الجمعة, نيسان 19, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الجمعة, نيسان 19, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

أخبار الصحة

الزيوت النباتية المكررة تتأكسد بسرعة عند تحميتها وتصبح ضارة أما الدهون الطبيعية مثل زيت جوز الهند والزيدة فهي أفضل بكثير كما أثبتت الدراسات العلمية

تحب المته؟ لا تشربها ساخنة جدا

أخبارُ الصِّحَّة

نظامُ العيشِ الصِّحيِّ يُقلّل كثيراً
من خطرِ الإصابةِ بالسّرطان
بات من المؤكّد أنّ خطرّ الإصابة بالسّرطان يمكن التقليلُ منه بنسبة كبيرة من خلال اتّباع نظام تغذية سليم وصِحيّ. ففي شهر آب الماضي نشر فريق أبحاث قسم الغذاء والأمراض في كليّة الصِّحّة العامة في جامعة هارفرد دراسة أثبتت أنّ تطبيق نظام صِحّي للحياة والغذاء يمكن أن يمنع 40% من حالات السّرطان و50% من حالات الوفاة بهذا المرض في الولايات المتّحدة الأميركية. وللتوصّل إلى تلك النّتيجة قام الباحثون بمتابعة نمط حياة 136,000 رجل وامرأة من الأميركيين البيض فوجدوا أن أربع عادات جيّدة تؤدّي إلى خفضٍ كبيرٍ في أمراض سرطان الرّئة والقولون والثّدي والبنكرياس والكُلى. وهذه العادات الأربع هي:
1. ممارسة نحو 150 دقيقة من الرّياضة المعتدلة في الأسبوع
2. اجتناب السّمنة والحفاظ على معدّل دهون إلى حجم الجسم لا يزيد على 18.5 للنّساء و 27.5 للرّجال.
3. عدم التّدخين.
4. عدم تناول الكحول.
5. خلاصة هذا البحث المهمّ أن السّرطان ليس قَدَراً يأتينا من الخارج لأنّنا غالباً ما نستثيره بسبب سوء الإدارة لحياتنا وغذائنا وحياتنا النفسيّة.
إلى هواة المتِّه: انتبهوا
تنبيه لا بدّ منه لهواة قرعة المَتِّه في الجبل وفي أيّ مكان يُقبِل النّاس فيه على هذه العادة الشّعبية والاجتماعية في آن: حاذروا تناول المَتِّه السّاخنة جدّا لأنّ الأبحاث الطّبيّة أثبتت الآن وجود علاقة بين تناول المشروبات السّاخنة جدّاً (وليس المَتِّه فقط) وبين ارتفاع احتمال الإصابة بسرطان المريء.
فقد التقى 23 باحثاً بدعوة من منظمة الصِّحَّة العالميّة في الشّهر الماضي بهدف تقييم الآثار الصِّحيّة لتناول القهوة والشّاي وغيرهما من المشروبات السّاخنة، واتّفق الباحثون على تبرئة كلّ تلك المشروبات في حدّ ذاتها من تهمة التَّسبّب بمرض السّرطان. إلا أنّه وعلى الجانب الآخر اتّفق الباحثون على أنّ تناولَ أيّ شراب (حتى الماء) بحرارة تزيد على 65.5 درجة مئوية يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان المريء.
بناءً على ذلك فإنّ من المهمّ تنبيه هواة المَتِّه إلى اجتناب تسخين الماء إلى ما يقرب من درجة الغليان أحياناً قبل صبِّها نظراً لأنّ بعض الجُلساء يحبّون تناول المَتِّه ساخنة جدّاً. فهذه العادة أثبتت الأبحاث اليوم أنّها تحمل خطر التّسبّب بالأذى للمريء وغلافه الرّقيق غير المعدِّ لتحمّل الحرارة المرتفعة، وهو ما قد يتحوّل في ما بعد ومع استمرار الممارسة الخاطئة إلى سرطان مميت. وما ينطبق على المَتِّه ينطبق بالطّبع على الشّاي والزّهورات وغيرها من المشروبات السّاخنة والتي نتناولها خصوصاً في فصل الشّتاء.
وكقاعدة يمكن استخدام ميزان حرارة إلكتروني مصمم لقياس حرارة تفوق الـ 100 درجة مئوية وفي غياب ميزان الحرارة فإنّ في إمكاننا التأكّد من أنّ حرارة الماء باتت مقبولة بمجرّد القدرة على تناول الشّراب السّاخن دون الحاجة للنّفخ عليه.

أهمّيّة السّيطرة على مُعَدّل السُكّرِ في الدّم
في التّقليل من خطرِ الجلطاتِ والنّوبات القلبيّة
أكّدت دراسة علميّة نُشرَت في مجلّة نيو إنغلاند للطّب1 أنّ السّيطرة على مُعدّلات السكّر في الدم لدى مرضى السُّكّريّ المتأخّر Type 2 يحمل فوائد كبيرة لجهة الحماية من خطر الجلطات والنّوبات القلبيّة.
وقال ديفيد ناتان الدّكتور في كُلّيّة الطّب في جامعة هارفرد في شرح نتائج البحث إنّ التّحكّم وبانضباط عال بمعدّلات السكّر في الدّم يمثّل عهداً جديداً في التّصدّي لمرض السكّريّ. ورغم أنّ التحكّم بمعدّل السكّر في الدّم كان دوماً من الأمور المتّفق على أهمّيتها لاتّقاء المضاعفات الجانبيّة للمرض إلّا أنّ المسألة التي بقيت موضع نقاش كانت ما هي درجة التحكّم المطلوبة بسكّر الدّم للحصول على الفوائد الوقائيّة المرجوّة. والحال أثبتت الدّراسة التي اعتَمَدَت على متابعة 1791 من قدماء المحاربين المصابين بالسكّري، والذين تتجاوز أعمارهم الـ 60 عاماً، أنّ الفئة التي تمّ التّركيز على خفض مخزون السكّر لديها إلى درجة لا تزيد على 7% كانت أقلّ عرضةً بنحو 17% من الفئة التي عُمِل على خفض مخزون السكّر لديها بصورة أقلّ (8.4%) من حيث احتمال الإصابة بأمراض القلب والشّرايين وخصوصاً النّوبات القلبيّة.
الرّسالة الأهمّ من هذه الدّراسة هي أنّ السكّريّ مرض لا يمكن التّهاون بشأنه وأنّ الخيار الوحيد أمام المصابين به هو ممارسة أقصى درجة من الانضباط والعمل على خفض مخزون السكّر إلى ما دون الـ 6% لأنّ تحقيق هذا الهدف يؤمّن نوعيّة حياة أفضل ويخفّف كثيراً خطر الموت بالجلطات أو النّوبات القلبيّة.

حذارِ أدوية الحرقة المحتوية على الأسبرين
حذّرت وكالة الغذاء والدّواء الأميركيّة الرّسميّة من أدوية معالجة الحرقة المحتوية على مادّة الأسبرين مثل ألكا سلتزر Alka-Seltzer Original وبرومو سلتزر Bromo-Seltzer والكثير غيرها على اعتبار أنّها قد تحدث نزيفاً في المعدة في بعض الحالات. وأعلنت الوكالة أنّها تستعدّ لعقد ندوة علميّة حول الموضوع في العام المقبل لاتّخاذ الإجراءات المناسبة في ضوء النّتائج العلميّة الإضافيّة التي قد يتمّ التوصّل إليها.
إضافة إلى اجتناب العلاجات المحتوية على الأسبرين يجب على المصاب أن يكون حذراً بصورة مضاعفة في حال تعرضه لإصابات سابقة بقرحة المعدة أو إذا كان يتناول عقاقير مرقّقة للدّم أو يتناول عقار أيبوبروفن (Advil) أو مواد ستيرويدية. steroids

الدّهون الأكثر ضرراً لصِحّة القلبِ
أحدُ أبرز الخبراء العالمييّن في موضوع تأثير الدّهون على الصِّحَّة الدكتور كومرو، نشر مؤخّراً دراستين تضمنتا توضيحات مهمّة حول هذا الموضوع. فحسب الدكتور كومرو هناك نوعان من الدّهون التي تساهم في أمراض القلب وهما:
1. الدّهون المركّبة Trans fat الموجودة خصوصاً في الزيوت المهدرجة جزئيّاً. فهذه الدّهون (مثل الفيجيتالين والكريسكو وغيرهما) هي عبارة عن دهون مُشبعة لكنّها غير طبيعيّة Synthetic بمعنى أنّها لا توجد في الدّهون الحيوانيّة ولا في الدّهون النّباتيّة الطّبيعيّة، ويتمّ إنتاج 14 نوعاً منها أثناء عملية الهدرجة. ويؤدّي تناول الدّهون المركّبة (المهدرجة) إلى إحباط إنتاج الشّرايين لمادة بروستاسيكلين prostacyclin الضّروريّة للحفاظ على انسياب الدّمِ وبسبب إعاقة الدّهون المهدرجة لإنتاج تلك المادّة الحيويّة فإنّ الدّمَ قد يُصاب بالتجلّط في الشّرايين ما يزيد احتمالات تعرّض المرء للموت الفجائيّ.
2. النّوع الثّاني من الدّهون الخطرة هي الكولسترول المؤكسد والذي يتكوّن عند تحمية الزّيوت النباتيّة المكرّرة (مثل زيوت الصّويا والذّرة ودوّار الشّمس).
وأحد خصائص الكولسترول المؤكسد (وليس الكولسترول النّاجم عن مصادر الغذاء الطبيعيّة) أنه يزيد إنتاج الثرومبوكسان thromboxane وهو من العوامل التي تؤدّي إلى تخثّر وتجلّط الدّم، وهو لذلك يلعب دوراً أساسيّاً في تطوّر أمراض القلب والشّرايين حسب مقال لصحيفة نيويورك تايمز. وحسب الدكتور كومرو فإنّ سبب أمراض القلب ليس الكولسترول السّيئ (Ldl) في حدّ ذاته بل كون الكولسترول والجزيئات الدّهنيّة التي يحتويها أصبحت مؤكسدة بفعل الارتفاع الشّديد لحرارة الزيت عند تسخينه.
ويؤكّد الدّكتور كومرو أنّ الحرارة المرتفعة المستخدمة في تحمية الزّيوت النّباتيّة (زيوت القلي) تؤدّي إلى تأكسد تلك الزّيوت وتحول الكولسترول (Ldl) الذي بات مؤكسَداً إلى عامل سلبيّ بل ومخرِّب لصِحَّة الشّرايين والقلب. وبحسب الدّكتور كومرو فإنّ زيت الصّويا والذّرة لا حاجة لكي يتأكسدا عندما تجري تحميتهما على النّار لأنّ من الممكن أن يتأكسدا داخل الجسم!!

الماغنيزيوم وصحة القلب والشرايين

الخضار الخضراء اللون مصدر أساسي للماغنيزيوم الغذائي

الماغنيزيوم عنصر أساسي لصحة القلب والشرايين ومعالجة ارتفاع ضغط الدم

الماغنيزيوم

عنصر بالغ الأهمية لصحة القلب والشرايين
وعامل مساعد في معالجة ارتفاع ضغط الدمّ

النسبة الكبرى من الماغنيزيوم يمكن أخذها
من الخضار والبندورة والسمسم واللوز وبذر اليقطين

ماذا تعلم عن الماغنيزيوم وأهميته بالنسبة لصحتك؟ هل تعلم أن مئات الدراسات العلمية باتت تؤكد أن الحفاظ على مستوى جيد من الماغنيزيوم في خلايا الجسم يعتبر من أهم وسائل الوقاية من أمراض الشرايين والقلب ولاسيما ارتفاع ضغط الدم؟
هل أنت متأكد من أنك لا تشكو من نقص في هذا العنصر الحيوي وأنك تزيد بذلك مشكلة ارتفاع ضغط الدم التي قد تشكو منها، وحتى إن كنت مدركا لأهمية الماغنيزيوم فهل تسعى للحصول عليه مصنعا كمُكمِّل غذائي وهل تعلم أن في إمكانك تأمين نسبة كافية منه من خلال العديد من مصادر الغذاء الطبيعي.
فما هو عنصر الماغنيزيوم وما هي أهميته لصحة الجسد وكيف نتأكد من أننا نحصل فعلا على المعدل الكافي منه؟

بين المعادن التي يعتمد عليها جسمنا فإن الماغنيزيوم يأتي في المرتبة الرابعة من حيث الأهمية ومن حيث حجم تركزه في الخلايا، وهناك أكثر من 300 أنزيم تعتمد على الماغنيزيوم من أجل فعالية عملها، ويلعب الماغنيزيوم دورا مهما في العمليات البيوكيميائية للجسم ومن أهم هذه العمليات:
• تصنيع فوسفات الأدينوسين الثلاثي
• إرخاء الشرايين وبالتالي المساعدة على خفض ضغط الدم المرتفع
• دعم وظائف العضلات والأعصاب بما في ذلك عضلة القلب
• التكوين الصحيح للعظام والأسنان
• تنظيم سكر الدم وحساسية الأنسولين

الماغنيزيوم وصحة القلب
إن كنت مصابا بنقص في ماغنيزيوم الخلايا فإن ذلك قد يؤدي إلى تردي وظائف التمثيل الغذائي خصوصا على مستوى الخلايا، وهذا التردي يمكن أن يقود إلى مشاكل للقلب.
أضف إلى ذلك أن من الضروري أن يكون هناك توازناً بين معدني الماغنيزيوم والكالسيوم ، وتشير الدراسات إلى أن النسبة الأكبر من الناس، وبسبب عادات التغذية السيئة والتركيز على الأطعمة الجاهزة أو المعلّبة، لا تحصل على نسبة كافية من الماغنيزيوم هذه الأيام بينما هي تحصل على نسبة أكبر من المعدل من عنصر الكالسيوم، ومن المعروف أن النقص في الماغنيزيوم يتسبب في الانقباض المفاجئ والمؤلم للعضلات وهذا الأمر قد تكون له نتائج بالنسبة للقلب أيضا خصوصا في حال ارتفاع نسبة الكالسيوم في الجسم.
سبب أهمية الماغنيزيوم هو أنه يعمل كموصل كهربائي Electrolytes وهو لذلك بالغ الأهمية لكل النشاطات الكهربائية في الجسم. إذ بدون الموصلات الكهربائية مثل الماغنيزيوم والكالسيوم والبوتاسيوم والصوديوم فإن الإشارات الكهربائية يصعب أن ترسل أو يتم استقبالها وبالتالي فإن قلبك لن يتمكن في غياب تلك الإشارات من ضخ الدم بصورة كافية إلى الدماغ والذي لن يستطيع العمل بصورة طبيعية.
تشرح الدكتورة كارولين دين هذه الحقيقية في كتابها “معجزة الماغنيزيوم” بالقول أن القلب هو أكثر أعضاء الجسم احتياجا لعنصر الماغنيزيوم ولاسيما البطين الأيسر المسؤول عن ضخ الدم المحمل بالأوكسيجين إلى خلايا الجسم، وهذا يعني أن القلب من دون كميات كافية من الماغنيزيوم لن يستطيع العمل بصورة طبيعية، وسيتسبب ذلك بمرض ارتفاع ضغط الدم واضطراب إيقاع القلب وخطر السكتة القلبية وكل هذه الأعراض تحدث نتيجة نقص الماغنيزيوم أو اختلال التوازن بينه وبين عنصر الكالسيوم.
وقد أثبتت دراسة نشرت هذا العام في المجلة الأميركية للغذاء العلاجي وشملت 240,000 شخص أن هناك علاقة أكيدة بين توافر عنصر الماغنيزيوم وبين إبعاد احتمال الإصابة بالسكتة القلبية أو الجلطات وبات العلماء ينسبون إلى هذا العنصر الحيوي أهمية لا تقل عن أهمية الفيتامين (د) D والذي لم تتضح مدى أهميته للعديد من وظائف الجسد أيضا إلا في العقدين الأخيرين.
فضلا عن ذلك فإن الماغنيزيوم يعتبر عنصراً مهما في تنظيف الجسد من السموم التي تتسرب إليه من البيئة الملوثة خصوصا في المدن، لاسيما وأن أهم مضاد للأكسدة في الجسم وهو عنصر الـ glutathione يحتاج إلى الماغنيزيوم لكي يعمل بفعالية.

أهمية الماغنيزيوم العلاجية
لقد أثبتت دراسة شاملة أخرى على أشخاص غير مصابين بأمراض القلب والشرايين أن وجود نسبة وافية من الماغنيزيوم في الجسم أدت إلى التالي:
• خفض 48% في احتمالات الإصابة بضغط الدم المرتفع
• خفض 69% في احتمالات الإصابة بمرض السكري المتأخر Type 2
• خفض 42% في احتمال الإصابة بتكلّس الشرايين
كما أثبتت الدراسة التي أجريت على 32,900 شخص أن وجود معدل جيد من الماغنيزيوم يؤدي إلى خفض ملحوظ في مؤشر أعراض الالتهابات وهو المسمى CRP الذي يمكن قياسه في فحص الدم. ويعتبر نقص مؤشر الالتهاب أحد أهم أسباب الوقاية من الإصابة بالأمراض المزمنة.

أعراض نقص الماغنيزيوم
هناك فحوصات مخبرية يمكن أن تدل على معدل الماغنيزيوم لكنها ليست دقيقة بما فيه الكفاية نظرا لأن 1% فقط من هذا العنصر موجود في الدم بينما يوجد الباقي في مختلف خلايا الجسم ولهذا فإنه مع فائدة الفحص المخبري كمؤشر فإن من المهم الانتباه لأعراض نقص الماغنيزيوم التي قد تظهر أولا في إشارات مبكرة مثل فقدان الشهية والصداع والدوخة مع التقيّؤ والشعور العام بالضعف ونقص الطاقة الجسدية.
وفي الحالات الأكثر وضوحا فإن النقص المرضي في عنصر الماغنيزيوم قد يظهر في أعراض أكثر خطورة مثل:
• خدر في الأطراف والتنميل
• الانقباض المفاجئ والمؤلم في بطة الرجل عند مد الرجل وشدها Cramp
• تبدّل في المزاج الشخصي
• اضطراب إيقاع ضربات القلب
• الشعور بتقلص أو اهتزاز قوي ومتكرر في الشرايين

كيف تعزز معدل الماغنيزيوم في الجسم؟
تؤكد الباحثة الدكتورة سوزان شتاينبوم أن من الممكن الحصول على 370 ملغ من الماغنيزيوم من خلال تناول وجبات غذائية صحية وبالتالي دون الحاجة لتناوله كمُكمِّل غذائي على شكل أقراص. وأفضل غذاء يمكن تناوله لزيادة معدلات الماغنيزيوم في الجسم هو الخضار الخضراء الأوراق مثل البروكولي والسبانخ والسلق وأوراق الشمندر والخس، كما يمكن تناول الأفوكادو لاحتوائها على البوتاسيوم والذي يخفف من أثر الصوديوم على الشرايين. يجب أن يضاف إلى الخضار الخضراء اللون بذور اليقطين والكاجو واللوز والسمسم الغنيّة جميعها بالماغنيزيوم.
ويستحسن أن يضاف إلى ما سابق ثمار التوتيات مثل الفريز والتوت البري والتوت الشامي والفرامبواز وكذلك البندورة والبابايا والشمام واليقطين.
أخيرا، فإن الفائدة الأهم التي نستخلصها من الدراسات العلمية حول الماغنيزيوم هو الدور المهم الذي يمكن أن يلعبه كعامل مساعد في السيطرة على ارتفاع ضغط الدم وهذا دائما بالطبع مع اتخاذ كافة الاحتياطات الأخرى الأساسية في الأمر مثل خفض الوزن الزائد والامتناع عن السكريات والنشويات قدر الإمكان وممارسة الرياضة وخصوصا المشي والابتعاد عن المؤثرات والمحرضات التي تسبب التوتر والضغط النفسي.

عجائب الكائنات الصغيرة

عجائبُ الكائناتِ الصّغيرة

من النّحلِ والعنكبوتِ إلى النَّملِ الأعمى

{سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (فُصِّلت:53)

تَعوّدنا كبشر على أن ننبهرَ بالكائنات الكبيرة والقويّة التي تشاركنا العيش على وجه هذه البسيطة وغالباً ما تَركز اهتمام العلم عليها ربّما لما نتوقّع أن نجنيه منها من فوائد أو نجتنبه من مضار. للسبب نفسه فإنّنا غالباً ما ننظر إلى عالم الكائنات الصّغيرة والحشرات كما لو أنّها بلا أهمّية ولا تستحقّ بالتّالي الدّرس. لكنّ آيات الإعجاز في المخلوقات الصّغيرة تبدو -عند التّدقيق- أكثر إدهاشا وبلاغة لأنّنا سنرى تكويناً معقّداً ومتطوراً للغاية وسلوكاً مدهشاً في دقّته في مساحة صغيرة للغاية قد لا تزيد على ملّيمتر واحد أو هي ربّما أصغر، وفي هذا ما لا يدع أيَّ مجال للشّكّ بأنّ الخلق معجزةٌ واحدة في أسرارها وعظمتها لكنّها معجزة تظهر عبر ألوف بل مئات الألوف من التّصميمات والآيات، وهو ما يجعلنا نستيقن أنّ الخلق بحرٌ لا قعر له وأنّنا رغم كل ما نتباهى به كبشر من تقدّم علميٍّ لا زلنا لم نتجاوز شاطئه. في ما يلي بعض الأمثلة على آيات الخلق كما تظهر في بعض مخلوقات الله الصّغيرة.

التّنظيمُ العجيبُ لِخليّة النّحل

عندما ترتشف ملعقة من العسل الطّبيعي الجبليّ اللذيذ فإنّك لا تفكّر على الأرجح كيف وصل هذا الغذاء الشّافي إلى مُتَناولك. فالكثير منّا يشتري العسل من السّوق كسلعة مُعلّباً بأسماء مختلفة ويستهلكه، بينما كانت تربية النّحل في الماضي حرفة يمارسها الكثيرون، ولو بتربية خليّة نحل أو اثنتين في الحديقة وكان السّابقون بذلك يعرفون عن النّحل من خلال المراقبة والخبرة ويتأملون في هذه الآية العجيبة للخلق، فماذا نعرف حقا عن عمل خلية النّحل وكم من العمليّات ومراحل التّصنيع المعقّدة تقوم بها العاملات من أجل إنتاج هذا الإكسير الذّهبيّ الذي نسعى جميعا لدعم نظامنا الغذائيّ به؟
يمارس النّحل في حياته اليوميّة مجموعة هائلة من المهامّ وهو ينظّم مجتمعه بصورة دقيقة بين الملكة والذكور والعاملات التي تتوزّع بدورها مجموعة كبيرة من المهام فمنها ما يختصّ بجلب الماء ومنها ما يختصّ بجلب العكبر أو البروبوليس وهو بمثابة “إسمنت” الخليّة ومادّة البناء ورأب الشّقوق في الخليّة وتحنيط الكائنات الدّخيلة التي يتمّ القضاء عليها ومنها ما يختصّ بجلب حبوب اللّقاح ومنا ما يعمل على جلب الرّحيق وفي الخليّة عاملات مختصّة بمعالجة الرّحيق ليصبح عسلاً ومنها ما يختصّ بعملية تجفيفه ومنها ما يعمل على تهوئة الخليّة بينما تهتمّ جماعة براحة الملكة وتغذيتها وتنظيفها (الوصيفات) وتهتمّ جماعة أخرى بتغذية اليرقات أو تنظيف الخليّة من الشّوائب (عاملات النّظافة) أو بناء الخلايا السداسيّة الشّمعيّة أو ترميمها أو إغلاقها على العسل ومنها ما يعمل في الحراسة ومنها الكشّافات التي تعمل على استكشاف المراعي الجديدة لترشد إليها العاملات، وباختصار فإنّنا أمام مجتمع في غاية التّنظيم، لكنّ السّؤال هو كيف يتمّ تقسيم العمل بين عشرات الألوف من النّحل في الخليّة ومن يحدد لهذه النّحل مهمّة جلب الماء ومن يطلب من جماعة أخرى الاهتمام بالبيض واليرقات أو صنع الغذاء الملكيّ إلخ..
الرّاهن أننا أمام ظاهرة معقّدة لها أسرارها وهي مثل كلّ أسرار الخلق وعجائب المخلوقات فلا يوجد في الكون شيء إلّا وسنراه آية على إعجاز الخالق عند التأمّل به عن قرب أو التعمّق في فهم حقيقته. لكن لنتمعّن قليلاً في العالم السرّي لجماعة النّحل.

ملكة النحل -في الوسط- محاطة بوصيفاتها . الملكة القوية هي أساس قوة الخلية وإنتاجيتها
ملكة النحل -في الوسط- محاطة بوصيفاتها . الملكة القوية هي أساس قوة الخلية وإنتاجيتها

• تنظيم الرّطوبة والتهوية: من أهم الأمور للنّحل المحافظة على نسبة رطوبة معيَّنة في الخليّة وذلك بهدف الحفاظ على جَوْدة العسل والحؤول دون فساده. فإذا زاد معدل الرطوبة أو نقص يفسد العسل ويفقد قيمته الغذائيّة. من هنا أهمّية دور العاملات التي تعمل على تجفيف سائل العسل الذي يكون أولاً ذا رطوبة مرتفعة حتى تصل بتلك الرّطوبة إلى معدّل 17 % وهو المعدّل الذي يتيح للعسل أن يحتفظ بجَوْدَته وخواصّه الغذائيّة سنوات طويلة.
• تنظيم حرارة الخليّة: إنّ حرارة القفير يجب أن تكون 35 درجة مئوية خلال 10 أشهر من السّنة وهناك مجموعة من النّحل توكَلُ إليها مهمّة تعديل حرارة الخليّة من الدّاخل من خلال قيامها بتهوية الخليّة ويمكن في أيِّ يوم حارّ أن نشاهد النّحل مُزدحما على مدخل الخليّة مرفرفاً بأجنحته لتحقيق ذلك، وفي خليّة النّحل المثاليّة يدخل الهواء من طرفها ويُدفع للخروج من الطرف الآخر حيث تعمل مجموعة من نحلات التّهوية الأخرى داخل الخلية (القفير) على دفع الهواء للخروج من زواياه جميعها.
• النّظام الصّحيّ: إنّ جهود النّحل للحفاظ على نوعيّة العسل لا تقتصر فقط على تعديل الحرارة والرّطوبة داخل الخليّة. بل على وجود نظام صحّي متكامل داخل الخليّة مهمّته أن يزيل كلّ الموادّ التي قد تسبب إنتاج البكتيريا وتلويث الخلية. والقاعدة الأساسيّة التي يعتمد عليها هذا النّظام الصّحيّ هي منع الموادّ الغريبة من الدّخول إلى الخليّة ولتأمين ذلك يقف حارسان على مدخل الخليّة بشكل دائم وإذا دخلت مادّة غريبة أو حشرة على الرّغم من هذه الاحتياطات تعمل النّحلات جميعها لإزالتها وإخراجها من الخليّة.
كما يستعمل النّحل طريقة دفاعيّة أخرى في مواجهة الأجسام الغريبة الكبيرة وإخراجها من الخليّة حيث يقوم النّحل بتحنيط تلك الأجسام بواسطة مادّة تدعى العكبر (البروبوليس) وهذه المادة ينتجها النّحل بإضافة إفراز معيّن إلى المادّة الغرويّة اللّاصقة (الرّاتنج) التي يجمعها من أشجار مثل الصّنوبر والحَور والخرّوب وتستعمَل هذه المادّة أيضاً لإصلاح الشّقوق في الخليّة، وبعد أن يضاف الرّاتنج إلى الشّقوق ويجفّ يتفاعل مع الهواء مشكّلاً سطحاً قاسياً وبالتّالي يستطيع أن يقف بوجه جميع أنواع التّهديدات والمخاطر. وتستعمل النّحلة هذه المادّة في الكثير من أعمالها.
• مُعجزة هندسيّة : يبني النّحل خلايا تتّسع كلٌّ منها لـ 80 ألف نحلة يمكنها أن تعيش وتعمل معاً وذلك عبر صنع

براويز من شمع النّحل يحتوي كلّ منها على مئات من الخلايا السّداسية الصّغيرة جدّاً والمتساوية الحجم على كلّ جهة من البرواز. وهذه المعجزة الهندسيّة يتمّ إنجازها بفضل العمل المتخصّص لآلاف من النّحل التي تستعمل هذه الخلايا لتخزين الغذاء ورعاية اليرقات.
ويستخدم النّحل البنية السداسيّة الشكل في بناء أقراص العسل منذ ملايين السّنين (تمّ العثور على أحفور لنحلة يعود تاريخها إلى 100 مليون سنة) أمّا لماذا أوحي للنحل باستخدام الشكل السّداسي وليس المخمّس أو المثمّن مثلا فلأنه هو الأنسب هندسيّاً لاستخدام المساحة بشكل أفضل لأنّها تحتاج إلى أقلّ كمية من الشّمع اللّازم لبنائها بينما تستوعب أكبرَ كميّة من العسل.
• تفصيل مهمّ: من النّقاط التي يهتمّ النّحل بها عند بنائه الأقراص الشّمعيّة للعسل هي رفع زاوية الخلية 13 درجة على الجانبين مما يمنع الخلايا من أن تصبح موازية للأرض وبالتالي يمنع ذلك تسرّب العسل من فُوَّهَة الخلية. وخلال العمل تتعلّق النحلات العاملات بعضها ببعض على شكل دوائر وتحتشد في مجموعات بهدف تأمين الحرارة اللّازمة لإنتاج الشّمع.
• لغز هندسة قرص الشّمع: وهناك نقطة أخرى مثيرة للانتباه هي أنّ قرص العسل يتمّ بناؤه كثلاثة أجزاء منفصلة من كلّ الاتّجاهات لكنّ الأجزاء تلتقي مع بعضها بشكل مثاليّ وكأنّها قطعة واحدة على الرّغم من وجود مئات الزّوايا المختلفة في تصميمها. وللقيام بمثل هذا التّصميم يحتاج النّحل إلى حساب المسافة بين نقاط البدء والوصل قبل البدء بالعمل ومن ثم تصميم أبعاد الخلايا بحسب ذلك لكن كيف يمكن لآلاف النّحلات القيام بهذه الحسابات؟
• كيف يحدّد النّحل اتجاهه: لكي يجد النّحل غذاءه عليه أن يطير لمسافات بعيدة وأن يقوم بالمسح الشّامل لمناطق شاسعة ومن ثمّ يقوم بجمع لقاحات الأزهار والموادّ الأساسيّة لصنع العسل ويحدث ذلك على بعد نحو 800 م من القفير.
والنّحلة الكشّافة التي تجد الأزهار تعود أدراجها إلى القفير لتُعلم الآخرين عن مكان وجودها وهي تقوم بوصف موقع الأزهار ونوعها وبُعدها واتجاهها بالنّسبة للشمس بواسطة تنفيذ “رقصة” تتكرّر لمرّات عديدة تتضمّن المعلومات اللّازمة حول الانحدار والاتجاه والمسافة وتفاصيل أخرى عن مصدر الغذاء يُمكِّن النّحلات الأخريات من العثور على المرعى.
وتنفّذ النّحلة رقصتها على شكل الرقم ثمانية باللغة الانجليزية باهتزاز لذيلها على شكل خط متعرج. ثم تقوم النّحلة العائدة من مصدر الغذاء بمجموعة من الحركات بجسمها لإخبار النّحلات عن المسافة للوصول إلى رحيق الأزهار فتهزّ النّحلة الجزء الأسفل من جسمها فتولّد تياراً هوائيّاً. فمثلاً لكي تشير إلى مسافة مقدارها مئتان وخمسون متراً، تحرّك الجزء الأسفل من جسمها 5 مرات في نصف دقيقة. وبهذه الطّريقة يتّضح موقع مصدر الغذاء بالتّفصيل من خلال المسافة والإحداثيّة.
ولكن النّحلة تواجه مشكلة وهي أنّها تستطيع أن تحدّد موقع المرعى الزّهري بحسب اتّجاه الشّمس لكن خلال رحلة العودة إلى قفيرها فإنّ الشمس تكون قد تحركت بمقدار درجة واحدة كلّ أربع دقائق ولكنّ النّحلة تستطيع القيام بحسابات المسافة والاتجاه مع الأخذ في الاعتبار تغيّر الضّوء الصادر من الشّمس في الأوقات المختلفة من النّهار. وبالتّالي فهي تحدّد اتّجاه الهدف بدون أيّ خطأ وذلك بالقيام بالتّعديلات المناسبة على المعلومات التي تعطيها في القفير عندما تغيّر الشّمس موقعها.

حارسات الخلية تمكنت من قتل اليعسوب المهاجم لكنها تكبدت خسائر
حارسات الخلية تمكنت من قتل اليعسوب المهاجم لكنها تكبدت خسائر

• طريقة تحديد الزّهور المستهلكة:يستطيع النّحل أن يعرف إذا ما كانت إحدى العاملات قد زارت الزّهرة من قبل أم لا، وعندما يقرّر أنّ إحدى النّحلات استهلكت رحيق هذه الزهرة يتركها مباشرة وبهذه الطّريقة يوفر الوقت والجهد. ولكن كيف يفهم النّحل دون أن يتفحّص الزّهرة أنّ الرّحيق قد تمّ استهلاكه مسبقاً؟.
الجواب هو أنّ النّحلة التي تزور الزّهرة تترك عليها نقطة ذات رائحة مميّزة وعندما تنظر نحلة جديدة إلى الزّهرة ذاتها تشمّ هذه الرّائحة وتفهم أنّه لا فائدة فيها وتذهب مباشرة إلى زهرة أخرى وبالتّالي لا تضيّع النّحلات وقتها على الزّهرة ذاتها. وهذا الأمر يساعد أيضا عمليّة تلقيح أزهار الأشجار المثمرة لأنّ النّحل يركّز فقط على الزّهرة التي لم يتمّ تلقيحها بعد ممّا يضمن تلقيح الأزهار كلّها. العنكبوت، هذا الكائن الصّغير الذي لا يشدّ انتباه أكثر النّاس، هو في الأصل واحد من التّجلّيات التي تُظهر الإبداع الكامل لخلق الله عزّ وجل ، و لمعرفة هذا علينا أن نراقب العنكبوت عن كثب، عندما يقال عنكبوت، أوّل ما يخطر بالبال شبكة العنكبوت، و بالتّأكيد هذه الشّبكة واحدة من خوارق التّصميم. لشبكة العنكبوت مخطّط معماريّ مميّز، لها حسابات هندسيّة مناسبة لهذا المخطّط، لو كبّرنا العنكبوت بالنّسبة إلى حجم الإنسان، فشبكة العنكبوت التي نسجتها تعادل مئة وخمسين متراً تقريباً، وهذا يساوي علوّ ناطحة سحاب ذات خمسين طابقاً. كيف تنشئ العنكبوت شبكتها بهذه الخصائص؟ لإنجاز مثل هذا العمل يفترض بها أولاً رسم مخطّط كما يفعل المهندس المعماريّ، ذلك لأنّ بناءً بهذا التّصميم، وبهذا الحجم، و المتانة، لا يُبنى دون مخطّط هندسيّ، وحسابات رياضيّة تأخذ في الاعتبار عوامل الطّبيعة والغاية من بناء الشّبكة وكيفيّة توجيهها وغير ذلك من الحسابات. لكن نظرة بسيطة إلى عنكبوت ينسج بيته فإنّها ستؤكّد لنا أنّه يعمل بصورة آليّة كما لو أنّه مُبرمَج تماماً لإنجاز بيته وفق تصميم مسبق مستبطن فيه لكننا لا نراه.
وتنتج العناكب حريرها بخصائص مختلفة لأغراض مختلفة. فعلى سبيل المثال، يمكن للعنكبوت استخدام الغدد الحريريّة لإنتاج سبعة أنواع مختلفة من الحرير المشابهة لتقنيّات الإنتاج المستخدمة في آلات الغزل والنّسيج الحديثة. وحتى هذه اللّحظة لا يمكن مقارنة حجم تلك الآلات الهائلة مع بضعة ملليمترات من جهاز إنتاج الحرير لدى العنكبوت. وهناك ميزة يجب ذكرها هي تفوّق العنكبوب في إعادة تدوير وصناعة الحرير الذي ينتجه، فهو قادر على إنتاج شيء جديد تماماً عن طريق استهلاك الخيوط التّالفة لديه ليُعاد تصنيعها من جديد.

نسيج العنكبوت آية في الهندسة ..والقوة
نسيج العنكبوت آية في الهندسة ..والقوة

شبكة معجزة في خيطها وصنعها: عند مراقبة كيفيّة بناء الشّبكة تظهر لنا معجزة حقيقيّة، تترك العنكبوت أولاً الخيط الذي أنتجته في الهواء وبمساعدة جريان الهواء تربطه مع إحدى النّقاط الثّابتة، وهكذا يبدأ البناء كما ترَوْن، يستغرق بناء الشّبكة ساعة أو أكثر، والآن يتابَع هذا العمل مسرّعاً بستين ضِعفاً، تنشر العنكبوت خيوطها المشدودة من المركز باتجاه الخارج، و تجهّز هيكل الشّبكة، بعد ذلك تنسج خيطاً رقيقاً و لاصقاً راسمة حلقات من الخارج باتّجاه الدّاخل، وبذلك يصبح الفخّ جاهزاً.
ليس تصميم شبكة العنكبوت معجزة فحسب بل المعجزة تكمن في خيطها أيضاً، فخيط العنكبوت أمتن بخمسة أضعاف من الفولاذ في السّماكة نفسها، فالمتر المربّع من خيط العنكبوت يتحمّل مئة و خمسين ألف كيلو غرام، و لو صُنع حبل من خيط العنكبوت بشعاع قدره ثلاثون ملّيمترا (3 سنتم) لتمكّن هذا الخيط من حمل مئة وخمسين سيّارة مركّبة بعضها فوق بعض. أنتج رجال العلم تأسّياً بخيط العنكبوت مادّة خاصّة تسمّى كافلار، تُستخدم هذه المادّة في إنتاج الدّروع الفولاذيّة المصمّمة للوقاية من الرّصاص، باستطاعة الطّلقة ثقب أيّ شيء أمامها بسرعة مئة وخمسين متراً في الثّانية، إلا أننا لا نستطيع ثقب قطعة من قماش مصنوع من الكافلار .
أمّا خيط العنكبوت فإنّه أمتن من الفولاذ بخمسة أضعاف، ومن الكافلار بعشرة أضعاف، خيط العنكبوت الذي هو أدقّ من الشَّعر، و أخفّ من القطن، و أقوى من الفولاذ، يوصَف على أنّه -عند نسجه- يصبح أمتن مادة في العالم.

أبراجُ النّملِ الأبيضِ الأعمى

هذا البناء الشاهق هو من أقوى الأبنية وهو من صنع النمل الأبيض الأعمى
هذا البناء الشاهق هو من أقوى الأبنية وهو من صنع النمل الأبيض الأعمى

> كيف يمكن لنملة عمياء أن تشيد أبنيةً تُعتَبر (عند قياسها بحجم النّملة) مثل ناطحات السّحاب التي يبنيها الإنسان بأحدث الوسائل والتّقنيات؟
هذا العمل الفذّ والمتميّز موجود في مثال النّمل الأبيض الأعمى الذي يبني على الدّوام أبراجه العالية والتي يجعلها قويّة لدرجة أنّه حتى بني البشر لا يمكن لهم هدمها إلّا بصعوبة. إنّ النّمل الأبيض الأعمى يبني أنواعاً مختلفة من الأعشاش، وذلك وفقاً لاحتياجاته. فمن ذلك النّمل ما يبني أعشاشه لتحميه من حرارة الشّمس، ومنها ما يبني أبراجاً تحميه من المطر كما ويمكن بناء مثل تلك الأعشاش تحت التّراب أو فوقه أو – في أحيان أخرى- داخل الأشجار.
عشّ النّمل الأبيض له تكوين إسفنجيّ وهو يتكوّن من خلايا يصل عرضها إلى نحو 2.5 سم وترتبط ببعضها عبر ممرّات ضّيقة لا يمكن لغير النّمل الأبيض أن يمرّ من خلالها. إنّ الموادّ الخام التي يستخدمها النّمل الأبيض لبناء مبانيه الرّائعة وأعشاشه تلك إنّما تتكوّن فقط من التّراب واللّعاب والبُراز، وهو يستخدم تلك الموادّ البسيطة لجعل أعشاشه قويّة بحيث أنها لا تهدم إلا باستخدام الديناميت ويُعتبر نظام تلك الأعشاش قمّة في التّفصيل والمتاهات والممرّات والطّرق المستديرة لغايات تنظيم دخول الهواء والنّمل والطّعام…
أمّا الجانب الأكثر إعجازاً والأكثر إدهاشاً فهو أنّ ذلك النّمل الأبيض أعمى تماماً وهو يعيش كذلك طيلة حياته، لكنّه يبني أعشاشه العظيمة الطّول والقوة الهائلة والرّوعة دون رؤية الأنفاق والممرات التي يصنعها، ولا الموادّ ولا التّراب الذي يستخدمه ولا محيط المكان…
قد يصل طول “قرية” النّمل الأبيض الأعمى إلى 443 مترا وعلى الرّغم من صغر حجمها (من 1 إلى 2 سنتم) فإنّها تبني أعشاشاً عملاقة قد يصل ارتفاعها إلى 7 أمتار. وعلى سبيل القياس فإنّه لو كان النّمل الأبيض بطول الإنسان فإنّ أعشاشه ستكون أعلى بأربع مرات من مبنى الأمباير ستيت بل وأطول من برج خليفة.

هذا البناء الشاهق هو من أقوى الأبنية وهو من صنع النمل الأبيض الأعمى

فوائد السمسم

رسم علمي لنبتة السمسم وأجزائها

زيت السمسم أفضله غير المكرر والمعصور على البارد

بـــــذورُ السّمســـم

غذاءُ القوّةِ والنّشاط والنّضارة

التّناول المنتظم للسّمسم يساعد في تنظيم السّكري
وضغط الدّم وصحّة القلب والجهاز الهضميّ والعظام

50 غرام فقط من السمسم تزود الجسم بـ 47% من حاجته اليومية من الكالسيوم و41% من الحديد و44% من المغنيزيوم
و 102% من النحاس و62% من المنغانير و32% من الفوسفور

إذا كنتَ مهتمّا بالحفاظ على نشاطك الجَسديّ وحيويّتك فإنّ كلّ ما تحتاجه هو مِلعقتين من السّمسم الكامل أي غير المقشور يوميّاً. إذ في هاتين الملعقتين ما يمكن أن يزودك بالنّسبة الأكبر من حاجتك اليوميّة إلى بعض أهم المعادن والفيتامينات والأنزيمات ومضادّات الأكسدة، ومن المفضل بالتّأكيد تناول السمسم النّيّئ والمنتج عضويّاً أي من دون استخدام الأسمدة الكيماوية والمبيدات وهذا النوع متوافر في السّوق، لكن إذا كنت تفضل السّمسم محمصا بسبب طعمه اللّذيذ فإنّ ذلك لن ينقص من قيمته الغذائية بصورة ملموسة.
بسبب فوائده الهائلة ازداد اهتمام العالم في العقود الأخيرة بالسّمسم وامتد الاهتمام إلى الطّحينة التي تُصنع من عصر السّمسم بعد تحميصه والتي نتناولها بكثرة في بلادنا بسبب المتبّلات والصلصات التي نحرص على تناولها مع الطّعام الشرقيّ.
فماذا نعرف عن هذا الغذاء الأساسيّ وعن اللائحة الطّويلة لفوائده الغذائيّة والصّحيّة؟

السمسم-غير-المقشور-أفضل-غذائيا-لاحتوائه-على-الألياف-وعناصر-غذائية-إضافية
السمسم-غير-المقشور-أفضل-غذائيا-لاحتوائه-على-الألياف-وعناصر-غذائية-إضافية

يُعتَبرُ السّمسم من المحاصيل الأساسيّة في عدد من البلدان الأسيويّة والأفريقية ويظهر من الدّول أن دولة صغيرة نسبيّاً هي ميانمار (بورما) تُعتبَر المنتجَ الأوّل لهذا الغذاء في العالم تليها الهند والصّين ويحتلّ بلد عربي هو السّودان المرتبة الخامسة بين أكبر منتجي السّمسم في العالم. ويُعتبر النّوع السّوداني من أجود أنواع السّمسم لاحتوائه على نسبة عالية من الزّيوت وهو يباع في لبنان بسعر يبلغ ضعف سعر السّمسم الهنديّ الذي لونه أبيض شاحب ويعتبر ذا جَوْدَةٍ أقلّ بسبب عدم احتوائه على نسبة زيوت عالية.
العناصر الغذائية والأملاح المعدنيّة
إنّ 50 غراما من السمسم توفّر للمرء النّسب التّالية من حاجته اليومية إلى المعادن والبروتينات الأساسية :
الكالسيوم : 47% – الحديد 41% – المغنيزيوم 44% – النّحاس 102% – المنغانيز 62% – الزّنك 26% – الفوسفور 32% – البوتاسيوم 7% – السيلينيوم 4%
كما يحتوي 50 غرام من السّمسم على 24% من حاجة الجسم اليوميّة إلى الألياف وعلى 280 وحدة حرارية وعلى 25 غرام من الدّهون الصّحيّة المتمثّلة بصورة خاصّة بزيت السّمسم
والسّمسم مصدرٌ غنيٌّ جدّاً بالبروتين إذ يمثّل نحو 20 في المائة من وزنه الإجماليّ، وهو يحتوي على أصنافٍ عديدة من البروتينات مثل “البرولين”، و”السّيرين”، و”حمض الأسبارتيك”، و”السيستين”، و”التيروزين”، و”الغليسين”، وغيرها. كما أنّ السّمسم غنيٌّ بالكالسيوم النّباتي ويفوق في ذلك العديد من النّباتات. كما أنّ من المُلفت احتواءه على نسبة كبيرة من الحديد ممّا يجعله من أهمّ الأغذية الضّروريّة في أيّ نظام غذائيّ لزيادة قوّة الدّم وجهاز المناعة.
وتُعْتبر حبوب السُّمسُم غنيّة بالأحماض الدُّهنيّة ولاسيما “أوميغا 3”، و”أوميغا 6”، و”الفالين”، و”الأرغنين”، كما يحتوي على نسبة عالية من الفيتامينات خصوصاً مجموعة فيتامينات B complex والتي تشمل B1 وB2 و B6 وكذلك تحتوي على نسبة جيّدة من “حمض الفوليك” (Folic Acid).

الفوائد العلاجيّة لبذور السّمسم
بالاستناد إلى الأبحاث العلميّة التي تركّزت على دراسة خصائص السّمسم العلاجيّة بات من المتّفق عليه أنّ السّمسم مفيدٌ جدّاً في الحالات المرضيّة التّالية:
1. داء السّكريّ
يؤدّي تناول السّمسم بكميّات علاجيّة (نحو 50 غرام يوميا) إلى المساعدة في خفض وضبط نسبة السّكّر في الدم، كما يزيد من فعاليّة أدوية السّكّر في الجسم، ممّا يجعلها ذات فعاليّة في علاج مرض السّكّري. وأظهرت دراسة نُشرت العام 2011 في “مجلّة التّغذية السّريريّة” (Clinical Journal of Nutrition) أنّ زيت بذور السمسم حسَّن من فعالية دواء السكّري “غليبنكلاميد” (Glibenclamide) في مرضى داء السُّكَّري “النوع 2” (Type 2). وكانت دراسة أخرى نُشرت العام 2006 في “مجلّة الأطعمة الطِّبيّة” (Journal of Medicinal Foods) أظهرت أنّ اعتماد زيت بذور السّمسم بدلاً من الزّيوت الأخرى في الطّعام يُخفّض السكّري وضغط الدم لدى مرضى السكّري.
2. ضغط الدّم العالي
يؤدّي السّمسم إلى خفض ضغط الدّم المرتفع، وتخفيف الشّعور بالإجهاد العامّ والتّعب المُزمن. وبيّنت دراسة نُشرت العام 2006 في “مجلّة جامعة يايل للطّب الأحيائيّ” (Yale Journal of Biological Medicine) أنّ زيت بذور السّمسم له تأثيرٌ نافع في مرضى الضغط العالي وضبطه وتعديله.
3. صحّة القلب وتصلُّب الشّرايين
ثبُتَ مخبريّاً أنّ “الليغنان” الموجود في بذور السّمس والمعروف علميّاً بتسمية “سيسامول” (Sesamol)، المضادّ للأكسدة والمضادّ للالتهاب، يتمتّع بخاصّية مضادّة لتصلُّب الشرايين (Atherosclerosis)، وبالتالي يُسهِم في حماية القلب والشّرايين وتحسين صِحّتها. كما أنّ بذور السّمسم تعمل على تخفيض مستوى الكوليسترول السّيّئ في الدّم بسبب احتوائها على مركّبات “الفايتوسيترولات”، وهو ما يقلّل أيضاً من مخاطر الإصابة بأمراض القلب وتصلّب الشّرايين.
4. الجهاز المناعي وفقر الدم
يؤدّي التّناول المنتظم للسّمسم إلى تعزيز الجهاز المناعيّ وتنشيطه بما يزيد من قدرة الجسم على مقاومة الأمراض المختلفة ومحاربتها بفعاليّة، كما وتعالج بذور السّمسم فقر الدّم “الأنيميا” لغناها بعنصر الحديد.
5. الوقاية من السرطان
يحتوي السّمسم على “ليغنين” ذائب في الدهون له خصائص “فيتو إستروجينية” (phytoestrogenic) يُعرَف بتسمية “سيسامين” (Sesamin)، وقد أثبتت الدّراسات أنّه يكبح انتشار مجموعة واسعة من الخلايا السّرطانيّة.
6. صِحّة الأسنان
استُخدِم زيت بذور السّمسم لآلاف السّنين في الطّب الهنديّ التّقليديّ “الأيورفيدا” (Ayurveda)، لغرض صِحّة الفم ومنع تسوّس الأسنان ونزيف اللثة، وقد أثبتت الأبحاث الـسّريريّة الحديثة فائدة السّمسم في التهاب اللّثّة المتسبّب عن تراكم الجير.
7. صِحّة العظام
يساعد السمسم في تحسين صحّة العظام وزيادة كثافتها ووقايتها من الإصابة بهشاشة العظام ولينها وذلك بسبب غنى بذور السّمسم بعنصريّ الكالسيوم والفوسفور.
8. تصلُّب الشرايين
أثبتت الأبحاث أنّ زيت بذور السّمسم يحمي الفئران المخبريّة من الإصابة بمرض تصلّب الشّرايين (Multiple Sclerosis) عبر خفضه لإفراز مادة IFN-gamma، وهي عامل رئيسيٌّ في التّسبُّب بهذا المرض المناعيّ الذي يُصيب الجهاز العصبيّ.
9. الجهاز الهضمي
يساعد السّمسم في تحسين عمل الجهاز الهضميّ وتطهيره وطرد السّموم منه، كما يُسرّع عمليّة الهضم ويُليّن الأمعاء ويكافح الإمساك.
10. الأذن والدّوخة
يساعد السّمسم على التّخلّص من طنين الأذن ودُوار الرّأس أو “الدّوخة”.
11. الرّضاعة
يزيد السّمسم إدرار الحليب لدى الأمّ المُرضِعة.
12. صِحّة البشرة والتئام الجروح
يفيد السّمسم في تأخير تجاعيد البَشَرة لاحتواء زيته على مضادّات الأكسدة فيزيد من نضارة البَشرة ورطوبتها ويُعزّز إنتاج “الكولاجين” فيها، كما يعمل على تسريع شفاء الجروح والتئامها بسبب كميّة الزّنك الموجودة فيه.

البكتيريا

كيف خَسرنا الحرب

المضادّاتُ الحيويّةُ هدمت نظامَ المناعةِ البشريّ
وفَشلت كبديل في الوقاية من هجمات البكتيريا

10 ملايين أميركيّ سيموتون سنويّاً في العام 2050
بسبب مقاومة البكتيريا لمُعظم المضادّات الحيويّة

مُعظم المضادّات جرى تطويرُها بين عاميّ 1962 و 2000
ورخص أثمانها أفقد الشّركات الرّغبة في تطوير مضادّات جديدة

اعتُبِرَ اكتشاف المضادّات الحيويّة في أربعينيّات القرن الماضي معجزة الطبّ الحديث، إذ اعتقد الأطبّاء أنّه لم يعد هناك مرض بكتيريّ إلّا ويمكن شفاؤه بهذه المضادّات، وبالنّظر لرخص تكلفة إنتاجها فقد انتشر استخدام المضادّات الحيويّة وأنتج العديد منها ثم انتقل استخدامها إلى القطاع الزّراعي لتصبح مكوّناً أساسيّاً من علف المواشي التي تتمّ تربيتها في المزارع الكبرى ثم في مزارع الدّجاج وتقريبا مختلف المزارع المخصّصة لإنتاج اللّحوم.
لكنّ الأمر لم يطُل حتى اتّضح أنّ ما ظنّت الأوساط الطِّبيَّة أنّه معجرة العلاجات الحديثة بدأ يفقد مفعوله بسبب تعوّد البكتيريا على احتواء مفاعيله وتطويرها لآليات بَيولوجية تعطّل تأثيره. بذلك بدأ سباق محموم بين إنتاج المضادّات الجديدة وبين البكتيريات التي تتوصّل في كلّ مرة إلى إنتاج آليّات تعطّل مفعولها، وبات من الطبيعيّ أن تسمع عن وفاة مرضى في المستشفيات بتأثير التهاب بكتيريّ عاديّ لأنّ كلّ المضادّات التي استُخْدمت لم تستطع قتل الجراثيم المقاومة، وفي أكثر الحالات بات الأطبّاء يستخدمون “كوكتيلاً” من عدّة مضادّات حيويّة مع تبديل “الخلطة” أكثر من مرّة في محاولة للتغلّب على البكتيريا المقاومة. لكن كلما ازداد استخدام مضادّات أقوى وأفعل كلّما تمّ إضعاف جهاز المناعة أكثر فأكثر وتراجعت قدرة الجسم على شفاء نفسه، وبات الأمل كلّه معلَّق على آخر نوع من المضادّات يتمّ إنتاجه. ولمّا كانت المضادّات الحيويّة رخيصة الثّمن فإنّ شركات تصنيع الأدوية لم تعد مهتمّة بإجراء الأبحاث المكلفة من أجل تطوير أجيال جديدة منها. هنا بالفعل وصلنا إلى عنق الزّجاجة. فالمضادّات تفقد مفعولها يوميّاً على محاربة الهجمات البكتيريّة حتى من بكتيريات بسيطة في الظّاهر وكان جهاز المناعة يتدبّر أمرها بسهولة (راجع معجزة نظام المناعة في العدد السابق من المجلّة). والبدائل التي يمكن أن تعوّض عن خسارة المضادّات لفعاليّتها غير موجودة ونظام المناعة يتراجع يوماً بعد يوم بتأثير المضاعفات الجانبيّة للأدوية الكثيرة التي نتناولها أو بتأثير تدهور بيئة الحياة ومئات بل ربّما ألوف الملوّثات التي نتعرّض لها، والنّتيجة أنّنا أصبحنا كجنس بشريّ في خطر لأنّنا خسرنا جهاز المناعة ثمّ ها نحن نخسر المضادّات الحيويّة التي اعتمدنا عليها. فما العمل؟ وما الذي ينتظرنا وينتظر أطفالنا في المستقبل غير البعيد؟
“الضّحى”

اليوم الذي كان الأطبّاءُ وأخصّائيّو الرّعاية الصِّحِّية والعلماء يخشَوْن حلولَه ويُحذِّرون من حدوثه طلعت شمسه… من الصّين، فهناك في أحد مراكز الأبحاث الصّينيّة اكتُشِفَت لأوّل مرّة في البشر والمواشي على حدٍّ سواء طفرة جينيّة(Mutation) تجعل البكتيريا “الذّكيّة” تُقاوِم جميع أنواع المضادّات الحيويّة، بما في ذلك عقاقير “هذه الطّفرة أطلق عليها علماء الصّين مصطلح جين MCR-1، وهي تسمح للبكتيريا بمقاومة مجموعة من المضادّات الحيويّة القويّة تُعرَف بتسمية “البوليميكسينات” (Polymyxins)، وعلى الأخصّ المضادّ الحيويّ “كوليستين” (Colistin)، الذي بات بمثابة خطّ الدّفاع الأخير ضدّ البكتيريا عندما تفشل جميع أنواع المضادّات الحيوية. ويخشى العلماء من أنّ جينات MCR-1 هي عصيّة على التدخُّل الطبّي وربّما تؤثّر، من النّاحية النظريّة، في جميع أنواع مسبِّبات الأمراض (Pathogens) المُعدِيَة الأخرى.

زحف جرثومي
ونقلت مجلة “تايم” الأميركيّة عن تقريرٍ للعلماء الصّينيّين نشرته دورية “لانسيت للأمراض المُعدِيَة” (عن اكتشاف مقاومة للمضادّات الحيويّة في 20% من الحيوانات التي أُخضِعَت للاختبار، و في 15 بالمئة من عيِّنات اللّحم النّيّئ، وكذلك لدى 16 مريضاً. وأوضحت أنّ هذه المقاومة انتشرت بين مجموعة من السُّلالات البكتيريّة، وثمّة دلائل على أنّ هذه الطّفرة انتشرت أيضاً إلى لاوس وماليزيا.
وأوضح البروفسور تيموثي والش من “جامعة كارديف” الذي شارك في هذه الدراسة، أنّ جميع العناصر التي يمكن أن تؤدّي إلى نهاية المضادّات الحيويّة كخيار علاجيّ باتت موجودة فعلاً. مضيفاً إنّ جين MCR-1 أصبح عالميّاً ويمكن أن يتآلف مع جينات أخرى مقاوِمة للمضادّات الحيويّة وهذا في حال حدوثه سيسدّد ضربة نهائيّة للمضادّات الحيويّة، وعندها، إذا ما أصيب إنسان ببكتيريا، على غرار E coli، عندها لا شيء يمكن القيام به لإنقاذ حياته.
في الوقت نفسه حذّرت مجلّة “لانسيت” العلميّة الشّهيرة من أنّه ما لم يتحقّق نجاح كبير في تطوير المضادّات الحيويّة، فإنّ الأطبّاءَ قد يصلون إلى حالة يشهدون فيها أعداداً متزايدة من المرضى الذين قد يُضطرّون إلى القول لهم: “نحن آسفون، ما من شيء يمكننا القيام به لشفاء إلتهاباتكم!”.
وكانت “منظّمة الصِّحّة العالميّة” (WHO) قد حذّرت العام 2012 من أنّ المضادّ الحيويّ “كوليستين” هو في غاية الأهميّة لصَحَّة الإنسان. وعلى الرّغم من تصنيف “منظّمة الصحّة العالميّة” فإنّ المزارعين في أنحاء العالم واصلوا تغذية المواشي بالمضادّات الحيويّة بكميّات كبيرة من أجل “تسمينها” وضمان إنتاجها. واستخدام المضادّ الحيويّ “كوليستين”، وكذلك “البوليميكسين”

(Polymyxin) بشكلٍ خاص، واسع الانتشار لا سيّما في الصّين، حيث يقوم المزارعون بحقنه في المواشي والدواجن.
ويقول الخبراء إنّ الجين MCR-1 ينتقل بسهولة بين سلاسل بكتيريا “إيكولاي” (E. coli) وأنواع أخرى من البكتيريا الشّائعة، بما في ذلك بكتيريا “الالتهابات الرّئويّة” Klebsiella pneumoniae، وبكتيريا Pseudomonas aeruginosa، التي تُسبِّب العديد من الالتهابات في الدّم، والمسالك البوليّة والأمعاء.
وقال البروفسور ليو جيان هوا من جامعة Southern Agricultural University الصينيّة إنّ “ النتائج ستكون مرعبة فعلا”. محذّرا من أنّه في حين يبدو من المُجدي الحدّ من استخدام “كوليستين” خصوصاً في تربية الحيوانات فإنّ الخَشْية هي من الوصول إلى مرحلة يتبيّن لنا فيها أنّ الأوان فات فعلاً لأيّ حلول إنقاذيّة.
وفي الولايات المتّحدة ربّما لا يُستخدم المضادّ الحيويّ “كوليستين” في المواشي على نطاقٍ كبير، لكن يُقدَّر أنّ 70 بالمئة من المضادّات الحيويّة التي تُعتبر في غاية الأهمّية لصِحّة البشر تُستخدم في مزارع الحيوانات، وثمّة احتمالٌ بالوصول إلى مرحلة يُضطرّ بها إلى استخدام “كوليستين” في المزارع لمكافحة الجراثيم التي كانت تسهُل معالجتها سابقاً بالمضادّات التقليديّة.

انتظروا العام 2050
جديرٌ بالذّكر أنّ مقاومة المضادّات الحيويّة تُودِي بحياة نحو 700,000 شخص في أنحاء العالم سنويّاً، ومن المتوقّع أن يرتفع هذا الرّقم إلى 10 ملايين بحلول العام 2050، وعندها يبدأ الرّعب فعلاً. وتُظهِر بعض الأبحاث أنّ حالات بكتيريا المقاوِمة للمضادّات الحيويّة ارتفعت بنسبة 12,000%، في غضون 7 أعوام فحسب، وذلك بسبب الاستخدام العشوائيّ للمضادّات الحيويّة على نطاقٍ واسع لدى البشر والحيوانات على حدٍّ سواء، ممّا يُدمِّر مجموع البكتيريا المفيدة في الأمعاء.
وكان “المركز الأميركيّ للتحكُّم بالأمراض والوقاية منها” (U.S. Centers for Disease Control and Prevention) قد أقرَّ بأنّ عصر المضادّات الحيويّة قد وصل إلى نهاية سادت فيها “السّوبر بكتيريا” Superbug أيّ المقاوِمة لكلّ أنواع المضادّات. في غضون ذلك، أعلنت مستشفيات في إنكلترا عن ارتفاع أعداد المَرْضى المصابين بأعراض مقاوِمة للمضادّات الحيويّة، وارتفعت الحالات المؤكّدة مخبريّاً لبكتيريا مقاوِمة للمضادّات الحيويّة في الأمعاء من 5 حالات إلى أكثر من 600 سنويّاً في غضون 7 سنوات فحسب.

كيف نتدارك الكارثة
استجابةً لذلك الخطر الدّاهم، يعكف الباحثون في الدّول المتقدّمة على مدار السّاعة لحلّ إحدى أكبر المشكلات المستقبليّة التي تُواجه الجنس البشريّ، أي تغلُّب البكتيريا الذكية على المضادّات الحيويّة وإبطالها لمفعول الأخيرة. وهذا التطوّر اعتبرته “منظّمة الصحة العالمية” من بين المخاطر الصحية الأكثر جدّية في العالم. فمن دون مضاد حيوي فعّال يُعتَمد عليه في المستقبل، فإن الوضع سيكون كارثياً. إذ أن العمليات الجراحية وحتى عمليات الولادة ستنطوي على مخاطر كبيرة.
يقول الباحث ماتي إرديلي وهو عالِم كيمياء عضوية يسعى فريقه البحثيّ إلى إيجاد وسائل لمنع البكتيريا من إحباط عمل المضادّات الحيويّة الحاليّة، أنّ الدّول النّامية ولاسيّما في آسيا تستخدم المضادّات الحيويّة للحيوانات منذ ولادتها وطوال فترة حياتها. وينتهي المطاف بكميّات كبيرة من تلك المضادّات في البيئة من خلال مخلّفات وفضلات الحيوانات، لذا تعتاد البكتيريا على تلك المضادّات الحيويّة. وعندما نلجأ إلى استخدامها مجدّداً، تكون البكتيريا قد أصبحت مقاوِمة لها بالفعل”.
لذلك، فإنّ أحد الأسباب الرّئيسة وراء مقاومة المضادّات الحيويّة هو معالجة المواشي بشكلٍ وقائي بالمضادّات الحيويّة لمنع تعرُّضها للمرض. وهذا على سبيل المثال محظور في السّويد، لكنّه شائع في دولٍ كبيرة مثل الصّين والولايات المتّحدة الأميركيّة. وبالتّالي، قد يكون لتجنُّب المعالجة الوقائيّة للحيوانات تأثيرٌ إيجابي كبير في منع تطوّر مقاومة البكتيريا للمضادّات الحيويّة.
عالِمة الكيمياء الأحيائيّة روزماري فريمان تلفت إلى أنّ البكتيريا “بارعة جداً في تمويه وجودها داخل الجسم”، لذا يُركِّز فريقها البحثيّ على عمليّة التّمويه هذه. وتقول في هذا الصّدد: “إذا ما تمكّنا من إحباط عمليّة التّمويه هذه فإنّ بُنية سطح البكتيريا ستتغيّر وسيصبح بإمكان الجهاز المناعيّ في الجسم التعرّف عليها والتّعامل معها”.
لكنّ المشكلة هي أنّ الأطبّاء لا يُحسنون تحرّي أيّ نوعٍ من البكتيريا يُسبِّب أيّ صنف من الالتهابات، إذ لو تمّ لهم ذلك فإنّه سيُحَسِّن الوضع نسبيّاً. لكنّ ما يحدث هو أنّ الأطبّاء للتّعويض عن ذلك يستخدمون “كوكتيلاً” من عدّة مضادّات حيويّة لمعالجة صنف معيّن من البكتيريا.

حسابات صناعة الأدوية
المشكلة الإضافية هي أنّ الصّناعة لم توجد فئات جديدة من المضادّات الحيويّة، إذ كلُّ ما يتوافر منها هو أنواع من المضادّات الحيويّة التي جرى تطويرها بين عامي 1962 و 2000. ومنذ ذلك التاريخ لم تُطوِّر شركات صناعة الأدوية سوى قلّة قليلة من الفئات الجديدة، فمعظم الأنواع الجديدة هي مجرّد تعديل للمضادّات المتوافرة. وفي ظل تواصُل مشكلة مقاومة المضادّات الحيويّة ستكون هناك حاجة دائمة لتطوير أنواعٍ جديدة من تلك العقاقير.
لكن المشكلة هنا تكمن في أنّ الاستثمار في تطوير مضادات حيوية جديدة ليس مُربِحاً لتلك الشّركات الصّيدلانيّة. أمّا المشكلة الأكبر فهي المهارة المتزايدة للبكتيريا في مقاومة وتعطيل مفعول المضادات، فما أن يُطلَق مضادٌ حيويّ جديد في الصّين حتى تصبح البكتيريا مقاوِمةً له في غضون أشهر قليلة. وهذا بالطّبع ما يجعل الشّركات الصّيدلانيّة تتردّد في إنفاق مبالغ كبيرة لتطوير مضادّاتٍ حيويّة جديدة طالما أنها ستصبح غير ذات جدوى كلّيّاً في غضون سنوات معدودة.

خطوةٌ في الاتّجاه الصّحيح
إنّ إحدى المشكلات الأساسيّة هي المواقف المُمالئة لـ “اللّوبي الزراعي” التي تتّخذها الحكومة الأميركيّة والتي تتمثّل في تأخّر “إدارة الغذاء والدّواء” (FDA) الأميركية لسنوات عن الإقرار بمخاطر الاستخدام الواسع للمضادّات الحيويّة في العلف الحيوانيّ من قبل كبريات الشّركات العاملة في قطاعات اللّحوم والألبان والدّواجن. إلّا أنّ هذه الإدارة، ونتيجة لضغوط الأوساط العلميّة والرّأي العامّ قامت في العام 2013 بالإعلان عن “برنامج تطوُّعي غير مُلزِم” يرمي إلى خفض كمية المضادّات الحيويّة المستخدمة في المواشي والأبقار والدّواجن اللّاحمة”، ويحثُّ البرنامج الصّناعة والشّركات الصّيدلانيّة الكبيرة على الالتزام بالمعايير الجديدة المُوصى بها، وتُحذِّر الإدارة المذكورة المزارعين من أنّ استخدام المضادّات الحيويّة لتسمين حيواناتهم في أسرع وقت قد يؤدّي بهم إلى المحاكمة الجنائية.
وفيما يعتبر برنامج “إدارة الغذاء والدّواء” هذا خطوة في الاتّجاه الصّحيح، فهو بالطّبع ليس كافياً. أوّلاً لأنّه تطوُّعي وغير ملزم، وهذا يعني أنّ الشّركات الصّيدلانيّة المُصنِّعة للعقاقير ليست ملزَمة به، وفي حال وجدَ المزارعون على علبة المضادّ الحيويّ عبارة: “يمكن استخدامه لتعزيز النّمو” فبإمكانهم استخدامه على هذا النحو.
ثانياً، حتى ولو امتثلت تلك الشّركات الصّيدلانيّة المختصّة، فثمّة وسائل يعتمدها المزارعون للتّحايل على البرنامج. فمع جرعات منخفضة، يمكنهم استخدام تلك العقاقير بحجّة الوقاية من المرض. لكن ثمّة وجهٍ إيجابيّ للبرنامج يتمثّل في أنّ استخدام تلك المضادّات الحيويّة بات اليوم يتطلّب وصفة بيطريّة، بينما كانت المضادّات في الماضي تتوافر على رفوف متاجر المواد الزّراعية. والمهمّ أنّ رفع الصّوت عالياً في مثل هذه البرامج قد يأتي ببعض النّتائج الإيجابيّة، ولو لم يكن كافياً ويتطلّب تدابير أكثر صرامة. وفي “لقاء قمّة” علميّ حول استخدام المضادّات الحيويّة، عُقِدَ مؤخّراً في البيت الأبيض، تعهَّدت نحو 150 شركة مُصنِّعة للطّعام، ومطاعم ومستشفيات وشركات صنع عقاقير، بإنهاء استخدام لحوم من حيوانات عُولِجت بالمضادّات الحيويّة، وهومن شأنه أن يبدأ بإحداث تغيير في هذا التقليد السيّيء.

ألكسندر فلمنع الذي ينسب إليه اكتشاف البنيسيلين في العام 1928
ألكسندر فلمنع الذي ينسب إليه اكتشاف البنيسيلين في العام 1928

مخاطر الاستخدام العشوائيّ
من بين المشكلات الكثيرة التي يُسبّبها فرط استخدام المضادّات الحيويّة حدوث حالات إسهال مميت لدى الأطفال، وهم ذوو أمعاء أكثر حساسية، حيث إنّ الجهاز المناعي للأطفال لا يزال في طور النمو. كما أن المضادات الحيوية تخرّب التّوازن الدّقيق في بكتيريا الأمعاء والذي يُبقي كائنات مجهريّة حيّة مثل فطريات “الكانديدا” (Candida) في حالة توازن، إذ إنّ المضادّات، حتى عند استخدامها بنِسَبٍ ملائمة للتّخلُّص من البكتيريا، لا تُميِّز بين المفيدة منها والسّيِّئة، وتقضي على الأولى بجريرة الثّانية، وهو ما يُحدِث اختلالاً في توازن بكتيريا الأمعاء ويؤدّي إلى مشكلات صحية كثيرة. وتقف المضادّات الحيويّة وراء تزايد حالات مرض “السّيلان” (Gonorrhea) العَصِيِّة على المعالجة، وأمراضٍ جدّية أخرى.

كيفَ نُعزِّز نظام المناعة
(كبديلٍ عن الأدوية ومُضاعفاتها)

هل تلتقط فيروسَ الرّشحِ مرّةً تلو الأخرى خلال فصل الشّتاء فيما صَحْبُكَ ينعمون بالعافية؟ ربّما تحتاج إلى التّفكير جدّياً بتعزيز جهازِكَ المناعيّ.
لقد حَبَانا الخالقُ بجهازٍ مناعي مُذهل وظيفته أنْ يُبقينا في صِحّةٍ جيّدة، ليس فقط خلال فصل الشّتاء بل طوال فترة العام، مُتَصدِّياً لكلِّ أنواع الجراثيم والفيروسات والسّموم والملوّثات. والجهاز المناعيّ ليس مهمّاً فحسب للشّفاء من الأمراض بل أيضاً للحفاظ على صِحّةٍ جيّدة.

ما هو الجهاز المناعيّ؟
الجهازُ المناعيّ هو النّظام الدّفاعيّ الطّبيعيّ للجسم، ويتألّف من تريليونات خلايا الدّم البيضاء، والأجسام المضادّة (Antibodies)، ونخاع العظام، والغُدَّة الصّعتريّة (Thymus)، التي تعمل جميعها على التعرُّف إلى ملايين من الميكروبات (مثل البكتيريا، والفيروسات، والفطريّات، والشّوائب السّموميّة) التي تتسلّل إلى أجسامنا كلّ يوم، وتحرص على تدميرها، فضلاً عن التّخلُّص من الخلايا الشّاذة.
ولا يقلّ الجهازُ المناعيّ تعقيداً عن الجهاز العصبيّ، فهو ليس قادراً على إنتاج مضادّ حيويّ طبيعيّ لكلّ نوعٍ من ملايين الجراثيم والعوامل المُسبِّبة للعدوى فحسب، بل هو أيضاً قادرٌ على تذكُّر كيفية إنتاج تلك “المضادّات” Antigens بعد عقودٍ لاحقة. وتُشكِّل خلايا الدّم البيضاء بأنواعها العمود الفِقْري للجهاز المناعيّ.
ويقوم الجهاز المناعيّ السّليم بحمايتنا عبر استحداثه في البداية حاجزاً يمنع دخول تلك الجراثيم الغازية المُسبِّبة للمرض إلى الجسم. وفي حال تسلُّل بعضها، يُنتِج الجهازُ المناعي خلايا الدّم البيضاء وكيميائيّات وبروتينات أخرى تهاجم هذه الكائنات الغريبة وتُدمِّرها، وذلك قبل أن تبدأ بالتّكاثر.
وخيرُ مؤشّرٍ على مستوى سلامة الجهاز المناعيّ هو مدى الحيويّة التي نشعرُ بها. فإذا ما شعرنا بالضّعف أو بالإرهاق أو بالاكتئاب فلعلّ جهازنا المناعيّ يكون ضعيفاً. وغالباً ما نسعى إلى التّعويض عن هذا الشعور باحتساء مشروباتٍ غنيّة بالكافيين، أو تناول أطعمة مُتخَمَة بالسكر، وهنا تتفاقم المشكلة. لقد تكيَّفَ الجهازُ المناعي بأسلوب حياةٍ غير صِحّي. لذا يبدو في غاية الأهمّيّة لسلامة الجسم والعقل الحفاظ على جهازٍ مناعيّ سليمٍ وصِحّي.

كيف يَضعف الجهاز المناعيّ؟
ثمّة عوامل عديدة تُضعِف قوّة الجهاز المناعيّ، أبرزها:
1. سوء التّغذية
النّظام الغذائيّ المعاصر يفتقد إلى العديد من الفيتامينات، والأملاح المعدنيّة، ومضادّات الأكسدة (Antioxidants) وعناصر غذائية أخرى ضروريّة لكي يحافظ الجسم على جهاز مناعيّ صِحّيّ وسليم. فالفواكه في السوبرماركت، على سبيل المثال، غالباً ما تكون قد قُطِفَت قبل النّضج وقبل أن يتسنَّى للعناصر الغذائية فرصة النّمو، وغالباً ما تُزرع الخضروات في تربة ناضبة مستنفدة الخصوبة، وبالتّالي تنمو وهي تفتقر إلى العديد من المكوّنات الغذائية. أمّا اللّحم فيُنتَج من مواشٍ وأبقار ودواجن تُطعَم أعلافاً مستنفدة القيمة الغذائية، وغالباً ما تُحقن بهرمونات وستيرويدات (Steroids). والأطعمةُ المعلّبة غالباً ما تُعالَج صناعياً لإطالة عمرها على رفوف المتاجر والسوبرماركت بما يحرمها من أن تكون مصدراً للغذاء السّليم. فالجهاز المناعي يحتاج إلى تغذية مُثلى عبر نظامنا الغذائيّ لكي يستطيع العمل بفعالية في حمايتنا، وبمجرّد فقدان عددٍ قليل من الفيتامينات أو الأملاح المعدِنيّة الضّروريّة لعمله بكميّاتٍ كافية، يصبح هذا الجهاز ضعيفاً ويمكن للبكتيريا عندها مهاجمته.
2. البيئة الملوّثة
فيما تصبح بيئتنا أكثر تلوّثاً، يُضطر الجسمُ لمجاراة عبءٍ أكبر من السّموم، التي تنساب إليه من الأطعمة، ومن خلال الرّئتين والجلد، وكذلك بسبب التّعرُّض للأشعّة الكهرومغناطيسية الصّادرة عن المعدّات الكهربائية والإلكترونية. فمع ارتفاع نسبة السّموم يعمل الجهاز المناعيّ بجهدٍ أكبر لتحديد تلك الملوّثات وإزالة سمومها، وهو ما يُرهِقه، وهذا ما يحدث كلّ يوم.
3. التوتُّر والإجهاد
عندما نشكو توتُّراً أو إجهاداً، يردّ الجسم بتحويل جميع موارده إلى العضلات. فوظائف الجسم الأخرى التي تُعتبر غير ضروريّة في الحالات الطّارئة تُعَطَّل موقّتاً، ومن بينها الهضم، وآليات ترميم الخلايا، ووظيفة الجهاز المناعي. والمشكلة هي أنّ الحياة المعاصرة غالباً ما تشهد حالاتٍ من التوتُّر المتواصل والإجهاد المزمن، وهذا يعني أنّ آلية إصلاح الخلايا والأنسجة والاستجابة المناعيّة تشهد اختلالاً متواصلاً
وممّا يُفاقِم ذلك الافتقار إلى النّوم الكافي، وهو الفرصة الرّئيسة للجسم كي يُرمِّم ويُشفي نفسه، وذلك يجعل من الإنسان ميّالاً للإصابة بالأمراض والشّيخوخة المبكّرة.
4. العقاقير
يمكن للعقاقير الطبّيّة أن تُضعِف الجهاز المناعيّ بشكلٍ كبير. فعلى سبيل المثال، تُدمِّر المضادّات الحيويّة (Antibiotics) البكتيريا المفيدة في المعدة والأمعاء، وهي في غاية الأهمّية لسلامة الجهاز الهضميّ. وثمّة علاجات حديثة تخلّ بوظيفة الجهاز المناعيّ، لا سيّما تلك المستخدمة لفترةٍ طويلة وهي تؤذي النّظام الدفاعيّ الطبيعيّ للجسم.

كيف نُقوِّي الجهازَ المناعيّ؟
في ظلّ هذه الحقائق ماذا يَسَعُنا القيامُ به لتعزيز الجهاز المناعيّ؟
• تحسين مستوى التّغذية
من أجل مضاعفة ما نتناوله من مُغذِّيات يتعيّن اختيار الأغذية الصِّحيّة ما استطعنا ويُفضَّل أن تكون فواكه وخضروات عضويّة أو بلديّة. ذلك ناهيك عن الإكثار من شرب المياه النقيّة وتجنُّب ما يُسمَّى بـ “مضادّات المغذَّيات” (Anti-nutrients) وعلى رأسها السكر المكرّر، والخبز الأبيض، والأرز الأبيض، والحلويات الغنية بالسّكر، والمشروبات الغازية، والأطعمة السّريعة وما شابهها.
إنّ نظاماً غذائيّاً غنياً بالفيتامينات المضادّة للأكسدة يُعزِّز مقاومة الالتهابات. فكلّ الخضار والفواكه ذات الألوان الأخضر والأحمر والأصفر والبرتقالي تزخر بمضادّات الأكسدة، كالحمضيّات وأنواع التّوت والعنّبيّات، والكيوي والتّفاح والأعناب، والجزر والبصل وغيرها. ومن بين الأطعمة المقوّية للمناعة، الثّوم الذي يتمتّع بخصائص مضادّة للجراثيم والفيروسات، وكذلك حساء الدّجاج، كما يُنصَح بتناول الفطر بأنواعه.
وهنا يُنصح بإضافة مُكمِّلات غذائيّة ومعدنيّة إلى نظامنا الغذائيّ، لا سيّما مضادّات الأكسدة التي تُسهِم في القضاء على الجذور الحُرَّة (Free Radicals) وإيقاف تلف الخلايا. ومن بين تلك فيتامين “سي” (C)، ومجموع فيتامينات “بي” (B)، وكذلك “أ” (A) و”إي” (E)، فضلاً عن “السيلينيوم” (Selenium) والزّنك (Zinc) والمغنيزيوم (Magnesium). إنّها ضرورية لتساعد الجسم على التّعامل مع بيئةٍ تختلف جدّاً عمّا كانت عليه في أيام الآباء والأجداد.
• الحدّ من الملوّثات
بدايةً يُنصَح بتناول طعامٍ عضويّ لتجنُّب تلك الموادّ الكيميائيّة المستخدمة في التّخصيب الزّراعي والتي كثُرَ الحديث عنها في الآونة الأخيرة. ومن ثمّ وجبَ الإقلاع عن التّدخين. فثمة أطبّاء في الولايات المتّحدة، على سبيل المثال، لا يتابعون مريضاً يرفض التوقُّف عن التّدخين باعتبار ذلك دلالة على أنّه لا ينشد التّمتُّع بالعافية حقاًّ. وبات لزاماً الإكثار من شرب الماء (أقلّه 1,5 ليتر في اليوم) من أجل تنظيف الجسم من السّموم المتراكمة فيه وطردها خارجاً. ويُنصَح هنا بالصّوم بين الحين والآخر لإزالة سموم الجسم وبالتّالي تحسين المناعة. ويتعيّن الابتعاد قدر الإمكان عن مصادر الأشعّة الكهرومغناطيسيّة، مثل شاشات التّلفاز والكومبيوتر.
• تخفيف التوتُّر والإجهاد
كم نجد أنفسنا أكثرَ حيويّة بعد التّمتُّع بعطلة أو نقاهة أو استجمام! فالتوتُّر أو الإجهاد يصبح عادةً مُخيفة تُسبِّب مشكلات صِحيّة جدّيّة على المدى الطّويل. وهناك العديد من القصص عن أناسٍ كان يعانون حالاتٍ صِحيّة خطرة استطاعوا الشّفاء منها بأعجوبة عندما بدأوا ينعمون بالرّاحة والاسترخاء والابتعاد عن مصادر التوتُّر والإجهاد. والخطوة الأولى لتحقيق ذلك هي عبر التنعُّم بقسطٍ وافٍ من النوم (أقلّه 7 ساعات لمعظمنا)، وتجنُّب حالات تُثير غضبنا، أو تقودنا إلى الاكتئاب والإحباط، والأفضل من ذلك هو القيام بتمارين رياضيّة معتدلة تساعدنا على الاسترخاء. ولا ريبَ أنّ الصلاة، والتأمُّل، والاستماع إلى الموسيقى الهادئة والوجدانية تُضاعِف مستويات الاسترخاء والتحرُّر من التوتُّر، وتبثُّ إحساساً بالثقة والتدبُّر.
• الحدّ من العقاقير
في حال وجود مُنتَجٍ طبيعي فعّال يُغنينا عن العقار الصّيدلاني، فعلينا بذلك البديل، ومن الأفضل استشارة الطّبيب بالطّبع. لكنّ معظم الأطبّاء يميلون إلى تطبيق علاجات صيدلانيّة تعطي مفعولاً سريعا لكنّهم قليلاً ما يهتمّون بنصح المريض بتبديل نمط حياته أو غذائه، والسّبب هو أنّ قلّة من بينهم يضيفون إلى تخصّصهم العلميّ معرفة كافية بأنظمة الغذاء أو العلاجات المكمِّلة أو البديلة عن الأدوية الكيميائيّة. هذا مع العلم أنّ العلاج يبدأ بتبديل نمط الحياة، وتحسين نظام الغذاء، واعتماد التّمارين الرّياضية، وعندها فإنّ اللّجوء إلى العقاقير الطبيّة يصبح جزءاً من نهج علاجيّ متكامل مع إمكان دعمه أيضاً بمُكمِّلاتٍ غذائيّة (Supplements ومُغذِّيات ضروريّة لتقوية الجهاز المناعي.

أهم أسباب تزايد مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية هي استخدام المضادات على نطاق واسع في المزارع الكثيفة سواء للوقاية من ال
أهم أسباب تزايد مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية هي استخدام المضادات على نطاق واسع في المزارع الكثيفة سواء للوقاية من ال

• ممارسة المشي والرّياضة
القعودُ لفترةٍ طويلة لا يجعلك تشعر بالكسل فحسب بل يجعل جهازك المناعيّ يتكاسل أيضاً، في حين أنّ التمارين تساعد على تعزيز المناعة، حتى تلك المعتدلة منها كالمشي، أو المشي السّريع الذي يزيد سرعة دقّات القلب ولو لمدة 20 دقيقة ثلاث مرّات في الأسبوع. وترتبط التمارين بإطلاق هرمونات “الإندورفين” (Endorphins)، وهي هرمونات طبيعية تؤثّر في الدّماغ بطرقٍ إيجابيّة. إنّها تُخفِّف الألم وتبثُّ إحساساً بالاسترخاء والعافية بما يُخفِّض التوتُّر ويُحسِّن النّوم، وبالتّالي يُعزِّز المناعة.
• التّمتُّعُ بنومٍ وافٍ
التعرُّض للأرق لا يترك المرء مُتْعَباً طوالَ النّهار فحسب بل يجعله أيضاً عرضةً للأمراض، بما في ذلك الزّكام والأنفلونزا والتهاباتٍ أخرى. كما أنّ النّوم لساعاتٍ قليلة على المدى الطّويل يُضاعِف مخاطر الإصابة بمشكلات صِحّيّة جديّة أخرى من بينها البدانة والسّكري.
ويقول الخبراء إنّ الجسم يستخدم النّوم كوسيلةٍ لشفاء نفسه. وحينما لا ينعم المرء بقسطٍ وافٍ من النّوم، أو بالأحرى المراحل العميقة من النوم، تختلّ عملية الشّفاء هذه. وفيما يصعب قياس التأثير الوقائيّ للنّوم على الجهاز المناعيّ بشكلٍ دقيق، فإنّ النّوم يمكنه، كشأن مضادات الأكسدة، أنْ يُخفِّض التّوتُّر المسبِّب للأكسدة، وهو ما يُوقِف تعرُّض الخلايا للضّعف والتّلف. ويؤكّد الباحثون أنّ النّوم لِمَا لا يقل عن 7 ساعات ليلاً يرتبط بمقاومة متزايدة للأمراض المُعدِيَة.
• إدارة التوتُّر
حينما يكون الجسمُ تحت وطأة إجهادٍ أو توتُّرٍ متواصِل يغدو أكثر عرضةً للأمراض مهما تفاوتت جدّيتها، ذلك أنّ الجسم في ظل توتُّرٍ مستمرّ يفرز مجموعة من هرمونات التوتُّر، مثل “الكورتيزول” (Cortisol) و”الأدرينالين” (Adrenaline)، التي تُضعِف الجهاز المناعي. كما أنّ التوتُّر المُزمِن يرتبط بأمراض القلب وضغط الدّم العالي، وربّما يكون له تأثير أيضاً في وظيفة خلايا الدّم البيضاء. وينصح الأطباءُ بتغييرٍ جذريٍّ في نمط الحياة، والقيام بكلّ ما يساعد المرء على إدارة توتُّره، سواء كان ذلك نوعاً من التأمُّل، أو التّمارين الرّياضيّة، أو الاهتمامات الرُّوحيّة.
• بناء علاقات:
أظهرت الأبحاث أنّ أولئك الذين يرسون علاقات صداقة وثيقة ويحظَوْن بدعمٍ قويّ في حياتهم يميلون إلى التمتُّع بصِحّةٍ أفضل من أولئك الذين يفتقدون إلى دعمٍ اجتماعيّ وعلاقاتٍ مماثلة.

العسل

قاهر البكتيريا

العسل الطبيعي أثبت امتلاكه لخصائص قاتلة للبكتيريا بما في ذلك تلك المقاومة للمضادات الحيوية
العسل الطبيعي أثبت امتلاكه لخصائص قاتلة للبكتيريا بما في ذلك تلك المقاومة للمضادات الحيوية

العَسل، هو الدّواء الطّبيعيّ المستخدم منذ آلاف السّنين لمكافحة الجراثيم وتنظيف الجروح، لكنْ قلَّ مَنْ أدركَ قدرته الكبيرة كمضادٍّ حيويّ حتى الآونة الأخيرة. فالعسلُ قد يُشكِّل العلاج النّاجع لمكافحة التّهديد الطّبّي الأخطر الذي يتمثَّل في الجراثيم المقاوِمة للمضادّات الحيوية.
فالعسل مضافٌ إليه أعشاب أو نباتات طِبيّة مثل الزّنجبيل، كبحَ نموَ جراثيم خطرة مثل بكتيريا Staphylococcus aureus (التي تنتشر في المستشفيات) المقاوِمة لـ “الميثيسيلين”، وبكتيريا الـ E-coli، والبكتيريا المسبّبة للالتهاب الرّئوي وهي من بين الجراثيم الأكثر خطورة وفتكاً.
وقام الباحثون بإجراء اختباراتٍ منفصلة على العسل، ومسحوق الزّنجبيل، وتوليفةٍ من هاتين المادتَين مقابل ثلاثة مضادّات حيويّة مختلفة، هي: “ميثيسيلين” Methicillin، و”أموكسيسيلين” Amoxicillin، و”البنيسيلين” Penicillin، وهي ثلاثة من بين المضادّات الحيويّة الأكثر نجاحاً في التّرسانة الصّيدلانيّة.
وأجرى الباحثون خمسة اختبارات لكلٍّ من هاتين المادّتَين الطّبيعيّتَين العلاجيّتين في مكافحة أنواع البكتيريا الآنفة الذّكر. ووجدوا أنّ كلاًّ من العسل ومستخلص الزّنجبيل اتّسمَ على نحو منفصل بمستويات كَبْحٍ للبكتيريا أعلى من أيٍّ من المضادّات الحيويّة المنوَّه بها.
والنتائج الطّبّيّة لهذه الدّراسة كبيرة، إذ إنّها تكشف أنّ العسل والزّنجبيل يقضيان على الجراثيم الخطرة أكثر من معظم المضادّات الحيويّة القويّة المتوافرة صيدلانيّاً. فتلك الجراثيم قد تهيَّأت لإبطال مفعول تلك المضادّات الحيويّة التي أُفرِطَ في استخدامها على مدى عقود. لكنّ البعض قد يسأل: أليسَ باستطاعة تلك البكتيريا أن تُقاوِم أيضاً مفعول العسل أو الزّنجبيل؟ والإجابة هي أنّ الطبيعة تعمل بآلياتٍ مختلفة كلّيّاً عن تلك العقاقير المُصنَّعة. ذلك أنّ البكتيريا تتكاثر دائماً داخل خلايا النّحل. كما أنّها موجودة دائماً حول جذور نبتة الزّنجبيل، وفي التّربة من حولها. فالتربة تحتفظ بأعلى مستويات من البكتيريا، ولكون الكائنات المجهرية الحيّة تبقى في حركةٍ متواصلة، فإنّها لا ثباتَ في حالها. فنبتة الزّنجيل على سبيل المثال تُنتِج باستمرار آليات حيويّة لطرد البكتيريا، بما في ذلك فرز أحماض تُفكِّك خلايا الجراثيم المؤذية عند التماس، فضلاً عن كائناتٍ حيّة في التّربة تلعب هي أيضاً دوراً في كبح غزو البكتيريا. وهذه التّدابير المضادّة للبكتيريا التي تُوظِّفها النباتات تصل إلى الأزهار وغبار طلعها Pollen. ومن ثمّ يقوم النّحل بجمع غبار الطّلع وإحضاره إلى الخليّة. كما أنّ النّحل بدوره يتّبِع تدابير مضادّة للبكتيريا أيضاً وذلك لمنع حدوث أي التهاب داخل الخليّة أو القفير، بما في ذلك إنتاج المضادّات الحيويّة الخاصّة بالنّحل التي تقوم هذه الحشرة بإفرازها لُعاباً. ومُرَكَّب الـ “بروبوليس” (Propolis) هو العنصر الفعّال في لُعاب النّحل وكذلك في صَمْغ العديد من النّباتات، وقد أثبتَ هذا المُرَكَّب نجاحه كمضادٍّ حيويّ فعّال.
إذاً، لماذا تفلح هذه العلاجات الطّبيعيّة في التّغلُّب على مضادّات حيويّة شهيرة مثل “الميثيسيلين”، و”الأموكسيسيلين”، و”البنيسيلين”؟ السّبب هو أنّ المضادّات الحيويّة الصّيدلانيّة ثابتة الأداء، أي تعمل بالطّريقة ذاتها طوال الوقت.
ويعني ذلك أنّ جراثيم خطرة مثل الستافيلوكوكس والـ E-coli وجرثومة الالتهاب الرِّئوي يمكنها أنْ تَكتشف كيف تعمل تلك المضادّات الحيويّة وتُطوِّر تدابير لمقاومتها والتغلُّب عليها. ومن ثم تُمرِّر تلك المقدرة إلى بكتيريا أخرى عبر بُنى إحيائيّة جينيّة التّركيب نقّالة تُعرَف بـ “البلازميدات” (Plasmids).بينما دفاع النّحل أوالنّبات وكذلك نظام المناعة البشريّ في مواجهة الجراثيم عمليّة طبيعيّة تتمتّع بقدرة كبيرة على التّكيّف وتعديل الأسلحة والحلول ولهذا لا يمكن للجراثيم تطوير دفاعات فعّالة ضدّ أنظمة المناعة الطّبيعيّة.
وممّا يدعم هذه النتائج، ما توصّلت إليه دراسة أجرتها “جامعة سيدني للتّكنولوجيا” على العسل النيوزيلندي الذي يجنيه النّحلُ من أشجار شاي المانوكا. ووجدت الدّراسة أنّ هذا العسل كافحَ الجراثيم على جبهتين. فهو لم يتمكّن فحسب من قتل جرثومة Staphylococcus المقاوِمة لـ “الميثيسيلين” وبكتيريا أخرى، بل إنّه منعَ أيضاً تلك البكتيريا من أن تصبح مقاوِمةً للمضادّات الحيويّة. وأثبتَ هذا العسل مستوى مضادّاً للبكتيريا هو أكبر بأربعة أضعاف من المضادّات الحيويّة التّقليديّة. ولطالما استخدمت شعوب نيوزيلندا هذا العسل لتنظيف الجروح، وشفاء قرحات المعدة، ومعالجة الأكزيما، وحَبّ الشباب، ولدغات الحشرات. كما أنّ الكتيريا فشلت في تطوير أيّ مقاومة للمفعول العلاجيّ للعسل.
والمكوِّن الفعّال في العسل النيوزيلندي هو الـ “ميثيل غليوكسال” Methylglyoxal (MG)، وهو مكوَّنٌ موجود في مُعظم أنواع العسل ولو بكميَّاتٍ متفاوتة.
كما تبيّن أنّ هذا العسل كمضادٍّ حيويّ، ومضادٍّ للفطريات، فعّالٌ في معالجة إلتهاب الحلق والحَنْجرَة، والزّكام، والتهاب الجيوب الأنفيّة، والتهاب الجلد، ومُلتَحِمة جِفن العين، وكذلك في حَرْقة المعدة والحموضة، وارتجاع العُصارات الهضميّة Reflux.

النوم سلطان الصحة

نقص النّوم يحثّ على إنتاج صفائح الأميلويــــد في الدّماغ وقد يقلّص حجمه ويُسرِّع الإصابة بمـــــــرض ألزهايمر

العلم أثبت أن في الجسم عدة ساعات بيولوجيـــة لكل عضو أساسي من الأعضاء واحــــــــدة وأنـــــه حتّى الخلايا الدّهنيــــة تحكمها ساعة بيولوجيـــــــــة

أدنى قدر من الضّوء في غرفة النّوم يُحدِث اضطراباً في السّاعة البيولوجية الداخلية وفي إفراز الغُدَّة الصُّنوبريّة للميلاتونــــــين

لا تتناول طعاماً قبلَ النوم أو تحتسي مشروبات منبّهة وحاول الإخلاد إلى النوم في الوقت ذاته من كل يوم

دراسات أُثبتت علاقتُها بالعديد من الأمراض الخطيرة

الحِرمان المتواصل من النّوم

يُضعِف صِحّتك الجسديّة والنّفسيّة

نقص النّوم في أصل ضَعف المناعة للإنفلونزا
وعامل في زيادة الوزن والسّكري وضغط الدّم المرتفع

40% من البالغين لا ينامون ساعات كافية
والحياة العصريّة وعادات السّهر من أهم الأسباب

الإنسان مُصمّم للعيش باتّساق تامّ مع شروق الشّمس وغروبها
وتجاهُل هذه الحتميّة البَيولوجيّة يُسبِّب للصحّة مشكلاتٍ كبيرة

أحدُ أهمّ الأمور التي يجهلها الكثيرون في أيامنا هو الأهمّية الكبيرة للحصول على قدر كاف من النوم وبالتّالي مخاطر الحرمان من النّوم على الصحّة وتسببه في أعراض مرضيّة كثيرة وخطيرة أحيانا. يتوقّف الأمر بالطبع على درجة الحرمان من النوم وعلى عوامل أخرى كثيرة كما يتوقّف أيضاً على نظام ساعات النّوم ومدى حصول الفرد على النّوم العميق المتوائم مع الساعة البيولوجية للإنسان. لقد أثبتت الدراسات العلمية أنّ النّقص الفادح في النّوم قد يتسبّب بأمراض المناعة مثل الرّشح الدائم، وضعف مقاومة الجسم للأمراض والبدانة ومرض السكري فضلاً عن تأثير نقص النّوم على الدّماغ والذاكرة وزيادة مخاطر الإصابة بمرض الألزهايمر وكذلك أمراض القلب وضغط الدم المرتفع والسرطان وتسريع الشيخوخة. المشكلة أن كثيرين هذه الأيام لا ينعمون بالنوم الكاف إما بسبب عادات السهر الممتد حتى الصباح أو الحياة الفوضوية أو بسبب ظروف العمل المضني أو بسبب مزيج من ساعات العمل الطويلة حتى ساعات متأخرة من الليل، وفي جميع الحالات فإن الناس لا يعيرون أهمية لمخاطر نقص النوم ويعتبرون أن الجسم ربما قادر على تعويض ما يفوته وهذا خطأ أساسي كما سنرى. إنّ الهدف من هذه الدّراسة هو التّوعية بأهمية الحصول على قِسط كافٍ من النّوم من أجل التمتّع بصحّة جسديّة وذهنيّة ونفسيّة جيّدة. وإليكم الحقائق والبراهين العلميّة حول هذا الموضوع.

تُفيد نتائج مُستقاة من 300 دراسة علميّة أنّ حماية صحّة الإنسان تحتاج لأن يحصل المرء على فترة من النّوم تُقارب 8 ساعات ليلاً، أو على الأقل 7 ساعات. وهذا ينطبق على البالغين وكبار السن على حد سواء. أمّا الأولاد في سنّ المدرسة فهم يحتاجون إلى ما بين 9 و11 ساعة من النَّوم، فيما يحتاج المراهقون إلى ما بين 8 و10 ساعات من النوم . وأظهرت الأبحاث نفسُها وجود علاقة قويّة بين عدم الحصول على ساعات النوم الضّروريّة وبين عدد من الأمراض أو حالات الاعتلال الشائعة على الشّكل التالي:

النّوم والرّشح والأنفلونزا
أظهرت الأبحاث أنّ النوم لفترة تقلّ عن ست ساعات في الليل يضاعف مخاطر التقاط فيروس الرّشح بأربعة أضعاف.
فوفقاً لمَسْحٍ أجرته “مؤسّسة النوم الوطنية” (National Sleep Foundation) في الولايات المتحدة حول عادات الأميركيين في النوم ومقدار ساعات نومهم، تبيّن أنّ اضطرابات النوم واسعة الانتشار في البلاد، إذ إنّ قرابة 40 في المائة من البالغين يغلبهم النّوم خلال النهار، وأنّ 45 بالمئة من المراهقين لا يحظَوْن بقِسطٍ كافٍ من النوم في الأشهر الدراسية، وسُجِّل لدى 25 في المائة من الطلّاب النوم في الصّف مرّة واحدة على الأقل في الأسبوع. كما اتّضحَ أنّ واحداً من بين كلّ خمسة أميركيين ينام أقل من ست ساعات في الليل.
وفي إحصاءٍ أجرته مؤسّسة “غالوب” (Gallup) العام 2013، ارتفعت نسبة المحرومين من النوم إلى حدود 40 في المائة. وبيَّن العديدُ من الأبحاث أنّ البالغين الذين ينامون أقل من ست ساعات هم أكثر تعرُّضاً للإصابة بفيروس الرشح من أولئك الذين ينامون سبع ساعات على الأقل.
وأدّى النّوم لفترة أقل من خمس ساعات في الليل إلى زيادة مخاطر على الصّحة بنسبة 4.5 أضعاف. وأظهرت الأبحاث أنّ النوم كان أكثر أهمية من أي عاملٍ آخر في ما يتعلّق بالوقاية من فيروس الرشح، بما في ذلك عوامل المستويات العالية من التوتُّر والإجهاد، والتدخين، والتقدُّم في العمر.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور نتانيل واتسون (Nathaniel Watson)، رئيس “الأكاديمية الأميركية لطب النوم” أنّ الدراسات أصبحت تعزز الفكرة القائلة بأنّ النوم مهمٌ جداً لصحّتنا ولا يقل أهميّة عن الحِمْيَة الغذائيّة والتّمارين الرّياضية. فنحن بحاجة إلى اعتبار النّوم أداةً لحياةٍ تتمتّع بالصحة، بدلاً من عدِّه عائقاً أمام القيام بالمزيد من النشاطات”.

النَّومُ وجهازُ المَناعة
إنّ للنّوم تأثير مباشر على حُسن عمل الجهاز المناعي (Immune System)، وقد أثبتَ بحثٌ نشرته “مجلة النّوم” (Sleep Journal) العالمية المختصّة أنّ لنقص النوم التأثير ذاته على جهاز المناعة كشأن الجهد البدني. فخلايا الدّم البيضاء تزدادُ عدداً عند الحِرمان من النوم، وهي ردّة الفعل ذاتها التي نشهدها في حال المرض أو التوتُّر والإجهاد.
وباختصار، سواء كُنّا مُجهَدين بَدَنيّاً، أو نشعرُ بالمرض أو محرومين من النّوم فإنّ جهازنَا المناعي يصبح مفرطَ النشاط ويبدأ بإنتاج خلايا الدّم البيضاء، الخطّ الدّفاعي الأوّل للجسم ضدّ الكائنات الغريبة التي تغزوه مثل الجراثيم والفيروسات المُسبِّبة للأمراض.
ولذلك تُحذِّر “الأكاديمة الأميركية لطب النوم” و”جمعية أبحاث النوم” (Sleep Research Society) من أنّ النوم لفترة تقل عن سبع ساعات ليلاً قد يتسبب بأمراضٍ عديدة أهمها الوزن الزائد، وداء السُّكّري (Diabetes)، وضغط الدم المرتفع، وأمراض القلب، والاكتئاب، وضَعف الجهاز المناعي، وتراجُع القدرات العقلية واختلال وظيفة الدماغ وغيرها.

بعض أهم نتائج الحرمان الطويل من النوم
بعض أهم نتائج الحرمان الطويل من النوم

نقص النوم ومرض السّكري
يرتبط الحرمانُ من النّوم أيضاً بزيادة في الأمراض المتّصلة بـ “الإنسولين” (Insulin). فاختلال الحساسية للإنسولين، أو ما يُعرف بـ “مقاومة الإنسولين” (Insulin Resistance)، يحدثُ عندما لا يستخدم الجسم الإنسولين على نحو مناسب، ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات السُكّر في الدم. ومقاومة الإنسولين هي أول مؤشر على الإصابة بـداء السُّكّري المتأخر Type II،كما أنّه يزيد مخاطر التعرّض للعديد من الأمراض المُزمنة الأخرى، لأنّ التحكُّم بمستويات الإنسولين هو من بين أهم الوسائل لخفض مخاطر ضغط الدّم المرتفع وأمراض القلب والسّرطان. لذا، فإنّ الوسيلة المُثلى التي لا بُدّ منها هي تحسين سلوك النّوم للتغلُّب على مخاطر الإصابة بتلك الأمراض.

جهازُ المَناعةِ والميلاتونين
على مدى أكثر من قرنٍ اتَّبعَ العالَمُ المُتحضِّر تجربةً مفتوحةً تمثّلت بإطالة ساعات النّهار وتقصير اللّيل وذلك للحصول على مجتمعٍ مُنتِجٍ على مدار الساعة، وتم ذلك خصوصا عبر تعميم الإضاءة والإنارة.
لكنّ “التلوّث بالضّوء” المتولّد من التكنولوجيا المعاصرة يجعلنا ندفع فاتورة بيولوجيّة ثقيلة. فالجسم يحتوي على عددٍ من الساعات البيولوجيّة التي تحكمها دورات الأرض من الضّوء والعتمة.
وباختصار، الإنسان مهيَّأ لكي يكون نشطاً وحيوياً أو عكس ذلك باتّساق تام مع دورة شروق الشمس وغروبها، وإنّ تجاهُل هذه الحتميّة البيولوجية يُسبِّب للصحّة مشكلات كبيرة.
فالسّاعة البيولوجية الرئيسية للإنسان تكمن في جزء صغير جدّاً من الدّماغ يدعى الغدّة الصّنوبرية Pineal Gland تقع تحت الهيبوتالاموس (Hypothalamus). واستناداً إلى إشارات الضوء والعتمة، تعطي هذه الغُدَّة الإشارة بأنّ الوقت حان لإفراز هرمون “الميلاتونين” (Melatonin)، وهو مضاد للأكسدة قوي ومُبدِّد لِمَا يُسمَّى بـ “الجُذور أو الشوائب الحُرَّة” (Free Radicals) ويساعد أيضاً على محاربة الالتهابات وبعض الأمراض.
لكنّ الضّوء الاصطناعيّ الذي أصبح مُنتشراً بسبب الحياة المعاصرة يُحدِث اضطراباً في الساعة البيولوجية للجسم وبالتّالي اضطراباً في إنتاج هرمون الميلاتونين، وهو بدوره يُخِلّ بوظيفة الجهاز المناعي. وفي الواقع، فإنّ الميلاتونين هو في غاية الأهمية لجهازنا المناعي لدرجة أنّ نقصَه يُسبِّب ذبول “الغُدَّة الصّعتريّة” (Thymus Gland)، وهي مكوِّن رئيسيّ في جهاز المناعة.

الميلاتونين والسّرطان
يساعد هرمون الميلاتونين أيضاً على حماية صحة الخلايا، وهو عامل قوي جداً مضاد للسرطان. فالخلايا حتى السرطانية منها لديها مُستَقبِلات لهرمون الميلاتونين، لذا عندما يقوم الميلاتونين بنشاطه الليلي حيث يصل إنتاجه إلى أقصاه خلال الليل، يتباطأ انقسام الخلايا. وهرمون الميلاتونين إذا ما دخل خلايا سرطان الثدي على سبيل المثال، فإنّه يُحارب ميل “الأستروجين” (Estrogen) لتحفيز نمو الخلايا الخبيثة. كما أنّه يُحفِّز ما يُسمَّى بالتدمير الذاتي للخلايا السرطانية ويتدخّل مع إمداد الدم للأورام ويُبطئ نموها.
وهنا يُلاحظ أنّ عمّال النّوبات اللّيلية يعانون مخاطر متزايدة من اكتساب الوزن، وداء السُّكّري والسرطان. وبذلك يكون للحرمان من النّوم تداعيات تتجاوز فحسب الإصابة بالرّشح والأنفلونزا.

النّوم ومرض ألزهايمر
إنّ الافتقارُ إلى النوم الكافي قد يكون مؤشرَ إنذارٍ مبكّرٍ لبداية مرض ألزهايمر (Alzheimer) وفقاً لبحثٍ جديد. وفيما تُعتبر مشكلات النّوم شائعة لدى مرضى ألزهايمر، فإنّ الافتقار إلى النوم قد يُسهم أيضاً في تطوُّر هذا المرض عبر حثّه لتراكم “صفائح الأميلويد” أو “صفائح بروتين النّشا” (Amyloid Plaques) في الدّماغ، المُساهِم الأول في مرض ألزهايمر.
ويقول أحد الباحثين إنّ النوم يبدو كقطعة مفقودة في “أُحجية ألزهايمر” ومن شأن تحسين النوم أن يُخفِّف من العبء الفكري على مرضى ألزهايمر. وقام الباحثون بقياس موجات الدماغ لـ 26 مُسِنٍّاً خلال فترة نومهم ووجدوا أنّ أولئك الذين يتّسِمون بأنماط نوم عميق غير مستقرّ لديهم كميات أعلى من “صفائح الأميلويد” في أدمغتهم. وإضافة إلى ذلك، فإنّ النوم المضطرب والمستويات العالية من “صفائح الأميلويد” ارتبطت بالأداء الضّعيف في اختبارات الذاكرة التي أُجريت قبل النوم وبعده. وخرجت هذه الدراسة بنتيجةٍ مُفادها أنّ النّوم هو في غاية الأهمّية لصحّة الدّماغ.
فالنّوم ضروري للحفاظ على التّوازن الدّاخلي Metabolic في الدماغ. فمن دون كميّة كافية من النّوم تتراجع الخلايا العصبيّة أو العُصبونات (Neurons). ففي دراسة أُجريت على الحيوان، تبيّن أنّ النوم المتقطّع أو غير الكافي، وفي غير أوانه نجمَ عنه ضررٌ كبير في الدماغ، حيث فقدت الفئران حوالي 25 بالمئة من الخلايا العصبية الموجودة في منطقة “همزة الوصل الدماغي” (Locus Coeruleus)، وهي نواة في جذع الدماغ مرتبطة بالنّهوض والإيقاظ وبعض العمليّات الفكريّة. وقد نَشرت هذه الدّراسة مجلة “تايم Time Magazine الأميركيّة الواسعة الانتشار.
واتّضح أنّ مشكلات النّوم مثًل الأرق الدّائم لها تأثيرٌ كبير على الدّماغ مع مرور الوقت، فتتقلّص كتلته سريعاً مقارنةً بأولئك الذين ينعمون بأنماط نوم سليمة ولفتراتٍ كافية، لا سيّما لدى مَنْ هم فوق الستين.
فالدماغ يتميّز بوسيلة فريدة للتخلُّص من الفضلات السّامة من خلاياه عبر ما يُسمّى بـ “الجهاز الغليمفاوي” أو “الجهاز التنظيفي” (Glymphatic System)، وهو يُنظِّف الدماغ من المخلّفات الأيضية وفضلات العمليات الدماغية، ويتم ذلك عبر دفق “السائل المُخِّيْشَوْكيّ” (Cerebral Spinal Fluid) داخل أنسجة الدماغ لغسل تلك الفضلات وإزالتها منه وإعادتها إلى الدورة الدموية في الجسم، ومن ثمّ إلى الكبد الذي يتخلّص منها. وهذا الجهاز يتنشَّط خلال النوم بما يتيح للدماغ التخلُّص من سمومه، بما في ذلك البروتينات المؤذية المرتبطة بمرض ألزهايمر. فخلال النّوم يصبح “الجهازُ الغليمفاوي” أكثر نشاطاً بعشرة أضعاف منه أثناء اليقظة.

النّوم والساعاتُ البيولوجيّة
وفقاً لبحثٍ أُجريَ حديثاً، فإنّ النّوم غير الوافي قد يكون له تداعيات كبيرة من ناحية الاعتلالات الأيضيّة Metabolic، مثل اكتساب الوزن ومقاومة الإنسولين أو السُّكّري، وأنّ تحسين عادات النوم قد يكون له تأثيرٌ من ناحية منع الإصابة بتلك الأمراض وعلاجها. والأمر يتعلّق بما يُسمَّى بـ “الساعات البيولوجية” أو “الجهاز اليَوماوي” (Circadian System)، وهناك عددٌ من تلك الساعات، لا ساعة واحدة كما هو شائعٌ. ففي السنوات الأخيرة توصَّل العلماء إلى اكتشافٍ مهمّ، مفاده أنّ هناك ساعات بيولوجيّة مختلفة، ساعة في كلّ عضو أساسي من أعضاء الجسم، حتّى في الخلايا الدّهنيّة.
ويقول العالم المختصّ فريد توريك (Fred Turek) من “جامعة نورث ويسترن” (Northwestern University) الأميركيّة إنّ هذا الاكتشاف أدهشَ العلماء. فالجسم البشريّ غدا أشبه بآلةٍ ضابطة للوقت، ونحن بحاجةٍ إلى توقيتٍ منتظم للنوم والأكل لإبقاء ساعاتنا البيولوجية في توازنٍ وتناغمٍ، وهذا ما يقينا من الأمراض المُزمنة.
وكانت دراسة تمهيدية وجدت أنّ نقص النّوم حتى ولو بمقدار 30 دقيقة كلّ ليلة قد يخلّ بالعملية الأيضية ويؤدّي إلى اكتساب الوزن، وكذلك زيادة مقاومة الخلايا للإنسولين، وبالتالي فإنّ تحسين ساعات النوم كوسيلةٍ في إطار تدخُّلات تغيير نمط الحياة من أجل خفض الوزن والوقاية من السُّكّري قد يُحقِّق نجاحاً لتلك التدخّلات، وذلك بحسب المُشرِف على هذه الدراسة شهراد طاهري (Shahrad Taheri)، أستاذ الطب في “كلّية وايل كورنيل الطبيّة” (Weill Cornell Medical College) في قطر.

النّوم ..وعوامل إضافيّة لمقاومة الرّشح

هنا إرشادات أساسية للوقاية من الرّشح في هذا الموسم البارد:
• الاهتمام بتحسين جَوْدَة النوم والحرص على التمتُّع بثماني ساعات من النّوم يوميا
• تعزيز مستويات فيتامين “دي” (D) في الجسم، وهو من أفضل الحلول لتجنُّب الالتهابات من جميع أنواعها والضّعف أمام الفيروسات، لاسيّما فيروسات الرّشح والأنفلونزا.
• تجنُّب السّكر والمشروبات المحلّاة والأطعمة المعالجة. فالسّكر يخلّ بوظيفة الجهاز المناعي سريعاً. وهنا ينبغي الانتباه إلى وجود السّكر الغني بالفركتوز في أطعمة لا نشتبه بها، مثل الكاتشب وعصائر الفاكهة.
• تفعيل البكتيريا المثفيدة في الأمعاء، وهو في غاية الأهمّية لأنّه يُعزِّز جهاز المناعة إلى حدٍّ كبير وذلك بتجنُّب الأطعمة المضرّة واستبدالها بالدهون الصحيّة وبكمّيات منتظمة من الأطعمة المخمّرة. كما يُنصَح بزيادة تناول الدّهون الصّحية والضّرورية مثل الأحماض الدهنية “أوميغا 3” الموجودة في الجوز وزيت الزيتون والأوفكادو والمأكولات البحرية وزيت السمك.

إرشادات لنومٍ هانئ وعميق

غرفة مُعْتمة وحرارة بين 16 و 20 درجة
ووقف العمل الذّهني قبل ثلاث ساعات من النوم

يجب إطفاء «الواي فاي» وإبعاد الخلوي عن السّرير أمتاراً
وعدم وضع تلفزيون أو أجهزة إلكترونيّة في غرفة النوم

يوصي العلماءُ بعددٍ من الإرشادات للتمتُّع بنوم صحي، هانئ وعميق، وهذه الإرشادات هي كالآتي:
• تُنتِج الغُدَّةُ الصَّنوبريّة هرمونَ الميلاتونين تماشياً مع تباين التعرُّض لأشعّة الشّمس الباهرة نهاراً والظلمة الكاملة ليلاً. فمَنْ يقبع في الظّلام دائماً لا تُميِّز الغُدَّةُ الصُّنوبريّة لديه الفارقَ ولا تُفعِّل إنتاجَ الميلاتونين. لذلك من أجل ضبط إيقاع ما يُسمَّى بـ “الجهاز اليَوماوي” (Circadian System)، ينبغي الحرص على التمتُّع بأشعة الشمس صباحاً لفترة 10 إلى 15 دقيقة على الأقل، وهذا من شأنه أن يبعث برسالة قوية إلى الساعة الداخلية في الجسم بأنّ النهار قد أقبَلَ، وبالتالي لا تختلط عليه إشارات الضوء الضعيف في أوقات لاحقة، خصوصاً بسبب الإضاءة الاصطناعية ليلاً. كما يُستحسن التعرُّض للضوء خارج المنزل لفترة 30 إلى 60 دقيقة في منتصف النهار أو أي وقت آخر من أجل ضبط إيقاع هذه الساعة البيولوجيّة.
• للتكنولوجيات الباثّة للضّوء تأثيرٌ كبير على النّوم، لذا يُستحسن تجنُّبها قبل الإخلاد إلى النوم على الأقل بساعة أو أكثر. فشاشات التلفاز والكومبيوتر تبثّ الضوء الأزرق، وهو يُماثل الضوء الطبيعي الذي نتعرّض له خارج المنزل. وهذا ما يخدع الدّماغ ويُوحي له بأنّ النهار لا يزال مستمرّاً، وبالتّالي يعمل على إيقاف فرز الميلاتونين. فالدّماغ في الظروف الطبيعية يبدأ بإفراز الميلاتونين بين الساعة التاسعة والعاشرة مساءً، وهذا ما يجعلنا نشعرُ بالنعاس. فعند اضطرار هذه الدّورة الطبيعيّة لإيقاف إفراز هذا الهرمون بفعل التعرُّض الزّائد للضّوء بعد مغيب الشمس، يحدثُ الأرق (Insomnia).
وبحسب الباحث المختصّ مايكل غراندنير (Michael Grandner)، من “جامعة بنسلفانيا” فإنّ الأرق غالباً ما يكون تأثيراً جانبياً للانخراط في نشاطٍ ما في الوقت الذي ينبغي به للجسم أنْ يتحضَّر للنّوم، وعلى الأخصّ استخدام الأجهزة الإلكترونية ومشاهدة التلفاز، فيجد المرء نفسه يتقلّب في فراشه والنوم يُجافيه ولا يُقارِب جفونه أبداً.
وحتى أدنى حدٍّ من الضّوء في غرفة النوم يُحدِث اضطراباً في الساعة البيولوجية الداخلية وفي إفراز الغُدَّة الصُّنوبريّة للميلاتونين. لذا يُفضَّل إغلاق الباب وإطفاء الأضواء، والامتناع عن تشغيل أي إنارة خلال الليل، إلا ما كان باهتاً جداً، حتى عند النهوض والتوجُّه إلى الحمّام. ويمكن استخدام مصباحٍ يدوي ذي ضوءٍ خافتٍ أصفر أو برتقالي أو أحمر، حيث إنّ الضّوء في هذا النطاق لا يعمل على إيقاف إنتاج الميلاتونين كشأن الضّوء الأبيض والآخر الأزرق اللّذين يُماثلان ضوءَ النّهار. وإذا كانت هناك ساعة رقميّة أو مُنبِّه فيجدر وضع غطاء على الشاشة المضيئة، والحرص على عدم دخول أي إضاءة قدر الإمكان من النوافذ بإسدال السّتائر.
• أظهرت الدراسات أنّ درجة الحرارة المُثلى لغرفة النّوم هي بين 16 و 20 درجة مئوية. ومن شأن إبقاء الغرفة عند درجة حرارة أقل أو أكثر من ذلك أن يؤثّر في النوم. ذلك أنّ الإنسان عندما يكون نائماً تنخفض درجة حرارة جسمه الداخلية إلى أدنى مستوياتها، وعادةً ما يكون ذلك بعد أربع ساعات من الاستغراق في النوم. وهنا يرى العلماء أنّ غرفة النوم الباردة نسبياً قد تساعد أكثر على النوم حيث إنّها تُحاكي الانخفاض الطبيعي لدرجة حرارة الجسم.
• الاستحمام بمياهٍ دافئة قبل النّوم بساعةٍ ونصف الساعة أو ساعتين وهذا يساعد على رفع حرارة الجسم الداخلية، وعند الخروج من الحمّام تنخفض هذه الحرارة بسرعة، وهذا ما يُرسِل إشارة للجسم بالاستعداد للنوم.
• الحرص على عدم وجود أي مصدر للحقول الكهرومغناطيسية (EMF) بالقرب من السّرير، إذ إنّها تُحدِث اضطراباً في الغُدَّة الصُّنوبريّة وإفراز هرمونَي الميلاتونين و”السيروتونين” (Serotonin)، فضلاً عن تأثيراتها السلبية الأخرى. حتى إنّ بعض الخبراء يوصي بإغلاق الدائرة الكهربائية في المنزل قبل الخلود إلى النوم لقطع جميع إمدادات الطاقة في المنزل التي قد تُحدِث مثل هذه الحقول.

النوم له حقّه فلا تصطحب الألكترونيات إلى السرير
النوم له حقّه فلا تصطحب الألكترونيات إلى السرير

• إبعاد الساعات الإلكترونية والمُنبِّه وجميع الأجهزة الإلكترونية عن السرير. وفي حال الاضطرار لاستخدام تلك الأجهزة، ينبغي إبقاؤها أبعد ما تكون عن السرير، أقلّه متراً. ويُوصَى بإبعاد الهواتف الخلوية، واللاسلكية، وأجهزة شحنها لمسافة أكبر بكثير عن السرير لتجنُّب الحقول الكهرومغناطيسية المؤذية.
• عدم تناول الطعام في وقتٍ متأخّر من الليل، فهذا إلى جانب إخلاله بالساعات البيولوجية للجسم، يجعل المرء يشعر بالامتلاء والانتفاخ ويصعب عليه الاستغراق في النوم. لذا من الأفضل تجنُّب تناول الطعام قبل النوم، أو تناوله على الأقل قبل ساعتين من دخول السرير.
• عدم احتساء مشروبات تحتوي على الكافيين، فالكافيين يؤثّر في الجسم حتى بعد مضي 12 ساعة على تناوله. والبعض إذا ما احتسى كوباً من القهوة ظهراً يجد صعوبة في النوم ليلاً في توقيته المعهود. والكافيين موجود ليس فقط في القهوة، بل في الشاي والمشروبات الغازية والشوكولاته. والأمر ذاته ينطبق على مصادر النيكوتين مثل السجائر والنارجيلة وأنواع التبغ وغيرها.
• الاستماع إلى موسيقى هادئة، وهو ما يُنشِّط “موجات ألفا” (Alpha Wave) في الدّماغ ويُرسي تناغماً بين فَصَّيه، وبالتالي يساعد على الاسترخاء ما يجعلنا ننعَمُ بنومٍ عميق.

غرفة نوم مثالية لأنها معتمة ومريحة ولا يوجد فيها تلفزيون أو كمبيوتر أو إلكترونيات -2
غرفة نوم مثالية لأنها معتمة ومريحة ولا يوجد فيها تلفزيون أو كمبيوتر أو إلكترونيات -2

صَحّ النوم
فيما يلي ثلاثة عوامل لتحديد مدى صحّة النوم، وفقاً للباحث دان باردي (Dan Pardi) من “جامعة ستانفورد” (Stanford University):
1. مُدّة النوم: أي عدد الساعات التي نستغرقها في النوم. إنّ متطلبات النوم تتباين بحسب الأفراد، وقد تتغيّر بين يومٍ وآخر، اعتماداً على عوامل مثل الإجهاد، والإرهاق الجسدي، والمرض، وغيرها. لكن في الإجمال معظم الناس يحتاج إلى نحو ثماني ساعات من النوم ليلاً.
2. توقيت النوم: أي عادة الخلود إلى النوم مساءً في الوقت ذاته تقريباً. فحتى إذا كانت فترة النوم هي نفسها، ففي حال تغيير توقيت دخول السرير والهجوع لا يكون النوم كافياً أو صحيّاً كعادته.
3. عُمْق النوم: ذلك يتعلّق بالمراحل المختلفة التي يمر بها الدماغ والجسم طوال فترة الليل، وتتالي هذه المراحل بمختلف موجاتها وكيفية ارتباطها. وبعض الأدوية تخلّ بمراحل النوم، أو قد تجعله متقطِّعاً، فلا يكون النوم هانئاً وصحيّاً حتى ولو استغرق الفترة ذاتها.

اِعرفْ شخصيّتك من أسلوب نومك!!

ما الفرق في الشّخصية وأسلوب العيش
بين من ينامون باكراً وبين مُطيلي السّهر

العلم أثبت أنّ المَيْل للنوم المبكر أو للسهر
موجود في البَصمات الجينيّة لكلّ إنسان

أهلُ النّوم المُبكر منظّمون وينعمون بالرّضا في حياتهم
وأهل السّهر أكثر توتّراً وقلقاً لكنهم أكثر إبداعا

مطيلُ السّهر مُفرِط في الأكل لكنّه ظريف ومحبّ للمجازفة

أهل الإبكار ناجحون في المِهَن واجتماعيّون
وأهلُ السّهر يحبّون الفنون والمشاريع الرّياديّة

سيُفاجأ القارئ بأن عادات النوم إبكاراً أو سَهَراً قد يكون لها علاقة بالشّخصية كما أنّ لها حسبما أكّدت الدّراسات علاقة قويّة بالعديد من عاداتنا الأخرى وحالتنا النّفسية مثل الطّعام والمزاج وأسلوب العمل وطبيعة المِهن التي نختارها وغير ذلك من الفوارق . هنا ووفقاً لنتائج أبحاث علميّة حول الموضوع مُلخّص لتلك الفوارق:

إجهاد العمل الليلي له والحرمان من النوم نتائجه خطيرة على الجسم
إجهاد العمل الليلي له والحرمان من النوم نتائجه خطيرة على الجسم

السّجل الصِّحّي
يتّسِم النائمون باكراً بدقّات قلب أقلّ سرعة، ويشكون بنسبة النّصف من حالات النوم المتقطّع، فيما يتّصفون بوزنٍ أخفض من المتأخّرين في نومهم. ويقول جو ليشتين Jo Lichten، الاختصاصي بعلم التّغذية ومؤلّف كتب حول تحفيز نشاط الجسد والتّركيز والإنتاجية، إنّ عشّاق السهر غالباً ما تكون لديهم في المقابل مستويات أدنى من الكوليسترول الجيد (HDL)، وهم ممن يشخر ليلاً، وترتفع لديهم مستويات هرمون التوتُّر “الكورتيزول” (Cortisol). كما أنّهم أكثر قلقاً واكتئاباً من المُبكِّرين في النوم ويميلون إلى استهلاك كميات كبيرة من الكافيين ويُدمنون عليه. أمّا الذين ينامون باكراً، وبالتالي يستيقظون باكراً، فهم أكثر مقاومة للتوتُّر وينعمون بمستوى أعلى من الرضا في الحياة. لكنّ “المُبكِّرين” يترنّحون نَعَساً بعد الغروب، فيما يبقى “المتأخّرون” أكثر تيقُّظاً وتركيزاً.

عادات الأكل
عادةً ما يتناول المُبكِّرون فطورَهم بُعيد الاستيقاظ مباشرةً، فيما يميل المتأخّرون إلى تناول وجبات آخر الليل، كما تقول عالِمة التغذية بام بيك (Pam Peeke). فبعد الساعة الثامنة مساءً يستهلك المتأخّرون سُعرات حرارية ضعف ما يتناوله المُبكِّرون، لكنّ هذه الوجبات قد لا تكون مُشبِعة لأنّ هرمون “اللبتين” (Leptin) عادةً ما يكون عند أدنى مستوياته مساءً، بما يحدّ من الإحساس بالشّبع. ونتيجةً لذلك من السهل أن يُفرط المتأخّرون في تناول الأكل وهو ما قد يؤدّي إلى زيادة الوزن والبدانة. وحيث إنّ المتأخّرين غالباً ما يسهرون إلى وقتٍ متأخّر من الليل لكنْ مع حاجتهم للاستيقاظ باكراً للذهاب إلى العمل، فهم أكثر من يُحرَمون من النوم. والحرمان من النوم قد يؤدّي إلى خللٍ في هرمون الشبع “اللبتين” وهرمون الجوع “الغريلين” (Ghrelin)، وهذا ما يدفع إلى فرط تناول الأطعمة الغنية بالنشويات، لا سيّما السّكر المكرّر، المضرّ بالصّحة.

الذين يستيقظون باكراً أكثر مقاومة للتوتُّر وينعمون بمستوى أعلى من الرضا في الحياة
الذين يستيقظون باكراً أكثر مقاومة للتوتُّر وينعمون بمستوى أعلى من الرضا في الحياة

الشخصية الاجتماعية
يميل المُبكِّرون أكثر من المتأخّرين إلى الالتزام بخطة ما والعمل على تحقيقها. وهم ينزعون إلى كونهم أقل اكتئاباً وأكثر تركيزاً، كما يتمتّعون غالباً بتحكُّمٍ أكبر بالذات. أمّا المتأخّرون فيميلون إلى الظرافة، والإقدام والمجازفة، وكذلك يكونون أكثر إبداعاً. وكشفت دراسة متخصّصة في مجلة “الفوارق التعليمية والفردية” (Learning and Individual Differences) أنّ المتأخّرين أبدوا قدرة معرفيّة إيجابيّة وإنجازاً أكاديمياًّ سلبياًّ، في حين أنّ المُبكِّرين أظهروا قدرة معرفيّة سلبيّة وإنجازاً أكاديميّاً إيجابيّاً.

المسار المِهَني
ينزع المُبكِّرون على ما يبدو نحو نمط حياة أكثر تقليديّة، بينما غالباً ما ينجذب المتأخّرون تجاه الفنون وخوض المشاريع الرّيادية. وهنا يلحظ الباحثون أنّ المتأخّرين يتّسِمون بإلهامٍ خلّاق وإبداعي في الليل بينما يبرع المُبكِّرون في عالم التجارة والأعمال والشركات. فإذا ما كان الموظّفُ ممّن ينام في وقتٍ متأخّر من الليل، وهو يعمل في شركة كبيرة تُنظِّم كلّ اجتماعاتها وتتّخذ قراراتها الوظيفية الحاسمة في الصباح الباكر، فلا ريبَ أنّ أداءه سيكون شاقاً ومتعثِّراً، وهذا ربّما ينعكس عليه اكتئاباً وتراجعاً في الثقة بالنفس والحياة. في المقابل، إذا ما كان المُبكِّرُ في نومه واستيقاظه يسعى جاهداً إلى تحدّي المخاطر والمجازفة في الإبداع بعمله ليلاً، كشأن المتأخّرين، فإنّه من دون شك سيصاب بالإرهاق والتوتُّر.

إنّها في الـ DNA!
في ظل تواصُل الدراسات العلميّة المختصّة، تُظهِر بعض الأبحاث أنّ شخصيتَي المُبكِّر والمتأخّر نوماً مُشَفَّرتين فعلاً في جِيناتنا الوراثيّة (Genes)، ويبدو أنّ الجِين Period3 أو PER3 يلعب دوراً كبيراً في تحديد مَنْ هو من النّاحية الجِينيّة مُبكِّراً في نومه ومن هو المتأخّر. وتبيّن أنّ التسلسل التكراري لهذا الجِين يؤثّر في استعداد المرء لأنّ يكون إمّا من عُشّاق الصباح الباكر وإمّا من المُولعين بالسهر ليلاً.

السّاعة البيولوجيّة والتّقدُّم عُمراً
فيما يميل المرءُ إلى النّوم والاستيقاظ باكراً أو السّهر والاستيقاظ متأخّراً بفعل عوامل جِينية، فإنّ الوضع يختلف مع الساعة البيولوجية الداخلية، التي تُنظِّم إيقاع النوم والاستيقاظ والراحة والنشاط. فالساعة البيولوجية (Biological Clock) بإيقاعها اليومي (Circadian Rhythm) تضبط دورة النّوم والاستيقاظ ليلَ نهار، وهي تتغيّر على مرّ السنين والمراحل العمرية. فالأطفال عموماً هم من المستيقظين باكراً. وفيما يصل الطفلُ إلى سنوات المراهقة، غالباً ما يصبح أكثر نشاطاً في اللّيل وبالتالي نؤومَ الضُّحَى. ومع التقدُّم في العمر وتراجع الهرمونات الجنسيّة، يغدو الرّجالُ والنّساء أكثر فأكثر ضمن فئة المُبكّرين.
وبما أنّ الحمض الوراثي والفئة العُمريّة يؤثّران في جعلنا من “المُبكّرين” أو “المتأخّرين”، فربّما يثير إحداثُ تغييرٍ جذري تحدّياً كبيراً. وربّما ينجح البعض في تغيير فترة نومهم لنحو ساعة واحدة تقديماً أو تأخيراً من دون تداعيات تُذكر، لكنّ تغيير نمط ساعات النوم لأكثر من ذلك قد يكون له تأثيرات سلبيّة على الصّحَّة والمزاج، وكذلك القدرة على التّفكير. وهنا ينصح الباحثون أنّه بدلاً من فرض نمطِ نومٍ جديد باستخدام المنبِّهات الصّدّاحة على سبيل المثال، ربّما يجدر في المقابل تكييف نمط حياتنا مع دورة نومنا الطبيعية. فهناك على سبيل المثال، رجلُ أعمالٍ شهير عالمياً لا يُحدِّد أيَّ موعدٍ لمقابلةٍ أو اجتماع عمل قبل الساعة العاشرة صباحاً، ولا يتحدّى نمط نومه الطبيعي! وعلى ذمة الشاعر عمر الخيام:
“فما أطالَ النومُ عُمراً ولا قصَّرَ في الأعمارِ طُولُ السَّهَر”.

 

الشاي الاخضر

الشاي الصيني الأخضر
شرابُ الصّحة الأوّل وعدو المؤكسدات

عشرة أمراض نقاومها إذا احتسيناه بإنتظام
السكّري والقلب والدماغ والألزهايمر والسرطان

إذا كنت تبحث عن شراب يومي تدخله في نظام حياتك وتستمد منه أعظم قدر من الفوائد الصحية فلن تجد أفضل من الشاي .. والأخضر منه بصورة خاصة.

حسب الأبحاث العلمية التي أجريت على الإنسان فإن هناك 10 فوائد صحية أساسية للشاي الأخضر هي التالية:
1. الشاي الأخضر يحتوي على مكوِّنات عديدة فاعلة بيولوجياً في تحسين الصحة.
الشاي الأخضر ليس مجرّد سائل منعش بل هو غني بمركّبات الـ “بوليفينول” (Polyphenols) على غرار “الفلافونويد” (Flavonoids) والكاتيشين” (Catechin)، وكلها من مضادات الأكسدة العالية الفعالية، وتُشكِّل مركبات الـ “بوليفينول” نحو 30 في المئة من وزن الأوراق الجافة للشاي الأخضر.
ويمكن لهذه المُرَكَّبات أن تُخفِّضُ تَشَكُّلَ ما يُسمَّى بالشوائب المؤذية أو «عناصر الأكسدة» (Free Radicals) في الجسم، وحماية الخلايا وجزيئياتها من التلف. ومن المعلوم أنّ العمل اليومي للجسم ووظائفه الطبيعية تنتجان هذه العوامل المؤكسدة التي تلعب دوراً في حدوث الشيخوخة، كما إنها في حال وجودها بكثرة في الجسم تتسبب في تراجع المناعة والإصابة بالأمراض.
ومن بين المكوّنات الأكثر فعالية في الشاي الأخضر، مضاد الأكسدة (Epigallocatechin Gallate EGCG)،الذي أثبتت الدراسات فائدته في علاج الأمراض، وربّما يكون وراء تمتُّع الشاي الأخضر بهذه الخصائص الطبية الفعّالة جداً.

2. تحسين وظيفة الدماغ والنباهة العقلية
لا يجعلنا الشاي الأخضر متيقِّظين فحسب، بل أكثر نباهة عقلياً. والمكوِّن الفاعل الرئيسي وراء ذلك هو مُنبِّه شائع الصيت، أي الكافيين وهو يحتوي على كمية أقل من الكافيين مقارنةً بالقهوة، لكنّها كمية كافية لإحداث تأثير مُحفِّز، من دون التسبُّب بتأثيرات التوتُّر العصبي المرتبطة بالإكثار من الكافيين.
وما يقوم به الكافيين، بكمياتٍ معتدلة طبعاً، في الدماغ هو إغلاق ناقِل عصبي (Neurotransmitter) كابح يدعى «أدينوسين» (Adenosine) وبذلك يزيد بالفعل من نشاط الخلايا العصبية وتركيز ناقلات عصبية محفّزة للنشاط مثل “الدوبامين” (Dopamine) و”النوريبينيفرين” (Norepinephrine)، و«السيروتونين» (Serotonin).
وقد خضع الكافيين لدراسات مكثّفة من قبل تُثبِت أنّه يُفضي إلى تحسينات في جميع نواحي وظائف الدماغ، بما في ذلك تحسينه للمزاج، والتنبُّه، وسرعة الإستجابة وقوة الذاكرة.
لكنّ الشاي الأخضر يحتوي على أكثر من الكافيين، خصوصاً الحمض الأميني «ل-ثيانين” (L-theanine)، القادر على عبور “حاجز الدماء” في الدماغ. ويُضاعِف هذا الحمض الأميني نشاط «الناقل العصبي الكابح» (GABA)، وله تأثيرات مضادة للقلق، كما إنّه يُضاعِف الناقل العصبي «دوبامين» وإنتاج موجات “ألفا” (Alpha) في الدماغ.
وأظهرت الدراسات أنّ الكافيين والحمض الأميني «ل-ثيانين» يمكن أن تكون لهما معاً تأثيرات متضافرة. فتوليفة من هذَين المُرَكَّبَين لها قدرة خاصة على تحسين وظيفة الدماغ. وبفضل الحمض الأميني «ل_ثيانين» والجرعة الصغيرة المعتدلة من الكافيين، يمكن للشاي الأخضر أن يمنح تأثيراً مُنبِّهاً على نحو مختلف وألطف من القهوة. وقد أوردَ الكثير من المشاركين في الأبحاث ذات الصلة أنّهم تمتّعوا بطاقة أكثر استقراراً ونشاطاً مُنتِجاً بعد احتسائهم الشاي الأخضر، مقارنةً بالقهوة.

رسم علمي لنبتة الشاي الأخضر
رسم علمي لنبتة الشاي الأخضر

3. حَرْق الدهون وتحسين الأداء البدني
إذا ما راقبنا قائمة مكوّنات أي مُكمِّل غذائي مُخصَّص لحَرْق الدهون، لوجدنا الشاي الأخضر من بينها ذلك أنّ الشاي الأخضر قد أثبتَ علمياً قدرته على زيادة حَرْق الدهون ورفع معدّل النشاط الأيضي (التمثيل الغذائي Metabolism).
ففي إحدى الدراسات التي شملت 10 رجال أصحاء، زادَ الشاي الأخضر معدّل حَرْق الطاقة لديهم بنسبة 4 في المئة. وأظهرت دراسة أخرى أنّ أكسدة الدهون ازدادت بنسبة 17 في المئة، ما يدل على زيادة الشاي الأخضر لحَرْق الدهون. لكن دراسات أخرى أُجريت على الشاي الأخضر أظهرت أنّ هذه التأثيرات قد تعتمد على الفرد.
من جهة ثانية، ثَبُتَ أنّ الكافيين يُحسِّن الأداء البدني عبر تحفيزه الأحماض الدهنية ونقلها من الأنسجة الدهنية وجعلها متوافرة للإستخدام في الخلايا كطاقة. وفي دراستَين منفصلتَين، أظهر الكافيين زيادة في الأداء البدني تراوحت في المتوسط ما بين 11
و 12 في المئة.

4. مقاومة السرطان
يحدث السرطان بسبب نمو غير مُتَحكَّم به في الخلايا، وهو من بين المُسبِّبات الأولى للوفاة في العالم. ومن المعروف أنّ الضرر الذي تحدثه الأكسدة يُسهِم في تطوُّر السرطان، في حين أنّ مضادات الأكسدة لها تأثير وقائي في هذا الصدد.
والشاي الأخضر هو مصدر ممتاز لمضادات الأكسدة القوية، وهو ما قد يقف وراء خفضه لمخاطر أنواع عديدة من السرطان، من بينها:
سرطان الثدي: وجدت دراسات تحليلية تعتمد على المراقبة الطويلة الأمد أنّ النساء اللواتي احتسينَ الكمية الأكبر من الشاي الأخضر كانت مخاطر الإصابة بسرطان الثدي، وهو الأكثر شيوعاً بين النساء، لديهنَّ أقل بـ 22 في المئة.
سرطان البروستات: وجدت دراسة أنّ الرجال الذين يحتسون الشاي الأخضر كانت مخاطر الإصابة بسرطان البروستات، وهو الأكثر شيوعاً بين الرجال، لديهم أقل بنسبة 48 في المئة.
سرطان القولون والمستقيم: وجدت دراسة أُجريت على 69,710 من النساء الصينيات أنّ مُحتَسِيات الشاي الأخضر كانت مخاطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم لديهنَّ أقل بنسبة 57 في المئة.
وأظهرت دراسات عديدة أخرى أنّ المُعتادين على احتساء الشاي الأخضر هم أقل عرضة بنحو كبير للإصابة بأنواع مختلفة من السرطان. ومن المهم التنبيه إلى عدم إضافة الحليب إلى الشاي لأنّ ذلك قد يُخفِّض أو يلغي فعالية مضادات الأكسدة.

شاي صيني أخضر من تويننغز
شاي صيني أخضر من تويننغز

5. أعراض الألزهايمر والباركنسون
لا يُحسِّن الشاي الأخضر وظيفة الدماغ فحسب على المدى القصير، بل يحميه أيضاً على المدى البعيد في سن متقدّمة، ولاسيّما من مرضَي الألزهايمر والباركنسون.
ومرض الألزهايمر هو مرض وَهَن الخلايا العصبية للدماغ الأكثر شيوعاً لدى البشر والسبب الرئيسي المؤدّي إلى تدهور القدرات العقلية وفقدان الذاكرة والخرف.
أمّا مرض الباركنسون فهو يليه في تدميره للخلايا العصبية للدماغ، ولاسيّما الخلايا العصبية المُنتِجة للناقل العصبي «الدوبامين».
وأظهرت دراسات عديدة أنّ مكوّنات «الكاتيشين” في الشاي الأخضر قد تكون لها تأثيرات وقائية عديدة للخلايا العصبية، وهي بدورها قد تُخفِّض مخاطر الإصابة بمرضَي الألزهايمر والباركنسون، وهذا ما أثبتته أيضاً دراسة طُرِحَت نتائجها في «المؤتمر الدولي حول مرضَي الألزهايمر والباركنسون 2015»، وكشفت أنّ المشاركين الذين احتسوا كوباً من الشاي الأخضر لأيام عدّة من الأسبوع اظهروا درجة أقل من خمول القدرات العقلية مقارنةً بالذين لم يحتسوا الشاي الأخضر. وتبيَّن حدوث زيادة في التواصُل بين القشرة الجدارِية واللحاء الجَبْهِي للدماغ، خصوصاً خلال اختبار للذاكرة.

6. البكتيريا وصحة الأسنان
تتّسِم مكوّنات «الكاتيشين» في الشاي الأخضر بتأثيرات بيولوجية مفيدة أخرى أيضاً. فقد أثبتت بعض الدراسات أنّها قادرة على قتل البكتيريا وكبح فيروسات مثل فيروس الأنفلونزا، وبالتالي ثمة احتمال أن تُخفِّض مخاطر الإصابة بالإلتهابات.
وتُبيِّن الدراسات أنّ مركّبات «الكاتيشين» يمكنها أن تكبح أيضاً نمو بكتيريا Streptococcus mutans، وهي البكتيريا المؤذية في الفم، وتُسبِّبُ تَشَكُّلَ الجير، وتُسهِم في تسوُّس الأسنان وتآكلها. إنّ استهلاك الشاي الأخضر يرتبط بتحسين صحة الأسنان ويَخفض تكوُّن الفجوات فيها. وثمة فائدة رائعة أخرى أثبتتها دراسات عديدة، أنّ الشاي الأخضر يزيل رائحة الفم الكريهة.
7. داء السكري المتأخر (النوع-2)
داء السكري من «النوع 2» هو مرض انتشر بشكل وبائي في العقود القليلة الماضية حيث هناك نحو 300 مليون شخص مصاب بهذا المرض اليوم في أنحاء العالم. وينطوي هذا الداء على مستويات مرتفعة من سكر الدم بسبب مقاومة الإنسولين أو عدم مقدرة الجسم على إنتاج الإنسولين.
وأظهرت الدراسات أنّ الشاي الأخضر يمكن أن يُحسِّن الحساسية للإنسولين ويَخفض مستويات سكر الدم. ووجدت دراسة شملت مواطنين يابانيين أنّ أولئك الذين احتسوا كمية أكبر من الشاي الأخضر، كانت مخاطر الإصابة بداء السكري «نوع 2» لديهم أقل
بـ 42 في المئة. وبحسب مراجعة لسبع دراسات شملت في الإجمال نحو 286,000 شخص، أنّ المعتادين على احتساء الشاي الأخضر كانوا أقل عرضة بنسبة 18 في المئة للإصابة بداء السكري.

8. أمراض أوعية القلب الدموية
إنّ أمراض أوعية القلب الدموية، بما في ذلك أمراض القلب والجلطات والذبحة، هي من بين المُسبِّبات الأولى للوفاة في العالم. وثمة دراسات تُظهِر أنّ الشاي الأخضر يمكنه أن يُحسِّن بعض العوامل الرئيسية وراء مخاطر الإصابة بتلك الأمراض، من بينها معدّلات الكوليسترول، والكوليسترول السيئ (LDL)، والدهون الثلاثية (الترايغليسيريد) في الدم.
كما إنّ الشاي الأخضر يُضاعِف بشكلٍ كبير قدرةَ مضادات الأكسدة في الدم، ما يمنع جزيئات الكوليسترول السيئ من التأكسد وهو ما يُسبِّب، إلى جانب عوامل أخرى، أمراض القلب.
وفي ظل هذه التأثيرات الإيجابية في التصدّي للعوامل المُسبِّبة للأمراض، ليس ما يثير الدهشة أنّ أولئك المُعتادين على احتساء الشاي الأخضر هم أقل عرضة بنسبة 31 في المئة للإصابة بأمراض أوعية القلب الدموية مقارنةً بغيرهم.
وتلفتُ نتائجُ بعض الدراسات إلى أنّ الشاي الأخضر يُحسِّن تدفُّق الدم وقدرة الشرايين على الإرتخاء، وذلك بفضل مضاد الأكسدة (Epigallocatechin Gallate (EGCG الذي قد يكون مفيداً في منع تصلُّب الشرايين، وتقترح احتساء بضعة أكواب من الشاي الأخضر يومياً للمساعدة على الوقاية من أمراض القلب.

9. خفض الوزن ومخاطر البدانة
إذا ما سلّمنا بأنّ الشاي الأخضر يمكنه أن يُعزِّز النشاط الميتابوليكي في الجسم على المدى القصير، فهذا يعني أنّه قد يساعد على خفض الوزن، بفضل مُرَكَّبات «الكاتيشين” المفيدة في حَرْق الدهون، والتي إذا ما عملت مع كيميائيات أخرى قد تُضاعِف من مستويات أكسدة الدهون والتوليد الحراري (Thermogenesis)، بحسب بحثٍ نشرته الدورية المتخصِّصة Physiology & Behavior.
فقد بيَّنت دراسات عديدة أنّ الشاي الأخضر يساعد على خفض كمية الدهون في الجسم، خصوصاً حول منطقة البطن والخاصرتَين. ومن بين تلك الدراسات، واحدةٌ أُجرِيت على نحو غير انتقائي وشملت 240 رجلاً وامرأة واستمرّت لنحو 12 أسبوعاً. وفي هذه الدراسة، سجّلت المجموعة التي احتست الشاي الأخضر تراجعاً كبيراً في النسبة المئوية لدهون الجسم، وكذلك انخفاضاً في الوزن، والدهون المحيطة بالخصر والبطن.
لكنّ بعض الدراسات لم تُظهِر نسبةً كبيرة في خفض الوزن، وهو ما يتطلّب مزيداً من البحث.

10. المساعد على إطالة العمر
استناداً إلى ما تبيّن من خلاصات الدراسات الآنفة الذكر حول كون المعتادين على احتساء الشاي الأخضر أقل عرضة للإصابة بأمراض أوعية القلب الدموية وأمراض السرطان، فمن المنطق الإستنتاج أنّه قد يساعد على إطالة العمر.

ففي دراسة شملت 40,530 بالغ ياباني من الجنسَين، تبيَّن أنّ أولئك الذين احتسوا كمية أكبر من الشاي الأخضر (5 أكواب أو أكثر في اليوم) كانوا أقل عرضة بكثير للوفاة خلال فترة 11 عاماً.
فقد كانت الوفاة نتيجةً لجميع الأسباب أقل بنسبة 23 في المئة لدى النساء، و 12 في المئة لدى الرجال، وكانت الوفاة نتيجةً لأمراض القلب أقل بنسبة 31 في المئة لدى النساء، و 22 في المئة لدى الرجال، كما كانت الوفاة نتيجةً للذبحة القلبية أقل بنسبة 42 في المئة لدى النساء، و35 في المئة لدى الرجال.
وأظهرت دراسة أخرى شملت 14,000 مُسِن ياباني تراوحت أعمارهم ما بين 65 و 84 عاماً، أنّ أولئك الذين احتسوا الكمية الأكبر من الشاي الأخضر كانوا أقل عرضة للوفاة خلال فترة مراقبة لمدّة ست سنوات بنسبة 76 في المئة.
.. وهناك المزيد
الأبحاثُ تُظهِر أيضاً فوائدَ صحية شاملة لاستهلاك الشاي الأخضر بما في ذلك تخفيض ضغط الدم، والتوتُّر والإجهاد بفعل التأكسد، والإلتهابات المُزمنة، وتحسين صحة بُنية العظام وقوتها، بتضافر مُرَكَّبات “البوليفينول” مع شكلٍ من أشكال الفيتامين «دي» (D) يدعى «ألفاكالسيدول”(Alfacalcidol) ، وكذلك الحفاظ على سلامة العين، بفضل مُرَكَّبات «الكاتيشين» التي تُغذِّي أنسجة العين. إذاً، لنبدأ صباحَنا بكوبٍ من الشاي الأخضر، والأجدر أن نكرّر هذه التجربة خلال النهار للتمتُّع بفوائده الصحية.

رفيق الحضارات منذ 5000 عام

الأسود الفوّاح لذيذ ومرغوب لكن الفائدة الأكبر في الأخضر

الشاي الأسود ليس سوى أوراق الشاي الأخضر لكن بعد تركها لكي تتأكسد بعوامل الجو والحرارة

تناول منه ما استطعت خلال اليوم لكن لا تمزجه بالحليب
تناول منه ما استطعت خلال اليوم لكن لا تمزجه بالحليب

بعد الماء مباشرةً، يُعتبر الشاي الشرابَ الأكثر استهلاكاً في العالم، ولطالما تمتّعت الشعوب بالشاي على مدى 5000 عام تقريباً. وفي إحدى الروايات أنّه اكتُشِفَ في العام 2737 قبل الميلاد عندما سقطت أوراق نبتة شاي عَرَضاً في وعاء مياه ساخنة للإمبراطور الصيني شين-نونغ، لكن يرجح أن الرواية جزء من الفولكلور الشعبي لا أكثر وأن استخدام الشاي بأنواعه عُرف من عدة حضارات آسيوية قديمة استُخدِمَت الشاي كشرابٍ ساخن منبّه وكعلاجٍ ضمن معرفتها ومعرفة حكمائها بعالم الأعشاب وخصائص النباتات والمداوة بها وقد كانت هذه هي المصدر الأهم للعلاج لآلاف السنين.
يعتقد أن زراعة الشاي كمحصول بدأت في الصين ثم انتقلت منها إلى اليابان قبل الميلاد بقرونٍ عدّة على أيدي رهبان بوذيين كعشبةٍ طبية، وبعد ذلك انتقل الشاي إلى الهند، وبعد أن استعمرت بريطانيا الهندَ، نقلت الشاي إلى أوروبا حيث كان يتأكسد طبيعياً بفعل تعرُّضه للهواء نتيجة لفترة الإبحار الطويلة، وشاع استخدامه هناك كشاي أسود يفقد جرّاء ذلك بعض خواص الشاي الأخضر وفوائده الصحية.
وجاء في تقرير للمركز الطبي في «جامعة ماريلاند» الأميركية: “في الطب التقليدي الصيني والهندي، استخدم المعالِجون الشاي الأخضر كمُحفِّزٍ ومُدرٍّ للبول، أي إنّه يساعد على التخلص من السائل الزائد في الجسم، ومخثِّر للتحكُّم بالنزيف ومساعدة الجروح على الشفاء، وكذلك لتحسين صحة القلب.
ومن بين الإستخدامات التقليدية الأخرى للشاي الأخضر، معالجة غازات الأمعاء، وتنظيم حرارة الجسم، وتعديل سكر الدم، وتعزيز العملية الهضمية، وتحسين العمليات العقلية». وهو ما تؤكده الأبحاث العلمية الرصينة في وقتنا الراهن، إلى جانب العديد من الفوائد الصحية للدماغ والقلب، وإسهامه في حرق الدهون وتحفيز النشاط الفكري والبدني.
واليوم يحظى «الشاي الأسود» (وهو الشاي المعروف) بشعبية كبيرة في العالم بسبب طعمه المميز وعطره لكنّ الشاي الأخضر الأقل انتشاراً والذي قد لا يضاهي الشاي الأسود طعماً يتفوق بالتأكيد عليه من حيث الفوائد الصحية والخصائص العلاجية.

بين الأسود والأخضر
جميع أنواع الشاي تأتي من النبتة ذاتها الدائمة الإخضرار (أي التي لا تتساقط أوراقها في الشتاء) وإسمها العلمي “كاميليا سينينسيز” (Camellia Sinensis)، إنّما عملية المعالجة ودرجة الأكسدة (التعريض للأوكسجين) وكذلك «تعطير» الشاي عبر مزجه بأنواع الأزهار أو بعض الفاكهة هي وراء عملية ينتج عنها أنواعاً مختلفة من الشاي الأسود والأحمر والأخضر والأبيض وغيرها.
بهذا المعنى فإن الشاي الأخضر كما يتم قطافه هو أصل كل أنواع الشاي لأنه يمثل أوراق نبات الشاي الطازجة كما يتم جمعها في البلاد التي تزرعه، مثل الصين والهند وسريلانكا، وهو الشاي الذي يشربه أهل تلك البلاد في الأصل. لكن عندما استعمر الإنكليز الهند وسريلانكا (وقد أطلقوا عليهما إسم «سيلان») وكذلك العديد من البلدان الآسيوية فإنهم اكتشفوا مشروب الشاي اللذيذ والمنعش، وبدأوا بشحن كميات كبيرة منه إلى بلادهم وإلى بلدان عدة في العالم، فكانت السفن التجارية البريطانية تمخر البحار والمحيطات لفترات طويلة في جو حار قائظ ورطوبة شديدة أشهراً أحياناً، وبسبب عوامل الحرارة والرطوبة التي كان الشاي الأخضر يتعرض لها أثناء الشحن، فقد كانت أوراقه تتأكسد على الطريق وتتحول إلى اللون الأسود، لكن يبدو أن الإنكليز جربوا ذلك الشاي الأسود واكتشفوا فيه نكهة عطرية وطعماً لذيذاً يفوق ما للشاي الأخضر ومن هنا فقد بدأ المستهلكون في بريطانيا وبقية الدول التي تم تصدير الشاي إليها بالتعوّد على تناول الشاي الأحمر (ويسمى أيضا الشاي “الأسود”) مما جعل الناس يعتقدون أن الشاي الأحمر هو الشاي الوحيد المتوفر ولم يكن معظمهم يدرك أنه الشاي الأخضر الذي تركت أوراقه لتتأكسد لكي تكتسب اللون الأسود والطعم المميز الذي بات الشاي الأحمر يعرف به. أما الشاي الأخضر فيتم تعريضه لبعض التبخير الخفيف قبل أن يترك لكي يجفف ويستعمل بعد ذلك.
لكن بعد قرون من هيمنة الشاي الأحمر (أو الأسود) فقد أدى

إعلان قديم عن الشاي الإنكليزي
إعلان قديم عن الشاي الإنكليزي

اتساع نطاق التجارة العالمية وخسارة البريطانيين لاحتكار الشاي ثم انتشار الوعي والمعلومات حول الفوائد الصحية للشاي الأخضر إلى اتساع نطاق استهلاكه والطلب عليه من المستهلكين في العالم. وساهمت وسائل الإعلام ونشر الكثير من الأبحاث العلمية عن الشاي الأخضر في ازدياد شهرته وتحول نسبة متزايدة من المستهلكين إليه طمعاً في ما باتوا يعرفونه عن فوائده الصحية المهمة. ويأتي الشاي الأحمر من أفريقيا والهند وسريلانكا واندونيسيا، بينما يأتي الشاي الأخضر من بلدان الشرق الأقصى مثل الصين واليابان.
وفي القرن الثالث عشر شدد راهب بوذي كان يدعى “ايساي” على التأثيرات النافعة للشاي الأخضر ونشر في العام 1211 م كتاباً حول الموضوع بعنوان “الحفاظ على الصحة بشرب الشاي” ومما قاله أن “الشاي (الأخضر) هو دواء إعجازي يحافظ على الصحة، وله قوة غير عادية في إطالة العمر” واستند الراهب في استنتاجه إلى ملاحظة أنه في كل مكان يزرع فيه الشاي يتمتع السكان بمعدلات أعمار أطول، وقد أوصله ذلك إلى الاستنتاج بأن الشاي “هو الإكسير الذي يجعل سكان الجبال يعمرون طويلاً».
ربما تأثراً بهذا النوع من المؤلفات التي شرحت فوائد الشاي، أصبحنا اليوم نعلم أن الشاي الأخضر خصوصاً كان له منذ قديم الزمان مكانة كبيرة كعلاج قوي وفعال، لكن الأبحاث المعاصرة المتقدمة قدّمت أدلة علمية كثيرة ومقنعة على أن هذه النبتة البسيطة ليست فقط شراباً لذيذاً ومنعشاً بل أيضاً دواء فعّالاً للحفاظ على الصحة ومقاومة الأمراض.

العلاجات البديلة لمرض السكري

الغذاء قبل الدواء
لمعالجة داء السكّري!

تبني نمط حياة صحية يتعدى بفوائده معالجة السكّري
إلى معالجة ضغط الدم والكوليسترول وأمراض كثيرة

الإفراط في تناول النشويات والسكّريات وزيادة الوزن
وضعف النشاط الجسدي أهم مسببات داء السكّري

العقدة الصفراء وحبة البركة أكثر فعالية بأضعاف
في خفض سكر الدم وليست لهما أي مضاعفات جانبية

مستخلص أوراق الزيتون زاد إنتاجية
خلايا إفراز الأنسولين في البنكرياس بنسبة 28%

إن اتباع نظام غذائي صحي وممارسة النشاط الجسدي بانتظام واجتناب الوزن الزائد والتدخين يمكن أن تمنع أو تؤخر الإصابة بمرض السكّري المتأخر (Type II) .
(منظمة الصحة العالمية، نشرة إعلامية كانون الثاني 2015)

معظم أطباء الغدد الصماء الذين يهتمون بأعراض داء السكّري ينصحون مرضاهم غالباً، خصوصاً عندما تكون أعراض المرض في بداياتها بالاهتمام بوزنهم وبغذائهم وبإدخال الرياضة البدنية أو رياضات المشي والسباحة إلى نمط حياتهم، وكثيراً ما سمعنا طبيباً يقول لمريضه خفض وزنك 10كيلوغرامات ولن تحتاج بعد ذلك إلى دواء السكّري!!
هذه النصيحة المعتادة من الأطباء تضع اليد على نقطة أساسية في موضوع السكّري قلما تلقى الإهتمام اللازم، وهي أن السكّري مرض يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنمط الحياة التي نعيشها، وهو يعني بالتالي أن إجراء تعديلات إيجابية في نمط حياتنا سيرتد بنتائج إيجابية فورية على هذا المرض الذي بات من أكثر الأمراض انتشاراً في العالم وبات مصنفاً في المرتبة السابعة بين الامراض الخطرة التي تسبب الموت.
في ما يلي تعرض «الضحى» لبعض الخيارات التي بدأت تطرح كعلاجات رديفة لمرض السكّري، أي علاجات مساعدة كما تطرح وجهة نظر الطب لجهة أهمية تبني حياة نشطة وممارسة الرياضة وتبديل نظام الغذاء باتجاه خفض السكّريات واعتماد حمية حقيقية باعتبار ذلك جزءاً أساسياً من أي برنامج لاحتواء مرض السكّري. وتجدر الإشارة إلى أن المقالة تقتصر على التوجيه ولا تعطي رأياً طبياً قاطعاً لأنه حتى العلاجات الرديفة تختلف باختلاف حالة السكّري إذ هناك حالات يكفي فيها فعلاً الحمية لتراجع معدلات سكر الدم إلى مستويات طبيعية وهناك حالات أكثر استعصاء تكون ناجمة عن مضاعفات أو تفاقم أعراض السكّري وهذه الحالات قد لا يكفي فيها النظام الغذائي أو تناول مكملات غذائية، لذا يجب على مريض السكّري أن يعرض نفسه على الطبيب المختص وأن يحصل على تقييم دقيق لحالته وأن يدخل أي عناصر غذائية أو نظام علاج متكامل ضمن نصيحة الطبيب. ولكل حالة لبوسها كما يقال فلا يجوز التعميم. وقد يؤدي ترك العلاج الصيدلاني فجأة إلى مضاعفات تضرّ كثيراً ولا بدّ بالتالي من مقاربة متدرجة ودائماً مع فحص معدل السكّر ومراقبة نتائج أي علاج بإشراف الطبيب.في ما يلي خلاصة الدراسة.
«الضحى»

لقد تزايدت بصورة كبيرة في السنوات الأخيرة الأبحاث العلمية التي تؤكد أن مرض السكّري يمكن شفاؤه أو على الأقل السيطرة عليه من دون أدوية السكّري الكثيرة، وأن هذا الأمر ممكن عبر مجموعة تدابير متكاملة تجمع بين التخلص من الوزن الزائد والحمية عن النشويات والسكّريات وإدخال الرياضة والجهد الجسدي وتبني نظام تغذية غني بالخضار والفواكه وأخيراً الاستعانة بعدد من المكملات الغذائية ولاسيما العقدة الصفراء أو مستخلصها والحبة السوداء والقرفة والزنجبيل وهذه العناصر الغذائية ثبتت فعالياتها في تعديل مستوى السكّر في الدم في تجارب مخبرية وطبية موثقة، وهذه المكملات يمكن تناولها في البدء إلى جانب دواء السكّري لكن يمكن التدرج في استعمالها مع النظام الغذائي والرياضي بهدف التخفيف التدريجي من الاعتماد على الأدوية حتى الوصول إلى التخلص منها بصورة كلية.
لماذا هذا التركيز على ضرورة السعي لمواجهة أعراض السكّري عبر تبديل نمط الحياة بدلاً من الاعتماد المفرط على الأدوية الرائجة؟
لأن الأبحاث العلمية أثبتت أيضاً أن جميع أدوية السكّري لها مضاعفات جانبية وأنها قد تتسبب على المدى الطويل بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين، وهنا، فإن مريض السكّري هو عملياً بين خيارين : خيار السهولة وبالتالي الاعتماد على المتفورمين أو غيره من الأدوية لكن من دون السعي الى تبديل نمط تغذيته أو أسلوب حياته، أو خيار العلاج الذاتي عبر ترك الاعتماد على الأدوية والسعي لبذل كل ما هو مطلوب لمعالجة أعراض السكّري بصورة طبيعية، علماً أن العلاج عبر تبديل نمط الحياة لا تقتصر فوائده على كبح جماح السكّري بل تمتد إلى منح المريض صحة ممتازة وربما تحقيق تقدم مواز في معالجة ارتفاع ضغط الدم أو الكوليسترول أو غيره من أعراض اختلال التوازن في نظام الجسم وفي نطام المناعة.
تجدر الملاحظة أننا نتحدث هنا عن مرض السكّري المتأخر Type II diabetes الذي يصيب الأشخاص في مرحلة متقدمة من عمرهم وغالباً بعد بلوغهم الاربعين، (علماً أن المرض أصبح يصيب أشخاصاً في سن أصغر فأصغر) ونحن لن نشمل في هذا المقال أعراض السكّري المبكر TypeI الذي يصيب الأطفال وهو مرض خلقي يكون فيه جسد الطفل غير قادر على إفراز الأنسولين بصورة كافية مما قد يجعله مرتهناً بالعلاجات الصيدلانية ولاسيما حقن الأنسولين. وسبب التركيز على مرض السكّري المتأخر أنه يمثل أكثر من 95.8% من الحالات في الولايات المتحدة وكذلك في العالم، كما إنه بطبيعته يمكن بصورة أفضل السيطرة عليه بتبديل نظام الحياة بينما لا يمكن أن يتم الشيء نفسه في حال السكّري المبكر الناجم عن نقص الأنسولين الأمر الذي يفرض تدخلاً دوائياً ولاسيما حقن الأنسولين بصورة منتظمة.

” أدوية السكّري تدّر المليارات للشركات الصانعة وأكثر العلاجات الصيدلانية لها مضاعفات جانبية  “

الحمية عن السكريات والحلويات من أهم عناصر أي برنامج لمعالجة السكّري
الحمية عن السكريات والحلويات من أهم عناصر أي برنامج لمعالجة السكّري

ماذا نصاب بالسكّري؟
هناك مؤكداً ما يمكن اعتباره الاستعداد الوراثي للإصابة بمرض السكّري لدى فئة من الناس الذين قد يكون لبعضهم، تحسُّس تجاه بروتينات معينة في حبّة القمح على سبيل المثال أكثر من البعض الآخر وبدرجاتٍ متفاوتة، وهذا ما يُجيز القول إنّ هناك «مكوِّناً وراثياً جينياً» وراء الإصابة بـداء السكّري المبكر Type I أو أي مرض آخر. لكنّ الإقرار بوجود أسباب وراثية وراء الاستعداد الطبيعي» للإصابة (susceptibility) بأي مرض لا يعني أنّ الجينات هي التي «تُسبِّب» المرض.
إن الطب الحديث يحدّد مجموعة من العناصر أو المعطيات التي تساهم في الإصابة بمرض السكّري وكلها تقريباً عناصر يمكن اجتنابها وهي:
1. الاستهلاك المكثّف للُسعرات الحرارية Calories
2. ضعف النشاط البدني ونقص التمارين الرياضية
3. استهلاك «الحلويات «المخبّأة» وهي أطعمة غنية جداً بالسكّر من دون أن يكون مذاقها حلواً لكنّها تجعل الدم متشبعاً بالسكّر، ومن هذه الأطعمة المعجّنات والحبوب والبسكويتات، وكذلك السكّر الزائد، والأسوأ من ذلك شراب محلّى الذرّة العالي الفروكتوز High-fructose corn syrup HFCS أو الحلويات على أنواعها.
4. الزيوت والدهون المهدرجة
5. النقص في الأملاح المعدنية، ولاسيّما المغنيزيوم والكروميوم والزنك، وأحماض الأوميغا 3 الدُّهنيّة Omega 3 amino acids التي نجدها في أطعمة مثل بذر الكتّان والجوز وبعض أنواع الأسماك.
6. التعرُّض للمواد الكيميائية، بما في ذلك التلوُّث البيئي الناجم عن الاستخدام الكثيف للمبيدات الكيميائية والعقاقير وأنواع الأدوية المتوافرة في السوق..
7. الإفراط في الطعام ولا سيما النشويات والأطعمة الحلوة، إذ عندما نأكل ما يتجاوز حاجة الجسم منها تُخزَّن الطاقة الفائضة على شكل «الغليكوجين» (Glycogen) وكدهون مُشبَعة (Saturated fats). ومن خلال الاستهلاك المُفرِط للطعام لفترة طويلة لدرجة لا يعود للجسم معها أي حيّز لتخزين تلك السُعرات غير المُستخدَمة، تظهر حالة مقاومة الإنسولين ومن ثم البدانة وهي سبب أساسي للإصابة بالسكّري.
لذلك، فإن الحدّ من استهلاك السعرات الحرارية، ولاسيّما من مصادر النشويات أو الكربوهيدرات، يغدو عندئذ ذا أهمية حاسمة لمنع تطوُّر داء السكّري أيضاً التمارين الرياضية ضرورية جداً لمساعدة الجسم على استخدام السكّر المخزَّن عبر حرق السُعرات الحرارية المستهلكَة. فللتمارين الرياضية تأثير مضاد للأكل الزائد، حيث تزيد عدد مُستقبِلات الإنسولين في خلايا العضلات وتُضاعِف حساسية الجسم للإنسولين بما يُريح البنكرياس من عبء الإنتاج المتواصل للإنسولين، كما إنّ التمارين تساعد على إطلاق هرمونات كابحة للشهية وناقلات عصبية تُسهِم في منع الشراهة بتناول الطعام. وتؤثر النشويات عموماً على فرز الإنسولين لأنّها محتوية على معدّلات عالية من السكّر، مقارنة بالبروتينات والدهون. فالنشويات أو الكربوهيدرات تجعل الدم يغدو أكثر حلاوة مقارنة بما تفعله البروتينات أو الدهون التي تتفكّك ببطء في الجسم، بمعزل عن الإنسولين.
بإختصار، إنّ عملية التمثيل الغذائي Metabolism في الجسم البشري غير مصمّمة لدخول كميات كبيرة من النشويات، والسكّر، والمحلّيات sweeteners والدهون المنتجة صناعياً. فنحن بحاجة إلى الفواكه والخضار، والبذور والثمار والمكسّرات، وإلى مصادر غنية جداً بالبروتين. وثمة أدلّة علمية تُثبت أنّ «البروتينات السكّرية» (Glycoproteins) في الحبوب النشوية المعروفة
بالـ «لكتينات» (lectins) يمكن أن تؤثر في منطقة الدماغ المسؤولة عن تنظيم هرمونات الجسم ويمكنها خصوصاً أن تعطل عمل التأثيرات الكابحة للشهية، وهذا هو أحد الأسباب وراء توليد الخبز والمعجنات وحبوب الفطور التجارية (cereals) والبسكويتات الهشّة (crackers) وغيرها رغبة مُلِحّة متواصلة لتناولها، كما إنّ «لكتين» القمح له تأثير ضار أيضاً على «مُستقبِلات الإنسولين» في الجسم وهو ما قد ينتج منه زيادة الوزن المرتبطة بمقاومة الإنسولين، وهذا يُوضِح السبب وراء استخدام حبوب «اللكتينات» في إطعام الماشية التي يُراد تسمينها للذبح..!!
كما ثبُتَ أنّ «شراب الذرّة المحلّى» الغني بالفركتوز والسكّر المكرّر يُسبِّبان مقاومة للإنسولين في الفئران والبشر. وهناك أكثر من 70 تأثيراً صحياً معاكساً آخر مرتبطاً بإستهلاك السكّر المكرّر، كما إنّ الزيوت المهدرجة تُخفِّض بشدّة استجابة العضلات والدهون في الجسم للإنسولين، فيما تُضاعِف أحماض «أوميغا 3» الدُّهنيّة من تلك الاستجابة.

حقائق أساسية عن السكري

السكري مرض مزمن يحصل عندما يفشل البنكرياس في إفراز الأنسولين بكمية كافية أو عندما يصبح الجسم غير قادر على استخدام الأنسولين بصورة فعالة لتنظيم معدل السكر في الدم.
إن الفشل في معالجة أعراض السكري سواء بالعلاجات الدوائية أو الطبيعية أوبالإثنين معاً يمكن أن يتسبب بأمراض ومضاعفات خطيرة من أهمها أمراض القلب والشرايين والفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم والجلطات وتقهقر صحة العينين والأطراف ولاسيما القدمين.
وحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية فقد توفي 1.5 مليون شخص في العالم سنة 2014 نتيجة لمضاعفات مرض السكري، كما إن 9% من سكان العالم فوق الـ 18 عاماً مصابون بالسكري.
يبقى القول إن إحصاءات مرضى السكري تخفي الحجم الحقيقي للمشكلة والتي تبدو على حقيقتها عندما ندخل في إحصاءات الأشخاص الذين هم على شفير الإصابة بالمرض ويدعون Pre-diabetic وهؤلاء يبلغ عددهم عموماً أضعاف عدد المصابين في المرض. ففي الولايات المتحدة بلغ عدد المصابين بالسكري في العام 2012، 29.1 مليون شخص أي نحو 9.1% من السكان، لكن في السنة نفسها كان من لديهم الاستعداد للإصابة بالسكري المتأخر وصل عددهم إلى 86 مليون شخص (أي ما يعادل 27% من السكان أو أكثر من 50% من المواطنين البالغين).
هناك نوعان أساسيان من السكري هما:
أولاً: مرض السكري المبكر Diabetes Mellitus Type I وسبب هذا الداء عدم قيام البنكرياس بإفراز الأنسولين بكمية كافية، الأمر الذي يتطلب حسب الأطباء استخدام حقن الأنسولين للحفاظ على حياة المريض. أما أسباب هذا المرض غير معروفة بعد. ومن أبرز أعراضه التبول الزائد لدى الطفل، اضطراب النظر والتعب الشديد والعطش الدائم والجوع وخسارة الوزن، ويمكن لهذه الأعراض أن تحصل فجأة.
ثانياً: مرض السكري المتأخر Diabetes Mellitus Type II هذا المرض يصيب 95% من الناس الذين يعانون من مرض السكري في العالم. وفي هذه الحال فإن البنكرياس يفرز الأنسولين بصورة طبيعية لكن خلايا الجسم تبدو غير قادرة على الاستفادة منه لتعديل معدلات السكر في الدم. ومن أهم أسباب السكري المتأخر، زيادة الوزن عن المعدل الطبيعي وعدم القيام بنشاط جسدي بصورة منتظمة، وحتى تاريخ قريب فإن السكري المتأخر كان يحصل لدى الأشخاص البالغين بعد سن معينة لكنه أصبح يظهر الآن لدى أشخاص في سن الشباب بل في سن المراهقة أو أقل!!

ثمار التوتيات تساعد على خفض سكّر الدم
ثمار التوتيات تساعد على خفض سكّر الدم

حلقة مفرغة
تُظهِر البيانات المالية الشهرية للشركات الأميركية حجم الأرباح الهائلة التي تحققها الشركات المُصنِّعة لعقاقير داء السكّري وتلك المتّصلة به، فشركة «ميرك» (Merck)، على سبيل المثال، سجّلت أرباحاً صافية بنحو 11,7 مليار دولار بين كانون الثاني/يناير وآذار/مارس العام 2012، وذلك بفضل المبيعات العالية لمُنْتَجَيها الخاصَين بداء السكّري «جنوفيا» (Januvia) و«جانوميت» (Janumet). وكذلك شأن شركة «سانوفي» (Sanofi) مع «لانتوس» (Lantus)، وشركة «نوفارتيس» (Novartis)، وشركة «نوفا نورديسك» Nova Nordisk وهذه الأخيرة برزت في وجهها مجموعة لحماية المستهلك تناشد «إدارة الغذاء والدواء» (FDA) الفيدرالية الأميركية حظرَ دوائها الخاص بداء السكّري للإشتباه بتسبُّبه بسرطان الغدة الدرقية، والتهاب البنكرياس وتعقيدات صحية أخرى.
وكلّ من تلك الشركات الصيدلانية ومثيلاتها تُخصِّص ميزانيات للإعلان عن عقاقيرها بمليارات الدولارات وهي تفوق ميزانياتها المخصّصة للأبحاث بكثير. ويتبدّى للمشاهد اللبيب أمام شاشات الفضائيات أو شبكة الإنترنت أنّ معظم تلك الإعلانات تُروِّج لأطعمة مُعالَجة صناعياً وعقاقير صيدلانية في آن معاً! ولا عجب في ذلك إذ إنّ العديد من عمالقة الصناعة الصيدلانية يملكون حصصاً في شركات إنتاج الأطعمة المُصنِّعة المعالَجة صناعياً! وكأنّنا أمام معادلة تسويقية بسيطة: من جهة تتولى شركات كبرى الترويج للأطعمة المُعالَجة صناعياً والمسببة لأمراض منها السكّري ومن جهة ثانية شركات أدوية عملاقة تسارع إلى إنتاج أدوية للأمراض التي تسببها الأطعمة المصنعة وعلى رأسها السكّري وتجني الارباح الطائلة من ذلك!!
طبيب فنلندي يرسم الطريق
تعتبر مساهمة الدكتور الفنلندي آنتي هيكيلا (Antti Heikkilä) في مجال المعالجة الطبيعية للسكري مساهمة أساسية، إذ أصدر قبل سنوات كتاباً أثار ضجة كبيرة في الأوساط العلمية إذ تناول هذا المرض لأول مرة باعتباره مرضاً قابلاً للشفاء من خلال تطبيق برنامج متكامل يشمل تبديل نمط التغذية، كما تناول سُبل معالجة داء السكّري طبيعياً وغذائياً وتبنّي خطوات مكمّلة في مجال الصحة الجسدية والنفسية. وقد أبدى الدكتور هيكيلا شكوكاً أساسية في فعالية المقاربة الدوائية لمرض السكّري مثبتاً مدى الخطوة التي تمثلها المضاعفات الجانبية لتلك الأدوية والتي لا تعالج المرض بقدر ما تحاول الحدّ من أعراضه. أصدر هيكيلا كتابه تحت عنوان «العلاج الغذائي لمرض السكّري»: Nutrition Therapy Of Diabetes، وقد جوبه هذا العالم على الفور بتحرُّك سريع وعنيف من الجسم الطبي ومختلف المؤسّسات الطبية في فنلندا التي حاولت منع صدور الكتاب.
ففي هذا الكتاب المهم أثبت الدكتور هيكيلا أن في إمكان المصاب بمرض السكّري أو الذي يملك استعداداً للإصابة به أن يوقف تطور المرض أو أن يتعافى منه من خلال خطوات ثلاث أساسية:
1. تجنُّب الأطعمة المُصنَّعة والمعالَجة صناعياً المُضرّة بالصحة
2. انتهاج نمط حياة أكثر نشاطاً أي نظام حياة صحي
3. البحث عن بدائل علاجية طبيعية شفائية كبديل عن العقاقير الصيدلانية المستندة إلى معالجة الأعراض بدلاً من معالجة الأسباب..
في الوقت نفسه، أثبتت الأبحاث العلميّة «وجود مخاطر حقيقية للإعتماد كلّياً على العلاجات الصيدلانية في محاولة الحدّ من عوارض داء السكّري»، وهو ما يفرض البحث في البدائل الطبيعية التي أُجريت حولها أبحاث سريرية معمّقة وهذا على الرغم من أن نتائج تلك الأبحاث لم تعمم أو تنشر بشكلٍ واف، وهناك المئات من الدراسات حول 180 مادة طبيعية أُخضِعت للبحث العلمي الرصين لاستبيان قدرتها العلاجية لهذا المرض أو حتى قدرتها على منع حدوثه. وتوصلت جميع تلك الدراسات إلى تحديد قاعدة جوهرية للعلاج الطبيعي للسكري تنطلق من تغيير نمط الحياة مع اتّباع العلاجات الطبيعية التي أثبتت فعاليتها في علاج السكّري.
من أبرز تلك الدراسات، واحدة نُشرت في العام 2013 في النشرة الطبية (Diabetes Care) وهي نشرة متخصصة في مرض السكّري تصدرها «الجمعية الأميركية لداء السكّري» (ADA), وقد أكّدت تلك الدراسة أنّ مُستَخلص «العقدة الصفراء» أو «الكُركُم» Curcumin أثبت نجاحه بنسبة 100 في المئة في مساعدة من لديهم الاستعداد للإصابة بالسكّري Pre-diabetics على اجتناب الإصابة بالمرض، وذلك عبر فترة علاج تصل إلى تسعة أشهر، وربّما يُعتبر ذلك أحد الاكتشافات الطبية الأكثر أهمية في زماننا لكونه أثبتَ أنّ علاجاً طبيعياً مستنداً إلى نوع من التوابل التي عرفتها الحضارات منذ آلاف السنين بإمكانه منع تطوُّر مرض مهدِّدٍ للحياة يُصيب مئات الملايين عبر العالم.
وتظهر أهمية هذه النتائج عند مقارنتها بالحقائق العلمية التي أخذت أنّ الأدوية المخصّصة لعلاج داء السكّري تزيد خطر الإصابة بالأزمات القلبية بنسبة 43 في المئة وتزيد مخاطر أمراض القلب المُميتة بنسبة 64 في المئة. وتخلُص تلك الدارسات، بالإثبات العلمي في حدِّ ذاته، إلى أنّ العلاجات الصيدلانية غالباً ما تكون أسوأ من المرض الذي يُفترض بها أن تُعالجه!
ومع ازدياد الاهتمام بالعلاجات العشبية والنباتية، نكاد نقرأ كلّ أسبوع دراسة سريرية جديدة تُثبت فعالية الطب البديل في علاج أو منع أمراض مزمنة مثل داء السكّري. وبالطبع لن يتوقع أحد أن تقدم الصناعة الصيدلانية على استثمار ما بين 1 و 12 مليار دولار من رأس مالها للحصول على مصادقة «إدارة الغذاء والدواء» (FDA) على مُستخلص العقدة الصفراء أو الكُركُم لعلاج داء السكّري المتأخر كما تفعل مع عقاقيرها الكيميائية لأنّ المواد الطبيعية ليست بحاجة إلى براءة اختراع، وتركيبات الطبيعة هي ملك الجميع، وفي تصرُّف الجميع، ولا تخضع لتحكُّم شركة أو تكتُّل شركات ولا تأثيرات جانبية سلبية لها. وهذه الأبحاث التي نتحدث عنها متوافرة على الإنترنت تنتظر من يقرأها ويتمعن في نتائجها وتوصياتها. ومن أولى بقراءة تلك الأبحاث من المرضى والمهتمين بصحتهم واجتناب المضاعفات الجانبية الخطيرة للأدوية؟ إلى جانب العقدة الصفراء باتت هناك دراسات وأبحاث واسعة أظهرت كلها الفائدة الكبيرة في معالجة السكّري لعدد من الأعشاب والتوابل، وفي ما يلي تعريف موجز بسبعة من تلك العناصر الغذائية:

ضعف عمل البنكرياس هو السبب الأساسي لأعراض السكّري
ضعف عمل البنكرياس هو السبب الأساسي لأعراض السكّري

“الجمعية الأميركية للسكري أثبتت أن العقدة الصفراء فعّالة
100 % في مساعدة من لديهم استعداد للإصــــابة بالسكّري على اجتناب الإصابة بالمرض”

“أكثر من 450 دراسة على حبة البركة أثبتت فعاليتها في خفض مستوى سكر الدم بصورة لافتة”

الطبيب الفنلندي أنتي هيكلا أحدث ثورة بالتركيز على المقاربة الغذائية لمرض السكري
الطبيب الفنلندي أنتي هيكلا أحدث ثورة بالتركيز على المقاربة الغذائية لمرض السكري

البدائل الطبيعية السبعة
1.حبّة البركة
غرامان فحسب من «حبّة البركة» أو «الحبّة السوداء» تُخفِّض مقاومة الإنسولين! ففي دراسة أُجريت العام 2010 في كلّية الطب التابعة لـ «جامعة الملك فيصل» بمدينة الدمام، المملكة العربية السعودية، شملت 94 مريضاً بداء السكّري، أعطى الباحثون إمّا غراماً أو غرامين أو ثلاثة غرامات يومياً من حبّة البركة لهؤلاء المرضى لمدة ثلاثة أشهر، ليجدوا أنّه مع جرعة الغرامين يومياً خفّضت حبّة البركة بشكلٍ كبير معدّل سكر الدم على الريق ومقاومة الإنسولين. أمّا جرعة الثلاثة غرامات يومياً فلم تأتِ بفوائد إضافية.
وفي دراسة أخرى أُجريت العام 2011 في «مركز أبحاث السكّري» التابع لـ «جامعة مونتريال» الكندية، واستُخدِم فيها أيضاً غرامان من حبّة البركة أو الحبّة السوداء، تمّ التوصُّل إلى نتائج مشابهة، وتبيَّن أنّ التأثير المضاد للسكري للحبّة السوداء يعود إلى قدرتها على تحسين الحساسية للإنسولين. وكانت دراسة مماثلة أُجريت العام 2002 في «جامعة غيفو» (Gifo University) اليابانية، وقبلها في «جامعة الكويت» عام 1991، وفي العديد من الجامعات التركية، وخرجت بنتائج مشابهة. منذ 40 سنة وحتى اليوم، أجريت أكثر من 450 دراسة حول هذه الحبة المباركة لاستكشاف وإثبات خصائصها الشفائية.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أنّه يمكن استخدام زيت بذور حبّة البركة وهو أقوى مفعولاً ولاسيّما على الريق، ويمكن تناول نصف ملعقة شاي صغيرة ممزوجة بزيت الزيتون. ويمكن تناول حبّة البركة بالتزامن مع الدواء الصيدلاني الموصوف، ويُفضَّل أن يُرافق ذلك بنظام غذائي مناسبٍ لداء السكّري.
فلطالما حظيت حبّة البركة أو الحبّة السوداء لآلاف السنين بتقديرٍ كبير من ناحية فائدتها الطبية وخصائصها الشفائية ووُصِفَت لعلاج العديد من الأمراض من بينها «ألزهايمر»، و«الشقيقة» (ميغراين)، والربو والحساسية. وقد جاء في الحديث الشريف في تكريم هذه النبتة نقلاً عن أبي هريرة (ر) عن رسول الله (ص) أن الحبّة السوداء: «شفاءٌ من كلِّ داء إلَّا السام (أي الموت)» وهذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه.
2.العقدة الصفراء أو الكُركُم
وجدت دراسة متخصصة في العام 2009 أن «الكُركمين» (curcumin)، وهو العنصر الفعّال في تابل العقدة الصفراء أو الكُركُم (turmeric)، كان أكثر فعالية ما بين 500 إلى 100,000 مرّة من الدواء الموصوف «ميتفورمين» (metformin). وفي دراسة أخرى شملت 240 بالغاً في المرحلة التي تسبق داء السكّري (pre-diabetic state) أُعطي للمرضى إمّا 250 ملليغراماً من مادة «الكُركمين» أو حبّة العلاج الوهمي placebo كلّ يوم. وبعد تسعة أشهر، لم يُسجِّل أيٌّ من أولئك الذين تناولوا «الكُركمين» إصابة بداء السكّري مقابل 16.4% من المجموعة التي تناولت حبّة العلاج الوهمي وبعبارةٍ أخرى، كانت مادة «الكُركمين» أكثر فعالية بنسبة 100% في منع الإصابة بداء السكّري.
3.الزنجبيل
في دراسة مماثلة، قُسِّم 88 مصاباً بداء السكّري إلى مجموعتين، تلقى أعضاء واحدة منهما يومياً حبّة علاج وهمي Placebo ازدادت نسبة سكر الدم على الريق لديها بنسبة 21%. وفي دراسة أخرى، أثبت الباحثون أنّ 1,600 ملليغرام من الزنجبيل يومياً تُحسِّن ثمانية مؤشرات لداء السكّري من بينها الحساسية للإنسولين.
4.القِرفة
تُعتبر القِرفة (cinnamon) من أقدم التوابل وأكثرها شعبية. وقد استُخدِمت منذ آلاف السنين لنكهتها ومذاقها ولفائدتها الطبية. لكن للقرفة فائدة كبرى لم تكن معروفة من قبل وهي أنها تُعيد مستويات سكر الدم في داء السكّري من «النوع 2» إلى معدّله الطبيعي عبر تحسين القدرة على الاستجابة للإنسولين. فثمة تحاليل أوّلية لثماني دراسات سريرية تُظهر أنّ القرفة أو مستخلصاتها تُخفّض مستويات سكر الدم على الريق.
فالقرفة تعمل من ناحيةٍ أولى عبر إبطاء معدّل إفراغ المعدة بعد تناول الطعام. ففي إحدى الدراسات، تناول المشاركون كوباً من مهلّبية الأرز بالحليب مع ملعقة صغيرة من القرفة أو بدونها وتبيّن أنّ إضافة القرفة أبطأت معدّل إفراغ المعدة ما بين 37% و 34.5% كما أبطأت بشكل كبير ارتفاع مستويات سكر الدم. إنّ ما يقل عن نصف ملعقة شاي من القِرفة يومياً يُخفِّض مستويات سكر الدم لدى مرضى داء السكّري.
5. توت العليق والفراولة والعُنبيّات
أظهرت الدراسات مدى احتياج الجسم لكمية أقل من الإنسولين لتوازن معدّل «سكر ما بعد الوجبة» (After-meal glucose) في حال تمّ تناول ثمرات توت العليق أو الفراولة أو العُنبيّات (berries). ففي دراسة شملت نساء يتمتّعن بصحةٍ جيدة في فنلندا، طُلِبَ من المشاركات تناول الخبز الأبيض وخبز الجاودار (rye) مع، أو من دون، ثمرات توت العلّيق أو الفراولة المهروسة، وكان النشاء في الخبز كافياً لرفع مستويات «سكر ما بعد الوجبة» عالياً.
لكنّ الباحثين وجدوا أنّ إضافة مزيج من ثمرات الفراولة والعُنبيّات وتوت العليق والكرانبري cranberry والثمرات المشابهة إلى الخبز خفّضت بشكلٍ كبير ارتفاع الإنسولين ما بعد الوجبة لدى المشاركات.
6. مُستخلص أوراق الزيتون
أثبت باحثون في «جامعة أوكلاند» الأميركية أنّ مُستخلص أوراق الزيتون يُخفِّض مقاومة الإنسولين ويرفع إنتاج الإنسولين في البنكرياس، وذلك في دراسة شملت 46 رجلاً من ذوي الوزن الزائد تمّ تقسيمهم إلى مجموعتين. تلقّت الأولى كبسولات تحتوي على مُستخلص أوراق الزيتون فيما تلقّت الأخرى حبّات علاج وهمي Placebo وبعد 12 أسبوعاً، خفّض مُستخلص أوراق الزيتون مقاومة الإنسولين بنسبة وسطية بلغت 15%، كما زاد إنتاجية الخلايا المُنتِجة للإنسولين في البنكرياس بنسبة 28%. ولفتَ الباحثون إلى أنّ هذه النتائج تُقارن من ناحية تخفيض مقاومة الإنسولين بمفعول العلاجات الصيدلانية الشائعة.
7. مُستخلص بذور العنب
قارنت دراسة مخبرية غير سريرية جديدة نشرتها دورية مختصة بـ «التواصُل والإشارات بين خلايا الجسم» Cell communication and signaling بين التأثيرات العلاجية لمُستخلص بذر العنب (ويُدعَى كيميائياً proanthocyanidins ودواء «ميتفورمين»، وتفوُّق هذا المُستخلص في أدائه من ناحية تحفيز الحساسية للإنسولين.
فقد اكتشف باحثون هنود أنّ مُستخلص بذر العنب ودواء «ميتفورمين» عملا بآلياتٍ مختلفة لخفض سكر الدم ورفع الحساسية للإنسولين في فئران مخبرية تمّت تغذيتها بطعام عالي السُعرات الحرارية غني بالسكّر والدهون، وقد تفوَّق مُستخلص بذر العنب بتحسين معايير صحية أخرى.
ومُستخلص الـ Proanthocyanidins هو نوع من «الفلافونيدات Flavonoids الموجودة في العديد من النباتات، وبشكلٍ مكثّف جداً في الكاكاو والقِرفة وبذور العنب وقشرته، وتُعرَف بخصائصها المضادة للأكسدة Antioxidant والعديد من الفوائد الفيزيولوجية المساعِدة على مكافحة الأمراض. وخرج هؤلاء الباحثون بنتيجة مفادها أنّ هذه الأدلّة تظهر بأنّ مُستخلص بذر العنب واعدٌ جداً ويمكن أن يغدو بديلاً طبيعياً لدواء «ميتفورمين» وعاملاً مساعِداً على مكافحة داء السكّري.
هناك أيضاً مادتان كثُرَت في الآونة الأخيرة الدراسات التي تتحدّث عن فائدتهما في مكافحة داء السكّري، وهما طحالب «سبيرولينا» (spirulina) وملح «بربرين» (berberine) القَلَوي.

الأنسولين الصناعي ليس مماثلا للأنسولين الطبيعي
الأنسولين الصناعي ليس مماثلا للأنسولين الطبيعي

مخاطر الأنسولين الصناعي

الأنسولين الصناعي ليس مماثلا للأنسولين الطبيعي
الأنسولين الصناعي ليس مماثلا للأنسولين الطبيعي

حتى أواخر السبعينات من القرن الماضي كان الإنسولين المستخدم لعلاج الحالات المتقدمة من مرض السكّري Type II يستخرج من بنكرياس الخنزير وقد أثبت هذا الأنسولين أنه أقرب شيء يمكن الحصول عليه من الإنسولين البشري. لكن مع تطور علم الجينات وتعديل الخصائص الوراثية للنباتات بدأت شركات تصنيع الأدوية في العالم بتطوير انسولين صناعي Synthetic روجت في حملاتها الدعائية أنه شبيه Bioidentical بالأنسولين البشري وتمّ استخراج هذا الإنسولين من التعديل الوراثي للخميرة Yeast أو لجرثومة
الـ E-coli أو غيرهما من الخلايا الحيّة، وبسبب رواجه والأرباح الكبيرة التي يحققها عمدت شركات تصنيع الأدوية بمجرد تطوير الإنسولين الصناعي إلى سحب الإنسولين الطبيعي المستخرج من بنكرياس الخنزير (والذي هو أقرب شيء إلى الإنسولين البشري) من السوق بحيث بات من الصعب على مريض السكّري الحصول عليه في الولايات المتحدة وفي الكثير من اسواق العالم وبات مجبراً بالتالي على شراء الإنسولين الصناعي أو الكيميائي.
لكن مع الأسف فقد أثبتت الابحاث العلمية بما لا يقبل الشك أن الإنسولين الكيميائي المتداول اليوم تحت أسماء تجارية مختلفة لا يشبه الإنسولين البشري إلا بصورة جزئية وأنه تبين عدم مطابقته للتركيبة المعقدة للإنسولين البشري. بناء على تلك الحقيقة أجريت دراسات علمية معمقة أثبتت أن الإنسولين الكيميائي قد يعطي بعض النتائج في خفض مستوى السكّري لكنه يزيد من جهة ثانية خطر الإصابة بأمراض القلب وأمراض الشرايين وقد يحمل خطر التسبب بأنواع من السرطانات، بل إن الدراسات أظهرت أن الإنسولين الصناعي قد يقود إلى حالة معروفة بإسم السكّري المضاعف وهو من جهة تدمير خلايا البنكرياس المنتجة للإنسولين ومن جهة ثانية زيادة مقاومة الجسم للإنسولين مما يعني أن حقن الإنسولين الصناعي له مخاطر تفوق كثيراً الفائدة المحدودة في خفض مستوى سكر الدم.

خاتمة
كل الأبحاث العلمية الرصينة تُبيّن أن مخاطر العلاجات الدوائية لمرض السكّري تفوق مساوئ المرض الذي يُفترض بها أن تعالجه، وأن من الأفضل كثيراً في مواجهة هذا المرض اللجوء إلى صيدلية الطبيعة وأعشابها وثمارها وبذورها وأوراقها ومُستخلصاتها وذلك كبديل شاف وآمن ولا يحمل أي مضاعفات جانبية. لندع الطبيعة تُعيد توازن ما اختلَّ في نظامنا البديع، وتُصلِح ما أفسدته المقاربات الكيميائية الوحيدة الجانب في جسومنا.

تناول الفواكه غير مضر بمريض السكّري!

سلة فاكهة .. كل باعتدال ولا تخف
سلة فاكهة .. كل باعتدال ولا تخف

أثبتت أبحاث متزايدة جرت في السنوات الأخيرة مدى خطأ التوصية الطبية التقليدية بضرورة اجتناب مرضى داء السكّري لتناول الفواكه على اعتبار أنها تحتوي على سكريات الفاكهة. فقد أجرى باحثون من قسم التغذية في «مستشفى ويست جوتلند» (West Jutland) في الدانمارك اختباراً حول استهلاك الفواكه شمل 63 رجلاً وامرأة شُخِّصَت لديهم حديثاً الإصابة بداء السكّري، بعد توزيعهم عشوائياً على مجموعتين. إحدى المجموعتين سُمِحَ لها بتناول أكثر من حبّتَي فاكهة في اليوم، في حين أنّ الأخرى اتّبَعت النصيحة الطبية التقليدية الشائعة بعدم تناول أكثر من حبّتَي فاكهة يومياً.
وقد تمّ وضع سجل باستهلاك الفواكه لدى المشاركين يومياً على مدى ثلاثة أشهر، وكذلك جرى اختبار مخزون السكّري لدى المرضى قبل هذه التجربة وبعدها، وكذلك الوزن ومحيط الخصر، وجرى تحليل النتائج.
ووجدَ الباحثون أنّ لا فرقَ يُذكر في مخزون السكّري ومقدار فقدان الوزن وحجم الخصر لدى أولئك الذين تناولوا فواكه أكثر مقارنةً بأولئك الذين تناولوا فواكه أقل وخرجوا بهذه الخلاصة:
إن خفض تناول الفواكه كجزءٍ من علاجٍ طبي غذائي تقليدي لمرضى مرشحين بالاصابة بمرضً داء السكّري (Type II) لم يكن له تأثيرٌ على مخزون السكّري، وفقدان الوزن أو محيط الخصر، لذا يوصي الباحثون الآن بعدم تقييد المرضى المصابين بداء السكّري من النوع الشائع (أي Type II) بتناول الفواكه.
وفي الواقع، بعد تحليل تلك البيانات عن كثب، تبيّن أنّ أولئك الذين تناولوا كمية أكبر من الفواكه سجّلوا فقداناً للوزن وانحساراً لمحيط الخصر أكثر بقليل من أولئك الذين تناولوا كمية أقل.
والسبب وراء إثبات خطأ النصيحة بالتقليل من استهلاك الفواكه لدى مرضى السكّري هو أنّ الطب التقليدي أخفقَ في فهم أهمية استهلاك الألياف التي تشتمل عليها الفواكه. فقد أخذوا في الاعتبار مستويات السكّر في الفاكهة لكنهم لم يدخلوا في حسابهم الأثر الفعال للألياف الموجودة في الفاكهة في خفض مستوى السكّر في الدم. ومعلومٌ أيضاً أن الفواكه تحتوي على عددٍ من «السكّريات المتعدّدة» (polysaccharides) ذات السلسلة الطويلة، على غرار «البيكتن» (pectin)، التي أثبتت أنّها تُوازِن سكر الدم وتُخفّض مستوياته.
إن توصل الباحثين إلى تبرئة الفاكهة من تهمة زيادة معدل السكّر في الدم وأن الفواكه لا تُشكِّل أي تهديد لمرضى داء السكّري اعتبر كشفاً علمياً كبيراً قلب المفاهيم التي كانت سائدة لسنوات طويلة. واللافت أن أبحاثاً أجريت قبل ذلك بعقدين أو أكثر من الزمن كانت قد خرجت بالنتيجة نفسها. إذ نشر باحثون في مدينة مينيابوليس الأميركية في مطلع التسعينات من القرن الماضي بحثاً في الدورية المتخصّصة «مجلة الكلّية الأميركية للتغذية» شمل سبعة رجال مصابين بداء السكّري جرت تغذيتهم بثمرات موز ذات مستويات نضج مختلفة، أي متفاوتة الحلاوة، وأثبتت الدراسة أنّ لا تأثير لنِسَب الحلاوة على مستويات السكّر والإنسولين لدى هؤلاء المرضى، ليوصوا بالتخلّي عن المفهوم التقليدي القائل بالإبتعاد عن الفاكهة.
وفي الواقع، تحتوي كلّ ثمرة على ألياف ذائبة في الماء (soluble) وغير ذائبة (insoluble) بما يناسب القناة الهضمية. وتتراوح مستويات الألياف في الفواكه المعروفة بين ثلاثة غرامات لكلّ 100 وحدة حرارية وصولاً إلى سبعة أو ثمانية غرامات لكلّ 100 وحدة حرارية ولاسيّما في توت العلّيق (Raspberry) والتوت البرّي (Blackberry) (نحو كوب) والبرقوق أو الخوخ المجفّف والتين. أمّا التفاح أو الإجاص فتحتوي على ما يُقارب أربعة غرامات.
ويُوصي معظم خبراء التغذية بتناول ما بين 30 و40 غراماً من الألياف يومياً، فيما يكتفي البعض بـ 25 غراماً وهي ما تشتمل عليه الفواكه إلى جانب الحبوب والبذور. إنّ الألياف تُثبت مخبرياً وسريرياً يوماً بعد يوم مدى أهميتها في الحفاظ على توازن سكر الدم، وتخفيض الكوليسترول، والوقاية من الأمراض الخطرة.

الارضي شوكي

الأرضـي شوكـي

خــزان معـادن وفيتـامينــــات

وحــارس أميــن للكبــد والجهــاز الهضمــي

تعتبر ثمار الأرضي شوكي من المحاصيل اللذيذة التي يقبل عليها اللبنانيون وأهل الشرق عموماً لما عرفوه من طيب مذاقها وفوائدها الكبيرة، وقد عُرف الأرضي شوكي أو ما يُسمّى أيضاً بالخرشوف أوَّل ما عُرِف في بلادنا أي في بلدان حوض البحر المتوسط، وقد وُجِدَت له رسومٌ عديدة منقوشة على جدران معابد قدامى المصريين كما في آثار عددٍ من الدول المتوسطية بشكله المخروطي وحراشفه المتراصة التي تجعل له شبهاً بثمار الصنوبر.
وتذكر المصادر أن العرب هم من نقله إلى الأندلس بعد أن اكتشفوا فوائده الغذائية والطبية العظيمة، ومنها انتشر إلى دول القارة الأوروبية ومنها إلى باقي دول العالم.
أمَّا الآن فهو يُزرَع في أغلب المناطق والدول ويُستفاد منه كاملاً أو من أوراقه أو ساقه مجفّفاً على شكل بودرة وكذلك من خلاصته الكيميائية لعلاج عددٍ غير قليل من الأمراض، وهو يوصف بشكلٍ خاص في حالات قصور الكبد وأمراض المرارة وارتفاع معدل الكوليسترول في الدم وغيرها من الأمراض.

طعام لذيذ
يعتبر الأرضي شوكي مكوناً أساسياً لعدد من الأطعمة اللذيذة والمفيدة صحياً فهو يؤكل مطبوخاً بطرقٍ عدة كأن يُطبخ مع اللحم أو يُضاف إلى أنواع اليخنات والحساء أو يُتبَّل كسلطاتٍ لذيذة متنوعة أو يُقدَّم وحده بعد سلقه قليلاً كمقبلاتٍ شهية مع تتبيلة زيت الزيتون والحامض والثوم وهو الشكل الأكثر فائدة حيث تؤكل قاعدة أوراقه واحدةً تلو الأخرى إضافةً إلى قلب الأرضي شوكي وذلك بعد تغميسها بتتبيلة الحامض والزيت والثوم، أو باللبن والثوم.
أمّا الطريقة المثلى للاستفادة من خواصِّه المفيدة فهي أن يؤكل الأرضي شوكي كاملاً من قاعدة الأوراق حتى القلب والاستفادة قدر الإمكان من ماء السلق عن طريق إضافته إلى أنواع الحساء أو اليخنات المتنوعة، فهو حاوٍ لكثيرٍ من الخواص النافعة التي انحلَّت في الماء نتيجة السلق. كما يجب التنبّه إلى أن يؤكل الأرضي شوكي في نفس اليوم الذي يُطهى به وأن يُرمى ما تبقى منه إلى اليوم التالي، وذلك لأن الجراثيم تتكاثر سريعاً مما قد تحدث حالات تسمم هضمي.

خصائصه الغذائية وفوائده
إن نظرة إلى الجدول المرفق تظهر حجم الفوائد الغذائية التي وفرها الأرضي شوكي فهو من أغنى الخضار بالعناصر المعدنية والأملاح والفيتامينات ولا سيما مركبات الفيتامين B المهمة جداً لصحة الجسد والعضلات والجهاز العصبي. والأرضي شوكي من أهم مصادر الحديد النباتية إذ يحتوي كل 150 غ منه على 5.1 ملغ أو مما يعادل 28% ما يحتاجه الفرد
يومياً من هذا المعدن المهم جدا لصحة الدم والكريات الحمراء.فهو لذلك من الخضار المفيدة في معالجة حالات فقر الدم. ويحتوي الأرضي شوكي على نسبة عالية من البوتاسيوم ومن الفيتامين C والنحاس والفوسفور والمغنيزيوم والمانغانيز وبصورة خاصة السلينيوم.
وإذا انتقلنا إلى الفيتامينات فإن الأرضي شوكي يحتوي منها الكثير ولا سيما منوعات الفيتامين B والفوليك أسيد أو الـ Folate.
إضافة إلى مكوناته الغذائية فإن الأرضي شوكي يحتوي على عناصر كيميائية ذات مفاعيل طبيةٍ ودوائيةٍ مهمة ومن أهم المركَّبات الكيميائية الموجودة في الأرضي شوكي السيليمارين (Silymarin) الذي أظهرت الدراسات أنَّ له تأثيراً كبيراً واقياً من الإصابة بسرطان الجلد.

” الأرضي شوكي من أغنى المصادر الغذائية بالأملاح والمعادن الضرورية لصحَّة القلب والدورة الدموية  “

فوائده العلاجية
في دراسةٍ أُجريت في مستشفيات جامعة كليفلاند الطبية، تبيّن أنَّ استعمال مراهم حاوية للسيليمارين يحدَّ من الإصابة بسرطان الجلد بنسبة كبيرة. وأجريت الدراسة على الفئران في مختبرات أمّولا وما زالت الأبحاث عن فائدة الأرضي شوكي في الوقاية من سرطان الجلد لدى البشر جارية، ومن المتوقع أن تظهر نتائجها قريباً.
يعتبر الأرضي شوكي ذا أثر كبير كمضاد للأكسدة Antioxidant وهو يعزز الوقاية من أنواع مختلفة من العلل ويقوي جهاز المناعة عن طريق منع التأثيرات المخرِّبة للراديكالات الحرَّة (free radicals) على خلايا الجسم السليمة، ويُستفاد من ثمرة الأرضي شوكي أو من خلاصتها بكثرة في بعض الدول الأوروبية كدواءٍ فعَّال لعلاج بعض أمراض الكبد والمرارة ولذلك تفسيرات طبيةٌ مهمة:
أوَّلا:إنَّ الأرضي شوكي يحتوي على السيليمارين (Silymarin)، المضاد القويّ للمؤكسدات (antioxidant، لذلك فهو يحمي أعضاء الجسم الرئيسية، ومنها الكبد، من التأثيرات المخرِّبة للراديكالات الحرة.
ثانياً، يوصف الأرضي شوكي بكثرة من قِبل الأطباء الأوروبيين بشكلٍ خاص كمحفز ممتاز للمرارة لأنه يزيد من إفرازات الصفراء (choleretic effect) ويُسهِّل دفعها إلى خارج الجسم وذلك بسبب محتواه من السيناميك أسيد (cinnamic acid).
من هنا، فإنَّ الأرضي شوكي هو من أهمّ الأدوية وأفعلها في معالجة أمراض الكبد واحتقانها، وهو مفيدٌ بشكلٍ خاص في حالات قصور الكبد (كسل الكبد) والمشاكل الهضمية الناتجة عنه
(dyspeptic problems). إلاَّ أنَّه ينبغي الإمتناع عن تناول الأرضي شوكي أو خلاصته Extract في حال وجود انسدادٍ في المجاري الصفراوية bile duct blockage ناجمة عن تشكل حصى في المرارة. (gallstones) أو غيرها.

أرضي شوكي باللحم والصنوبر
أرضي شوكي باللحم والصنوبر

مخفِّض للكوليسترول
يحتوي الأرضي شوكي على عناصر عدَّة أثبتت التجارب أنَّها من أنفع العناصر الدوائية التي تفيد في خفض نسبة الكوليسترول الضار (LDL) ويؤثر حمض السيناميك (cinnamic acid)والإينولين (Inulin) في خفض نسبة الدهون الثلاثية أو ما يُسمى بالتريغليسيريد (Triglyceride).
كما إنَّ الأرضي شوكي غنيٌّ أيضاً بالألياف، بل هو من أغنى المصادر الغذائية بهذه الألياف النافعة (fibers) ويحتوي رأس الأرضي شوكي المتوسِّط الحجم على 6.5 غرامات من الألياف، و 4.3 غ من الألياف غير القابلة للذوبان (Insoluble fiber) و 2.2 غ من الألياف القابلة للذوبان (Soluble)؛ والسرّ يكمن في هذه الأخيرة أي الألياف القابلة للذوبان التي تتحوَّل في أثناء عبورها القناة الهضمية إلى مادةٍ هلامية لزجة (jel) تحبس بداخلها ذرات الكوليسترول ولأنها -أي الألياف- غير قابلة للإمتصاص فإنَّها تُدفع إلى خارج الجسم آخذةً الكوليسترول الضار في طريقها.
علاوةً على هذه العناصر الدوائية المهمَّة فإنَّ الأرضي شوكي هو من أغنى المصادر الغذائية بالأملاح والمعادن الضرورية لصحَّة القلب والدورة الدموية (راجع الجدول المرفق) كالمغنيزيوم والبوتاسيوم اللذين لهما دورٌ أساس في حفظ عمل عضلة القلب. فالمغنيزيوم مثلاً يتدخّل في سلامة عملية إنقباض عضلة القلب ويمنع ظهور أو نشوء أي انقباضات غير منتظمة (Arrythmia) أو خارجة عن السياق الطبيعي، وهي ظاهرة خطيرة قد تؤدّي في حال عدم معالجتها إلى الوفاة.
وثمرة الأرضي شوكي هي من أغنى المصادر بالمغنيزيوم (Magnesium) إذ تؤمِّن الحبّة الواحدة المتوسطة الحجم 72 ميليغراماً من المغنيزيوم أي ما يوازي 18% من حاجة الجسم اليومية لهذا العنصر الضروري.
ويُفضَّل تناول ثمرة الأرضي شوكي كاملةً، أمَّا للذين لا يحبّون ذلك، فإنَّ قلوب الأرضي شوكي ما زالت مصدراً مهماً للمغنيزيوم إذ إنَّ نصف الكوب منها يؤمِّن للجسم 50 ميليغراماً تقريباً من المغنيزيوم، ما يوازي 13% من الحاجة اليومية. وهناك البوتاسيوم أيضاً، وهو المعروف بحامي القلب الأوَّل، وهو متوفّر في الأرضي شوكي بنسبة جيدة، وللمغنيزيوم والبوتاسيوم دورٌ كبيرٌ في حفظ ضغط الدم الشرياني في حدوده الطبيعية بل ولهما تأثيرٌ مهمٌّ أيضاً في خفض الضغط المرتفع إلى حدٍّ ما.

الفأر آفة أساسية للأرضي شوكي لأنه يقوم بتجويف جذعه مما يسبب موت النبتة
الفأر آفة أساسية للأرضي شوكي لأنه يقوم بتجويف جذعه مما يسبب موت النبتة

الأرضي شوكي من أسهل الزراعات البيتية أو الحقلية لأنها لا تتطلب سوى غرس الفسيلة في مكانها ولا تحتاج إلى تجديد الزرع سنوياً لأن الفسيلة تكبر لتكون شجيرة قد يبلغ علوها المتر ونصف المتر أو أكثر وتعطي ثمارها على رؤوس الأغصان شبه القصبية ثم تذوي وتجف في الصيف، لكن لتعود فتطلق أوراقها الجديدة بعد بدء موسم الأمطار، أي إن الأرضي شوكي هو عملياً نبات للمدى الطويل، وهو عموماً لا يحتاج إلا إلى تسميد خفيف مع تفضيل السماد العضوي ، لكن يفضل ري الشجيرات بعد انقطاع موسم الأمطار للسماح بكافة أزرار الموسم بالتحول إلى رؤوس ناضجة وبالتالي زيادة المحصول.
وفي الحقيقة يكفي المنزل 20 إلى 50 غرسة أرضي شوكي للحصول على موسم جيِّد فيه الغذاء اللذيذ والدواء النافع على السواء، إذ إن الشجيرة الواحدة من هذا الخضار تنتج ما بين 7 و10 رؤوس ناضجة من الحجم الكبير أو الوسط ما يعني أن 50 نبتة منه يمكن أن تزود المنزل ما بين 350 و500 رأس أرضي شوكي أو ما يكفي ليس فقط لاستهلاكه من كل أفراد الأسرة بل لخزنه أيضاً خصوصاً عبر حفظ الأقراص في الثلاجة أو مكبوساً في الماء والملح والخل.
من ميزات الأرضي شوكي أنه لا يتعرض لآفات باستثناء حشرة المن التي قد تظهر في مناخ رطب، وهذه لا تضرّ الثمرات لكنها تعني ضرورة غسلها بالماء والملح للتخلص منها قبل استهلاكها. وإذا رغب أحدنا في التخلص من المن فإن الطريقة الفضلى ليست باستخدام مبيد كيميائي بل مزيج من الحر الأحمر اللاذع وخل التفاح أو مقطر الزعتر فهذا المزيج كفيل بالقضاء على المن في غضون دقائق من الرشة. ولا تنسى أن هذه النبتة يستفاد من كل أجزائها لأن أوراقها يمكن أن تقدم للدجاج في المنزل أو لأي ماشية كالماعز أو الدواب.

” الأرضي شـــوكي من أسهل الزراعات البيتية والحقلية فلا تنسوا غرسها في زوايا الحديقة ونيل فوائدها العظيمة  “

زراعة الأرضي شوكي في قرية فرنسية
زراعة الأرضي شوكي في قرية فرنسية

الأرضي شوكي

العناصر الغذائية في 150 غراماً

109 غ سعرات حرارية
 14 غ سكريات
ألياف
معادن
 % من الحاجة اليومية العنصر
28% حديد
18% بوتاسيوم
12% فوسفور
10% نحاس
6% ماغنيزيوم
4% مانغانيز
2% كالسيوم
2% سلينيوم

 

 

 

فيتامينات
20% فيتامين B1
10% فيتامين C
10% نياسين B3
6% فيتامين B6
6% بانتوتنيك أسيد
5% فوليك أسيد
5% ريبوفلافين B2
مركبات دوائية فعّالة
Silymarin
Cinnamic acid
Flavonoids
inulin
المصدر: Nutritional data ومصادر أخرى

خل التفاح

“المصنعون يقومون بتعقيم الخل لمنع تشكّل الطبقة العكرة («أم الخـــــــــل») وهذا يفقده أهم فوائده الغذائـــــــية والصحية”

“خل التفاح يساعد على التخلص من الحرقة Reflux من خلال تعويض نقص البيئة الحمضية في المعدة وزياة القلوية في بيئة الهضم”

“استعمل لصنع خـــلّ التفاح مرطبانات الزجاج وليس البلاستيك ولا تشتــــريه إذا كان معبأ بزجاجات بلاستيكيــــة”

“أفضل أنواع الخل يأتي من التفاح المنتج عضوياً وغير المروي (البعل) والمستخدم في صنعه التفاح الأصفر والأحمر”

خَلّ التـــفّاح

إكسير الصحة اللذيـــذ

ما هي فــوائــــده، ما هــــي أجــــود أنواعــــــــه
ومــــا هــــي أفضــــل طريقــــة لصنعــــه منزليــــــــاً؟

خل التفاح يتمتـــع بخصائــــص لخفض سكر الــــدم
مماثلة لتلك الموجودة فــــي أدوية معالجة الســــكَّري

حمض الكلوروجينك في خلّ التفاح يكبح تأكســــد الـ LDL
ويُحسِّن الصحة ويحمي القلب ويقي من أمراض الشرايين

ليس أكثر من الدراسات المنشورة حول خلّ التفاح، ومدى فوائده الصحية والعلاجية، فما هي الفوائد التي يمكن الحصول عليها من هذه العصارة الطيبة المذاق مع طعم الحموضة المميز في الخلّ؟ وكيف يمكن الحصول على أجود أنواع خل التفاح لتحقيق الفوائد المرجوة منه؟

اكتُشِفَ الخلّ منذ الألفيّة الخامسة قبل الميلاد مع تحوُّل عصير العنب المَنْسِي إلى نبيذ ومن ثم خلّ. وبعد أن استُخدِم لعصورٍ عديدة كحافظٍ للأطعمة، بدت الفوائد الطبية للخلّ تتبدّى للإنسان. فقد استخدمه أبو الطب الإغريقي أبقراط (Hypocrites) لتعقيم الجروح، في حين استعمله مزاولو الطب في القرن الثامن عشر لعلاج كلّ شي، من الطفح الجلدي الناتج من لمس نبتة اللُّبّلاب السام Poison Ivy، مروراً بمرض الخُنّاق التنفُّسي، وصولاً إلى أوجاع المعدة، ومن ثم علاج داء السكري! ويمكن صنع الخلّ فعلياً من أي نوع من الكربوهيدرات التي بالوسع تخميرها، بما في ذلك الأعناب، والتمور، والبطاطا، والشمندر، وجوز الهند، والتفاح طبعاً.
ويُنتَج الخلّ عبر عملية تخمير بطيئة وطويلة الأمد، تجعله غنياً جداً بالمكوّنات ذات التأثير الإيجابي في الجسم، كحمض الأستيك الخلّي (Acetic acid)، والعديد من الأحماض النشطة الأخرى والفيتامينات والأملاح المعدنية، ما يمنحه خصائص مضادة للأكسدة، ومكافحة للجراثيم فضلاً عن المزايا الشفائية الأخرى.
وهذه العملية البطيئة لإنتاج الخلّ التقليدي تسهِّل نمو مستعمرةً من بكتيريا الحمض الخلّي فوق سطح عصير التفاح، مشكّلةً طبقةً شبكية سميكة لزجة تتألف من بكتيريا الخميرة والحمض الخلّي وأحماض أمينية، تُدعى «أُم الخلّ»، لتبدأ عملية التخمير ببطء على مدار أسابيع أو أشهر عديدة. وهذه الطبقة في الخلّ الخام العَكِر غير المفلتر أو «المكرر» هي دليل على مدى جودته. فالعديد من المُصنِّعين يقومون بترشيح وتعقيم الخلّ لمنع تشكُّل مثل هذه الطبقة، ممّا يُفقده جودته وبالتالي منافعه.

الإستخدامات الصحية
ما من إرشادات صحية محدّدة إزاء استخدام خلّ التفاح. فالبعض يتناول ملعقة صغيرة أو اثنتين يومياً، ممزوجة بالطبع بكوب من الماء، قبل وجبات الطعام أو على الريق صباحاً، وما أكثر التقارير والأبحاث التي تتحدّث عن فوائد ذلك. ولا تحذيرات سوى للمرضى المصابين بقرحة المعدة والمريء وما شابه ذلك.
وثمة العديد من الاستخدامات الصحية والعلاجية لخلّ التفاح، من بينها:

داء السكري
للخلّ تأثيرٌ مفيد على مستويات سكر الدم، إذ إنّ الحمض الخلّي قد يُخفِّض سكر الدم عبر منع الهضم الكامل للنشويات المعقّدة الذي يُسرِّع عملية إفراغ المعدة ويزيد دخول السكر إلى أنسجة الجسم. وتُشير إحدى النظريات العلمية إلى أنّ الخلّ قد يخمد عمل الإنزيمات الهضمية التي تُفكِّك النشويات المعقّدة وتحولها إلى سكر ينساب بسهولة إلى مجرى الدم. وهذا ما يمنح الجسم مزيداً من الوقت لسحب السكر من الدم، وبالتالي يمنع ارتفاع معدّل سكر الدم، ثمة العديد من الأبحاث العلمية المُحْكَمَة التي تدعم أيضاً استخدام خلّ التفاح كعلاج للسكري.
ووجدت إحدى الدراسات أنّ العلاج بخلّ التفاح حسَّن من مستوى الحساسية للإنسولين لدى 19 في المئة من المشاركين المصابين بداء السكري من «النوع 2» و 34 في المئة لدى مَنْ هم في المرحلة السابقة لداء السكري.
وكذلك وجدت دراسة أخرى أنّ تناول ملعقتين كبيرتين من خلّ التفاح قبل النوم يُخفِّض مستويات سكر الدم صباحاً لدى أولئك المصابين بداء السكري من «النوع 2» بنسبة 6 في المئة.

صحة القلب
حمض الكلوروجينيك» (chlorogenic acid) الموجود بمستوياتٍ عالية في خلّ التفاح قد يكبح تأكسد «الكوليسترول السيّئ» (LDL) ويُحسِّن الصحة ويمنع أمراض الشرايين كما يدعم خلّ التفاح صحة القلب بوسائل شتى. فمركّبات «البوليفنول» (polyphenols) على غرار «حمض الكلوروجينيك» (chlorogenic acid) الموجود بمستوياتٍ عالية في خلّ التفاح قد تكبح تأكسد «الكوليسترول السيئ» (LDL) وتحسِّن الصحة وتمنع أمراض شرايين القلب وذلك كما جاء في دراسة نشرتها «مجلة علوم الغذاء» Journal of Food )Science)، والتي وجدت أنّ خلّ التفاح قد يُخفِّض الكوليسترول في الفئران المخبرية، فيما خلصت دراسة أخرى على الفئران إلى أنّه في الإمكان تخفيض ضغط الدم بفضل حمض الأستيك الموجود في الخلّ. كما تبيّن أنّ الخلّ يُخفِّض مستويات الدهون الثلاثية «التريغلسيريد» (triglyceride) ومستويات الكوليسترول السيّئ العالية جداً (VLDL) (والمدمّر جداً) وذلك في دراسات أُجريت على الحيوان.

خفض الوزن
يساعد خلّ التفاح أيضاً على فقدان الوزن بسبب تأثيره المضاد للسُّمنة عبر زيادة التشبّع أو الإشباع (satiety) وخفض الكمية الإجمالية للطعام المستهلك. فعلى سبيل المثال، حينما استهلك متطوّعون في إحدى الدراسات كمية صغيرة من خلّ التفاح مع وجبة غنية بالنشويات (كعكة محلّاة وعصير)، استهلكوا كمية أقل من الطعام في ما تبقَّى من النهار. وهذا الخفض في كمية الطعام المتناول يُوازي 200 إلى 275 سعرة حرارية في اليوم، وهي كمية قد ينتج منها فقدان للوزن شهرياً يصل إلى كيلوغرام واحد. وإضافة إلى ذلك، وجد بحثٌ منفصل أنّ تناول الخلّ مع الخبز لا يُخفِّض الغلوكوز واستجابات الأنسولين فحسب بل يُضاعف مستويات الإشباع المرتبط مباشرة بمستوى حمض الأستيك.

خل التفاح جزء من صيدلية المنزل ومن المطبخ الطبيعي
خل التفاح جزء من صيدلية المنزل ومن المطبخ الطبيعي

الجيوب الأنفية والحنجرة
يساعد خلّ التفاح على تفكيك وتخفيض المخاط في الجسم بما يُسهِم في تنظيف الجيوب الأنفية، كما له خصائص مضادة للبكتيريا بما يجعله مفيداً للإلتهابات. وهذه الخصائص قد تكون ذات فائدة للحنجرة المُلتهبة أيضاً. حيث تُغَرْغَر الحنجرة بنحو ثلث كوب من خلّ التفاح ممزوجاً بمياه دافئة حسب المقتضى.
يعالج خلّ التفاح أيضاً المشاكل الهضمية، من بينها «الحَرْقة» أو «ارتجاع العُصارات المَعِديّة» (Acid Reflux) من المعدة الناجم عن قلّة الحمض في المعدة لا كثرتها. وبالوسع تحسين مستوى الحمض في المعدة عبر تناول ملعقة كبيرة من خلّ التفاح الخام غير المرشَّح في كوب كبير من الماء يومياً. فمادة «البكتين» (pectin) في خلّ التفاح قد تساعد أيضاً على تهدئة تشنُّجات الأمعاء. فخلّ التفاح باختصار يُسهِّل الهضم ويحمي القولون، ويتّحد بالسموم الهضمية ويُسرِّع خروجها من الجسم.
من ناحية تخفيفه «ارتجاع العُصارات المَعِديّة»، تكمن المفارقة في أنّ حموضة خلّ التفاح تتحوَّل إلى مادة قلوية في المعدة تخفف حموضتها. مثال على ذلك الليمون الحامض، فهو شديد الحموضة لكنّه يُنتِج بعد الهضم والتمثيل الغذائي مادةً قلوية، في حين أنّ اللحم الذي يبدو قلوياً قبل الهضم، يترك مادة حمضية جداً في الجسم، كشأن جميع المنتجات الحيوانية.

مكافحة الإرهاق
بسبب اشتماله على البوتاسيوم والأنزيمات، فإنّ خلّ التفاح يُسهِم في التغلُّب على الإرهاق. وإضافة إلى ذلك فإنّ الأحماض الأمينية في هذا الخلّ قد تُسهِم في منع تراكم «حمض اللكتيك» (lactic acid) في الجسم بما يقي من الإرهاق أيضاً.

الجلد والثالول (الثؤلول)
يُعتبر خلّ التفاح علاجاً ناجحاً لمجموعة من اعتلالات البشرة، بدءاً من لذعات الحشرات والتحسُّس للنباتات وصولاً إلى حروق الشمس، ويمكن وضعه مباشرة فوق المنطقة المصابة أو الاستحمام بمياه وُضِعَ فيها كوبٌ من خلّ التفاح.
كما إنّ وضع خلّ التفاح على الجلد قد يساعد في إزالة التُؤلول (وهو نمو جلدي قاسٍ يظهر عادة في الأيدي والأقدام) وذلك بفضل المستويات العالية من حمض الأستيك.

إستخدامات منزلية
هناك أيضاً فوائد عديدة لاستخدام خلّ التفاح المكرّر في المنزل، ولاسيّما كمُعقِّم قاتل للجراثيم والبكتيريا. فإحدى الدراسات وجدت أنّ حمض الأستيك قد يقضي على بكتيريا «الإكولي» (E. coli)، فيما وجد بحث آخر أنّ حمض الأستيك، وعصير الليمون الحامض، أو المزيج من الاثنين قد يكون فعّالاً ضد جرثومة «السلمونيلا» (salmonella)، كما ويُستخدم خلّ التفاح أيضاً كعاملٍ طبيعي لتنظيف الفواكه والخضار وتعقيمها من البكتيريا.

إستخدامات تجميلية
لخلّ التفاح دورٌ أيضاً في النظافة الصحية والجمال، وتنظيف الشعر، وموازنة رطوبة جلدة الرأس، وإنعاش البشرة، كما ينفع كقاتل للبكتيريا المُسبِّبة للرائحة الكريهة تحت الإبط وفي القدمين.
والغرغرة بخلّ التفاح المُخفَّف بالماء قد يساعد على إزالة رائحة الفم الكريهة ويُبيِّض الأسنان. وبالطبع لا بدّ من تخفيف الخلّ بكمية من الماء حتى لا يؤذي جدار المعدة في حال ابتلاعه.

السرّ في الحموضة
حموضة خلّ التفاح مفيدة جداً للصحة حيث تزيد من فعالية حموضة البول وتمنع إلتهابات المسالك البولية، كما إنّ هذه الحموضة قد تقِي من الرشح و«إلتهاب الجيوب الأنفية» (sinusitis)، وآلام الأعصاب (neuralgia)، واعتلالات هضمية، وأوجاع الرأس والعديد من الأمراض. وحموضة خلّ التفاح القوية قد تُفكِّك مخزون تراكمات الكالسيوم في غضاريف الجسم لدى مرضى الروماتيزم وإلتهاب المفاصل، خصوصاً إذا ما مُزِجَت مع العسل.

إكسير الخلّ والعسل
نعم، يمكن للمزجِ بين خلّ التفاح والعسل أن يُثمر عدداً من الفوائد الصحية المعروفة على نطاقٍ واسع. وقد استُخدم على مرّ التاريخ كعلاج للعديد من الأمراض، وكإكسير مضاد للشيخوخة. وكذلك عُرِفت خصائصه المطهّرة المخففة للإلتهاب والمزيلة للسموم من الجسم، وكمضاد حيوي ومعقّم طبيعي يقتل الجراثيم والبكتيريا.
وباختصار، تشمل الأمراض التي يمكن لمزيج خلّ التفاح والعسل معالجتها كلّاً من: الشيخوخة المُبكرة، السُّمنَة، التسمُّم الغذائي، الإرهاق، «ارتجاع العُصارات المَعِديّة» أو «الحَرْقة»، تشقُّق الأظافر، رائحة الفم الكريهة، إلتهاب المفاصل، وضغط الدم العالي، والكوليسترول العالي، والأكزيما.
وكلّ ما علينا القيام به لصنع هذا الإكسير العجيب هو أن نمزج ملعقة كبيرة من خلّ التفاح وملعقة كبيرة من العسل ونذوِّبهما في كوب من الماء.

أفضل أنواع خلّ التفاح
أفضل أنواع خل التفاح وأكثرها احتواء على الفوائد الصحية والعلاجية هو المصنوع من ثمار التفاح المنتجة بطريقة الزراعة العضوية أي من دون استخدام الكيماويات أو المبيدات السامة. وهذه النقطة أساسية لأن تصنيع الخل من التفاح المنتج بالوسائل التقليدية قد لا يحمل الفائدة نفسها بل قد يترك في الخل رواسب من المبيدات المستخدمة لأن هذه تبقى لفترة بعض قطاف الثمرة خصوصاً عند استخدام المبيدات الجهازية Systemic التي تدخل إلى قلب الثمار وعصارتها.
كذلك، فإن خل التفاح يكون أطيب اذا صنع من التفاح غير المروي (بعل) لأن شجرة التفاح البعلية تعطي ثماراً في غاية الحلاوة وذات لب متماسك ومشبع بالعصارة المغذية ولهذا فإنها عندما تتخمر في الإناء تنتج خلاً طيب المذاق ومفعماً بالرائحة الزكية، كما إن هذا الخل يعطي طعماً هو مزيج من الحلاوة والنكهة العطرية والحموضة المميزة للخل، فهو سلس المذاق ويمكن تناوله بسهولة يومياً في قدر من الماء كعلاج وقائي أو على سبيل صيانة الجهاز وجهاز المناعة.
نصيحتنا أيضاً أن يتم المزج بين التفاح الأصفر المعروف Golden delicious وأنواع التفاح الأحمر ولاسيما ذي النكهة العطرة مثل الغالا والفوجي والستاركن الغامق الحمرة لأن الخل الناتج عن ذلك يكون لونه زهرياً محمراً وهو يختلف عن أنواع الخل الباهتة اللون التي تباع في السوق.
ملاحظة: من الأفضل عدم صنع الخل من التفاح الحامض أو الموشح الذي ينضج باكراً لأنه لا يتمتع بالحلاوة وهو ينتج خلاً ذا طعم «مزّ» أي غير حلو وهذا الخل له الخصائص العامة لخل التفاح ويمكن استخدامه في السلطات أو كبيس الخضار لكن قد لا يكون لذيذاً لتناوله كشراب علاجي كطعم الخل المنتج من التفاح الحلو.

كيفية صنع خل التفاح
إذا كان لديك حقل تفاح فإنه من الممكن صنع الخل من التفاح المتساقط عند موسم النضج، وعادة ما تكون هذه الثمار قد أصيبت بالتسوس الجزئي الأمر الذي سبب سقوطها، لكنها عادة عالية الحلاوة ويمكن استخدام معظمها في إنتاج الخل وهذا الحل اقتصادي لأنه يوفر وسيلة لتدوير التفاح المتساقط بدل رميه أو إعطائه للماشية. إذا كان عليك أن تشتري التفاح فابحث عن الإنتاج البعلي والعضوي ولا تقبل بأقل من الإنتاج العضوي حتى ولو كان التفاح مروياً.
بعدها يجب غسل التفاح جيداً والاحتفاظ بقشره وتنظيفه من البذور ثم تقطيعه حزوزاً صغيرة وهناك من يقوم حسب الطريقة الروسية ببرش التفاح، ثم يوضع التفاح المقطع في مراطبين من الزجاج سعة 20 لتراً أو أكبر والمهم أن لا تضع الخل في مستوعبات بلاستيكية فهذا سيىء جداً لأن حامض الخل سيتفاعل مع البلاستيك ويصبح ملوثاً بمادة الـ BPA المسرطنة ومن أعجب العجائب أن الخل يباع في التعاونيات والسوبرماركت في قوارير بلاستيكية!! بدلاً من الزجاجية كما هو المفترض. فإن وجدت الخل في قوارير بلاستيكية فلا تمسّه وأبعده عن أسرتك.
يترك التفاح المقطع أو المبروش في المراطبين الزجاجية لمدة لا تقل عن 60 يوماً وكلما كانت المدة أطول كلما زادت حموضة الخل وتحسنت خصائصه ينقل محتوى المراطبين الذي يكون قد أصبح متخمراً ومتحللاً إلى أكياس من الخام توضع داخل طنجرة ستانليس كبيرة ويوضع الكيس على طنجرة مقلوبة داخل الطنجرة الكبيرة بحيث يتاح للعصير الذي أصبح خلاً أن يتجمع بصورته المصفاة في قعر الطنجرة الأم. ومن الأفضل تثقيل الكيس بأوزان مثل البلاط أو حجر صخري كبير لأن ذلك يساعد على «عصر» الخل من الكيس وتصفيته في وقت أسرع.
عندما تتأكد من أن كل الخل قد نضح من الكيس إلى الطنجرة يرفع الكيس ويلقى بالتفل في جورة الكمبوست أو ببساطة يوضع على الأشجار. أما الخل الذي يكون قد تجمع في الطنجرة فيترك يوماً أو بضعة أيام لكي يرقد تماماً ثم يؤتى بمغرفة ستانليس وبقناني نصف لتر (تباع في أكثر التعاونيات والبقالات الكبيرة) ويغرف الخل بعناية من الطبقة العليا ثم يسكب في القناني بواسطة قمع مخروطي (يفضل قمع من الستانليس لكن أي قمع يمكن أن يؤدي الغرض).
بعد ذلك توضع قناني خل التفاح في صناديق الكرتون التي تباع فيها أصلاً وتحفظ في مكان بعيد تماماً عن الضوء ويتمتع بشيء من الحرارة المعتدلة أو البرودة (القبو إذا وجد أو في مستودع المونة المعتم).
كما سبق القول، فإن زجاجة الخل قد يتشكل فيها بعد فترة نوع من التجلط السميك الذي يعوم داخل القنينة وهذا التجلط يدعى «أم الخل» وهو أفضل دليل على أن الخل ذو نوعية جيدة، ويجب تناول الخل من القنينة مع ترك «أم الخل» فيها لأن هذه الكتلة السميكة نوعاً هي ما تعطي للخل خواصه الممتازة

دكتور OZ
دكتور OZ

 

ماذا يقول دكتور OZ
عن خل التفاح

يقول الدكتور أوز OZ وهو صاحب أشهر برنامج طبي في الولايات المتحدة أن خل التفاح له خصائص خافضة لمعدل السكر في الدم شبيهة جداً بأدوية السكري مثل المتفورمين، من المفيد بالتالي تناول ملعقة أو اثنتين من خل التفاح في كأس ماء قبل وجبة غنية بالكاربوهايدرات. ويضيف. الدكتور أوز أن خل التفاح يحمي القلب من الكولِيسترول السيىء LDL الذي يتسبب في تصلب وانسداد شرايين القلب، كما إن دهون استبدال الصلصات الغنية بخل التفاح وزيت الزيتون يمكن أن يساعد في خفض الوزن، ويمكن لربة المنزل إعداد صلصات للسلطة مكونة من خل التفاح والأعشاب وزيت الزيتون.
كما إن خل التفاح حسب الدكتور OZ يقتل البكتيريا ولا سيما تلك المسببة لتهيج الحلق والتهاب اللوزتين، لكن الدكتور أوز ينبّه إلى عدم الإفراط في تناول خل التفاح أو أي نوع آخر من الخل لأنه في النهاية مركب حامضي Acidic وبالتالي قد يؤثر تناوله بكثرة (طمعاً في فوائده) على المعدة أو المريء. وفي جميع الحالات لا ينصح بتناوله لمن يشكو القرحة في أي منهما.

مخاطر الجلوس الطويل

النظرية العلمية التي صدمت العالم وقد تغيِّر أسلوب حياتنا

اذا كنت تفكر أن الجلوس يريح
فكر مجدداً: الجلوس يقتل

مئات الشركات وعلى رأسها «غوغل» بدّلت طرق عملها
واعتمدت إجراءات أهمها المكتب المصمم للعمل وقوفاً

البشر لم يعرفوا في تاريخهم الجلوس لفترات طويلة
وكان يومهم موزعاً بين الوقوف والحركة والنوم المبكر

في المجتمعات الزراعية متوسط الجلوس 3 ساعات يومياً
وفي المجتمعات المعاصرة يتراوح ما بين 13 و15 ساعة

أظهرت نتائج الدراسات العلمية والطبية التي تجري منذ سنوات أن الجلوس لفترة طويلة خلال اليوم يسبب ضررا بالغا لصحة الفرد ويتسبب بعدد كبير من الأمراض بما فيها زيادة الوزن ومرض السكري وارتفاع ضغط الدم وغيرها.
وجاء في خلاصة بعض تلك الدراسات أن المرء اذا جلس لمدة ساعة من دون انقطاع، فإنه يكون قد جلس طويلا وعرض نفسه للمضاعفات التي باتت تنسب إلى الجلوس الطويل. والنتيجة هي أنه لا يجوز أن تجلس أكثر من 50 دقيقة متواصلة من كل ساعة بل من الأفضل لك حسب نصيحة الباحثين أن تجلس أقل مدة ممكنة، بل حاول أن لا تجلس أكثر من ساعة يوميا.. وقد تظن أن تطبيق هذه النصيحة ليس ممكناً لكن مئات الألوف حول العالم بدأوا يعملون بها من خلال عدد من الوسائل والتغييرات التي أدخلوها على نمط حياتهم اليومية، وأخصها إدخال المكاتب المصممة للعمل وقوفاً.
في المقابل، أظهرت الدراسات التي جرت حول نمط الحياة في البيئة الزراعية أن الذين يعيشون في القرى الزراعية يجلسون حوالي ثلاث ساعات يومياً، بينما يبلغ معدل ساعات جلوس المواطن الأميركي الذي يعمل في المكتب ما بين 13 الى 15 ساعة (إذا أضيفت إلى ساعات الجلوس خلف المكتب ساعات الإسترخاء عند مشاهدة التلفزيون أو العمل على الكمبيوتر المحمول في البيت).
اللافت هو تأكيد الدراسات الطبية على أن تمتعك بصحة جيدة وحتى قيامك بالتمارين الرياضية لا يضعفان احتمال التعرّض للموت المبكر أو العجز بسبب عدم الحراك.
قد يصاب البعض بالدهشة عند قراءة هذه المعلومات، ولكن ما يقوله الدكتور «لفين» في كتابه «انهض:لماذا تتسبب كرسيك بهلاكك وكيف يمكن أن تتحاشى ذلك» حظي بدعم واسع من قبل عدد كبير من الباحثين.

الجلوس الطويل يهدد صحتكa
الجلوس الطويل يهدد صحتكa

عاصفة انتقادات
إن أي فكرة أو وجهة نظر جديدة، حتى ولو استندت إلى العلم، غالباً ما تلاقي مقاومة وعدم تصديق في بداية الأمر. فهؤلاء الذين اطلعوا على نتائج الأبحاث العلمية حول مخاطر الجلوس اعتبروا أن هناك خللاً ما في هذا الطرح، إذ كيف يمكن لنشاط طبيعي مثل الاسترخاء أو الجلوس أن يكون سبباً للأمراض وحتى تقصير عمر الإنسان؟ أليس الجلوس هو أبسط نشاط يقوم به الإنسان منذ القدم!
نتيجة للميل الطبيعي لعدم تصديق نظرية ثورية كهذه تعرّض الدكتور لفين في البدء لموجة من الانتقادات بل الإستهجان وكان مجرد التلميح بكون الجلوس في حد ذاته شديد الضرر، بل ويهدّد الحياة، كشفاً صادماً لم يرد أحد أن يصدقه، حتى أن زملاء الدكتور لفين في المؤسسة الطبية الشهيرة «مايو كلينيك» Mayo Clinic بعثوا برسائل الى كبار اعضاء الهيئة الادارية في المؤسسة يعربون فيها عن شكّهم بأن يكون لفين مصاباً باضطراب وأنه بحاجة إلى تقييم نفسي!!.
أما الآن، وبعد أن أتيح لمعاهد الأبحاث وللأطباء تفحص استنتاجات الدكتور لفين والقيام بأبحاث مستقلة أكّدت صحة ما توصل إليه، فقد تكوّن رأي عام واسع في الأوساط الطبية يؤيد نظرية مخاطر الجلوس، بل إن النتائج التي توصل إليها الدكتور لفين والتي لخصها في عنوان كتابه «إنهض» تحوّلت إلى مبادئ بدأت تأخذ بها الشركات من خلال التشجيع على تخفيف الجلوس الطويل أو إدخال مكاتب العمل وقوفاً إلى مكان العمل لديها، ومن بين أشهر الشركات التي بدأت في تطبيق نتائج الأبحاث حول مخاطر الجلوس شركة «غوغل» التي يعمل لديها نحو 55,000 موظف، وبالطبع عندما تأخذ شركة عالمية مثل «غوغل» نتائج تلك الأبحاث على محمل الجدّ فإنها تقدم دعماً كبيراً لتلك النظرية يجعل من الصعب تجاهلها. ومنذ ذلك الوقت، نُشِرت عشرات الأبحاث الرئيسية التي أيّدت نتائج أبحاث الدكتور لفين، وظهرت الحقيقة الدامغة وهي أن الجلوس يؤثر سلباً على الصحة، وأن من الضروري بالتالي البدء في تغيير نمط الحياة الذي طورناه بسبب سيطرة نظام المكاتب ثم دخول التلفزيون ووسائل التسلية الإلكترونية.
لقد أصبح على الناس أن يتعاملوا مع الجلوس في حد ذاته كأمر مغاير لطبيعة الجسم البشري المعتاد منذ القدم على العمل والحركة الدائمة. ومعروف أن الأقدمين، وحتى انتشار الحضارة الصناعية وانتقال ثلث البشر للعيش في المدن، كانوا يمضون معظم يومهم في العمل في الأرض أو في الرعي أو في أعمال البناء وغيرها من الحرف أو في صيد الأسماك أو في التنقل أو غيرها من النشاطات التي تتطلب جميعها السير أو الوقوف مع الحركة وليس الجلوس، وكانوا عند انتهاء يوم العمل الشاق يرتاحون قليلاً ثم يخلدون إلى النوم المبكر، أي أن حياة الأفراد، بما في ذلك النساء، كانت موزّعة بين العمل ساعات في وضعية الوقوف وبين فترات الطعام ثم الإخلاد إلى النوم المبكر. فلم يكن هناك دواع للجلوس بإستثناء فترات الطعام أو المسامرة في العشاء، أي أن ما أصبحنا نعتبره أمراً طبيعياً (أي الجلوس شبه الدائم) ليس في حقيقته كذلك بل هو شواذ على القاعدة التي سارت عليها البشرية لألوف السنين.
لقد كان الإستنتاج العلمي بأن التمارين الرياضية غير قادرة على حمايتنا من أخطار الجلوس لمدة طويلة صدمة لكثيرين فعلاً لأنه يظهر أن مساوئ الجلوس الطويل لا يمكن التعويض عنها بعادة التمارين اليومية مثل تمضية نصف ساعة أو أكثر على منصة المشي السريع الكهربائية Treadmill وبالتالي فإن إبعاد شبح الأمراض الذي قد يسببها الجلوس الطويل غير ممكن إلا بحل واحد هو بكل بساطة: عدم الجلوس لفترات طويلة.

زراعة-الأرز-في-النيبال---نظام-حياتنا-منذ-القدم-لم-يعرف-الجلوس-إلا-للراحة-بعد-العمل
زراعة-الأرز-في-النيبال—نظام-حياتنا-منذ-القدم-لم-يعرف-الجلوس-إلا-للراحة-بعد-العمل

أمراض الجلوس الطويل
يقول الدكتور لفين إن هناك اربعة وعشرين مرضاً مزمناً يتسبب بها الجلوس لمدة طويلة. ويشرح ذلك بالقول إنه عندما تجلس لمدة طويلة ثم تنهض، فإنه وبعد مرور 90 ثانية على نهوضك تتحرك آلية تنشط الجزيئات على مستوى الخلايا التي تعالج سكر الدم، الدهنيات، والكولسترول، كما تنشط خلايا العضلات. ان تحريك هذه الآلية بمجرد الوقوف وبالتالي تنشيط الجزيئات على مستوى الخلايا هو الذي يساهم في تحصين الجسم ضد كل هذه الأمراض.
ان تنشيط جزيئات الخلايا ينتج بكل بساطة بسبب حمل ساقيك لوزن جسمك. هذه الجزيئات هي التي تزود جسمك بالطاقة. هذا منطقي جداً يقول الدكتور لفين، ان جسم الانسان مصمم ليكون ناشطاً طوال اليوم وليس ليحشر داخل كرسي، الأمر الذي يتسبب بتوقف آلية جزيئات الخلايا. بالتأكيد نحن بحاجة إلى الراحة من وقت إلى آخر، ولكن يجب أن لا تكون الراحة هي أسلوب حياتنا. وبهذا المعنى فإن وضعية الجلوس غير الطبيعية هذه لا تؤذي فقط ظهرك ومعصميك وذراعيك بل تتسبب بتباطؤ عمل الأجهزة الاساسية التي تزود الجسم بالطاقة والتي توفق بين ما يجري داخل الأوعية الدموية مع ما يجري داخل العضلات والخلايا.
ان وضعية الجلوس هذه هي التي تسبب بارتفاع مستوى سكر الدم وارتفاع مستوى ضغط الدم وارتفاع معدلات الكولسترول وارتفاع نسبة السموم التي تسبب مرض السرطان.
الذين اعترضوا على نظرية مخاطر الجلوس الطويل كانوا يتجاهلون أو كانوا قد نسوا أن الإنسان لم يعرف الجلوس الطويل في المجتمعات الزراعية، وأن هناك فرقاً شاسعاً بين مدة الجلوس الطبيعية بعد العمل في الأرض مثلا وبين مدة الجلوس العصرية غير المناسبة. لذلك عندما نحاول أن نحدّد المدة الدنيا للوقوف خلال اليوم، يجب أن ندرك أننا نتعامل مع مسألة صحية في منتهى الأهمية. ويقترح بعض الخبراء ان نتخذ وضعية الوقوف لمدة عشر دقائق على الأقل بعد الجلوس لمدة خمسين دقيقة متواصلة. لكن الدكتور مركولا يعتقد أن هذه المدة لاتكفي وأنه يجب أن نحافظ على وضعية الوقوف لأطول مدة ممكنة والمهم هنا أن نحاول أن لا نجلس أكثر من ثلاث ساعات يومياً.
يقول الدكتور مركولا عن تجربته في تغيير نمط عمله الذي أصبح في أكثره وقوفاً: “كنت شغوفاً جداً بممارسة الرياضة طوال خمسين عاماً، وما زلت أتمتع بلياقة بدنية ممتازة ولكنني قمت بتعديل طريقة حياتي بناءً على نتائج الأبحاث حول الجلوس ومخاطره. والتعديل الأهم هو أنني أجلس الآن لأقصر مدة ممكنة وأطمح لأن أجلس اقل من ساعة يوميا، ولقد تمكنت من خفض المدة الني امضيها يوميا بوضعية الجلوس في الايام العادية – والتي كانت تتراوح ما بين 12 و14 ساعة – الى أقل من ساعة يومياً. يضيف الدكتور مركولا أنه وبعد قيامه برحلة استغرقت أسابيع طويلة قطع فيها مسافات شاسعة سيراً على الأقدام لاحظ امراً مدهشاً إذ زال وجع الظهر الذي عانى منه لسنوات. يقول:” لقد جربت سابقاً الاطباء المختصين بتقويم العظام، جميع أنواع تمارين الظهر، ولم أشعر بأي تحسن لغاية قيامي بهذا التمرين ثم خفض ساعات الجلوس بطريقة جذرية، وأنا مندهش كيف غاب عني هذا المبدأ الصحي الهام طوال هذه السنين”.
يختم بالقول: أنا على أتمّ القناعة بأن مزيجا من النشاط الرياضي والسير لمدة 9 كلم يومياً، وتحاشي الجلوس بقدر الإمكان هو أفضل طريقة للتمتع بلياقة بدنية جيدة وحياة سعيدة خالية من المرض والمنغصات..

ما الذي يمكننا أن نقوم به في مكان العمل؟
تشير دراسات عديدة الى أن الشركات التي تسمح لموظفيها بالوقوف بدلاً من الجلوس أثناء قيامهم بعملهم تزيد من انتاجيتها اضافة الى تحسين وزن موظفيها.
ما يقوله الدكتور لفين في هذا الخصوص: “من أجل ايجاد حل قابل للتطبيق في الشركات الاميركية، طورنا عدة طرق يمكن بواسطتها خفض عدد ساعات الجلوس في المكتب. مثل بسيط: اذا كانت لديك شركة يتطلب عمل موظفيها عقد عدة اجتماعات يومياً، فإن احدى التوصيات التي اقترحناها هي أن تعمد هذه الشركة إلى تطوير نظام يسمح للموظفين بعقد اجتماعات بأسلوب المشي في القاعة. فإذا تمكّنا من تحويل ثلاثة من الإجتماعات اليومية الى اجتماعات “سر وتكلم” نكون قد استبدلنا ثلاث ساعات من الجلوس بثلاث ساعات من السير. وبصورة عامة لا بدّ من أن نضع حلولاً تمكّن الناس من الوقوف ثلاث ساعات إضافية يومياً على الأقل.
بعد هذه المعلومات عن مخاطر الجلوس لمدد طويلة نعرض هنا لنتائج دراسة مطولة قام بها أربعة من الخبراء الأميركيين حول الموضوع وهم عرضوا لتلك المخاطر على الشكل التالي:

نظام-الدراسة-وقوفا-يدخل-المعاهد-باعتباره-يعزز-الانتباه-ويساعد-التلامذة-على-خسارة-الوزن-الزائد
نظام-الدراسة-وقوفا-يدخل-المعاهد-باعتباره-يعزز-الانتباه-ويساعد-التلامذة-على-خسارة-الوزن-الزائد

 

أمراض القلب
عند الجلوس لفترة طويلة، تحرق العضلات كمية أقل من الدهون ويتباطأ تدفق الدم مما يسمح للأحماض الدهنية بالتراكم وتضييق شرايين القلب بسهولة. وهناك ارتباط بين الجلوس لمدة طويلة بإستمرار وارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستوى الكولسترول وأمراض القلب.

البنكرياس
ينتج البنكرياس الأنسولين، وهو الهورمون الذي ينقل السكر الى الخلايا لتزويدها بالطاقة. لكن الخلايا في العضلات الساكنة لا تستجيب بسرعة للأنسولين مما يجعل البنكرياس ينتج كميات أكبر من الأنسولين الأمر الذي يتسبب بمرض السكري وأمراض أخرى.

سرطان القولون
إن الجلوس لفترة طويلة بإستمرار قد يسبب سرطان القولون. ورغم وجود العلاقة لهذا المرض بالجلوس الطويل فإن السبب الفعلي غير واضح ولكن هناك نظرية تقول إن الافراط في انتاج الانسولين عندما تكون العضلات ساكنة، يعزز نمو الخلايا الخبيثة في الأمعاء الغليظة..

ضعف وتلف العضلات
عندما نجلس في كرسي دون حراك لفترة طويلة نحن لا نستخدم عضلاتنا ومع مرور الزمن تضعف تلك العضلات وتتعرض للوهن.

إرهاق الوركين
الوركان المرنان نتيجة المشي أو الوقوف يحافظان على توازن الجسم. ولكن الاشخاص الذين يجلسون لفترة طويلة باستمرار لا يحركون عضلة الورك الأمامية القابضة وهذا يتسبب بقصرها وتشنجها. وتشير الدراسات الى أن النقص في مرونة عضلة الورك القابضة هو سبب رئيسي في سقوط كبار السن.

مشاكل الساق
الجلوس لفترات طويلة من دون حراك يبطئ حركة الدورة الدموية مما يؤدي الى تجمع السوائل في الساقين الأمر الذي يسبّب مشاكل متعددة كالدوالية، تورم أو انتفاخ الكاحلين، والتخثر أو الجلطة.

نسبة الخطر عدد ساعات مشاهدة التلفزيون
4% 1-2
14% 3-4
31% 5-6
61% 7 +

 

ترقق العظام
ان النشاطات التي تحمل خلالها الساقان ثقل الجسم كالمشي العادي أو السريع تنشط عظام الوركين وعظام الجزء السفلي من الجسم بحيث تزداد سماكتها، كثافتها، وقوتها. ويعزو العلماء تزايد حالات ترقق العظام لقلة النشاط الجسدي.

آثار على الدماغ
العضلات المتحركة تضخ باستمرار الدم النقي والاوكسيجين للدماغ وتطلق جميع انواع الناقلات الكيماوية التي تنشط الدماغ وتحسن المزاج. عندما نجلس لفترات طويلة تتباطأ جميع الوظائف بما فيها وظيفة الدماغ.

التواء وتشنج العنق
اذا كنت تقوم بمعظم عملك وأنت جالس خلف مكتب، فإن حني عنقك الى الأمام نحو لوحة مفاتيح الكومبيوتر وإمالة رأسك لاستخدام الهاتف أثناء قيامك بالطباعة، سيتسببان باجهاد الفقرة العنقية وبخلل دائم في التوازن.

تشنج الظهر والاكتاف
عندما نجلس على مقعد بطريقة مترهلة، نحن لا نحني رقبتنا فقط بل نحني كتفينا أيضاً، وهذا يتسبب باجهاد لعضلات الظهر والكتفين وخاصة العضلات التي تربط العنق بالكتفين.

عمود فقري غير مرن
عندما نتنقل، تتمدد وتتقلص الأقراص الفقرية اللينة كالإسفنج وتمتص الدم النقي والمواد المغذية اللازمة. ولكن عندما نجلس لفترة طويلة دون حراك، تنسحق الأقراص الفقرية اللينة بطريقة غير متعادلة مما يتسبب بتصلب الكولاجين حول الأوتار والأربطة الداعمة.

التلفزيون وخطر الموت المبكر
أظهرت دراسات عديدة استغرقت حوالي التسع سنوات أن مخاطر الموت جراء مشاهدة التلفزيون تزداد بإزدياد عدد الساعات التي نقضيها في مشاهدة التلفزيون.
أفضل طريقة للجلوس
بناءً على الدراسات العديدة التي أجريت حول مخاطر الجلوس فقد تمّ التوافق بين الخبراء والباحثين على مجموعة من النصائح حول أفضل وضعية للجلوس في حال الاضطرار إلى ذلك مع العلم أن القاعدة الآن هي تجنبّ الجلوس قدر الإمكان، وربما ليس أكثر من ساعة أو ساعتين، واعتماد مكاتب مصممة للعمل وقوفا، وهذا النوع من «مكاتب الوقوف» Standing desks بدأ ينتشر بصورة كبيرة في الشركات، لكن إلى أن يتسنى لك اللحاق بركب العلم وشراء مكتب مخصص للعمل وقوفاً (أنظر الموضوع المرفق) فإن الخبراء والأطباء ينصحون باعتماد القواعد التالية في الجلوس أثناء العمل:
• اجلس بوضعية مستقيمة مواجهاً شاشة الكمبيوتر
• لا تنحني الى الأمام عند الكتابة أو عند إجراء أي عملية على شاشة الكمبيوتر
• إجعل الاكتاف مسترخية ولا تتركها تتشنج لا شعورياً
• الأذرع يجب أن تكون بمحاذاة الجسم
• إدعم القسم السفلي من الظهر (وسادة أو ما شابه)
• إحرص على أن تكون الأقدام ملامسة للأرض

اضافة الى هذه التعليمات يوصي الخبراء بالتالي:
• الجلوس على كرسي من غير مسند للظهر
• تمديد العضلات القابضة للوركين ثلاث دقائق لكل جهة يومياً
• المشي لأطول مدة ممكنة خلال متابعة برامج التلفزيون. (اغتنم فرصة الإعلانات لتقوم من مكانك!).
• حاول أن تمزج بين الوقوف والجلوس في مكان عملك واذا لم يكن ذلك ممكنا، حاول أن تمشي بضع دقائق كل نصف ساعة.

خاتمة
إن النتيجة الأساسية التي لا بدّ من استخلاصها من هذا المقال هي أن علينا إحداث تغيير جذري في نمط عيشنا وأن نبدأ البحث عن أسلوب لخفض ساعات الجلوس في المكتب وربما أن ننتقل إلى استخدام مكتب العمل وقوفاً، وتخفيف الجلوس على الصوفا في مقابل التلفزيون. يجب أن نقاوم إغراء إلقاء ثقلنا على الكنبة والاسترخاء، فهذه النزعة مثقلة بالمخاطر كما اتضح وأن نعتاد على حياة أكثر نشاطاً ومع نسبة جلوس أقل بكثير.
وبالطبع فإن على كل منا أن يبحث عن الحل الذي يلائمه لكن الحد ّالأدنى هو الانتباه على الأقل لتغيير وضعية الجلوس إلى وقوف بين الفينة والأخرى وأن نكون على يقين بأن عادة الجلوس هي أسوأ العادات التي اكتسبناها من مجتمع الحضارة المعاصرة والمدن ونظام المكاتب وشاشة التلفزيون.

فوائد المكاتب المصممة للعمــــــل وقوفــــا

مكتب-العمل-وقوفا-هو-المستقبل
مكتب-العمل-وقوفا-هو-المستقبل

طوّر الدكتور لفين مكتباً على نسق آلة المشي يسمح للموظف الذي يستخدمه القيام بأعماله المكتبية أثناء ممارسة المشي، كما إن هناك نماذج مختلفة من المكاتب المصممة للعمل وقوفاً في الاسواق. وكان عدد من الأطباء والمختصين شككوا في البدء في أن تكون هذه المكاتب مناسبة صحياً، وذلك بسبب الاعتقاد الذي كان سائداً في السابق، بأن الوقوف مؤذ للصحة ولكن أصبحت هناك الآن قناعة عامة بأن الوقوف، والمكاتب المصممة للعمل اثناء الوقوف، هما الحل الأفضل. ولكن كيف نفسر ذلك؟
عندما يقف شخص ما خلف مكتب مصمم للعمل وقوفاً فإنه سيتخذ وضعية الوقوف لعدة ساعات خلال يوم العمل، ولكنه لن يقف ساكناً من دون حراك، إذ سيحصل عندها أمران: الأمر الأول هو أن الشخص الواقف عادة ما ينقل ثقل جسده من ساق الى أخرى كما إنه يغير وضع جسمه بإستمرار. ان حمل ثقل الجسم ونقله من ساق الى أخرى لهما عدة فوائد فيزيولوجية لعضلات، التوازن العضلي، كما إنه مفيد لتقوية قشرة الدماغ البصرية ومنشِّط للجزيئات الخلوية. الأمر الثاني هو أن الاشخاص الذين يعملون وقوفاً خلف المكاتب يعمدون الى المشي للتكلم مع زملائهم بدلاً من تبادل الحديث عبر البريد الإلكتروني كما إنهم عندما يحتاجون للتشاور بشأن العمل يميلون للمشي أثناء المحادثة.
يقول الدكتور لفين: «الوقوف من دون حراك غير مفيد للصحة، ولكن الخبر السار هو أنك عندما تعمل خلف هذا النوع من المكاتب، فإنك تتحرك بإستمرار بصورة لا شعورية، وبالأخص عند وجود موظفين آخرين يعملون معك في نفس القاعة. وعندما يقف عدد من الموظفين في مكتب فسيح فإنهم يخلقون مناخاً محفزاً للحركة».
يقول الدكتور مركولا: ان اقصى ما اتمناه هو ان يصبح الوقوف مع الحركة هما الوضعية السائدة في عمل الموظفين العاملين في المكاتب العصرية بدلاً من الوضعية السائدة حالياً وهي وضعية الجلوس وقلّة الحركة.

القرصعنة والهندبة البرية

القرصعنّة والهندباء البرية أميرتا الشتاء
غذاء ودواء فلا ترفعهما عن مائدتك

أســـلافنا أخـــذوا من البريـــــة خضـــــار الشتــــــاء
يـــوم لم يكن أحد يشتـري خضــاره من الســوق

تخصص «الضحى» في هذا العدد حلقة خاصة عن عشبتين برّيتين تزخر بهما جبالنا وهما أكثر الأعشاب شعبية خلال موسم الشتاء، إذ يقبل كثيرون على «تسليقهما» أي على نزعهما من الأرض ليس فقط لأن الأعشاب البرية مورد اقتصادي مهم للأسرة بل لأنها طعام لذيذ ودواء للكثير من الأمراض. على العكس من ذلك فإن أكثر الخضار التي نشتريها من السوق ملوثة بشتى أنواع الهورمونات والمبيدات الحشرية والفطرية القانونية وغير القانونية، لهذا السبب فإن في الإمكان جعل الأعشاب البرية التي تؤكل (وهي كثيرة) ركناً من الأركان التي تقوم عليها صحة أفراد الأسرة بمختلف أعمارهم ولاسيما الأطفال والكهول، بل إن من الأفضل لكل من يملك ارضاً تزرع أن يسعى إلى تكثير تلك الأعشاب عبر جمع بذورها في نهاية الموسم ونشرها في الأطراف والأماكن التي لا تطالها عملية الحرث. ومن حسن الحظ أن الأعشاب البرية أصبح لها قيمتها وهو ما يشجع كثيرين من الراغبين في دعم دخلهم على قطافها وبيعها عبر محلات الخضار، ما يجعل هذه النباتات المهمة في متناول قسم أوسع من جمهور المستهلكين.

القرصعنّة

قال عنها داود الأنطاكي:

تزيل السموم وتداوي الـربو والـسعال والـريـاح الغليظـة
والأورام مطلقاً والمغص وأمـراض الكبد والبلغم

موسم القرصعنّة على الأبواب، وغدا يتخذ أهل القرى في الجبل طريقهم إلى البراري يبحثون عن هذه العشبة الشعبية التي تجلس على موائد الكثيرين ابتداءً من أواخر تشرين الثاني وحتى بواكير الربيع حين تتبدل طبيعة العشبة الغضة إلى نبتة شبه شوكية تحمل أزهاراً زرقاء جميلة ثم إلى نبات شوكي تماماً يحمل أشواكاً نجمية مائلة إلى الزرقة الخفيفة.
يعتبر موسم القرصعنّة موسماً مهماً لأهل الجبل وهم يجمعون النبتة من البراري ولكن قسماً كبيراً مما يحصلون عليه منها ينبت في البساتين والأراضي الزراعية لكن في الأماكن والزوايا المهملة التي لا تطالها عملية الحرث السنوية. فالحرث غالباً ما يقتلع القرصعنّة من جذورها فلا تعود تنبت، وفي الأراضي التي يواظب على حرثها لا توجد النبتة إلا نادراً.
القرصعنّة أو الشنداب (وإسمها العلمي Eryngium) جنس نباتي عشبي يتبع الفصيلة الخيمية تنبت في الأراضي الجبلية التي تعلو عن سطح البحر بما في ذلك الأراضي المشمسة لكنها تحب بعض الظل والرطوبة إذ إن أوراقها الغضة تنمو عندها أكثر وتكون أطول وأعرض لكن القرصعنّة لا تنبت في الأحراج الكثيفة الظل. وموسم أكل القرصعنّة يقارب الشهرين وقد يطول أكثر إذا طال موسم الشتاء والبرد. والقرصعنّة تؤكل غضة مع الزيتون مثلما يؤكل الخس أو الهندباء كما تفرم وتخلط بالبصل المفروم والزيت والخل ليصنع منها سلطة لذيذة ومغذية جداً غالباً ما تقدّم مع طبق المجدّرة، وكنا نسمع جداتنا يصفن سلطة القرصعنّة بهذا الوصف:«أنا القرصعنّة كثروا لي زيتي وخلي وقدموني للملوك وانظروا بعد ذلك مكري وفني»!!
وهذا القول الشعبي الذي سمعناه من جداتنا سمعناه أيضاً ممن سبقهن مما يدلّ على التاريخ القديم لهذه العشبة في المطبخ الجبلي. ولا شك أن القرصعنّة كغيرها من الأعشاب البرية مثل الهندباء والزوريتي والبلعسون والكرات كانت لها أهميتها عندما كانت القرى تعيش اقتصاد كفاف وكان القرويون يعتبرون البرية مورداً اقتصادياً في موسم الشتاء فينقون أعشابها ويأتون بها الى الموائد. وكلنا يذكر أن أكثر القرى لم يكن فيها ربما إلا محل بقالة أو خضار أو محلين لأن الناس لم يكونوا يشترون خضرتهم من البقالين بل كانوا عموماً يزرعون ما يأكلون في الصيف ويعتمدون على البرية أو «السليقة» في الشتاء.
العديد من أهل الجبل يصنعون من القرصعنّة «تبولة» لذيذة إذ يفرمون العشبة فرماً دقيقاً ويضيفون إليها البندورة وعصير الحامض والزيت والقليل من البرغل الناعم وربما النعناع اليابس (لعدم توفره غضاً في الشتاء) فينتج من هذا المزيج تبولة لبنانية فاخرة فعلاً وربما يفضلها البعض على التبولة التقليدية.
أخيراً يمكن استخدام عشبة القرصعنّة لحشو الفطائر اللذيذة المخبوزة بالفرن المنزلي أو عبر أفران الخبازين.

في-طورها-الشوكي-هي-الأفضل-لصنع-مقطر-القرصعنة
في-طورها-الشوكي-هي-الأفضل-لصنع-مقطر-القرصعنة

” رشفة فنجان قهوة من مقطر القرصعنّة كافية لتهدئة مغص المعدة وآلامها  “

استخدامها الطبي
أتى داود الأنطاكي (توفي عام 1559) على ذكر العشبة بإسم «قرصعنّة» في كتابه الشهير «تذكرة داود» الذي كان أبرز مرجع لطب الأعشاب في عالم الإسلام لقرون طويلة في وسماها أيضاً بـ «شجـرة أيوب»و قـال عنها: هـو بقل معروف يختلف ببياض الورق وخضرته، وبياض الشوك وزرقتـه ، وكلـه يبسط ورقاً على الأرض، ثـم منه ما يتفرع فروعاً مبسوطة عقدة، ومنه ما له سوق خشنـة وملس ويختلـف طولاً وقصراً مـن شبـر إلـى ذراع. ومنـه نـوع لا يزيـد شوكـه على ستـة يسمى المسدس.. عن فوائدها العلاجية يقول الأنطاكي إنها تخلّص الجسم من السموم القاتلة وتداوي الـربو والـسعال والـريـاح الغليظـة، والأورام مطلقاً، والمغص وأمـراض الكبد والبلغم اللزج.
يدل وصف الأنطاكي للقرصعنّة على أنها موجودة في الطبيعة بأكثر من نوع، وبالفعل فقد أحصى علماء النبات حوالي مائتين وثلاثين نوعاً حولياً ومعمراً منها أكثر من 20 فصيلة معروفة في العالم العربي وفي لبنان، لكن الفارق بين تلك الأجناس قد يكون أحياناً ضئيلاً فلا تلمحه إلا العين الخبيرة، ولاسيما وأن القرصعنّة تمر خلال مراحل نموها بأطوار تتغير فيها أوراقها وشوكها. لكن القرصعنّة على اختلافها فهي عشبة ذات قيمة عظيمة سواء من الناحية الغذائية أم من ناحية فوائدها الطبية.
ذكر عالم النبات الإغريقي ديسقوريدس (40-90 بعد الميلاد)أنها تملك «قوة مسخنة» و«إذا شرب مغليها فإنه يدر الطمث ويهدئ المغص ووجع الكبد. أما العلاّمة إبن رشد فقال عن القرصعنّة «زعموا أن شرب ماء طبخها أمان من أورام الجوف».
وزادت بعض كتب طب الأعشاب القديمة أن القرصعنّة إذا أكلت غضة أو ممزوجة بالعسل فإنها تطيب الأحشاء وتبعث برائحة البدن، وأنها علاج للربو والسعال وأمراض الكبد والمغص. ويستعمل مغلي العشبة في حالات اضطراب النوم والآلام القلبية والمفصلية والسعال والشهقة والتهاب القصبات. ويتم تحضير مغلي القرصعنّة بإضافة 10 غرامات من العشبة الى 200 غرام من الماء وغليه لمدة عشر دقائق يصفى بعدها ومن ثم تؤخذ منه ملعقة كبيرة 4 الى 5 مرات يومياً. إن كل أجزاء القرصعنّة مفيدة للصحة، وتدل الأبحاث المخبريّة التي أجريت على العشبة أنها غنيّة بمضادات الأكسدة، ويفضل استعمال أجزاء النبات من دون تسخين من أجل المحافظة على تلك المضادات المهمة جداً في مقاومة الجسم للسموم الضارة التي يتم إفرازها في الجسم وتدعى Free radicals وهناك عوامل تساهم في زيادة إنتاج هذه السموم مثل التدخين والتلوث والطبخ بأسلوب القلي والمضافات الغذائية وغيرها.

القرصعنّة-في-أول-موسمها-طرية-وخضراء-..
القرصعنّة-في-أول-موسمها-طرية-وخضراء-..

تقطير القرصعنة
بدأ العديد من المهتمين بطب الأعشاب في السنوات الأخيرة بتقطير القرصعنّة وذلك بواسطة الكركي العادية وهي عبارة عن برميلين من الزنك الأول توضع فيه الأعشاب التي يراد تقطيرها والثاني يوضع فوق الأول ويستخدم لعملية تكثيف البخار المتصاعد من البرميل السفلي الذي يوضع على النار. والبرميل العلوي مغلق بقبة مخروطية ويملأ بالماء البارد بما يسمح بتحويل البخار المتصاعد من البرميل السفلي إلى مياه مقطرة يتم جمعها في قارورات أو«قنانٍ» وتحفظ لاستخدامها عند الحاجة.
لكن يجب الانتباه إلى أن أفضل مقطر للقرصعنّة هو من العشبة الناضجة التي بدأت تتحول إلى شبه شوكية وليس من النبتة الغضة، فالمواد الطبية والعناصر العلاجية تكون في ذروتها في النبتة الناضجة التي بدأت الإزهار.
ولقد ثبت بالتجربة أن مقطر القرصعنّة دواء فعال لمغص وآلام المعدة ويكفي لمن يعاني من هذا المغص أن يتناول رشفة نصف فنجان قهوة من مقطر العشبة ثم يتبعه برشفة أخرى بعد نصف ساعة حتى يلاحظ أن الألم قد اختفى تماماً. ويعتبر أثر مقطر القرصعنّة على آلام المعدة أحد أسباب ذيوع خبر العشبة وإقبال الناس المتزايد على تقطيرها أو شراء القناني المقطرة وحفظها كجزء من صيدلية المنزل.
يبقى أن ننصح الذين يجمعون العشبة من براري الجبل أن لا يقتلعوها اقتلاعاً بل أن يقطعوها عند القسم الأعلى من الجذر لأنهم بذلك يحافظون على الأصل الذي سيعود وينبت أوراقاً جديدة في الموسم التالي، وللذين يجدون القرصعنّة في حدائقهم ويريدون إكثارها فإنه يكفي لهم أن يتركوا في كل بقعة لا ينوون حرثها بضعة أصول للنبتة دون قطفها، إذ سينجم عن ذلك تحول النبتة الغضة إلى نبتة شوكية تطلق فروعاً مع أشواك مائلة إلى الزرقة وهذه تحمل مئات البذور التي تطلقها في آخر فصل الصيف وبداية الخريف، وسيفاجأ صاحب الأرض أن حقوله امتلأت بعشبة القرصعنّة في الموسم التالي مما يعطيه حصاداً وفيراً لموسم الشتاء.

الهندباء البريّة

قال عنها إبن سينا:

أنفعها أكثرها مرورة وهي تقوي القلب، وتسكّن الغثيان
وتقوي المعدة وإذا أكلت مع الخل عقلت البطن

لا يضاهي القرصعنّة في موسم الشتاء شهرة إلا شقيقتها نبتة الهندباء البرية ويكاد موسم الهندباء البرية يكون وفيراً مثل القرصعنّة لكنه يتأخر قليلاً عنها حتى آخر «المربعانية» ودخول شهر شباط فالهندباء على عكس القرصعنّة ليست نبتة شتوية بل «ربيعية» يبدأ أهل القرى بقطفها في أواخر كانون الثاني بينما يمكن البدء بحصاد القرصعنّة في منتصف تشرين الثاني إذا كان الخريف ماطراً وفق المعدلات الطبيعية.

تاريخ العشبة
الهندباء البرية من أقدم النباتات التي عرفتها الإنسانية وعرفت مزاياها الغذائية والطبية وقد استخدمها المصريون القدماء قبل 5000 سنة وكتبوا عن مزاياها وذكرها الشاعر الروماني هوراس عندما تحدث عن نظامه الغذائي «البسيط جداً» إذ قال: «أما بالنسبة لي فإن غذائي يشتمل على الزيتون والهندباء والخبَّيزة البرية وهي كافية لتقيم بأودي.
اللافت فيها أنها تستخدم بكامل أجزائها الثلاثة وهي الأوراق والأزهار والجذور وسنعرض لفوائد كل من تلك الأجزاء في ما بعد. ولا بد من القول في بادىء الأمر إن الهندباء البرية هي أكثر فائدة من الهندباء البستانية وهي التي تزرع في الحديقة لكن أهمية البستانية أنها تزرع جنب البيت وفي جميع المواسم وهي ذات فوائد غذائية كبيرة، ومن المهم لذلك تناول الهندباء دائماً فإن وجدتها بريّة فخذها وإن لا فاشتر البذور وازرعها.
تؤكل الهندباء البرية في بلادنا كسلطة أو يتم تناول أوراقها مع الزيتون ويقدمها البعض عبر مزجها بالبصل والكشك البلدي وزيت الزيتون وهي أكلة لذيذة ومغذية. لكن مع الأسف البعض يقدمها مطبوخة أو «مقلّاية» وهذا ما يزيل الكثير من فيتاميناتها وإن كانت المعادن الأساسية تتحمل الطبخ. ويقوم البعض بتقطير العشبة أيضاً (كما في حال القرصعنة) وتناول مقطرها كمقوٍ وكمنظف للأمعاء والكبد.
تحتوي الهندباء على مواد مرة قال أطباء العرب إنها من العناصر الأكثر فعالية فيها كعلاج، كما تحتوي على فلافونيات وألياف ومادة الإينولين المهمة وعلى فيتامينات ودهون وراتنجات وكولين وزيوت طيارة بالإضافة إلى بعض المعادن الهامة مثل الكالسيوم والبوتاسيوم والصوديوم والحديد والمغنيزيوم والمنغانيز والنحاس والفوسفور (راجع الجدول).

رسم-علمي-لنبات-الهندباء-البرية
رسم-علمي-لنبات-الهندباء-البرية

العرب أول من وصفوها
أول من نصح باستخدام الهندباء كعلاج هم الأطباء العرب، وذلك ابتداء من القرن الحادي عشر فقد قال عنها الرئيس الشيخ ابن سينا: «الهندباء منها بري ومنها بستاني وهما صنفان عريض الورق ودقيقه، وأنفعه للكبد أمرُّه، والبستاني أبرد وأرطب، والبري أقل رطوبة. إنه يفتح السدد في الأحشاء والعروق، وليس بشديد ويضمد به النقرس، وينفع من الرمد الحار. وحليب الهندباء البري يجلو بياض العين، ويضمد به مع دقيق الشعير للخفقان، ويقوي القلب، وهو يسكن الغثي ويقوي المعدة، وإذا أكل مع الخل عقل البطن، وهو نافع لحمى الربع والحميات الباردة». وقال ابن البيطار:«كل أصناف الهندباء إذا طبخت وأكلت عقلت البطن، ونفعت من ضعف المعدة والقلب، والضماد بها ينفع للخفقان وأورام العين الحارة، وهي صالحة للمعدة والكبد الملتهبتين، وتسكين الغثيان وهيجان الصفراء، وتقوي المعدة». وقال داود الأنطاكي:«الهندباء تذهب الحميات والعطش والخفقان واليرقان والشلل وضعف الكبد والكلى شرباً مع الخل والعسل، والصواب دقها وعصرها».
أوصت أبحاث علمية نشرت «في مجلة النباتات الطبية» باستخدام أوراق الهندباء كأفضل مادة لإدرار البول، وقام العلماء الألمان بدراسة جذور الهندباء وأثبتوا جدوى الجذور في علاج أمراض الكبد وتنبيه المرارة لإدرار الصفراء (وهو ما كان أطباء العرب قد قالوا به كما يتبين أعلاه) واعتبر الباحثون الألمان جميع أجزاء الهندباء صالحة لعلاج أمراض الكلى وإدرار البول وأثبتت دراسات حديثة أن نبات الهندباء يخفض نسبة السكر في الدم، ونجح الصينيون في أبحاثهم في علاج أمراض الشعب الهوائية والجهاز التنفسي بواسطة استعمال جذور الهندباء.
واستخدم زهر الهندباء في ألمانيا في الطب الشعبي وهو يستخدم كمقوٍ و كعلاج لحصى المرارة واحتقان الجيوب الأنفية ومعالجة الجراح والرضوض. وتحتوي الهندباء على مادة الإينولين Inulin التي قد تفيد في خفض الوزن الزائد وحالات الإمساك وتحسين عمل الأمعاء الغليظ ومناعة الجسم.
جذور الهندباء المغلية بالماء ينتج عنها شاي ذو طعم قوي يستخدم كعلاج لتنظيف الكبد كما أن تناول أوراق الهندباء أو الأونديف البلجيكي (وهو من نفس فصيلة الهندباء) الغضة ينفع في معالجة الصداع القوي وجفاف الفم واحتقان الوجه والحمى.

” الأنطاكي قال إنها تذهب الحميات والعطش والخفقان واليرقان والشلل وضعف الكبد والكلى شرباً مع الخل والعسل، والصواب دقها وعصرها  “

قهوة-جذور-الهندباء-تسوق-مثل-القهوة-المصنوعة-من-البن
قهوة-جذور-الهندباء-تسوق-مثل-القهوة-المصنوعة-من-البن
اترك-هذه-الأزهار-على-امها-لكي-تنشر-البذور-وتزيد-موسم-الهندباء-في-العام-التالي
اترك-هذه-الأزهار-على-امها-لكي-تنشر-البذور-وتزيد-موسم-الهندباء-في-العام-التالي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بعض الوصفات النافعة
لعلاج سوء الهضم ونقص الشهية، تؤخذ ملعقة إلى ملعقتين صغيرتين بعد سحقها أو تقطيعها، وإضافتها إلى كوب ماء مغلي، ثم يصفى الماء بعد 15 دقيقة من وضع أوراق الهندباء في الكوب ويشرب دافئاً. ويمكن نقع الأوراق المسحوقة واستخدامها حيث تضاف ملعقة صغيرة من مسحوق الأوراق إلى كوب ماء بارد ويترك لمدة نصف ساعة ثم يصفى ويشرب.
لعلاج الإمساك تنقع حوالي ثلاث ملاعق من أزهار النبات في حوالي لتر من الماء البارد ويشرب منها كأس قبل كل وجبة.
لعلاج الكبد والصفراء تنقع حوالي ثلاث ملاعق من جذور أو جذامير الهندباء بعد سحقها مع حوالي لتر من الماء وتترك لمدة 5 دقائق، ثم يوضع النقوع بعد ذلك على النار ويترك ليغلي مدة 15 دقيقة، ويشرب منه كأس قبل كل وجبة ويمكن لهذه الوصفة أن تساعد على تفتيت الحصى في المرارة.
يستعمل مغلي الأوراق والأزهار والجذور معاً بمقدار ثلاث ملاعق في لتر من الماء بمعدل كوب صباحاً وآخر مساء، وذلك لعلاج حالات الأنيميا والضعف العام وفقدان الشهية.
يستعمل مغلي الجذور أو الجذامير على هيئة كمادات دافئة لعلاج إلتهابات العين.
يستعمل منقوع الأوراق والأزهار الطازجة في علاج آلام الأطراف بواسطة التدليك.

جذور الهندباء كبديل للقهوة
زاد القرن الثامن عشر في شهرة الهندباء عندما اكتشف إمكان استخدام جذورها كبديل للبن ويعود الفضل للملك الألماني فرديريك الكبير في تحفيز استخدامه القهوة في ألمانيا وذلك عندما منع في العام 1766 استيراد البن إلى الدولة البروسية. بعد ذلك شاع استخدام جذور الهندباء كبديل للقهوة في فرنسا ثم في الولايات المتحدة وأصبحت هناك معامل وشركات تتخصص في تصنيع القهوة المصنوعة من جذور الهندباء.
لكن يجب التوضيح بأن الجذور التي تصنع منها القهوة تأتي من نوع مختلف من الهندباء اسمه هندباء الجذور Chicory root واسمها العلمي Cichorium intybus var. Sativum وهذا النوع من الهندباء يتميز بجذوره الغليظة ولا نعلم إن كان موجوداً في الأراضي الجبلية، لكن يمكن استيراد بذوره وزرعها للمهتمين بإنتاج مسحوق جذور الهندباء لصنع بديل عن القهوة.

قهوة-على-الأصول-.
قهوة-على-الأصول-.

كيف تصنع القهوة اللذيذة
من جذور الهندباء المحمصة؟
انتشر استخدام جذور الهندباء لصنع مشروب بديل للقهوة في مختلف أنحاء العالم ويباع مسحوق الجذور المحمصة في محلات الأغذية الصحية ويقبل عليه كثيرون لطعمه الشبيه بالقهوة وعدم احتوائه على مادة الكافيين الضارة فضلاً عن الخصائص العلاجية الموجودة في جذور الهندباء وخصوصاً المقوية للكبد.
وتتميز قهوة مسحوق جذور الهندباء بأنها أكثر سواداً من القهوة العادية ولها طعم خاص لذيذ يقترب إلى حد ما من طعم قهوة الـ Mocca ويمكن تحليته بالسكر الأسمر أو العسل.

كيف تصنع قهوة جذور الهندباء؟
تقتلع جذور الهندباء في الخريف عندما يتوقف الإزهار ويتم الحصول على جذور غليظة وطويلة أشبه بالجزر أو الفجل الطويل. ويجب أن تقطع الجذور إلى قطع صغيرة وتجفيفها في الشمس لمدة أسبوع تقريباً.
بعد ذلك توضع الجذور المقطعة في الفرن لمدة ساعة أو 90 دقيقة تقريباً على حرارة معتدلة .
والحقيقة بمجرد وضع الجذور في الفرن سيمتلئ المنزل برائحة طيبة تشبه كثيراً رائحة البن المحمص أو مزيج من رائحة القهوة والشوكولا.

الطحن وإعداد القهوة
يمكن طحن الجذور المحمصة بمطحنة قوية يجب أن تكون أقوى من مطحنة البن، لأن الجذور صلبة بعض الشيء. وهناك مطاحن قوية لها “فراش” طحن قاطع ومحرك كهربائي قوي، وإن وجدت صعوبة في الحصول على مسحوق ناعم لا يتضمن قطعاً وشظاياً خشبية فإن في إمكانك طحن الجذور المحمصة لدى مطحنة بهارات متخصصة.
يمكن صنع قهوة الهندباء بآلة صنع القهوة الأميركية percolator أو “الإسبرسّو” بوضع مزيج الجذور المطحونة في العبوة وترك الماء المغلي يمر فيها وينزل في الكوب قهوة سوداء. يمكن أيضاً صنع القهوة عبر سكب الماء المغلي على المسحوق في فنجان أو ركوة معدنية ثم ترك المزيج لفترة 5 دقائق. وعندها ستحصل على قهوة ذات لون أسود يمكن تحليتها بالسكر أو العسل.
البعض في أوروبا (هولندا على الأخص) أو أميركا لا يحتسون قهوة جذور الهندباء وحدها بل يضيفونها إلى القهوة العادية وهم يؤكدون أن ذلك يعطي طعماً خاصاً استثنائياً للقهوة. ويتم ذلك بمزج مسحوق البن بنسبة معينة من مسحوق جذور الهندباء وصنع القهوة بالطريقة المفضلة سواء بواسطة ماكينة صنع القهوة أو بواسطة الركوة المستخدمة في صنع القهوة العادية.

صحة و غذاء