الخميس, آذار 28, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الخميس, آذار 28, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

الصفحة الأخيرة

الصفحة الأخيرة

تضامنـــاً مـع السوريين في لبنان

منذ عشرات السنين يعتبر وجود الأخوة السوريين في لبنان عاملاً أساسياً في حركة الاقتصاد اللبناني، فقد هجر اللبنانيون مع الوقت عدداً من المهن اليدوية في الزراعة أو في قطاع البناء ليتوجهوا إلى المغتربات أو ينتقلوا إلى نشاطات التجارة أو الحرف، وحل محلهم مع الوقت عمال وفنيون سوريون تأمنت بفضل وجودهم الورش والاعمال الزراعية وأصبح الكثير من النشاطات البسيطة أو التي تتطلب جهداً جسدياً معتمداً بصورة متزايدة فعلاً على مئات الألوف من العمال الأجانب والذين يأتي في طليعتهم السوريون. وقد بدا هذا الوضع طبيعياً بسبب القرب الجغرافي وبسبب العلاقات الخاصة بين البلدين والتي يمكن فيها للبناني زيارة سوريا وللسوري زيارة لبنان دون الحاجة إلى سمة دخول.

هذا الوضع لم يتغير في الحقيقة رغم الأحداث السورية وما نجم عنها من مآسٍ إنسانية ومشكلات نزوح، فالاقتصاد اللبناني في حاجة إلى مئات الألوف من السوريين الذين يتوزعون على قطاعات البناء والزراعة والعديد من المهن الأخرى. أما النازحون فقضيتهم مختلفة وتحتاج ولا شك إلى دعم عربي ودولي للحكومة للبنانية من أجل الوفاء بواجباتها تجاه هؤلاء الذين يعيشون في أوضاع صعبة للغاية وبسبب ظروف لا دخل لهم بها.

لذلك عندما أصدر الأمن العام اللبناني قراراته المتعلقة بفرض التأشيرة على السوريين وأضاف إليها سلسلة طويلة من الاشتراطات فقد استدعى ذلك على الفور ردود فعل شاملة من السوريين ومن بعض الحكومات الأجنبية، ونشرت في الوقت نفسه مقالات وتعليقات تحدثت عن سوء المعاملة التي يتعرض لها السوريون على الحدود اللبنانية بما في ذلك استخدام الضرب والإهانات والاستهزاء وكسر الهويات السورية على سبيل العقاب ورد الناس عن الحدود بصورة اعتباطية وإدخال تدبير غير مسبوق هو منع السوري من الدخول لسنة أو أكثر (!) عبر إدخال إسمه في قاعدة بيانات الأمن العام .

الحكومة اللبنانية محقة ربما في تذمرها من نقص الدعم الدولي وترك بلد صغير مثل لبنان يقلع شوكه بيديه في موضوع النازحين، لكن المشكلة ظهرت عندما اتخذت الحكومة نفسها موقفاً من السوريين لا يميز بين النازحين وبين من يعملون في لبنان منذ سنوات عديدة والكثير منهم مقيم مع عائلاتهم في شقق مستأجرة في البلدات المختلفة حتى أصبحوا جزءاً من سوق العمل فيها ومن نسيجها الاجتماعي ومن اقتصادها، والسوريون الذين يعملون في لبنان أكثرهم ينفق قسماً من دخله على الأقل في البلد ويخلق بالتالي طلباً على الحاجيات والسلع والخدمات.

لذلك وعندما بدأنا نسمع عن أصدقاء سوريين بعضهم أساتذة في مدارس خاصة وبعضهم مهنيون وحرفيون وقد تمّت أعادتهم إلى سوريا على الحدود أدركنا أن هناك خللاً ما. أحد هؤلاء أخذ معه عقد الإيجار وبطاقة العمل ومع ذلك قالوا له لا يكفي وأعطي لائحة بوثائق وتصديقات كلفته نحو 400 دولار قبل أن يسمح له أن يجرب حظه مرة ثانية ويسمح له بالدخول لكن لمدة أسبوع فقط.!

أحد مظاهر الخلل في السياسة الجديدة استحداث نظام الكفيل، وهذا النظام مستحيل التطبيق على العمالة المؤقتة ويمكن تطبيقه فقط في مؤسسات على عمالها الدائمين المستخدمين بعقود. إن أكثر العمال السوريين لا يمكنهم إيجاد وظائف ثابتة وعملهم موسمي وهم ينتقلون من ورشة إلى أخرى حسب توافر فرص العمل ولا يمكن بالتالي تطبيق نظام الكفيل عليهم، وإذا طبق هذا النظام فإنه سيجبرهم على البحث عن «كفالة» شخص يصبحون رهينته ولا يفيدهم في شيء.

لذلك فالذي سيحدث هو أن السوريين الباقين في لبنان سيتحولون إلى وجود غير منظم لأنهم لن يستطيعوا التقدم في لبنان لتجديد إقامتهم وفق النظام القديم كما إنه لن يمكنهم السفر عبر الحدود لتسوية وضعهم حسب الإجراءات الجديدة مما سيخلق وضعاً صعباً للغاية ويجعلهم رهائن فعلا ويسبب لهم وضعاً إنسانياً غير مقبول.

لذلك نقول إنه لا بد لأي تنظيم لوجود السوريين في لبنان أن يبدأ بالاعتراف بحقوقهم الإنسانية وبحاجة البلد إليهم وإلى جهودهم، وأن يقوم -إذا كان ذلك ممكناً- على التمييز بين النازحين وبين العمال. أما إذا تبين أن ذلك التمييز غير ممكن فيجب الحفاظ على الاتفاقات المعقودة مع سوريا حول حرية انتقال الأشخاص بين البلدين والبحث عن حلول واقعية للأعباء الناجمة عن النزوح أو لبعض المشكلات الأمنية التي قد يعتبرها البعض مرتبطة به. إن السوريين في لبنان مواطنون لهم كرامتهم وهم في حاجة لتضامننا وتفهمنا وليس إلى سياسات تمييز جعلت بعض الصحف الدولية تعيّرنا بالعنصرية وانعدام الشعور الإنساني.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading