الخميس, آذار 28, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الخميس, آذار 28, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

حكايات الامثال

قصص الأمثال

حكايات الفشارين والفاشلين

قسم كبير من الحكايات والأمثلة الشعبية يتناول المبالغات، فهؤلاء «الفشارين» أو «الفنّاصين» هم غالباً من البسطاء المهمشين الذين يسعون إلى شدّ انتباه الناس إليهم عبر رواية حكايات مفبركة تقوم على مبالغات مكشوفة فيظن هؤلاء أن الناس يصدقونها. وأكثر من يستمع الى هذه القصص يلعب اللعبة كما يقال فيتابع القصة وهو  يبدي دهشته من فصولها ويهزّ برأسه تصديقاً لكي يشجع الفناص على المزيد من دون أن يدري الأخير  أن الناس اجتمعت حوله لتستمتع بقصصه الخيالية وليست لأنها تصدق خبرياته المثيرة.
في جانب آخر تتناول حكايات الأمثال قصص التجار الفاشلين وهم غالباً يأتون إلى مهنة البيع والشراء دون خبرة ومنهم من تنقصه الفطنة فتنتهي تجارتهم إلى خباء وخسائر. وقصص التجارة الفاشلة مسلية ومفيدة لأنها جزء من الخبرة الجماعية وفيها حث على الفطنة وسخرية من الغباء في الأعمال.
في ما يلي بعض الحكايا التي تتناول حالتي المبالغة في الرواية والتجار الفاشلين:

(الضحى)

بدي إدحلها دحل

أصل هذه العبارة أن رجلاً معروفاً بالمبالغة أثناء حديثه عن مغامراته ومعاركه الوهمية أخذ ذات يوم يسرد ما جرى له في إحدى المعارك والغزوات فقال إنه أثناء هجومه في إحدى المعارك أصابت رصاصة إحدى قوائم فرسه، لكن الفرس لم تخذله، وتابعت الإغارة، لكن رصاصة ثانية أصابت قائمة أخرى من قوائم الفرس، واستمرت الفرس بالهجوم، ولم تخطء الرصاصة الثالثة قائمة الفرس الثالثة، لكن الفرس ظلت تقتحم المعركة كأن شيئاً لم يكن . وهنا تدخل أحد الحاضرين مستنكراً أن تستطيع الفرس بعد إصابة قوائمها الثلاث الاستمرار في السير، فكيف بها تعدو؟! . . وهنا قال الرجل لمحدثه : «أنا حر ! بدي إدحلها دحل» أي أنني سأجعلها تستمر في المعركة ولو زحفاً على بطنها.
وهناك حكاية مشابهة عن الفشارين رواها لي أحد الصيادين، والصيادون معروفون بتزويدهم في الأخبار . قال الصياد :
إن أحد الصيادين حدّث جلساءه عن نشاطه في الصيد، إذ عرض له في إحدى المرات رف من الحجل، ومعه بارودة خلع (بخرطوشتين) فصوب نحو ديك حجل فرماه . فما لبث أن عرض له ديك آخر، فبادر إلى رميه، فعرض له ثالث، وهكذا حتى اصطاد أربع أو خمس طرائد متتابعة . فصاح به أحد الجلساء :
ـ «دِكّها يا رجال دِكّها» أي حط بالبارودة خرطوش فهي بارودة خلع ومَنْها رشاش.

الله يضيّق على يلّلي بيضيق

ولدت هذه العبارة في معرض التهكم على حالات المبالغة الفجة، والعبارة معروفة ومنتشرة في أنحاء الجبل، وأصلها كما هو متداول أن رجلاً كان معروفاً بمبالغته الشديدة أثناء حديثه، وأراد ولده أن يحدّ من هذه المبالغة التي تجلب لوالده السخرية في المجالس واقتنع الوالد بأن هناك مشكلة فعلاً واقترح على ولده أن يتابع حديثه في المجالس حتى إذا شعر بأن والده بدأ يبالغ فتح أصابع كفه ثم ضمها.
وحدث أن جلس هذا الرجل يحدّث جلساءه عن مضافة بناها حديثاً، فقال :
ـ « يا غانمين ! طولها خمسين ذراع» .
ونظر بطرف عينه إلى ولده الجالس قبالته، فإذ به يفتح كفه ويضمها، إشارة إلى المبالغة في طول المضافة . فأردف الرجل بالقول (في محاولة لتصويب المبالغة في طول المضافة):
«وعرضها ذراعين» .
فتح الحاضرون أعينهم تعجباً واستغربوا كيف يمكن لأحد أن يبني مضافة بطول خمسين ذراعاً وبعرض ذراعين فقط!!!
بالطبع الولد أراد من والده أن يصحح طول الخلوة بحيث يبدو مقنعاً ولم يكن يقصد اختصار عرضها بهذا الشكل، أما الوالد الذي بوغت ارتبك ووقع في خطأ أشنع فقد شعر بالخجل لكنه أراد وسط ارتباكه أن يضع اللوم على ابنه الذي قطع حكايته وأوقعه في هذا التناقض الواضح فنظر إليه منزعجاً وقال:
«الله يضيِّق على يلّلي بيضيِّق «!!!

أم علي تقلع وبو علي يزلع

يضرب المرء بالذين لا يصبرون على تحضير الطعام بسبب جوعهم أو حبهم لطعام معين فيمضون يأكلون منه وهو قيد التحضير حتى لا يبقى منه شيء قبل أن يوضع الطعام على المائدة، وهذه علامة الطمع وعدم إظهار أي اهتمام بالآخرين. ويحدث ذلك في كل أصناف الطعام الذي يعدّ مباشرة مثل الشوي أو القلي أو الخبز أو غيره.
وتجمع الروايات المتداولة لهذا المثال على أصله وهو أنه في إحدى سنوات الجفاف والقحط استدان أبو علي، وهو رب إحدى الأسر، صاعاً من الطحين ليسدّ رمق عياله الذين أصابهم الجوع، وقامت زوجته بعجن الدقيق، ثم أخذت تخبزه ليلاً لتتحف الصغار به عند الصباح .
وكان زوجها أبو علي إلى جانبها بهدف «المساعدة» كان يساعدها في أثناء الخبز، فكانت كلما قلعت رغيفاً عن الصاج تناوله أبو علي، فليس لإشعال النار تحت الصاج، لكن كان هناك على ما يبدو لهدف آخر. وهو أنه ما أن يكون رغيف الخبز قد نضج وقلعته الزوجة من على الصاج حتى يكون قد تناوله وازدرده من دون أي عناء.فإذا نضج الرغيف التالي يكون مصيره كمصير الرغيف الذي سبقه. كان الرجل قد تمادى ونسي نفسه وهو يلتهم الرغيف بعد الرغيف وحانت من الزوجة التفاتة إلى معجن الخبز وهالها أنه كان ما زال فارغاً. نظرت إليه زوجته التي كانت تمني نفسها بتقديم الخبز لأطفالها، وقالت ساخرة :
ـ شو بو علي ؟! . أم علي تِقلع وبو علي يزلع ! وين حصة الاولاد؟!.
ففطن الرجل إلى أولاده وكف عن التهام الخبز، وذهبت عبارة المرأة مثلاً في الإشارة إلى من ينسى نفسه بسبب شراهته لأكل معين فلا يفكر بالآخرين. وهناك في لبنان صيغة طريفة مماثلة لهذا المثل ظهرت ربما بسبب حب الأولاد أو أهل البيت المفرط للبطاطا المقلية أو غيرها من المأكولات التي يتم تحضيرها وسط اجتماع الأسرة أوالعائلة مثل كعك العيد وصيغة المثل هي «أمّي طش طش وبيي لش لش» والتعبير الأول (طش طش) يسترجع صوت البطاطا عندما تلقى بالزيت الحار أما الشق الثاني (لِش لِش) فالمقصود به التهام الطعام المحضَّر لأن كلمة لَش تستخدم في العامية بمعنى التناول السريع للأكل أو إلتهامه.

باع بالقرد ومقرعته

عبارة تطلق في حالة بيع حاجة غير مرغوب فيها، يبيعها صاحبها بما تيسر، وبأردأ الأثمان . وإذا سئل بكم بعتها ؟ قال : « بعتها بالقرد ومقرعته» .
وحكاية هذه العبارة كما يرويها سلام الراسي عن فندي أبو سيف من لبنان : أن رجلاً من جبل لبنان هاجر إلى جبل حوران، حيث اشتغل عدة سنوات، عاد بعدها إلى قريته بجمل . ولم يكن اقتناء الجمل شائعاً في المناطق الجبلية في لبنان ذلك الزمان، فاجتمع أهل القرية حول الجمل يتفرجون، وأخذ الرجل يطري مزايا جمله :
ـ إنه يحمل ثلاثة أضعاف ما يحمله الحمار .
ـ يأكل الشوك، ويشرب مرة واحدة في الأسبوع .
ـ لا يحرن، ولا يرفس . ولا يقيقب ولا يعنفص .
ـ يستطيع الولد أن يجره إلى حيث أراد .
وأقبل من جملة المتفرجين زعيم كبير، يركب جواداً كريماً، ورأى وسمع، فترجل وتقدم، وعرض على صاحب الجمل مبادلته بفرسه الأصيل ، فرفض .
لكن صاحبنا هذا ـ صاحب الجمل ـ ما لبث أن فطن إلى أن باب بيته أوطى من ظهر الجمل، والذي سيعمل جمالاً عليه، أن يعلي باب داره . فالوقت شتاء، ويجب تأمين مبيت للجمل، ولا مناص من هدم أحد جدران البيت، وفتح باب عال، وفي ذلك الكثير من المشقات والتكاليف، فأرسل ابنه إلى صاحب الفرس يقول :
« الوالد راجع أفكاره، وقبل مداكشة الجمل بالفرس ».
فقال صاحب الفرس :
ـ وأنا راجعت أفكاري، وأريد أن أحتفظ بالفرس . لكن عندي هذا الكديش، لعل والدك يقبل مداكشته بالجمل .
فرفض صاحب الجمل، ثم ثبت عنده أن جمله لا يصلح للعمل في تلك المناطق الجبلية، لأن أقدامه لا تساعده على السير في المسالك الوعرة والطرق المتعرجة، وبالتالي لا خير فيه يرتجى، فأرسل ابنه مجدداً إلى صاحب الكديش يقول :
ـ الوالد راجع أفكاره وقبل مداكشة الجمل بالكديش .
فقال صاحب الكديش :
ـ وأنا راجعت أفكاري كذلك، ووجدت أنني ما زلت بحاجة إلى الكديش، لكن عندي هذا الجحش الكر، لعل والدك يقبل مداكشته بالجمل . فرفض صاحب الجمل هذا العرض .
ولم تمضِ فترة حتى شعر بأعباء مسؤولية الجمل، إذ عليه أن يرعاه في النهار، ويؤمن له عليقاً في المساء، فجرّ الرجل رجله، وذهب إلى صاحب الجحش قائلاً :
ـ أنا محسوبك، الجمل مقدم، باركلنا بالجحش .
فقال صاحب الجحش :
ـ لكني تذكرت المثل : « إذا جار عليك الزمان داكش فرسك بحمار» فتشاءمت، وخفت من جور الزمان، فدعني وشأني، وخذ جملك عني .
وهكذا لصق الجمل بذقن صاحبه، وبدأ أهل القرية يشمتون :
ـ يا بو مسعود ! عندي جدي أعرج . بتداكش ؟ .
ـ يا بو مسعود! عندي قرقة وشرشوحة . بتداكش ؟.
ـ يا بو مسعود ! عندي كلب جعاري ختيار، لا بيهش ولا بينش . بتداك؟.
ويا ويل من استوطي حائطه إذ أخذوا يقولون :
ـ أبو مسعود غاب وجاب .
ـ يا عمي بو مسعود ترقى، استكبر ونقّى .
ـ عليم الله ابو مسعود صار شيخ، بدو يعلي باب داره .
أخيراً قرر أبو مسعود أن يتخلص من الجمل بأية وسيلة ممكنة .
وحدث أن قدم إلى القرية رجل غريب « قراد» معه قردة يؤدي بعض الرقصات، ويقلد بعض الحركات . فيجمع الرجل بواسطته بعض المتاليك والبارات . فاستفرده صاحبنا، وعرض عليه مداكشة الجمل بالقرد ومقرعته التي يهوي بها عليه لإخافته كي يؤدي الحركة المطلوبة.
وهكذا باع صاحب الجمل جمله « بالقرد ومقرعته» . وغدت هذه البيعة مثلاً في البيعة الخسيسة.

تجارة المجدلاني

هذا المثل معروف في بلدة عرمان وما حولها . ويضرب في الرجل إذا أتجر فخسرت تجارته . وحكاية المثل ما زلت أتتردد على الألسنة عند كل خسارة تلحق أحد الناس جراء غفلة أو خطأ في الحساب.
والمجدلاني رجل فقير الحال، وفد إلى الجبل وكان يتعاطى تجارة العنب على حماره مقايضة، فحدث أن اشترى حمل العنب بمدِ من القمح (مد القمح يساوي بمعايير اليوم 20 كلغ)، وبعد بيع العنب بالمفرق تجّمع لديه ثلاث أرباعِ المد من القمح،.فاحتار لكنه لم يدرك خسارته وظن أن في طريقة حسابه خطأ ما إذ لا بد أنه وقد باع العنب كله أن يكون لديه فائض ربح. لكن لماذا القمح الذي حصله لا يزيد على ثلاثة أرباع المد؟ ذهب يستعين بمن هو أكثر خبرة منه قائلاً : ـ « احسب لي هالحسبة ؛ إذا قلنا: اشترينا حمل العنب بمد قمح، وبعناه بثلاث أرباع؛ قديش بنكون ربحنا؟

ان خوثوا ربعك عقلك ما بيكفيك

حكاية الرجل يتبع قومه على ضلال، لا قناعة منه بصحة ما يرون، وإنما لأنه أصبح وحيداً في موقفه .
وعلى ذمة سلام الراسي فإن حكاية هذا المثل تقول :
إن وجيهاً قروياٌ أرسل ابنه ليتعلم في المدينة، فانخرط الولد في إحدى الفرق الموسيقية، وأهمل دروسه، ولم يتعلم سوى التزمير بالمزمار .
وعاد الولد إلى قريته مع مزماره، فاقبل عليه الفتيان معجبين، ثم ما لبث أن كثر عدد الزائرين، فقال أبوه::
ـ تسوكر مستقبل الصبي يا أم حنا، الجايين لعنا أكثر من الرايحين، هيك تكون الوجاهة».
وأخذت حفلات المزمار تتكرر كل مساء، وتزايد عدد القادمين، فقلق بعض وجهاء القرية وبات لسان حالهم يقول: ـ «بو حنا بدّو يعمل وجيه على صوت المزمار، لازم نلحق حالنا ونجيب دربكة!! بكرة ما منعود نمون على ولادنا، إذا أخذوا كسرة على بيت بو حنا» .
وهبط في اليوم التالي أحدهم إلى المدينة واشترى دربكة . وبدأ في الحال تصريف الأعمال؛ فإذا هب هؤلاء إلى التزمير رد عليهم أولئك بالضرب على الدربكة .
ولم يمض سوى القليل من الوقت حتى انضم نصف أهل القرية إلى حزب الدربكة، والتحق النصف الآخر بفريق المزمار. ووأصبح شباب القرية الذين تقع عليهم مسؤوليات العمل والرزق مشغولين بالدربكة والتزمير وتعطلت مصالح القرية وتوقفت الأعمال.
رجل واحد احتفظ بعقله، وأبى الانخراط في أيٍ من الحزبين، وكان يسخر من قلة عقلهما وينعي توقف الأعمال وانقسام البلدة بين مدربك ومزمر. لكن بدل الاستماع إلى نصيحته فقد استحق الرجل غضب الفريقين ونبذه الناس وأعتبروه منحرف العقل وأصبحوا يتهجمون عليه: يا معنا، يا علينا .
واعتصم الرجل بحياده، لكنه عاش وحيداً منبوذاً، حتى خشي أن يموت مكسور الخاطر . وذات صباح شوهد الرجل يشد طبلاً على تارة غربال عتيق، فسالوه :
ـ «شو عدا ما بدا حتى قررت أن تصير طبالاً في آخر الزمان؟! ».
فقال لهم :
ـ « إن خوثوا ربعك عقلك ما بينفعك »
فجرى جوابه مثلاً

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading