الخميس, نيسان 25, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الخميس, نيسان 25, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

حكايات الأمثال

حكايات الأمثال في جبل العرب
الحلقة الثالثة

في هذا العدد من “الضحى” حلقة ثالثة مستمدة من كتاب الأديب السوري فوزات رزق، الذي تناول فيه حكايات الأمثال في الأدب الشعبي في جبل العرب وفي بلاد الشام بصورة أعم. يلفت الكاتب إلى تفضيله أحياناً استخدام اللهجة العامية حفاظاً على طرافة القصة وأصالتها، كما يلفت إلى أن التباين الذي قد يجده القارئ بين روايته لبعض الحكايات وبين روايات أخرى متداولة أمر طبيعي بسبب الطابع الشفهي للحكايات، وما قد يخالطها من زيادات وتحويرات مصدرها خيال الراوي واجتهاده، كما أن الرواية المعينة قد تستعير من البيئة المحيطة مواداً ومعطيات تكون أكثر واقعية وتساعد أكثر على فهم المثل والعبرة التي يحملها.

إذا وقع القدر عمي البصر

يضرب هذا المثل في حالة الإستسلام للأمر الواقع، حيث تعز الوسيلة لتفادي ما قد حصل. وحكاية هذا المثل كما نقلها سلام الراسي عن الشيخ أبي حمد الحرفوش مفادها: أن سيدنا سليمان عليه السلام كان قد صادق نسراً عظيماً، هو ملك طيور زمانه. وكان يركب بين جناحيه، فيطير به فوق أجزاء مملكته، كلما أراد التنزه أو الاستكشاف.
وفيما كان النسر محلقاً في أحد الأيام، سأله عمّا يرى تحته، فقال سليمان: إني أرى هيكلي العظيم، والناس يدخلون ويخرجون.
ثم حلق به عالياً وسأله ثانية عمّا يرى، فقال له: إني أرى مدينة القدس مثل رجمة من الحجارة، ولا أميّز هيكلي من سواه.
ثم انطلق النسر إلى أعالي الجو وسأله عمّا يرى. فقال سليمان: إني لم أعد أرى شيئاً. فضحك النسر، وقال: ولكنني أرى كل شيء على الأرض، إلى درجة إني أرى الآن في ما أرى بالقرب من إحدى الأشجار في جبل الزيتون، نملتين تتقاتلان على حبة حنطة.
قال سليمان: “يا للعجب ! أيمكن أن يكون هذا ممكناً ؟! أنزلني إذاً لأرى بعيني فأصدق كلامك. فهبط النسر بسليمان إلى حيث أراه حبة الحنطة والنملتين، اللتين لا تزالان تتنازعانها تحت شجرة الزيتون. فذهل سليمان، وأخذ يثني على صديقه النسر حتى ركب هذا الأخير الغرور، وأخذ يختال تيهاً واعتداداً، ولم ينتبه لشرك كان منصوباً أمامه، فلم يلبث أن وقع فيه، فصاح: “بالله عليك يا نبي الله انقذني من هذه الورطة”.
فابتسم سليمان، وقال له: “كيف قدرت، وأنت في أعالي الجو أن ترى النملتين وحبة الحنطة، ولم تقدر الآن، وأنت على الأرض، أن ترى هذا الشرك المنصوب أمامك؟!
فأجاب النسر: “حقاً، لكن إذا وقع القدر عمي البصر”، وجرى كلام النسر مثلاً منذ ذلك الزمان1 .

ألف “وِشْت” بـ “سالِة”، ولا قولة “ناوله” بالسويدا!

“وِشْت”: صوت يزجر به الكلب. و”سالة”: قرية من قرى محافظة السويداء تبعد 25كم إلى الشرق من المدينة.
ويضرب هذا المثل في المقارنة بين أمرين كلاهما صعب، واختيار أقلهما صعوبة. وهذه الصيغة منتشرة في الأمثال الشعبية مثل قولهم: “مية قولة جبان، ولا قولة الله يرحمه” في تفادي الهلاك جراء اقتحام المخاطر. ويقولون: “ مية عين تبكي، ولا عين أمي تدمع” تعبيراً عن تفضيل المصلحة الشخصية.
وحكاية هذا المثل، كما يرويها قاسم وهب، أن عدداً من الكلاب الضالة في قرية سالة أضر بها الجوع، وكان الواحد منها إذا دخل داراً طردوه بقولهم: “وشت”. فقررت الكلاب الرحيل إلى السويداء، لأنها سمعت من القادمين أن اللحم والعظم متوافران فيها.
فلما وصلت إليها وقف أحدها أمام أحد دكاكين الجزارين، منتظراً أن يرمي إليه بعظم من عظام الذبيحة. وعندما اقترب من باب الدكان سمع اللحام يقول لمساعده: “ناوله”، فظن المسكين أنه سيناوله شيئاً من الذبيحة، ولكنه فوجئ بضربة ساطور هشمت قائمته، فولّى هارباً يندب حظه، فبادر إليه رفاقه يسألونه عمّا حصل، فقال لهم: “ألف “وِشْت” بسالة ولا قولة “ناوله” بالسويدا2 .

إللي بيخلي الثعالب شهودو بتضيع حدودو
إللي بيخلي الثعالب شهودو بتضيع حدودو

إللي بيخلي الثعالب شهودو بتضيع حدودو

يضرب هذا المثل في الرجل الذي يقيم على حجته شهداء زور، فيكون مصير دعوته الإخفاق، لأنه لا يصح عند الله غير الصحيح في نهاية الأمر.
وحكاية هذا المثل عثرت عليها عند سلام الراسي، يرويها عن علي الضاوي، بائع خضار متجول، يقول: يحكى أن رجلاً كان يسهر مع زوجته على المصطبة أمام باب بيته، وكان عنده خروف معلوف مربوط إلى حائط، وكلب اسمه صنصيل يرقد قرب الباب، وكانت المرأة حبلى، في لياليها الأخيرة، فقال لها زوجها:
إذا ولدت لي ابناً سأذبح لك الخروف، وإذا ولدتِ بنتاً سأذبح لك الكلب.
وكان صنصيل يسمع، فقال لنفسه:
“ الحرمة رايحة بالعرض، شوفتي معها بنت، إلحق حالك يا صنصيل، بلاد الله واسعة “ .
وعندما نام الرجل وزوجته نهض صنصيل، وأيقظ الخروف، وودعه بعدما أطلعه على السر. فقال الخروف مستهجناً:
ماذا لو أن المرأة غيّرت رأيها وولدت صبياً، عندئذٍ يعلقني الرجل بعرقوبي، ويفصفص لحمي عن عظمي.
وطلب الخروف من الكلب أن يساعده في فك رباطه، فجز صنصيل الحبل بأسنانه، وقال للخروف: اتبعني على بركات الله.
مشى صنصيل، ومشى الخروف وراءه، وهو خائف ذليل، حتى بلغا محلة وادي القرقمان، فقال الكلب للخروف:
العشب هنا كثير، والدنيا أمامك سدح مدح، انتظرني هنا حتى أذهب في طلب الرزق، لعلي أجد ما أقتات به، وأعود إليك في الحال.
وحدث أن ذئباً مرّ بالمكان، ورأى الخروف، فنوى أن يأكله، وبحث عن سبب فقال له:
من آذن لك بالدخول إلى أرضي؟. قال الخروف:
إذا كانت هذه أرضك، فأين شهودك لإثبات حدودك؟ قال الذئب:
سأذهب وأجلب شهودي، وسيكون لي معك حساب بعد ذلك. ولم يبتعد الذئب كثيراً حتى حظي بشرذمة من الثعالب الجائعة، فطلب منهم أن يشهدوا له بأن الأرض التي يرعى فيها الخروف هي أرضه، وسيتنازل لهم عن حصة من الوليمة.
اندفعت الثعالب وراء الذئب حتى أتى إلى حيث الخروف، يريد أن يقول له:
الأرض أرضي، وهؤلاء شهودي.
في هذه الأثناء رجع الكلب صنصيل، وكان عظيم الهامة، ووجد الخروف يرتعد من الخوف وقد أخبره بما حصل له، فطيب خاطره، وقال:
ابقَ حيث أنت ولا تخشَ شيئاً. ثم إن الكلب اتخذ له مجثماً خلف رجمة من الحجارة بانتظار ما يمكن أن يحدث. وحينما وصل الذئب مع شهوده، صاح بهم:
أليست هذه الأرض أرضي أباً عن جد كما تعلمون؟.
فهمر3 صنصيل عندئذٍ من وراء الرجمة، فتراجع الثعالب إلى الوراء وصمتوا. فقال الذئب:
ما بالكم لا تتكلمون؟! أليست هذه الأرض أرضي؟! فهمر صنصيل مرة أخرى.
عندئذٍ تقدم كبير الثعالب، وقال: نعلم أن ذلك الجبل جبلك، وتلك الرابية رابيتك، لكن الوادي الذي يقف فيه الخروف لا نعلم لمن هو.

انصرف الذئب خائباً ومرّ على مغارة قريبة للضبع، الذي كان يتابع ما يجري من بعيد. فقال له هذا: يَلّي بيخلي الثعالب شهودو، بتضيع حدودو”، فجرى كلام الضبع مجرى الأمثال 4 .

يلِّي مش ذايق المغراية ما بيعرف شو الحكاية

 

يلِّي مش ذايق المغراية ما بيعرف شو الحكاية
يلِّي مش ذايق المغراية ما بيعرف شو الحكاية

مثل يضرب في الرجل ذي التجربة القليلة، أو لمن يستهين بالصعاب، لا قوة، بل جهلاً بعواقب الأمور. وحكاية هذا المثل أرويها من الذاكرة البعيدة، إذ طالما سمعتها في معرض التعريض بمن يستخف بالأمر فيقع المحظور.
خلاصة الحكاية أن الأسد ملك الغابة سأل أعوانه وحاشيته من الفهود والنمور والذئاب وغيرهم من الحيوانات:
في حدى أقوى مني؟! .
فقالوا له:
معلوم! في واحد أقوى منّا كلنا.
فقال الأسد :
ومين هوي؟!
فقالوا له:
الإنسان، أقوى منّا كلنا.
فقال الأسد:
وين هو ؟ دلوني عليه.
فقالوا له:
بتلاقيه بالغابة عم يقطع شجر.
توجه الأسد إلى الغابة، فشاهد حطاباً بيده فأس، فسأله:
أنت الإنسان؟
أجاب الحطاب:
نعم أنا الإنسان، شو بتريد؟!.
زمجر الأسد ثم قال للحطاب متحدياً:
هات لنشوف ! قرّب وصارعني، لنشوف مين فينا بيغلب.
أدرك الحطاب أنه وقع في ورطة، وبعد تفكير قال للأسد:
أنا مستعد للمنازلة لكن ما بجيب قوتي معي لمن بروح عالشغل، إذا بدك بروح على البيت، بجيب قوتي وبجي. قال الأسد:
ما في عندي مانع، أنا ناطرك هون. قال له الحطاب:
لكن بخاف إنك تهرب بس تشوف قوتي، لذلك أنا عندي شرط . قال الأسد:
وشو هو شرطك؟ أجاب الحطاب:
بربطك بالشجرة حتى إرجع، قال الأسد المعتد بقوته:
أنا موافق، ربوط!
أخذ الحطاب الحبل الذي كان سيحزم به الحطب، ولفه حول جذع الأسد وربطه إلى الشجرة، ثم انطلق إلى بيته فأحضر قدراً كان يغلي فيه غراء، وأشعل ناراً تحت القدر وغلى الغراء، عند ذلك أخذ المغراة وغرف من القدر وسكبها على ظهر الأسد قائلاً:
هذي قوتي، ما رأيك؟!
صاح الأسد مذعوراً من الألم، وهرب الحطاب ناجياً بنفسه بعد أن علّم ملك الغاب درساً لن ينساه.
اجتمعت حيوانات الغابة على زئير الأسد الذي كان يتلوى من الألم، وحين رأوه على تلك الحالة بادروا إلى فك وثاقه ومعالجته، لم يخبرهم الأسد بقصته لكنهم وقد رأوه مكبلاً ذليلاً أيقنوا أن ذلك من فعل الحطاب لكنهم تأدباً لم يعلقوا.
بعد أيام كان الأسد يتجول في الغابة مع حاشيته، فرأى الحطاب، فاندفع إليه يريد الانتقام منه، فصعد الحطاب إلى أعلى شجرة في الغابة ليحمي نفسه. غير أن الأسد وقف إلى جانب الجذع، وأمر النمر والفهد والحيوانات الضارية الأخرى كي يصعد كل منها فوق ظهر الآخر ليصلوا إلى الحطاب، وما إن أصبح آخر حيوان على مقربة من الحطاب حتى صاح هذا:
هات المغراية يا ولد!!
وحين سمع الأسد نداء الحطاب دبّ في قلبه الذعر فتملص وولّى هارباً، فوقع الجميع. ولما سأله النمر بعد ذلك عن سبب هروبه، قال له:
“إللي مش ذايق طعمة المغراية، ما بيعرف شو الحكاية “

من أيمتى كان بو علي الحصيني فرّا؟

مثل يضرب للرجل الذي يندب نفسه لعمل أكبر من طاقته وهمته، فيثير بذلك سخرية الناس، وثمة مثل آخر أفرزته حكاية هذا المثل نفسها، وهو” مثل فروة السبع”، وهو مثل يضرب للحاجة إذا كلفت صاحبها أكثر مما ينبغي، وطال أمر تجهيزها وإعدادها .
وحكاية هذين المثلين واحدة، أسوقها من الذاكرة البعيدة وترددت على مسامعنا كثيراً.
وأصل الحكاية أن أسداً كان يعيش في الغابة. وخطر له أن يقتني فروة يضيفها إلى فروته ربما لتزيده وقاراً أو لتقيه برد الشتاء القارس. وفيما هو يبدي رغبته هذه أمام الثعلب “بو علي الحصيني” ضرب الحصيني على صدره قائلاً:
فروتك عندي يا مولاي، بس بدي منك الجلود.
وصار السبع يصطاد الخرفان، ويرسلها إلى الحصيني، والحصيني مسرور لهذه الرزقة التي أرسلها له الله من السماء، إذ يأتيه رزقه كل يوم على بارد وسلام، خروف بتمامه.
وصار السبع يسأل الحصيني:
وين الفروة؟. وأيمتى بتخلص؟! .
والحصيني يسوّفه:
بقي عليّ الصدر، بقي الكم اليسار، بقي الكم اليمين. حتى ضجر السبع وبدأ يتأفف، فقال له الحصيني:
إذا كنت مستعجل روح لعند غيري. وهو يعلم أن السبع لا حيلة له في الأمر.

وأخذ السبع يشتكي لمن حوله تسويف الحصيني له، ومماطلته في إنهاء الفروة. وذات يوم كان السبع غاضباً من الحصيني الذي طلب منه مزيداً من الخراف عندما مرّ به الذئب، فرآه على حاله من الضجر، فسأله:
ـ شو القصة يا ملك الزمان، شايفك ضجران على غير عادتك؟.
فروى له حكايته مع بو علي الحصيني، وإنه كل يوم يأخذ منه خروفاً ليصنع له فروة، وحتى الآن لم يرَ الفروة.
فضحك الذئب، وقال:
يا مولاي: “إيمتى كان بو علي الحصيني فرّا؟! .
وذهب تعليق الذئب مثلاً، فصاروا كلما كلفهم أمر أكثر من حده الطبيعي، قالوا: “ صار مثل فروة السبع”، وكلما ندب أمرؤ نفسه لما ليس أهلاً له، قالوا ساخرين: ”إيمتى كان بو علي الحصيني فرّا”.
وقد ورد في صيغة أخرى عن هذا المثل إن صداقة نشأت بين الطائر”بو سعد” و”بو علي الحصيني”، وكان الاثنان يحبان الدعابة فصارا يتبادلان المقالب في ما بينهما، كل واحد يحاول الإيقاع بالآخر، إلى أن جاء دور “بو سعد “، فزعم أنه يريد أن يدرب الحصيني على الطيران من دون جناحين. فأركبه على ظهره، وطار به، وأخذ يرتفع، وعلى ارتفاع معين سأله:
كيف شايف الأرض؟
فقال له الحصيني:
وسع البساط. فارتفع أكثر وسأله:
كيف شايف الأرض؟ فأجابه:
وسع الطبق. فارتفع أكثر وسأله:
كيف شايف الأرض؟ فأجابه:
وسع الصحن. فارتفع أكثر، وسأله:
كيف شايف الأرض؟ فأجابه:
هلق ما عدت شايف شي.
فرماه عن ظهره وبدأ “بو علي الحصيني” يهوي نحو الأرض، ولشدة فزعه كان يقول:
يا لله عباي، يالله فروي. يالله عباي، يالله فروي.متمنياً أن يقع على فروة أو عباءة لتخفيف الصدمة.
وبالفعل وقع الحصيني على راعٍ، فهرب الراعي مذعوراً، تاركاً فروته، وسقط الحصيني في الفروة.
لبس “بو علي الحصيني” الفروة، وفي الطريق رآه الذئب فقال له:
مين سوالك هالفروة؟. أجاب:
أنا سويتها لحالي. فقال له الذئب:
وبتقدر تساويلي مثلها؟ فقال له:
أكيد، جبلي شي سبع ثماني نعاج وتعال.
فأحضر له الذئب ثماني نعاج، وأخذ الحصيني يماطله مستجراً أكبر عدد من النعاج والخراف، إلى أن مل الذئب، وأخذ يطالب الحصيني بالفروة بإلحاح، فنادى الحصيني إحدى بناته:
فوتي يا ثمنية جيبي الفروة. فدخلت الثمنية ولم تخرج، فنادى الأخرى:
فوتي يا ربعية جيبي الفروة. فدخلت ربعية ولم تخرج، فنادى الصاع، والمد، ولما لم يبقَ أحد من أولاده في الخارج برز إلى الذئب متبسماً بدهاء، وقال له:
أيمتى كان بو علي الحصيني فرّا؟! .
غير أن الذئب أمسكه من ذيله فانقطع الذيل، وأصبح “بو علي الحصيني” أزعر. فقال له الذئب:
روح ! وين ما شفتك راح أعرفك يا أزعر.
فكر الحصيني بحيلة أخرى يتخلص بها من ملاحقة الذئب، وجمع جماعته الحصينية، وقال لهم:
صاحب هالكرم بخيل، وشو رأيكن نغزي عليه الليلة؟. قالوا له:
موافقين. فقال لهم:
بس على شرط، بخاف إنكن تنهزموا بس يجي صاحب الكرم، ومن شان إضمن إنكن ما بتنهزموا، وتتركوني لحالي، راح أربط كل واحد منكن بدالية.
وافق الجميع على اقتراح “بو علي”، وأحضر كل واحد خيطاً فربط كل واحد من ذيله بالدالية. ولما جاء صاحب الكرم صاح بهم:
إجاكن صاحب الكرم، اهربوا!
ففر الجميع تاركين ذيولهم في الدوالي، وأصبح الجميع متماثلين، ولن يستطيع الذئب أن يميز غريمه بعد الآن.

قال له مين علمك هالذوق قال له هذا المعلق فوق 2
قال له مين علمك هالذوق قال له هذا المعلق فوق 2

سأله مين علمك هالذوق؟ قال له: المعلق فوق

يضرب هذا المثل في الرجل الذي ينصاع إلى الأمر بعد عناد، جراء تهديد أو مشاهدة نتيجة من عاند قبله، وفي هذا المعنى يتردد مثل مشابه فيقولون:” ما متنا، لكن ما شفنا مين مات؟!” .
وحكاية هذا المثل أرويها من الذاكرة، وهي حكاية معروفة، ربما كانت من حكايات كليلة ودمنة، أو نسجت على منوالها.
خلاصة الحكاية أن الأسد والذئب والثعلب خرجوا في صيد، فاصطادوا ثوراً وغزالاً وأرنباً. فقال الأسد للذئب (وكان بالطبع يختبر أطباعه):
– قسّم الصيد بيننا.
فقال الذئب، وهو يعتقد أنه يقسم بصورة عادلة:
الثور لك، والغزال لي، والأرنب للثعلب
اعتبر الأسد ذلك فوراً تجرؤاً على ملك الغاب ووقاحة من الذئب الذي كان يجب أن يعتذر عن القسمة ويترك للأسد أمرها. فعاجله بضربة، فصل رأسه عن جسده، وعلقه في أعلى الشجرة لكي يكون عبرة لجميع حيوانات الغاب، ولمن ينسى مقامه الوضيع في حضرة الأسد.
بعد ذلك توجه الأسد للثعلب، ثم قال له:
– أنت اقسم لنا الغنائم.
فكر الثعلب قليلاً ثم قال:
– يا ملك الغاب، أنت الملك ذو القوة والسلطان كيف تكون لنا حاجة لطعام إن كنت أنت جائعاً؟ إني أرى الأرنب لفطورك، والغزال لغدائك، والثور لعشائك.
استحسن الأسد ذلك بل تعجب لأدب الثعلب فسأله:
– من علَّمك هذا الذوق؟
تبسم الثعلب، وقال من دون تردد وهو يرفع عينيه إلى الشجرة:
– هذا المعلق فوق!
وقد وردت الحكاية بصيغ مختلفة في الكثير من المصادر5.

 

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading