الجمعة, نيسان 19, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الجمعة, نيسان 19, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

أبو بكر الشبلي

الشيــــخ الزاهــــد وشاعــــر الوجــــد والفنــــاء بالله

أبو بكر الشبلي

هو الشيخ الزاهد أبو بكر دلف بن جعفر بن يونس الشبلي، ولد في بغداد وبعضهم يقول في سامراء عام 247هـ، الموافق 861م، وكان أبوه من رجال دار الخلافة بسامراء، وهو تركي الأصل من قرية شبلية من أعمال أشروسنة. نشأ الشبلي مع أولاد الأمراء والوزراء، وانخرط في سلك الوظيفة بدار الخلافة، وحظي من الأمراء بالنعم الوافرة، وعين أميرا على (دوماند) من توابع طبرستان. وكان يرى المظالم في عمله والسعايات بين الحكام بالباطل فيؤلمه ذلك إذ لم يكن يوافق طبعه وخلقه الرفيع، وأحس بقيود الوظيفة، وأراد خلعها لأنه يرى مصيره سيئا في الدنيا والآخرة إذا إستمر بالعمل مع هؤلاء المتكالبين على الدنيا، والتقى بالرجل الصالح (خير النساج) وكان من مشاهير الوعاظ في عصره، وقد وجهه هذا نحو الجنيد البغدادي.
التقى الشبلي بالجنيد البغدادي فرحّب به الجنيد وأكرمه وحبب إليه العبادات والتصوف والانصراف عن الدنيا.
جزع الشبلي من الاستمرار في العمل أميراً عند الولاة وقرر الاستقالة من عمله. لكن الجنيد طلب منه أن يعود إلى وظيفته ويسترضي الناس، فرجع الشبلي لعمله وأقام فيها سنة، يسترضي خلالها الناس ويطلب المسامحة منهم، ثم عاد إلى بغداد، وسلك سبيل التصوف وكان يعرف الزهد بقوله: (تحول القلوب من الأشياء إلى رب الأشياء).
هو أول من سمّى التصوف بعلم الخِرَق، أو علم الحقيقة في مقابل “علم الورق” (أي العلم الظاهر أو علم الشريعة)، والخِرقة هي ثوب فقر كان غالباً من الصوف وكان المرشد يُلبِسَه للمريد عند نضجه في الطريق. وقد ورد ذلك في شعر قال فيه:
تســـربلتُ للحــرب ثــوب الغـــرق وهمــتُ البــلاد لوجــــد القلــــــق
ففيــــك هتكــــت قنــــاع الغِـــوى وعنــــك نطقتُ لدى من نطـــــق
اذا خــــاطبوني بعلـــــــــم الـــــورق برزت عليهـــم بعلــــم الخـــــــــرق

قال الجنيد عنه: لا تنظروا إلى أبي بكر الشبلي بالعين التي ينظر بعضكم إلى بعض فإنه عين من عيون الله .وقال أيضاً: لكل قوم تاج، وتاج هذا القوم الشبلي.
اشتهر بمجاهداته في أول أمره وكان يكتحل بالملح ليعتاد السهر، وكان يبالغ في تعظيم الشرع المكرم. وكان يأخذه الوله فيغيب ويُـرَدّ في أوقات الصلوات إلى حِسِّه حتى لا يفوته شيء مما يتوجب عليه من التكاليف فإذا فرغ من صلاته أخذه الوله وصار لا يعقل .
قال عن التصوف: هو ترويح القلوب، وتجليل الخواطر بأردية الوفاء، والتخلق بالسخاء والبِشر في اللقاء، وهو الجلوس مع الله بلا هم.
توفي الشيخ الشبلي ليلة السبت 27 من ذي الحجة في سنة 334هـ، الموافق 945م، ودفن ضحى في مقبرة الخيزران، وقبره ظاهر يزار وعليه قبة، ودفن إلى جواره بعض طلابه ومحبيه.

من أقواله
التصوف ضبط حواسك، ومراعاة أنفاسك
من عرف الله خضع له كل شيء؛ لأنه عاين أثر ملكه فيه.
الفرح بالله أولى من الحزن بين يدي الله.
ليس للمريد فترة ولا لعارف معرفة ولا للمعرفة علاقة ولا للمحب سكون ولا للصادق دعوى ولا للخائف قرار ولا للخلق من الله فرار.
سئل في معنى قول القرآن: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ). النور:30) فقال: “أبصار الرءوس عن المحارم، وأبصار القلوب عما سوى الله عز وجل”.

من شعره

عودوني الوصال والوصل عـذب ورمـوني بالصـد والصـدّ صعـب
زعمـــوا حـــين عاتبــــوا أن ذنـــبي فرط حـبي لهـم ومــا ذاك ذنــب
لا وحسن الخضوع عند التلاقــي ما جـزا من يحــب إلا أن يُحــبّ

رآنـــي فــــأوراني عجائب لطفـــه فهِمــتُ وقلــــبي بالفــــراق يــذوب
فــــلا غائــب عــني فأسلو بذكـرهِ ولا هــو عــني معــرضٌ فأغيـــبُ

لــها فــي طرفهــا لحــظات سحــر تميــت بهــــا وتحيــــي مــن تــريـــد
وتســــــــبي العالمــــــــين بمقلتيــــــــها كــــــأن العالمــــــين لهــــــــا عبيـــــد
ألاحــــظها فتعــــلم مــــا بقــــلــبي وألحظهــــــا فتعلــــــم مــــــا أريــــد

الناس في عيد قد سروا وقد فرحوا وما ســــررت به والواحد الصمدِ
لمــــا تيقنــــت إنــــي لا أعاينكــــم غمضت طرفي فلم أنظر إلى أحدِ

تزيــــن النــــاس يــــوم العيـــد للعيد وقد لبست ثياب الزرق والسـودِ
أعــــددت نوحــاً وتعديدا وباكيةً ضدّا من الراح والريحـان والعــودِ
وأصبــــح الكل مسرورا بعيدهم ورحت فيكــم إلى نــوح وتعديــدِ
أصبحت في ترحٍ والناس في فرحٍ شتان بيني وبين النــاس في العيــدِ

بــــــــاح مجنــون عامــــــرٍ بهــــــــواه وكــتمت الهــوى ففــزتُ بوجدي
وإذا كــان فــي القيامــــــة نــــودي أيــن أهل الهوى تقدمت وحدي

أُقــــلّل ما بـــي فيك وهـو كثــــــير وأزجرُ دمعي فيك وهو غزيــــــرُ
وعندي دموع، لو بكيت ببعضـها لفاضـــت بحـــور بعدهنَّ بحـــــورُ
قبول الورى تحت التراب وللهــوى رجالٌ هم تحت الثيــاب قُبــــــورُ
سأبكــــــي بأجفان عليك قريحـةٌ وأرنــــو بألحاظٍ إليــــــك تشــــــيرُ
إن مــــوت المحــــب من ألم الشـــوقِ وخوف الفِــراقِ يــــورث عــــذرا
صابَرَ الصبرَ فاستغاث به الصَّبــــرُ فصــــاح المحبُّ بالصـــبرِ صــــبراً

دعِ الأقمـــــــار تغــــرُب أو تنــــــــيرُ لنــــا بــــدرٌ تــــذِلُّ لــــه البــــــدور
لنــــا مــــن نــــورهِ فــــي كـــل وقتٍ ضيــــاءً مــــات غيِّــــره الدّهـــورُ

الـــــدهر لي مأتمٌ إن غبت يا أمـلي والعيدُ ما كنت لي مرأى ومستمعا
أحرى الملابس ما تلقى الحبيب به يوم التزاور في الثوبِ الذي خُلِعــا

إنـــي لأَحسِـــدُ ناظـــــــرَيَّ عليكَـــا حتى أغـــضّ إذا نظـــرتُ إليـــك
وأراك تخـــطرُ في شمـــــــائلك الـــتي هي فتنتي فأغــار منـــك عليـــكَ
ولو قلتَ: طأ في النار بادرت نحوها سروراً لأني قد خطرت ببالكــا

والهجـــر لو سكن الجِنان تحـــولت نعم الجنان على العبيد جحيمــاً
والوصل لو سكن الجحيم تحولت نار الجحيم على العبيــد نعيمــــاً

تغنـــّــــى العـــــــــــــــودُ فاشتقنـــــــــا إلى الأحبــــــــــــابِ إذ غنّــــــــــــى
وكــــــــــــــنّـا حيثــــــــــــما كانـــــــــوا وكانــــــــــوا حيثمـــــــــا كـــنّـــــــــــا
ذكـــــــــرتك لا أنــــــي نسيتك لمحـةً وأيسـر ما في الذِّكر ذكر لســـاني
وكِـدتُ بلا وجدٍ أموت من الهوى وهام علـــيَّ القلــــــب بالخفقـــانِ
فلمّــــا أراني الوجد أنك حاضري شهدتــك موجـودا بكـــل مكـــانِ
فخاطبـــتً موجـــوداً بغـــير تكلــمٍ ولاحظـــتُ معلومـــا بغـــير عيـانِ

علــــــم التصــــــوُّفِ علم لا نفاد له علـــم سَنيٌّ سمــــــاويٌّ رُبوبــــــــيُّ
فيـــه الفوائـــدُ للألبــــــابِ يعرفهــــــا أهل الجزالـةِ والصنع الخصوصـيُّ

 

أبيات مفردة وحكمة جامعة

في ما يلي بعض الأبيات المفردة التي قالها الشبلي (ر) واشتهر الكثير منها بسبب بلاغته ورقته في الأدب الصوفي وبات يتناقل من جيل إلى جيل عبر الأزمان:

بقلــــــبي هـــــوى أذكـــــى مـــــن النـــــار حـــــرّه وأحـــــلى مـــــن التقـــــوى وأمضـــــى مـــــن السيـــــفِ
* * * *
مـــــن لــــــم يكــــــــــن للوصـــــــــال أهـــــــــــــــلا فكـــــــــــــــــــــــــل إحسانــــــــــــــــــــه ذنــــــــــــــــــــــــــوب
* * * *
إن المحبــــــــــة للرحمـــــــــــــن تســـــكرنــــــــــــــي وهـــــــــــــــل رأيـــــــــــــــت محبــــــــــّاً غيـــــرَ سكـــــرانِ
* * * *
مــــن اعــــتـــــــــــــــــز بــــــــــــــــــذي العـــــــــــــــز فـــــــــــــــذو العـــــــــــــــــــــــــــــــــــزِّ له عـــــــــــــــــــــــــــــزٌّ
* * * *
كلـمــــــا قلــــت قــــد دنـــــا حـــــــلُّ قيـــــــــدي قــــــــــــــــــــدَّمونــــــــــي وأوثقـــــــــــــــوا المِسمـــــــــــــــارا
* * * *
وتحسبـــــــــني حيـــــــــّاً وإنــــــــي لميِّـــــــــــــــــتٌ وبعضـــــي مـــــن الهجـــــران يبكـــــي علـــــى بعــــــضِ
* * * *
الصـــــــــبرُ يَجمُـــــــــلُ فـــــي المواطـــــنِ كلّهـــــــا إلا عليـــــــــــــــــــك فإنــــــــــــــــــــــــه لا يَجمُـــــــــــــــــــــلُ
* * * *

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading