الجمعة, شباط 21, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الجمعة, شباط 21, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

مساهمات حرة

فريد الأطرش 21 نيسان 1910- 26 كانون الثّاني 1974

عالميــة فريـــد الأطــرش فــي ذكـراه الثّانية والأربعين

بعيداً عن عَشَرات الكتب وآلاف الصّفحات التي كُتِبَتْ عن الموسيقار فريد الأطرش، يشرّفني أن أسلّط الضّوء على موضوعٍ لم يتطرّق إليه أحد سابقاً وهو عالميّة الفنّان فريد الأطرش. وهناك حقائق تؤكّد يوماً بعد يوم أنّ هذا الفنّان نَهَدَ إلى العالمية في إبداعه الفنّيّ وكان له ما أراد…وسأذكرُ بعض الأحداث التي كان فريد محورَها وتشير بوضوح إلى البُعد العالميّ الذي اتّخذه فنّه وشخصه
1. منظّمة اليونسكو الدّولية أعلنت العام 2015 عام مئوية ثلاثة عمالقة عالميين في مجال الفن وهم فرانك سيناترا، أديت بياف وفريد الأطرش ودعت العالم أجمع لتكريمهم.
2. عام 1975 أي بعد وفاة فريد الأطرش بعامٍ واحد، منحته فرنسا وسام الخلود الفني الفرنسي والسبب هو أنّ فريد كان أوّل من قدّم كونشيرتو منفرد على البيانو.وممّا يجدر ذكره أنّ الوحيدَيْن اللّذَيْن نالا هذا الوسام الفرنسيّ هما بيتهوفن وشوبان
3. شارل أزنافور المغني الفرنسيّ العالميّ الذي زار القاهرة عام 2008 وقدّم فيها حفلَيْن الأوّل في أوبّرا القاهرة والثّاني في الإسكندرية، وأُقيمت له مناسبات تكريميّة عدّة، عَقدَ مؤتمرا صُحُفيّاً غصّ بممثليّ الصّحافة المصريّة والعالميّة ولمّا سأله أحد الصّحفيّين العرب: لمن تسمع من الفنّانين العرب؟ أجاب أزنافور وسط دهشة الحاضرين: “إنّ عبد الوهّاب وأمّ كلثوم من أصدقائي وقد كنتُ شخصياً السّبب في مجيء أمّ كلثوم إلى الأولمبيا في باريس، ولكن اسمحوا لي أن أقولَ إنّ محبوبي بامتياز وبالمطلق هو فريد الأطرش وإنني مؤمنٌ بموسيقاه وعبقريّته! “ صحفي مصري آخر سأله عندئذ: “لماذا فريد الأطرش بالذّات؟؟” وكان جواب أزنافور: “لأنّه بكلّ بساطة نجح في أن يطوّر الموسيقى الشّرقيّة بطريقة إبداعيّة مازجاً بين أصالته كشرقيٍّ وتأثّره بموسيقى الغرب، ممّا خلق مزيجاً نستطيع القول بأنّه عالميّ، والدّليل على ذلك أنّنا نجد تطبيق التّوزيع الأوركسترالي ممكناً لأغلبيّة أغاني فريد الأطرش.
4. عندما قدّم البيتلز أسطوانتهم الأشهر REVOLUTION قالوا في مؤتمر صُحفي:جزءٌ من هذه الأسطوانة مأخوذٌ من أغنية “أوّل همسة” للموسيقار العربي فريد الأطرش.
5. بتاريخ 7 أيلول عام 2009، وفي مجلّة فرنسية MIX MONDO، ريبورتاج على عشر صفحات عن أشهر المطربين-الممثلين في العالم. وقد أورد الكاتب لائحة الأسماء على الشكل التالي: تينوروسي- فريد أستير- ألفيس برسلي- فريد الأطرش- بيتر ألكسندر- كلوديو فيلا- أنطونيو مولينا- وأخيراً كاريل غوت. ومُرفق مع هذه اللّائحة دراسة مستفيضة عن كلّ نجم منهم وتبرير وضع اسم فريد الأطرش بين هذه الأسماء كان باختصار شديد أنّه مثّل 31 فيلماً موسيقيّاً سينمائيّاً، ممّا يعادل مجموع ما مثّله كافّة المطربين الآخرين.
6. في مؤتمر صُحفي عقده المطرب الشّاب خالد بعد حفلته في أولمبيا باريس بإدارة برونو كوكاتريس، وعندما تهافت عليه الصّحافيون الأجانب وبعد نجاحه الكبير، سألوه السّؤال التّقليديّ:بمَن تأثّرت من الفنّانين العرب؟ أجاب بجرأة: في بداية رحلتي الفنّيّة في الجزائر تأثّرت بشكل خاص بالموسيقار فريد الأطرش، وكان بالنسبة لي النّموذج والمثال.
7. في الفيلم الفرنسيّ EMMA VILLE استعمل المخرج في مُقَدَّمته أغنية “قلبي ومفتاحه” لفريد الأطرش كاملةً باللّغة الفرنسيّة بعنوان “ELLe est d`ailleurs” وغنّاها المطرب الفرنسيّ Pierre Bachelet .
8. في مجلّة Magazine GQ الفرنسيّة والتي لها فروع في بلجيكا وإسبانيا وإنكلترا، نشرت بتاريخ 4 شباط عام 2011 ريبورتاجاً بعنوان”الأيقونات الخمسةَ عشْرَة لمصر في العالم أورد بين السيّاسيين ذُكر أسم جمال عبد الناصر وبين المطربين اسم فريد الأطرش.
أختم بما قاله الأديب المصريّ الكبير إحسان عبد القدّوس:”لقد ظُلم فريد الأطرش في المَرئي والمَقروء والمسموع، كما ظُلم المتنبّي في كتاب أبي فرج الأصفهاني (الأغاني)، ولكن بقي المتنبّي أميراً للشّعراء وبقي فريد الأطرش أميراً للفنّ”.
المهندس محمود الأحمدية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شكراً للمهندس محمود الأحمديّة على هذا التّوثيق السّهل الممتنع وشكراً للأستاذ رئيس التحرير على هذ الاهتمام

دكان بقـّال في دمشق في مطلع القرن العشرين
دكان بقـّال في دمشق في مطلع القرن العشرين

دولة لبنان الكبير

العوامـل والحِسابــات الدّوليــة والمحلّيّـة التـي ساهمـت فـي قيــام دولــة لبنــان الكبيــر

الصّهيونيّة أدركت أنّ إنشاء الوطن اليهوديّ غير ممكن
من دون تقسيم بلاد الشّام وإحباط مشروع الدّولة العربيّة

الجنرال «دي بوفور» رسَم الكَيان اللبناني عام 1865
وشَطْحة قلم من كليمنصو كادت تضمّ دمشق إلى لبنان!

البطريرك الحْوَيِّك رفض عرضًا يهوديًّا بالتخلّي عن الجنوب
مقابل مساعدات ماليّة وضمان «أكثريّة مسيحيّة» في لبنان

انت سوريا، أو بلاد الشام، تضمّ المناطق الممتدّة من حدود سوريا الشّماليّة مع تركيا (أو الإمبراطوريّة العثمانيّة)، حتى سيناء، أو الحدود الجنوبيّة لفلسطين، مشكلة ما اصطلح على تسميته بـ “سوريا الطّبيعيّة” بمعناها الجغرافيّ الأصيل، إلّا أنّ أطرافًا أربعة أسهمت في تقسيم بلاد الشام هذه (أو سوريا الطّبيعيّة) إلى دويلات ومناطق نفوذ، وهي :فرنسا، وبريطانيا، والمنظّمة الصّهيونيّة العالميّة، والكنيسة المارونيّة، وسوف نحاول فيما يلي، تحديد دور كلّ من هذه الدّول والمنظّمات في عمليّة التّقسيم هذه، وبالتّالي في عمليّة إنشاء “دولة لبنان الكبير”.

فرنسا: “حقوق تاريخية” في جبل لبنان
كانت فرنسا وبريطانيا قد احتلّتا بلاد الشّام والعراق، بعد انتصارهما في الحرب ضد العثمانيّين عام 1918، ففرضت بريطانيا سيطرتها على كلٍّ من العراق وفلسطين كما وضعت إمارة شرقيّ الأردن تحت سيطرتها، بينما احتلّت الجيوش الفرنسيّة لبنان في 7 تشرين الأوّل عام 1918، وكان “جورج بيكو” أوّل مفوّض للدّولة الفرنسيّة في سوريا ولبنان (وهو الذي أسهم في وضع اتفاقيّة سايكس – بيكو.
وكانت فرنسا تزعم أنّ لها حقوقًا “تاريخيّة وطبيعيّة” في سوريا، وخصوصًا في “جبل لبنان” حيث كان لها، منذ الاحتلال الصّليبيّ لهذه البلاد، علاقات ودٍّ وصداقة بلغت حدَّ “التّبعيّة”. إذ شارك موارنة جبل لبنان في القتال، إلى جانب الصّليبيين، بخمسة وعشرين ألف مقاتل قادهم مقدّمهم إلى عكّا لنصرة الملك “لويس التاسع، ملك فرنسا”، وكانت مكافأتهم على ذلك أن كتب الملك “إلى أمير الموارنة ورؤساء كهنتهم” كتابًا منحهم، بموجبه “حقّ الحماية، من قبله ومن قبل خلفائه، كشعب فرنسا”، وقد اعتبر الموارنة ذلك الكتاب “أوّل وثيقة رسميّة للحماية الفرنسيّة” 1.
واستمرّ ارتباط الموارنة بفرنسا حتى عهد الامبراطور نابليون الثّالث، في منتصف القرن التّاسع عشر، حيث أرسلت فرنسا حملة عسكريّة لحمايتهم إبّان الحرب الطائفيّة التي جرت بينهم وبين الدّروز عام 1860 – 1861م، فكان قائد هذه الحملة “الجنرال دي بوفور دوتبول” أوّل من وضع مشروعًا جديدًا ومتكاملًا لإقامة “كيان لبناني” يتألّف من جبل لبنان وجواره، ويمتدّ من “النّهر الكبير” شمالًا إلى “قمم جبل لبنان الشرقي وجبل الشّيخ” شرقًا”

فحدود الحولة وبلاد بشارة جنوبًا”، “فالبحر المتوسّط” غربًا، وهي الحدود الحاليّة نفسها (باستثناء الجنوبيّة منها) التي عاد “الجنرال غورو” ليرسمها للبنان بعد مرور ستّين عامًا على مشروع “دي بوفور”، والتي شُكّلت، بموجبها “دولة لبنان الكبير” ثمّ “الجمهوريّة اللّبنانيّة” الحاليّة 2.

احتفالات بـ “النّصر الفرنسيّ”
ويذكر المؤرّخ كمال الصّليبي أنّ “فريقًا من المتطوّعين الموارنة قاتلوا، في معركة ميسلون، إلى جانب الفرنسيّين، وجرت، بعد ذلك، احتفالات علنيّة بين موارنة الجبل، بالنّصر الفرنسي، أو بالأحرى، بالهزيمة العربيّة”3. وكانت فرنسا قد أقامت، في سوريا عمومًا وجبل لبنان خصوصًا، العديد من الإرساليّات الدينيّة والمؤسّسات الاجتماعيّة والثّقافيّة والاقتصاديّة والصّناعيّة، ما جعلها تعزّز دعواها بأنّ لها حقًا تاريخيًا وطبيعيًا” في هذه البلاد.
هذه الرّوابط التّاريخيّة (القائمة، أساسًا، على العاطفة الدّينيّة التي ربطت الموارنة بفرنسا)، خلقت فَيْضًا من الرّوابط الأخرى بين هذه الطّائفة والدّولة الأوروبيّة (التي كانت لقرون خلت دولة استعماريّة كبرى)، وأهمّ هذه الرّوابط، بالنّسبة إلى فرنسا: الرّوابط الاقتصاديّة والثقافيّة والاجتماعيّة، حيث خطّطت هذه الأخيرة لأن يكون جبل لبنان بمثابة “رأس جسر” تعبّر بواسطته إلى مختلف أرجاء سوريا والمشرق العربيّ، تمامًا كما خطّطت لاستعمار الجزائر واستخدام تلك البلاد كمنطلق لبسط هيمنتها على بلدان المغرب العربي. ولا ينكر المؤرّخون اللبنانيّون المحدثون أنّ التّحالف الذي قام على مدى قرون بين فرنسا والموارنة إنّما كانت ركيزته بالنّسبة إلى فرنسا المصالح الفرنسيّة أوّلًا، وبالنّسبة إلى الموارنة، شعورهم “القوميّ اللّبنانيّ المميّز”. ويكون الدّكتور حكمت الحدّاد أكثر وضوحًا عندما يقول أنّ فرنسا “ما كانت لتعوّل، كثيرًا، على هذه العلاقة (مع المسيحيّين) إلّا بمقدار ما تتناسب مع مصلحتها الاستعماريّة، ومع مخطّطاتها للاستيلاء على لبنان وسوريا. وقد بقيت هذه المصلحة واضحة حتى بعد إعلان دولة لبنان الكبير”.
وقد ظهر تشبّث فرنسا برغبتها في احتلال سوريا (ولبنان) وتمسّكها بتأمين مصالحها، في هذه البلاد، من خلال المحادثات التي جرت بينها وبين بريطانيا، إبّان مفاوضات هذه الأخيرة مع الشّريف حسين، شريف مكة، ووَعْدَها له بإقامة دولة عربيّة مستقلّة في سوريا، وكذلك إبّان محادثات “سايكس – بيكو” الشّهيرة، ثمّ خلال مفاوضات مؤتمر السَّلم بباريس، وتُظهر مراسلات حسين – مكماهون مدى هذا التّشبّث 4.
ولم يكن الشّريف حسين يعلم أنّه، في الوقت الذي كان فيه مكماهون يتبادل معه المذكّرات بشأن إعلان الثّورة على السّلطنة وحلفائها، كانت الحكومة البريطانيّة تتفاوض مع حليفتها فرنسا على اقتسام بلاد الشّام، وتوقّعان “اتفاقيّة سايكس – بيكو” الشّهيرة (أيار/مايو عام 1916) التي منحت فرنسا السّيطرة على سوريا الدّاخليّة والغربيّة مع لبنان، على أن يكون لبريطانيا سوريا الجنوبيّة (فلسطين وشرق الأردنّ) مع العراق.

بريطانيا والخديعة الكبرى
لعبت بريطانيا الدّور الأساسيّ في تقسيم بلاد الشّام، فهي التي خدعت الشّريف حسينًا من خلال وعدها له بإقامة “المملكة العربيّة السّوريّة” التي تضمّ بلاد الشّام كلّها، لقاء قيادته الثّورة على السّلطنة العثمانيّة (1916)، وذلك خلال مفاوضاته الشّهيرة مع مكماهون، إلّا أنها كانت في الوقت نفسه، وبسرّيّة تامّة، تتفاوض مع فرنسا وروسيا القيصريّة لتقسيم هذه البلاد إلى دويلات ومستعمرات للقوى العظمى. وقد رغبت بريطانيا في الاحتفاظ بفلسطين تحت انتدابها بهدف تحقيق الوعد الذي قطعه وزير خارجيّتها (اللّورد بلفور) للزّعيم الصّهيونيّ (اللّورد روتشايلد) بإنشاء وطن قوميّ لليهود في فلسطين، وهو ما سوف نأتي على شرحه بالتّفصيل في الفقرة التّالية.

المنظّمة الصّهيونيّة العالميّة : مشروع الوطن اليهوديّ
كانت المنظّمة الصّهيونيّة العالميّة تعمل بصورة حثيثة لإقامة وطن قوميّ لليهود، في بقعة ما من بقاع العالم، ولم تكن فلسطين وحدها محطّ أطماع مؤسّس هذه الحركة العنصريّة “تيودور هرتزل”، إلّا أنّه، في المؤتمر الثّامن لهذه المنظّمة، والذي عقد في لاهاي عام 1907 اتّخذ القرار، فكان وعد بلفور. لذلك، وفي العام 1917، أي في الوقت الذي كان الشّريف حسين يقاتل إلى جانب بريطانيا وفرنسا في حربهما ضد السّلطنة العثمانيّة وحلفائها، فإنّ أقطاب المنظّمة كانوا يدركون أنّه لا مجال لتحقيق حلمهم بوطنٍ قوميّ يهوديّ في فلسطين من دون تقسيم بلاد الشام. لذا، كان تأثيرهم كبيرًا على كلّ من فرنسا وإنكلترا لتنفيذ هذا المطلب، وتعيين اثنين من أنصار قضيّتهم لهذا الغرض.
ما إن تسلّم “لويد جورج” رئاسة الحكومة البريطانيّة (عام 1916) حتى أقرّ تعيين “مارك سايكس” في مهمّة وضع اتّفاقيّة “سايكس – بيكو” لتقسيم سوريا والعراق بين بريطانيا وفرنسا، كما أسند إليه مهمّة التفاوض مع الزّعماء الصّهيونيّين بشأن مستقبل وطنهم، فبدأ “مارك سايكس” مهمّته هذه، في شباط/ فبراير من العام نفسه، حيث بدأ يبحث، معهم، عن الوسائل النّاجعة لإصدار وعد تضمّن بريطانيا، بموجبه، حقّ اليهود في إنشاء وطن قوميّ لهم في فلسطين. وكان قد سبق أن انضمّ “سايكس” (وهو عضو في مجلس العموم البريطانيّ) إلى صفوف مؤيّدي الحركة الصّهيونيّة في بريطانيا، بل إنّه أصبح من أكثر المتحمّسين لهذه الحركة في صفوف البريطانيّين (وكان حوّله إلى هذه الحركة حاخام بريطاني يدعى موسى غاستر). وأمّا فرنسا فقد عيّنت “جورج بيكو” مندوبًا لها في المفاوضات التي أدّت إلى توقيع الاتّفاقيّة المشار إليها، ثمّ أصبح، فيما بعد، مندوبًا ساميًا لبلاده في سوريا.
وُقّعت معاهدة “سايكس – بيكو” في 16 أيار/ مايو عام 1916، ووقَّع “آرثر جيمس بلفور وزير الخارجية البريطانيّة في وزارة “لويد جورج” (وكانا، كلاهما، صهيونيّين بارزين) في 2 تشرين الثاني / نوفمبر عام 1917، وعده الشّهير لليهود بأن تسعى بريطانيا لإنشاء وطن قوميّ لهم في فلسطين. وقد ضمنت بريطانيا تنفيذ وعدها هذا بأن أصرّت على أن تكون فلسطين، بعد انتهاء الحرب تحت انتدابها، كما أصرّت على أن يتضمّن صكّ الانتداب بندًا يؤكّد تصميمها على تنفيذ ذلك الوعد (المادّة الثّانية من صكّ الانتداب).
ولا شكّ في أنّ التّزامن واضح، وكذلك التّرابط، بين اتّفاقيّة سايكس – بيكو ووعد بلفور، إلّا أنّ ما يثير الانتباه هو: العلاقة بين تقسيم سوريا، والوعد البريطانيّ بإنشاء وطن قوميّ لليهود في فلسطين.
يُخطىء من يظنّ أنّ الاستعمار، في تقسيمه لبلاد الشّام، كان يُراعي مصلحة أيّة طائفة من الطّوائف المقيمة على أرض هذه المنطقة، ذلك أنّ الهدف الأساسيّ للاستعمار، الفرنسيّ والبريطانيّ خصوصًا؛ كان إعداد الأرض لتنفيذ وعد بلفور وإقامة الكيان الصّهيونيّ المُرْتَقب في فلسطين، إذ إنّ إبقاء بلاد الشّام دولة واحدة تمتدّ من جبال طوروس شمالًا إلى خليج العقبة جنوبًا (مرورًا بالسًاحل السّوري واللّبناني والفلسطينيّ) فبادية الشّام شرقًا، لن يسمح إطلاقًا بتحقيق الحلم الصّهيونيّ وإنشاء الدّولة الصّهيونيّة، فكان لا بدّ من تقسيم هذه البلاد إلى دويلات ضعيفة وغير متكاملة لكي يُتاح للاستعمار إقامة إسرائيل على أرضنا وفي قلب وطننا العربي. لذا، كان لا بدّ من القضاء على أيّ أمل بقيام تلك الدّولة، وذلك بضرب قوّتها العسكريّة وزعامتها السّياسيّة، وقد تمّ ذلك في ميسلون عام 1920.
إنّ نِظْرة واحدة إلى خارطة بلاد الشّام أو سوريا الطّبيعية تُرينا أيّ خطر كان يمكن أن يحيق بدولة اليهود في حال قيام دولة الوحدة العربيّة في بلاد الشّام، بحيث لا يكون للدّولة اليهوديّة أيّ منفذ برّي شمالًا وجنوبًا وشرقًا، ولا يبقى لها إلى البحر متنفّسًا. وهذا ما يؤكّد بما لا يقبل الشّكّ أنّ تقسيم بلاد الشّام إلى مناطق نفوذ وفقًا لاتّفاقية سايكس – بيكو، ثمّ إنشاء كيانات صغيرة وعاجزة في هذه البلاد كان في أساسه مطلبًا صهيونيًّا، بالإضافة إلى كونه مطلبًا استعماريًّا.

البطريرك إلياس الحويِّك هدد الفرنسيين بثورة إن هم أبقوا على وحدة سياسية بين سوريا ولبنان
البطريرك إلياس الحويِّك هدد الفرنسيين بثورة إن هم أبقوا على وحدة سياسية بين سوريا ولبنان

“حاخام بريطانيّ حوَّل مارك سايكس إلى مؤيِّد متحمّس لمشروع إسرائيل قبل تعيينه ممثّلًا لبريطانيا في مفاوضات تقاسـم تركة الدّولة العثمانيّة”

الكنيسة المارونيّة: مشروع تكبير الكيان
شكّلت الكنيسة المارونيّة “محور الرّحى” والمرجع الأوّل، بالنّسبة إلى الفئات المطالبة بقيام كيان لبنانيّ مستقلّ ومنفصل عن سوريا، وقد لعب البطريرك الماروني الياس الحْوَيّك الدّور الأساسيّ في هذا المجال، فهو الذي ألهب مشاعر الموارنة في مطالبته بلبنان “بحدوده التاريخيّة والطبيعيّة” كما يراها. وكما رآها من يذهب مذهبه من “اللّبنانيين”، وإن كانت هذه الحدود اختراعًا، أجنبيًا لا يقوم على أسِّ سند تاريخيّ، اخترعه الجنرال “دي بوفور دوتبول” قائد الحملة الفرنسيّة على سوريا عام 1860، واعتمدته الكنيسة ومعها المنادون بكيان لبنانيّ مستقلّ.
بدأت الكنيسة المارونية نشاطها، في هذا المضمار، منذ عهد بعيد، أي منذ الحكم العثماني لبلاد الشام. وساعدها على ذلك إنشاء الدّول الكبرى لمتصرفيّة “جبل لبنان” (في أواسط القرن الميلادي التاسع عشر) التي اعتبرت نواةً أساسيّة لهذا الكيان. وبما أنّ كيان المتصرفيّة لم يكن كافيًا لإنشاء دولة (كما ورد في تقرير النّقيب الفرنسي “فان Fain “ رئيس البعثة الفرنسيّة إلى جبل لبنان، بتاريخ 25 كانون الأوّل/ ديسمبر عام 1865). فقد أضحت المطالبة “بتكبير” هذا الكيان في نظر المطالبين أمراً مشروعًا ورأى هؤلاء، وعلى رأسهم الكنيسة المارونيّة في مشروع الجنرال دي بوفور دوتبول (الذي وضعه بتاريخ 15 شباط/ فبراير عام 1861) مبتغاهم، فاعتمدوه أساسًا لمطالبهم. واستطاعت الكنيسة المارونيّة أن تحرّك الشّارع المسيحيّ في جبل لبنان، كما استطاعت أن تحرّض المجلس الإداريّ للجبل على اتّخاذ القرارات الرّافضة للانضمام إلى سوريا والمطالبة باستقلال لبنان، كما أنّها أوفدت إلى مؤتمر الصّلح بباريس وفوداً ثلاثة ترأّس أحدها (الوفد الثّاني) البطريرك المارونيّ نفسه. وساعدت على ذلك الأحزاب المسيحيّة التي كانت منتشرة في بيروت وجبل لبنان والقاهرة وباريس، والتي تبنّى معظمها مطالب الكنيسة المارونيّة وبطريركها.
وقد لعبت شخصيّة البطريرك المارونيّ الياس الحْوَيّك، القويّة والمؤثّرة والفعّالة، دورًا مهمًّا في تحقيق هذا المطلب (مع ما سبق أن أكّدناه من أنّه كان لفرنسا مصلحة حقيقيّة في تحقيقه)، ويُرى أنّه بينما كان رئيس الوزراء الفرنسيّ (كليمنصو) يرسم على خارطة سوريا حدود لبنان الكبير سائلاً في الوقت نفسه البطريرك الذي كان إلى جانبه: إلى أين تريد أن تصل هذه الحدود؟ إذا بقلم كليمنصو “يشطح” باتجاه دمشق فتصبح هذه ضمن حدود لبنان التي رسمها رئيس الوزراء الفرنسيّ، ممّا أذهل البطريرك الماروني الذي طلب منه تصحيح الخطأ.

الجنرال غورو طرح فكرة الاتحاد السياسي بين لبنان وسوريا
الجنرال غورو طرح فكرة الاتحاد السياسي بين لبنان وسوريا

لقد أطلقت بعض الصّحف على البطريرك الحْوَيِّك ألقاباً تدلّ على مدى تأثيره في إنشاء هذا الكيان، ومنها جريدة “لسان الحال” التي وصفته “بمندوب لبنان الكبير”. ويذكر “يوسف السّودا” أنّه، حين أُطلقت فكرة “الفيدرالية” مع سوريا، وخصوصًا عندما أورد “غورو” جملة مبهمة في خطابه عند إعلان دولة لبنان الكبير (في أوّل أيلول/ سبتمبر 1920)، إذ قال: “ إنّ لبنان الكبير تألّف لفائدة الجميع، ولم يؤلّف ليكون ضدّ أحد، فما هو إلّا اتّحاد سياسيّ إداريّ”، أثار قوله هذا الكثير من الشّكّ حول حتميّة استقلال لبنان عن سوريا، فاغتنم البطريرك المارونيّ فرصة حضور الجنرال غورو إلى حفل غداء أقيم في البطريركيّة المارونيّة (في الدّيمان) على شرفه، وألقى خطابًا، بحضور غورو قال فيه بتحدٍّ شديد: “إذا مُسّت حفنة من تراب لبنان فأنا، خلال أربع وعشرين ساعة، أشعلها ثورة في البلاد”. ويقول “يوسف السّودا” (وكان حاضرًا تلك المأدبة): “وكأن تياراً كهربائيّاً مسّ الجنرال عند سماعه هذه الجملة، فانتصب منتفضًا، وزعق، والزّبد يرغو من فمه، قائلاً: مفاجأة، مفاجأة، يا مونسنيور أتهدّدني بالثّورة، وفي الذي نعتبره بيت فرنسا؟ أنا الذي أعلنت لبنان الكبير، أنا الذي أمّنت لكم الاستقلال والحدود الطّبيعيّة، من النّاقورة إلى النّهر الكبير،. أتهدّدني بالثّورة؟”. ويتابع “السّودا” قائلًا إنّه، عندما رجع الجنرال إلى هدوئه قال للبطريرك: “إنّ المشروع لا ينفّذ إلّا إذا وافق عليه اللّبنانيون، ولغبطتكم الرّأي الأوّل، وما دام اللّبنانيون غير موافقين، فلن تنشأ فيديراسيون”.
وهكذا، برهن البطريرك المارونيّ “الياس الحْوَيِّك”، بمواقفه الصّلبة هذه، أنّه الرّجل الأوّل في لبنان، وأنّه الوحيد الذي التفّ حوله المتشبّثون باستقلال لبنان، من مسيحيّين موارنة وسواهم، لكي يضمنوا تحقيق حلمهم بهذا الاستقلال.
وقد أدركت المنظّمة الصّهيونية العالميّة، خلال انعقاد مؤتمر السّلم وبعده، أهمّيّة الدّور الذي تلعبه الكنيسة المارونيّة في السّعي لإنشاء كيان لبنانيّ مستقل، فحاولت الاتّصال بهذه الكنيسة للتّنسيق معها. وقد تمّ لقاء بين كل من “دايفيد بن غوريون وحاييم وايزمن” وبين البطريرك الماروني الحْوَيّك، على هامش مؤتمر السَّلم بباريس (وكان البطريرك يرأس الوفد اللُّبنانيّ الثّاني لهذا المؤتمر)، وخلال اللّقاء، حاول الزّعيمان الصّهيونيّان إقناع البطريرك “بالتخلّي عن جنوب لبنان والجليل الأعلى، لقاء وعد بتقديم مساعدات ماليّة لتطوير لبنان، بحيث يصبح أكثريّة مسيحيّة”، فأجابهما البطريرك “بأنّ الموضوع خارج عن إرادته، وأنّ القرار بيد فرنسا”. والجدير بالذّكر أنّ البطريرك المارونيّ تشبّث بموقفه عند تفاوضه مع “كليمنصو” رئيس الحكومة الفرنسيّة حول الحدود الجنوبيّة للبنان، ولم يُعِر اهتمامًا لعرض الزّعيمين الصّهيونيّين.
وفي اليوم الأوّل من أيلول عام 1920، وفي قصر الصّنوبر ببيروت، أعلن الجنرال غورو في خطابٍ له قيام “دولة لبنان الكبير”، وذلك وفقًا للمشروع الذي وضعه “الجنرال دي بوفور دوتبول” قائد القوّات الفرنسيّة في سوريا Corps Exéditionnaire de Syrie عام
1860 – 1861 ورفعه إلى وزارة الحرب الفرنسيّة، بتاريخ 15 شباط عام 1861، وكان مجموع عدد سكان لبنان في ذلك التاريخ 487,950 نسمة. وقد تبنّى دعاة الكيان اللّبنانيّ في ذلك الحين هذا المشروع باعتبار أنَّ حدود لبنان كما رسمت فيه هي “الحدود التّاريخيّة والطّبيعيّة للبنان الذي يريدونه”، وبالفعل فقد كان لهم ما أرادوه5.

الملك فيصل راهن على وفاء البريطانيين بوعدهم إنشاء الدولة العربية وهو يبدو في الصورة مع بعض قادة الثورة العربية
الملك فيصل راهن على وفاء البريطانيين بوعدهم إنشاء الدولة العربية وهو يبدو في الصورة مع بعض قادة الثورة العربية

“البطريرك الحْوَيِّك هدّد الفرنسيّين بـ «إشعال الثــّـورة» إنْ فكّروا بالإبقاء على الوحدة السّياسيّة لسـوريا ولبنان”

مساهمات حرة

”  افتقاد الغجر للغة مكتوبة حرمهم أهم وسيلة للتعبير وكتابة تاريخهم الخاص وجعلهم بلا أي رواية يمكن نقلــــها إلى أجيالــــهم عبر الســـنيـن”

[su_accordion]

[su_spoiler title=”الصحافي عماد خير ” open=”no” style=”default” icon=”plus” anchor=”” class=””]

موضوع وقف المعهد الفني في راشيا حضرة رئيس تحرير مجلة الضحى المحترم : نشرت مجلة الضحى في العدد الصادر في ايار 2015 ردا ً على مقالنا المنشور في عدد ايلول 2013 من المجلة وتناول «معهد راشيا الفني» في بلدة العقبة، وقد جاء في الرد الذي أعده المهندس نبيه ابو شقرا إن الأرض التي أقيم عليها المعهد الفني هي هبة من سماحة الشيخ بهجت غيث، وأن ما ذكره كاتب المقال عن كون الأرض هبة من بلدة العقبة «عار عن الصحة»ً و»فيه تجنٍ على حقوق صاحب المبرة» الخ وأرفق المهندس أبو شقرا مستندات حول وهبانية العقار الرقم /1602/ من منطقة راشيا تؤكد ما ذهب إليه. نود أن نلفت المهندس الأستاذ نبيه ابو شقرا إلى ان ردّه ليس في مكانه لأن المقال الصادر في عدد ايلول 2013 من مجلة «الضحى» يتناول عقارا آخر في بلدة العقبة من قضاء راشيا برقم مختلف هو العقار رقم 602 بينما العقار الذي تناوله بالرد هو العقار 1602 الذي لم يكن موضوع مقالنا. وربما أدى تشابه رقمي العقار إلى الالتباس وإلى تسرّع الأستاذ أبو شقرا بالرد وافتراض وقوع التجني. إن العقار رقم (602) هو عبارة عن عقار جمهوري في منطقة العقبة العقارية تم تخصيص مساحة منه لصالح وزارة التربية الوطنية، المديرية العامة للتعليم المهني لغرض تشييد مهنية في منطقة راشيا تخفف عن الطلاب الراغبين في متابعة تحصيلهم العلمي المهنى مشقة وأعباء الانتقال بعيدا عن مناطق سكنهم وخصوصا خلال فصل الشتاء. ويحتفظ رئيس بلدية العقبة بالوثائق الرسمية التي تثبت ان «المعهد الفني في راشيا» تم بنائه على العقار 602 في منطقة العقبة العقارية قضاء راشيا، وانه لا يوجد في النطاق العقاري للبلدة معهد يتصل بناؤه بمبادرة من سماحة الشيخ بهجت غيث وقد أبلغنا مدير «معهد راشيا الفني» الأستاذ فريد كمال أن العقار 602 الذي قدم من بلدة العقبة استخدم لبناء «مدرسة راشيا الفنية» والتي بدا التدريس في قاعاتها في العام 2005 ثم صدر القرار 62-2011، القاضي بتصنيف مدارس التعليم المهني والتقني الفنية الرسمية وفقا ً لمستوى التعليم فيها، فاصبحت تسمى «معهد راشيا الفني» وهذا المعهد تم تجهزه بالكامل من قبل وزارة التربية، المديرية العامة للتعليم المهني والتقني. أما «معهد راشيا التقني» الذي شيد في المرحلة السابقة من قبل سماحة الشيخ بهجت غيث فإنه لم يتم التدريس فيه كمعهد تقني وبقي مجمدا إلى أن تم تحويل استخدامه إلى الجامعة اللبناية كلية ادارة الأعمال .

[/su_spoiler]

[su_spoiler title=”فهد حسن المهتار أستاذ ثانوي متقاعد” open=”no” style=”default” icon=”plus” anchor=”” class=””]

مقام بلدة البساتين

جانب رئيس تحرير مجلة «الضحى» الغراء
في البحث القيم الذي نشرته مجلتكم الغراء للدكتور حسن أمين البعيني حول بني الشويزاني والشوف الشويزاني، تحدث الكاتب عن الشيخ أبو علي مرعي (حمادة) وذكر انه انتقل من بلدته بعقلين الى عبيه والتحق بالأمير السيد جمال الدين عبد الله التنوخي (قدس سرّه) وغدا من تلاميذه، وأنه عندما توفي الشيخ مرعي دفن في الفساقين («البساتين» حالياً) وعاد ابناؤه إلى بعقلين». وهنا أجد من المفيد التوضيح بأن الشيخ المدفون في الفساقين هو الشيخ زهر الدين وهو المرشد الروحي للأمير السيد (قدس سره)
أما من دفن في الفساقين من تلامذة الأمير السيد جمال الدين عبد الله التنوخي (قدس سرّه) فهو الشيخ شرف الدين علي بن الشيخ علم الدين سليمان، وقد نقش ما يفيد ذلك على الشاهد الحجري بعد أيات من سورة البقرة:
وفي نفس المدفن دفن إبن الشيخ شرف الدين علي، الشيخ سيف الدين ابو بكر، وقد نقش على الشاهد الخاص به بعد آية الكرسي عبارة تفيد ذلك.
وهذان الشيخان هما من تلامذة السيد عبد الله (قًدّس سره) دُفِنا في مدفن الشيخ زهر الدين وهو المقام المعروف باسمه الآن.

[/su_spoiler][/su_accordion]

مسؤول التوزيع والاشتراكات
متفرغ براتب مع علاوات

المسؤوليات الأساسية
متابعة عمل شركة التوزيع والتنسيق معها بهدف تطوير المبيعات وتحسين انتشار المجلة في مختلف المناطق مع ما يتطلبه ذلك من تطوير العلاقات المباشرة مع المكتبات ونقاط البيع واقتراح مبادرات الترويج ومتابعة تنفيذها على الارض
بناء شبكة بيع مباشر dor-to-dor للمجلة في مناطق جبل لبنان والجنوب وبيروت والإشراف على عملها
الإشراف على تطوير قاعدة المشتركين أفرادا ومؤسسات وتحقيق الأهداف الكمية المتفق عليها من خلال بناء قاعدة بيانات بأسماء الشخصيات والمؤسسات ومتابعة عمل مندوبي البيع والقيام بالزيارات الترويجية وتقديم الأفكار والمبادرات الهادفة لتطوير المبيعات والاشتراكات وتوسيع نطاق انتشار المجلة.

موظف دعم إداري
متفرغ

تتمثل مسؤوليات موظف الدعم الإداري في تلبية جميع المهمات التي تطلب منه من قبل رئيس التحرير ومن قبل إدارة مكتب «الضحى». وسيؤمن الموظف دوام عمل في مكتب «الضحى» في دار الطائفة الدرزية في فردان.

 

مراسل ومحرر تحقيقات
عمل جزئي

يتطلب هذا العمل خبرة في العمل الصحفي ولغة عربية متينة وشخصية مبادرة وقادرة على التواصل الاجتماعي وإجراء التحقيقات والمقابلات بإشراف من رئيس التحرير. وبالنظر لأن «الضحى» تصدر كل ثلاثة أشهر فإن الفرصة متاحة لعمل جزئي لصحفيين مستقلين أي غير متفرغين للعمل في مؤسسة إعلامية . ينبغي للمتقدمين أن يحسنوا الإنكليزية أو الفرنسية وأن تكون لهم خبرة في العمل الصحفي لا تقل عن 3 سنوات.

تقديم الطلبات والسيرة الذاتية
مكتب “الضحى”- دار الطائفة الدرزية – فردان ، بيروت
أو بواسطة البريد الالكتروني على العنوان التالي:

mail@Dhohamagazine.org

مساهمات حرة

التشييع على أكتاف المحبين

سميح القاسم ومحمود درويش في زيارة للشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري

صورة له في شبابه

صورة مطلع

منظمات شبابية شاركت في التشييع

يلقي شعرا وهو في مطلع شبابه وإلى جانبه الشاعر الراحل توفيق زياد

” افتقاد الغجر للغة مكتوبة حرمهم أهم وسيلة للتعبير وكتابة تاريخهم الخاص وجعلهم بلا أي رواية يمكن نقلــــها إلى أجيالــــهم عبر الســـنيـن  “

صياح بك الأطرش
وقصيدة “يا ديرتي ما لِك علينا لوم”

جانب رئيس تحرير مجلة «الضحى» الغراء
أرى من واجبي الردّ على المقال الذي نسب خطأ فضل نظم القصيدة الشهيرة “يا ديرتي ما لك علينا لوم” إلى مناضل من أبطال الجبل نجلّه ونحترمه، لكنه حسب كافة الأدلة المعروفة ليس هو ناظم تلك القصيدة بل هو المناضل صياح بك الأطرش، وهذا الأمر مثبت ومؤيّد بالكثير من الإثباتات التي دونها أدباء وشعراء ونقاد، نذكر بعض أصحابها الموثوقين، وأول تلك الإثباتات ما ورد في قول صاحبها صياح الأطرش الذي دونه ابنه الدكتور عبدي الأطرش في كتابه (أوراق من ذاكرة التاريخ) والذي جاء فيه:
“ لما شعرنا بأنه لا بدّ من مغادرة البلاد نتيجة ازدياد الآلة الحربية ونتيجة الوضع الإقتصادي والزراعي المتردي الذي استغله العدو في تطويع الكثير من ضعاف النفوس في صفوفه حتى صرنا نتقاتل مع بعضنا البعض، والعدو الحقيقي يتفرج علينا شامتاً وضاحكاً ، ففضلنا مغادرة البلاد طواعية ً لأنه لم يعد بوسعنا أن نعمل شيئاً حيال هذه الظروف القاهرة، وعندها ودعت الديرة وبررت لها أسباب خروجنا واعداً بأننا سنعود مرفوعي الرأس بعد أن نسترد حقوقنا بقيادة سلطان باشا؛ فقلت :
يـــــــــــــــــا ديـــــــــــــــــرتي مالـــــــــــــــــك علــينــــــــــا لـــــــــــــوم لا تعـتبي لـــــــــــــــومك على مـــــــــــــن خـــــــــــــــــان
حنــــــــــــا روينـــا ســيوفنـــــــا مـــــــن القــــــــــــوم مـــــــــــــا نرخصك مثـــــــل الـــــــــــردى بأثمــــــان
لا بـــــــــد مـــــا تغـــدي ليـالــــــــــي الشـــــــــــــــــــوم وتنعـــــــــــــــــز غلـمـــــــــــــــــه قايــــــــــــــــــــدة ســـلــــــــــطـــــــــــــــــان
وان مـــــــا خذينــــــــا حقنـــــــا المهضـــــــــــوم يــــــــــــــا ديرتي مــــــــــــا حـنا لـــــــــــــــــك ســــــكـــــــــــــــــان

الدليل الثاني القاطع على فضل صياح الأطرش في نظم القصيدة جاء من خلال
الشيخ محمد الجرمقاني في رده شعراً على قائل تلك الأبيات وذكره بالإسم
صياح الحمود الأطرش وبنفس القافية والوزن، إذ قال:
حـــيـــــــــــــــــاك يـــــــــــــــــاعـــــــــــــلم ٍلــــــــــفانـــــــــــــــــا اليــــــــــــــــــــوم مـــــــــــــــــن عـــــــــــــــــزوةٍ قــيدومـــــــــــــــــها ســـلطـــــــــــــــــان
حيــــــــــــا ًعدد مُـــــــــــــــــزن الـبرد ونـجــــــــــــوم حيثه صدر من نخبة الشجعـــــــــــــــــان
صيـــــــــــاح رده والـــــــــــســـبـــــــــــايـــــــــــا كـــــــــــــــــــــــــــــــــوم يـــــــــــــوم الـــــــــــعســاكـــــــــــر قـــــــــــــــــــــــــــــــــايــده غـمـــــــــــلان
من فوق شقرا ما غدا بِــــــــــهْ سوم الـــــــــــمرجـــــــــــــــــــــــــــــــلــــــــــــــة قـبـــــــــــلا ًلــــــــــــــــــــــكـــــــــــم والآن
يـــــــــــا صاحبـــــــــــي مـــــــــــالك علــينا لـــــــــــــوم لومـــــــــــك على اللي بـــــــــــالقضيه خـــــــــــان
حــنـــــــــــا وقـعنـــــــــــا بـــــــــــالشـــرك وهمــــــــــــــــــــوم وأنتـــــــــــم على قب الـــــــــــرمك عــقبــــــــــــــــــــــان
اللـــــي تـــــــــــرجّــــــــــــى عــــــــــــدلـهـــــــــــم موهــــــــــــوم عــقـــــــــــب الـــمعـــــــــــزه قـــيـــــــــــدوه بـــــــــــخـــــــــــــــــــــــــــــــــان

وقال الشاعر سليم الدبيسي في جوابه على حداء ( ياديرتي) لصياح وعلى نفس المعنى والمبنى
يـــــــــــا ديــــــــــــــرتي مالـــــــــــك علــينــــــــــــــــــــــا لـــــــــــــــــوم لومـــــــــــك على اللي بـــــــــــالوطن بـــــــــــلاس
صيـــــــــــاح وربعـــــــــــو مذعريــــــــــن القـــــــــــــوم شـــــــــــــــــــــــــــــــــرابتـــــــــــا ًدم الحَمَــــــــــــــرْ بــــــــــــــــــــــالـــكـــــــــــاس

لقد ورد تأكيد نسبة القصيدة للمناضل صياح بك الأطرش في مراجع عدة رصينة نذكر بعضها في ما يلي:
كتاب “بنو معروف في التاريخ” لمؤلفه الأستاذ سعيد الصغير (صفحة 634)
كتاب “أهل التوحيد” للمؤلف المؤرخ الأستاذ يوسف الدبيسي، المجلد الخامس، الصفحة 114 – 115 تحت عنوان ( الحداء ) حيث يقول: “هذه القصيدة الشهيرة في الحداء وضع كلماتها المجاهد صياح الحمود الأطرش، في قرية الهويّا والثوار يستعدون لمغادرة الجبل إلى الأزرق عام 1927”
جريدة “الجبل” لصاحبها الأستاذ نجيب حرب العدد رقم 1287 تاريخ 6/10/1951 على الصفحة الأولى تحت عنوان “قصيدة ومناسبة منذ أيام الجهاد قبل ربع قرن”
جريدة “الجبل” بتاريخ 16 كانون الأول 1981 بقلم الأستاذ صلاح مزهر تحت عنوان “الشعر العامي في الجبل والقضية العامة”
مجلة “النهار العربي والدولي” في عددها 252 بتاريخ 7/3/1982 تحت عنوان الصحراء ولا الإستسلام.

جريدة “الأنباء” اللبنانية بعددها 1407 بتاريخ 5 نيسان 1982 بقلم الأستاذ سامي ذبيان كتب تحت عنوان (في الصحراء مع سلطان باشا والأمير عادل أرسلان وصياح الحمود وعلي عبيد وغيرهم)
جريدة “الشرق الأوسط” بتاريخ 18 أيار 1982 الصفحة الثامنة تحت عنوان (سلطان الأطرش في أربعينه- مذكرات الأديب والمؤرخ الفلسطيني السفير أكرم زعيتر)
مع وجود هذا التوافق الجامع على نسبة القصيدة إلى المناضل صياح الأطرش فقد فوجئنا مع كثيرين من المطلعين على تاريخ الجبل بتبرع الكاتب الصديق الأستاذ إبراهيم العاقل بتبديل الوقائع وإعادة رواية تاريخ تلك القصيدة بسرد يخالف ما هومتفق عليه ودون وجود أي دليل سوى الاستنساب وهو أمر غير جائز في رواية التاريخ. أُنهي كلمتي بالقول إننا كنا نتوخى من الأستاذ العاقل الأمانة في رواية التاريخ وعدم مجافاة حقيقة لا يكاد يرقى إليها أي شك. فعذراً من الراحل الكبير الذي له علينا واجب الحفاظ على تراثه وصون مآثره، وعذراً من الأستاذ العاقل الذي نأمل أن يتسع صدره لهذا التصويب فالحق أولى أن يُتَّبع.

حسام ابو مطر

قطعة أرض وقف المعهد الفني – العقبة

جانب إدارة مجلة «الضحى» الغراء
تحية طيبة وبعد
نشرت مجلة «الضحى» الغراء في عددها الصادر في 8 أيلول 2013 بقلم السيد عماد خير مقالا جاء في الفقرة الأخيرة منه وعلى الصفحة 116 قول الكاتب «لم يقف أبناء العقبة عند هذا الحد بل قدّموا قطعة أرض أخرى في منطقة «الملول» لصالح وزارة التربية والتعليم المهني والتقني لتشييد المعهد الفني الذي كان له الأثر الأكبر في دفع العملية التربوية قدما»
إن ما ذكره الكاتب عار عن الصحة تماما، وفيه تجن على حقوق صاحب المبرّة، فالواقع هو مبين في عقد وهبانية العقار رقم 1602 من منطقة راشيا الوادي لمالكه سماحة الشيخ بهجت غيث لوقف مقام النبي أيوب عليه السلام، وشهادة القيد العائدة لهذا العقار باسم مقام النبي أيوب. علما بأن تكاليف البناء بلغت حوالي سبعمائة ألف دولار وتكلفة التجهيزات حوالي مائة ألف دولار دفعت من صندوق مقام النبي أيوب عليه السلام، مرفق ربطا كتيب فيه صورة عن هذه المستندات. لذلك نرجو أن تقوم مجلتكم وفق الأصول بتصحيح الخطأ في أول عدد يصدر بعد هذا الكتاب ولكم الشكر.
المهندس نبيه أبو شقرا

تصويب1

أخي رئيس تحرير «الضحى» الغرّاء
لا أحسبني وضعتُ يوماً دراسة قط، إلا نشدت فيها الأمانة العلميّة، التي هي أساس كل بحث رصين. ولا أراني اعتمدت “العنعنات” وحدها في وضع ما أضع، ما لم ينقل إليّ الرواية بصير أمين عن بصير أمين، وكنت أتلقف رواية الرواة، فأقابل -في غياب النصّ-بينها،ثم لا اكتبها قبل أن يثبت السماع، وأكون قبل السماع، قد أفرغت الحيلة في البحث عن مصدر مخطوط، أو مرجع مطبوع، فإن لم أوفّق بشيء مكتوب، موثوق، عدت إلى السماع و “تنخّلت” ما وعته أذناي ومحّصته معرفتي وأفضيت إلى (بُرِّ) تَركن إليه الأمانة العلمية، فكتبته ونشرته.
هذا هو ديدني في البحوث والدراسات، أعتمدُ، في خلالها، الموضوعية، وأراعي الدِقّة وأتوخّى الحذر، وأحرص على قلمي، وأحترم القرّاء.
وبعد،
فقد كان الأولى بالمربّي الصديق، صاحب المقالة، وهو من أهل القلم، وأهل جبل العرب في آن معاً، أن يرى إلى ناظم قصيدة “يا ديرتي ما لِك علينا لوم”، وهي القصيدة الذائعة الصيت، التي نظمها صياح بك الأطرش، وترنّم بها الحاضر والبادي، بعد أن طارت في آفاق بلاد الشام، ووقع لي شخصياً أن سمعتها من أبناء بلدتي بعقلين، الذين ارتفعت أعمارهم عن الثمانين قبل أن أشبّ عن الطوق.
أخي رئيس التحرير، هذا ما اقتضى التصويب، بعد تحرّيه، وإني لأرى واجباً علينا أن ننعم النظر في كل ما نريد نشره، وبخاصة التاريخ، ذلك الأمس المحنَّط، الذي لا يقوى أحد على تبديل أحداثه، ولا تحريف أحاديثه.

شوقي حماده

حضرة رئيس تحرير مجلة «الضحى» الأستاذ رشيد حسن
تلقينا من جانب الشيخ الجليل سليمان فندي شجاع التصويب التالي ونحن نشكره عليه لأهمية الموضوع:
تحية طيبة
عطفا على عدد مجلة «الضحى» الأخير
وفي موضوع سيرة الشيخ أبو علي يوسف بردويل أبو رسلان
نعلم حضرتكم أن ما ذكره الكاتب ومفاده إن أول شيخ مشايخ خلوات البياضة الذي انتخب بالإجماع هو الشيخ أبو علي يوسف بردويل أبو رسلان هو أمر غير صحيح ولم نعلم به إلا من خلال المقال المذكور.
لذلك نطلب نشر هذا التصحيح وفقا للأصول
مع فائق التقدير والاحترام
الفقير إليه تَعالى

سليمان فندي شجاع

مساهمات حرة

المحبة وأعداؤها

بسم الله الرحمن الرحيم الذي هو المحبة وبالمحبة أوجدنا، وبالمحبة يرعانا، وبالمحبة أوصانا، وبالمحبة أرسل كبشه إلى نبيه إبراهيم، فأصبح للبشرية بذلك عيد للتضحية، هو في الحقيقة عيد للمحبة المطلقة للرب إلى حدّ التضحية بالنفس بكل طيبة خاطر في سبيل طاعته.
أين نحن من المحبة؟ وكيف يمكن أن نعيشها في زمن غلبت فيه مشاعر السلبية والتنابذ على علاقات الناس وهيمنت روح الفرد والأنانية؟ لا سبيل لنا في ضوء كل ما نعانيه إلا غسل القلوب من كل ما هو ليس محبة لتبقى المحبة صافية وتصبح أيامنا كلها أعياداً. لكن من أجل أن نحيا بالمحبةلا بدّ لنا أولاً من أن نتنبه إلى أعدائها وأن نتغلب عليهم.
وأعداء المحبة كثر، وأولهم الغضب فهو يعمي البصيرة ويشل التفكير وقد يؤدي إلى ارتكاب الحماقات، وهذه تزيل احترام الإنسان للإنسان وتخرج المحبة من القلوب.
ومن أعداء المحبة الحسد الذي هو اعتراض على حكمة الرزاق في توزيع الأرزاق، والحسد جهالة محض لأنه لا يغيّر من أمر الله شيئاً بل يؤذي صاحبه. على العكس من ذلك، إذا صفيت المحبة فرحنا بما اعطى الله لغيرنا كما لو اعطي لنا فنكون بذلك شركاء في سعادة الآخرين دونما حاجة لأن يكون لنا ما لهم.
ومن أعداء المحبة الحقد، وهو الأصعب غسله لأنه يعلق بالنفوس ويحجر العقول، فيلزمنا الكثير من الجهد والتعب حتى لا يقضي علينا، ويسرق منا العمر، ونحن خائضون في أوحال الكره وأسرى سجن الكراهية.
هذه الثلاثة (الغضب والحسد والحقد) خصال ضدِّية لها فروع كثيرة لو أتينا على ذكرها لطال بنا الشرح، ولكن علاجها يكون بسلوك طريق القرب من الله تعالى، فنرى بنوره وتتوسع مداركنا فتنكشف لنا حقائق كانت امام أعيننا، لكن لم نكن نراها، كما تأتينا من دون جهد حلول كنّا نجد صعوبة في تصورها بسبب الوهم وغشاوة نفوسنا.
الكل بالطبع يدعو إلى المحبة، لكن هذه صارت في الحقيقة نفاقاً وشعاراً أجوف، وبدلاً من المحبة العاقلة في الله وهي محبة مانحة للنور، سقطنا في مزالق الشهوات وظلماتها فأصبحت المحبة في الحقيقة سباحة في الوهم ونزوعاً لأسر الآخر أو صفقة كأي صفقة تجارية.
محبتنا جوفاء فارغة، لأنني قد أحب فلاناً لكنني لا أصدقه القول، وأتحدث بالخير لكنني لا أتصدق من مالي لكي أغيث ملهوفاً أو أمسح دمعة فقير أو محزون، وأحب زوجتي ولكني لا التزم الوفاء لها، وأحب أهلي ولا أطيعهم، وأحب اصدقائي وأغدر بهم، وأحب حسن المعاملة ولكن لا أدفع حقوق الناس، وأحب الاخلاص في العمل ولكن لا أخلص في عملي، وأحب الله وأعصي اوامره.
فصح فينا قول عبدالله ابن المبارك:
تعصي اله وانت تظهر حبه هذا لعمري في الفعال بديع
لو كان حبك صادقاً لاطعته ان المحب لمن يحب مطيع
لنرجع الى عقولنا، فالعقل هو الذي ميّزنا عن الحيوان ومن دونه نصبح أدنى من الحيوان.
المحبة الحقيقية هي نظام، هي أن تعمل بالعقل لا بالعاطفة، هي أن تربي ولدك على الفضيلة لا على أهواء النفوس وشهواتها، هي أن تربي ولدك على الحلال والا فأنت لا تحبه مهما قلت وغاليت، وهو لن يحبك مستقبلاً، ولن يكون باراً بك، وهذا سر الجفوة بين الاهل وابنائهم، حيث تكون عقوبة الاهل عقوق أولادهم لهم.
نذهب الى الصائغ لشراء الذهب، ولا نرضى إلا بالصافي، واذا غشنا شكيناه في المحاكم، لكننا نرضى أن نغش المحبة بالضغينة والكره والحقد والحسد، مع أنها اساس هذا الوجود، فكيف يستقيم بناء وجودنا اذا غششنا في الأسس.
كميل بو غانم -ابو ظبي

سقراط: المعلم العظيم
لا مراجع تفيدنا عن حياة سقراط أفضل ممّا جاءنا عن طريق تلميذه النجيب أفلاطون؛ الذي كتب عنه في محاوراته، فنحن مدينون له بمعظم ما نعرفه عن سقراط، ذلك المعلّم الكبير الذي اعتبر أنّ قيمة الإنسان هي في القدر الذي يحصله من المعرفة، وليس في ما يجمعه من المال أو يحققه من الجاه لأنّ المعرفة هي ما يعطي الإنسان قيمته الإنسانية ويقربه من الله، أو كما جاء في الحديث الشريف: “من عرف نفسه فقد عرف ربه”.
حكمة.بالمجان
اعتبر سقراط التربية وسيلة لنشر الفضيلة، ولمّا أراد منه بعض أثرياء مدينة أثينا، التي كانت آنذاك مدينة مزدهرة لإمبراطورية بحرية كبرى، تعليم أولادهم جرياً على عادة ذلك العصر، فإنه رفض عرضهم رغم أنه عاش حياته فقيراً. لكنه في المقابل كان يبذل جهده في نشر المعرفة بين الناس الذين كان يرى فيهم الإخلاص والرغبة الصادقة بغض النظر عن مكانتهم الاجتماعية.
ولأنّه كان مولَعاً بحب الحكمة ويرفض ربط تعليمها بالمال، فقد ابتكر أسلوباً فريداً في عصره، إذ كان ينزل إلى سوق أثينا، ويرتاد المجتمعات العامة ليناقش ويتحدّث بحرّية وجرأة إلى كل من يأنس منه ميلاً إلى الحوار والنقاش. وهكذا، فإن نشاطه التعليمي لم يكن يرتبط بمكان أو بنظام معيّن.
عندما نقرأ سقراط نجد أنّه يربط بين التربية والفضيلة ربطاً عضويّاً، إذ يركّز في تعاليمه على أهمّية تعلّم الفضيلة عندما تكون منظومة من القيم لها هدف وغاية. فهو يريد تعلّم الفضيلة التي يراها من حيث جوهرها تشكّل الغنى الحقيقي للنفس الإنسانيّة، كما يعتبر أنّ التربية تمثّل علاج النفس الأكثر فعالية، وأنّه لا يصح أمر التربية إذا تسلّمتها الأيدي الغريبة الخالية من الضمانات الأخلاقيّة. ولم يكن سقراط طبيباً بالمعنى المتعارف عليه في عصرنا هذا، ولكنه اعتُبر طبيباً للنفس الإنسانية، وذلك لأنه تناول المعرفة من حيث هي غذاء النفس، وبها تستطيع أن تميّز ما هو خير، وما هو شر. وبهذا المعنى، فإن العلم الحق عنده هو علم الخير، ذلك لأنّه ينير العقول ويحفّزها على الفاعليّة، ويصهر ويطهّر القلوب، وعلى كل إنسان أن يتطلع إلى تحصيل العلم الحق الذي يقربه من حقيقة نفسه والوجود وليس العلوم السطحية.
شجاعته في الحق
انتقد سقراط الديمقراطية كما كانت مطبقة في زمانه بتأثير السوفساطائيين، ذلك لأنه رأى فيها مدرسة للجدال والتلاعب بعواطف وأفكار الناس، وكان لأفكاره وقع وتأثير، أشعر أصحاب النفوذ في زمانه بالخطر فتألبوا عليه ولفقوا له تهمة “إفساد الشباب” والتجديف على المعتقدات الأثنية (الوثنية)، وقدم سقراط إلى محاكمة مدبرة بدا فيها واضحاً أن الحكم اتخذ قبل المرافعات، ورغم أنه دافع عن موقفه بجرأة إلا أنه بعد أن حكم بالإعدام ترك له المجال ليتقدّم بـ “طلب استرحام” كان يمكن أن يرفع عنه سيف الإعدام، لكنه رفض ذلك العرض الماكر الذي أراد إظهاره بمظهر الجبن، وبالتالي تسويد صورته في نظر مريديه ومحبيه، كما رفض سقراط عروض محبيه بتدبير فراره من السجن ساخراً من اهتمامهم بسلامته مستهزئاً بفكرة الموت.
سلّم الفضائل السقراطية
أعلى الفضائل في السلّم القِيَمي عند سقراط هي فضيلة المعرفة، ومع أنّه لم يضع للقيم سلّماً متدرّجاً، فإنه رأى في العمل فضيلة تَلي فضيلة المعرفة، إذ أن العمل يصون كرامة الإنسان كما أنه أحد مسالك تحصيل المعرفة وتأمل الحياة. أما الفضيلة التي تتلو العمل عند سقراط فهي فضيلة القناعة لأنها تحمي الإنسان من الجشع، وتساعده في كبح جماح شهواته، وهي بالتالي سبيل التحرر من النفس الضدية وشغل العقل بالبحث عن الحقيقة. واعتبر سقراط الصداقة من أهم الفضائل لأن الصديق المخلص يهتم بصديقه كاهتمامه بنفسه. وبما أن كافّة الفضائل السقراطية تتأتّى من العقل، فقد اعتبر سقراط العقل مصدر الحقائق كلها.
المعرفة أساس الحكمة والأخلاق
اعتبر سقراط أن معرفة النفس والتصرّف الحكيم يصلان بصاحبهما إلى سبيل السعادة، تلك السعادة التي لا تأتي إلى الإنسان بالصدفة، أو بضربة حظ، بل يكون مصدرها المعرفة والتعلم على يد معلم، وهذا المبدأ طبقه سقراط عندما تفرغ بكليته لتهذيب أخلاق ونفوس الشباب في عصره، وقد أهمل في سبيل هذه الغاية حياته الخاصة، بل إن المعلم العظيم لم يتردد في تقديم حياته دفاعاً عن حقه في تعليم أجيال أثينا، وفي ذلك الموقف الخالد قدّم سقراط أسمى مثال على الشجاعة والتسليم والتضحية في سبيل الحق.
إبراهيم العاقل

المعلم الذي أفتقده
من يزور لبنان لا بدّ له من زيارة قلعة بعلبك ومشاهدة أعمدتها الستة، ومن يزور لبنان لا بد له من زيارة قصر المختارة ومشاهدة كمال جنبلاط العامود السابع. هذا الكلام للصحافي الراحل ميشال ابو جودة من مقطوعته اليومية من حقيبة النهار سنة 1974. لم يكن كلام الراحل ابو جودة على سبيل المجاملة ولم يكن كلاماً عاطفياً، لأنه من المعروف عنه أنه كان يتصف بالموضوعية، بل قد يكون المقصود منه أن تعاليم المعلم كمال بك سوف تجد من يقرأها ويعمل بها طوال قرون من الزمن، كما هي أعمدة بعلبك منتصبة لمدة تزيد على عشرين قرناً.
وبالفعل أن محبي كمال جنبلاط هم قرّاؤه، فلقد كان كل من حلفائه أو خصومه ينحني لكتاباته بكل احترام.
فقد قال المعلم: كل القوة والعظمة تنبع من عدم الخوف ليكن عندك الايمان الذي لا يتزعزع في نفسك عندها كل الأشياء الايجابية والنبيلة ستأتي إليك ما من أحد يمكنه أن يرعبك أو يزيحك عن درب رحلتك.
ومما كتب عنه الصحافي الهندي رافي ناير: نادرة هي النفوس التي يشعر الحاضرون حولها بومضات البركة والنعمة والإطمئنان. كمال بك بايماءاته وسلوكه وفصاحته المحببة والبيئة العفوية من السعادة التي كان ينشرها حوله تعطي إشارات النفس التي تتقمصها البركة، فالمحظوظون كفاية هم الذين أتيحت لهم رؤيته شخصياً أو سماعه والإستمتاع بتلك الفوائد. فكلام الصحافي ناير يتطابق مع قول الفيلسوف الاغريقي فيتاغوراس: ليس لله تعالى في الأرض موضع اولى به من النفس الطاهرة.
كم أحببت لو كنت معاصراً للمعلم لأستمتع بمجالسته أو أتنور بكلامه، فما عرفته عنه أنه كان قائداً متواضعاً وعاملاً متعالياً أسس حزبه يوم عيد العمال، فكان العمل من مقدساته، والعمّال هم اصحاب المنازل العالية بنظره. تكلم بإسمهم – الفقراء والمشردون سوف يحررون العالم – لم أكن من المحظوظين كفاية لأتعلم اكثر، فلقد كان رحمه الله يعلم من أين تبدأ النقطة على قوس الدائرة، والى حيث تنتهي.
العقيد المتقاعد طالب عرنوس

العرس بين الأمس واليوم
خلال مئات السنين، كان العرس الدرزي، من أروع احتفالات الزواج في العالم. فقد كان يجمع كافة أبناء المجتمع، الرجال على حدة، والنساء على حدة، وكانت تقام به أجمل العادات، وألذ وأطيب المعاملات، من حيث صيانة الكرامة والشرف والفضائل. وفي الوقت نفسه، كانت تبرز في العرس التقليدي، المشاركة الحقيقية في الفرح، والنخوة، والكرم، وعندما كنتَ تقترب من بيت فيه عرس، كنت تشعر بالفرح والبهجة، إذ ترى الموائد والكراسي تملأ الساحة وأهازيج النساء ودبكاتهن الشعبية البريئة تصدح في الفضاء. وفي مكان قريب، كان الشباب مجتمعين على الدبكات الحماسية والسحجات على وقع الشبابة والمزمار، وكان شيوخ وأعيان المجتمع، يتصدّرون المحتفلين، فكان أعيان القوم يدعون الى الغداء، ويذهبون في مقدمة وفد أهل العريس، يطلبون الإذن من والد العروس، أن يسمح بانتقالها إلى بيتها الجديد، ولم ينقص من هذا الجو أن العريسين، كانا أحياناً، يسكنان في غرفة صغيرة في بيت والد العريس، وقد مرّت ظروف، كان العريسان الجديدان يحصلان على زاوية في باحة البيت، وراء خزانة تستر مبيتهما.
أما اليوم، فقد أنعم الله علينا، والحمد لله، بالخيرات، وأصبح بإمكان كل إنسان أن يقوم بسائر المراسيم والواجبات والمتطلبات مثل أي إنسان آخر. ونحن نقول، كل من يستطيع إلى ذلك سبيلاً فليهنأ ولينعم الله عليه من خيراته، وليمتلء بيته بالأولاد والمباهج والسرور. لكن هذه أعراس اليوم أصبحت تقليعة، أو موضة “إلزامية” أصبح على كل إنسان أن يتقيد بها. وفي السابق كان صاحب القليل مقتنعاً بما لديه شاكراً الله تعالى على ما أنعم به عليه، أما اليوم، وبسبب توفر القروض والبنوك والإمكانيات، فإن الكثيرين لم يعودوا يقتنعون بما عندهم، وقد بات في مقدورهم الحصول على قروض مصرفية أو ربوية أحياناً من أجل ترتيب عرس يفوق إمكاناتهم كل ذلك على سبيل التقليد والمباهاة الفارغة، لكن المشكلة تكمن، ليس في الحصول على الأموال، بل في تسديد تلك الأموال. ومن له اطلاع على البنوك والمحاكم ودائرة الحجز، يرى العشرات من الذين كانوا مبتهجين بعرسهم الفخم، ملاحقين من المصارف ومن المحاكم بعد أن عجزوا عن سدّ ديونهم. وقد “راحت السكرة وجاءت الفكرة” كما يقال، بل إن تزايد ظاهرة الطلاق قد تكون أحد أسبابها مشاكل ما بعد العرس، ويقول المثل “القلة تولد النقار”.
كان العرس في الماضي حدثاً بهيجاً واحداً يستغرق نهار القرية ويجمعها. أما اليوم، فقد تحوّل إلى مسلسل أعراس أو قل مسلسل احتفالات مكلفة. فهناك حفلة والد العريس، وحفلة والد العروس، وزفة العريس، وسهرة العروس، ومنتزه لأصحاب العريسين. وقد انتقل قسم من العبء إلى الناس الذين بات عليهم تقديم المساعدة في حساب مصرفي يفتحه العروسان أو شراء الهدايا السخية لهما. وهناك مئات وآلاف الموظفين والأجراء الذين باتوا يتضايقون يئنّون من الأعراس بسبب ما تحمله لهم من أعباء.
المهم أن كل هذه المصاريف والتكاليف لا تنتهي في جيب العروسين أو تساعدهما لأن كل مزاريب العرس تصبّ في جيوب أصحاب المصالح المسماة بصناعة الأعراس، والتي تضم المقاولين، وأصحاب محلات الأثاث، والمزينين والمزينات، وأصحاب حوانيت ملابس الأعراس، وفرق “الزفّة”، وباعة المفرقعات والألعاب النارية، ومهندسي الموسيقى والإضاءة وسيارات الزفاف، وغيرهم كثر .. فهنيئاً لكل هؤلاء.
قد يسأل أحدهم، وماذا تريد ؟! وسأجيب: لنعد إلى التقاليد السليمة ونجعل من عرسنا احتفالات بيتية صغيرة، ومن أراد أن يزيد على ذلك فليكن ذلك ضمن ما يناسب طاقته وقدرته المالية. لكن علينا، ألاّ نحوّل هذه الأمور إلى فرض اجتماعي ولنوجه إمكانات العروسين وأهلهما لبناء بيت الزوجية والإعداد لاستقبال الأولاد والقيام بأودهم ونفقات تنشئتهم وتعليمهم وغير ذلك. ولا أهمية في الحقيقة لأي عرس لكونه كبيراً أو مكلفاً، بل الأهمية هي لما يجري بعد العرس من تفاهم وانسجام وتوافق وتعاون وحياة مشتركة.
سميح ناطور – فلسطين

تعليق الضحى
إن المشهد الذي يقدّمه المجتمع في مناسباتٍ اجتماعيّة عامّة كالأعراس وغيرها، هو مشهد يعبّر عن عادات الجماعة ،ومفاهيمها الحياتيّة وآدابها على العموم، وعن مدى ارتباط أصحاب المناسبة بالقيَم الأصيلة على الخصوص. لذلك، فإنه من الأوجب والأليق والأحسن أن تتمّ المحافظة في مثل هذه اللقاءات على روح الاعتدال الجميلة في التصرّفات واللياقات والأزياء. وتُراعى فضائل الاحتشام والرّزانة بحيث تكون الذكرى مثالا في المجتمع، وقدوة للأجيال الشابّة. وبالتأكيد، فإنه بهذه النوايا تحلّ البركة ويكون التوفيق.

هاتوا القَلَم

خلّـــو القلم يحكي وبلا الخنجـر الخنجر كلامو مغمّس بأحمـــــــــــر
أما القلم رمـــز الأدب والفـــــــــن بيخلـــق مدينـــه ثوبها أخضـــــــــــــر
خلّو القلم يحكيلنـــا حكايــــــــــات عن وطـــن مخضـــــرّ وجنّــــــــــــــات
عن مدينــــــــــــــــه فاضله وآيــــات عن كـــون بالأخـــلاق يتـــــــــــــــــزيّن

خلّو القلـم يبقى بديل رصـــــاص عمينتقـــــم.عميحصد بهالنــــاس
أمّا القلــــم للمعــــرفه نبــــــــراس بيخلـــق وطـــن بالعـــدل يتعمـــــــــــّر
خلّو القلم يكتب قصص أخـلاق عن محبّـــه عن عقــــل خــــــــــــــلاق
حتى القلــب للمكرمــه يشتــــــــاق ومن عقــدة الأحقـــــاد يتحــــــــــــرّر

خلّو القلم يحكيلــنا عن عصـــــر يوم العـــدل للنـــاس يعقد نصـــــــر
ولمّا يصير الكوخ خيّ القصـــــــر بنحسّ يومهــــا العالـــم تحضّــــــــر
انشالله القلم يحكي.وبلا مدفـع يقصــف.يدمّر معمــل ومصـنــــــع
والقلــــــــــــم للمعــــــرفة مرجــــــــع بيفتـــح طريق النـــور للإنســــــــــان

يحيا القلـــم وليســقط الخنجر

 

بدعة التكفير جناية

 نعم..بدعة التكفير جناية تعاقب عليها الشريعة

أداة الطرح الحسابية (9 ناقص 3 مثلاً) إذا استخدمت في الحكم على إسلام المسلمين، فإن حاصل الطرح سيهبط من خانة الآحاد والجموع الصحيحة إلى خانة الصفر: هذا مسلم عاصٍ فلنطرحه من الحساب، وهذا مسلم زانٍ، وثالث شارب خمر، ورابع آكل ربا، وخامس نادى بفكرة قد تؤدي إلى الفساد، هؤلاء جميعاً كفرة فلنطرحهم من الحساب ولنخرجهم من الملة إخراجاً.
لا ريب في أن هذا منزع غير واقعي من جهة، إذ أن معظم المسلمين في العصور كافة لم يتطهروا بالكلية من هذه المعاصي والكبائر والآثام، ثم إن هذا المنزع – من جهة أخرى- إنما هو منزع مضاد (مضادة كاملة)، لهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في الاكتراث الكمي بمجموع المسلمين فقد قال عليه الصلاة والسلام: «أحصوا لي كل من تلفظ بالإسلام».. ومن مفاهيم هذا الحديث:
أ. حسبان كل من تلفظ بـ لا إله إلا الله محمد رسول الله مسلماً من أمة الإسلام.
ب. إعلاء قيمة (اللفظ) للدخول في الإسلام.. ونقفي على هذا المفهوم الجليل الجميل (مفهوم أداة الجمع من خلال العد والإحصاء) بمفهوم آخر عميق وجميل أيضاً: مفهوم أن الإسلام (منهج جذب وضم) لا (منهج طرد وطرح). ولذلك جاء أمر الرسول «أحصوا لي».. وفي رواية «اكتبوا لي كل من تلفظ بالإسلام من الناس».. فالكم العددي معتبر في الإسلام، وذلك لأهداف كثيرة منها: معرفة من هو على الإسلام بمجرد النطق بالدخول فيه وتقرير الأحكام وفق ذلك. هذه واحدة، والأخرى هي: الاستيثاق من الرصيد البشري المسلم الموجود ابتغاء توظيفه في البناء المدني، وفي خطط الدفاع.
إن السطور الآنفة ليست إلا مدخلاً إلى معرفة المقصد الأعظم. فقد بعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لتحقيق مقاصد عظمى أولها وأعلاها بإطلاق هو مقصد إقناع الناس – بالحسنى- بالدخول في الإسلام. ومن هنا، فإن الدعوة الصحيحة الحقة، في كل عصر هي: إدخال الناس في الإسلام عبر الإقناع الحر بالحجة القوية الساطعة، والأسلوب الهادئ اللين الرفيق أو تثبيت الناس على الإسلام إذا دخلوا فيه، وليس من أهداف الدعوة إلى الله: إخراج الناس من الإسلام، فهذا الإخراج حقيق بأن يسمى (الصدّ عن سبيل الله). هيهات هيهات أن يكون ذلك من الإسلام. فالنقيضان لا يجتمعان!!
فإذا تعجّل امرؤ، ممتلئ سخطاً وهيجاناً، إلى تكفير مسلم فإنه لم يكن من الداعين إلى الله على بصيرة، كما أمر الله تعالى الرسول وأتباعه: }قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني{ (يوسف: 108).. وهناك ما هو أظلم وأخوف، بمعنى أن المتسرع بالتكفير يخشى عليه المصير نفسه، أي أن يصبح هو نفسه كافراً. فقد قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «من دعا رجلاً بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حارت عليه»، أي ارتدت عليه دعواه التي ادعاها على أخيه، وهي الكفر.
وهذا حق كله، منطقي كله، هدى كله.
فالنبي (ص) بُعِث لإخراج الناس من الظلمات إلى النور: }ألر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد{ (إبراهيم:1).. فبأي فقه، وأي عقل، ولأي هدف وغاية يُنكّس هذا المنهج ويُقلب فيصبح هدف الدعوة: إخراج الناس من النور (أي الإسلام) إلى الظلمات، أي الكفر؟!!.
في وضوح مثل السنا، وبعبارة علمية دقيقة، وفي أمانة وورع وبحرص بالغ على بقاء المسلم في دائرة الإسلام، قال الإمام أحمد بن حنبل: «ولا يُكفَّر أحد من أهل التوحيد وإن عملوا بالكبائر، ومن مات من أهل القبلة موحداً نصلي عليه ونستغفر له ولا نحجب عنه الاستغفار، ومن زعم أنه كافر فقد زعم أن آدم كافر، وأن إخوة يوسف حين كذًبَوا أباهم كفار».
وعبارة الإمام أحمد هي العبارة ذاتها التي نجدها – بنصها – في عقيدة الأحناف والمالكية والشافعية.
وهذه هي عقيدة أهل السنة والجماعة جميعاً في هذه المسألة الدقيقة، والغريب أن “مكفراتية” عصرنا هذا يزعمون أنهم على منهج السلف الصالح، وقد تأكدَ آنفاً أن المنهج الحق ضد مزاعمهم بإطلاق.
وإنما استند منهج الحق، واستمد هداه وحجته من الكتاب والسنة:
أولاً: الكتاب، قال الله تعالى: } يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمنّ الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا{ (النساء:49). وسبب نزول هذه الآية: أن رجلاً من بني سليم يرعى غنماً له، مرّ بنفر من أصحاب النبي فسلم عليهم فقالوا: لا يسلم علينا إلا ليتعوذ منا فعمدوا إليه فقتلوه فنزلت الآية بالكف عن التأويل الخاطئ، والتسرع في التكفير.
ثانياً: السنة، قال أسامة بن زيد: “لحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً من جهينة فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله فكف عنه الأنصاري، وطعنته فلما قدمنا المدينة بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا أسامة قتلته بعد ما قال لا إله إلا الله. فكيف تصنع بـ لا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟ قال أسامة: فما زال يكررها عليّ حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم”.
وفي ضوء الاهتداء بمنهج الإسلام:
1. قال الإمام النووي، وهو من أعلام الشافعية: “إن مذهب أهل الحق أن لا يكفَّر المسلم بالمعاصي”.
2. وقال الإمام ابن عبد البر، وهو من أعلام المالكية: “كل من ثبت له عقد الإسلام في وقت بإجماع المسلمين، ثم أذنب ذنباً أو تأول تأويلاً فاختلفوا في ذلك، لم يكن لاختلافهم معنى يوجب حجة. وقد اتفق أهل السنة والجماعة على أن أحداً لا يخرجه ذنبه – وإن عظم- من الإسلام، وخالف المسلمين في ذلك أهل البدع”.
3. ويقول الإمام ابن تيمية، وهو من أعلام الحنابلة: “ولهذا كان أهل العلم والسنة لا يكفرون من خالفهم، وإن كان ذلك المخالف يُكفِّرهم، لأن الكفر حكم شرعي. ومن شأن أهل البدع أنهم يبتدعون أقوالاً يجعلونها من الإيمان الذي لا بدّ منه، ويُكفِّرون من خالفهم فيها، ويستحلون دمه، وأهل السنة لا يبتدعون أقوالاً، ولا يُكفِّرون من اجتهد فأخطأ، وإن كان مخالفهم، مُكفِّراً لهم، مستحلاً لدمائهم”.
ونختم هذا المقال بنقطة تتعلق بتعظيم كلمة التوحيد، فقد يظن ظان أن الغيرة على التوحيد هي التي تدفع المسارعين إلى التفكير في الحكم على مسلمين بالكفر.
وهذه الغيرة من الوهم!!
لماذا؟
لأن التعظيم الحق لكلمة التوحيد يثمر، بلا ريب، البراءة التامة من تكفير قائلها.
ما مناسبة هذا المقال: مناسبته أن هناك عشرات في السعودية، من الذين أدمنوا تكفير مسلمين يتعرضون الآن للملاحقة والمساءلة ثم العقاب.
وهذا ملف ينبغي أن يظل مفتوحاً، لأن الإيمان بالله حق من حقوق الإنسان لا يجوز أن يتهتك، ولأن بدعة التكفير هذه: إجبار على الكفر، ولأن المكفراتية يتوجب أن يظلوا خائفين من العقاب الحق.

(عن صحيفة “الشرق الأوسط” – 9 نوفمبر 2013)

الحَدّ ضرورة لازمة لكمالٍ إنسانيّ

“الحَدّ”: ضرورة لازمة لكمالٍ إنسانيّ

الفيلسوف-أرسطو-اهتم-بتفسير-ظاهرة-الوجود
الفيلسوف-أرسطو-اهتم-بتفسير-ظاهرة-الوجود

ليس “الحدُّ” (Limit) بمسألةٍ بسيطةٍ على الإطلاق. وإنَّها لَمعضِلة فكريَّة وروحيَّة (بل وجوديَّة أيضاً) أن يستغربَ المرءُ (شابّ عصريّ مثلاً)، في حال الحديث عن “لزوم الحدِّ” وأهميّته المسلكيَّة لتحقيق توازن يحملُ الشخصيَّة الإنسانيَّة فوق محمَل سويّ كفيل بمساعدتها للوصول إلى غاياتٍ نبيلةٍ لوجودها، فيردُّ متسائلاً عن “الطُّموح” و”ضرورات العصر” ومتطلّباته.
إنّها ردَّة فعل واقعيَّة تتناغمُ تماماً مع ما يسمونه “روح العصر” بصيغة بدايات الألف الثالثة، ولا تبدو نشازاً في الإيقاع المتسارع جدّاً لصورة العالم المتدفِّقة على حواسنا من دون انقطاع. المشكلة هي في العمق معرفيَّة، متعلّقة بنهج المقاربة ومدى مساعدتها إيّانا لنقترب من الحقيقة، صوناً لنا من التعثّر في درب وعِر نُخدع فيه من ذات أنفسِنا.
إنَّ استسهال مفهوم “الحدّ” من دون أدنى محاولة لفهم أبعاد مضامينه اللغويَّة والفلسفيَّة والرّوحيَّة والمسلكيَّة لهُو أمرٌ يُسهمُ إسهاماً أساسيّاً في تعميق حال “الغربة الرّوحيّة” التي هي، ويا للأسف، حالٌ سائدٌ ومقيم، بل وفعّال في مفاقمة هذه الإشكاليَّة التي لا تقلّ شأناً في مستواها عن مسألة التضادّ وآفاته المدمِّرة في سياق حياتنا المعاصرة. وقديماً، رأى كبار حكماء اليونان أنَّ في “الحدّ” كلّ خير، وفي “اللاحدِّ”
(Unlimited) منزَلقٌ إلى كلِّ شرّ.
إلامَ تنجذبُ فكرة “الطّموح” العصريّة من هذا المنظور؟ لقد تميَّز “الميْلُ الحداثيّ” – فكريّاً- بهيمنة النّزوع إلى “المزاج” بأكثر ممّا هو ارتباطٌ بعمق الفكر وتراثه المتراكم من الإرث اليوناني – على الأقل– إلى يومنا هذا. بالإجمال، تسودُ أجواءَ التفلسُف في الجامعات الكبرى في العالم اليوم نوازع شرهة إلى إهمال القول بأنَّ للإنسان “ماهيّة” أو “هويّة” روحيّة (Identity). وقد تأتّى هذا الاعتقاد نتيجة سياق طويل، زمنيّاً، استُهلّ بشكل واضح منذ “عصر النّهضة” في أوروبا، وبروز مذاهب فلسفيَّة “وضعيَّة” و”تاريخانيَّة” و”نفعيّة” توّجها نيتشه في نهايات القرن التاسع عشر برفضٍ “سوبرمانيّ” للمقاربة الأخلاقيّة الموروثة عن الأفلاطونيّة والمسيحيَّة، لصالح مفهوم “إرادة القوّة” ونبذ المثاليّة المترتّبة عن القول بماهيَّةٍ ذات جوهر معنويّ.
لقد عزا أرسطو علل وجود ما هو موجود إلى أربعة: المادّيّة والصّوَريّة والفاعلة والغائيّة، وارتبط هذا النظر بمبحث استقراء المحسوس (الطبيعي) ارتقاءً إلى المعقول و(ما بعد الطبيعي أي الميتافيزيقي). وبإستثناء التوماويّة، وهي الفلسفة التي تشبه ما فعله علم الكلام في الفلسفة الإسلاميّة، أي الدّفاع عن العقيدة الإيمانيّة بالنهج العقلاني الموروث عن اليونان ومؤثراته، فقد أهملت الفلسفة الحديثة هذه المقاربة، خصوصاً بنبذها ربط المُعطى الوجودي بعلَّةٍ غائيَّة لا يمكن التطرّق إليها في العمق إلا بالميتافيزيقا. والتوماويّة (فلسفة توما الأكويني) هي أحد الأعمدة التي تدعو إليها إحدى رسائل البابا بولس الثاني في الدعوة إلى إعادة مصالحة العقل والإيمان مجدَّداً.
طبعاً، يخدم هذا التوجُّه عقليَّة “التحرُّر” من قيود ما سمَّوه “الغيبيّات”، وكلّ حقول المعرفة التي هي خارج ما سُمِّي “العلوم البحتة أو الصلبة”. واختصاراً، أدَّى ذلك إلى “نسبيَّة” جارفة، وإلى طغيان المقاربة الاحتماليّة التي جرفت بقوَّة دلالتها المنظورة كلّ يقين قائم على “اللامنظور”. كانت النتيجة على الصّعيد الإنسانيّ هتـك مفهوم “مركزيَّة الإنسان الكونيَّة”، وبالتالي، بات الحديث عن توازن داخلي يحاكي أسرار “الكون المعقول” باللوغوس (Logos) ضرباً من ضروب نزعةٍ مثاليَّة قديمة ورجعيَّة. وكان لا بُدَّ لمفهوم “الطّموح” أو “تحقيق الذات” أن يرتدي عباءةً مذهَّبة بحيث صار مفهوماً مادّياً حالماً بثروةٍ سهلة، وموقع نافذ، وجاهٍ مشهود. وعدمت وسيلةُ الوصول لتحقيق الهدف معايير الأخلاق والفضيلة التي باتت إلى حدٍّ كبير في نظر “الطامحين” (بهذا المعنى) معوّقات شخصيّة ونفسيّة حائلة دون الفرد ومطامحه. هنا بالضبط، يصيرُ الحديثُ عن الأبعاد “النّظريّة” لمفهوم “الحدّ” وكأنّه يسير في الوجهة المعكوسةِ لمزاج الوقت. ولكن، كيف السّبيل لإهماله وهو يشكِّلُ قاعدةً ضروريّةً من قواعد “معرفة النّفس”، وبالتالي، معرفة الحقيقة؟
بالمعنى الفلسفي (بتعريف الفلسفة القديم الأصيل: محبَّة الحكمة)، فإنّ لزوم الحدّ هو الثابتُ الأساسيّ لتحقيق العدل، سواء في المستوى النّفسيّ الخاص، أو في المستوى الاجتماعيّ العام. و”الجمهوريّة”، كتاب أفلاطون الجميل، يرينا أن العدالة هي نتيجة توازن القوى في الذات لتحقيق إنسان عادل، كما هي تماماً نتيجة توازن المعطيات الاجتماعيّة لتحقيق مدينة عادلة. خارج هذا التوازن، يبدأ الانحطاط، وصولاً إلى تفشّي الفساد المسبِّب لوباء الظّلم القائد بدوره إلى خرابٍ مقيت.
إنّ أي باحث في تاريخ الفكر، لا بدّ أنه واقف على المجابهةِ الحيويّة بين سقراط وسفسطائيّي عصره. إنَّ أهمّ ما بدأ به الحكيمُ في مواجهة ألاعيب الخطاب والكلام هو الدّفع نحو “تحديد” المصطلح مدخلاً إلى حوار يُمكن الوصول به إلى مغزى ما، وإلا ينزلق الكلامُ في متاهٍ مغلوط، يذهل العقل عن حقائق الموضوع، ويوقعُ المدَّعي في أوهام المعرفة التي لا طائل منها سوى التّمويه والخداع. مذّاك، صاد “الحدُّ” نهجاً راسخاً في كلّ بحثٍ رصين. و”الحدّ” هنا هو ما أوضحه الجرجاني في “التعريفات” بقوله: “هو قولٌ دالّ على ماهيَّة الشّيء”، أي “تعريف” المصطلح كي تكون قاعدة الحوار واضحة، وهذا يدخل في المعنى العلميّ المنطقي.
أمّا في المعنى الشَّرعيّ فهو قواعد الأمر والنَّهي، وهو يقاربُ هنا المعنى اللغوي الّذي هو “المنع”، لذلك، يأتي في معنى إقامة الحدّ شرعاً ما استحقَّه المخالفُ من عقوبةٍ معنويَّة أو غيرها تأديباً للنّفس وتهذيباً لها وفق مقتضيات الأدب والصّيانة. قال تعالى في كتابه الكريم
﴿تلكَ حُدودُ الله فلا تَعتَدُوها ومَن يتَعدَّ حُدودَ الله فأولئكَ هُمُ الظّالِمُون﴾(البقرة 229).
فإذا أتى حديثُ المعنى الأخلاقي، فإنّه يتبيَّن مدى حيويَّة مفهوم “الحَدّ” وأهمّيته القصوى في صحّة المسالِك والتّصرّفات. واختصاراً، يُمكن الوقوف عند آيةٍ كريمة ومقاصدها الجليلة إذ هي موجَّهة مباشرة إلى النبيّ (ص) في أمر الله القاطع ﴿فَاستقِم كمَا أمِرت﴾(هود 112)، وجاء في تفسيرها في “روح البيان” ما يلي: “هذا أمر بالدّوام على الاستقامة، وهي لزوم المنهج المستقيم وهو المتوسِّط بين الإفراط والتَّفريط. بحيث لا يكون ميْلٌ إلى أحد الجانبيْن قيْد عرض شعرة ممّا لا يحصل إلا بالافتقار إلى الله تعالى، ونفي الحوْل والقوَّة بالكلِّيَّة” لذلك قيل: “رحمَ اللُه امرءاً عرفَ حدَّه فوقف عنده”، فساوَت الحكمةُ الثابتة بين لزوم الحدّ ورحمة الله، لأنَّه بالاستقامة يصون المرءُ نفسَه كي تتمكَّن من ارتقاء مدارج السّلوك العاقل نحو كمالها الأخصّ بها، وهذا السبيل هو أشرف الغايات الإنسانيَّة.

أناكسيمندرa
أناكسيمندرa

” اللامحدود ”
قبل أكثر من خمسة قرون من بدء التاريخ الميلادي، عاش أنكسيمندر، وكان صديقاً لطاليس، والاثنان قدَّما أفكاراً اعتُبرت خروجاً من أجواء الاعتقادات الخرافيّة (الميثولوجيّة)، وبدايةً لنمط تفكير يرنو إلى محاولات تفسير عقلانيّة للطبيعةِ واكتشاف العلل التي تحكمها، وبالتالي، فإنّ الفلسفة – بما تعنيه في الأصل اليوناني من محبّة الحكمة والمعرفة – قد وجدت سبيلها إلى العقول. وقد شهد أرسطو بأنّ طاليس، القائل بأن أصل الأشياء كلّها هو الماء، كان بمثابة مؤسِّس لهذا النوع من الفلسفة (الطبيعيَّة). وقد خالفه صديقُه أنكسيمندر الذي نقل عنه ثيوفراسطس الشذرة التالية: “إنَّ العنصر الأوَّل للأشياء هو اللانهائي، وهذه العلَّة ليست ماءً ولا شيئاً من العناصر المعروفة، بل مادّة مختلفة عنها لا نهاية لها، وعنها تنشأ جميع السموات والعالم”.
فكرة “اللانهائي” هذه (باليونانيّة Apeiron، ويمكن تفصيلها كالتالي: a – peiron وتعني لا – حدّ) اعتبرها البعضُ من أكثر الأفكار الفلسفيّة التي خضعت للنقاش ومحاولات التفسير منذ ذلك الوقت وحتّى يومنا هذا. ولا غرو في ذلك، فهي شكّلت “بداية لعمليّة التفكير المجرَّد نحو تكوين مفهوم لموجود عقلي حائز بذاته على الصّفة الجوهريَّة. تلمّس الفيلسوف عبرها، وبشكل أوّلي غامض نوعين من الوجود: الموجود الحسِّي المتغيِّر، والموجود كوحدةٍ فكريَّة لتفسير الوجود فيزيقياً وميتافيزيقياً. (د. الضاهر).
وخلُص عدد من الباحثين إلى أنّ مصطلح (Apeiron) أي “اللامحدود” أو كما تُرجمَ أيضًا “اللامُتَعيّن” هو ليس مفهوماً
(concept) بالمعنى الدّقيق لأنّه لا يشيرُ إلى أيّ شيء يمكن الإشارة إليه، ولا إلى أيّ شيء يُمكن تعريفه، ولا أيّ شيء يُمكن معارضته أو مقابلته بأيّ حقيقة أُخرى. “الأبيرون” يحيط بكلّ شيء، ولا شرط يقيّده. وهو ضروري لشرح وجود كلّ ما ندركه، ولا يمكن استيعابه بطريقة محدَّدة، ولا يمكن الإشارة إليه إلا سلباً. ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (الشورى:11)
تناول أرسطو المسألة واضعاً إيّاها تحت مجهر التحليل المنطقي الصّارم في كتاب “الطبيعة”، مستهلاً البحث بالتساؤل الأساسي: “قد يلزم مَن جعل نظره في أمر الطّبيعة أن ينظر في “لا نهاية”: هل هو موجود، أو لا؟ وإن كان موجوداً، فما هو؟” (Physics, B. IV, 208a, 27. Hussey). وبعد أن حاصر السؤال بمقدّمات عقليّة، اعتبر أنّ هذا الموضوع يدخل في نطاق “مواضع الشّك”، حيث أنّ نفيه يسبِّب أموراً من المحال التسليم بها، وإثباته يطرح إشكاليّات في مقاربة صفات وجوده في غاية الصّعوبة.
طبعاً، القضيَّة هي من المواضيع الشائكة في الفلسفة، ويتطلّب بحثها عرضاً مسهباً. المهمّ، أن أرسطو يثبت مدخلاً مُهمّاً يُمكن اعتباره “حدّاً” يسهِّل المقاربة في سبُل واضحة. يقول في استنتاج لافت، من دون وضع نقطة نهائية للبحث، ما يلي: “ظاهرٌ أنّ “لا نهاية” (اللامحدود) بمنزلة هيولى، وأنَّ ماهيّـته عدم، وأنَّ الموضوع بذاته هو المتَّصل المحسوس. وقد نجد سائر من تكلَّم في “لا نهاية” إنّما يستعملونه جميعاً بمنزلة الهيولى، ولذلك قد يقبح أن نجعل منه محيطاً لا مُحاطاً به” .
إذاً، وجد أرسطو أنّه من غير المستحب الظّنّ بأن “اللامحدود
Unlimited” هو من دون إحاطة، طبعاً في مبحث الطبيعة كما تبيّن. وسوف “يطوِّق” هذه الفجوة الفكريَّة لاحقاً بعلَّةٍ في الوجود عاقلة، هي بمثابة علَّة أولى. ومن السُّهولة بمكان أن تُفهم هذه العلَّة بأنَّها “حَدٌّ” لا بدّ منه لكي يتبدَّى الوجود في نظامه البديع. وهنا عودٌ على بدء للوقوف على الأهميَّة القصوى، بل الضروريَّة، لمفهوم الحدّ.

مساهمات حرة

المحبة وأعداؤها

بسم الله الرحمن الرحيم الذي هو المحبة وبالمحبة أوجدنا، وبالمحبة يرعانا، وبالمحبة أوصانا، وبالمحبة أرسل كبشه ليفدي اسماعيل، فأصبح للبشرية بذلك عيد للتضحية، هو في الحقيقة عيد للمحبة المطلقة للرب إلى حد التضحية بالنفس بكل طيبة خاطر في سبيل طاعته.
أين نحن من المحبة؟ وكيف يمكن أن نعيشها في زمن غلبت فيه مشاعر السلبية والتنابذ على علاقات الناس وهيمنت روح الفرد والأنانية؟ لا سبيل لنا في ضوء كل ما نعانيه إلا غسل القلوب من كل ما هو ليس محبة لتبقى المحبة صافية وتصبح ايامنا كلها أعياداً. لكن من أجل أن نحيا بالمحبة لا بد لنا أولاً من أن نتنبه إلى أعدائها وأن نتغلب عليهم.
وأعداء المحبة كثر، وأولهم الغضب فهو يعمي البصيرة ويشل التفكير وقد يؤدي إلى ارتكاب الحماقات، وهذه تزيل احترام الإنسان للإنسان وتخرج المحبة من القلوب.
ومن أعداء المحبة الحسد الذي هو اعتراض على حكمة الرزاق في توزيع الأرزاق، والحسد جهالة محض لأنه لا يغيّر من أمر الله شيئاً بل يؤذي صاحبه. على العكس من ذلك، إذا صفيت المحبة فرحنا بما اعطى الله لغيرنا كما لو اعطي لنا فنكون بذلك شركاء في سعادة الآخرين دونما حاجة لأن يكون لنا ما لهم.
ومن أعداء المحبة الحقد، وهو الأصعب غسله لأنه يعلق بالنفوس ويحجر العقول، فيلزمنا الكثير من الجهد والتعب حتى لا يقضي علينا، ويسرق منا العمر، ونحن خائضون في أوحال الكره وأسرى سجن الكراهية.
هذه الثلاثة (الغضب والحسد والحقد) خصال ضدِّية لها فروع كثيرة لو أتينا على ذكرها لطال بنا الشرح، ولكن علاجها يكون بسلوك طريق القرب من الله تعالى، فنرى بنوره وتتوسع مداركنا فتنكشف لنا حقائق كانت امام أعيننا، لكن لم نكن نراها، كما تأتينا من دون جهد حلول كنّا نجد صعوبة في تصورها بسبب الوهم وغشاوة نفوسنا.
الكل بالطبع يدعو إلى المحبة، لكن هذه صارت في الحقيقة نفاقاً وشعاراً أجوف، وبدلاً” من المحبة العاقلة في الله وهي محبة مانحة للنور، سقطنا في مزالق الشهوات وظلماتها فأصبحت المحبة في الحقيقة سباحة في الوهم ونزوعاً لأسر الآخر أو صفقة كأي صفقة تجارية.
محبتنا جوفاء فارغة، لأنني قد أحب فلاناً لكني لا أصدقه القول، وأتحدث بالخير لكني لا أتصدق من مالي لكي أغيث ملهوفاً أو أمسح دمعة فقير أو محزون، وأحب زوجتي ولكني لا التزم الوفاء لها، وأحب أهلي ولا أطيعهم، وأحب اصدقائي وأغدر بهم، وأحب حسن المعاملة ولكن لا أدفع حقوق الناس، وأحب الاخلاص في العمل ولكن لا أخلص في عملي، وأحب الله وأعصي اوامره.
فصح فينا قول عبدالله ابن المبارك:
تعصي اله وانت تظهر حبه هذا لعمري في الفعال بديع
لو كان حبك صادقاً لاطعته ان المحب لمن يحب مطيـــــــع
لنرجع الى عقولنا، فالعقل هو الذي ميّزنا عن الحيوان ومن دونه نصبح أدنى من الحيوان.
المحبة الحقيقية هي نظام، هي أن تعمل بالعقل لا بالعاطفة، هي أن تربي ولدك على الفضيلة لا على أهواء النفوس وشهواتها، هي أن تربي ولدك على الحلال والا فأنت لا تحبه مهما قلت وغاليت، وهو لن يحبك مستقبلاً، ولن يكون باراً بك، وهذا سر الجفوة بين الاهل وابنائهم، حيث تكون عقوبة الاهل عقوق اولادهم لهم.
نذهب الى الصائغ لشراء الذهب، ولا نرضى إلا بالصافي، واذا غشنا شكيناه في المحاكم، لكننا نرضى أن نغش المحبة بالضغينة والكره والحقد والحسد، مع أنها اساس هذا الوجود، فكيف يستقيم بناء وجودنا اذا غششنا في الأسس.
كميل بو غانم -ابو ظبي

سيدتي الأميرة مي جنبلاط
أميرتي.. يا نجمة تلألأت في سماء لبنان الحبيب، هنيئاً لك مقامك الكبير- في حياتك كما في مماتك – فالتكريم الذي جاءك من البشر يوم رحيلك جاءك من قبل من علٍ من الله عز وجل..
يا غصناً في هذه الدوحة الأرسلانية العريقة التي أدت الدور البارز خلال مئات السنين، إبنة الأمير شكيب أرسلان الذي ملأ الدنيا وشغل الناس..السياسي العربي، والنهضوي بامتياز، وهو الذي ترك لنا آثاراً عظيمة يجب علينا أن ننهل منها.
انتقلت يا أميرتي الى الدوحة الجنبلاطية الوارفة. زوجة للكمال، ذاك العبقري المتربع على عرش التقوى والإيمان والحكمة والسمو حتى الشهادة، ووالدة مقربة وناصحة للوليد المنقذ الذي أكمل المسيرة وسطر على دربها البطولات والمآثر التي ستبقى فخراً للأجيال.
كان الكمال، الذي منحته حبك، سنديانة ضاربة جذورها في عمق أعماق لبنان، وقد أعطاه الله ما لم يعطِه لغيره، إرثاً وتراثاً.. وعقلاً ومعرفة وحكمة فبايعه الناس زعيماً ومعلماً وقدوة، وقد عرف العالم كله فضله ومكانته، وبسبب عظمته فقد عرف هذا العالم أيضاً الموحدين الدروز وتراثهم وتاريخهم الحافل بالبطولات والقيم الروحانية والرجولة.
هنيئاً لكِ جنة الخلد يا أميرتي الغالية، وأنني أختم، بما قاله الشهيد كمال جنبلاط يوم مأتم والدته سيدة قصر المختارة، حين قال: “السماء تبكي والناس من حولي يبكون، أما أنا فأفهم حقيقة الموت، الحقيقة التي تقربنا الى خالقنا، فلا اعتراض على حكمه ولا رادّ لقضائه، بل إقرار بوحدانيته”.. والتوسّل إليه أن يقدرنا على واجب الوفاء لأميرة الوفاء وقد أردناها وفاءً لعهد وولاء لبطل، البطل الوليد أمير الرجولة والشهامة والكفاح الوطني والعربي.
طيّب الله ثراك أميرتي بالمسك والعنبر..

د. مفيدة عابد

سقراط: المعلم العظيم
لا مراجع تفيدنا عن حياة سقراط أفضل ممّا جاءنا عن طريق تلميذه النجيب إفلاطون؛ الذي كتب عنه في محاوراته، فنحن مدينون له بمعظم ما نعرفه عن سقراط، ذلك المعلّم الكبير الذي اعتبر أنّ قيمة الإنسان هي في القدر الذي يحصله من المعرفة، وليس في ما يجمعه من المال أو يحققه من الجاه لأنّ المعرفة هي ما يعطي الإنسان قيمته الإنسانية ويقربه من الله، أو كما جاء في الحديث الشريف: “من عرف نفسه فقد عرف ربه”
حكمة…بالمجان
اعتبر سقراط التربية وسيلة لنشر الفضيلة، ولمّا أراد منه بعض أثرياء مدينة أثينا، التي كانت آنذاك مدينة مزدهرة لإمبراطورية بحرية كبرى، تعليم أولادهم جرياً على عادة ذلك العصر، فإنه رفض عرضهم رغم أنه عاش حياته فقيراً. لكنه في المقابل كان يبذل جهده في نشر المعرفة بين الناس الذين كان يرى فيهم الإخلاص والرغبة الصادقة بغض النظر عن مكانتهم الاجتماعية.
ولأنّه كان مولَعاً بحب الحكمة ويرفض ربط تعليمها بالمال، فقد ابتكر أسلوباً فريداً في عصره، إذ كان ينزل إلى سوق أثينا، ويرتاد المجتمعات العامة ليناقش ويتحدّث بحرّية وجرأة إلى كل من يأنس منه ميلاً إلى الحوار والنقاش. وهكذا، فإن نشاطه التعليمي لم يكن يرتبط بمكان أو بنظام معيّن.
عندما نقرأ سقراط نجد أنّه يربط بين التربية والفضيلة ربطاً عضويّاً، إذ يركّز في تعاليمه على أهمّية تعلّم الفضيلة عندما تكون منظومة من القيم لها هدف وغاية. فهو يريد تعلّم الفضيلة التي يراها من حيث جوهرها تشكّل الغنى الحقيقي للنفس الإنسانيّة، كما يعتبر أنّ التربية تمثّل علاج النفس الأكثر فعالية، وأنّه لا يصح أمر التربية إذا تسلّمتها الأيدي الغريبة الخالية من الضمانات الأخلاقيّة. ولم يكن سقراط طبيباً بالمعنى المتعارف عليه في عصرنا هذا، ولكنه اعتُبر طبيباً للنفس الإنسانية، وذلك لأنه تناول المعرفة من حيث هي غذاء النفس، وبها تستطيع أن تميّز ما هو خير، وما هو شر. وبهذا المعنى، فإن العلم الحق عنده هو علم الخير، ذلك لأنّه ينير العقول ويحفّزها على الفاعليّة، ويصهر ويطهّر القلوب، وعلى كل إنسان أن يتطلع إلى تحصيل العلم الحق الذي يقربه من حقيقة نفسه والوجود وليس العلوم السطحية.
شجاعته في الحق
انتقد سقراط الديمقراطية، ذلك لأنه رأى فيها مدرسة للديماغوجية والتلاعب بعواطف وأفكار الناس، وكان لأفكاره وقع وتأثير، أشعر أصحاب النفوذ في زمانه بالخطر فتألبوا عليه ولفقوا له تهمة “إفساد الشباب” والتجديف على المعتقدات الأثنية (الوثنية)، وقدم سقراط إلى محاكمة مدبرة بدا فيها واضحاً أن الحكم اتخذ قبل المرافعات، ورغم أنه دافع عن موقفه بجرأة إلا أنه بعد أن حكم بالإعدام ترك له المجال ليتقدّم بـ “طلب استرحام” كان يمكن أن يرفع عنه سيف الإعدام. لكن رفض ذلك العرض الماكر الذي أراد إظهاره بمظهر الجبن، وبالتالي تسويد صورته في نظر مريديه ومحبيه، كما رفض سقراط عروض محبيه بتدبير فراره من السجن ساخراً من اهتمامهم بسلامته مستهزئاً بفكرة الموت.
سلّم الفضائل السقراطية
أعلى الفضائل في السلّم القِيَمي عند سقراط هي فضيلة المعرفة، ومع أنّه لم يضع للقيم سلّماً متدرّجاً، فإنه رأى في العمل فضيلة تَلي فضيلة المعرفة، إذ أن العمل يصون كرامة الإنسان كما أنه أحد مسالك تحصيل المعرفة وتأمل الحياة. أما الفضيلة التي تتلو العمل عند سقراط فهي فضيلة القناعة لأنها تحمي الإنسان من الجشع، وتساعده في كبح جماح شهواته، وهي بالتالي سبيل التحرر من النفس الضدية وشغل العقل بالبحث عن الحقيقة. واعتبر سقراط الصداقة من أهم الفضائل لأن الصديق المخلص يهتم بصديقه كاهتمامه بنفسه. وبما أن كافّة الفضائل السقراطية تتأتّى من العقل، فقد اعتبر سقراط العقل مصدر الحقائق كلها.
المعرفة أساس الحكمة والأخلاق
اعتبر سقراط أن معرفة النفس والتصرّف الحكيم يصلان بصاحبهما إلى سبيل السعادة، تلك السعادة التي لا تأتي إلى الإنسان بالصدفة، أو بضربة حظ، بل يكون مصدرها المعرفة والتعلم على يد معلم، وهذا المبدأ طبقه سقراط عندما تفرغ بكليته لتهذيب أخلاق ونفوس الشباب في عصره، وقد أهمل في سبيل هذه الغاية حياته الخاصة، بل أن المعلم العظيم لم يتردد في تقديم حياته دفاعاً عن حقه في تعليم أجيال أثينا، وفي ذلك الموقف الخالد قدّم سقراط أسمى مثال على الشجاعة والتسليم والتضحية في سبيل الحق.

إبراهيم العاقل

المعلم الذي أفتقده
من يزور لبنان لا بد له من زيارة قلعة بعلبك ومشاهدة أعمدتها الستة، ومن يزور لبنان لا بد له من زيارة قصر المختارة ومشاهدة كمال جنبلاط العامود السابع. هذا الكلام للصحافي الراحل ميشال ابو جودة من مقطوعته اليومية من حقيبة النهار سنة 1974. لم يكن كلام الراحل ابو جودة على سبيل المجاملة أو كلاماً عاطفياً، لأنه من المعروف عنه أنه كان يتصف بالموضوعية، بل قد يكون المقصود منه أن تعاليم المعلم كمال بك سوف تجد من يقرأها ويعمل بها طوال قرون من الزمن، كما هي أعمدة بعلبك منتصبة لمدة تزيد على عشرين قرناً.
وبالفعل أن محبي كمال جنبلاط هم قرّاؤه، فلقد كان كل من حلفائه أو خصومه ينحني لكتاباته بكل احترام.
فقد قال المعلم: كل القوة والعظمة تنبع من عدم الخوف ليكن عندك الايمان الذي لا يتزعزع في نفسك عندها كل الأشياء الايجابية والنبيلة ستأتي اليك ما من أحد يمكنه أن يرعبك أو يزيحك عن درب رحلتك.
ومما كتب عنه الصحافي الهندي رافي ناير: نادرة هي النفوس التي يشعر الحاضرون حولها بومضات البركة والنعمة والأطمئنان. كمال بك بايماءاته وسلوكه وفصاحته المحببة والبيئة العفوية من السعادة التي كان ينشرها حوله تعطي اشارات النفس التي تتقمصها البركة، فالمحظوظون كفاية هم الذين أتيحت لهم رؤيته شخصياً أو سماعه والاستمتاع بتلك الفوائد. فكلام الصحافي ناير يتطابق مع قول الفيلسوف الاغريقي فيتاغوروس: ليس لله تعالى في الأرض موضع اولى به من النفس الطاهرة.
كم أحببت لو كنت معاصراً للمعلم لأستمتع بمجالسته أو أتنور بكلامه، فما عرفته عنه أنه كان قائداً متواضعاً وعاملاً متعالياً أسس حزبه يوم عيد العمال، فكان العمل من مقدساته، والعمّال هم اصحاب المنازل العالية بنظره. تكلم بإسمهم – الفقراء والمشردون سوف يحررون العالم – لم أكن من المحظوظين كفاية لأتعلم اكثر، فلقد كان رحمه الله يعلم من أين تبدأ النقطة على قوس الدائرة، والى حيث تنتهي.
العقيد المتقاعد طالب عرنوس

العرس بين الأمس واليوم
خلال مئات السنين، كان العرس الدرزي، من أروع احتفالات الزواج في العالم. فقد كان يجمع كافة أبناء المجتمع، الرجال على حدة، والنساء على حدة، وكانت تقام به أجمل العادات، وألذ وأطيب المعاملات، من حيث صيانة الكرامة والشرف والفضائل. وفي الوقت نفسه، كانت تبرز في العرس التقليدي، المشاركة الحقيقية في الفرح، والنخوة، والكرم، وعندما كنتَ تقترب من بيت فيه عرس، كنت تشعر بالفرح والبهجة إذ ترى الموائد والكراسي تملأ الساحة وأهازيج النساء ودبكاتهن الشعبية البريئة تصدح في الفضاء. وفي مكان قريب، كان الشباب مجتمعين على الدبكات الحماسية والسحجات على وقع الشبابة والمزمار، وكان شيوخ وأعيان المجتمع، يتصدّرون المحتفلين، فكان أعيان القوم يدعون الى الغداء، ويذهبون في مقدمة وفد أهل العريس، يطلبون الإذن من والد العروس، أن يسمح بانتقالها إلى بيتها الجديد، ولم ينقص من هذا الجو أن العريسين، كانا أحياناً، يسكنان في غرفة صغيرة في بيت والد العريس، وقد مرّت ظروف، كان العريسان الجديدان يحصلان على زاوية في باحة البيت، وراء خزانة تستر مبيتهما.
أما اليوم، فقد أنعم الله علينا، والحمد لله، بالخيرات، وأصبح بإمكان كل إنسان أن يقوم بسائر المراسيم والواجبات والمتطلبات مثل أي إنسان آخر. ونحن نقول، كل من يستطيع إلى ذلك سبيلاً فليهنأ ولينعم الله عليه من خيراته، وليمتلئ بيته بالأولاد والمباهج والسرور. لكن هذه أعراس اليوم أصبحت تقليعة، أو موضة “إلزامية” أصبح على كل إنسان أن يتقيد بها. وفي السابق كان صاحب القليل مقتنعاً بما لديه شاكراً الله تعالى على ما أنعم به عليه، أما اليوم، وبسبب توفر القروض والبنوك والإمكانيات، فإن الكثيرين لم يعودوا يقتنعون بما عندهم، وقد بات في مقدورهم الحصول على قروض مصرفية أو ربوية أحياناً من أجل ترتيب عرس يفوق إمكاناتهم كل ذلك على سبيل التقليد والمباهاة الفارغة، لكن المشكلة تكمن، ليس في الحصول على الأموال، بل في تسديد تلك الأموال. ومن له اطلاع على البنوك والمحاكم ودائرة الحجز، يرى العشرات من الذين كانوا مبتهجين بعرسهم الفخم، ملاحقين من المصارف ومن المحاكم بعد أن عجزوا عن سد ديونهم. وقد “راحت السكرة وجاءت الفكرة” كما يقال. بل أن تزايد ظاهرة الطلاق قد تكون أحد أسبابها مشاكل ما بعد العرس، ويقول المثل “القلة تولد النقار”.
كان العرس في الماضي حدثاً بهيجاً واحداً يستغرق نهار القرية ويجمعها. أما اليوم، فقد تحوّل إلى مسلسل أعراس أو قل مسلسل احتفالات مكلفة. فهناك حفلة والد العريس، وحفلة والد العروس، وزفة العريس، وسهرة العروس، ومنتزه لأصحاب العريسين. وقد انتقل قسم من العبء إلى الناس الذين بات عليهم تقديم المساعدة في حساب مصرفي يفتحه العروسان أو شراء الهدايا السخية لهما. وهناك مئات وآلاف الموظفين والأجراء الذين باتوا يتضايقون يئنّون من الأعراس بسبب ما تحمله لهم من أعباء.
المهم أن كل هذه المصاريف والتكاليف لا تنتهي في جيب العروسين أو تساعدهما لأن كل مزاريب العرس تصب في جيوب أصحاب المصالح المسماة بصناعة الأعراس، والتي تضم المقاولين، وأصحاب محلات الأثاث، والمزينين والمزينات، وأصحاب حوانيت ملابس الأعراس، وفرق “الزفّة”، وباعة المفرقعات والألعاب النارية، ومهندسي الموسيقى والإضاءة وسيارات الزفاف، وغيرهم كثر .. فهنيئاً لكل هؤلاء.
قد يسأل أحدهم، وماذا تريد ؟! وسأجيب: لنعد إلى التقاليد السليمة ونجعل من عرسنا احتفالات بيتية صغيرة، ومن أراد أن يزيد على ذلك فليكن ذلك ضمن ما يناسب طاقته وقدرته المالية. لكن علينا، ألاّ نحوّل هذه الأمور إلى فرض اجتماعي ولنوجه إمكانات العروسين وأهلهما لبناء بيت الزوجية والإعداد لاستقبال الأولاد والقيام بأودهم ونفقات تنشئتهم وتعليمهم وغير ذلك. ولا أهمية في الحقيقة لأي عرس لكونه كبيراً أو مكلفاً، بل الأهمية هي لما يجري بعد العرس من تفاهم وانسجام وتوافق وتعاون وحياة مشتركة.
سميح ناطور – فلسطين

هاتوا القَلَم

خلّـــو القلم يحكي وبلا الخنجـر الخنجر كلامو مغمّس بأحمـــــــــــر
أما القلم رمـــز الأدب والفـــــــــن بيخلـــق مدينـــه ثوبها أخضـــــــــــــر
خلّو القلم يحكيلنـــا حكايــــــــــات عن وطـــن مخضـــــرّ وجنّــــــــــــــات
عن مدينــــــــــــــــه فاضله وآيــــات عن كـــون بالأخـــلاق يتـــــــــــــــــزيّن

خلّو القلـم يبقى بديل رصـــــاص عمينتقـــــم.عميحصد بهالنــــاس
أمّا القلــــم للمعــــرفه نبــــــــراس بيخلـــق وطـــن بالعـــدل يتعمـــــــــــّر
خلّو القلم يكتب قصص أخـلاق عن محبّـــه عن عقــــل خــــــــــــــلاق
حتى القلــب للمكرمــه يشتــــــــاق ومن عقــدة الأحقـــــاد يتحــــــــــــرّر

خلّو القلم يحكيلــنا عن عصـــــر يوم العـــدل للنـــاس يعقد نصـــــــر
ولمّا يصير الكوخ خيّ القصـــــــر بنحسّ يومهــــا العالـــم تحضّــــــــر
انشالله القلم يحكي.وبلا مدفـع يقصــف.يدمّر معمــل ومصـنــــــع
والقلــــــــــــم للمعــــــرفة مرجــــــــع بيفتـــح طريق النـــور للإنســــــــــان

يحيا القلـــم وليســقط الخنجر

أمين محمود حسن

المعهــد الجامعـي فـي عبيـه ينطلق بأربعة اختصاصات هندسية وتكنولوجية

عبيه – الضحى

عد انتظار طويل أصبح لطلاب منطقة عاليه وجوارها معهد جامعي عالي بأرفع المواصفات يعطي الإجازة في فروع هندسة وتكنولوجية عدة بتكلفة بسيطة ويدير أعماله بالتعاون مع مؤسسة الحريري والسفارة الفرنسية.
المعهد الجامعي الجديد جاء نتيجة لترميم وتحديث وتجهيز شامل لما كان يعرف سابقا باسم الكلية الداوودية في عبيه والتي تحولت الآن إلى معهد جامعي عالي يعطي إجازته العلمية في أربعة اختصاصات أساسية هي الهندسة المدنية، والهندسة الصناعية، وهندسة شبكات المعلومات والاتصالات والمعلومات التطبيقية لإدارة الأعمال.
وتستهدف هذه الاختصاصات التي يتم توفيرها بالتعاون بين الجامعة اللبنانية ومؤسسة الحريري والحكومة الفرنسية تهيئة الطلاب لشغل وظائف تغطي الحاجات المتزايدة في مجال التكنولوجيا لدى العديد من المؤسسات والشركات والصناعات. وتستغرق الدراسة في هذه الاختصاصات ثلاث سنوات يحصل الطالب بعدها على دبلوم جامعي يصدر عن الجامعة اللبنانية ويعادل إجازة جامعية للتكنولوجيا بناءً على القرار 230/77 الصادر عن وزارة الثقافة والتعليم العالي.
ويعتبر إنجاز ترميم دار الحكمة من أهم منجزات لجنة الأوقاف نظراً للقيمة التاريخية لهذا الصرح التعليمي الذي شُيّد من عائدات وقف الشيخ أحمد أمين الدين في بلدات عبيه، كفرمتى وبيصور عام 1862 بدعم من المتصرف دوواد باشا. وبدأت “الداوودية” كمدرسة ابتدائية بمساحة 1300متر مربع لتعليم أبناء الموحدين الدروز، لكنها توقفت قسراً عن رسالتها التعليمية بسبب الحرب العالمية الأولى وأعيد افتتاحها في العام 1925 بعهدة المربي سامي سليم، ثم أضيف إلى بنائها ضعفي البناء المصلح الاجتماعي بعناية السيد عارف النكدي الذي استلم إدارة الأوقاف عام 1930 لتصبح الكلية ثانوية مساحتها 4000 متر مربع بفرعيها الداخلي والخارجي وبقسميها الفرنسي والإنكليزي.
يذكر أن المدرسة شهدت تألقاً علمياً بالتعاون مع الأزهر الشريف ورعاية الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وما لبث أن تغير اسمها من «الكلية الداوودية» إلى «دار الحكمة» في مئويتها الأولى عام 1962تيمناً بدار الحكمة في القاهرة، إلا أن ظروف الحرب الأهلية عادت وأقفلت أبوابها عام 1978 بعد أن تعرض مبناها لأضرار جسيمة.
وكان قرار ترميم الكلية وتحويلها إلى صرح علمي يفيد أبناء منطقة عاليه والقرى المجاورة أحد أول الخطوات التي اتخذتها لجنة الأوقاف في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز وتم إنجاز أعمال الترميم بتكلفة ناهزت الـ 966 مليون ليرة لبنانية (نحو 645 مليون دولار). وتأجير المدرسة للجامعة اللبنانية في نيسان 2009 ببدل إيجار سنوي قدره 275,000,000 ليرة. كما تم تدشين المعهد الجامعي في السادس عشر من أيار 2009 ليتم بعدها، وبناءً لطلب من المجلس المذهبي استصدار مرسوم من مجلس الوزراء يقضي بتحويل الكلية إلى معهد جامعي تكنولوجي يتبع للجامعة اللبنانية في الاختصاصات الأربع المشار إليها، وهذا مع العلم أن إدارة المعهد تعد لإدخال اختصاصات علمية جديدة في المستقبل بعد استكمال دراسة الحاجات لدى الطلاب وسوق العمل.
وتكمن الأهمية الإضافية للمعهد الجامعي في دار الحكمة في كونه يوفر فرص التخصص في مجالات التكنولوجيا والهندسة وفق ارفع المستويات العلمية بتكلفة محدودة لا تتعدى كلفة التسجيل في الجامعة اللبنانية.

نـداء الــروح فــي عالــم صاخــب

في ظلِّ الفراغ الروحي المتعاظم أو الآخذ بظاهر الدِّين من دون لبِّه وجوهره الحقيقي، لا بُدَّ لـ “مجلة الضُحى” من لعب دور أساسي في ثقافة التوحيد ومناقبه وآدابه. وكم من الناس أصبح الدِّين عندهم تعلّقاً بالأماني وجموداً في الفِكر وتقصيراً في السعي؛ وما الفراغُ الذي نعيشه اليوم إلاَّ نتيجة لابتعادنا عن ينابيع التوحيد وتقصيرنا في العمل بالآية الكريمة: “وقُل ربِّي زدني عِلماً”. ولا بُدَّ لذلك من العمل على تعريف الموحِّدين بكنوزِ الإيمان والاختبار الرُّوحي الكوني والتحقّق. هذه الكنوز الذي وصلتنا من كلِّ صوبٍ، وتؤكِّد لنا كلَّ يوم أنَّ اختبار التوحيد شامل لجميع البشر، وأنَّ الله تعالى لم ينسَ من فضل هديه ونِعَمه الرُّوحية حضارة أو شعباً، ولا بُدَّ لنا بالتالي من التطلُّع بقلوبٍ مفتوحة إلى منابع التوحيد وقيمه ومسالكه، خصوصاً في محيطنا والتراث الهائل لشركائنا في الإيمان والإسلام.
إنَّها الرسالة المستمرِّة منذ أن وُجِدَ البشر. إنَّها رسالة الموحِّدين السابقين في كلِّ زمان، رسالة فيثاغوروس وسقراط وأفلاطون ورسالة هرمس الهرامسة وشعيب التوراة ويسوع الحقّ وحوارييه والإسلام الحنيف وكتاب الله المعجز والرسول الكريم وسيرته والصحابة الكرام وشمائلهم والأركان وشمس سلمان الفارسي التي لا تغيب، إلى عصر النور والحياة. وهو الدور الفاطمي والقاهرة المعزية، ونجومها الزاهرة، ودار الحِكمة، والمليون مُجلَّد في ذاك الزمان، واكتمال بدر التوحيد ورسالته الخالدة.
هؤلاء هم الموحِّدون الدروز، المسلمون المؤمنون، وهذا هو تراثهم، فأين نحن اليوم من هذا التراث؟ وهل يمكن لمن هم من أشرف الخلق أن يسيروا في هذه الحياة على غير هُدى، غير مُدركين لحقيقتهم وللرسالة التي كُلِّفوا بها، بل شرفوا بها وبحملها؟ وما الذي يعرفه موحِّدو هذه الفترة الصعبة من أسرار وحقيقة مسلك التوحيد الذي كان في أصل وجودنا وتقاليدنا، كما كان دوماً ميزان أعمالنا والقوَّة الدَّافعة عند المُلمَّات في صراعنا. وكم ناضل السابقون مِنَّا وكم من الأثمان الغالية دفعوا حفظاً لهذه الكنوز ولهذا المسلك الشريف والسامي في الحياة؟
إنَّه التوحيد، الذي استعصى سرَّه على أعظم العقول وفق قول أحد الحُكماء:

“إذا تناهــَــــــــــــــت عقــــــــــولُ العُقـــــــــــــــــلاء فـــــــــــــي التوحيــــــــــدِ، تناهَــــــــــت إلــــــــــى الحيــــــــــرةِ”

أو كقول أحد حُكماء المسلك، بأنَّ التوحيد إسقاطُ ألياءات، أيّ لا تقول لي، وبي ومني وإليَّ، بل جاهد لمحو الثُنائيَّة حتَّى لا يبقى إلاَّ الواحد. والغائصُ في بحار التوحيد لا يزداد على مرِّ الأوقاتِ إلاَّ عطشاً. وهل أجمل من وصف البسطامي حالةَ القلق والعطش والفناء عن الذَّات، والاحتراق في لهب المحبَّة والوَجدِ حيث يقول :
عجبـــــــتُ لِمـــــــن يقـــــــولُ ذكـــــــرتُ إلفـــــــي وهــَـــــل أَنسَـــــــى فأذكُـــــــر مـــــــا نسيـــــــتُ
أمـــــــوتُ إذا ذكـــــــرتــُكَ ثُـــــــــــــمَّ أحيَــــــــــــا فكـــــــم أحيـــَــــا عليـــــــكَ وكـــــــم أمــــــــوتُ
شربـــــــتُ الحُـــــــبَّ كأســــــــاً بعــــد كــــــــأسِ فمـــــــا نَفَـــــــدَ الشـــــــرابُ ومـــــــا رويـــــــتُ

“إنَّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم بأنَّ لهم الجنَّة”؛ والجنَّةُ في حقيقتها تتجاوز أنهار اللبن والعسل الرمزيَّة إلى تجلِّي الحقيقة في نفوس المُستعلين والمُتطهِّرين، في رحابِ الدعوة الإلهية الهادية المهدية. وقد قال فيهم جعفر بن محمد:
“إنَّمــــــــــا المؤمنــــــــــون أُخــــــــــوةٌ أبوهـُـــــــــمُ النُّـــــــــورُ أيّ العقـــــــــل وأُمُّهـــــم الرَّحمـــــة أيّ النَـــفس”

هذه لمحاتٌ في معنى التوحيد نرجو أن نُقدِّمها في هذا الباب إلى السَّالكين والشباب، وهذا الجيل الجديد الذي انجذب معظمه، ويا للأسف، إلى كلِّ ماديٍّ محسوس، والسعيد من جعل الحِكمَة إلى قلبهِ مسكناً، وجعل طلبها عنده أزكى مغنماً، فيغمر ذاته الشريفة عندها شعور الغبطة الناجم عن معرفة النَفْسِ، ومن عَرَفَ نَفْسَه فقد عَرَفَ ربَّه.
عليـــــــكَ بالنَّـــــــفْسِ تستكمِــــــل فضـــــــائِلها فأنـــــــت بالنفـــــــس لا بالجســـــــم إنســـان

أو كقول جلال الدِّين الرُّومي :
وتزعـَــــــم أنَّـــــــــــــكَ جُـــــــــرمٌ صغيــــــــــــــــــرٌ وفيــــــــــــكَ انطَـــــــوَى العالـــــــــمُ الأكبـــــــــرُ

أو كصرخة الحلاَّج في معراج شهادته وأمام مرآة كينونته الإلهية:
وأيُّ الأرضِ تَخْــــــــــــلُو مِنْــــــــــــكَ حتَّــــــــــــــى تعالـــــــوا يطلبونــــَــــــكَ فــــــي السَّـمـــــــــــــاءِ
تراهُـــــــــــــم ينظــــــرُونَ إليـــــــكَ جَهْـــــــــــــراً وهــُــــم لا يُبصِــــــرُونَـكَ مِــــــــن عمـــــــــــــاءِ
وختــاماً،
إنَّه نداءٌ من القلب لتعودوا إلى الينابيع، إلى مصادر الحِكمة، إلى رسائل العقل وتقبُّل النَفْسِ وانبثاق الكلمة، إلى حيث اليقظة والصحائف البيض وتجدُّد الحياة، بنعمةِ العقيدة الشريفة لمُستحقيها. فعلى من اصطفاه المَولَى بشيراً ونذيراً وهادياً ورسولاً، وعلى إخوانه الأطهار الأخيار ألف صلاةٍ وسلام، وإلى كلِّ العارفين والمُريدين والعاملين تحيَّة التوحيد.

مساهمات حرة