الخميس, نيسان 25, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الخميس, نيسان 25, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

القهوة

القهـــوة المُـــرّة

في تراث الجزيرة وبلاد الشام

محــــور الحيــــاة اليوميــــة للجماعــة
وجلســة لهــا وظائفهــا وفنونهــا وآدابهــا

جلسة القهوة هي ملتقى الضيوف وساحة التعارف والتوادد، واشتراك الجميع بالهمّ العام والخاص والتعاون على إيجاد الحلول للمشكلات العامة والخاصّة، وإبداء الــرأي في تصرفات الافــــراد وتقييمها ونقــدها

من الأمثال الشعبية بشأنها: السادة للسادات والحلوة للستات، والقهوة يمين ولو كان أبو زيد (الهلالي) يسار

تــــدار على الرجـــال بكميـــة قليلة في قعر الفنجان لتشاؤم العرب من ملء الفنجان، وإذا قدّمت للنساء -وهو نادر- ملأوا الفنجان لاعتقادهم بعدم قناعة المرأة بالقليل !!

البعض يسميها القهوة المرّة والبعض الآخر القهوة العربية، وهي أيضاً القهوة البدوية أو بكل بساطة هي “القهوة”، التي مثلت لعقود طويلة وربما قرون المادّة الأبرز للإجتماع العربي وللثقافة والسياسة والشعر والغناء. فالقهوة كما اكتشف العرب هي لغة تواصل وهي ربما ركن الثالوث الاجتماعي العربي: السيف والضيف والكيف.
السيف وهو إرث الرجولة والبطولة في الذود عن الحمى وعن الشرف.
الضيف وهو ركن القيم الرفيعة لمجتمع الكرم والنخوة والسخاء.
أما الكيف فهو جلسة الراحة والتباسط في مجلس العشيرة أو البلدة، والتي كانت المدرسة الحقيقية التي يتم عبرها تناقل التراث والقيم من جيل إلى جيل، وبالتالي تأمين بقاء الجماعة في الزمن ودوام ازدهارها.
في هذا الثالوث الاجتماعي لعبت القهوة العربية على الدوام دوراً أساسياً، ولم يكن صدفة أن يكون تراجع تقليد القهوة العربية قد ترافق مع تغييرات اجتماعية عميقة، كان أبرزها تراجع القيم العربية الأصيلة وتقليد المجلس أو المضافة ودوره، وكذلك تراجع موقع الزعامات المحلية وتأثيرها، فضلاً عن الغزو الاستهلاكي الغربي الذي حلّ محل القهوة العربية ودورها الاجتماعي، مما أسس لمقهى الرصيف وتقاليد القهوة الغربية بأسمائها وعلاماتها الكثيرة.
في هذا المقال، محاولة لتسليط ضوء كاشف على تاريخ القهوة العربية والدور الخطير الذي لعبته جلسات القهوة في الاجتماع العربي لقرون. وسيكتشف القارئ أن القهوة العربية جزء أساسي من التاريخ العريق والغني لبلاد الشام والجزيرة، وأنها تراث وآداب وفن، وأنها عالم كامل قائم بذاته له مكوناته وأدواته وصناعاته وأوقاته وفنونه. وبطبيعة الحال، فإن هدف المقال لا ينفصل عن الهدف الذي سعت إليه “االضحى” على الدوام وهو العمل لصون تراثنا العربي الإسلامي وحمايته ومحاولة إحيائه قدر الإمكان والحؤول دون طمسه تحت سيل النفايات الثقافية والاستهلاكية التي ترد علينا من كل صوب في هذا الزمن الصعب.
فما هي القهوة العربية، وما هي قصتها، وما هي قصة المجتمع العربي والمشرقي معها؟
يتفق أكثر المؤرخين على أن أصل القهوة من الحبشة، وأنها انتشرت بواسطة القوافل عن طريق اليمن في البلاد العربية، ومنها إلى جاوا في أندونيسيا وسيلان (سريلانكا حالياً)، ولم تعرف القهوة في أوروبا حتى أواخر القرن الثامن عشر وهي انتقلت عبر المهاجرين الأوروبيين، بعد ذلك إلى جمايكا وجزر الهند الغربية لتحط رحالها في البرازيل، حيث ينبت في الوقت الحاضر أكثر حاصلات البن في العالم.

أول مقهى في الشرق فتح في إسطنبول في مطلع القــرن السادس عشر وفي إنكلترا سنة 1652

القهوة في التاريخ
وقد ذكرت القهوة في العالم الإسلامي للمرة الاولى في القرن الخامس عشر للميلاد، وجاء في تاريخ ابن العماد ( شذرات الذهب في أخبار من ذهب ) أن أبا بكر بن عبد الله الشاذلي ابتكر صنعها من البن المجلوب من اليمن، فرأى أنها تجلب السهر، وتنشط على العبادة فأرشد أتباعه إلى استعمالها فانتشرت في البلاد العربية في مطلع القرن العاشر الهجري، فحرّمها بعض المشايخ مثل شهاب الدين العيناوي الشافعي، وأحمد بن عبد الحق السنباطي، لكن عارضهم في ذلك أعلام كبار مثل النجم القرني الذي قال بتحليلها، والشيخ أبو الحسن البكري المصري الشافعي من آل أبي بكر الصديق رضي الله وهو ممن اتفق على ولايته وبلوغه رتبة الاجتهاد، وقد سئل عن شرب القهوة وذكر له أن المغاربة يحرّمونها فقال: كيف تدعى بالحرام وأنا أشرب منها.
وفتح أول محل لشرب القهوة في اسطنبول في مطلع القرن السادس عشر، وفي إنكلترا فتح أول مكان لتقديم القهوة سنة 1652، وأخذت كلمة القهوة في اللاتينية والإنكليزية وغيرهما من اللغات من أصلها العربي. أما في العربية فقال بعض القدماء إنها سميت بذلك لأنها تقهي شاربها عن الطعام أي تذهب بشهوته.
اعتبرت القهوة عند العرب رمزاً من رموز الكرم والتباهي وعنوان الضيافة، بل أحد أرفع أوجه التكريم للضيف، وحظيت لذلك بالاحترام عند معدّيها وشاربيها على حدٍّ سواء، ونتجت عن ذلك ثقافة متكاملة تشمل عملية وأساليب تقديم القهوة في مختلف المناسبات الاجتماعية من استقبال وأفراح وأتراح.

تقاليد وآداب القهوة
بسبب دورها الأساسي في العلاقات، أصبحت لتقديم القهوة وتناولها تقاليد وآداب تراعى بدقة، ومنها مثلاً أن صاحب البيت هو أول من يشربها للتأكد من أنها جيدة الصنع قبل تقديمها للضيوف، ومن التقاليد العربية المتّبعة في طلب يد الابنة للزواج أن يعرض أهل العريس عن شرب القهوة، ويضعون الفناجين على الأرض بانتظار الجواب، وعندما يتوافقون، تدار فناجين القهوة، ويبدو أن مراسم الزواج عند الأردنيين (السلط) وفي الجزيرة السورية، تقضي أن يمتنع أهل الخطيب عن شرب القهوة إلى أن يقول لهم والد العريس: اشربوا قهوتكم… (إلي جيتوا فيه أبشروا بيه)
وتقدّم القهوة المرّة في مناسبات العزاء وينبغي عند الانتهاء من ارتشافها: الترحّم على المتوفى، ويتحاشون كلمة (دايم) تطيراً من استمرار الموت فيهم، والعرب، عموماً يفاخرون بشربها وتقديمها للضيوف عند قدومهم للترحيب بهم وعند وداعهم، كما تعدّ جزءاً مهماً من حياة الرجولة وعامل ربط بين أبناء الجماعة الذين يعقدون لها المجالس التي تسمى بالشبة، القهوة، الديوانية، الديوان، والربعة والمضافة، وقالوا شعراً بديعاً هذا منه:
الكـــيف ما هو كيـــف شـــربَ السجـــــــارة
يــــــا شاربيــــــن التتــــــن ما انتم على خيــــــر
الكـــيف فنجـــان قهـــوة وهمّك تـــــــــوارى
من دلّــــــــــــةٍ منصـــوبـــــــــة للخطــــاطيــــــــــــر

جرش-القهوة-بواسطة-المهاج-مرحلة-أساسية
جرش-القهوة-بواسطة-المهاج-مرحلة-أساسية

لغة اجتماعية
كما من آدابها أن تقدم وقوفاً، لكن الجلوس أمام الضيف ومناولته الفنجان يعتبران من أكبر درجات الإكرام والتبجيل، واعتاد القائم على خدمة القهوة الجلوس أمام الضيف ذي الشأن وتكسير الفناجين أمامه للدلالة على أن لا أحد يستحق الشرب فيها بعده، وقد يناوله عطاءً سخياً لقاء هذا الصنيع ولا سيما إذا كان في حضرة أقرانه، لكن لا يجوز العطاء لصاحب المضافة بل ويعدّ العطاء هنا إهانة له، وعلى من يقدّم القهوة أن يمسك بالدلة في اليد اليسرى ويقدم الفنجان باليد اليمنى، ولا يجلس ابداً حتى ينتهي الجميع.
جرت العادة أيضاً أن يقدّم الماء قبل القهوة لأنه لا يجوز طلب الماء بعد شربها مباشرة، وإن طلب الضيف الماء فهذا يعني أن القهوة غير جيدة. ومن تقاليد تقديم القهوة العربية أن الأولوية في تقديمها في مجلس قبلي هي للكريم الجواد، إذ لا يمكن لأحد أن يتقدم عليه، ويليه في حق تقديم القهوة الفارس الشجاع وأصحاب الوقفات والصولات المشهودة.
لكن يلاحظ وجود مفارقة واختلاف في ارتباط القهوة وتناولها بعادة التدخين. ففي حين يكثر تعاطي التبغ وملازمته للقهوة، في بلاد الشام والمغرب والنيل نجده ينحسر إلى أدنى مستوياته في الخليج العربي، إذ يحل محله هنا التمر الفاخر الذي يقدم مع القهوة ويعتبر مكملاً لها.
ويهتمون كثيراً بجودة القهوة فتثور ثائرة المضيف إذا أخبره أحد أن قهوته فيها خلل أو تغيّر في مذاقها، ويعبّرون عن ذلك بقولهم: (قهوتك صايدة) ولكن بمودّة ودون أن يشعر بالكلام، أحد، لأن القهوة لا تعاب علينا مهما كانت، وإن أعابها أحد فإن عليه إثبات ذلك، ولا بدّ في هذه الحالة أن يغيّر المضيف قهوته حالاً ويستبدلها بأخرى.
ويستحسن إضافة فنجان آخر للضيف في حال انتهائه من الشرب، خوفاً من أن يكون قد خجل من طلب المزيد، وهذا غاية في الكرم عند أهالي البادية، عند سكب القهوة وتقديمها للضيوف يجب أن تبدأ من اليمين، أو تبدأ بالضيف مباشرة. والمتعارف عليه أنك تصبّ القهوة حتى يقول الضيف (كفى) ويعبر عن ذلك بقوله: (بس) أو (كافي) أو (اكرم) أو دايم، أو بهز فنجان القهوة. ومن مهارة صبّ القهوة أن تحدث صوتاً خفيفاً نتيجة ملامسة الفنجان للدلة. وكان يقصد بهذه الحركة تنبيه الضيف إذا كان سارحاً، أو متكئاً لأنه لا يجوز تناول القهوة أثناء الإضجاع ويمكن تجاوز من لا يعتدل في جلوسه عند قدوم القهوة، ومن لا يجلس باعتدال لتناول القهوة فإنه لا يرغب بالشرب إلا إن كان شيخاً مسناً أو مريضاً، ولا يلحّون على غير الراغب بالشرب بإيماءة بسيطة برأسه أو يده. ومن مهارة شرب القهوة أن يهز الشارب الفنجان يميناً وشمالاً حتى تبرد القهوة ويتم ارتشافها بسرعة. وقد بلغ من احترام البدو والعرب في السابق للقهوة أنه إذا كان لأحدهم طلب عند المضيف، كأن يضع فنجانه وهو مليء بالقهوة على الأرض ولا يشربه، فيلاحظ المضيف ذلك، فيبادره بالسؤال: (ما حاجتك)؟ فإذا قضاها له، أمره بشرب قهوته اعتزازاً بنفسه. وإذا امتنع الضيف عن شرب القهوة وتجاهله المضيف ولم يسأله ما طلبه، فإن ذلك يعدّ عيباً كبيراً في حقه، وينتشر أمر هذا الخبر في القبيلة. وأصحاب الحقوق عادة يحترمون هذه العادات فلا يبالغون في المطالب، ولا يطلبون ما يشق تحقيقه، كما لا يجوز وضع الفنجان على الأرض بعد الشرب لأن ذلك تترتب عليه مسؤوليات منها أنه يهم بالعطاء للقهوجي، فيقولون(من رمى الفنجان يملاه ) ويعدّ احتواء القهوة رمزاً للكرم، والكرماء، والمفاخرة.
وليست القهوة للسلم فقط بل تستخدم للحروب. فكافة القبائل في السابق، إذا حدث بينها شجار أو معارك طاحنة وأعجز إحدى القبائل بطل معين، كان شيخ العشيرة يجتمع بأفرادها ويقول: (من يشرب فنجان فلان، ويشير بذلك للبطل الآنف الذكر)؟ (أي: من يتكفل به أثناء المعركة، ويقتله)؟ فيقول أشجع أفراد القبيلة: (أنا أشرب فنجانه)، وبذلك يقطع على نفسه عهداً أمام الجميع بأن يقتل ذلك البطل أو يُقتل هو في المعركة، وأي عار يجلبه هذا الرجل على قبيلته إذا لم ينفذ وعده!، هكذا تحوّلت القهوة من رمز للألفة والسلام إلى نذير حرب ودمار.

جلسة-قهوة-عربية
جلسة-قهوة-عربية

دورها الاجتماعي والسياسي
ما هو سرّ استمرار القهوة ولا سيما المرّة منها في حياة الناس بهذه الصورة؟
الجواب بسيط وهو يتركّز في حالة الاجتماع التي تحققها جلسة القهوة ( قهوة الصبح، وقهوة العصر) في الربعة ( المضافة )، إذ أنه حول جلسة القهوة تعقد جلسات التقاضي أمام العارفة (القاضي) وفيها ينشد الشعراء أشعارهم، ويروي الناس قصصهم أو ينقلون أخبار القبائل والمراعي والكلأ. وفي الربعة تعقد صفقات البيع والشراء، وهي ملتقى الضيوف وساحة التعارف والتوادد، واشتراك الجميع بالهمّ العام والخاص والتعاون على إيجاد الحلول للمشكلات العامة والخاصّة، وإبداء الرأي في تصرفات الفرد وتقييمها ونقدها، وتعبّر الأبيات التالية عن تجسيد الأدب الشعبي لمثل هذه المجالس ودورها في صوغ نمط الاجتماع القبلي.
يا بو (علي) طيرَ الهوى خبَّث َالبال الطير نكري والحباري جليلـــــة
ودّك مع حومـــــة الطيـر فنجــــــال مع مجلس ٍما بُه نفوس ٍ ثجـيلة
مع هذا وِلِـْـد عم ٍ وهذا وِلـْـد خـــال مع خـــــويّ ما تبـــــدَّل بغيـــره
لعبت القهوة دوراً محورياً في ترسيخ الحياة الاجتماعية العربية ونبذ الفردية وتوطيد أواصر الجماعة، فضلاً عن ترسيخ الوعي الاجتماعي لدى الاجيال الطالعة التي ترتاد مجالسها، بإعتبار أن المجالس مدارس كما يقال، كما أسهمت القهوة في بلورة مكونات السلوك القويم في البيئة العربية التقليدية، وقد يكون فنجان القهوة الذي قد لا يزيد على بضع نُقط من شراب مرّ المذاق سبباً في صفح، أو صلح، وفي أجوائه الطيبة يمكن تجاوز الخصومات وفض المنازعات، ومن أجله قد تنشب حروب أو تنتهي، وهكذا خطبة النساء، والتجاوز عن الثأر، والتنازل عن الحقوق، وإذا كنّا قد أسهبنا في طقوس القهوة وسننها فإن شعوراً عارماً ينتابنا بأننا نعيش عصراً تتعرض فيه ثقافتنا العربية وتقاليدنا الأصيلة إلى غزو ثقافي كاسح يستهدف تدمير خصوصيتنا وتبديل نمط حياتنا ونظرتنا إلى تاريخنا وتراثنا ومعارفنا بما يسهل استيعابنا في منظومة القيم المادية والاستهلاكية الغربية. ومن أولى نتائج هذا الغزو ما نراه من تآكل علاقة أجيالنا الطالعة، الأمر الذي يجعل منها هدفاً لحملات التغريب والتبشير بالقيم الغربية الفاسدة.
لهذا السبب، فإننا نعتقد بأهمية توثيق تراثنا الشعبي وحفظه بإعتباره المكوّن الأهم لثقافتنا ومستودعاً للإختبارات والمعارف التي كونت ثقافتنا وشخصيتنا. ومن واجب كل أبناء المجتمع لذلك أن يعتبروا مختلف أوجه حياتهم اليومية، صغرت أم كبرت، من القيمة بمكان، لأن التمسك بثقافتنا وإرثنا الفريد هو السبيل الوحيد للحفاظ على هويتنا ووجودنا وكرامتنا بين الأمم.

صنع-القهوة-العربية-نشاط-أساسي-في-حياة-عرب-البادية
صنع-القهوة-العربية-نشاط-أساسي-في-حياة-عرب-البادية

 

الأولوية في تقديمها في مجلس القبيلة هي للكريم الجواد ويليه في حق القهوة الفارس الشجاع وأصحاب الوقفات والصولات لا يجوز

تناول القهوة أثناء الإضجاع ويمكن تجاوز من لا يعتدل في جلوسه لأن معناه هو أنه لا يرغب بالشرب

يمسك الساقي دلة القهوة باليسار ويقدم الفنجان لضيوفه باليمين
يمسك الساقي دلة القهوة باليسار ويقدم الفنجان لضيوفه باليمين

الأمثال الشعبية في القهوة
فوِّت رحلة مصر ولا تفوِّت قهوة العصر. اعتاد الناس في القرى ارتياد الديوان (المضافة) يومياً عند الصباح، وتسمى قهوة الصبح، وعند العصر وتسمى قهوة العصر.
قهوتكم مشروبة، وهي عبارة شكر تقال في معرض رفض مهذب لفنجان قهوة يعرض داخل المنزل.
قهوتكم مشروبة ووجوهكم مقلوبة. تقال في سياق معاتبة من يستقبل ضيفه بطريقة غير لائقة بعكس ما جرت عليه العادة.
القهوة يمين ولو كان أبو زيد (الهلالي) يسار
أول القهوة خصّ ثم قص. وهذا المثل يعني أن من الممكن تجاوز الجميع والبدء بصبّ القهوة للضيف، قبل تقديمها للعموم. لكن لا يجوز لشارب القهوة مناولة الفنجان لجليسه كما هو الحال في الماء، لأن الفنجان مخصوص له بالذات
دخان بلا قهوة راعي بلا فروة. (مثل فلسطيني)
السادة للسادات والحلوة للستات. أي أن القهوة السادة (المرّة) تدار بفناجين رقيقة (عربية) وبكميات قليلة في قعر الفنجان لتشاؤمهم من ملء الفنجان. وهي لا تقدّم عادة للنساء: فإذا قدّمت لهنّ قاموا بملء الفنجان لاعتقادهم عدم قناعة المرأة بالقليل.
عادة يقوم بإعداد القهوة رجل مختص بذلك، ويلخص أدوار إعدادها المثل القائل: القهوة حِمّاصها لطيف ودَقّاقها خفيف، وشرَّابها كَييف.
القهوة بالرويش والنار بالحرفيش. أي أن القهوة، وهي بالبكرج تحتاج إلى (الرويش) أو الرماد الساخن المختلف عن نار الحطب السريع الاتقاد، والمسمى (حرفيش) الذي يتم تقليبه بواسطة الماشة.
حبوب البن خرش اجرشها جرش واطبخها هرش (بمعنى لفترة طويلة) والسكب بالفنجان دور الغرش( العملة القديمة بمعنى القليل).
أول فنجان للضيف، والثاني للسيف، والثالث للكيف وقد راعت الأمثال الشعبية العربية عموماً عادة صبّ القهوة وتقديمها باليد اليمنى للجالسين ثلاث مرات في فترات متقطعة أثناء الجلسة.

محمد السموري

طقــوس وأدوات وآنيــة خاصــة

تحضير القهوة في بادية الأردن وتبدو عدة القهوة والدلات المختلفة الحجم على النار
تحضير القهوة في بادية الأردن وتبدو عدة القهوة والدلات المختلفة الحجم على النار

للقهوة العربية طقوس وأدوات وآنية خاصة بها عند العرب ولا سيما أهل البادية وقبائل بلاد الشام، إذ يسمى الإبريق النحاسي الذي تقدم بواسطته “الدلّة”، وهذه قد يتنافس أهل الضيافة في اقتناء أفضلها وأغلاها ثمناً، وقد يوصي عليها بعضهم في بلدان بعيدة وبأسعار باهظة طمعاً في السمعة والجاه، وقد اشتهر بصناعتها أهل الشام والعراق الذين كثيراً ما يزينون “الدلّة “بنقوش مستوحاة من تراثهم وبيئتهم؛ فهذه الدلال الشامية تتزين بصور الطيور، كما أن “الدلة” تحمل في رأسها صورة طائر يتّجه رأسه نحو مصبّ القهوة، بينما تحمل “الدلة” في الخليج صورة جوهرة تعبيراً عن تجارتهم مع الشرق أو الصيد البحري.

صنعة لها أسرارها
تحمّص القهوة أولاً على النار بواسطة إناء معدني مقعر يسمى (المحماسة) وتحرّك القهوة حتى تنضج جميع جهاتها بواسطة محراكين من الحديد يشبهان الملعقة الطويلة، ثم تطحن القهوة بواسطة إناء معدني يسمّى “النجر” أو “المهباش” (المهباج) وبعد غلي الماء توضع القهوة في إناء لطبخها وتنقل منه إلى الثنوة لتهيئتها لدلّة أخرى أصغر منها إسمها البكر ومن البكر تنقل إلى المصب، أي أن طبخ القهوة يتم على ثلاث مراحل، وقد يستغرق في جبل العرب ساعات طويلة فعلاً وسهراً على جودة التحضير من مرحلة إلى التالية.
أما أدوات عمل القهوة كما تعرف في الخليج العربي فهي:
المحماس: وتوضع فيه حبوب البن الأخضر لتحميصها إلى الدرجة المطلوبة.
المخباط: ويستخدم لتقليب حبوب القهوة عند تحميصها بحيث تنضج كلها بصورة متكافئة.
المنحاز: ويصنع من الخشب أو الحديد أو النحاس ويعرف أيضاً بالهاشمي ويستخدم في دق حبوب القهوة.
الفنجان: ويستخدم لشربها.
السلة أو المعاميل: وهي مجموع أدوات عمل القهوة من محماس وقدور ودلال وفناجين وغيرها.
الكوار: ويطلق عليه أيضاً اسم “المنقل” أو ( المنكلة ) بلهجة أهل الخليج وهو وعاء معدني يوضع فيه الجمر، ويستخدم لإبقاء القهوة ساخنة.
الرشاد: وهو عبارة عن الأداة التي تستخدم في الدق والتنعيم.
الدلال: ومفردها دلّة، وهي معروفة منذ القدم في صناعة القهوة العربية وتقديمها، وكانت تصنع من الفخار، وهي عادة ما تكون ذات رأس عريض ومقدمة عالية. وتنقسم الدلال تبعاً لاستخداماتها المختلفة إلى ثلاثة أنواع:
الخمرة: وهي أكبر حجماً من دلال القهوة العادية، وتوضع دائماً فوق الجمر على الكوار وفيها الماء الساخن وما تبقّى من بقايا الهيل والبن.
الملكمة: وهي الدلّة المتوسطة الحجم، والتي يتم فيها تلقيم القهوة بعد نقل جزء من الماء الساخن من الدلة الكبيرة ( الخمرة ) فيرفع البن من قاعها، ويقال:( لكم ) القهوة معلومة أي جهّزها تمهيداً لصنعها.
المزلة: هي أصغر الدلال المستخدمة في عمل القهوة، وتستخدم بعد طبخ القهوة في الدلة المتوسطة، حيث يصبّ فيها صافي القهوة، ويقال ( زل ) القهوة، ثم يوضع بها الهيل، وتستخدم لتقديم القهوة حيث تصبّ في الفناجين.
ويمكن ترك قليل من القهوة القديمة واستعمالها كـ “خميرة” للقهوة الجديدة، وهناك قناعة تامّة لدى معديها وشاربيها على حدّ سواء أن الجراثيم لا تعيش في القهوة لكثافتها العالية ومرارتها واستمرار غليانها، فهي تسخن إلى درجة الغليان مرتين في الأحوال العادية( قهوة الصبح وقهوة العصر)، وكلما قَدِم ضيف جديد لذا لا ضير من بقائها أياماً عدة، والقهوة لا يطيب طعمها إن لم يكن ماؤها من أجود المياه وأنظفها فتتوقف جودتها على جودة الماء، وكان البدو يحرصون على حفظ الماء الخاص للقهوة في قربة خاصة، وللماء نسبة معلومة إلى نسبة البن فلا يجب أن يزيد الماء عن معدل معين، ولا البن، وإلا فإن القهوة سيكون فيها عيب وقد يلمحه بسرعة بعض الضيوف من الذوّاقة.

القهوة لا يطيب طعمها إن لم يكن ماؤها من أجود المياه وأنظفها وكان البدو يحرصون على حفظ الماء الخاص للقهوة في قربــة خاصة

للقهوة فوائد صحية جمة
والعربيّة المرّة أفضلها

الهيل فاتح للشهية مقاوم للحرقة يطهر الفم من الميكروبات
يرفع المعنويات ويساعد في تسكين نوبات السعال الجاف

على عكس الانطباع الذي شاع لبعض الوقت عن مضار القهوة، فقد أثبتت الدراسات العلمية الأخيرة أن من يتناولون القهوة بشكل منتظم يحصلون على فوائد صحية جمة ليس أقلها زيادة مقاومة الجسم لأنواع عدة من السرطانات.

أظهرت دراسة أجراها علماء الأمراض العصبية في جامعة لشبونة في أوائل سنة 2010 أن القهوة يمكن أن تقي من تدهور الجهاز العصبي الذي يصاحب الاضطرابات العقلية والشيخوخة، واكتشف الباحثون أن تناول حوالي 3 فناجين من القهوة يومياً على مدى طويل أدى بالفعل الى الوقاية من تدهور الذاكرة.
كما أظهرت دراسة أميركية حديثة أن تناول ثلاثة فناجين من القهوة يومياً يحمل فوائد كبيرة للقلب والأوعية الدموية، لكن الدراسة نفسها أظهرت أن الفوائد الصحية للقهوة تبدأ بالتضاؤل إذا زاد عدد الفناجين التي يتم تناولها يومياً على ثلاثة.
وحتى وقت قريب كان الانطباع السائد هو أن القهوة تزيد من مخاطر الإصابة بالأزمات القلبية وأمراض الشريان التاجي، لكن الدراسات الحديثة أثبتت أن العكس هو الصحيح، فقد ذكرت دراسة أجريت في كلية الطب في جامعة هارفارد سنة 2009 أن تناول القهوة يقلل من احتمالات الإصابة بأزمة قلبية.
وتعتبر القهوة المصدر الأول لمضادات الأكسدة عند الكبار، وهي بالتالي تساعد على منع تدمير الخلايا، وفقاً لدراسة قامت بها جامعة سكرانتون في ولاية بنسلفانيا الأميركية وتساعد المواد المضادة للأكسدة على منع تدمير الخلايا والوقاية من الاضطرابات المصاحبة للشيخوخة، إذ يحتوي فنجان القهوة الواحد على العديد من المركبات العضوية وغير العضوية مثل مركبات الفينول وميلانودين ودايتربين، كما تحتوي حبات القهوة على حمض الكلوروجينيك الذي يساعد على الهضم وفقاً لدراسة نشرت في مجلة التغذية الإكلينيكية.

فوائد القهوة العربية
تزيد القهوة العربية على فوائد القهوة المبيّنة في هذه الدراسة، وذلك بسبب المطيَّبات والتوابل مثل الزنجبيل والقرنفل والزعفران التي تضاف عليها وتحتوي جميعاً على فوائد صحية.
إلا أن أبرز الفوائد الإضافية في القهوة العربية يعود الفضل فيه إلى حب الهيل، إذ وبالإضافة الى اكساب القهوة العربية الطعم الزكي الذي باتت تعرف فيه في العالم، فإن الأبحاث الأخيرة أثبتت أن الزيوت الطيارة ذات الرائحة العطرية في بذور الهيل لها خاصية ابطال مفعول الكافيين على الجسم. ومن المعروف أن بن القهوة العربية الأشقر يحتوي على كمية من الكافيين تفوق ما يحتويه البن الأكثر تحميصاً (الغامق).
ويعتبر الهيل أحد اقدم المنتجات التي استخدمت في معالجة الأمراض، وهو ما دلّت عليه مدوّنات الطب اليوناني القديم. وفي العديد من مناطق العالم، ينصح الطب الطبيعي بتناول الهيل لمعالجة أعراض وحالات عدة قد تصيب الجسم، فهو فاتح للشهية وطارد للغازات في البطن، كما أنه علاج لحرقة المعدة، وهو مفيد في تنظيف الفم من الميكروبات وفي مداواة التهابات الفم ومنع تكوّن الرائحة غير المحببة فيه.
ويساعد الهيل على رفع الحالة المعنوية ويحسّن المزاج ويخلص من الشعور بالاكتئاب، كما أنه يخفف من أعراض التهاب الجهاز التنفسي في طرد البلغم وتسكين نوبات السعال الجاف، وكثيرون يشيرون الى قدرته على مقاومة الميكروبات.

للقهوة-العربية-فوائدها-الكثيرةa
للقهوة-العربية-فوائدها-الكثيرةa

القهوة هي المصدر الأول لمضادات الأكسدة عند الكبار وهي تساعد على منع تدمير الخلايا، وتنشط الذاكرة وتقي من الاضطرابات المصاحبة للشيخوخة

القهوة العربية في الشعر الشعبي

يفوح منها عبير الهيل إن سُكبت فتنعش القلب من ندٍّ ومن طيبِ

تحتل القهوة في الإرث الشعبي لمجتمعات بلاد الشام والجزيرة العربية مكانة خاصة جعلت منها عامل إلهام لشعراء العامية والفصحى على مرّ العصور. وقد استخدم شعراء العرب شعرهم للتغني بمحامد القهوة وطيب مذاقها وآدابها وجلساتها ودورها الاجتماعي، أو لشرح أساليب صنعها وتقديمها، وغير ذلك من تفاصيل تراثها الغنيّ. في ما يلي عرض لبعض ما يتضمّنه الأثر الشعري العربي في موضوع القهوة (المرّة) وتدعى القهوة العربية أيضاً.

عمار حسين أبو عمار (*)

في كون القهوة العربية رمز الكرم والضيافة في كافة المناسبات ولا تكتمل الضيافة إلا بتقديمها قال الشاعر:
ضيــــــــــوف علينــــــــــا بدجة الليل طبــــــــــــــــــــة زاد أن تقهــــــــــــــــــــووا بعــــــــــــــــــــد لعــــــــــــــــــــب الرباني

وهي مادة شيقة تغنّى بها الشعراء في المضافات والدواوين والربعة والمقعد والمسحاب. قال الشاعر:
يــــــــــــــــــــــــــــــا محــــــــــلا الفنجان بفـــــــــــــي وظلال بــــــــــــــــــــربعــــــــــة مــــــــــــــــــــا بهــــــــــــــــــــــــــــــا نفــــــــــــــــــــوس ثقيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــله

وغالباً تهيّأ القهوة في الصباح بإشراف الرجال في أغلب الأحيان ولها أنواع متعددة وأفضلها العدنية والبرازيلية والكولومبية وأنواع أخرى، ويضاف للقهوة الهيل ( الهال ) كما يضيف البعض في أنحاء الجزيرة العربية الزعفران أو القرنفل ( المسمار ) أو العنبر أو جوزة الطيب. ويقول الشاعر:
أدعي بها المسمار والهيل مسحوق وإن زدتــــــــــــــــــــــــــــــها مــــــــــن عنبر البن لا بــــــــــــــــــــــــــــــاس

ودلالة على تكريم الأبطال والكرماء عندما تقدم يقال هذا فنجان الكريم والبطل الشجاع الذي يستحق التكريم وتجدد بعد الصباح تكريماً للضيوف، وتقدم على اليمين. وقال الشاعر:
صبه على اللي تدفق السمن يمناه وهــــــــــــــــــــاب مــــــــــــــــــــا له بالســــــــــنين الشحوحــــــــــــــــــــي

وللقهوة العربية دور كبير اجتماعي وسياسي أحياناً إذ بها تعقد الرايات، وتكم السايات، وتقضى الحاجات. وقال الشاعر:
يا سارياً عند الفجر عرج وشوف ديارنا الهيل والبن والعطر نقري بها زوارنا

ومجلس القهوة العربية مجلس كرم وسخاء وانفتاح تدور فيه الفناجين مثنى وثلاث لا يتعب المضيف من متابعة جلسائه بكل حواسه مبالغة في الكرم واحترام الضيوف وإعطائهم حقوق الضيف، وهي مقدسة في أعراف العرب وشيمهم. وقد قال الشاعر:
نفرح إذا كثروا المسايير وضيــــــــــوف لــــــــــــــــــــو صــــــــــــــــــــار دورتهــــــــــــــــــــم ثمانــــــــــين فنجــــــــــــــــــــان

كما أن القهوة العربية صناعة دقيقة لها أسرارها وفنونها خصوصاً في ما يتعلق باختيار نوع البن وطريقة التحميص والطحن (الجرش) والطبخ وصولاً إلى تهيئة المزيج الأخير المعد للضيوف، وغالباً ما يقدمها صاحب المضافة أو أحد مساعديه بشيء كثير من التهيّب في انتظار عبارات الاستحسان من الضيوف، وخوفاً من أن يعيب عليه أحد قهوته. قال الشاعر منبهاً إلى أهمية الاحتياط الشديد عند تحضير القهوة:
أياك وأيّا الني وأصحى من الحراق وبالك تكون بعاجل الحمس مرهوق

وآخر يقول:
احمس ثلاث يا نديمي على ساق ريحه على جمر الغضا يفضح السوق

يعدّ المهباش ( المهباج ) أو النجر من أبرز أدوات القهوة العربية، وهو مصنوع غالباً من خشب البطم وهو الأجود أو من بعض أنواع الأخشاب الأخرى، وله يد من نفس الخشب، وهو مجوف من الوسط لسحن القهوة. قال الشاعر:
يا خوي هات النجر دني المعاميل ابن الكــــــــــــــــــــرام اللــــــــــــــــــــي ولا لو حشــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمها

وقال آخر:
بنجر به المهباج بالصوت خفاق يجلب لك القصيان البعيدين دقة خفوقه
أي أن دقه المنتظم يُنبئ أبناء الحي والجيران بقدوم الضيوف، ويدعوهم لشرب القهوة.
يحتاج صنع القهوة العربية إلى مجموعة من الدلال (جمع دلّة) أكبرها يستخدم لغلي التشريبه وتسمى عند البعض ( دلّة النقوع)، بينما تستخدم الثانية وهي أصغر حجماً لتلقيم القهوة قبل “زلِّها” أي تصفيتها في الدلّة الثالثة (الأصغر) تمهيداً لإضافة الهيل والتوابل الأخرى وتقديمها للضيوف. وقد وصف أحد الشعراء دِلال القهوة بقوله:
دلال فوق النار دوماً جواليس وإكرامــــــــــــــــــــهن حقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاً علينــــــــــــــــــــــــــــــا لزومـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي

وأفضل أنواع الدلال الشامي ( صالحاني ).والبغدادي يقول أحد الشعراء معبراً عن عبق القهوة التي تلاقي رائحتها القادم:
يفوح منها عبير الهيل إن سُكبت فتنعــــــــــــــــــــش القلــــــــــــــــــــب من نــــــــــدٍّ ومن طيــــــــــبِ

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading