الخميس, نيسان 25, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الخميس, نيسان 25, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

التنمية الزراعية في الأرياف

التنمية الزراعية في الأرياف
فــرص حقيقيــة أم حنيــن إلــى مــاضٍ بعيــد

يُنفق الإتحاد الأوروبي مبلغ 365 مليار يورو سنوياً لدعم الزراعة في الدول الأعضاء للاتحاد، وتُصرف معظم بنود الدعم تحت عناوين «الأمن الغذائي والاستقرار الاجتماعي ومكافحة البطالة». فالأمر بالنسبة لهذه المجموعة العريقة من الدول هو الحفاظ على استقرار العاملين في الاقتصاد الزراعي في أماكن سكنهم في المدن والبلدات الريفية، وهو ايضاً المحافظة على استمرار قدرة دول الاتحاد الـ 26 على تأمين معظم حاجاتها الغذائية من داخل أسواقها، فلا تكون مكشوفة بالتالي وفي لحظات الصراع والأزمات الكونية إلى الضغوط الخارجية (وخاصة من الحليف الأميركي) في ما يتعلق بالحاجات الغذائية الأساسية لمواطنيها.
هذا المبدأ الحيوي كان فيلسوف ملهم مثل اللبناني جبران خليل جبران قد لحظه ببساطة كلية عندما كتب في «حديقة النبي» سنة 1933:
«ويــــــلٌ لأمـــــةٍ تلـــــبس ممـــــا لا تنســـــُج، وتأكـــــلُ ممـــــا لا تـــــزرع، وتشـــــرب ممـــــا لا تعصُـــــر».
لبنان بلد الجمال، وأيقونة الطبيعة، كان عبر التاريخ يسمَّى «جبل لبنان»، أو بلاد الأرز، في إشارة لوجود شجرة الأرز السحيقة القدم في أعالي قممه. لذلك، فإن الطابع الذي يَغلُب على صورته، هو في كونه قرىً ودساكر جبلية، وأريافاً تَقطُنها المجموعات اللبنانية المتنوعة منذ مئات السنين، أي أن لبنان في الأساس ليس بلداً «مدينياً» (أي مكوّنٌ من مجموعة مدن على الطريقة اليونانية القديمة)، مع التقدير الكامل لدور مُدنه الساحلية، ومنها بيروت، التي شكلت على مرّ العصور أهم الثغور والحواضر التجارية في البحيرة المتوسطية من دون أن يعني ذلك أنها كانت مدينة مكتظة بالسكان، والدليل على ذلك أن بيروت كانت حتى الاستقلال محصورة في الحدود الإدارة الضيقة لها بينما كانت أقسام كبيرة منها وكذلك الضواحي المنبسطة حولها ما زالت تعيش على الاقتصاد الزراعي وتعتبر الممون الرئيسي لسكان المدينة في ما يحتاجونه من سلع عبر المواسم المختلفة.
وعلى الرغم من موجات النزوح الكبيرة التي حصلت من أطراف لبنان الريفية في البقاع والجنوب وعكار وجبل لبنان إلى بيروت (خصوصاً مع انفتاح باب الوظائف الحكومية بعد الاستقلال) فأنه وحتى مطلع ثمانينات القرن الماضي كان 35 % من سكان لبنان ما زالوا يعملون في الزراعة، ويعتاشون من دخلها بالكامل. لكن هذه النسبة تقلصت اليوم إلى 20 %، كما تراجع إسهام القطاع الزراعي في الناتج المحلي
إلى 6 %، علماً أن الصادرات الزراعية ما زالت تمثل نحو 17 % من مجمل الصادرات اللبنانية إلى الخارج.
وفي مطلع الثمانينات كان اللبنانيون أصبحوا يتوزعون في سكنهم مناصفةً بين المدن والقرى. أما اليوم فقد أصبح أكثر من 60 % منهم يقطنون في بيروت وضواحيها ( أو ما يسمى بـ بيروت الكبرى). وهذا التكوُّر، أو التحول الديموغرافي، خلق تشوهات في جسم الوطن، فانتفخت بعض أعضائه ونواحيه، وضعُفت أخرى. وهذا ما نراه في الاكتظاظ الهائل والمخيف الذي تشهده بيروت ومحيطها، بينما تفرغ جباله وقراه من سكانها. وبات لبنان الجديد الذي نَحلمُ به مولوداً مشوهاً يحتاج إلى عمليات تجميل، لتقويم الاعوجاج، وهذا إذا ما نجحت هذه العمليات، وإذا كان الأطباء مَهرة.

نسبة العاملين في الزراعة في لبنان تراجعت من 35 % من السكان في الثمانينات إلى 20 % وإسهام الزراعة في الناتج المحلي تراجع إلى 6 %

ماذا وقع لبنان في مرض التورم المُدُني؟
ساهمت مجموعة عوامل في إنتاج هذه المشكلة، منها الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان، وإجبار مجموعات كبيرة من أبناء الجنوب على النزوح إلى ضواحي العاصمة، ومنها أيضاً – وأبرزها- تدني دخل المزارعين اللبنانيين، بسبب عدم اهتمام الدولة بالقطاع وغياب أي سياسات فعّالة للحفاظ عليه وتطويره. وقد أدى الإهمال الرسمي المتراكم إلى إضعاف مقومات الاقتصاد الزراعي والحياة الريفية وبالتالي تدفق أبناء الأطراف إلى المدينة بحثاً عن مصدر عيش يكفي أو باب لهجرة الأبناء، أو مردود لائق. ولا ننسى أيضاً تأثير الحروب الداخلية المقيتة التي مرَّت على لبنان وساهمت في إعادة التموضع السكاني الجديد.
لقد كان لتقهقر القطاع الزراعي آثارٌ مدمرة على البُنية الاقتصادية والاجتماعية للبنان، وقد كان لهذا التقهقر أسبابه الموضوعية بالطبع مثل ازدهار الدور الوسيط للبنان ومعه قطاعا التجارة والخدمات. لكن كان يُمكن تلافي بعضاً إن لم يَكن جزءاً كبيراً من تلك النتائج لو توافرت الرؤية السليمة ثم الإرادة عند الدولة، وعند هيئات المجتمع المحلي من بلديات وجمعيات وتعاونيات، وفعاليات سياسية واقتصادية، لأن الأمر ليس مجرد تراجع قطاع ونمو قطاع آخر مكانه، بل هو مقاربة وطنية لدور لبنان، ومستقبل أبنائه وأمنهم الغذائي، واستقرارهم الاجتماعي.
لقد ساهمنا جميعاً في تدعيم نمو قطاع الخدمات على حساب تراجع قطاعي الزراعة والصناعة، فأدى ذلك إلى أن يصبح سعر المتر المربع في بعض مناطق بيروت 15000 دولار أميركي، بينما في بعض القرى ما زال ثمن المتر دون الـ 5 دولارات، وارتفعت أسعار السلع – وخاصة الغذائية – وتصاعد غلاء المعيشة الذي يتطلب مداخيل أكبر، لا تؤمنها عائدات الزراعة، خاصة وأن هذا القطاع في لبنان ما زال يدار بصورة بدائية، كما أن إنتاجه مرتفع التكلفة بسبب ضعف الفعالية ونقص التقنيات وغياب الإرشاد وسياسات الدعم المطبقة في معظم دول العالم.
إن محاولة وقف التراجع في التنمية الريفية مسؤولية وطنية، كما أن تأمين البيئة الحاضنة والملائمة للزراعة الجبلية واجب تاريخي، لن ترحمنا على التقصير فيه الأجيال القادمة.
لقد أدى عدم وجود بنية تحتية للتنمية الريفية، وخاصةً للزراعات الجبلية، إلى التدهور الحاد لهذا القطاع، وبالتالي إلى التغيير الديموغرافي غير المناسب لبنية وواقع لبنان. فشبكات الطرق ولا سيما الطرق الزراعية ما زالت في وضع بدائي، إذ يعود تاريخ تنفيذ معظمها إلى فترة الستينات من القرن الماضي، عندما كان في لبنان حوالي مئة ألف سيارة، بينما يسير على طرقاته اليوم ما لا يقل عن المليون وسبعمائة ألف سيارة. أما الكهرباء والمياه فنكاد نقول إنهما ربما كانتا متوافرتين في ذلك الوقت أكثر مما هما اليوم، بينما تتوافر الاتصالات لكن بأسعار مرتفعة. أما طريقة ريّ المزروعات فما زالت بمعظمها تشبه ما ورثناه من حقبة الأمير فخر الدين (التطويف). ولبنان اليوم لا يستطيع ان يُخزِّن أكثر من 1 % من كمية الأمطار المتساقطة على أراضيه في السنة، جراء عدم وجود سدود وبحيرات جبلية لهذه الغاية، بينما أعلن سفير الصين السابق في لبنان أمامنا في أحد اللقاءات: أنه في الصين لا تسقط نقطة مياه واحدة من السماء وتذهب إلى البحر مباشرةً دون الاستفادة منها، في الريّ أو لتوليد الكهرباء، أو للنقل بواسطة الممرات المائية، أو لتربية الأسماك.
ويستورد لبنان 80 % من حاجاته الغذائية، وفاتورة هذه الحاجات تتجاوز الـ 3 مليارات دولار أميركي سنوياً وهي إلى ازدياد، وأكثر من 75 % من مزروعاتنا بعلية (أو مطرية) بمردود منخفض، ولا يستخدم في الريّ أكثر من 700 مليون متر مكعب، بينما تقدر كمية الأمطار التي تتساقط سنوياً فوق أراضيه بنحو 8 مليارات متر مُكعب تقريباً.
لقد أدت سياسة اللامبالاة وانعدام أي خطة لدعم المزارع في الأرياف إلى هجرة المزارعين في اتجاه المدن، وهجرة الشباب في اتجاه الخارج، (1) وأوقع ذلك لبنان في مشكلة أمن غذائي بالغة تتضح مدى خطورتها عند المحطات الأمنية الصعبة – لاسيما أثناء العدوان الإسرائيلي – كما أثناء أزمات الشح الدولية التي تؤدي فوراً إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، كما هو عليه الحال اليوم.
لكن السؤال المطروح هنا هو التالي: هل التنمية الريفية، وخاصة الزراعية ما زالت ممكنة وضرورية؟ أم أنها حنين رومانسي إلى ماضٍ لن يعود.
ان اعتبار الإنتاج الزراعي، والعمل بالزراعة موضة قديمة، ثقافة مدمرة، وكارثة بكافة المقاييس على الوطن وأهله، وهذا على الرغم مما يعتري القطاع الزراعي من تشوهات، خصوصاً بسبب الملكيات الصغيرة وعدم وجود قانون واضح ومُسهل لتأجير الأراضي الزراعية، وعلى الرغم من تدني أسعار المحاصيل بسبب تفرق المزارعين وسيطرة تجار الحسبة على الدورة التسويقية، وعلى الرغم من وجود 280 ألف هكتار أراضٍ زراعية جبلية متروكة بوراً ودون استغلال زراعي، واكتساح الباطون لمناطق أخرى كما في سهول الدامور والشويفات وصيدا وصور وطرابلس، على الرغم من كل ذلك، فإن التنمية الزراعية الريفية ضرورية، وممكنة، وليست مستحيلة، ولها أبعادها الوطنية في آن.
كيف يتم ذلك؟
أولاً : مسؤولية الدولة  على الدولة اللبنانية بوزاراتها المختلفة، وخاصةً وزارة الزراعة، القيام بسلسلة خطوات لتحقيق هدف إعادة الاعتبار للزراعات الجبلية، والنهوض بالقطاع بشكلٍ عام، ومن أهم تلك الخطوات:
1. تأمين البُنى التحتية الملائمة، من الطرقات العادية والزراعية وتأهيلها، وتأمين النقل المشترك ليتمكن المزارعون وأبناؤهم من الانتقال بكلفة معقولة إلى المدينة، ولاسيما إلى الجامعات والعودة منها إلى القرى.
2. إعطاء حوافز تشجيعية في أسعار الكهرباء والهاتف (أسوة ببعض الدول الأوروبية)، كما في تخفيض الرسوم والضرائب لمدد محددة على المزارعين الذين يقطنون في قراهم، وإعطاء جوائز على كمية الإنتاج وجودته.
3. إنشاء السدود والبحيرات الجبلية وتأمين المياه للمزارعين، مجاناً أو بتكلفة تشجيعية، وإنشاء شبكات للريّ الحديث ( التنقيط).
4. تفعيل الإرشاد الزراعي (وفق خطة الوزير د. حسين الحاج حسن) وتعميمه أفقياً، وإجراء الأبحاث المتطورة بهدف استنباط أفضل سُبل إنتاجية، وزراعة أنواع ذات ميزات نسبية بحيث يمكن بيعها أو تصديرها بأرباح جيدة.
5. إصدار القوانين والتشريعات الضرورية لمواكبة العصر، خاصة قانون سلامة الغذاء، وقانون تنظيم استيراد وبيع المستحضرات الزراعية (منعاً للاستغلال) وقانون الحجر الصحي النباتي، وقانون الزراعات العضوية، وقانون أو مرسوم لتحديد مصادر الفاكهة والخضار، تسهيلاً للمراقبة. كما أن مرسوم تصنيف الأراضي الصادر في شباط من سنة 2009 بحاجة لبعض التعديلات، على وجه الخصوص لناحية إعطاء حوافز استثمارية في المناطق الجبلية في مجال الزراعة، وفق مبدأ الحفاظ على البيئة، والإلتزام بمفاهيم التنمية المستدامة، لحفظ حقوق الأجيال القادمة في الطبيعة.
6. توقيع الإتفاقيات الملائمة مع الدول العربية والأجنبية، بما يكفل مصالح الزراعة اللبنانية، خاصة وأن لبنان يستورد عشرة أضعاف ما يُصدر من المواد الغذائية، وهذا الأمر يعطيه مكانة تفاضلية في الاتفاقيات. ولا بأس من بعض الحماية الجمركية التي لا تتناقض مع مبادئ منظمة التجارة العالمية، لأن فتح الحدود على الزراعات المدعومة في الخارج يعني القبول بشكل من أشكال الإغراق . (2)
7. إعادة النظر بسياسة الدعم الحكومي لثلاثة أنواع زراعية فقط، لا تستفيد منها إلا منطقتان من لبنان، وكبار الملاكين فيهما. وهي الشمندر السكري والتبغ والقمح، بينما لبنان مشهور بالفواكه والخضار الجبلية، مثل التفاح والكرز والعنب والزيتون، والخضار، وهي متروكة من دون أي دعم.

الإهمال الرسمي المتراكم أضعف الزراعة والحياة الريفية وحفز نزوح سكان الأرياف إلى المدن وضخم البطالة والضغوط على البنى التحتية

ثانياً: دور المجتمع المحلي
إن التنمية المحلية المستدامة، لا يمكن أن تأخذ طريقها الصحيح إلى النجاح من غير أن يكون هناك دور أساسي للمواطن والهيئات المحلية المُنتخبة (البلديات) والتعاونيات والجمعيات الأخرى، وهذا الدور يمكن أن يتلخص بالتالي:
1. تعزيز مشاعر تعلُق المواطن بأرضه، وأهمية المساهمة في إعلاء شأن سمعة السلع المُنتجة محلياً، وإبراز ميزاتها على السلع المنافسة.
2. تعميم أجواء التسامح والتعاون، لما فيه خير الجميع، وخاصةً في مجال تسهيل تنظيم عمليات الري المشترك وتوزيع المياه بالتساوي، وبالعدل، ومن دون طمعٍ أو استغلال، وبالتالي الحفاظ على سلامة المشاريع المشتركة.
3. على البلديات القيام بدورها، في تشجيع الاستثمارات الزراعية، وتقديم الخدمات الضرورية للمزارعين، وتنظيم شؤونهم المشتركة، ولاسيما منع استغلالهم من قبل التجار ومُوردي الأدوية الزراعية، ومطالبة السلطات المعنية في الدولة تأمين البنى التحتية اللازمة لتطوير القطاع الزراعي.
4. إنشاء المشروعات الصغيرة التي توزع خدمات على المزارعين، وخاصة البحيرات الجبلية لتجميع مياه الأمطار وتوزيعها.
5. إن البلديات والتعاونيات مدعوة لإنشاء أسواق شعبية للمساهمة في تسويق الإنتاج، كذلك الأمر في إقامة المعارض الإنتاجية، وتقديم الجوائز لأفضل المنتجات، وذلك بهدف إعلاء قيم الإنتاج وتشجيع المزارعين الناجحين وتسليط الضوء بصورة دائمة على ميزات الإنتاج المحلي.
6. التشدّد في منع الحرائق ومكافحتها، لأنها تشكل خطراً محدقاً على الثروة الزراعية والحرجية (مثال على ذلك، أنه في 6 آب 2008 التهمت النيران 20 ألف دونم من الأراضي معظمها زراعية في قرية عيناب ومحيطها في يومٍ واحد).

تجربة البحيرات الجبلية في مرستي الشوف

في سنة 1998، وبتشجيعٍ من الاستاذ وليد بك جنبلاط، أنشأت بلدية مرستي بحيرة على أملاكها العامة – دون تغيير وجه الملكية – تتسع لـ 15 ألف متر مكعب من المياه الشتوية، قدم الحفارة للعمل النائب نعمة طعمة مجاناً، وكانت البحيرة الأولى في المنطقة، وفي السنة التالية بدأ توزيع مياهها مجاناً على المزارعين، ثم قامت البلدية بإنشاء برك أخرى حتى أصبح عددها ست برك، تمّ تمويلها من عائدات الحفر وبعض الرمول، بشفافية مطلقة، وبتكلفة تقارب ربع تكلفتها السوقية أو التجارية، وذلك بفضل العمل المجاني، وتعاون أعضاء المجلس البلدي والأهالي، وقد تكرَّم الأستاذ وليد بك جنبلاط وساهم في تقديم أنابيب للري على النقطة إلى المزارعين .
أدى هذا الأمر إلى استصلاح الأراضي المهملة، وزراعة ما يقارب الخمسين ألف شجرة – خاصة من التفاح والكرز – كما أدى إلى دخول دورة الإنتاج الزراعي مجدداً من قبل نحو مئة رب عائلة، منهم مَن يعتمد على الزراعة بشكل كامل، ومنهم مَن يعتمد على مردودها بشكل جزئي. وتقوم البلدية بتكليف أحد الأشخاص للإشراف على توزيع المياه من البحيرات من دون مقابل، إلا أن المُكَلف يسترد بعض أتعابه من المزارعين.
إن النتائج الاقتصادية والاجتماعية التي نجمت حتى اليوم، من جراء هذا المشروع يمكن إيجازها كالتالي:
– زيادة الأراضي المستصلحة على نطاقٍ واسع في البلدة، وبالتالي تغيرت معالم الطبيعة إلى اخضرار، فيه حياة، ورائحة جهدٍ ونشاط وعمل من جراء إعادة التجليل والاستصلاح.
– عودة مجموعة كبيرة من أبناء البلدة إلى العمل الزراعي، وبالتالي الإنتاجي، بعد أن كان معظمهم نسيَ هذا الأمر، ومنهم مَن كان مقيماً خارج البلدة لكنّه ونتيجة للفرص التي فتحها المشروع قرر العودة إليها.
– زاد الإنتاج الزراعي بصورة كبيرة كما قفزت العائدات المالية المحصلة من المزارعين بصورة غير مسبوقة لتصل هذه السنة إلى نحو 250 مليون ليرة لبنانية (نحو 166,000 دولار) وذلك من مبيعات الكرز فقط، ومن دون احتساب الاستهلاك المحلي، وهناك عائدات مهمة بدأ الحصول عليها من مواسم أخرى مثل التفاح وغيره.
تجدر الإشارة إلى أن هذا العائد تمّ تحقيقه من أشجار حديثة الزراعة ولم تصل بعد إلى مرحلة الإنتاج الاقتصادي والنضج، وهذا يعني أنه في إمكاننا أن نتوقع تضاعف العائدات المالية للزراعات التي تمّ استحداثها بفضل مشروع البحيرات الجبلية سنة بعد سنة لتصل بعد سنوات عدة إلى مبالغ ضخمة وتتحول بالتالي إلى مصدر إسناد أساسي لمعيشة قسم كبير ومتزايد من السكان.
إلا أنه في المقابل تزيد هذه المشاريع من الأعباء على العمل البلدي، كونها بحاجة إلى متابعة دائمة، إضافةً إلى الصيانة والتَفقُد المستمر لها في فصل الشتاء، وإذا كان التعاون بين الأهالي والبلدية ضرورياً للحفاظ على استمرارية هذه البحيرات، ولكن بعضاً من استخدام سلطة القانون ضروري أحياناً للحفاظ على الحد الأدنى من الانتظام في توزيع المياه بالعدل بين الجميع، وكي لا نَغرق في بحر الفوضى الذي غالباً ما أدى في حالات عديدة إلى تعثر العمل المشترك وخسارة الكثير من فوائده من قبل الجميع.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading