الجمعة, نيسان 19, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الجمعة, نيسان 19, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

الضّحى خسرت في خلال شهر شباط الفائت صديقين وكاتبين

خسرت في خلال شهر شباط الفائت صديقين وكاتبين هما الدكتور فارس يوسف والدكتورة ناهدة السوقي، لروحهما الرحمة ولعائلتيهما الصبر والسلوان.

الدكتورة ناهدة السوقي

الراحلة د. ناهدة السوقي، بنت العائلة الكريمة في الشويفات، أستاذة علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية، تركت أكثر من عمل مطبوع وكان لها أكثر من مقالة في «الضحى». لروحها الرحمة.

الدكتور فارس حين يوسف

انتقل الى رحمته تعالى يوم الخميس الموافق لليوم السادس من شهر شباط 2020

رثاه الأستاذ فيصل زيد:

كم هي قاسية لحظات الوداع والفراق، التي تسجّل وتختزن في القلب والذاكرة، وكم نشعر بالحزن وفداحة الخسارة والفجيعة ونختنق بالدموع، ونحن نودع استاذا من جيل المربين والأدباء المؤمنين بالرسالة التربوية العظيمة، الناكرين للذات، المحبين للعطاء، العاملين على رفعة الانسان، والسائرين في دروب الانسانية في ذلك الزمن الجميل والبعيد بعد صاحبه عنّا بعد أن قرّر الرحيل.
أستاذنا جميعا، الدكتور فارس حسن يوسف، الذي فارقنا بعد مسيرة عطرة، وذكرى طيبة، وعملا صالحا.

لقد أبكرت يا رجل الرجال
وأسرجت المنون بلا سؤال
هل الأيام تغدر في أديب
سما فوق المصالح لا يمالي
فلم أتوقع المأساة أصلا
ولا خطرت ولا جالت ببالي
ضياعك يا صديقي كان مرّا
أضاع النور في حلك الليالي
إذا سلب الردى منّا أديبا
فذكره سوف يحيا في الخيال
سيبقى في رحاب الخلد نسرا
يحاكي مجده قمم الجبال
تعزينا بأن خلفت نسلا
كريم الأصل من أرقى الرجال
تعزينا بأن خلفت كنزا
من الأخلاق من أسمى الخصال

فيا أيها الانسان الطيب، والمدير المخلص، ويا نبع العطاء والنهر المتدفق حبا لعملك، يعزّ علينا فراقك، في وقت نحتاج فيه الى أمثالك من الرجال الأوفياء الصادقين الأغنياء بالمحبة، الكرماء بالصفح والمسامحة.
مهما كتبنا من كلمات رثاء، وسطرنا من حروف حزينة باكية، لن نوفيك حقك لما قدّمته من علم ووقت وجهد وتفان في سبيل شباب ورجال المستقبل والغد، وعلمتنا من أخلاق وقيم فاضلة، وغرست فينا حبّ العلم والمعرفة، ونميّت في أعماقنا قيم المحبّة، والخير، والتسامح، والانتماء.
هذا الصباح تتدحرج الذكرى بين زوايا العتمة لترسل ضوءا من نفق القبور …. لا الدمع يكفكف آلام الرحيل، ولا الوجع الضارب في أعماق النفس يخفّف لوعة الفقد، ولا التوقف عند محطات الرفاق يجلب شيئا من العزاء.
للموت جلال أيها الراحلون، ولنا من بعدكم انتظار في محطات قد تقصر وقد تطول …
حتى يقدم الموت بلا مهابة أو تردد، يختارنا واحدا إثر آخر … « لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون..»
للموت جلال أيها الراحلون… كما له من مرارة وشعور بالغ بالفقد، ونحن لا نكاد نصدق أننا لن نراكم بعد اليوم.
لماذا يثير الموت هذه الرهبة الكبيرة؟ ولماذا نبكي الراحلين وقد امتدت بهم مراحل أخرى لمحطات أخرى انتظارا لحياة أخرى، ونحن سائرون اليها شئنا أم أبينا!
اننا في الحقيقة لا نبكيهم لأنهم رحلوا، بل نبكي أنفسنا لأنهم تركونا وحدنا. ان كل آلامنا ودموعنا وقلقنا لأننا لن نراهم بعد اليوم في دنيانا، وقد كانوا مصدرا لمحبتنا أو جزءا من حياتنا أو بقيّة من رفاقنا … اننا نبكي من أجلنا نحن لا من أجلهم لأنهم رحلوا، فهم لن يشعروا ببكائنا، ولن يستعيدوا شيئا مما مضى، ولن يكون بمقدورهم أن يصنعوا شيئا لأنفسهم أو لنا.
نحن اذن من يجزع لأن الراحلين انطفأت شموعهم في حياتنا، ولأن رحيلهم اعلان كبير بأن قطار العمر ماض، والأيام حبلى والقدر محتوم …. والموت ربما يكون كلمة سهلة النطق، لكنّها تهزّ القلوب الحيّة، وتقض المضاجع، وربما يموت الذين يحبهم كثيرا قلبي، فأرى غيابهم ولا يرون غيابي، وأفتقدهم ولا يفتقدونني.
نعم أيها الحبيب الراحل والصديق والأب والأخ والرفيق، نعم دكتور فارس، يا استاذنا الجامعي ان خسارتك فاجعة، ورحيلك مفاجأة، وفقدانك ترك غصة في القلوب. كيف لا وقد جمعت من النبل وحب الخير وكرامة النفس والوقوف عند الحق ما يكفي لأن تكون من أهل الجنّة، وفي كل هذا عزاء لنا لأن كما كانت سلتك مملؤة بأطايب القيم والصفات في حياتك فكذلك في مماتك، وهذا ما يعرفه القريب والبعيد.
أخي وصديقي واستاذي الحبيب، ثمة أرواح سخية وافرة العطاء تمطر من حولها حبا وسعادة، تلك هي روحك الطاهرة الجميلة التي طالما حملت في أعماقها بياضا ونقاء لا يضاهى، لقد غادرتنا ولكن لم تغادر قلوبنا وارواحنا.
أتمثّل فيك قول الشاعر:

لو كنت تفدي بالنفوس عن الردى
لفدتك أنفسنا وما نتأخر
لكنّ تلك طريقة مسلوكة
وسجية مكتوبة لا تقهر

لقد غيّب الموت أستاذنا ومديرنا ومعلمنا الحبيب الغالي الوفي «أبو خالد» جسدا، لكنه سيبقى في قلوبنا على قيد الحياة، ولن ننساه، وسيظل بأعماله ومآثره وسيرته نبراسا وقدوة لنا، والرجال الصادقون أمثالك لا يموتون.
وما لى في لحظة الوداع سوى هذين البيتين من الشعر للشاعر حافظ ابراهيم في رثاء صديقه احمد شوقي حيث قال:

خلفت في الدنيا بيانا خالدا
وتركت أجيالا من الأبناء
وغدا سيذكرك الزمان، ولم يزل
للدهر انصاف وحسن جزاء

تغمدك الله ايها الكريم بواسع رحمته.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading