هذهِ دراسة وطنية في مجلة عالمية حول استهلاك المُتَممات الغذائية قبل وخلال جائحة الكورونا في لبنان وتاثير هذه المتممات على سير المرض. بعد تحليل12 ألف عينة عشوائية جمعتها وزارة الصحّة بين عامَي 2015 و 2017، من مطاعم وأفران ومحالّ لبيع اللحوم والأسماك والدجاج ومصانع غذائية في كلّ المناطق. حينها، أظهرت المعلومات التفصيلية للدراسة أن نحو 30% من عينات الألبان والأجبان غير صالحة للاستهلاك بسبب التلوث الجرثومي، إذ تبيّن أن الأجبان تحتوي على ملوّثات متعددة خطيرة ومميتة. وبحسب مُعِدّي الدراسة، فإنّ 14 عينة كانت ملوّثة ببكتيريا الليستيريا المستوحدة (Listeria monocytogenes) التي قد تتسبّب بوفاة الجنين لدى النساء الحوامل بفعل تداعياتها الخطيرة، وإن 319 عينة ملوّثة ببكتيريا الـ e.coli والقولونيات البرازية، فضلاً عن ضبط بكتيريا السالمونيلا في بعض العينات أيضاً.
هذه الدراسة اجراها مركزنا / مركز جَودة الدواء والغذاء والماء والمواد الكيميائية في الجامعة اللبنانية.
ساعات التقنين الطويلة بين شركة كهرباء لبنان والمولّدات الخاصة، باتت تهدّد سلامة الغذاء، في عزّ موسم الحر. الانعكاسات السلبية تظهر بارتفاع حالات التسمم، جراء عدم القدرة على تبريد المأكولات، لا سيّما اللحوم والأسماك والألبان والأجبان. الوزارات المعنية غائبة كليًّا لاسيّما وزارتي الصحة والاقتصاد، أمّا هيئة سلامة الغذاء التي نصّ على إنشائها قانون سلامة الغذاء عام2015 فلا زالت تنتظر تعيين أعضائها. وكان النائب ميشال موسى قد وجّه سؤالًا إلى الحكومة قبل سنة عن سبب عدم تعيين أعضاء الهيئة، ولم يأتِه الجواب لغاية اليوم، وفق ما أكّد لـ «لبنان 24».
مدير المركز الوطني لجودة الدواء والغذاء والماء في لبنان الدكتور نزيه بو شاهين، تحدّث عن تسجيل حالات تعاني من التهابات في الجهاز الهضمي الناتجة عن الثلوت الجرثومي للأغذية، كالسلمونيلا وغيره، وذلك بسبب عدم تبريد الأغذية في برادات المنازل، وفق الدرجات المتدنية المطلوبة «كما أنّ مصدر اللحوم قبل أن تصل إلى برادات المنازل مشكوك بسلامتها، وبطريقة تحضيرها، وهناك علامات استفهام حول توافر شروط السلامة في ذبحها، بحيث يتمّ ذبحها على الرصيف في بعض الملاحم وتباع للناس، من دون أن تخضع لأي فحوصات، قال دكتور بو شاهين في حديثه لـ «لبنان 24» مضيفًا «قمت بالاتصال بعدد من أطباء أمراض الجهاز الهضمي وأطباء أقسام الطوارئ في سبع مستشفيات، وأكدوا أنّ أمراض التسمّم أضحت موسميّة، وهناك حالات تسمّم تصل إلى الطوارئ، أكثريتها لا تحتاج لدخول مستشفى، بحيث يصف الطبيب المعالج أدوية يمكن تناولها في المنزل، لكن المشكلة أنّ هذه الأدوية مفقودة، مثل Normix Flagyl Imodium. كما أنّه في حالات التسمم يخسر المريض الكثير من الملوحات، وتأثيراتها سلبية لا سيّما على الأطفال الرّضع والمسنين».
اللحوم هي الأخطر
المركز الوطني كان أنجز دراسة ميدانية، فحص بموجبها نسب الهرمونات والمضادات الحيوية الموجودة في اللحوم منذ بضع سنوات «فتبيّن وجود نسب من الكورتيزون والمضادات الحيوية، كانت تعطى للحيوانات قبل ذبحها، في اعتقادي أنّنا لا زلنا نعاني من المشكلة نفسها».
مؤخّرًا أنجز المركز الوطني دراسة إلكترونية، شارك فيها حوالي 167 شخصًا، معظمهم من ربات البيوت، وقد أكّدن أنّ انقطاع الكهرباء أثّر على صلاحية المأكولات، الألبان والأجبان فسدت في البرادات، واللحوم ساءت رائحتها.
تلوث المياه
بو شاهين يشير إلى مشكلة لا تقل وطأة عن عدم تبريد المأكولات طوال الوقت، وهي تلوث المياه «في السابق كانت تردنا طلبات عديدة لفحص المأكولات والمياه، خصوصًا مياه الآبار والينابيع والمياه المستخدمة في المدارس، فنفحصها بشكل دوري، وكانت النتائج تشير إلى وجود جراثيم وميكروبات أبرزها»e coli» والتي تسبّب أمراضًا، تراجعت هذه الطلبات كثيرًا بسبب الكلفة المالية، كما كانت وزارتا الصحة والاقتصاد تفرض إجراء هذه الفحوصات، واليوم ليس هناك من مؤسسة تتابع».
احذروا سلمونيلا اللحوم والأسماك
الدكتور محمّد قوبر، أستاذ في مادة العلوم الجرثومية في كلية الصحة العامة في الجامعة اللبنانية، ورئيس قسم الفحص الجرثومي في المركز الوطني لجودة الدواء والغذاء والماء، أكدّ في حديث لـ «لبنان24» أنّ أزمة سلامة الغذاء متشعّبة، وأتت أزمة شح مادة المازوت وانقطاع التيار الكهربائي لتفاقم من حدّتها» عندما أنجزنا نظام سلامة الغذاء مع وزير الصحة السابق وائل أبو فاعور، تحت عنوان مطابق وغير مطابق للمواصفات، كان التيار الكهربائي مؤمنا بين 20 و22 ساعة يوميًّا بين المولدات الخاصة وشركة كهرباء لبنان، رغم ذلك تبيّن لنا وجود نسبة من المأكولات غير المطابقة للمواصفات، بسبب عدم مراعاة شروط التخزين والحفظ، وكان أبو فاعور يعلن عنها في حينه. لكن اليوم المشكلة أصعب بكثير وتواجه كلّ الشعب اللبناني، ولا تقتصر على السوبر ماركت أو المطاعم بل تطال المنازل. فغياب التيار الكهربائي لثلاث ساعات يؤثّر على سلامة المأكولات المحفوظة في الثلاجة، وتبدأ بالذوبان، خاصة اللحوم، بحيث تتكاثر البكتيريا بسرعة في اللحوم وتتغلغل داخلها، خصوصا في اللحوم المفرومة والدجاج والأسماك، وتفرز عدّة أنواع من السموم، لا تموت حتى ولو تمّ طهي اللحوم على درجة حرارة عالية، خلافًا لما يعتقد البعض. الأسماك هي الأخطر كونها تفسد بشكل أسرع من اللحوم، نظرًا لاحتوائها على المياه ما يجعل البكتيريا تتكاثر بسرعة. أمّا بالنسبة للخضار والفواكه فالوضع أفضل، لأنّ البكتيريا تكون في الطبقات الخارجية، ونادرًا ما نجدها في داخل الخضار، وبالتالي تبدأ العفونة من الخارج».
دكتور قوبر ينصح المواطنين بظل أزمة الكهرباء بالاعتماد على المأكولات الطازجة كالخضار والحبوب، ومن يتمكن من شراء اللحوم، فالأفضل شراؤها طازجة واستهلاكها في اليوم نفسه، كأن يلجأ المستهلك إلى شراء فروج طازج ذُبِح للتو، ويستهلكه في اليوم نفسه. وربما من البدائل العودة إلى العادات القديمة في حفظ اللحوم، كإعداد القاورما، وهو أمر مؤسف أن يعود الشعب اللبناني بالزمن إلى الوراء».
خطورة ذوبان اللحوم المجلّدة
قوبر يلفت إلى خطورة اللحوم المجلّدة بظلّ انقطاع الكهرباء بشكل متكرّر» انقطاع الكهرباء لثلاث ساعات يجعل الثلج يبدأ بالذوبان، بحيث تبدأ البكتيريا بالتكاثر، فترمي بسمومها داخل اللحوم، عودة التيار الكهربائي يجعل اللحوم تُجَمّد من جديد بعد تكاثر البكتيريا، وهنا يرتفع احتمال أن تؤدي هذه اللحوم إلى تسمم».
أمّا اللحوم التي تباع داخل السوبر ماركت فليست مضمونة» قد لاحظت وجود لحوم وقد أضحى لونها غامقًا، بما يشير إلى مرور عدة أيام على الذبح، وبالتأكيد لو تمّ فحصها سيكشف عن أنواع من البكتيريا السامة».
أزمة الكهرباء تتطلب مراقبة الملاحم والسوبر ماركت أكثر من قبل، وإجراء الفحوصات الدورية، وهو أمر متعذر بظل نقص الكادر البشري ونقص الإمكانيات المادية «قد تكشف فرق حماية المستهلك على اللحوم صباحًا، وتجدها مبرّدة، ولكن من يضمن أنّه تم حفظها أثناء الليل بظل انقطاع الكهرباء، ومن يضمن أن اللحام تمكن من بيع كامل اللحوم في اليوم الأول للذبح، وهو ما يتطلب فحص العينات، ولكن هذه الفحوصات تكلّف ما بين 10 و60 دولار، فهل وزارة الصحة قادرة على فحص آلاف العينات وعلى إرسال فرق إلى كافة المناطق؟ باعتقادي أنّ الكشف على المحال راهنًا، سيظهر 30 أو 4% من المحال المستوفية للشروط فقط، ولا أحملهم المسؤولية بظل عدم توفير الكهرباء ومادة المازوت، من هنا نحن أمام مشكلة بنيوية بسلامة الغذاء».
نشرت وزارة الصحة العامة، التقرير الذي أعده برنامج اليقظة الدوائية المكلف من قبل وزير الصحة العامة حمد حسن، وذلك بعد متابعة فريق البرنامج بعض المعطيات والأحداث الجانبية التي ظهرت إثر الـتلقيح بطبخة رقم FF8111 من لقاح Pfizer-BioNTeck المضاد لـ COVID-19.
وأوضح التقرير أنه في الأول من أيلول 2021 تم الإبلاغ من قبل أحد مواقع التلقيح بأن سبعة (7) أشخاص عانوا من أحداث جانبيه بعد إعطائهم لقاح COVID-19 Pfizer-BioNTeck رقم الطبخة (FF8111) تمثلت هذه الأعراض الجانبية بانخفاض في ضغط الدم وبطء في دقات القلب ودُوار وإغماء وذلك خلال الدقائق الخمسة عشرة الأولى بعد تلقيهم اللقاح. كما تم الإبلاغ عن ثلاث حالات إضافية من موقعي تلقيح آخرين في ما يتعلق برقم الطبخة عينها. الجدير بالذكر أنه لم يتم الإبلاغ عن حالات أخرى جديدة منذ ذلك الحين.
بناء عليه، بدأ فريق اليقظه الدوائية في وزاره الصحة العامة بجمع المعلومات ذات الصلة بالموضوع وفق التالي:
1. تم تعيين صيادلة من أعضاء الفريق لتلقي التقارير بحال وجودها والمتعلقة بهذه الطبخة على مدار الساعة أي 24/24.
2. تم الحصول من خلال منصة IMPACT على قائمة بجميع المرضى الذين تلقوا هذه الطبخة من اللقاح. في المجموع تلقى 3777 فرداً هذه الطبخة من اللقاح موزعة على 24 مركز تلقيح / مستشفى في مناطق متعددة في الفترة الممتدة ما بين الأول من تموز 2021 والثاني من أيلول أي لمدة شهر. وتم تحديد الحالات العشر المُبَلَّغ عنها موزّعة على الشكل التالي: مستشفى هيكل سبع حالات، مستشفى الرسول الأعظم حالة واحدة، مركز البرج منطقة الرادوف حالتان.
3. تم التحقيق مع الأطقم الطبية لهذه المراكز وتبين أن متلقي اللقاح قد تعافَوا تماماً بعد أن قام الفريق الطبي بالرعاية الطبية اللازمة وغادروا إلى منازلهم.
4. تم التحقيق أيضا بظروف نقل وتخزين وكيفية استلام و تحضير واستخدام اللقاح، كما تم التحقق من مصدر الحقن والمحلول. وقد تبين أن جميعها مطابقة للمعايير.
5. تم البحث في قاعدة البيانات الوطنية للأحداث الجانبية VIGIFLOW وقد تبين أنه في الفتره الممتدة ما بين 15 شباط والأول من أيلول، هناك 2754 تقريراً عن أحداث جانبية للقاح فايزر. تم الإبلاغ عن 125 حالة مماثلة و لكن مرتبطة بطبخات مختلفة. تجدر الإشارة بأنّ هذا النوع من الأحداث الجانبية متوقَّع مع جميع أنواع اللقاحات.
6. بالإضافة إلى ذلك تمت المتابعة مع شركه فايزر بما يتعلق بالطبخة FF8111 وقد أعلنت الشركة بأنها لم تتبلّغ بأي حدث جانبي مماثل على المستوى العالمي أو الإقليمي وأنها سوف تقوم بتحليل عينات من هذه الطبخة ومن المحلول وسوف تبلغ وزارة الصحة بنتائج التحاليل عند صدورها.
فريق بحثي من الجامعة اللّبنانيّة ينشر بحثاً حول مخاطر الاستهلاك العشوائي للمتمّمات الغذائيّة والتغييرات التي أحدثتها جائحة كورونا فيما يتعلّق بالثّقافة، المعتقدات، وسلوكيّات استهلاك هذه المتمّمات لدى الشّعب اللّبناني.
نشرت المجلّة العلميّة العالميّة International Journal of Enviromental Research and Public Health البحث العلمي الذي قام به قسم التّغذية في الجامعة اللّبنانيّة من كلّيّة الصّحًة العامّة – الفرع الأوّل تحت إشراف الدّكتورة مهى حطيط وبالتّنسيق مع المركز الوطني لجودة الدّواء والغذاء والماء والمواد الكيميائيّة وبالتعاون مع وزارة الصّحّة العامة ووحدة Task Force ومبادرة نحنا حدك تحت عنوان «التّغيير في الثّقافة، الاعتقادات والسّلوكيّات المتعلّقة باستهلاك المتمّمات الغذائيّة خلال فترة جائحة كورونا لدى الشّعب اللّبناني»، ضمن الدّراسة الوطنيّة الأولى لكوفيد-١٩ في لبنان.
أظهرت نتائج الدّراسة التي شملت 2966 لبناني الجنسيّة من مختلف المحافظات أنَّ جائحة كورونا قد أحدثت تغييراً واضحاً في المعتقدات المتعلقة بفعالية المتمِّمات الغذائيّة في التّحسين من صحّة المريض وتقوية مناعته، حيث ارتفعت نسبة الأشخاص الذين يؤمنون بفعاليّة المتمِّمات الغذائيّة في تعزيز الصّحّة العامّة بنسبة 13.2% وتعزيز مناعة الجسم بنسبة 10.7% خلال فترة جائحة كورونا في لبنان.
إلا أنَّ هذه النتائج لم تترافق مع ارتفاع في استهلاك المُتَممات الغذائية كما هو متوقَع، حيث انخفضت نسبة الأشخاص الذين يستهلكون هذه المنتجات خلال فترة جائحة كورونا(69.9%) مقارنة بفترة ما قبل جائحة كورونا ( 73.3%)؛ وهذا من شأنه أن يعود للارتفاع الجنوني لأسعار كافة السّلع المتواجدة في الأسواق اللّبنانيّة، الغذائيّة منها والأدوية وحليب الأطفال والمُتمِّمات الغذائيّة، وإن وُجدت كانت تفوق القدرة الشّرائيّة للمستهلك اللّبناني نتيجة ما خلّفته الأزمة الاقتصاديّة الخانقة في البلاد.
وقد أظهرت الدّراسة زيادة في الاستهلاك اليومي والأسبوعي لبعض المتمِّمات الغذائيّة التي لها علاقة بالحماية من الإصابة بالفيروسات وتقوية المناعة حيث زاد معدّل استهلاك مضادات الأكسدة بنسبة 1.6%، وكل من فيتامين س بنسبة 6.8 %، وفيتامين د بنسبة 5.5%، وفيتامين ه بنسبة 2.3% وكذلك الزنك بنسبة 10.8%.
كما أنَّه من الجدير بالذّكر أنَّ استهلاك المتمِّمات الغذائيّة كان أكثر انتشاراً لدى الأشخاص الذين أصيبوا بفيروس كوفيد-١٩ المستجد، وتحديداً لدى العاملين في المجالات الطّبيّة والذين كانوا قد اعتادوا على استهلاكها قبل فترة جائحة كورونا.
كما وقد أظهرت نتائج الدّراسة خللاً كبيراً في الثّقافات المتعلّقة باستهلاك المكمّلات الغذائيّة، حول فعاليتّها، وسلامتها، ومدى تأثيرها على الصّحّة العامّة، وهذا ما يستدعي التّحرّك السّريع من خلال نشر التّوعية اللازمة حول الاستهلاك العشوائي للمتمِّمات الغذائيّة لدى الشّعب اللّبناني، للحؤول دون التّسبّب بأضرار قد تكون مميتة في بعض الحالات. أخيراً خلصت الدراسة بتوصية ضرورة وجود خطّة غذائيّة احتراسيّة لحماية صحّة المستهلك اللّبناني.
رابط الاطلاع على البحث:
https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/34444605/
https://doi.org/10.3390/ijerph18168856