السبت, شباط 22, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

السبت, شباط 22, 2025

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

الأمير شكيب أرسلان ودوره في النهضة الحديثة لليمن

اليمن بعد الحرب اليمن بعد الحرب العالمية الأولى وزيادة الاهتمام بها

انقلبت الأمور بشكل كارثي بعد الحرب العالمية الأولى، فتحولت الوعود إلى مطامع ومؤامرات استعمارية كانت اتفاقية سايكس بيكو إحدى أفظع تجلياتها. وتحولت آمال الاستقلاليين والمجاهدين العروبيين إلى نكسات وخيبات أمل. فلا الذين حلموا بالاستقلال ووثقوا بوعود القوى الغربية ووضعوا أيديهم بأيدي مسؤوليها حصلوا على استقلال بلادهم الواقعة تحت الحكم العثماني، ولا الذين راهنوا على السلطنة ودافعوا عنها كخلافة إسلامية ضرورية جامعة لوحدة العرب والمسلمين وقوتهم، كسبوا الرهان.

وذلك حال الأمير شكيب أرسلان، ثمّ جاءت التوجهات العلمانية وسياسة تركيا الفتاة ومصطفى كمال لتخلف الأمير مع الوضع الجديد وتضع حداً فاصلاً مع ماض عزيز صار مؤلماً.

ولكنه لم يتوقف عن النضال والجهاد، وبعد إبعاده من قبل سلطات الانتداب الفرنسي، بدأ من منفاه في برلين ثم سويسرا مرحلة جديدة من النضال: يحارب سلطات ‎الانتداب الجديد‏ في كل من جبل الدروز وجبل لبنان وبدايات الاستيطان اليهودي في فلسطين وذلك في منتديات أوروبا وعصبة الأمم. ومن جهة أخرى ثابر في بث أفكار الإسلام والعروبة في كل أقاصي الأرض، وفي تجميع القوى وشدّ العصبيات وتحفيز الهمم. وبدأ مرحلة جديدة غزيرة من التأليف والإنتاج السياسي والفكري. وحين عرض عليه الصحافي عجاج نويهض وضع مقدمة لترجمة كتاب «حاضر العالم الإسلامي» أصبحت مقدمة الكتاب والتعليقات عليه أهم من الكتاب بحد ذاته. وباتت علاقة الأمير شكيب بالكتاب أهم من علاقة المؤلف الأميركي به بعد ترجمته وصدوره في كتاب مستقل شامل. وما لبث الأمير أن وضع مؤلفاً صغيراً بعنوان: «لماذا تأخّر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم». وصار هذان المؤلفان مثار اهتمام في كل العالم الإسلامي من موريتانيا حتى الهند وإندونيسيا، وكلّف الأمير الشيخ رشيد رضا ابن القلمون وصاحب جريدة المنار والمقيم في القاهرة طبع هذين المؤلفين وتوزيعهما في العالم العربي والإسلامي.

الشيخ محمد رشيد رضا (1865م/1934م)

وفي متابعة لمراسلات الأمير مع الشيخ رشيد رضا صاحب جريدة المنار (ت 1934) التي أعادت الدار التقدمية مؤخراً إصدارها في ثلاثة أجزاء بعنوان: «رشيد رضا أو إخاء أربعين سنة» ندرك مدى أهميّة توزع نسخ كتابي: «حاضر العالم الإسلامي» و»لماذا تأخر المسلمون» في بلاد المغرب المحتلة من فرنسا وفي مصر وبلاد الشام والعراق والهند وإندونيسيا والطرق العلنية والسرية للتوزيع (خاصة في شمال أفريقيا).

أما في اليمن فكانت مدينة عدن ممراً لدخول النسخ لعدد قليل من المتنورين في بلاد الإمام يحيى. ومنذ ذلك الحين بدأت تكبر شهرة الأمير كمناضل سياسي عروبي وإسلامي يدعو إلى نهضة العالم الإسلامي الذي وقع في براثن الاستعمار الغربي ويعيد إلى المسلمين أمجاد العروبة والإسلام، ويدعو إلى الانفتاح نحو العلم والثقافة والاستفادة من الحضارة الغربية والفكر المتنوّر لدى بعض المفكرين والأدباء وإلى الاقتداء بآرائهم النيرة بصرف النظر ‏عن السياسات الاستعمارية لفرنسا وبريطانيا. وحدها بلاد اليمن خرجت مستقلة من تركة السلطنة العثمانية وورث الإمام يحيى بقايا السلطنة والأجهزة والموظفين الذين بقي قسم منهم في خدمته ومنهم محمود نديم باشا وراغب أفندي الذي أصبح مسؤول العلاقات الخارجية ثم وزيراً…

صحيح أن الشريف حسين قد أصبح ملكاً على الحجاز وولده فيصل انتهى ملكاً على العراق وعبد الله أميراً على إمارة شرقي الأردن، ولكن هذا تمّ بفضل السياسة الإنكليزية. ولم يصمد ‎الملك حسين أمام توسع الإمارة الوهابية متمثلة بالسلطان عبد العزير بعد عام 1924م، ليصبح ‎ هذا السلطان القوة الناشئة المستقلة الثانية في جزيرة العرب. إلا أن الاحتكاك سيتأخر قليلاً بين الإمام والسلطان، ريثما ينتهي أمر محمد الإدريسي أمير عسير وتهامة. وصديق الإنكليز في أواخر أيامه. فقد سلموه مدينة الحديدة في 8/8/1918 بعد استسلام الجيش العثماني مما أغاظ الإمام يحيى، ولم يلبث أن توسع الإمام نحو تهامة في سواحل اليمن واحتل المدينة التي كان يعتبرها جزءاً من إرث السلطنة وواجهة اليمن البحرية. في حين التجأ الإدريسي إلى عبد العزيز ووضع القسم الباقي من إمارته وعاصمتها مدينة جيزان تحت حمايته بعد ضغط قوات الإمام يحيى عليه، ولتتشكل بعد ذلك الحدود المؤقتة بين الإمام والسلطان الذي صار ملكاً وقضى على مملكة الحسين بن علي في الحجاز.

وكان على الإمام أن يقوم بمجهودين كبيرين في هذه اليمن الناشئة المستقلة:

  1. بسط سلطة الإمامة وقوانينها وتدابيرها على كافة الأرجاء التي ورثها عن السلطنة خاصة أن قسماً من السكان لم يكونوا على مذهب الزيدية مذهب الإمام بل كانوا شافعيين وكانوا يعرفون تسلط عمال الإمام وجوره.
  2. تحقيق التوسع نحو محميات الجنوب المتحالفة مع الاحتلال البريطاني ونحو عدن المدينة الكولونيالية العالمية الهامة آنذاك والتابعة لحكومة الهند البريطانية. وهذا المجهود سيكلفه كثيراً ولن ينتهي به إلا بقبوله بالأمر الواقع والاتفاق مع السلطات البريطانية عام 1934م.

وقد اكتسب الإمام نتيجة صراعه مع الإنكليز ميزة «تحرّريّة» سيبدأ بتوظيفها ولكن دون أن يقطع العلاقة معهم وستتوجه إليه بعض الأنظار العربية نتيجة لذلك.
لكن الأحوال الداخلية في اليمن الإمامي كانت متردية جداً ولم تعط الطفرات الاصلاحيّة العثمانية ثمارها لغاية الحرب العالمية الأولى. كما أن الإمام يحيى لم يول اهتماماً كبيراً لحالة التخلف الحاصلة. واقتصرت المدارس النظامية بعد انحلال السلطة على المدارس الدينية، ولم يكن هناك صحافة ولا قضاء مدني مستقل، ولا طرقات تربط أرجاء البلد الناشئ ولا جيش نظامي سوى قبائل الإمام التي كان أفرادها يرهقون السكان بكافة أنواع التسلط.

ويستنتج من قراءات الأوضاع الحياتية القائمة ومن مذكرات بعض المتنورين اللاحقين أن الإمام لم يكن يريد أن يعجل في تطور هذه الأوضاع وكان يحكم البلاد بطريقة قبلية تقليدية تقوم على الإدارة الشخصية والمتابعة اليومية لمشاكل وقضايا الرعية. كما بقيت عدن ومحيطها مصدراً لتسرب التمدن والثقافة وملجأ لعدد من الباحثين عن العمل والحرية والعلم.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي