الجمعة, شباط 21, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الجمعة, شباط 21, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

الأمير شكيب أرسلان ودوره في النهضة الحديثة لليمن

بداية العلاقة

تعود علاقة الأمير شكيب باليمن إلى زمن اختياره عضواً في مجلس «المبعوثان» عام 1913م عن حوران وفي فترة إعادة العمل بالدستور العثماني.

فقد بدأ المندوبون العرب ومنهم مندوبو اليمن يلتقون ويتعارفون ويتبادلون هموم الواقع العربي في ظل سلطنة وخلافة عثمانية في طريقهما إلى الزوال. صحيح أن عمل المجلس لم يكن فاعلاً ولم تدم أعماله طويلاً ولكن العلاقات بين أعضائه استمرت خاصة أن هؤلاء النواب «المبعوثين» كانوا نخبة العالم العربي والإسلامي في الأراضي التابعة للسلطنة.

وفي عام 1911م عقد اتفاق بين ممثل السلطنة العثمانية في اليمن رئيس الأركان اللواء أحمد عزت باشا وبين الإمام يحيى بن محمد حميد الدين اعترفت بموجبه السلطنة للإمام بسلطته على المناطق الجبلية في اليمن وعلى أبناء الطائفة الزيدية المتواجدة في ولاية اليمن. وكان هذا الاتفاق بداية اعتراف بأول استقلال ذاتي لليمن وبداية مسيرة سياسية وعسكرية تكرست بعد انهزام تركيا في الحرب العالمية الأولى.

ومن المعروف أن الأمير بقي إبناً باراً للسلطنة والخلافة العثمانية وظل يدافع عن وحدتها وينادي بضرورة بقاء منصب الخلافة الإسلامية جامعاً للشعوب العربية والإسلامية التي كانت في كنف السلطنة. وراح يقارع إخوانه العرب طلاب الاستقلال أو اللامركزية وكتب موضوعاً مطولاً أثناء رحلته إلى المدينة المنورة قبل الحرب العالمية الأولى وذلك رداً على المؤتمر الذي عقدته الجمعيات والشخصيات العربية في باريس 1913م وقد صدر هذا الرّد في كتاب عن الدار التقدمية عام 2009م. وفي هذا الكتاب يفرد الأمير لليمن صفحات كثيرة وأهمية غير قليلة سواء من حيث الموقع والرجال والإنتاج الاقتصادي والتاريخ.

وفي رسالة مطولة كتبها الأمير شكيب من المدينة المنوّرة إلى وزير داخلية السلطنة طلعت بك في عام 1915م وموجودة نسخة منها في مركز الوثائق في صنعاء وبعد اجتماعه بمندوب الإمام يحيى شرح ولاء الإمام للسلطنة مقابل إغراءات من خديوي مصر لباقي أمراء القبائل في الجزيرة العربية وذلك مقابل مساندته للحصول على منصب الخليفة. فقد كان الخديوي ينافس الشريف حسين بن علي أمير الحجاز على الفوز بالمنصب قبل أن تحسم إنكلترا موقفها لصالح الشريف حسين وذلك في طور التحضير لمّا أصبح يسمّى فيما بعد بالثورة العربية ولما يتمتّع به الشريف حسين من مركز ديني في الأماكن المقدسة.

وفي جزء آخر من الرسالة يتمنى الأمير شكيب أن يكافأ الإمام على ارتباطه «ارتباط الصدق والجد والوفاء» بالسلطنة أثناء انعقاد مجلس المبعوثان، وذلك بمساعدته على أمير عسير آنذاك محمّد الإدريسي وإبعاد أمير مكّة عن الخديوي! كما يقترح مدّ سكة حديد الحجاز من المدينة إلى مكة ثمّ إلى اليمن. ومن المعلوم أن السلطنة كانت قوية آنذاك وطردت لاحقاً القوات البريطانية من لحج تمهيداً لإغلاق باب المندب وإشغال البريطانيين عن التوجّه إلى البحر المتوسط.

صنعاء، اليمن

ومن مؤشرات التفات الأمير شكيب المبكر إلى اليمن العلاقة التي جمعته بالموظف العثماني يوسف حسن ابن قرية بتلون من متصرفية جبل لبنان آنذاك. فقد التحق يوسف بك بوظيفة قائم مقام في متصرفية تعز إحدى ألوية اليمن في مطلع عام 1910م وكان قد التقى غير مرة بالأمير شكيب وشيخ العروبة أحمد زكي باشا المصري أثناء إقامته في اسطنبول وخاصة عام 1909م حين كانت عاصمة السلطنة تمور ‏بحركة ديمقراطية وليدة بعد إعادة إحياء الدستور وبشخصيات عربية متنورة أملت خيراً في تطبيق إصلاحات عثمانية تعطي لولاياتهم بعض الاستقلال والهوية، ولا ضرورة التوسع في هذه المرحلة.

ويقول يوسف بك في أوراقه ومذكراته الغنية عن التاريخ اليمني بين عامي 1910 و1921م حين خرج برتبة متصرف لواء الحديدة يقول عن الأمير شكيب «إنه أستاذي السياسي ودافعي إلى اليمن بمهمات سياسية». كما نعثر بين رسائل يوسف بك على رسالة من الأمير تعود إلى عام 1915م يهنئ فيها «ولده» يوسف بك بانتصار القوات العثمانية على البريطانيين وحلفائهم أتباع محميّة لحج في جنوب اليمن، وقد كان القائمقام أحد أفراد القيادة العثمانية في الحملة ويشرح‎ ‏ الأمير في كتاب آخر ليوسف بك عن حملته لمحاربة الطليان في طرابلس الغرب بعد احتلالها عام 1911م حين قاد مجموعة من المجاهدين الموحدين الدروز وتوجه من مصر غرباً إلى الحدود الليبيّة فتعرّف على القائد أنور باشا أثناء هذه الحملة وما تلاها من صداقة دائمة…

فمن وصل به حماسه واندفاعه لقيادة فريق مجاهد دفاعاً عن السلطة العثمانية ومركز الخلافة ليس من المستبعد أن يدفع مستنيراً إلى الذهاب إلى اليمن لتولي منصب يخدم فيه السلطنة ويحافظ على اعتبارها في تلك الولاية النائية وينقل عن المجاهد الصحفي عجاج نويهض المعاصر لتلك الفترة أن الأمير شكيب وأحمد زكي باشا كانا يعتبران يوسف بك رسولهما إلى اليمن وذلك من أجل الحصول على استقلال ذاتي لليمن تحت مظلة السلطنة، وقد لا يخلو الأمر من مبالغة في هذا التقدير.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي