الثلاثاء, نيسان 23, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الثلاثاء, نيسان 23, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

السلطان عبد الحميد الثاني

السلطان عبد الحميد الثاني

آخـر حماة الخلافة وأرض فلسطين

قال عنه الأفغاني: “ لو وزن بأربعة من نوابغ العصر لرجحهم”
ووضعه المؤرخون في مصاف السلاطين العظام للمرحلة الذهبية

صارع ببسالة دول الغرب التي تكالبت لتناهب دولة المسلمين
وكاد ينجح لولا الانقلاب الطوراني الماسوني للعام 1909

هرتزل الصهيوني حاول رشوته لفتح باب الهجرة إلى فلسطين
فرفض بإباء ورَدَّ بتشديد القيود على إقامة السيَّاح اليهود

سئل جمال الدين الأفغاني مرة عن رأيه في السلطان عبد الحميد الثاني وكان يجالسه كثيراً فقال:”إن السلطان عبد الحميد لو وزن بأربعة من نوابغ العصر لرجحهم: ذكاء ودهاء وسياسة”، هذه كانت صورة الرجل في عيني المفكِّر الإسلامي النهضوي، لكن في نظر الدول الغربية التي كانت تعدّ لاقتسام الإمبراطورية العثمانية الضعيفة؛ فقد كان السلطان عبد الحميد خصماً عنيداً حاول أن يبدّل الضعف الذي كان قد ألمّ بالسلطنة إلى قوة مستعادة عبر مجموعة كبيرة من المبادرات التي وظّف فيها جهده ووقته ودهاءه السياسي وصبره وغطت كافة المجالات. لكن مما يؤسف له ومما سبب الحزن لهذا السلطان المجاهد هو أن قسماً من مواطني الدولة من عرب ومن أقليات سارع في الانضمام إلى الجهود التي رمت لتقويض الدولة وكان له نصيب كبير في تعميم الحرب الإعلامية والنفسية التي شنت على الخلافة وعلى السلطنة من قبل وسائل الإعلام الغربية، حتى نشأ أدب متكامل شعبي وتاريخ موضوع يقوم كله على تسفيه وتشويه تلك الفترة المهمة من جهاد العرب والمسلمين ضد الحملة الشرسة لتحطيم آخر الخلافات الإسلامية وتمزيق أوصالها.
فمن هو السلطان عبد الحميد الثاني آخر الخلفاء-السلاطين للدولة العلية؟ وما هو الدور المهم الذي لعبه إبان حكمه الطويل نسبياً (-1876 1908)؟ وما هي أبرز العوامل التي أدت إلى انهيار الخلافة وفتح الطريق أمام الغزو اليهودي لفلسطين؟

لقد كتبت المجلدات عن الشخصية الغنية والمثيرة للسلطان عبد الحميد الثاني واتفق العديد ممن كتبوا عنه أنه عُرف بالصمت ودوام التفكُّر والعمل الشاق والبُعد عن اللهو ومداومة الصلاة والأذكار والاحترام الشديد للعلماء والأولياء الصالحين من مشايخ السلوك، كما عُرف بالبساطة الشديدة وكان رائداً في إصلاح الإدارات وقمع الفساد وعمارة الجوامع وتطوير التعليم، كما كان الداعية الأول لوحدة المسلمين تحت علم الخلافة والخصم الأكبر لأطماع اليهود في فلسطين، ويعود له الفضل الكبير في الإدارة المالية الرصينة والمحافظة على أموال الدولة حتى أنه تمكّن في عهده من الوفاء بالقسم الأكبر من ديونها، وساعده ذلك في مقاومة ضغوط الدول الأوروبية التي استخدمت مديونية السلطنة لإضعافها عبر إصدار ما سمي بلغة الصلف الغربي “الإذعانات” Capitulations ثم “التنظيمات” التي استهدفت تشجيع الأقليات التي عاشت بأمان وازدهار طيلة عقود في ظل التسامح المستمر للدولة للتمرُّد عليها.
في ظل تلك الإنجازات المهمة والصمود غير المتوقَّع للسلطان لجأت الدول الأوروبية إلى أسلوبين متكاملين: فهي من جهة قامت بتنظيم حملات إعلامية وديبلوماسية استهدفت تشويه سمعة السلطنة والسلطان نفسه، كما سعت من جهة ثانية إلى زعزعة الدولة العثمانية من الداخل وذلك عبر تشجيع العناصر المتأثرة بالغرب والعلمانية على تسريع جهودها للتخلص من السلطنة والخلافة وتحريض الأقليات المختلفة على التمرد والثورة. وكان الهدف من تلك السياسات إضعاف السلطنة وشل قدرتها على المقاومة وفي الوقت نفسه توفير الذرائع السياسية و”الأخلاقية”، لما اعتبره بعض المؤرخين حربا صليبية متجددة وتهيئة الرأي العام الدولي للتسريع في تمزيق أوصال السلطنة وفي الوقت نفسه إطلاق العنان للهجرة اليهودية إلى فلسطين.
وكان قدّر السلطان عبد الحميد الثاني أن يكون الشاهد الحي على آخر أيام السلطنة العثمانية التي حكمت قسماً كبيراً من العالم القديم أكثر من ستة قرون متواصلة، كما أنه سيشهد في ما بعد وقبل وفاته في العام 1918 النهاية الفعلية للخلافة الإسلامية التي التي استمرت بلا انقطاع كمؤسسة منذ الخلفاء الراشدين كما كان هذا السلطان العثماني العزيز وقوي الشكيمة الشاهد المتألم على بدايات الاستيطان اليهودي لفلسطين بدعم وتشجيع من الدول الأوروبية ولا سيما بريطانيا.
أمام هذه الهجمة الشرسة حاول السلطان عبد الحميد الثاني بكل ما أوتي من وسائل، تحقيق مجموعة من الأهداف التي بدت شبه مستحيلة ويتطلب العمل عليها بالفعل إرادة فولاذية وحنكة ودهاء وظروفاً مؤاتية، لكن المؤرخين المنصفين شهدوا للسلطان بأنه وعلى الرغم من المخاطر واختلال موازين القوى لصالح الدول الغربية، نجح في استعادة بعض المبادرة وفي وقف التدهور وتحقيق مجموعة من الإنجازات الكبرى وأنه كان بالفعل سلطاناً عثمانياً يمكن مقارنته بالسلاطين العظماء للمرحلة الذهبية للسلطنة، وإن كانت الظروف التي عاش فيها لم تساعد على إبراز الصفات العلية التي تمتع بها وطبعت عهده.
وربما كان أبلغ دليل على النجاح غير المتوقع الذي حققه السلطان عبد الحميد الثاني في تأخير المسار الانحداري للسلطنة هو شعور المفاجأة ثم الاستياء الكبير والسخط الذي أظهرته القوى الاستعمارية في أوروبا طيلة العهد الطويل للسلطان عبد الحميد الثاني والذي لم يتوقع أحد أن يؤدي اعتلاؤه العرش إلى تغيير اللعبة وتجمع مقاومة حقيقية لمخططات الاستعمار الأوروبي. وفوجئت أوروبا بشكل خاص بالعزيمة التي أظهرها السلطان الشاب ثم بكفاءته وتصميمه على الدفاع عن السلطنة وولاياتها وعن دار الإسلام ومكانة المسلمين بصورة أعم. وردَّت الدول الأوروبية بتنظيم أكبر حملة للتشهير الشخصي وتشويه الحقائق في تاريخ المنطقة، حتى بات السلطان الشخصية المفضلة لرسامي الكاريكاتور في الصحف الأوروبية، ولاسيما الفرنسية منها، وجرى استغلال أحداث مثل المذابح بين البلغار المسلمين والمسيحيين لتصوير عبد الحميد بصورة الديكتاتور الأحمق والسفاح المتعطِّش للدماء وأطلق عليه لقب”السلطان الأحمر”أي المخضب بدماء الأبرياء خصوصاً المسيحيين من أبناء السلطنة وكان الهدف الأبعد لتلك الحملات ليس التشهير بالسلطان فحسب، بل الحط من قدر العثمانيين والمسلمين وبدت موجة التعبئة تلك مشابهة لتلك الصور التي تم الترويج المحموم لها في الممالك الأوروبية قبل الحملات الصليبية حول المسلمين “البرابرة” الذين يقتلون المسيحيين، كما أن هذا النوع من الحملات سينفذ لاحقا من قبل الإعلام الصهيوني نفسه وعلى نطاق عالمي لاستدرار العطف وتبرير الزحف اليهودي على فلسطين.
ومما يؤسف له أن هذه الموجة كانت من القوة والتنظيم بحيث طاولت بتأثيرها العديد من رعايا السلطنة ومثقفيها، وخصوصاً أنصار الدعوات القومية والاستقلالية وبعض أقطاب الأقليات المسيحية والمؤرخين وقد كان هؤلاء جميعاً بحاجة الى تبرير دعوات الانفصال عن الدولة الإسلامية وتأييد عمليات التفتيت وفرز الكيانات الجديدة التي وقعت على الفور تحت سيطرة الاستعمار الغربي. وبسبب قوة تلك الحملات، فقد انتشر الكثير من تلك الأحكام الظالمة ورسخ في أذهان العامة كما لو أنها كانت حقائق، بل إن الكثير من آثار تلك الحملة تسلل إلى الأدب وإلى برامج التعليم والصحافة وتمت تربية أجيال متعاقبة من العرب على كره العثمانيين واعتبار الغرب صديقاً مخلصاً أعطى فرصة التحرر والتقدّم لشعوب المنطقة.

هاجس الدفاع عن الخلافة

اهتم عبد الحميد اهتماماً بالغاً بأن يرد للخلافة هيبتها التي كانت لها في صدر الإسلام. وكان سلاطين الدولة العثمانية قد حملوا في القرنين الأخيرين اللقب المزدوج، وهو “الخليفة-السلطان”، وقد أبقى لهم هذا الأمر الولاية الدينية على سكان الولايات العثمانية جميعها حتى تلك التي انسلخت عن الدولة انسلاخاً سافراً ورسمياً أو انسلاخاً مستتراً ومقنعاً باسم الاحتلال المؤقت. واستهدف عبد الحميد الثاني من إحياء الخلافة وإعادة مكانتها، ليس فقط تعزيز الأساس الإسلامي للخلافة وتأكيد الهوية المشرقية للأتراك ولشعوب الدولة، بل أراد أن يتخذ منها قوة دافعة توصله إلى وقف التمدد الغربي في أراضي الإسلام والسلطنة. لذلك حرص على أن يقرن اسمه بالألقاب الدينية التي يقرن بها اسم الخليفة مثل أمير المؤمنين، وخادم الحرمين الشريفين، وغير ذلك. كما أنه فضل أن يكون لاسم “دار الخلافة” الصدارة على الاسمين الآخرين للعاصمة مثل اسطنبول أو الأستانة. وقد نص الدستور الذي أصدره في العام 1876 في مادته الثالثة على تأكيد قيام “الخلافة الإسلامية الجليلة” في بيت آل عثمان.

من أقوال جمال الدين الأفغاني
في السلطان عبد الحميد

رأيته يعلم دقائق الأمور السياسية ومرامي الدول الغربية، وهو مُعدّ لكلِّ هوّة تطرأ على الملك، مخرجاً وسلماً، وأعظم ما أدهشني، ما أعدَّه من خفي الوسائل وأمضى العوامل، كي لا تتفق أوروبا على عمل خطير في الممالك العثمانية، ويريها عياناً محسوساً أن تجزئة السلطنة العثمانية لا يمكن إلاَّ بخراب يعمّ الممالك الأوروبية بأسرها .
ويقول: “أما ما رأيته من يقظة السلطان ورشده وحذره وإعداده العِدَّة اللازمة لإبطال مكائد أوروبا وحُسن نواياه واستعداده للنهوض بالدولة الذي فيه نهضة المسلمين عموماً، فقد دفعني إلى مدِّ يدي له فبايعته بالخلافة والملك، عالماً علم اليقين، أنَّ الممالك الإسلامية في الشرق لا تسلم من شراك أوروبا، ولا من السعي وراء إضعافها وتجزئتها، وفي الأخير ازدرادها واحدة بعد أخرى، إلاَّ بيقظة وانتباه عمومي وانضواء تحت راية الخليفة الأعظم”.

كرتون-فرنسي-يسخر-من-السلطان-الذي-في-كل-يوم-يخسر-جزءا-من-الإمبراطوريه
كرتون-فرنسي-يسخر-من-السلطان-الذي-في-كل-يوم-يخسر-جزءا-من-الإمبراطوريه
كرتون-فرنسي-آخر-معاد-للسلطان
كرتون-فرنسي-آخر-معاد-للسلطان
كرتون-فرنسي-يصف-عهد-عبد-الحميد-بـ-30-عاما-من--القتل
كرتون-فرنسي-يصف-عهد-عبد-الحميد-بـ-30-عاما-من–القتل

إحياء الخلافة وحماية لغة القرآن

فور اعتلائه العرش أمر عبد الحميد الثاني بقمع كل مظاهر الفجور في الحريم السلطاني قمعاً شديداً، وأحاط شخصه بعلماء الدين وأنشأ معهداً لتدريب الوعاظ وكان يبعث بهم فور تخرّجهم من هذا المعهد إلى أدنى وأقصى بلاد الإسلام لينشروا الأنباء الحسنة عن الخليفة ويشيدوا بورعه ويبشِّروا بحركة الجامعة الإسلامية وإعادة أمجاد الدولة كما كان حالها في صدر الإسلام، كما أعان الصحف لتقوم بدورها في نشر الدعاية له كخليفة وأنشأ المجلات والدوريات، كما كان يوجّه الدعوات إلى زعماء المسلمين وكبار رجال الفكر الإسلامي لزيارة اسطنبول ويستضيفهم رغبة في توثيق الصلات معهم وتعزيز حضوره في العالم الإسلامي.
وبإشراف منه خصصت مبالغ وفيرة جداً لإصلاح المساجد داخل الدولة وخارجها تمكيناً لها من أداء رسالتها، وزيدت مرتبات ومعاشات علماء الدين وموظفي المساجد وأقيمت معاهد ومدارس إسلامية، وأصدر أوامره بزيادة الاهتمام بالأعياد الإسلامية وشتى المناسبات الدينية عند حلولها على مدى العام. وأدخلت المواد الدينية الإسلامية واللغة العربية على مناهج الدراسة في المدارس المدنية للتشجيع على استخدام اللغة العربية في المجالات الثقافية والإدارية. وهذا على الرغم من أن كوجوك محمد سعيد باشا الصدر الأعظم حاول أن يثنيه عن رغبته في جعل اللغة العربية في مركز مساو للغة التركية كلغة رسمية للدولة. وبتوجيه من السلطات منعت الحكومة إطلاق الترجمة الأوروبية للأسماء العربية والتركية على أسماء الشوارع والمباني العامة.

استراتيجية عبد الحميد

على الرغم من اعتلائه العرش في السن الرابعة والثلاثين فإن السلطان عبد الحميد سيكشف مع الوقت عن كفاءات كبيرة وشخصية قوية وحنكة وفهم تام للظروف المحيطة به. لكن السلطان الشاب لم يكن فقط يتمتع بالذكاء الشديد والإلمام التام بشؤون الحكم وبالوضع الدولي المحيط، بل كان، وهذا هو الأهم، رجل عمل يصرف النهار بطوله وجزءاً من الليل للسهر على شؤون السلطنة وتدبير أمر الدفاع عنها وعن مصالحها ولم يكن بالتالي يضيِّع وقته في الملاهي والفراغ الذي انشغل به بعض السابقين. وهذا التلازم بين الذكاء السياسي وإرادة العمل والكفاح هو وحده الذي يفسر تمكّن عبد الحميد من وقف التدهور والقتال التراجعي لحماية ما تبقى من الإمبراطورية. وكان السلطان من الواقعية بحيث اقتنع بأن لا مفرّ من خسارة ولايات عدة أمام زحف الذئاب الجائعة من أوروبا، لكنه لم يستسلم لهذه الحتمية بل قرر في الوقت نفسه السعي لتوطيد الأجزاء الباقية من السلطنة عبر الديبلوماسية واستغلال تناقضات الدول الكبرى، وفي الوقت نفسه تدعيم الوضع الداخلي للسلطنة وتعزيز العلاقة مع الولايات، ولا سيما العربية التي باتت العمق الأهم للدولة بعد الخسائر المتتالية في البلقان.
لكن الهم الأول للسلطان عبد الحميد تركّز في المرحلة الأولى على وقف خطر “الإصلاحيين” الذين كانوا قد أصبحوا واجهة للدول الأوروبية وكذلك للمحافل الماسونية والجمعيات اليهودية التي كانت تتحين الفرصة لغزو فلسطين، وهو أمر لم يكن ممكناً من دون إضعاف السلطنة ونشر الفوضى في الدولة العثمانية.

كافح باستماتة لوقف التسلل اليهودي إلى فلسطين، فانتقم اليهود بأن جعلوا يهودياً يرافق ضبَّاط الانقلاب ويسلِّمه بنفسه قرار العزل

ضريح-السلطان-عبد-الحميد-الثاني
ضريح-السلطان-عبد-الحميد-الثاني

 

استراتيجية عبد الحميد

على الرغم من اعتلائه العرش في السن الرابعة والثلاثين فإن السلطان عبد الحميد سيكشف مع الوقت عن كفاءات كبيرة وشخصية قوية وحنكة وفهم تام للظروف المحيطة به. لكن السلطان الشاب لم يكن فقط يتمتع بالذكاء الشديد والإلمام التام بشؤون الحكم وبالوضع الدولي المحيط، بل كان، وهذا هو الأهم، رجل عمل يصرف النهار بطوله وجزءاً من الليل للسهر على شؤون السلطنة وتدبير أمر الدفاع عنها وعن مصالحها ولم يكن بالتالي يضيِّع وقته في الملاهي والفراغ الذي انشغل به بعض السابقين. وهذا التلازم بين الذكاء السياسي وإرادة العمل والكفاح هو وحده الذي يفسر تمكّن عبد الحميد من وقف التدهور والقتال التراجعي لحماية ما تبقى من الإمبراطورية. وكان السلطان من الواقعية بحيث اقتنع بأن لا مفرّ من خسارة ولايات عدة أمام زحف الذئاب الجائعة من أوروبا، لكنه لم يستسلم لهذه الحتمية بل قرر في الوقت نفسه السعي لتوطيد الأجزاء الباقية من السلطنة عبر الديبلوماسية واستغلال تناقضات الدول الكبرى، وفي الوقت نفسه تدعيم الوضع الداخلي للسلطنة وتعزيز العلاقة مع الولايات، ولا سيما العربية التي باتت العمق الأهم للدولة بعد الخسائر المتتالية في البلقان.
لكن الهم الأول للسلطان عبد الحميد تركّز في المرحلة الأولى على وقف خطر “الإصلاحيين” الذين كانوا قد أصبحوا واجهة للدول الأوروبية وكذلك للمحافل الماسونية والجمعيات اليهودية التي كانت تتحين الفرصة لغزو فلسطين، وهو أمر لم يكن ممكناً من دون إضعاف السلطنة ونشر الفوضى في الدولة العثمانية.

تجربة قصيرة في البرلمانية

ومعروف أن الإصلاحيين بقيادة مدحت باشا كانوا قد اشترطوا لنقل الخلافة إلى عبد الحميد الثاني أن يقوم فور تسلُّمه للملك بإصدار دستور للبلاد يجعل السلطان مقيداً ببرلمان منتخب وبالوزارة. يومها قبل عبد الحميد ذلك الشرط، لكنه على الأرجح لم يكن مقتنعاً بهذا التركيز على الدستور وإدخال البرلمان في وقت كانت القوات الروسية تعسكر على مشارف اسطنبول وكانت معنويات البلاد متدنية جدياً ليس فقط بسبب الهزائم وخسارة معظم الولايات البلقانية، بل أيضاً بفعل الوضع المالي المتردي للدولة، لكن السلطان المحنك قبل بإجراءات الانتخابات التي أنجبت برلماناً سادته المشاحنات والخطب الرنانة، وكما كان متوقعاً فإن بعض النواب بدأوا يتطاولون على السلطان وأركان الدولة والجيش، الأمر الذي اعتبره عبد الحميد الثاني تهديداً لمعنويات الجيش والشعب في فترة حرجة جداً من حياة السلطنة. وانتهى الأمر بتعليق الحياة البرلمانية (وليس الدستور).
ويشير المؤرخون المنصفون إلى أن السلطان عبد الحميد الثاني لم يكن مستبداً أو معادياً لأفكار الإصلاح، وأنه على العكس نت ذلك كان مقتنعاً بضرورة تحديث النظام والإدارة، لكنه استنتج وفي ضوء ما شاهده من اختبار التجربة البرلمانية أنها فشلت في معالجة التحديات الداهمة التي تواجه السلطنة وأنها على الأقل سابقة لأوانها. وكان السلطان مقتنعاً بقدرته على أن يدفع بنفسه عجلة الإصلاح وأن يدافع في الوقت نفسه عن وجود السلطنة وهيبتها وملكها من دون الحاجة للتعامل مع العوائق الدستورية والنزاعات والانقسامات التي تثيرها أي حياة برلمانية. وفعلياً فقد شهدت الدولة العثمانية على يد عبد الحميد الثاني، وفي ظل صيغة الحُكم الملكي المستنير أو صيغة السلطان – الخليفة، دفعات كبيرة من الإصلاحات لم تشهد لها مثيلاً في أي وقت. وشملت تلك الإصلاحات النهوض بالزراعة وتحديث الصناعة، وتنشيط التجارة خصوصاً مع الولايات المجاورة، وإصلاح القضاء والخدمة المدنية وتأهيل الإداريين والتعليم التقني أو المهني والتعليم العسكري وإنشاء جامعة اسطنبول، والاهتمام بالرعاية الصحية للمواطنين، وتطوير أنظمة المواصلات الحديدية والبرية وتطوير شبكة الاتصالات البرقية والبريدية والبحرية، وإرسال البعثات التعليمية والتدريبية إلى شتى الدول الأوروبية، واستقدام البعثات العسكرية من أوروبا وتعزيز الجيش والأسطول. أضف إلى تلك الإنجازات، تمكّن السلطان عبد الحميد، ونتيجة الإدارة الرشيدة لمالية الدولة، من خفض مديونية الدولة العثمانية إلى حدود مقبولة جداً ولم تعد تشكل عبئاً على كاهل الخزانة. وهذا الإنجاز في حدّ ذاته ساعد الدولة على التحرر من الكثير من الضغوط السياسة عليها، وعزَّز موقع السلطان التفاوضي والديبلوماسي تجاه الدول الغربية.

الخلافة والغزو الغربي

في كل تلك الإصلاحات والإنجازات كان السلطان يتصرَّف كخليفة بالمعنى الإسلامي، وهو وإن لم يصرّح بذلك بوضوح، كان مؤمناً إيماناً حقيقياً بصيغة الخلافة ونظام الشورى. وأظهرت الأيام أن السلطان كان منسجماً مع نفسه وقناعاته عندما التزم جانب الشرع وصيغة الخلافة التي حافظ عليه المسلمون منذ عهد الخلفاء الراشدين، ورفض استبدالها بالصيغة البرلمانية الغريبة عن المجتمع الإسلامي، والغريبة أيضاً عن تركيبة الدولة العثمانية التي كانت رابطة عريضة لأمم وشعوب، بل وأديان، وليست بلداً متجانساً على شكل الدول الأوروبية المسيحية آنذاك.
وكان السلطان بصورة خاصة يشعر بالأسى إزاء ما رآه من انجراف قطاعات من المجتمع العثماني لتقليد الدول الأوروبية والخلط بين الاكتساب المفيد، مثل اكتساب العلوم والتقنيات، وبين التقليد الأجوف الذي روّج له بعض المنبهرين بالغرب، والذي بدأ يطاول تبديل نظام الحياة كله، اللباس والعمارة والأثاث والسلوك، بل وصل الأمر ببعض أنصار الغرب العثمانيين إلى المطالبة بحلق اللحى، بل جعل بعضهم من هذا المطلب معادلاً للإصلاح الدستوري. وسنرى في ما بعد أن مخاوف السلطان عبد الحميد كانت في محلها، لأن هذه النزعات الإصلاحية المتطرفة انتهت فعلاً إلى إنكار التاريخ الإسلامي العريق للدولة العثمانية، خصوصاً خلال حكم أتاتورك، والذي ضمّ خلاصة الفكرة الإصلاحية القائمة على اختيار النموذج الغربي والتخلي عن الإسلام والإرث الإسلامي للسلطنة، ثم قطع الصلة في ما بعد باللغة العربية، بل باللغة العثمانية الكلاسيكية التي كانت زاخرة بالمفردات العربية والإسلامية. وعلى العكس من ذلك كان إيمان السلطان عبد الحميد بالخلافة والرسالة التاريخية لبني عثمان الدافع الأول في محاولته لتعزيز الوحدة بين شعوب الدولة من خلال إطلاق الجامعة الإسلامية والانفتاح على الإصلاحيين الإسلاميين من أمثال: نامق كمال وجمال الدين الأفغاني اللذان سعيا لتطوير الدولة العثمانية من ضمن الحفاظ على الخلافة وعلى حقيقتها الإسلامية. وكان هؤلاء النهضويون الإسلاميون قادرين على تحديد أسباب الضعف الحقيقية للدولة الإسلامية، لكن مع التمييز في الوقت نفسه بين الإصلاحات التي تقوي السلطنة والخلافة، وهي إصلاحات من الداخل وبين الإصلاحات المصممة لإضعافها وهدمها.

تيودور-هرتزل-فشل-في-إقناع-السلطان-عبد-الحميد-بفتح-باب-الهجرة-اليهودية
تيودور-هرتزل-فشل-في-إقناع-السلطان-عبد-الحميد-بفتح-باب-الهجرة-اليهودية

مقاومة طلائع الغزو اليهودي

ارتبط تحرُّك الجماعات اليهودية باتجاه فلسطين في آواخر القرن التاسع عشر الميلادي ارتباطاً وثيقاً بحالة الضعف التي كانت قد ألمَّت بالدولة الإسلامية الجامعة، التي تمثلت في السلطنة العثمانية وشروع الدول الأوروبية في العمل على تفتيتها والانقضاض عليها. وكان تشجيع الأقليات الدينية المسيحية في الغالب ثم تحريك الأقليات القومية العربية والأرمينية والصربية وبعهدها القومية التركية (الطورانية) وغيرها، أحد الأسلحة الفعّالة التي استخدمتها الدول الأوروبية في تفتيت الإمبراطورية تسهيلاً لتمزيقها وتقاسم امتداداتها الجغرافية التي غطت على الأقل ثلاث قارات هي آسيا وأوروبا وأفريقيا.
لم يغب هذا التطور التاريخي عن انتباه الجماعات اليهودية في أوروبا، التي رأت فيه فرصتها السانحة للبدء في تنفيذ حلم راود هذه الجماعات على مدى الزمن، والمتمثل بحلم العودة إلى فلسطين. وقد وضع اليهود أنفسهم في مصاف الأقليات الباقية التي تطالب بحصتها من تركة الدولة العثمانية، وبينما كانت الأقليات الباقية الدينية أو القومية تطالب بالاستقلال السياسي عن السلطنة، فإن اليهود الذين كانوا موزَّعين في القارات وفي بلدان السلطنة رسموا لأنفسهم مطلباً مختلفاً يعكس خصوصيتهم ويلبي أحلامهم، إذ وجهوا اهتمامهم لأن تكون الأسلاب التي يحصلون عليها من تمزيق السلطنة عبارة عن فتح باب الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وذلك تمهيداً بالطبع لما حلموا بأن يمثل انبعاث الدولة اليهودية مجدداً ووضع حدّ لمرحلة التيه الطويل الذي تعرضوا له منذ الخروج الأخير على يد بابل. وبالطبع ساعدت عوامل إضافية على تحفيز اليهود، وخصوصاً الروس، للهجرة إلى فلسطين مثل الاضطهاد الذي اشتد عليهم في روسيا بعد اتهامهم بالاشتراك في تدبير مؤامرة اغتيال اسكندر الثاني، قيصر روسيا في العام 1881. وقد توجه اليهود الروس إلى فلسطين لأنهم لم يجدوا في أوروبا ملاذاً آمناً بسبب الاضطهاد الذي كان يقع عليهم هناك، وأيضاً بسبب ما كان معروفاً عن بلاد السلطنة من تسامح يتيح لكافة الأقليات القومية والدينية العيش فيها بسلام وتآخٍ.
من جهتها رأت الدول الأوروبية في تشجيع الهجرة إلى فلسطين نوعاً من التملُّق لأثرياء اليهود الذين كانوا يمدِّون خزائنها بالمال ويمارسون نفوذاً متزايداً في الحياة العامة وإسهاماً في تفتيت السلطنة؛ كما وجدت فيه حلاً غير مباشر للتخفيف من ضغط الأقليات اليهودية في بلدانها. ولعبت الإمبراطورية البريطانية في هذا المجال دوراً خطيراً بسبب مبدأ الاستعماري الشهير غلادستون الذي كان يضمر حقداً على السلطنة، وعلى الوجود الإسلامي في أوروبا وغيره من الساسة الانكليز، مثل رئيس الوزراء اليهودي دزرائيلي، ثم اللورد بلفور صاحب الوعد الشهير بتأسيس كيان قومي ليهود العالم في فلسطين العربية.
إن أحد أبرز الأمثلة على شخصية السلطان عبد الحميد ورؤيته السياسية الواضحة لدور السلطنة ومسؤولياتها، هو مقاومته الحازمة لمشاريع الهجرة اليهودية إلى فلسطين وللتدخلات الأوروبية التي كانت بدأت تضغط لدعم التسلل اليهودي. وعلى الرغم من أن عبد الحميد الثاني كان مدركاً للموقف شبه اليائس للسلطنة، وهو الذي كان يشهد يومياً على التقطيع التدريجي لأوصالها وتناهب ممتلكاتها، فإن ذلك لم يوهنه أو يفت في عضده، إذ استمرت مقاومته لليهود طيلة فترة حكمه الطويل، فأخذت أشكالاً مختلفة وضع فيها عبد الحميد الثاني كل هيبته الشخصية ودهائه، وما كان قد تبقَّى من نفوذ السلطنة ووزنها وقدرتها على المناورة الديبلوماسية لصد التسلل اليهودي إلى فلسطين. ولم يكن موقف هذا السلطان الفذ من هجرة اليهود من منطلق ديني فحسب، بل كان منسجماً مع رؤية متكاملة لرسالة السلطنة ومسؤوليات الخلافة في حماية أرض الإسلام والدفاع عن مقدساته تجاه ما بدا له بمثابة نسخة جديدة من الحروب الصليبية التي تستهدف السيطرة على الشرق وإذلال شعوبه. ومعروف أن السلطان تلقى عروضاً سخية جداً من اليهود وزعمائهم للتضحية بفلسطين العربية، سواء برشوته شخصياً أو بالمساعدة على تسديد كافة ديون السلطنة، لكنه رفضها بإباء واحتقار لأصحابها، بينما كان بعض قادة العرب يرون في ضعف الدولة وتزايد وطأة المؤامرات الأوروبية عليها فرصة للانقلاب عليها بالتعاون مع هؤلاء الأوروبيين طمعاً في ما زيّن في أعينهم على أنه استقلال وعروش، ليتحوَّل بعد ذلك إلى انتداب واحتلال ووصاية ما زالت تبعاتها ماثلة إلى اليوم، وإن تبدَّل الأوصياء حسب المكان والزمان.
لقد كافح السلطان عبد الحميد باستماتة لوقف التسلل اليهودي إلى فلسطين، فأصدر فرمانات عدة حدد فيها إقامة الزوَّار اليهود إلى فلسطين وحرّم بيع الأراضي إلى اليهود حتى ولو كانوا عثمانيين، ثم حوّل فلسطين من ولاية إلى متصرفية ليجعلها تابعة مباشرة للسلطان بحيث يمكنه مراقبة ما يجري فيها يومياً، كما منع السلطان إنشاء جامعة عبرية في القدس. لكن على الرغم من كل هذه الجهود كان تسلل اليهود إلى فلسطين يقوى يوماً بعد يوم، وتكثفت الحركة بصورة خاصة تحت قيادة ليون بنسكر الروسي الذي وضع عملياً أسس الاستيطان اليهودي وفكرة الدولة اليهودية بدعم أوروبي قبل أن يتلقف هذه الفكرة السياسي اليهودي تيودور هرتزل ليحوّلها في “مؤتمر بازل 1897” إلى حركة ليهود العالم باتجاه فلسطين.

كــــان هاجســــه في الداخــــل وقــــف أنصــــار الغــــرب ومناهضــــي السلطنــــة، وفــــي الخــــارج حماية الخلافة وفلسطيــــن والوحــــدة الإسلاميــــة

    كان مقتنعاً بأنَّه من الأفضل أن يتولَّى هو بنفسه دفع عجلة الإصلاح والدفاع عن وجود السلطنة بدلاً من الرضوخ وفي ظروف خطرة للعوائق الدستورية
كان مقتنعاً بأنَّه من الأفضل أن يتولَّى هو بنفسه دفع عجلة الإصلاح والدفاع عن وجود
السلطنة بدلاً من الرضوخ وفي ظروف خطرة للعوائق الدستورية

كــــان هاجســــه في الداخــــل وقــــف أنصــــار الغــــرب ومناهضــــي السلطنــــة، وفــــي الخــــارج حماية الخلافة وفلسطيــــن والوحــــدة الإسلاميــــة

جواب السلطان وانتقام اليهود

معروف أن تيودور هرتزل سعى لمقابلة السلطان عبد الحميد مرتين وأنه عرض عليه في إحداهما رشوة شخصية، إضافة إلى مساعدة اليهود له على الوفاء بكافة ديون السلطنة، مقابل السماح لهم بإنشاء كيان يهودي في فلسطين. وقد سجل هرتزل نفسه في مذكراته هذا الجواب التاريخي الذي بعثه السلطان عبر مساعد هرتزل على النحو التالي:
“انصحوا هرتزل بألا يبذل أي مساع إضافية في هذا الشأن، إذ إنني لا أستطيع التخلي عن شبر واحد من الأرض فهي ليست ملكاً شخصياً لي بل ملك لشعبي، ولقد ناضل شعبي في سبيل هذه الأرض ورواها بدمه. فليحتفظ اليهود بملايينهم، وإذا مزقت إمبراطوريتي يوماً فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن. أما وأنا حي فإن عمل المبضع في جسدي لأهون عليَّ من أن أرى فلسطين قد بُتِرَت من إمبراطوريتي. وهذا أمر لن يكون. إنني لا أستطيع أن أوافق على تشريح أجسادنا ونحن أحياء”.
هذا الرد الحاسم من السلطان عبد الحميد يقدِّم أبلغ الأدلة على أمر أساسي طالما تجاهله بعض المؤرخين العرب، وهو أن التآمر الغربي على الدولة العثمانية لم يكن فقط بقصد وضع اليد على أرض الخلافة الواسعة وتناهبها، بل كان أحد أهدافه تمهيد السبيل لقيام إسرائيل. وبالفعل فإنَّ رد السلطان كان أشبه بالنبوءة، لأنه كان يشعر فعلاً بتكاثف المؤامرات عليه ويعلم بحدسه أن هذه القوى العالمية الهائلة ستنال يوماً من الإمبراطورية، وأن ذلك سيكون بمثابة المقدمة للغزو اليهودي لفلسطين. وقد نالت تلك القوى أخيراً منه عبر انقلاب جماعة الاتحاد والترقي واليهود والماسونية الدولية عليه في العام 1908 ثمَّ عزله في العام التالي. وهي حادثة مؤلمة بصورة خاصة لأن اليهود تعمَّدوا أن يكون بين أعضاء الوفد الذي أبلغه قرار العزل اليهودي قره صو الذي كان حضر مفاوضات هرتزل مع السلطان وعروضه له، كما سمع رفض السلطان القاطع لتلك العروض. وكأن قره صو ومن خلفه أرادوا أن يشمتوا بسلطان المسلمين ليقولوا له لقد رفضت عروضنا وها نحن نسلِّمك قرار العزل لنريك من هو الأقوى. وكان التأثير الماسوني في الانقلاب العسكري واضحاً في الشعارات التي تبنَّاها أبطاله وهي «الحرية، الإخاء والمساواة»، وهي شعارات الحركة الماسونية.
يذكر أن السلطان عبد الحميد تعرّض قبل ذلك، ونتيجة لجهاده، لمؤامرتين يهوديتين: الأولى، سعت إلى خلعه بعد سنتين من توليه العرش؛ وتمت الثانية، والأكثر جرأة بزعامة رئيس المحفل الماسوني سكالييري لكنها فشلت؛ كما دبَّر اليهود مؤامرة لاغتياله أثناء خروجه من صلاة الجمعة عن طريق سيارة وضعت فيها متفجرة، لكن السلطان نجا من الحادث.
يروي المؤرِّخ التركي أورخان محمد علي هذا المشهد المؤلم لخلع السلطان عبد الحميد على النحو التالي: «دخل الوفد مع الميرالاي غالب بك على السلطان الذي استقبلهم واقفاً، وبادره أسعد باشا قائلاً له: لقد أتينا من قبل مجلس المبعوثان، وهناك فتوى شرعية شريفة، إنَّ الأمة قد عزلتك، ولكن حياتك في آمان. فاعترض السلطان على كلمة «العزل»، وفضَّل استعمال كلمة «الحل». ثم تلا قوله تعالى من سورة يس : }ذلك تقدير العزيز العليم{. ثم التفت إلى الوفد مشيراً إلى «قره صو» اليهودي قائلاً: «ألم تجدوا شخصاً آخر غير هذا اليهودي لكي تبلِّغوا خليفة المسلمين قرار الحل؟».

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading