السبت, نيسان 20, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

السبت, نيسان 20, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

الصفحة الأخيرة

الصفحة الأخيرة

كُلّ حِزبٍ بما لَديهِم فرحون

الدول المعاصرة المتقدمة في أميركا وأوروبا وجنوب آسيا منهمكة في العمل والتقدم التكنولوجي والإنتاج. وفي تلك الدول، التي يفتقر كثير منها إلى الثروات الطبيعية التي نمتلكها، نشهد رخاءً اقتصادياً يترافق مع أعلى معدلات التعليم والمهارات والإبداع، وحكومات مستقرة نسبياً واستقراراً سياسياً ونمواً اقتصادياً متواصلاً. وقد أصبحت تلك الدول هي اليوم التي تبيعنا إنتاجها وسلعها المختلفة، علماً أننا أصبحنا نستورد معظم ما نحتاجه في حياتنا من الخارج، وخصوصاً الغذاء، والعالم العربي هو أكبر مستورد للغذاء في العالم ولا ينتج إلا نسبة محدودة مما يستهلكه.
في المقابل، ها هي الصين التي كانت بلداً متأخراً قبل ثلاثة عقود من الزمن، قد أصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، بل إنها وبسبب تقدمها العلمي ومهارات شعبها وانكبابه على العمل أصبحت «مصنع العالم» بكل معنى الكلمة، وقلما توجد الآن في السوق منتجات تقنية أو صناعية حديثة إلا وكتب عليها «صنع في الصين».

في العالم الإسلامي الصورة مغايرة تماماً مع الأسف، إذ بدل التركيز على التعليم وبناء الاقتصاد المتين وتحقيق الازدهار للمواطنين، فإننا نرى حروباً داخلية وفتناً هائلة تحرق نيرانها الأخضر واليابس، وقد أمعنت تلك الفتن المتنقلة تمزيقاً في بلداننا حتى أصبح الكثير منها منقسماً على ذاته، إما على أساس طائفي أو مذهبي أو قبلي أو مناطقي، وفي بعض البلدان استيقظت بعض الأقليات لتطالب أيضاً بحقوقها وبكيانها فزادت رقعة الانقسام تعقيداً واتسعت الأزمات واستفحلت، ونجم عنها اضطراب المجتمع وشلل الاقتصاد وتفاقم البطالة والفقر.

وبالطبع مع انهيار النظام العام وتراجع دور الدولة الناظم لعلاقات الأفراد والجماعات، تزدهر مع الوقت الجماعات الفوضوية أو المتطرفة ويسود حكم الغوغاء والرعاع بل المجرمين أحياناً، وقد بتنا نشهد في بعض الحالات منظمات وأحزاباً كثيرة تتصارع في ما بينها على تقاسم المغانم، كأنّ الهدف في الكثير من الحالات لم يعد التغيير السياسي أو خير المواطنين، بل بسط النفوذ على الأرض حتى لو أدى ذلك إلى أسوأ النتائج بالنسبة للبلد وللناس.
إلى جانب هذا التمزق الداخلي، هناك الانقسامات المذهبية بل المواجهات المذهبية العنيفة، والتي جعلت عالم الإسلام دولاً ومحاور يقاتل بعضها بعضاً بقوة الانفعال والأحقاد والنزوات الرعناء، والكل يعلم أن الفتن والحروب لا تؤدي إلا إلى الخراب وليس فيها منتصر أبداً. إن الحمقى فقط هم الذين يعتقدون أن الحروب المذهبية يمكن أن تحقق نتائج إيجابية أو يمكن أن تجلب نصراً أو غلبة، لأن من طبيعة تلك الحروب أنها يمكن أن تمتد مئة سنة وأكثر (كما حصل في بعض الحروب الدينية في أوروبا في القرون السالفة)، وهي تنتهي بتدمير كل شيء وبخسارة للكل.

لاحظوا أن البلدان الإسلامية الممزقة أو المتناحرة في ما بينها حباها الله تعالى بموارد هائلة طبيعية وثروات، بل فضلها على بقية دول العالم لهذه الجهة، وقد كان في إمكان هذه الدول أن تركز على الإدارة الحكيمة لتلك الموارد فتسعد شعبها وتعزز اقتصادها وتجعل من قوتها سنداً وقوة للمسلمين في مواجهة المخاطر الكبيرة، التي تهدد وجودهم على أكثر من جبهة ولا سيما في فلسطين.

لكننا بدل العمل على الاتحاد في وجه الأخطار نوفر على الخصوم والحاقدين الكثير من الجهد فنحقق لهم بأيدينا ما كانوا دوماً يحلمون به ألا وهو تجزئة العالم الإسلامي وتقطيع أوصاله حتى لا يعود يخشى منه أبداً. بل أكثر من ذلك، عندما يصبح عالم المسلمين في الحالة التي نراها اليوم، فإن الهيمنة عليه بلداً بعد آخر ومنطقة بعد منطقة لن تكون مسألة صعبة. فلا نلومن «الاستعمار» ولا الغربيين ولا الدول الكبرى أو حتى إسرائيل، التي من الطبيعي أن تحاول تفريقنا ويهمها أن لا تهدأ الحروب الداخلية والفتن حولها، بل لنلُم أنفسنا وقد أصبحنا في عالم الإسلام ليس فقط 70 فرقة، بل مئات الفرق والشراذم، والعالم يتفرج علينا محتاراً في أمرنا وما نفعله لبلداننا ومجتمعاتنا من منكر وخراب.
يخبر الله تعالى في كتابه العزيز – الذي لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها – عن هذا الأمر في الآية الكريمة إذ يقول جل من قائل:

}فَتَقَطَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ{ (المؤمنون :53)
صدق الله العظيم

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading