارة والإصابة بالطفيليات. أما الدراسات الحديثة فبيّنت أن الكركم يتمتع بالخصائص الآتية:
يساعد في التقليل من حدة التهابات المفاصل لغناه بمادة الكوركومين المضادة للإلتهاب، ولهذا ينصح به في مداواة أمراض الروماتيزم وبعض إصابات الجلد. وتفيد تجارب على الحيوانات في المختبر أن الكركم قادر على منع ردود الفعل الالتهابية المبكرة.
يسرّع عملية اندمال الجروح.
يحفز على إنتاج كريات الدم الحمر، ولذا فهو مفيد في معالجة فقر الدم.
يساعد في تنظيم حرارة الجسم عند الإصابة بالحمى.
ينشط إفراز هرمون الأنسولين من غدة البنكرياس.
يحض المرارة على إفراز الصفراء ما يحول دون الإصابة بالتخمة.
يحمي الغشاء المخاطي المبطن للمعدة من خلال لجم أو حتى قتل الميكروبات الحلزونية المتورطة في نشوء القرحة.
كشفت أبحاث سريرية فائدة الكركم في التخفيف من حدة أعراض تهيجات القولون والحؤول دون انتكاسة المريض بعد العلاج.
يخفف من آلام اللثة والأسنان.
يملك خواص مضادة لسموم لدغ الثعابين والحشرات.
يعمل على تنشيط الدورة الدموية ويقلل من نسبة الشحوم في الدم خصوصاً الكوليسترول السيئ.
يدعم إنتاج الأنزيمات المضادة للأكسدة التي تقوي عمل الجهاز المناعي.
والى جانب الفوائد الصحية الجمة في الكركم، أوضحت بحوث حديثة أهمية الكركم في حماية القولون والبروستات والرئة والكبد وغيرها، هي أقل عند الآسيويين الذين يستهلكون الكثير من الكركم. وفي تجربة سابقة يعود تاريخها الى سنة 1992 بيّنت تجربة مخبرية أن تناول 1.5 غرام من الكركم يومياً لمدة شهر يساهم في التقليل من نسبة التبدلات الجينية الطارئة التي تمهد لحصول السرطان.

وفي تجربة أميركية أخرى على القوارض اتضح أن الكركم يثبط من فاعلية هرمون النوروتوكسين المساهم في عملية نشوء سرطان القولون والمستقيم.

الكركم بديل لمسكنات الألم الخطرة
تساعد قدرة الكركم المضادة للإلتهابات على التخفيف من التهاب الأنسجة الذي يظهر من خلال الألم والاحمرار والتورم والشعور بسخونة المنطقة المصابة، وهذا الأمر يساعد بشكل خاص مرضى التكلس وآلام الظهر.
إن عدداً كبيراً من المصابين بآلام العمود الفقري والتهابات المفاصل والتكلس يتناولون الأدوية غير الستيرودية المضادة للالتهابات NSAIDs كما يأخذون المسكنات كالـTylenol لتسكين الألم، ولكن استعمال هذه الأدوية بشكل منتظم يتسبب بعوارض جانبية خطرة كمشاكل القلب والشرايين وتلف الكبد أو الكلى والإضرار بالمعدة والأمعاء. وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن الذين يتناولون هذه الأدوية المضادة للالتهاب المستعملة معرضون أكثر من غيرهم بثلاث مرات للعوارض الجانبية الحادة التي تصيب المعدة والإمعاء، بل إن 1.2 في المئة من المرضى الذين يأخذون المسكنات غير الستيرودية يتم إدخالهم إلى المستشفى بسبب ظهور مشاكل في الجزء العلوي من الجهاز المعدي والمعوي، وقد أظهرت دراسة أجريت على مرضى يأخذون هذا النوع من الأدوية حجم الخطر الذي تسببه على حياتهم عندما تبين أن أكثر من نصفهم أصيب بقرحة المعدة من جراء تناول تلك المسكنات. ووجد الباحثون أن المسكنات غير الستيرودية تكبح إفراز البروستاسيكلين prostacyclin الضروري من أجل تمدد الأوعية الدموية ومنع التجلطات.
لذلك، فإن على الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين أن يتجنبوا استخدام هذه الأدوية أيضاً، لأن مضاعفات القرحة تهدّد بالتأكيد حياة المصابين ولاسيما منهم الكبار بالسن. لذلك يعتبر الحصول على بديل عن هذه المسكنات أمراً ثميناً جداً خاصة عند الذين يعانون من حالة مؤلمة كالتكلس والروماتيزم.

مستخلص الكركم متوافر بأنواع متعددة
مستخلص الكركم متوافر بأنواع متعددة
حالات-الإصابة-بسرطان-البروستات-في-العالم
حالات-الإصابة-بسرطان-البروستات-في-العالم

 

 

 

 

 

 

 

 

 

كيف نستخدم العقدة الصفراء
إن المشكلة الأهم في التعامل مع العقدة الصفراء أو الكركم هو أن المطلوب منه جرعات عالية وأن الجسم لا يمتص الكركم جيداً. أما الجرعات النموذجية منه لمعالجة السرطان فهي ثلاثة غرامات من مستخلص الكركم القابل للإمتصاص، ثلاث إلى أربع مرات باليوم.
أما في المنزل فيمكن الحصول على فوائد الكركم بإحدى طريقتين:
الطريقة الأولى: الخلطة الباردة وحسب هذه الطريقة يتم مزج ملعقتي طعام من الكركم مع صفار بيضة أو بيضتين وملعقتين من زيت جوز الهند الذائب، ويمزج الخليط جيداً وبأقصى سرعة ممكنة يدوياً لجعله مستحلباً، ويجب عدم استخدام الخلاطات الكهربائية لأنها قد تؤدي إلى تأكسد العناصر الفعالة، وبالتالي خسارتها لمعظم قيمتها، يمكن إضافة قليل من العسل إلى الخليط لتحسين مذاقه.
الطريقة الثانية: وهي طريقة تمكن المريض من تحقيق نسبة امتصاص أكبر لعنصر الكركمين من قبل الجسم، وبحسب هذه الطريقة توضع ملعقتان كبيرتان من مسحوق العقدة الصفراء في لتر من الماءالمغلي، ينبغي إذابة المسحوق وتركه يغلي مع الماء لمدة عشر دقائق. وعندما يبرد المزيج يجب تناوله فوراً، لأن فعاليته تقل مع الوقت، فذوبان الكركم الذي يصل إلى 12 في المئة بعد الغلي يصبح 6 في المئة بعد ست ساعات، لذا، من الأفضل الإسراع في تناوله ضمن مدة أقصاها أربع ساعات.
الكركم في الطهي: يمكن لمزيد من الفائدة استخدام العقدة الصفراء أو الكركم بوفرة في الطهي، ويجب الانتباه إلى أهمية الإكثار من الكركم وليس الكاري الذي لا يحتوي على كمية كافية من مادة الكركمين.
حبوب مستخلص الكركم: يمكن أخيراً تناول الكركم على شكل مكمل غذائي، وهذه هي الطريقة الفضلى لأن تناول حبوب خلاصة الكركم (أو الكركمين) التي يمكن شراؤها من الصيدليات أو المحلات المتخصصة ببيع المكملات الغذائية، تؤمن طريقة مثلى لامتصاص نسبة كبيرة منه، وبالتالي تحقيق الفوائد الوقائية والعلاجية منه. ويُفضل أخذ المنتجات العضوية أي التي لم يدخل في زرعها الأسمدة الكيميائية أو المبيدات، بالطبع إذ كانت متوافرة في السوق.

صورة مع موضوع الكركم والسكري
صورة مع موضوع الكركم والسكري

الكركم ومرض السكري

مع التزايد المقلق في معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض تضيُّق شرايين القلب ومرض السكّري والجلطات، انصرف قسم متزايد من الأبحاث العلمية نحو استكشاف سبل الوقاية من تلك الأعراض بدلاً من التركيز فقط على إيجاد العلاجات الكيميائية والتي غالباً ما تكون لها مضاعفات جانبية، فهي تعالج خللاً معيناً لتحدث في المقابل خللاً آخر قد لا يقل ضرراً في نواحي أخرى على صحة الجسد.
وأحد الأمراض الواسعة الانتشار في العالم هو مرض السكَّري أو Type II diabetes Mellitus إذ يقدر عدد المصابين به في بلدان الاتحاد الأوروبي بنحو 25 مليون شخص، أما في الولايات المتحدة فإن عدد المصابين من مختلف الأعمار يقارب الـ 26 مليون شخص، علماً أن الاتجاه هو إلى تصاعد سنة بعد سنة بسبب مشكلة السمنة المفرطة Obesity في أميركا.
في هذا المجال، ساهمت أبحاث أجراها علماء صينيون مؤخراً في كشف النقاب عن الدور المهم المحتمل للكركم أو بالأحرى لعناصره الفعّالة في المساعدة على التحكم بمستوى سكر الدم.
إن الاهتمام بالكركم يستند إلى نتائج الأبحاث التي وجدت أن الالتهابات Inflammations تُسهم إلى حد كبير في تطوّر مرض السكري والأعراض الجانبية المرافقة له، وقد أثبتت جملة من الأبحاث العلمية الرصينة التي تجري منذ سنوات أن بعض الأعشاب الطبية تتمتع بخصائص لخفض معدل السكر في الدم بسبب احتوائها على نسبة عالية من الزيوت الطيّارة، وقد حفزت تلك الاكتشافات الأولية الأوساط الطبية لإجراء المزيد من الأبحاث بهدف تحديد الكيفية التي تساعد فيها تلك العناصر على خفض سكر الدم.
لقد ثبت بنتيجة أحد تلك الأبحاث أن مستخلص الكركم أو العقدة الصفراء يساعد في خفض معدلات سكر الدم لدى المصابين بمرض السكري المتأخر (Type II) على أن يترافق ذلك بالطبع بإتباع الحمية اللازمة. وأظهر بحث جرى في الصين أن تناول مستخلص الكركــــم (curcuminoids) أدى إلى تحكم أفضل بمعدلات سكر الدم لدى 50 مريضاً بالسكري، بالمقارنة مع العينة التي لم تتناول مكمل الكركم. وقد نشرت نتائج البحث في مجلة التغذية وأبحاث الغذاء في الصين، وأثبت البحث أن الفوائد الصحية للكركم ناجمة عن قدرته على خفض الأحماض الدهنية الحرة(Free fatty acids (FFA وذلك حسب كلية “هاربين” للطب و”المركز الصيني للتحكم بالأمراض والوقاية منها”.
يذكر أن الأحماض الدهنية الحرة تلعب دوراً أساسياً في ظهور أعراض مقاومة الأنسولين في مرض السكري، وبالتالي ارتفاع معدل السكر في الدم، مما يعني أن خفض نسبة تلك الأحماض يحسن قدرة الأنسولين على العمل، ويساعد بالتالي على خفض معدل سكر الدم. ويبدو أن الكركم يساعد في خفض تلك الأحماض الحرة عن طريق “أكسدتها” حسب الباحثين الصينيين.

آلام الظهر مرض الحضارة المعاصرة

آلام الظهر مرض الحضارة المعاصرة
أعراضها وأسبابها وعلاجها وسبل الوقاِِية منها

المسكنات ومرخيات الأعصاب ليست علاجاً
وقد تؤثر على غشاء المعدة والكبد والكـــلى

حالة فقط من كل 2000 يحتاج علاجها لجراحة

الكايروبراكتك علاج يتبع ثلاثة مستويات تناسب
الطبيعة الثلاثية للجهاز العظمي والعضلي والعصبي

لا أكون مبالغاً اذا قلت بأن آلام الظهر أو العمود الفقري(Spine) غدت من أكثر الأمراض شيوعاً. ففي أي وقت من الأوقات يشكو حوالي 40 الى 50 في المئة من السكان في العالم من آلام في الظهر، كما أن هناك حوالي 80 الى 90 في المئة من البقية سيعانون من هذه الآلام في فترة ما من حياتهم. وتصيب الأعراض كلا الجنسين وجميع الأعمار إلا أنها منتشرة بالدرجة الأولى بين المتوسطين في العمر. بذلك لا يتجاوز الإنسان الأربعين من عمره إلا وتصبح آلام الظهر (العمود الفقري) أمراً مألوفاً له سواء كحالة عابرة أو كحالة مزمنة وشديدة الوطأة، بحيث قد تطرحه في الفراش أو تعطله عن مواصلة أعماله وحياته الطبيعية لأيام أو لأسابيع، وبعض هذه الحالات قد يتأصل فيمتد أحياناً وإن بتفاوت لأشهر أو سنوات.
قبل أن نشرح أسباب تلك الأعراض ومواضعها والعلاجات الملائمة، دعونا نبدأ أولاً بالتعرف على أصل المسألة، وهو: العمود الفقري.
يتكون العمود الفقري من 33 فقرة تربطها غضاريف ومفاصل وتغلفها أربطة وعضلات دقيقة. هناك 7 فقرات في الرقبة (الفقرات العنقية )Cervical spine، و12 فقرة في منطقة الجذع مرتبطة بالقفص الصدري (الفقرات الجذعية ) Thoracic spine، و5 فقرات في أسفل الظهر (الفقرات القطنية) Lumbar spine ، و5 فقرات في منطقة العجز متصلة ببعضها مكونة فقرة واحدة (الفقرات العجزية ) Sacrum، وهناك أخيراً 4 فقرات صغيرة في منطقة العصعوص أو المقعد Coccyx.
تتصل الفقرات ببعضها بعضاً بواسطة أربطة أمامية وأربطة خلفية ومفاصل يصل عددها إلى 139 مفصلاً. ويفصل كل فقرتين (ويجمع بينهما) غضروف (Disc)، كما تشدّ العمود الفقري على بعضه من الخلف عضلات قوية تمتد من الرقبة وحتى أسفل الظهر.
والعمود الفقري هو المحور المركزي للجسم، وهو الذي يعطي الجسم شكله في حالة إنتصاب القامة، ويحمل ثقل الجسم وينقل ذلك الثقل إلى الطرفين الأسفلين، وهو يحيط إحاطة كاملة بالنخاع الشوكي ويمنحه الحماية الكافية من أي عوارض خارجية. ويختلف طول العمود الفقري بين الرجال والنساء وبحسب الأعمار والأجناس، لكن معدل طوله عند البالغين من الرجال 70 سم، بينما يقارب معدّل طوله عند النساء الـ 60 سم. وتتشابه الفقرات مع بعضها بعضاً بأشكالها وأوصافها العامة، وتختلف اختلافات جزئية من منطفة الى أخرى. أما الأقراص الغضروفية (Disc) التي تفصل بين الفقرات فهي مكونة من طبقتين، طبقة خارجية ليفية تدعى الحلقة الليفية، وطبقة هلامية تدعى النواة الوسيطة، ووظيفة هذه الاقراص هي امتصاص الصدمات أثناء حركات الجسم وخاصة عند الإنحناء أو حمل الأشياء الثقيلة، حيث تتحرك النواة بشكل نسبي إلى الجهة المقابلة لجهة الإنحناء.
رغم قوته النسبية ومرونته، فإن العمود الفقري حساس ويمكن لأي جزء منه من الاعلى الى الاسفل أن يتعرض للإصابة أو لأمراض تسبب الآلام الحادة المقعدة أو البسيطة، التي على الرغم من بساطتها فإنها كافية لتعكير الحياة اليومية وإضعاف التركيز على أعمالنا.

تصحيح وضعية الفقرات بالتقويم العلاجي
تصحيح وضعية الفقرات بالتقويم العلاجي

ما هي أبرز أسباب آلام الظهر
الأسباب الرئيسية والأكثر شيوعاً لآلام الظهر يمكن إيجازها بالتالي:
1. أسباب ناتجة عن خلل ميكانيكي Mechanical Low Back pain
وهي الأكثر شيوعاً، وتكون ناتجة عن سوء استعمال عضلات ومفاصل العمود الفقري، مثل الوزن الزائد، والجلوس بطريقة خاطئة لساعات طويلة، وعدم ممارسة أي نشاط رياضي والإنحناء الخاطئ المتكرر لرفع أغراض قد تكون ثقيلة عن الارض ووضعية النوم الخاطئة وارتداء الكعب العالي عند النساء، والجلوس الخاطئ وراء مقود السيارة وقيادة السيارة لمسافات طويلة. هذه بعض الأسباب التي تؤدي مع الوقت الى آلام حادة في الصباح الباكر وعادة تتحسن خلال ساعة أو بعد بضع ساعات بعد النهوض.

2. أمراض الديسك أو الإنزلاق الغضروفي Bulged, Herniated disc
للأقراص الغضروفية (Discs) مواقع محددة وصحيحة بين فقرات العمود الفقري. ومن مسببات إنزلاق الغضروف أو ”انبعاجه” القيام بحركة مفاجئة لرفع جسم ثقيل من على الارض أو الانحناء المفاجئ للظهر أو التعرض لنوبة سعال شديد أو حوادث السيارات أو حوادث العمل وعدم ممارسة الرياضة وغياب التغذية السليمة، وأخيراً وليس آخراً التدخين. ولا بدّ هنا من الاشارة الى أن التوتر أو القلق النفسي الشديد (Stress)، فضلاً عن المشكلات الشخصية المالية أو العاطفية والتقلبات السياسية، جميعها تلعب دوراً في نشوء الأمراض العضوية، ومنها الديسك تحديداً.
هناك نقطة مهمة يجب البدء بها، وهي أن أي ديسك غضروفي ينزلق أو ينبعج لا بدّ أن يكون قد تعرض في وقت سابق للتغييرات الفيزيولوجية التي تحدث تمزقاً في الحلقات الليفية، عندها، فإن أي جهد بسيط مثل نوبة سعال أو حركة مغلوطة قد تولّد المشكلة، وهنا فإن الجهد المباشر لا يكون هو السبب بل “الشعرة التي قصمت ظهر البعير”.
إن المادة الهلامية التي تضغط على الحلقات الليفية تسبب بدورها ضغطاً على العصب المار قرب القرص مما يسبب ألماً مبرحاً في الظهر لا يلبث أن يمتد الى اليد أو الساق ويصل أحياناً الى القدم، وقد تصبح بعض عضلات العمود الفقري ضعيفة وتفقد الإحساس، كما تضعف قوتها.

3. ضيق القناة الشوكية(Spinal Stenosis)
قد تكون القناة الفقرية ضيقة ولادياً من غير حدوث خلل آخر. ويكون هذا سبباً في حدوث آلام الظهر، أو نتيجة حدوث إلتهاب في مفاصل العمود الفقري وتنتج عنها زوائد عظمية تسبب ضغطاً على الحبل الشوكي والأعصاب الناشئة منه، تزداد الآلام أثناء الوقوف لمدة طويلة أو السير خطوات قليلة وتختفي أثناء الاضطجاع أو الانحناء قليلاً الى الأمام أو التوقف عن السير لمدة بسيطة ثم متابعة السير.

4. التهاب المفاصل العظمية بالعمود الفقري (Arthrosis)
ينتج هذا الالتهاب من الأضرار التي تحدث لمفاصل العمود الفقري نتيجة التآكل بسبب تقدم العمر أو الحركات الخاطئة أو زيادة الوزن وعدم الحركة، وقد تحدث في مفصل أو أكثر، ويجد الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض أن ألمهم وتيبسهم يتفاقمان بالراحة وينفرجان بالتمرين البدني، وكثيراً ما يتقلبون في الفراش ويستيقظون في الصباح مع أوجاع وتيبس. وينهض العديد منهم في الليل ويقومون ببعض التمارين البدنية للحصول على بعض الراحة.

5. انزلاق الفقرات (Spondylolisthesis)
قد تكون هذه الحالة موجودة منذ الولادة، أو نتيجة إصابات وكدمات للعمود الفقري، إن تلك الحالة هي عبارة عن إنزلاق إحدى الفقرات للأمام فوق الفقرة التي تليها وتحدث أيضاً نتيجة إلتهاب في الغضروف بين المفاصل.

6. ألم النسيج العضلي (Fibromyalgia )
إن العديد من الذين يشكون من هذا الألم العضلي الليفي يعانون من إنزعاج وإكتئاب شديدين. فهم يشعرون بالتعب وقلة النشاط وقلة النوم ويصحون في الصباح الباكر غير مرتاحين، مع تيبس وأوجاع. وهذه الحالة تحدث آلاماً منتشرة بالعضلات وإرهاقاً مع وجود مناطق تؤلم عند الضغط عليها، إنها حالة شائعة وتحدث ألماً قد يستمر سنوات، وتشخيص هذه الحالة يكون بشعور بآلام في العضلات اجمالاً ومع وجود 11 – 18 نقطة تؤلم إذا تم الضغط عليها.

7. إلتواء العمود الفقري (Scoliosis)
من الحالات التي نلاحظها كثيراً كسبب مباشر أو غير مباشر لآلام العمود الفقري إنحراف أو إلتواء الفقرات. وأسباب هذا الإلتواء كثيرة ومتعددة بعضها خطأ في القوام وبعضها لتغييرات تكوينية في الفقرات. ومنها أسباب وراثية أو إختلال في النمو ومنها مفتعلة كالجلوس لمدة طويلة بوضعية خاطئة وتكون بإنحناء الرأس إلى الأمام عند استعمال الكمبيوتر أو الخليوي لمدة طويلة أو حمل الشنطة المدرسية بالطريقة الخطأ أيضاً ولبس الكعب العالي لمدة طويلة.

انزلاق الديسك الواقي بين فقرتين
انزلاق الديسك الواقي بين فقرتين

8. أسباب أخرى لألم العمود الفقري
الاضطرابات العظمية: بما أن الهيكل العظمي يشكل السقالة التي تحمل أنسجة الجسم وعضلاته، فإنه مادة حية وتجدد نفسها بشكل متواصل. وهناك أمراض عدة تؤدي إلى إضعاف العظم عامة وفقرات ومفاصل العمود الفقري تحديداً وتجعلها عرضة للكسور والتشوهات منها ترقق العظام (Osteoporosis) وهشاشتها. فالعظم دائماً في عملية فقدان وبناء لأنسجته، وعندما تصبح عملية الفقدان اكثر من عملية البناء تضعف كثافة العظم وتفقد صلابتها وتتعرض لمخاطر التكسر. وتحدث الكسور عند التعرض لأي إصابة مهما كانت بسيطة كالوقوع على الأرض نتيجة التعثر أثناء المشي، وأهم جزء يخشى عليه من الكسر هو عنق عظمة الفخذ خصوصاً في السنين المتقدمة. والموضع الآخر المعرض للكسور هو فقرات العمود الفقري (الفقرات الجذعية وأسفل الظهر)، حتى أن مجرد ضغط الفقرات الهشة على بعضها من دون أي عامل آخر كفيل بانخساف فقرة أو أكثر ليزداد تقوس العمود الفقري ويعطيه شكل انحناء امامي وقصر القامة وتزداد تباعاً آلام الظهر.
تلين العظام (Osteomalacia)، وهنا يفتقر الاشخاص الذين يعانون من هذه الحالة إلى مادتي الكلسيوم والفيتامين د Calcium Vitamin D .
أورام العمود الفقري، قد ينتج ألم الظهر أحياناً عن نمو ورم في الظهر أو امتداده إلى الظهر من مكان آخر. على الرغم من أن الورم سبب نادر لألم الظهر لكن من المهم الخضوع لفحص طبي دقيق لهذه الغاية.
عندما تظهر الآلام ويكثر التوتر والضيق والإحباط يضطر المريض للبحث عن علاج مناسب فعال وسريع، ولهذا، فإن الكثيرين من المرضى يستشيرون أطباءَهم حول آلام الظهر ونجدهم قد وضعوا في أذهانهم تشخيص مرضهم – سواء كان ذلك التشخيص صحيحاً أم خاطئاً – وربما جربوا العديد من العلاجات التي سمعوها من معارفهم أو قرأوها في الإعلانات – بل إن الكثير منهم جربوا مختلف الوصفات الشعبية وجذور بعض النباتات أو الكي أو الوخز أو التنويم وغيرها .
إن علاج آلام الظهر ليس سهلاً ويتطلب مقاربة تركز على تحري جميع الإحتمالات، وفحصاً جسدياً متكاملاً يأخذ في الإعتبار جميع الاحتمالات المرضية، وإلا فإن النتيجة ستكون أقرب إلى الإخفاق سواء كان ذلك في التشخيص أم العلاج.
هناك مجموعة من طرق العلاج لكل حالة من الحالات التي شرحتها سابقاً، وينقسم العلاج من البسيط البدائي الى المركب والمعقد وآخرها الجراحة. إن الفحص المتأني والتشخيص الصحيح هما المدخل الصحيح لأي علاج يقترحه الطبيب.
إن أحد العلاجات الأولية المهمة هو العلاج بالبرودة والحرارة، فخلال الساعات الـ 48 الأولى بعد الأصابة أو الشعور بالألم يجب إستعمال كيس من الثلج على موضع الوجع لمدة 10 دقائق كل ساعة أو ساعتين ليقلل من حدوث إلتهاب ويخفف الألم، وإذا إستمر الألم اكثر من 48 ساعة بعدها تستخدم الحرارة كوضع منشفة دافئة لمدة 20 دقيقة كل ساعتين أو ثلاث. العلاج الطبيعي له فوائد كثيرة ويهدف إلى تخفيف الألم وتقوية العضلات ومرونتها – والعلاج بالتنبيه الكهربائي للأعصاب يساعد أيضاً في تخفيف الألم . وهناك أيضاً تقنية الشدّ، وذلك بإستخدام أدوات خاصة لشدّ عضلات الظهر لتخفيف الضغط على الاعصاب وشدّ العضلات الملتصقة بالظهر.
في بعض الحالات الشديدة، يلجأ الطبيب أيضاً إلى حقن الكورتيزون بهدف تخفيف الورم والألم ويتم أيضاً استخدام الكثير من الأدوية والعقاقير لتسكين ألم الظهر، ومنها : الباراسيتمول والاسبرين وفولتارينوكاتافلام وبروفين وكيتوبروفين ونابروكسين، والأدوية المرخية للعضلات مثل روباكسين وأيبيوبروفين و بروفين وغيرها. لكن هذه المسكنات ومرخيات الأعصاب ليست علاجاً، كما أن من الضروري عند تناولها مراقبة صحة غشاء المعدة، والكبد، والكلى، وغيرها لأن لهذه العقاقير مضاعفات جانبية سلبية على الجسم وأعضائه.

رياضة المشي هواية مزدهرة في لبنان وهي وقاية مهمة للعمود الفقري وبقية المفاصل
رياضة المشي هواية مزدهرة في لبنان وهي وقاية مهمة للعمود الفقري وبقية المفاصل

المعالجة الجراحية
الرأي السائد في الوسط الطبي أن واحدة فقط من كل 2000 نوبة من ألم الظهر قد يكون علاجها بالجراحة. وفي أي حال لا يجب اعتبار الجراحة خياراً علاجياً إلا إذا لم تستجب الأعراض والآلام لأي علاج آخر. ولا يجوز الإقدام على عملية جراحية بعد النوبات الأولى، وقبل اللجوء إلى الراحة والعلاجات المكملة. وفي معظم الحالات، يلجأ الجراح إلى إخضاع المريض للتصوير بالرنين المغناطيسي، وذلك بهدف دراسة الأعصاب والأربطة والاقراص داخل البنية الفقرية. وتشير الدراسات إلى أن 47 الى 50 % من تشخيص عادي لم يشعروا بأي ألم في ظهرهم تبين أنهم يشكون من إنزلاق غضروفي بعد خضوعهم للرنين المغناطيسي. وفي نظرنا، فإنه يجب عدم اللجوء إلى العلاج الجراحي إلا بعد تقييم دقيق وشفاف وبعد ظهور بوادر شلل أو ضعف في العضلات.

وضعية-النوم-الصحيحة-مع-إسناد-الرقبة-
وضعية-النوم-الصحيحة-مع-إسناد-الرقبة-
من المهم جدا استخدام مسند للظهر عند القيادة خصوصا لمسافات طويلة
من المهم جدا استخدام مسند للظهر عند القيادة خصوصا لمسافات طويلة

المعالجة اليدوية
من العلاجات المعروفة والمستقرة لأوجاع المفاصل وآلام العمود الفقري ما يُعرف بإسم الكايروبراكتك (Chiropractic) (المعالجة اليدوية / المنابلة وتقويم المفاصل) التي أثبتت مقدرة وفاعلية في معالجة مختلف الحالات المرضية المستعصية.
ويتم تطبيق علاج الكايروبراكتك على ثلاثة مستويات تناسب الطبيعة الثلاثية للجهاز العظمي العضلي والعصبي. وبحسب هذه التقنية، يقوم الطبيب بالضغط بتأنٍ على موضع المشكلة مع الأخذ في الحسبان قوة الضغط والسرعة في أدائه لتحريك المفاصل والفقرات . فيتركز العلاج على مبدأ تحريك أو تقويم الفقرات
(Manipulation) بطريقة فنية وخبيرة تتعدى التحريك الذاتي. ويتصف هذا العلاج بالدقة والحساسية، وهو يأخذ في الاعتبار وضعية المفصل وقوته ويقوم بحركة سريعة فيسمع صوتاً هو من تأثير إزالة الالتصاق بين المفاصل. وبهذا، تزال التشنجات العضلية والضغوطات على الأعصاب ويخف الألم ويشعر المريض بتحسن جسدي كلي وقوام جيد.
مع هذه العلاجات لا بدّ من التنويه بأهمية الوقاية لكل هذه العوارض المرضية، وذلك باتباع الإرشادات التالية:
إذا حاولت إلتقاط أي شيء من على الأرض (حتى ولو كان خفيفاً) حاول أن تثني ركبتيك وأن ترفع هذا الشيء عندما يصبح قريباً من جسمك
يجب أن يكون إختيار السرير مناسباً بحيث يكون صلباً يؤمن للعمود الفقري السند والدعم اللازمين، فالجسم يجب أن يكون مسترخياً تمام الاسترخاء.
يجب وضع وسادة مطوية تحت الرقبة وتفادي النوم من دون وسادة لأن ذلك يجعل فقرات الرقبة في وضعية سيئة وملتوية ويعرضها لإجهاد غير ضروري.
النوم الصحيح هو على الظهر مع وضع وسادة تحت الركبتين – أو على أحد الجانبين مع وضع وسادة بين الركبتين بعد طيهما.
تخفيف الوزن لأن البدانة تلقي عبئاً إضافياً على المفاصل وخصوصاً مفاصل أسفل الظهر ولا بدّ لتأثير هذا الإجهاد أن يظهر عاجلاً أم آجلاً في آلام الظهر ومشاكل في العمود الفقري.

الجلوس الصحي الذي يؤمن للظهر وضعية مستقيمة مريحة ومن دون انحناء. لأن الجلوس الخاطئ يزيد الثقل على الفقرات بمعدل 40 الى 50 % عمّا هو عليه الحال في وضعية الوقوف.
اختيار الكرسي المناسب والطاولة المناسبة وخاصة عند استعمال الكمبيوتر.
حين الوقوف لمدة طويلة ( أو قصيرة ) ضع قدمك على كرسي أو مقعد صغير لتخفيف الضغط على الظهر . . وإذا استحال ذلك غيّر في وضعية وقفتك من وقت الى آخر كي توزّع وزنك على كامل جسمك.
السيارة هي العدو الأول للعمود الفقري. إنها تخلف أوضاعاً مهلكة ومؤثرة عليه، فيجب أن تؤمن للظهر وضعاً صحياً ومريحاً، ويجب إستعمال وسادة تسند أسفل الظهر، وعند القيادة لمدة طويلة يجب التوقف كل ساعتين بالنزول من السيارة ومحاولة المشي لبضع دقائق تسمح بالإرتخاء وازالة التشنج الناتج عن وضعية الجلوس الطويل.
إن العدو الأول للصحة وخصوصاً صحة العمود الفقري هو الكسل والخمول وقلة الحركة. عدا هذا، فإن الأوضاع السيئة للجسم (مثل البقاء مسترخياً على كرسي لمشاهدة التلفزيون عدة ساعات والحركات الصغيرة الضارة التي تتكدس يومياً، كل هذه الامور تترك العمود الفقري في حالة يرثى لها.
إن تخصيص 45 دقيقة يومياً لإجراء تمارين رياضية منتظمة يساعد في الحفاظ على صحة الظهر خاصة والصحة الكلية عامة.
تعتبر السباحة من أكثر أنواع الرياضة فائدة لتقليص آلام الظهر. وفي حال عدم توافر امكانية السباحة (مثل عدم وجود مسبح قريب)، فإن المشي له نتائج طيبة على الظهر، ويقي من الإصابة بترقق العظام، ويجب ممارسته يومياً لمدة لا تقل عن 20 دقيقة (ولا تعوض بالمشي ساعتين يوم الأحد فقط)، ولا ننسى أن التمارين السويدية مهمة جداً.
إن الغوص في متاهات آلام العمود الفقري أمر شاق وصعب، وذلك يعود الى التغييرات الميكانيكية والفيزيولوجية الدائمة في هذا العضو الفريد من نوعه هندسياً وعلمياً. فالأعراض والتشخيص والعلاج كلها مختلفة لكنها مترابطة في ما بينها. ولكن يبقى خير العلاج في الحركة الدائمة وتخفيف الوزن والرياضة الملائمة والاقلاع عن التدخين والتفاؤل بالحياة أي اجتناب كل أسباب التوتر التي تجلبها الحياة المعاصرة.

الفيتامين

أبحاث علمية تؤكد:

خطر حبوب الكالسيوم على الصحة
أكبـــر بكثيــر من منفعتـها للعظام

الكالسيوم الصناعي قشور بيض وصخور وعظام ذبائح
ولا يمكن للجسم امتصاصه دون وجود أنزيمات مساعدة

لقوة العظام خذوا الكالسيوم من مصادره الطبيعية
وتناولوا الفيتامين K2 وثمار الرمان

منذ نحو عقد أو اكثر برز في عالم الصحة اصطلاح جديد لم يكن أحد قد سمع به من قبل هو “ترقق العظام”، ومنذ ذلك الوقت بات الحديث عن “ترقق العظام” يتكرر في الصالونات، وفي وسائل الإعلام، وفي لغة الأطباء الذين بدأوا يصفون لهذه الحالة الجديدة حبوب الكالسيوم بجرعات متفاوتة على سبيل الوقاية. وقد بات الانطباع شائعاً بأن “ترقق العظام” حالة مرضية لا بد من معالجتها خوف أن يؤدي سقوط الأشخاص المتقدمين في السن إلى إحداث كسور في جسمهم قد تؤدي إلى مضاعفات أخرى.
لكن خلال الفترة التي بدأ الحديث فيها عن ترقق العظام والوقاية منه بحبوب الكالسيوم، نظمت أبحاث علمية كثيرة توصلت إلى نتائج أساسية تثبت أن تناول الكالسيوم يتسبب بمخاطر صحية كبيرة على صحة القلب والكلى والأوعية الدموية بل الدماغ، ويزيد خطر الذبحات القلبية والإصابة بسرطان الثدي لدى النساء. وبناء على تلك الدراسات، يتعاظم كل يوم حجم الرأي العلمي بل الطبي الذي يدعو إلى وقف استخدام حبوب الكالسيوم والاستعاضة عنها بمصادر الغذاء التي تحتوي على نسبة عالية من الكالسيوم الطبيعي القابل للامتصاص.

الحصول على جواب علينا تحرّي الدور الذي تلعبه الشركات المهيمنة على صناعة الأدوية في العالم في إعادة تعريف الكثير من الحالات بهدف جعلها حالات تستدعي معالجة بالأدوية، وهذه الاستراتيجية التي طبقت بنجاح في العديد من الحالات لاقت دوماً دعماً من منظمة الصحة العالمية، وأدت إلى اتساع هائل في سوق الدواء وتنامٍ غير مسبوق في أرباح شركات الأدوية العالمية.
في حالة ما يسمى “ترقق العظم” حققت صناعة الأدوية وبالتحديد مصنّعو الكالسيوم اختراقاً مهماً عندما تمكنوا في سنة 1994 من إقناع منظمة الصحة العالمية بتبني تعريف جديد للمعدل الطبيعي لكثافة العظام بني على كثافة العظم لدى إمرأة بعمر 25 عاماً (وهو عمر الذروة في كثافة النسيج العظمي لدى المرأة). وجرى تصنيف “المرض”إلى مرحلتين أولى تدعى Osteopenia، وأخرى “أكثر حدة” دعيت باسم osteoporosis.
وبالطبع، نجم عن ذلك أن فئات كبيرة من النساء اللواتي كنّ يعتبرن صحيحات الجسم تم
تصنيفهن كـ “مريضات” يحتجن إلى معالجة وقائية، وقد بني على هذا التحول قيام صناعات عالمية واسعة لمعالجة الحالة الجديدة، وهي صناعات يقدر دخلها السنوي بعشرات المليارات من الدولارات سنوياً.

تضليل علمي
هل تحتاج نساء اليوم اللواتي يدخلن في سن متقدمة (60 عاماً وما فوق ) إلى تناول حبوب الكالسيوم للوقاية من “ترقق العظام”؟
لا توجد إجابة علمية واحدة بالطبع، إذ أن العديد من الأطباء يفضلون اتباع توجيهات منظمة الصحة العالمية. لكنّ هناك تياراً متزايداً بين الأوساط العلمية والصحية يعتبر أن تناول النساء للكالسيوم الصناعي غير ضروري إطلاقاً، بل هو يتسبب في أمراض ومخاطر جسيمة على الصحة. وهذه الفئة من العلماء يعتبرون أن تراجع كثافة العظم لدى النساء أو الرجال ظاهرة طبيعية كغيرها من ظواهر التقدم في السن، ولم يكن من الجائز علمياً اعتبارها “مرضاً”. كما يشددون على أن خطر الموت بسبب حادث انزلاق يسبب كسوراً يعتبر ضئيلاً جداً إذا قيس بالمخاطر التي يسببها الكالسيوم الصناعي على صحة الجسد وخصوصاً خطر التعرض لنوبات قلبية، أو مرض سرطان الثدي بالنسبة للنساء. وهناك أدلة علمية قوية تثبت أن خطر الإصابة بسرطان الثدي يقفز 300% في النساء اللواتي يتناولن حبوب الكالسيوم لسنوات طويلة.

مخاطر الكالسيوم الصناعي

 

الكالسيوم الوحيد المفيد للجسم هو الذي يحصله الجسم من عدد من الأغذية التي تحتوي على نسب عالية منه، أما حبوب الكالسيوم فإنها مصنوعة في الغالب من الصخور أو قشور البيض أو طحين عظام الذبائح أو قشور القواقع البحرية، وهناك سبب رئيسي لعدم فعالية تلك الحبوب بل خطرها، وهو أن الكالسيوم الصناعي يدخل الجسم من دون أن يكون متّحداً مع الأنزيمات والعناصر العضوية الأخرى التي تسهل “توجيهه” بصورة طبيعية عبر الدم إلى المستقر النهائي له في الجسم، وهو العظام. وبالنظر الى انعدام وسيلة توصيل “ذكية” للكالسيوم الصناعي فإن هذه المادة الكثيفة قد تتجه إلى الأماكن الخطأ في الجسم أو قد تتجه إلى المكان المقصود وهو العظام. لكن مخاطر أن يضيّع الكالسيوم طريقه تصبح أكبر كلما زادت الجرعات منه أو طالت مدة استخدامه.
ومن أبرز المضاعفات التي قد تنجم عن تناول حبوب الكالسيوم الصناعي:
أن فضلات الكالسيوم التي لا ينجح الجسم في توجيهها إلى العظام قد تتراكم في الأمعاء الغليظة مسببة الإمساك.
فضلات الكالسيوم قد تتجمع في الأوردة مسببة ارتفاعاً في ضغط الدم أو الجلطات أو حتى اضطراب خفقان القلب أو انقباض عضلة القلب.
قد يتراكم الكالسيوم في الكلى مسبباً أمراض الحصى أو الرمل الكلوي.
من أكثر الأمور غرابة هو اكتشاف ترسبات كالسيوم بحجم الحصى منتشرة في أنحاء الدماغ البشري، وذلك لدى تشريح بعض المتوفين الذين كانوا يتناولون حبوب الكالسيوم بانتظام ولسنوات طويلة.

حبوب الكالسيوم وسرطان الثدي
يعتبر تزايد احتمال الإصابة بسرطان الثدي جراء تناول حبوب الكالسيوم من أبرز المخاطر التي بدأت تجتذب انتباه الأوساط العلمية وتعزز الدعوة إلى وقف استعمال الكالسيوم من قبل النساء. وقد أظهرت الأبحاث وجود جزيئات الكالسيوم في خلايا سرطان الثدي، وقد كان يظن أن هذه الجزيئات هي نتيجة للإصابة بالمرض، إلا أن الرأي الغالب هو أن تراكم جزيئات الكالسيوم في الثدي يعمل كمحرض لتكاثر الخلايا ويطلق أعراض السرطان. وقد أظهرت الأبحاث أن النساء اللواتي يتمتعن بأعلى درجة كثافة في العظام معرضات للإصابة بمرض سرطان الثدي بنسبة 300% أكثر من اللواتي لا يتعاطين حبوب الكالسيوم.

خلاصة
يمكن تلخيص الجدل العلمي حول “ترقق العظام” بالنقاط الأساسية التالية:
1. إن تراجع كثافة العظام ظاهرة طبيعية (وليست مرضية) سببها التقدم في السن، وقد عاش الناس لقرون طويلة وهم يعلمون أن التقدم في السن ينعكس على مختلف قدرات الإنسان من النظر إلى السمع إلى الذاكرة إلى القوة البدنية، ومن بين تلك النتائج تراجع كثافة العظام. لكنّ السابقين عاشوا حياتهم وأنهوها بصورة طبيعية، ولم يكن موضوع ضعف العظام لديهم وسواساً، بل أحد مظاهر الكهولة، ولهذا السبب لم يوجد لحالة “ترقق العظم” أي ذكر في تاريخ العلوم قبل اعتماد التسمية من قبل منظمة الصحة العالمية!
2. إن كثافة العظم قد تكون معياراً لقوة احتمال الصدمات لكنها قد لا تؤشر إلى “ليونة” تساعد العظم على مقاومة حالات أخرى مثل الشد أو المط، بل أن الدراسات أظهرت أن العظم الكثيف قد يكون أحياناً أضعف، كما يظهر في المقارنة بين الخشب (وهو أقرب في تكوينه إلى عظم الإنسان)، وهو أقل “كثافة” من البلّور مثلاً، لكنه أقوى احتمالاً بكثير منه، إذ أن الأخير رغم كثافته يعتبر سريع العطب في حال السقوط.
3. إن كثافة العظام مقياس مختلف عن مقياس نوعية المادة العظمية، فالأولى قد تحصل عليها من تناول مكملات غذائية صناعية مثل حبوب الكالسيوم، لكن نوعية وحيوية العظام لا يمكن الحصول عليهما إلا من مصادر التغذية الصحية، ومن أهم مصادر تحسين قوة ومرونة العظام مثلاً الفيتامين K2 والرمان.
4. إن تعريف منظمة الصحة العالمية لخطر السقوط أو كسر العظام يركز على كثافة العظام لكنه يتجاهل أن العديد من أسباب الوقاية من حوادث كسر العظام لا يتعلق بتناول حبوب الكالسيوم بل بعوامل أخرى مثل مشكلات التوازن وأسلوب المشي أو ضعف النظر. بمعنى آخر، فإنه طالما كانت لديك القوة للتحرك والنظر الصحي لرؤية طريقك فإن من أبعد الاحتمالات أن تتعرض للسقوط.
5. إن كثيراً من الشباب أو النساء الشابات يتعرضن أحياناً لكسور متفاوتة الخطورة من جراء السقوط، والأمر كله يتوقف على طبيعة الحادث وظروفه، وهذا يعني أن حوادث السقوط والإصابة بكسور في العظام حوادث لا علاقة لها دائماً بـ “ترقق العظم”، وهي تشمل الجميع ولا مبرر بالتالي لتخويف كبار السن واعتبارهم “مرضى”

تعاطي حبوب الكالسيوم قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم والجلطات والإمساك وحصى الكلى وأمراض القلب وزيادة مخاطر سرطان الثدي لدى النســـاء

منظمة الصحة العالمية
ومصالح صناعة الدواء

يعتبر النقد الشديد الذي توجهه أوساط طبية وعلمية لمنظمة الصحة العالمية بشأن حبوب الكالسيوم حالة من حالات عدة وقعت فيها المنظمة في أخطاء أو تبنت مواقف بدت فيها أقرب إلى مصالح صناعة الادوية العالمية منها إلى الإنسان العادي الذي يفترض أن المنظمة تعمل لأجله.
من ذلك مثلاً مسارعة منظمة الصحة العالمية أكثر من مرة لتحويل بعض حالات المرض والأنفلونزا إلى “حالات وبائية” خطرة والترويج بسبب ذلك لفرض التلقيح ضد تلك “الأوبئة” في أنحاء العالم ليتبين بعدها أن تلك الحالات كانت معزولة، ولم تكن تبرر إثارة الذعر في العالم. لكن موجات الهلع التي أثارتها بيانات المنظمة مكنت شركات الأدوية وما زالت من أن تحصد مليارات الدولارات من تصنيع لقاحات مشكوك جداً في فعاليتها تجاه الأمراض التي طورت للحماية منها.
من ذلك أيضاً موقف المنظمة الجازم بفرض لقاحات على الأطفال تزايدت الشكوك حول فعاليتها ومخاطرها الجانبية على صحتهم.
وقبل عقد من الزمن، روجت المنظمة لأسلوب المعالجة بالهرمونات لمساعدة النساء على تخطي سن اليأس والاحتفاظ بحيويتهن الجنسية إلا أنها توقفت عن ذلك بعدما ظهرت آثار المعالجة بالهرمونات في تزايد حالات السرطان والجلطات والأزمات القلبية.
إن أهمية منظمة الصحة العالمية هنا هي طابعها الكوني وقدرتها على إصدار تعميمات وإرشادات يتم رفعها إلى الحكومات التي تقوم عندها بتبنيها كسياسات وفرضها على أنظمة الرعاية الصحية في بلدها، كما أن الأدبيات التي تنشرها المنظمة يتم تداولها في الإعلام فتروج باعتبارها أموراً “علمية” لا غبار عليها. لذلك، فإنه عندما تتبنى المنظمة الجهة الخطأ مثل دعمها لمصالح صانعي الأدوية بدلاً من الإنسان العادي، فإن العالم يكون في مشكل حقيقي.

أخطار بيئية وخطايا مهنية

أخـطار بيئيـة وخطايـا مهنيـة
تهدّد سمعة العسل اللبناني

التهــام العقــار والجرافــات للمساحــات الجبليــة
يضيــق باستمــرار المراعــي المتوافــرة للنحــل

العسل من أشرف وأنفع الأغذية التي أنعم بها الله على الإنسان حتى أنه كان منذ القدم مثالاً للغذاء الطهور النافع والشافي }يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ{ (النحل:69)، لكن العسل الذي تحدث عنه القرآن الكريم وعرفه الناس لقرون طويلة كدواء شافٍ كان العسل الصافي الذي يصنعه النحل من دون تدخل الإنسان نتاجاً طبيعياً مثل كل خيرات الطبيعة. أما الآن فقد تبدّلت صورة العسل بسبب تدهور البيئة التي يعمل فيها، وكذلك بسبب دخول الجشع وحسابات الربح بأي طريقة في التعامل كسلعة مثل غيرها من السلع. فما الذي يتبدّل في عسل بلادنا، وما العمل للحفاظ على جودته وسمعته من أن تتضررا نتيجة للإهمال البيئي وبعض الممارسات الخاطئة؟
العسل الطبيعي في لبنان من أفضل الأعسال في العالم بشكل عام، لأنه يحتوي على عدد كبير من مصادر الرحيق وحبوب اللقاح، التي يزيد عددها عن ألف نوع، إضافة إلى الندوة العسلية. على سبيل المثال يوجد في محمية أرز الشوف الطبيعية حوالي 530 نوعاً من الأزهار المفيدة للنحل، والتي تمتاز بإنتاجها للرحيق واللقاح معاً، ولكن بنسب مختلفة ويوجد قسم لا بأس به منها في تركيبة العديد من الأدوية، كما يتميز لبنان رغم مساحته الصغيرة بوجود حوالي 2800 زهرة مقارنة ببعض الدول المتطورة في تربية النحل وإنتاج العسل مثل انكلترا أكبر من لبنان بحوالي 22 مرة تحوي 2200 نوع من الأزهار تقريباً.
طفيلي الفاروا يلتصق بنحلة عاملة
طفيلي الفاروا يلتصق بنحلة عاملة

مبيدات رديئة لآفات النحل تترسب في العسل ونحالون «يغـــــذون» النحل أو يسخـــنون العســـل حتى الغليــــان

آثار التدهور البيئي
لكن على الرغم من توافر البيئة الطبيعية المثلى لإنتاج أفضل عسل في العالم ذي خصائص طبية، فإن هناك مجموعة من العوامل بدأت تتسبب بتراجع متزايد في صناعة تربية النحل وكذلك في نوعية العسل التي تميز بها لبنان، ومن أهم تلك العوامل ما يلي:
1. إزدياد المساحات العمرانية وانتشار عادة بناء منازل ضخمة وذات مساحات كبيرة تفوق بكثير ما تحتاجه الأسرة، وذلك على حساب الأشجار المثمرة والحرجية والنباتات والأعشاب البرية المفيدة للبيئة والنحل.
2. تضاعف عملية شق الطرق البلدية أو الخاصة خدمة لأغراض التوسع العقاري، وهو ما يجر إلى استهلاك مساحات كبيرة من الأراضي الحرجية التي ينمو فيها عدد كبير من النباتات البرية المفيدة للنحل، أضف إلى ذلك ما يجره العمران وكافة سير السيارات من تلوث وانتشار غبار وأدخنة تتصاعد من الحافلات والشاحنات ويترسب قسم منها في الأزهار فيتلف الرحيق وحبوب اللقاح، هذا عدا عن الغبار الذي يدخل الى قفران النحل ويتجمع في العيون السداسية المملوءة بالعسل.
3. قطع الأشجار المثمرة والحرجية في عدد من المناطق الساحلية أو الجبلية وبيعها حطباً للتدفئة بهدف إخلاء المزيد من الأراضي لأغراض التوسع العقاري أو لإستبدالها بزراعة بعض النباتات التزينية غير المزهرة أوالمنتجة، وبالتالي غير المفيدة للنحل. نتيجة لذلك، فإن النحالين يجدون صعوبة متزايدة سنة بعد سنة في إيجاد أماكن على الساحل يمكن حفظ قفران النحل فيها خلال فترة الشتاء والربيع، وهي فترة جني مهمة تساعد من جهة على حفظ النحل من شتاء الجبل القارس، كما توفر دخلاً إضافياً يحتاجه النحال بقوة تعويضاً عن ركود الشتاء.
4. على العكس من ذلك، فإن على الدولة، إذا كانت راغبة في تطوير صناعة العسل في لبنان، أن تطبق خطة وطنية للتشجيع على زراعة النباتات والأشجار التي تمد النحل بالرحيق وحبوب اللقاح وخصوصاً في الأماكن العامة (الحدائق العامة والخاصة، جوانب الطرقات، الساحات الخ). وفي الوقت نفسه التشجيع على زراعات منتجة ملائمة لطبيعة الجبل ومفيدة أيضاً لصناعة العسل.
5. الحرائق المفتعلة أو الناجمة عن استهتار المتنزهين أو بعض الأشخاص، والتي تؤدي الى تقلص المراعي الطبيعية للنحل، إضافة الى إنقراض الكثير من النباتات النادرة، والتي تحتوي على مواد طبية مفيدة للنحل والإنسان. كما أن للحرائق ضرراً كبيراً إضافياً هو أنها تفسح المجال لنمو وتكاثر النباتات والأشجار الضارة التي تنمو وتتوسع على حساب غيرها حتى تسيطر عليها كلياً. على سبيل المثال: الصنوبر البري والوزال والقندول وغيرها، والتي بدورها تعيق نمو وإستمرار النباتات الأساسية التي كانت موجودة قبل الحريق.

أخطاء وخطايا النحالين
إضافة إلى التحولات البيئية السلبية التي تقلص باستمرار مراعي النحل الطبيعية، فإن هناك عدداً من الأخطاء أو أعمال التلاعب والسلوك غير المهني من قبل بعض النحالين، وهنا يمكن أن نعدد الكثير منها لكننا نقتصر على الأهم والأكثر شيوعاً، وهو التالي:
1. عدم استخدام المعالجات الكيميائية الصحيحة لمعالجة بعض آفات النحل الخطيرة مثل عنكبوت الفارواز، لأن المبيدات المستخدمة أو المتداولة محلياً غير فعّالة في مكافحة الفارواز لأن المبيدات المتخصصة غير موجودة في لبنان ولا يتم استيرادها ربما لأنها أعلى تكلفة. لذا ننصح بعدم استخدام أي مبيدٍ على النحل غير موثوق المصدر والتركيبة للمادة الفعالة. هذه المبيدات كما جميع المبيدات الزراعية تعيق وتعطل بعض الغدد عند النحل مما يؤدي الى تغيير مسار النحل خاصة الجانيات وعودتها الى خلايا أخرى غير خليتها، فتقتل أو تشرد في البراري حتى موتها. أما تأثير تلك المبيدات الرديئة على نوعية العسل فيكون في ترسب كمية لا بأس بها من المادة الفعّالة للمبيد المستخدم في الخلية داخل العسل لأن هذه المبيدات غازية تنتشر في جميع أنحاء الخلية، والعسل مادة جاذبة للرطوبة المحيطة بها، وهنا تصبح مشبّعة بهذا المبيد المستعمل.
2. المكافحــــــة الكيميائيـــة للاشجـــــــــار المثــــــمــــــرة والمزروعـــــــــات: إن المبيــــــدات الكيميائيـــــــــة التي تستخدم لمكافحة الأمراض والحشرات على الأشجار المثمرة والأشجار الحرجية والخضار سامة جداً، وهي تُسهم مباشرة في موت عدد لا يستهان به من النحلات العاملات التي تعمل خارج الخلية، أو حتى العاملات التي تعمل في داخل الخلية واليرقات التي تتغذى على الرحيق وحبوب اللقاح. إن العاملات، التي تجني الرحيق وحبوب اللقاح، عندما تكتشف مرعى جديداً تعمد الى تذويق العاملات التي تستعد الى رحلة البحث عن الغذاء، وتغذية بعض العاملات التي خرجت حديثاً من النخروب أو العيون السداسية. أما الرحيق المتبقي في حوصلتها فتعمد الى تخزينه في النخاريب المجاورة لليرقات حتى تخلطها العاملات التي ما زالت تعمل داخل الخلية مع حبوب اللقاح وتقدمها الى اليرقات. هذا الغذاء يؤدي الى موت عدد لا يستهان به من العاملات والحضنة.
3. استخدام المبيدات العشبية Herbicides: وهي مركبات شديدة السمية وخطيرة جداً على النحل والإنسان، لأنها جهازية وتصل الى مستوى جذور الأشجار المثمرة والخضار عبر جذور الأعشاب المكافحة. فتمتصها تلك النباتات حتى تترسب في اوراقها وثمارها التي هي غذاء الإنسان. أما ضرر هذه السموم على النحل فيحصل عند استخدام المبيدات في مرحلة الإزهار، وهذا ما يحصل غالباً لأن مكافحة الأعشاب تتم غالباً إما عند بدء الإزهار أو خلال الإزهار وحوالي الـ 70 في المئة من المزارعين يكافحون الأعشاب في هذه المرحلة، وهذا ما يؤدي الى موت النحل كما ذكرنا أعلاه في مكافحة الأمراض والحشرات على الأشجار المثمرة والخضار.

قفران-نحل-في-معاصر-الشوف
قفران-نحل-في-معاصر-الشوف

 

4. تسخين العسل إلى درجة الغليان (100 درجة مئوية تقريباً): وهذه البدعة ونكاد نقول الجريمة يعمد إليها بعض النحالين الجشعين بعد قطاف العسل مباشرة، وذلك لغايتين إثنتين هما:
أ. الحؤول دون تجمّد العسل واحتفاظه بحالته السائلة. لأن الكثير من مستهلكي العسل يعتبرون عن قلة خبرة أو فهم خاطئ أن العسل الذي يتجمد لا بد أن يكون مغشوشاً وغير صالح كغذاء. أما الصحيح فهو العكس تماماً وبالمطلق، إذ أن غلي العسل يفقده جميع ميزاته إضافة الى إسمه، ويؤدي الى موت جميع خواصه الغذائية والطبية من انزيمات ومعادن وفيتامينات ولزوجية ورائحة زكية فيصبح من حيث القيمة الغذائية في مستوى سكر الطعام لا أكثر ولا أقل.
ب. الهدف الثاني من غلي العسل (خصوصاً الربيعي) هو أن يستفيد النحال من مواسم عدة، فهو يقطف العسل قبل إنضاجه من قبل العاملات، أي سحب الرطوبة الزائدة منه وإضافة الأنزيمات وحبوب اللقاح له. ولأن العسل الذي يقطف قبل إنضاجه من قبل النحل يفسد (يحمض) بعد وقت قليل، وتتردى نوعيته، وبالتالي ينخفض سعره. لذلك يقوم النحال بغلي العسل فور قطافه ليحميه من الفساد ولكي يمكنه وضع براويز جديدة يعود النحل فيملأها أو بعضها ويحصل بذلك على محصول إضافي. لكن يجب القول إن هذا العسل المغلي لا يصلح كغذاء ودواء، ويجب أن لا يندرج تحت اسم «عسل» على الإطلاق.
5. التغذية السكرية: وهي مشكلة المشاكل التي تهبط بنوعية العسل وبطعمه وفوائده المفترضة. ونبدأ بالقول إن النحل في لبنان بحاجة الى تغذية سكرية خاصة في بعض أوقات السنة، وفي حال وجود جماعات نحل ضعيفة فقط. مثلاً في فصل الشتاء يغذى النحل لتهيئته للموسم القادم في بداية فصل الربيع، وذلك بهدف حث الملكة على وضع اكبر كمية ممكنة من البيض، بحيث تقوى خلية النحل ويرتفع عدد الجانيات فيكون القفير مستعداً لبدء الجنين مع أول إطلالة لفصل الدفء، وهو ما يؤدي إلى جني اكبر قدر ممكن من الرحيق واللقاح من الإزهار في الربيع. لكن من الضروري، تقديم الغذاء حسب حاجة الخلية له، وبحيث يتأكد إستهلاكه كله من العاملات وعدم تخزين أي نسبة منه في الأقراص الشمعية المعدة لصنع العسل. وبالطبع، فإن أي نحال يستهدف إنتاج محصول يكفي مؤونة العام أو يزيد قليلاً، يهمه الحصول على عسل صافٍ لم يخالطه سكر أو محليات أخرى، وهو سيحرص على أن تكون التغذية للحفاظ على النحل وتقوية الخلية، وهذا يفترض توفير ما يحتاجه النحل من دون زيادة، لأن هذه سيستخدمها النحل لملء براويز العسل بمادة سكرية بالدرجة الأولى. لكن هناك من النحالين من يستخدم التغذية كقناع لغش العسل، وذلك عبر الإسراف في توفيره للخلية حتى عندما تكون هذه قوية وفي موسم لا يحتاج النحل فيه الى الغذاء. إن القاعدة هنا هي أن تُترك للنحل الطبقة السفلى من القفير بعسلها، وأن يتم جني العسل من الطبقة العليا على أن تكون التغذية قد توقفت تماماً عند إضافة تلك الطبقة في أول موسم الجني، عندها يضمن النحال أن العسل الذي يستهلكه أو يبيعه لا يدخله أي تغذية سكرية، وأنه بالتالي صافٍ وذو نوعية جيدة. أما الاستمرار في التغذية بعد أن يتم تركيب الطبقة العليا فهو غش محض لأن فاعله وإن كان لا يضيف السكر إلى العسل مباشرة إلى أنه يضيفه عبر إطعامه للنحل، وعندها فإن العسل الذي يبيعه لا يستحق تسميته بالعسل، كما أنه هو لا يستحق تسمية «نحال» !

ليس كل ما يقطر عسلا
ليس كل ما يقطر عسلا
عاملات-في-الخلية.-البعض-يهتم-بصنع-العسل-والبعض-يهتم-يخدمة-الملكة-_في-الوسط-
عاملات-في-الخلية.-البعض-يهتم-بصنع-العسل-والبعض-يهتم-يخدمة-الملكة-_في-الوسط-

منظمة

كشوفات علمية تسلّط الضوء على مخاطر استخدام الخليوي

منظمة الصحة العالمية تقرّر رسمياً
أن الخليوي مسبب محتمل للسرطان

الخبراء ينصحون باستبدال التهاتف الصوتي بالدردشة النصية
والاكتفاء باستخدام الخط الأرضي في المنزل وأماكن العمل

الموجات الكهرومغناطيسية تتسبب بمرض السكري والعقم
والخليوي على الورك يُضعِف العظم في منطقة الحوض

يُقدَّر اليوم أنّ هناك نحو 5,9 مليارات مشترك في الهواتف الخليوية على مستوى العالم، أيّ ما يوازي نحو 87 في المئة من عدد سُكّان العالم، وقد غدت صناعة الإتصالات الخليوية من بين أسرع الصناعات نمواً وقوة في سوق تقيّم ببضعة تريليونات من الدولارات. وفيما تُواصل هذه الثورة في عالم الإتصالات تناميها، يزداد عدد الباحثين الذين ينبرون للتحذير من مخاطر هذه التكنولوجيا على صحة الإنسان. وأخذت هذه التحذيرات تجد آذاناً صاغية ولو ببطء شديد. فالرابط بين تعرُّض الدماغ للضرر واستخدام الهاتف الخليوي بات قوياً جداً إلى درجة يتعذُّر معها إنكاره. والمُلفت أنّ الدراسات التي تُموِّلها صناعة الإتصالات الخليوية غالباً ما تُظهر نتيجة «لا تأثير مؤكد على الصحة» مقابل الدراسات العلمية المموَّلة بجهد مستقل التي تخرج بنتائج تثير القلق.
وإذا كنت من المتمسّكين باستخدام الهواتف الخليوية وترفض التصديق بأنّ وضع هذا الجهاز الباث للإشعاعات الكهرومغناطسية بالقرب من رأسك يُسبِّب مخاطرَ جدّية، فعليكَ أن تقرأ الآتي.
الحق ..مع الطليان!
لنبدأ من إيطاليا، فقد حَكَمت المحكمة الإيطالية العليا منذ مدة بوجود رابطٍ بين إصابة موظّفٍ يُدعى إنوسينتي ماركوليني Innocente Marcolini بورم في الدماغ واستخدامه المكثّف للهاتف الخليوي، كان ماركوليني يستخدم الهاتف الخليوي ما بين 5 إلى 6 ساعات يومياً على مدى 12 سنة تحدُّثاً مع عملاء في المؤسّسة التي يعمل فيها. وإثر ذلك أُصِيبَ بورمٍ في «العَصَب المثلث التوائم» trigeminal nerve، في موقع قريب جداً من المكان الذي يتلاقى فيه الهاتف الخليوي مع الرأس.
وقد تطلّب الأمر إجراء عملية جراحية لإستئصال الورم، ممّا ترك وجهه شبه مشلول. وبعد محاولته الحصول على تعويض من «الهيئة الإيطالية لتعويض العمّال» INAIL ورفض طلبه بحُجّة الإفتقاد إلى دليل كافٍ يُثبت أنّ عادات عمله قد سبّبت الورم، رفع قضيته إلى المحكمة العليا التي أصدرت حكمها بوجود رابطٍ بين استخدام الهواتف الخليوية واللاسلكية ونمو الأورام. واستندت المحكمة في قرارها إلى دراساتٍ أجراها البروفيسور السويدي لينارت هارديل Lennart Hardell الذي توصَّل إلى أنّ أولئك الذين بدأوا بإستخدام الهواتف الخليوية بكثافة منذ سن المراهقة كانوا عرضة على نحو أكثر بـ 4 أو 5 أضعاف للإصابة بسرطان الدماغ وهم في سن الرشد، وأصَرَّت المحكمة العليا على قرارها عبر التأكيد بأنّه مبرَّرٌ بأدّلة علمية موثوقة.

على الحكومات والمؤسسات والأهل، والأطباء، والمدارس، والمواطنين كافة أن ينصحوا كلّ مَنْ هم تحت رعايتهم أو تأثيرهم بالحاجة الماسّة إلى ترشيد استخدام الهواتف الخليوية والأجهزة الأخرى الباثّة للإشعاعات

50 دقيقة مع الخطر
لكن لا داعي لاستخدام الهاتف الخليوي لبضع ساعات في اليوم لكي يتعرّض المرء لخطرٍ مماثل، بل يكفي 50 دقيقة فحسب من التعرُّض لإشعاعات الهاتف الخليوي الذي يبث استقبالاً وإرسالاً، كما تؤكّد الدكتورة نورا فولكاو Nora D. Volkow، مديرة «مؤسّسات الصحة الوطنية» الأميركية NIH. فقد وجدت فولكاو أنّه بعد استخدام الهاتف الخليوي لفترة 50 دقيقة فحسب، فإنّ الإشعاع الكهرومغناطيسي المنبعث منه يُضاعف نشاط خلايا الدماغ في المنطقة الأقرب إلى إرسال الهاتف، ولو أنّها لم تُفصِح عن التأثيرات الصحية لهذا النشاط المتزايد للدماغ. إلا أنّ دراستها بدّدت الوهمَ السائد في دوائر الأبحاث الحكومية الأميركية بأنّ إشعاع الهاتف الخليوي عند مستويات غير حرارية non-thermal levels لا يتسبّب بأي تغييرٍ بيولوجي.
وبحسب ما توصّلت إليه فولكاو في بحثها، فإنّ التأثيرات غير الحرارية للتعرُّض المزمن للهاتف الجوّال قد تنعكس ضرراً بيولوجياً أشد مما يسببه التأثير الحراري. فالخطوط الإرشادية للسلامة الخاصة بالأجهزة الباثّة للإشعاعات المايكرويفية microwave radiation إنّما تستند فقط إلى قيمة ما يُعرف بـ «المعدّل الخاص للإمتصاص» Specific Absorption Rate – SAR، وهي تقيس الطاقة المنبعثة من الهاتف الخليوي وإمكانية تسخينها للأنسجة المتعرِّضة.

ترك الخليوي مع الطفل تهاون غير مسؤول من قبل الأهل
ترك الخليوي مع الطفل تهاون غير مسؤول من قبل الأهل
تهديد الحمض النووي
وكان باحثون في «جامعة كولومبيا» Columbia University  قد طرحوا منهجاً جديداً لتقييم سلامة الهاتف الجوّال لا يقيس الطاقة المنبعثة من الجهاز بل التأثيرات الفعلية على الكيمياء الإحيائية لـ «الحمض النووي الريبي المنقوص الأوكسجين» (DNA).
ويلفت الباحثون إلى أنّ الضرر المتأتّي عن التعرُّض للهاتف الخليوي قد يستغرق سنين عديدة للظهور. وقلّما تكون هناك عوارض أوّليّة، تماماً كشأن التدخين مع سرطان الرئة. وتوقّعت إحدى الدراسات التحليلية المختصة زيادة كبيرة جداً في حالات سرطان الدماغ الناجمة عن انتشار استخدام الهواتف الجوّالة منذ نحو 20 عاماً، وقد استندت أيضاً إلى تأثيرات إشعاع الهاتف الخليوي على الطفرة أو التحوُّل أو التغيار الأحيائي (mutation) في الـ «دي أن أيه»، وكذلك على فعالية ترميم الـ «دي أن أيه» المتحوِّل.
وخلُصَ لويد مورغان (Lloyd Morgan) أحد المشاركين في الدراسة إلى أنّه ما لم تتبدّل أنماط سلوك استخدام الهاتف الخليوي بشكلٍ جذري فإنّه من المتوقّع ازدياد حالات أورام الدماغ، التي بات المستخدمون مهيَّئين لها بعد هذه المدة من انتشار التكنولوجيا، وعلى الحكومات، فضلاً عن الأهل، والأطباء، والمدارس، والمواطنين كافة أن ينصحوا كلّ مَنْ هم تحت رعايتهم أو تأثيرهم بالحاجة إلى ترشيد استخدام الهواتف الخليوية والأجهزة الأخرى الباثّة للإشعاعات.
وصرّح خبراء في حقل التأثيرات البيولوجية للتردُّدات الكهرومغناطيسية (EMF) والتكنولوجيات اللاسلكية أنّ الهواتف الخليوية ليست مسبباً محتملاً للسرطان فحسب، بل هي تُسهِم أيضاً في مجموعة واسعة من المشكلات الصحيّة الأخرى، كالإكتئاب، وداء السُكَّري، وعدم انتظام دقات القلب، والعقم. وقد حدّد هؤلاء الباحثون الآليات العديدة التي يمكن للخليوي أن يتسبب فيها بالضرر، وكيف تؤثر الحقول الكهرومعناطيسية على الخلايا وتُتلِف الـ «دي أن أيه».
وفي هذا الإطار، تحدّثت الباحثة المتخصّصة الدكتورة ديفرا دايفيس Devra Davis في كتابها بعنوان «قطع الإتصال» Disconnect على أنّ هناك مخاطرَ صحيّة جدّية أخرى لاستخدام الخليوي غير الأورام الدماغية. وأوردت دايفيس دراسات تشير بوضوح إلى أنّ الإشارات النبضية الرقمية pulse digital signals الصادرة عن إشعاع الهاتف الخليوي يمكن أن تُغيِّر أغشية الخلايا، وتُضعِفها، وتساعد على إنتاج ما يُسمّى بالشوائب أو الجذور الحرّة free radicals المؤذية جداً للخلية، لكنّها أكّدت أنّ التأثيرات البيولوجية الطويلة الأمد لهذا الإشعاع لم تتّضح بعد، ولو أنّها ترى أنّ الضرر الأكبر قد يطال الأعضاء التناسلية، حيث أنّ الناس يضعون الهواتف في جيوبهم أو عند خصورهم، وهي أسوأ الأماكن لوضع الهاتف.
وفي الدوائر العلمية المخبرية، جرى أيضاً ربط الهاتف الخليوي بخمسة أنواع أخرى من السرطان هي: الورم السُحائي meningioma، وأورام الغدة اللعابية، وسرطان العين، وسرطان الخصية، وسرطان الدم «اللوكيميا» Leukemia، فضلاً عن مجموعة واسعة من التأثيرات البيولوجية الأخرى.
تحوّل كبير في موقف منظمة الصحة العالمية
وفي خضم هذه الدراسات والتحاليل التي تبعث على القلق، قامت «الوكالة الدولية لأبحاث السرطان» IARC، التابعة لـ «منظمة الصحة العالمية» WHO، بمراجعة دراسات ذات صلة لتُعلِن في خلاصة لها أنّ الهواتف الخليوية قد تكون من مُسبِّبات السرطان، لتُدرجها في الفئة ذاتها التي تضم عوادم محرّكات الديزل، وبعض مبيدات الحشرات، والمعادن الثقيلة. وتوصّلت لجنة خبراء الوكالة إلى وجود بعض الأدلّة على أنّ الإستخدام المنتظم للهاتف الخليوي قد ضاعف مخاطر الإصابة بنوعين من الأورام – الورم الدماغي (الورم الدبَّقي
glioma)، «وورم العصب السمعي» (acoustic neuroma).
واستجابة لهذه الأبحاث أصدرت «الوكالة الدولية لأبحاث السرطان» تقريراً صنّفت فيه الحقول الكهرومغناطيسية للتردُّدات الراديوية لهذه الأجهزة اللاسلكية بكونها «من مُسبِّبات السرطان المحتملة للبشر» من الفئة «2ب» (ClassB2).
وحذّر الدكتور جوناثان ساميت (Jonathan Samet)، من «جامعة ساوث كاليفورنيا»، رئيس مجموعة العمل على هذا التقرير من أنّ «دلائل الإثبات» على التأثير المسرطن لموجات الخليوي وإن كانت ما زالت بعد في طور التكامل إلا أنها قوية بما يكفي لدعم النتائج والتوصيات التي توصلت إليها الدراسة». وأوصى التقرير بمواصلة الأبحاث على الاستخدام الكثيف والطويل الأمد للهواتف الخليوية، مؤكداً على أن من المهم اتّخاذ إجراءات عمليّة لخفض التعرُّض لهذه الإشعاعات، مثل اللجوء إلى سمّاعات الأذن المَحمِيّة واعتماد النصوص النصية بدلاً من التهاتف الصوتي.

 

محكمة إيطالية حكمت للمرة الأولى وبالاستناد إلى دراسات علمية بوجود رابط بين الخليوي وبين الإصابة بسرطان الدماغ

الخطر على الأطفال كبير لقابلية جسمهم لامتصاص الموجات واستخدام المرأة الحامل الكثيف للخليوي يتسبب بالضرر للجنين

الهواتف الخليوية كلها سواء فلا تظنَّنَّ أنّ أياً منها هو أكـــــــثر «أمـــاناً» من غيره

قبل وبعد المكالمة
قبل وبعد المكالمة

أبعدوه عن الأطفال وأبعدوا الأطفال عنه
الأطفال هم الأضعف في ما بيننا من ناحية التعرُّض لمخاطر إشعاع الهاتف الخليوي، حتى وهم أجنّة في الرحم. فدماغ الإنسان تحميه الجمجمة، إذ أن العظام أكثر كثافة من أنسجة الدماغ التي تحتوي على سوائل. ودماغ الطفل أكثر عرضة لإختراق الإشعاع الكهرومغناطيسي لأنّ جمجمته أقل سماكة ودماغه يحتوي على كمية أكبر من السوائل، التي يمكنها أن تمتص كماً أكبر من الإشعاع المايكروويفي، بحسب الدكتورة دايفيس.
وربّما سلوك الوليد يُقاس حقاً بعادات الأمهات المتصلات، فللأسف ربّما تصل مخاطر إشعاعات الهاتف الخليوي إلى داخل الرحم وتؤذي الطفل جنيناً، وهو ما قد يجعله بعد ولادته يُواجه صعوبات سلوكيّة في فترات لاحقة من عمره. فقد قام الباحثون في سنة 2008 بتحليل بيانات تعود لنحو 13 ألف طفل، ووجدوا أنّ التعرُّض لإشعاعات الهواتف الخليوية والطفل في الرحم (وحتى في خلال الفترة المبكرة من طفولته) مع استخدام الأم للهاتف بين مرتين إلى ثلاث مرّات في اليوم، قد ارتبط بمشكلات سلوكية، ورفع مخاطر إصابة الصغار بفرط النشاط، وصعوبة التواصل العاطفي والعلاقة مع الأقران عند دخول المدرسة، هذا ناهيك عن مخاطر استخدام الصغار بأنفسهم للهاتف الجوّال. وكشفت الدراسة في خُلاصة لها عن أنّ الأمهات اللواتي استخدمنَ الهواتف الخليوية على نحو متكرِّر كُنَّ أكثر ميلاً بنسبة 54 في المئة لإنجاب أطفال يعانون مشكلات سلوكية.
وأخذ مزيدٌ من الدول يتبنّى مبدأ الحيطة المُسبَقة والإحتراز لجهة استخدام الأحداث للهاتف الخليوي. فنجد على سبيل المثال كلاً من كندا، وروسيا، والمملكة المتحدة، وبلجيكا، وألمانيا، وفرنسا، وفنلندا، وحتى الهند تطلق تحذيرات عامة وتحثُّ مواطنيها على توخِّي الحذر من ناحية استخدام أطفالهم للهاتف الخليوي.
وتختصر الدكتورة دايفيس هذه التحذيرات العامة للإستخدام الآمن للهاتف الجوّال، أولاً إبقاء الهاتف على مسافة آمنة بعيداً عن الجسد، واستخدام سمّاعات أذن مَحمِيّة جيداً ومعزولة الأسلاك، وعدم وضع الهاتف في الجيب أو عند الخصر أو فوق القلب أو أيّ أماكن حيوية أخرى.
وتُوصي الباحثة بعدم استخدام الهواتف الخليوية إلا لِماماً، وإبقاء الإتصال للمكالمات الضرورية والمهمة جداً، وتنصح بإطفاء الهاتف عند عدم استخدامه لأنّه يواصل بَثّ الإشعاع ولو لم نُجرِ اتصالاً، والإستغناء عن ذلك بإستخدام الخط الأرضي في المنزل وأماكن العمل. وتُوفِّر خدمة «سكايب» (Skype) على الإنترنت تواصلاً صوتياً ومرئياً يُغنيك عن وضع ذلك الجهاز الباث للإشعاع على أذنك، وهنا تُوصي دايفيس أيضاً بإبعاد المُوجِّه اللاسلكي أو «الراوتر» عن غرفة النوم، ويُستحسن إطفاؤه ليلاً، فلربّما يحدث اضطراباً في نمط نومنا.

من العِبّ إلى الجيب
ولا بد من تشديد التوصية للسيدات، وإحدى الحالات قد تُشكِّل تحذيراً كافياً لإحتمال تسبُّب الهواتف الخليوية بأمراض خطرة. شابةٌ أميركية شُخِّصت لديها الإصابة بسرطان في الثدي متعدّد البؤر تبيّن أنّها ممّن يضع الهاتف في «عِبِّه»، وخلُصَ أخصّائيان بأمراض السرطان روبرت ناغورني (Robert Nagourney) وجون ويست (John West) إلى أنّ توزُّع نقاط الخلايا السرطانية في المنطقة المصابة عند هذه الشابة قد اتّخذ تماماً شكل الهاتف الخليوي!! ولعلّ ذلك لا يكفي كإثبات قطعي بتسبُّب الهاتف الخليوي بالسرطان، لكنّه يصلح لأنّ يكون تحذيراً كافياً ليس لكلّ مَنْ يضع الهاتف في «عِبِّه»، بل أيضاً في جيبه الأمامي، والآخر الخلفي، هذا ناهيك بجيب القميص أو جيب السترة فوق القلب مباشرة.
وأظهرَ بحث نُشِرَ في سنة 2009 إثباتات على أنّ وضع الهاتف الخليوي في محفظة على الورك قد يُضعِف منطقة الحوض. وقام باحثون، يستخدمون تقنية «أشعة أكس» (X-Ray) المعتمدة في تشخيص ومراقبة المرضى المصابين بهشاشة العظام (Osteoporosis)، بقياس كثافة الحوض لدى 150 رجلاً يحملون هواتفهم عادة في محفظة متصلة بأحزمتهم عند الورك. وكُلٌ من هؤلاء يحمل هاتفه لنحو 15 ساعة في اليوم، ويستخدمه منذ قرابة 6 سنوات. ووجدَ الباحثون أنّ كثافة العظام قد انخفضت عند جانب الحوض الذي وُضِع عنده الهاتف الخلوي، ممّا أثار الشكوك بأنّ ذلك جاء بفعل تأثير التعرُّض للحقول الكهرومغناطيسية التي تبثّها الهواتف الخليوية حتى ولو لم يكن صاحبها يُجري اتصالاً. وكانت دراسات سابقة قد وجدت أنّ إشعاعات الهاتف الخليوي قد تؤثر على الخصوبة لدى الرجال.
وأضف إلى ذلك أنّ هناك عدداً من الأعضاء الحسّاسة الأخرى بالقرب من الحوض، بما في ذلك الكبد، والكِليتان، والمثانة، التي تتعرّض بدورها لهذه الإشعاعات.

كيف تخترق إشعاعات الخليوي دماغ الإنسان copy
كيف تخترق إشعاعات الخليوي دماغ الإنسان

نصائح سريعة
وفي ما يلي نصائح بسيطة لإبعاد هذا الخطر الخليوي قدر الإمكان:
استخدِمْ الهاتف الجوّال فقط حينما يكون الإرسال جيداً. فبقدر ما يكون الإرسال ضعيفاً بقدر ما يستهلك هاتفك طاقة للإرسال، وبالتالي بقدر ما يستخدم طاقة، بقدر ما يبث إشعاعاً، وأشدُّ ما تكون قدرة الموجات الراديوية الخطرة على إختراق الجسم.
احْملْ الهاتف في حقيبة يد، فمسافة 15 سنتيمتراً قد تكون كافية لإبعاد خطر الإشعاع الكهرومغناطيسي عنك. وأخيراً، إنّ الهواتف الخليوية جميعاً سواء، ولا تظنَّنّ أنّ أحدها هو أكثر «أماناً» من غيره.
وبانتظار ما ستُفصِح عنه الأبحاث المتواصلة في هذا الشأن مستقبلاً، يمكن التوصية باختصار: لا تدعْ موجات الهاتف الخليوي تخترق دماغك عبر أذنك، وأبْقِه بعيداً عن العين، والقلب، والأذن.. والورك!

صعتر لبنان غذاء ودواء

زعتر لبنان غــذاء ودواء

منشط للذاكرة مقو للقلب وعلاج مثالي للسعال والنزلة الرئوية
زيت الصعتر يقتل جرثومة الديزانتاري ويبيد جراثيم القولون

أفاضت كتب الطب القديمة في الكلام علن محاسن الصعتر (ويطلق عليه العامة اسم “الزعتر”) فأوصت به لعلاج الربو والروماتيزم ‏وضعف الأمعاء، وأوصت بمزجه مع العسل لإزالة البلغم وقطع البخر وتقوية البصر، كما تحدثت ‏عن قدرته على تحليل الأورام وتلطيف المغص والسعال، والصعتر ينتشر في زماننا في الصحاري والبراري كما ينتشر بصورة خاصة في جبال لبنان على علو قد يصل إلى 1500 متر فوق سطح البحر وقد كان الظن الشائع من قبل أن الصعتر لا يوجد على هذا العلو المرتفع، إلا أن التغيرات المناخية ربما ساهمت في امتداد الصعتر صعوداً في الجبال، وعلى سبيل المثال فقد وجد الصعتر مؤخراً على ارتفاعات تصل إلى 1500 متر في جبال المعاصر والباروك.
ويوجد الصعتر بأنواع عديدة إلا أن الأكثر شيوعاً في لبنان هو الصعتر البري الطويل الساق (ويسمى الزوباع) واسمه العلمي Origanum Syriacum والذي يستخدم في صنع خلطات الصعتر مع السمّاق والسمسم وتصنع منه “المنقوشة” ومنه الصعتر البري ذو الأوراق الصغيرة الشديدة الخضرة والمستدقة ويسمى صعتر “الدقه” ويُعرف بإسم (Thymbra Spicata) وهو يستخدم غالباً أخضر في موسمه وقد يتم تجفيفه ليضاف إلى الصعتر الشائع بهدف إغناء طعم الأخير. وهناك الصعتر البستاني طويل الأوراق الذي يزرع مروياً ويستخدم في المطاعم وفي السلطات كما أن منه أيضا الصعتر الأوروبي العطر الذي يحمل اسم (origanum vulgare) ويزرعه الأوروبيون في حدائقهم ويستخدمونه في التوابل وفي إنتاج مشروبات طبية، وهنا نوع آخر لذيذ وذو رائحة عطرية فواحة يسمى بالإنكليزية Thyme واسمه العلمي Thymus Vulgaris وهو أيضاً من التوابل أو أعشاب المطبخ المشهورة في بريطانيا وأوروبا. وأعجب ما في الصعتر أنه لا يصيبه التسوّس بل من فوائده انه يحفظ الفواكه والخضروات والحبوب من الآفات.

صفات الصعتر
الصعتر أو الزعتر أو السعتر (كما يرد في بعض المعاجم) هو نبات مشهور من الفصيلة الشفوية، وشجيرة الصعتر معمرة عطرية كثيرة الفروع تكوّن كساء للأرض البرية منها تعلو إلى حوالي 30 سم، أما الشائع الطويل الساق منه فيمكن أن يصل ارتفاع الشجيرة فيه إلى 70 سم أو أكثر. ‏وأزهار الصعتر البري وردية أو أرجوانية تزهر منتصف الصيف، ولها رائحة عطرية قوية وطعمها حار أما الصعتر الشائع الطويل الساق فأزهاره بيضاء وكثيفة وتتحول عند النضج إلى عصيات خضراء على بنية تحمل بذور الصعتر الدقيقة ذات اللون البني الغامق الذي ينتشر مع الريح ويساهم بالتالي في انتشار النبتة في البراري.

الجزء الطبي المستخدم منه
تستعمل من نبتة الصعتر الأجزاء فوق الأرضية، أي الجذع والأوراق والأزهار حيث تستعمل طعاماً وشراباً (مغلي الصعتر ومنقوعه)، كما تستخرج منها الزيوت والعقاقير الطبية والمقطرات.

الصعتر ومكوناته الحيوية
في نبتة الصعتر زيوت طيارة أهمها (الثيمول Thymol) وهي مادة مطهرة ومضادة للبكتيريا وطاردة للطفيليات من المعدة وينفرد الثيمول برائحة مميزة وطعم حاد، وهناك مادة في الصعتر تسمى (الكارفكرول) وهي مسكنة ومطهرة ومدرة للبول وطاردة للبلغم ومضادة للسموم، ومادة (التانين) وهي مادة قابضة ومطهرة وكذلك تساعد على شفاء الجروح، كذلك يحتوي الصعتر على بعض المواد الراتنجية والدباغية والفلافونية والأحماض العضوية، كما أنه الصعتر غني بالألياف الغذائية الضرورية لصحة الجهاز الهضمي، وفي الصعتر مواد مقوية للعضلات تمنع تصلب الشرايين وطاردة للأملاح الضارة.

بعض ما قيل في الصعتر قديماً
يقول ابن سينا عن الصعتر: “الصعتر مدر للطمث عند النساء كما انه يساعد على علاج التشنج والنزلات المخاطية المزمنة، وهو مقوي للمعدة مفيد لعلاج الربو وضعف الشعب الهوائية والاحتقانات الناشئة عن البرد”.
وقال عنه ابن البيطار: “الصعتر يبطل السموم ويحلل الرياح وينشط الأعصاب ويفرح القلب ويقويه ويطهر الدم وينقيه.”

فوائد الصعتر
ثبت علمياً أن زيت الصعتر يقتل الجرثومة المسببة للديزانتاري خلال دقيقتين ويبيد جراثيم القولون ويهلك جرثومة التيفوس ويقضي على ميكروب السل خلال ساعة ونصف وانه يقي من الوباء متى استعمل مع الثوم وحبة البركة والعسل ويقوي المناعة المكتسبة، والكثير الكثير من الفوائد التي يتفرد بها الصعتر والتي يمكن إيجاز الأهم منها فيما يلي:

علاج أمراض الجهاز التنفسي والدوري
مثل السعال الديكي والالتهابات الشعبية والربو وفي هذه الحالة يعمل الصعتر على تليين المخاط الشعبي مما يسهل طرده للخارج كما يهدئ الشعب الهوائية ويلطفها، وكذلك يحتوي على مواد لها خاصية مسكنة للألم ومطهرة ومنشطة للدورة الدموية، وينشط الصعتر عامة كل الوظائف المضادة للتسمم، ويسهل إفراز العرق، ويدر البول، والصعتر يحتوي على مواد مقوية للعضلات مثلاً عضلات القلب، تمنع تصلب الشرايين، يعالج التهابات المسالك البولية والمثانة ويشفي من مرض المغص الكلوي ويخفض الكولسترول.

رسم علمي تفصيلي لنبتة الصعتر الشائع
رسم علمي تفصيلي لنبتة الصعتر الشائع

فاتح للشهية
الصعتر يعمل على تنبيه المعدة وطرد الغازات ويمنع التخمرات ويساعد على الهضم وامتصاص المواد الغذائية وطرد الفطريات من المعدة والأمعاء إلى جانب أنه يزيد الشهية لتناول الطعام فهو يحتوي على مادة الثيمول التي تعمل على قتل الميكروبات وتطرد الطفيليات من المعدة، أضف إلى ذلك أن الصعتر ملطف للأغذية وإذا وضع مع الخل لطّف اللحوم وأكسبها طعماً لذيذاً، وهو طارد للديدان وقد أثبتت التجارب العلمية أن زيت الصعتر يقتل الجرثومة المسببة للديزانتاري في فترة قصيرة وهو يبيد جراثيم القولون، ويزيد في قوة الجسم لأنه يساعد على الهضم وامتصاص العناصر الغذائية لكن الإكثار من الصعتر قد يسبب الإمساك عند البعض ولذلك فإن من المفضل تناوله مع زيت الزيتون.

مضاد للأكسدة
الصعتر يحتوي على مواد مضادة للأكسدة وهو بهذا المعنى من العناصر المهمة التي يجب المداومة عليها من أجل الإبقاء على حماية الجسم .

منبّه للذاكرة
يمكن تناول الصعتر مع زيت الزيتون صباحاً وقبل الذهاب إلى المعهد أو العمل لأن الصعتر منبه للذاكرة ويساعد على سرعة استرجاع المعلومات المختزنة وسهولة الاستيعاب، ويدل ذلك إلى أن الأهل كانوا على صواب عندما كانوا ينصحوننا بتناول الصعتر قبل الدرس أو التوجه إلى المدرسة.

العناية بالشعر واللثة ووجع الأسنان
يعتبر الصعتر منشطاً ممتازاً لجلدة الرأس وهو يمنع تساقط الشعر ويكثفه وينشطه، ومضغه ينفع في وجع الأسنان والتهابات اللثة خاصة إذا طبخ مع القرنفل في الماء، ثم ينصح بالتمضمض به بعد أن يبرد، كما انه يقي الأسنان من التسوّس وخاصة إذا مضغ وهو اخضر غض، فنبات الصعتر عامل مهم في معالجة التهابات الحلق والحنجرة والقصبة الهوائية ويعمل على تنبيه الأغشية المخاطية الموجودة في الفم ويقويها، و يدخل الصعتر في معاجين الأسنان فهو يطهر الفم و ومضغه يسكّن آلام الأسنان.

الاستعمال الخارجي
يوصى باستعمال الصعتر كلما دعت الحاجة إلى تنظيف وتطهير الجروح والقروح والمهبل في حال ظهور السيلان الأبيض، ويستعمل الصعتر أيضاً كدواء خارجي، فهو يريح الأعصاب المرهقة، وإذا ما أخذ المرء حماماً معطراً من مغلي قوي للصعتر، كانت له فائدة كبيرة، كما أن الأطفال المصابين بالكساح يجدون فيه مقوياً ناجحاً، وهو شديد الفاعلية، باعتباره مهدئاً للآلام الروماتزمية، والنقرس، والتهاب المفاصل، وهو يتيح تحضير مغاطس مقوية تكثر التوصية باستعمالها للأطفال الذين يعانون من ضعف النمو والهزال، وإضافة (50) غراماً من الصعتر إلى أربعة لترات من الماء والاغتسال بها يزيل التعب العام، ويخفف آلام الروماتيزم، والمفاصل، وعرق النسا.

صعتر-الدق---الرفيع---2
صعتر-الدق—الرفيع

الصعتر زراعة سهلة واقتصادية

يستهلك لبنان حوالي 1500 طن من الصعتر ويصدر 500 طن أخرى في السنة، لكن الطلب المتزايد على الصعتر وارتفاع أسعاره في السوق بدأ يدفع بعدد كبير من اللبنانيين لجنيه من البراري وغالباً دون مراعاة شروط أساسية تضمن الحفاظ على النبتة الأم وبالتالي ضمان استدامة هذه العشبة الثمينة بكل معنى الكلمة. وبالنظر للمخاطر المتزايدة المتمثلة في الجني الجائر للصعتر فقد بدأت مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية في لبنان ومنذ العام 1997 تجارب أظهرت أن في الإمكان استنبات بذور الصعتر في أي وقت، كما يمكن تأسيس مشاتل لإكثاره. وبينت الدراسات نفسها أن مردود الدونم الواحد من الصعتر في السنة الثالثة أو الرابعة يمكن أن يصل إلى حوالي 3500 دولار أميركي مما يجعل منه زراعة ذات مردود اقتصادي مرتفع، كما أن تكلفة إنتاج الصعتر متدنية وهو من الزراعات التي لا تحتاج إلى ري إلى في السنوات الأولى ويمكن أن تزدهر بعد ذلك بعلية ولا تتطلب صيانة أو معالجات بسبب ندرة المشاكل أو الآفات التي يتعرض لها.
ويستهدف برنامج مصلحة الأبحاث الزراعية لتعميم زراعة الصعتر في الأراضي الحقلية تحقيق هدفين في آن: الهدف الأول هو المحافظة على قدرة المساحات البرية على تجديد مواردها وغطائها من الصعتر والأعشاب العطرية أو الطبية التي تزخر بها طبيعة لبنان. أما الهدف الثاني فهو خلق شروط تسمح بتغطية الطلب المتزايد على الصعتر وغيره من النباتات الغذائية والطبية دون أن يؤدي ذلك إلى استنزاف المساحات البرية وتعريتها.
ويؤكد الخبراء أن توطين الصعتر البري يمكن أن يشكل زراعة بديلة ذات نظرا لكونه من”الزراعات المكثفة” أي التي يمكن أن تنتج كميات كبيرة في مساحات صغيرة نسبياً، وبالتالي فهي زراعة مناسبة للبنان الذي لا يتمتع بمساحات زراعية كبيرة كما يتميز بهيمنة الملكيات الصغيرة ومن العناصر المهمة في الجدوى الاقتصادية للصعتر هو استخداماته المتعددة لأنه يستهلك كغذاء بل هو مكون أساسي من “مونة” البيت ليس في لبنان فحسب بل في مختلف الدول العربية المجاورة، كما أنه يعتبر أيضاً عشبة ذات خصائص طبية وعلاجية فضلاً عن فائدته الكبيرة في المكافحة البيولوجية للآفات الزراعية. وقد أظهرت الأبحاث الأخيرة أن الصعتر مفيد جداً في مكافحة مرض الفارّوا (Varroa) الذي يعتبر من أولى الآفات التي تفتك بجماعات النحل.

كيف نفلت من دوَّامة المرض والأغذية الضارة

الضحى تضع الأسس لثقافة غذائية سسليمة و لقواعد الصحة المستدامة و العلاج الوقائي

يذكُر بعض الكبار في قُرانا أنَّ القطاع الطبِّي قبل سبعين عاماً كان عبارة عن طبيب أو طبيبين يجولان قُرى القضاء على حصان ليتفقَّدا حال الناس في القُرى، وكان كُلَّما دخل الطبيب قرية سأل الناس إذا كان فيها مريض بحاجة إلى عناية. وكان الجواب إمَّا بالنفي، بحيث يتابع الطبيب مسيرته إلى القرية التالية، وإمَّا أن يقال له نعم إنَّ فلاناً أو فلانة في حال المرض، فيتوَّجه إلى بيت المريض ويستخرج من صندوقين مثبتين على جانبي الحصان في ما كان يُسمَّى الخرج، العقاقير الطبيِّة فيُقدِّمها للمريض مباشرة، ثمَّ يُرفق ذلك بمجموعة وصايا ينبغي على المصاب الالتزام بها، وينبئه بأنه سيعود ليرى ما حلَّ به بعد أسبوع مثلاً أو بضعة أيام إذا توسَّم الحال للعودة في وقت أقرب.

لاحظوا أولاً أنَّ أول من يصادفه الطبيب في القرية كان يعرف من الشخص الذي هو في حاجة إلى العناية، وهذا يعني أنَّ السقم كان استثناءً وأنَّ حصول حالة مرض كان خبراً يذيع، لأنَّ أهل القرية كانوا على تواصل وتوادد أفضل، ما يجعلهم يسألون عن المريض.

كما لاحظوا أيضاً أنَّ “صيدلية” المنطقة كان يمكن تحميلها في صندوقين، فلم تكن هناك في قضاء مثل الشوف صيدليات، وكان هناك في القُرى بعض أطباء الأعشاب، كما كانت القُرى تُزار أحياناً من “طبيب مغربي”، وهو طبيب تقليدي تدرَّب ربَّما على كتاب الطبِّ لـ إبن سيناء أو الطبّ النبوي، أو بعض المصادر القديمة المتداولة.

أهمُّ ما يمكن استخلاصه من الكلام السابق هو أنَّ المرض كان في قُرى الجبل استثناءً فعلاً، وأنَّ الصِحَّة والعافية كانتا هي القاعدة في زمن لا يمكن اعتباره بعيداً، لأنَّ العديد ممَّن عايشوا تلك الفترة لا يزالون أحياءً، وقد يكون من الطريف لشباب اليوم أن يتوجَّهوا إلى أيٍّ منهم بالسؤال ليعلموا بأنفسهم عن أحوال تلك الأيام السعيدة. بناءً على ذلك أيضاً نُدرك في صورة خاطفة قدر التدهور المُخيف الذي حصل في صحَّة الناس، وخصوصاً صِحَّة أهل الجبل في غضون سبعين أو ثمانين عاماً، وهي فترة لا تزيد على جيلين. فالصِحَّة اليوم باتت هي الاستثناء والسقم والأمراض من كلِّ نوعٍ، باتت هي القاعدة. وبات العجيب ليس أن تكون مريضاً بل أن تكون في صِحَّة جيدة وأن لا تكون في حقيبتك صيدلية مُتنقِّلة، أو في منزلك “مستودع صغير” للأدوية والعقاقير التي يتناولها أهل البيت. وبدل “طبيب الفَرَس” وصيدليته المُحمَّلة في “الخرج”، أصبح لدينا مئات الأطباء وعشرات الصيدليات المنتشرة على الطُرق والقُرى، وأضف إلى ذلك المستشفيات والمراكز الصحيَّة، كذلك المعدَّات والأجهزة التي يسميها الناس “تقدّم الطب”. لكن إذا كان الطبُّ تقدّم، فما الذي يُفسِّر أنَّ الناس باتوا جميعاً مرضى؟

حقيقةُ الأمر أنَّ الطب تقدّم فعلاً من الناحية التقنية، لكن عِلم الصِحَّة وعِلم الحياة تراجعا بصورة كبيرة، كما تراجعت معهما نوعية البيئة والغذاء وأسلوب العيش التي كانت أساس السلامة الجسدية والنفسية للناس، وأهمّ تلك الظروف هو الاكتفاء الغذائي، إذ كان الناس يأكلون ممَّا يزرعون ويعملون في الحقول وينهضون قبل بزوغ الشمس ليتوجَّهوا إلى الحقول والأرزاق، فيمضون يومهم في العمل والعناية بالأرض، وكان كلُّ الناس تقريباً يُربُّون الطيور، بينما كان البعض يعتني بالماشية ويبيع إنتاجها للقرية.

لأنَّ عِلم الصِحَّة وعِلم الحياة تأخَّرَا، فإنَّ الطبَّ الحديث ليس كافياً. وغالباً ما يقتصر عمل الطِبّ على التعامل مع الأعراض المرضية، لكن لا يمكنه معالجة الأسباب الحقيقيَّة للمرض وقليلاً ما يهتمُّ بها أصلاً، فضلاً عن ذلك، فإنَّ تناول الأدوية غالباً ما يحمل أخطاراً غير منظورة، خصوصاً في حالات الخطأ الطِبِّي التي تكاثرت وتكاثر ضحاياها، أو الآثار الجانبية للكثير من الأدوية.

لهذه الأسباب، ولأنَّ صِحَّة المجتمع هي عاملٌ من عوامل قوَّتِه وحيويَّته، ولأنَّ الجبل يحتوي على العديد من العناصر والمُقوِّمات التي أُهمِلَت ويمكن استغلالها للترويج لحياة صِحيَّة وسعيدة، فإنَّ مجلة “الضُحَى” ستولي اهتماماً خاصاً بشؤون التغذية السليمة والصِحَّة، ولاسيَّما العلاج الوقائي، كما ستهتمُّ بالبيئة وبحمايتها وحماية مكوِّناتها من طيور ونباتات وتكوينات طبيعية. وستتولَّى المجلة إعداد هذه المواضيع بالاستناد إلى أحدث الدراسات العلمية وآراء الخبراء، كما أنَّها تُرحِّب أيضاً بالمساهمات المفيدة في هذا المجال.

المشروبات المنشطة ومحاذيرها على الصحة

إضافة الكحول إلى مشروبات الطاقة تحوّلها إلى تهديد حقيقي لصحة الفرد

منْ منا لم يسمع  بـ “المشروبات المنشطة”وماركاتها المتداولة مثل “بوم بوم” و”رد بول” وغيرهما.؟

هذه الموجة الجديدة من المشروبات نشأت في العقد الأخير لكنها بدأت تنتشر وتتسع في البلد بحيث باتت توزّع بصورة واسعة على محلات الغذاء وفي المدارس والملاعب وكافة المرافق التي يرتادها الشبان خصوصاً، إذ أن هذه المشروبات مصممة لاجتذاب الشبان كما أن كافة الحملات الإعلانية التي تروّج لها وتكلف الملايين من الدولارات موجّهة إلى الشباب أكثر من أي فئة أخرى.

لا بدّ من القول أولاً أن معظم المشروبات المنشطة  تحتوي على عناصر مثل الكافيين، النورين والغلوكورونولاكتون، كما أنها تحتوي على نسب مرتفعة من الكافيين والسكر، وهي لا تحتوي على أي قيمة غذائية على الإطلاق كما أن العامل الأساسي المنشط فيها هو الكافيين، علماً أن الكافيين يعتبر من العناصر المسببة لعامل الإدمان أو الاعتياد الجسدي وإن بدرجة أقل من بعض مسببات الإدمان الأخرى مثل النيكوتين.

مشروب الطاقة ليس مرطبا

إن الهدف المعلن من الترويج لاستهلاك المشروبات المنشطة هو تنشيط الجسد والفكر أثناء القيام بمجهودات جسدية، لكن الصورة التي يتم ترويجها هي من العمومية بحيث بات الشباب يعتبر مشروبات الطاقة أمراً مفيداً في كل الظروف نظراً لأنهم يربطون بينها وبين النشاط بل أن بعض الأشخاص قد يستهلكون هذه المشروبات كما لو كانت “مرطبات” أي تروي الظمأ وتزوّد الإنسان بكمية المياه التي قد يكون فقدها بسبب الحر أو القيام بنشاطات جسدية. حقيقة الأمر أن المشروبات المنشطة ليس فقط لا تروي الظمأ وتعوض نقص الماء بل أنها تتسبب بهبوط معدل الماء في الجسد Dehydration بالنظر الى تركيز العناصر المجففة التي تحتويها وأهمها السكر والكافيين وغيرهما.

إحدى محاذير استخدام مشروبات الطاقة هو خسارة المياه من الجسم لأن الكافيين يعتبر مدراً للبول وهو يحرض الجسم بالتالي على طرح المياه، الأمر الذي يؤدي إلى فقدان بعض العناصر المهمة مثل الإلكترولايت والأملاح ويفرض بالتالي الحاجة لتعويض هذا النقص من مصادر أخرى. ويشير خبراء الصحة إلى أن العديد من الرياضيين يفقدون الكثير من المياه عبر التعرّق أثناء قيامهم بالأعمال المجهدة  لكنهم بدل محاول تعويض هذا النقص عبر تناول المياه العذبة فإنهم يتناولون المشروبات المنشطة التي تسرّع في عملية طرح المياه من الجسم (عبر المفعول المدر للكافيين) الأمر الذي يضاعف الأثر المجفف للمجهود الرياضي بدل أن يساعده. كما أن ارتفاع نسبة الكافيين في جسم الإنسان يؤدي إلى اضطرابات معوية ونوبات ألم وأرق وعدم انتظام في دقات القلب. إضافة إلى ذلك، فإن الكافيين يحجب عوارض الإرهاق وعندما تحتجب عوارض الإرهاق فإن الشخص سيتابع عمله بطاقته المعتادة في الوقت الذي يكون فيه جسمه مرهقاً وهذا ما يسبب إجهاداً إضافياً للقلب.

مخاطر إضافة الكحول

يبقى أن المشكلة الأخطر التي بدأت تظهر هي ميل البعض إلى مزج المشروبات المنشطة مع المشروبات الكحولية، وهذا الأمر يسبب نتائج سلبية جمة على الصحة كما أن الإكثار من شرب هذا المزيج يعرض الانسان إلى مخاطر صحية حقيقية.

ما هو وجه السوء في مزج المشروبات المنشطة مع المشروبات الكحولية؟ الجواب هو في غاية البساطة. عندما نمزج الاثنين، فإننا نمزج الكافيين الذي هو منشط يسرع عمليات الجهاز العصبي مع الكحول الذي هو خافض للنشاط ويبطئ عمليات الجهاز العصبي. على سبيل المقارنة، إن مزج هاذين المشروبين هو أمر مشابه لركوب السيارة ووضع أحد القدمين على دواسة البنزين والقدم الآخر على دواسة الفرامل في الوقت نفسه والنتيجة أن السيارة ستصاب بارتجاج وهذا ما سيحصل لجسدنا عندما نشرب هذا المزيج، إضافة إلى ذلك، إن استهلاك هذا المزيج يعرّض المستهلك إلى مخاطر صحية كالغثيان، التقيؤ وعدم انتظام دقات القلب، ويضعف إلى حدٍ كبير المهارات الحركية وسرعة الاستجابة.

ما هو البديل عن المشروبات المنشطة؟

إن الخيار الأفضل هو ببساطة الماء القراح الذي لا يحتوي مواداً كيميائية أو منشطات أو غيرهما بل يستقبله الجسم بكل غبطة لأنه من طبيعة مشابهة للجسد وتكوينه المائي، ولأن المياه الطبيعية التي تأتي من الينابيع تحتوي على عشرات الأملاح المعدنية المفيدة والمهمة للصحة ولتوازن الجسد. أضف إلى ذلك أن بعض العصائر الطبيعية وخصوصاً التي يتم عصرها من الثمار الطازجة تعتبر بديلاً أفضل بكثير لأنها تحتوي على مادة سكر الفاكهة التي توفّر الطاقة للجسد لكنها تحتوي أيضاً على أنزيمات وفيتامينات طبيعية ولا يترتب عليها أية مضاعفات جانبية.

صحة و غذاء