

(المرحوم) سعيد أحمد أبو شاهين، من بلدة «بْمَريم» في المتن الأعلى، واحد من الأدباء والشّعراء الذين تفتّحت بواكير عطاءاتهم في أرض الوطن لكنّها أزهرت وعقدت وأثمرت أخيراً في بلاد الاغتراب (الولايات المتحدة الأميركية). أمّا لماذا؟ فلا غرابة في الأمر، ولا حَيْرة في الإجابة. فحالُ صاحبنا وصديقنا (الراحل) سعيد أبو شاهين هو حال عشرات الأدباء المهجريين اللبنانييّن والسوريين، الذين لم تتّسع أوطانهم لمطالبهم البديهيّة في الخبز والحريّة والعيش الآمن الكريم، فيمَّموا شَطر أصقاع الدّنيا النائية، يطلبون فيها ما لم يجدوه في أوطانهم. وكان طبيعيّاً أن تتفتّح مواهبهم وتنضَج إبداعاتهم وحيواتهم الكفاحية والجهادية هناك، فيبرز حنينهم إلى أوطانهم وملاعب الطفولة والصّبا والشباب فيها، تصقلها ثقافاتهم التي حصّلوها في مُغترباتهم، لتظهرَ مواطنُ الإبداع في شخصيّة من يمتلك منهم جذوة الإبداع. سعيد أبو شاهين واحدٌ من هؤلاء، بل أحد أبرزهم.
لم ينلْ إنتاج سعيد أبو شاهين الأدبي والفكري في حياته الطويلة ما كان يجب أن يجده من الاهتمام والعناية، كحال الكثيرين كذلك – إذ لم يهتمَّ هو للأمر كما يبدو. أيضاً لم تتوفّر له بسهولة أواليات النّشر المُناسبة. إلّا أنه كُوفئ في أُخريات عمره بنشر أعماله، ثمَّ بالتكريم الذي ناله واستحقّه، وإنْ هذا جاء متأخّرا، فقد كرّمه اتحاد الكتّاب اللبنانييّن، وحلقة الحوار الثقافي، ووزارة الإعلام واتّحاد بلديّات المتن الأعلى، بالإضافة إلى مناسبات تكريم أخرى واحتفاء به في غير مكان – وقد كان لي شخصيّاً شرف الحديث عن أدبه في إحدى المناسبات قبل بضع سنين. و ترى أنّ من واجبها فتح ذراعيها للمُبدعين، أدباء وشعراء وفنّانين ومفكرين وأطبّاء وعلماء ممّن أثْرَوْا حياة مجتمعهم بعطائهم ونتاجهم القيّم. كيف لا وسعيد أبو شاهين فاعل نشيط في مجتمعه المحلّي (رئيس المجلس البلدي لبلدة بْمريم المتنيّة لفترة ما)، ومناضل قبل ذلك في صفوف «عُصْبة العمل القومي» بعد بضع سنوات من انطلاقها سنة 1933 في بلدة «قرنايل» المتنيّة على أيدي مناضلين تاريخييّن في طليعتهم: علي ناصر الدين، والدكتور حسين أبو الحسن، وعجاج نويهض، وقسطنطين يني وآخرون. وقد اعتقله الفرنسيّون سنة 1941 مع آخرين لفترة قصيرة.
أدب سعيد أبو شاهين
ينطوي مضمون أدب سعيد أبو شاهين على معانٍ عميقة، وأفكار جريئة، وحِكَمٍ بغير عددها خلص إليها بفعل ثقافته الغنيّة واتساع تجاربه وشفافية شخصيته والتزامها الأخلاقي والسياسي الصارم بقضايا مجتمعه ووطنه وأمّته، كما بقِيَم التّراث العريق التي ينتمي إليه. وهاكم بعض أفكاره الحصيفة وحكمه العميقة:
«تَعَلَّقَ بالوسيلة ونسيَ الهدف»
«الوصف يُعبّر عن ذات الواصف أكثر مما يعبّرُ عن ذات الموصوف»
«…كم من حقيقة اعتقدها الإنسان ثم تكشّفت عن وَهم»
«تجعلُ نفسك محامياً عن الله؛ فأين وكالتُك؟»
«ليس الرّيش ما يجعل النَّسر نَسراً…»
«من أراد الوصول إلى حقيقة ذاتِه عليه أن يتخلّى عن أطماعهِ وشَهواتهِ»
«قال: إنَّ أفضلَ الرأي هو ألاّ تخالف سُنَّةَ الطّبيعة بل أنْ تطوّرَها»
«متى مشيت وظلُّك إلى الشمس مشى ظلُّك وراءك، ومتى مشيت وظهرك إلى الشمس مشى ظلُّك أمامك».
هذا غَيْض من مئات الأفكار والحِكَم التي صاغها سعيد أبو شاهين بعناية في كتبه التي فاقت العشرة كتب*. لا حاجة للقول أنّ حِكَم أديبنا وأفكاره المنثورة بكثافة ليست مُستلَّة من هذا الأديب أو ذاك، ومن هذا الفيلسوف أو ذاك: هي بوضوح، من خلاصات العمر الطويل الذي عاشه، والتجارب الجادّة التي عرضت له، فكان قادراً بعقله الاستنباطيّ أن يستخلص ما استخلصه من قواعد للحياة العملية، ومبادئ تحكم عقله وضميره وحياته الداخلية الغنية.
خصوصية أفكار سعيد أبو شاهين تتّضح أكثر في الجانب الشّخصي، ولا أقول الذاتي، الذي تنتمي له أفكاره وحِكَمه التي رأيناها – وغيرها المئات. هو لا يتكلّم بالتعميم والتجريد وضمير الغائب، بل يتحدث عن نفسه، ومن تجربته، بل تجاربه الشخصيّة، وقد رغب كأيّ مُصلح اجتماعيٍّ أن يضعها بتصرّف قُرَّائه، بل بتصرُّف جيل بأكمله. وسعيد أبو شاهين أدرك تماماً قوّة «الكلمة»، فأراد صيانتها من كلّ تزييف وعن كلّ تحريف. قال: «عندما انحرفت الكلمات عن حقيقتها، انحرف الإنسان عن حقيقة حياته». وبهذه «الكلمة» رأى سعيد أبو شاهين أن الإنسان هو الغاية، أو يجب أن يكون كذلك دائماً، والوسيلة في آنٍ ليظهر خلق الله في أحسن صورة قال: «أصغيت للكلمة التي كانت هي في البدء فسمعتها تقول: الإنسان هو الغاية وهو الوسيلة». قال: «حصيلة كلّ الفلسفات والمذاهب الفكريّة كانت «الإنسان» هو مقياس كلّ شيء، وأصل وحصيلة هذا الإنسان العاقل الناطق كانت: الكلمة».
وإذا كانت الكلمة حقّة، وكانت تعبيراً عن الله، فلا فرق بعد ذلك بين هذه الكلمة وتلك إلّا في الشّكل، وهو فارق بسيط. قال: «وما خلائق هذا الوجود غير كلمات كُتِبت في سِفر الوجود من مداد واحد، وليس من فرق بين كلمة وكلمة إلّا بما تحمله كلّ كلمة من معنى. أما الشّكل واللّون فلا عِبرة له. فيا كلمة «الإنسان» فتّشي
عن معناك».
كذلك في الأخلاق العمليّة، فإنّ سعيد أبو شاهين مُدافع صلب عن القيم الأصيلة والسلوك الرّصين، يقول: «لا يعطي الورد غير الشّذا والطّيب ولو شرب كُدْرَة الماء». أو في قوله: «في الأخذ لَذّة وفي العطاء الفرح. أمّا اللّذة فهي من بعض طبائع الحيوان، بينما الفرح لا يعرفه غير هذا الإنسان الإنسان». فَلْنعطِ، ولنصنعِ الخير، هذا هو الإنسان. قال: «قال: عساني أزرع خيرَ العمل فأحصد خيرَ الثواب. قلت: وعسى مجتمع الناس أن يكون حقلك وهذه هي الأرض التي يرويها غيث الرّحمة».
وأولى مظاهر الخير الرحمة والمحبّة في القلب. والله عند سعيد أبو شاهين يقيم في القلب لا في هذا الشكل أو ذاك. قال: «لن يرى الفرح العظيم والمجد العظيم والحقّ الذي لا يعلو عليه حقٌّ إلّا من يسعى إليهما حاملاً في قلبه مصباح نور». «فتّشت في عرض المكان ودهر الزمان عن ربّي فلم أجده إلّا عندما وجدته ضاحكاً في أعماق قلبي». نقاء القلب وطهارة السّريرة هما ما يبعث الجمال في الأشياء. قال: «قالت: من يخيط لحواري الجنة أثوابها، فتبدو بمثل هذا الجمال. قلت: ليس لحواري الجنة أثواب جميلة، جمالها الفتّان هو ببراءة قلبها وطهارة نفسها».
وبعد: «أنا وأنت…. الأرض تطعمنا، والينابيع تسقينا، والشمس تدفئنا، والهواء ينعش رئتينا أنا وأنت. أبونا واحد هو الله، أمّنا واحدة هي الحياة. وهما يجودان علينا. فلماذا يا أخي تحرم نفسك وتحرمني من حبِّ الحياة وَجُودها؟ قُم يا أخي لنقدّس الله ولنكرّم الحياة… ثمّ لنغنّي لفرح الحياة ونعيش العمر بسلام».
أختم هذا الجزء الأدبيّ بقطعٍ جميلة من مناجاته لربِّه. يقول سعيد أبو شاهين: «ربّاه… وأنت الذي لا ينضُب لنعمائك معين. لحكمة خلقت من قلبي إناءً لا يمتلئ ليدوم فرحك بالعطاء ويدوم فرحي بالأخذ والنّوال. ربّاه ما أعظمَها نعمةٌ ومنّة. وقد خلقت لي شمس النور لاقتبس منها نبراساً، وخلقت لي مشاع الهواء لأنشق منه أنفاساً… ربّاه… وأنت الرّحمن الرّحيم الجوّاد الكريم. رحمتني وأكرمتني فأعطيتني نفحة من قُدرة الخلق والإبداع، أو الكشف والعِرفان حتّى بِتُّ أحسَب نفسي على شبهك ومثالك… كنت أنا صلصالاً وتراباً، فصنعتْ منّي مشيئتك «قيثارة»، ونفختَ فِيَّ من أنفاسك فاستويتُ على الأرض خَلقاً سويّاً يسعى، ليُخرِجَ بتقديسك أعظم نشيد ربّاني وأعذب لحن إنساني… ربّاه… أيّها المُناجى فتسمعَ مناجاتي بغير أن تتحركَ شفتاي بصوت!» (ص108- 109) هذه عيّنات اخترتها من أدب سعيد أبو شاهين الحِكَميّ. وقد صاغ المؤلّف معظمها على نحو قصَصي.
وإذا لاحظنا أنّ بين أعماله المنشورة أكثر من قصّة واحدة (أقل من رواية وأكثر من قصّة قصيرة) أدركنا فوراً الموهبة القصصيّة التي امتاز بها سعيد أبو شاهين. قدرته على جعل أفكاره في قالب قصصيّ جليّة، حتّى في صياغة حِكَمِه وخلاصاته المعرفيّة. يُظهر الشكل القصصي هذا مدى تأثّر أبي شاهين، كما أعتقد، بالقصص الأخلاقي أو الحكميّ الذي نجده على وجه الخصوص عند جبران ونعيمه ومارون عبود، وربما عند نعيمه أكثر من سواه. وفي ظَنّي أنّ الملمح هذا لا يزال ينتظر الدارسين ليعملوا على التوسّع فيه وإظهار أهمّيته كما تفعل الدراسات الأدبية النقديّة.


في وسع القارئ أن يلحظ، زمنيّاً، المبلغ المتقدم من الحكمة العميقة التي بلغها سعيد أبو شاهين في أعماله الأخيرة، وبخاصّة في كتابه الذي اخترت منه هذه النصوص «العرائس الأبكار من بنات الأفكار» (2009). وفي من يرغب أن يرى مثلها، أو ما يقرب منها، أو يتوسع فيها، أن يجد ضالّته في كتب سعيد أبو شاهين الأدبيّة، وهي على التّوالي: شمس الرّبيع، 1999، شعر – لمعات الخواطر، 2001، 365 حِكمة – جوهر المرآة، 2001، قصّة – إرادة الحياة، 2002، شعر – السرُّ الدّفين، 2002، قصة – بذرة تراب، 2005، قصة – العرائس الأبكار، 2009، مجموعة حِكم – خواطرُ زجليّة، 2009. إلى أعمال أخرى تقوم كريمته بجمعها ونشرها.
شعر سعيد ابو شاهين
سعيد أبو شاهين، إلى ذلك، شاعر. بل من الطبيعيّ، والعادي في أعمال الأدباء المهجرييِّن، أن تجد الشعر حاضراً بقوّة. فهو الأكثر قدرة على حمل زفراتهم وأشواقهم وآيات حنينهم، وسرد ما أمكن ممّا رأوْه ظلماً وقع عليهم، أو عدالة لم تصلهم، أو حتى أفكاراً وخلاصات بلغوها في أواخر أعمارهم. وأبو شاهين ليس شواذّ للقاعدة هذه بل هو تأكيد لها.
فشعره متقطّع، فيه ألوان عواطفه وأحاسيسه وغضبه وآيات من مواقف قوميّة ووطنيّة حيال قضايا وطنه وقومه – وإن بدا أخلاقيّاً في الغالب – وفيه أيضاً شعر المناسبات. ولافِتٌ أنّ الروح القصصي عند سعيد أبو شاهين لم يفارق حتى قصائده.
خذ مثلاً لشعره الاجتماعي قصيدته «العبد المتمرّد»:
عبدٌ تَمـــــــرّدَ لـــــــــم يخضعْ لمـــــــولاهُ والنّـــــــــاس قد نهضت عن ذاك تنهاهُ
ماذا دهـــــــاهُ؟ أهلْ مَــسٌّ أحاق بـــــــــه مــــــن الجنون أم الشيطــــان أغـــــــواه
قد خالفَ الشّرعَ فيمـا أهلُه اجتهدتْ رَدْحــــاً من الدّهــــر في تفسير معنـاه
* * *
إنّــــــــي أخالفُـــــــهم لمّــــــــا مشيئتــهـم جــــــاءت مُخــــالفـةً مــــــا شــــــاءه الله
* * *
حرّاً خُلقتُ فشاؤوا أن أكــــــون لهــــــم عبـــــــــداً لأمــــــــــرٍ عزيزُ النّفس يأباه
لن أرتضي من فنون القول واحــــــــدة إلّا التــي إنْ ســـــألتَ العقلَ يرضــــــاه
* * *
الذئبُ يدعو إلــى دين السّلام ومِـــــنْ أدهى الدّواهــــي إذا لم تؤمن الشّــــاهُ
إن تَكفرِ الشــــــاه قد حَقّت إدانتـُـــــــها والذئــــــبُ ناظــــــرةٌ بالحُـــــكمِ فــــــكّاه
ثم ينــــــــال مــــــــــن التعظيم مــــــــرتبةً إذ إنّـــــــه مـــــا استقام الشـــعرُ لــــولاه
* * *
ربّاهُ وحـــــــدكَ من يَهدي ضمائـــــــرنا ربّـــــــــــــاه عطفكَ بالإنسانِ ربّــــــــــــــاهُ
أو في قصيدته «ظُلم الناس»، يحكي عن الظّلم الاجتماعي الذي تتعرّض المرأة والتقصير الاجتماعي في حقّ الأم على وجه الخصوص:
طــــــال ظلــــــمُ النّـــــــاس للأمّ التـــــــي هي بعـــــــــــدَ الله أصــــــــلُ الـــكائنـات
ظلموهـــــــــا دونمــــــــــا ذنبٍ ســــــــــوى إنّــهــــــــا قــــــــــد أوجدتهُم بالحيـــــــــاةِ
* * *
عجَباً مـــــــــن فيلسوفٍ يــــــــدّعي عقـ ـــلاً ويــــــحصي أمّــــــه في الجاهلات
كيف يزكـــــــو مَنبِتٌ مـــــــــا لــــــــم يكن أصــلُ ذاك الطّيــــــب في أصل النّواة
* * *
حبسوهــــــــــا ثم قــــــــــالوا ويحَـــــــــــها لم تؤالــــــــف غيرَ عَيْش الظُّلمـــــــــات
عصبـــــــــوا عينيهــــــــــا ثمّ خبّـــــــــــروا أنّـــــــها لـــــــــم تَهْتــــــدِ درْبَ النّجــــــــاة
قتلوهــــــــا ثــــــم قـــــــــالوا لـــــــيس مَنْ كــــان حيّــــــــاً مثل من كــــــان رفـــــــــاةِ
أمُّـــــــــــكم أو أُختــــــــــكم أو بنتــــــــــكم ظلمتُم أيُّــــــــــــها القـــــــــــوم الجنــــــــاةِ
إنْ حــسِبتُم ظُلـــــــــمَها حقـــــــــاًّ لـــــكم ذاك وايــم الله أدهـى الدّاهيــــات
وإلى الثورة على الظّلم هناك «شعر الأفكار»، في غير قصيدة له، واحدة منها «قبس من نور الحقيقة». ونختم مرورنا السريع هذا بقصيدة تُظْهِر حِسَّه الإنسانيّ في شعره كما هو في نثره العميق وقناعته بوحدة الإنسانيّة. يقول في قصيدة: «داري هي الأرض، إخواني هم البشرُ»:
داري هــي الأرض أخواني هم البشرُ بــــالأرض أو بســــــواها أينما انتشروا
مَـــــنْ ذا يؤكّد لــــي أنَّ الخليقةَ مُـــــــذ كــــــان الوجود بهذي الأرض تنحشـــرُ
ما زال بالأرض حــيّ: لم يعد عجبـــــاً إن يبعث الحــــيّ فيــــها الأنجمُ الأخرُ
* * *
داري هي الأرض: يا للأرض أحسبُها لا الشمـس تَعْدوها فضلاً لا ولا القمرُ
يكفي لها أنَّ مِـــــنْ أحشائها انفطرت روحُ الحيـــــــاة ولا أنثـــــــى ولا ذكـــــــرُ
* * *
الخَلقُ يعمرُها: والخيــــــــر يغمـــــــرُها أرضٌ تعطّـــــرها الأنفــــاسُ والزَّهَـــــرُ
والأرض تســعدُ إنْ جـــــادت لساكنــها كالأرض تســــعد إمّا جادهــــا المطـرُ
لولا الذيـــــن تّوّلّاهـــــــم بها جشــــــــــعٌ أعمــــــى القلوب وزاغ السّمعُ والبَصَرُ
وإلى الشعر الفصيح، كان سعيد أبو شاهين شاعراً زجليّاً بامتياز وكفاءة. وتعدّدت أيضاً موضوعاته: لكنّ أطرفها نظْمُه مئةً وخمساً وثمانين بيتاً عتابا في عقد واحد. وإن دلّ ذلك على شيء فإلى روح جيّاشة بالمشاعر والأحاسيس وقريحة شاعرية وافرة العطاء.
قالوا في سعيد أبو شاهين
نال الأديب سعيد أبو شاهين في أواخر حياته الممتدّة بعضاً من التكريم الذي استحقّه، فكان ذلك اعترافاً بموهبته من أدباء وكتّاب وهيئات ثقافية، كما هو تكريم اجتماعيٌّ له من قادري عمله الاجتماعي وخاصة في منطقته، المتن الأعلى. وقد اخترنا عيّنات من بعض مظاهر التكريم ذاك.
أ. أنور الخليل
وزارة الإعلام اللّبنانية، 1999
الشيخ سعيد أبو شاهين كاتب مُميّز من بلدي، أحبَّ الوطن والإنسان فكان همّه وهدفه الذي ظهر جلياً في كتبه التي ستغني المكتبات اللبنانية. ونحن كوزارة إعلام نعتبره غلّة ثقافيّة بامتياز.
أ. فرحان صالح
الأمين العام لحلقة الحوار الثقافي
نحن في حلقة الحوار الثقافي وجدنا في الأديب اللّامع سعيد أبو شاهين ثروة أدبية وإنسانية واجتماعية جعلتنا نسلّط الضّوء عليه اعترافاً منّا بقدراته الفكريّة المميّزة.
المحامي سليمان تقي الدين
لا يسعني إلّا أن أرفع القبّعة أمام الشاب الثمانيني سعيد أبو شاهين ذلك القلم الغزّار الذي استطاع في فترة عشر سنوات أن ينجز تسع مؤلفات من الشعر والفلسفة والأدب والقصة الهادفة. فعطاؤه هذا يستحق مِنّا التقدير والاحترام.
———————————————-
د. وجيه فانوس
الأمين العام لاتحاد الكتّاب اللبنانيين
يكفي سعيد أبو شاهين أنّه نذر النفس للحبّ والعطاء مغموسين بزيت الإيمان مجلّلَيْن بعباءة التُّقى والورَع. الله مرشده وهاديه. وإيمانه بالله نوره الذي يسطع بين يديه، يضيء له ما يواجهه من ظلمات العيش وعقله سراج يرعى النّور ويسهر على زيته ليظلَّ في ضميره بذلاً لكلِّ ما عنده من خير ينفع به نفسه والنّاس.
د. إلهام كلّاب البساط
أستاذة جامعيّة
نتاج غزير في سنين قليلة من شعر وزجل وحِكم وفكر وتأمّلات وروايات …. غزارة تُفرح نفوسنا والعقول بِرُؤاها العريقة والمعاصرة معاً لقضية الإنسان … غزارة تُخجلُ عمرنا من سنين عمره المباركة، وتكاسلنا من نشاطه المثمر.
د. زاهي ناضر
أستاذ جامعي
يتمتّع سعيد أبو شاهين بكلّ مواصفات رجل الحكمة وصاحب الكلمة وموهبة الاستبصار والاستبطان والقدرة على فَهم الحياة والنّزوح إلى أعماقها والغَوْص في شؤون النفس والإنسان عامة وبالطاقة المتقدّمة على تجاوز الاقتباس إلى الأصالة والإبداع.
المحامي عصام العريضي
يبقى، وهذا رأيي الشخصي، أنّ أدب سعيد أبو شاهين، وبخاصّة شعره، لمّ يُحقَّق بعد كما يجب، أو وفق الأصول، بخلاف ما هو عليه نثره. وعليه، مطلوبٌ جهد إضافي، علمي وحِرفي، لموضعة شعره وإعادة توزيعه، وأحياناً تنقيته ليتلاءم والقواعد الشعريّة التامّة، فهو غنيَ بالصور الشعرية دونما افتعال أو اصطناع، وتحتاج لجهد علمي تقني ليخرجها لجهة الشكل.
د. فارس يوسف
أستاذ جامعي
سعيد أبو شاهين تخطّى عصره بكلّ ما تعنيه الكلمة. فكان مُبدعاً ومدرسة في كل مجالات وقِيم الحياة، (التسامح، الصدق، الوفاء، العطاء، المحبة، والإنسانية) فكان شعاره «الإنسان هو الغاية والوسيلة». أيضاً مدرسة في وطنيّته وعروبته في زمن أصبحنا نفتّش فيه عن رجال مِنْ هذا النوع.
وأخيراً، أعمال الأديب سعيد أبو شاهين عميقة لجهة المعنى، موهوب فيها لجهة الشّكل وهي أقرب إلى العفويّة منها إلى التكلّف والاصطناع، وتستحقّ كذلك أن تكون موضوعات لمباحث أدبيّة ونقدية لاحقة.

