الجمعة, نيسان 19, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الجمعة, نيسان 19, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

رسالة سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز

رسالة سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز
الشيخ نعيم حسن
بمناسبة عيد الفطر السعيد

بســـــــم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصّلاة والسّلام على سيِّد المرسَلين، وآله وصَحبه أجمعين.
ينقضي الشهر المبارَك ولا تنقضي بركاتُه، فليس أيّام الصّومِ بميعاد زمني، لكنَّها، كما قال تعالى، سبيل إلى التّقوى يَا أيُّها الَّذين آمَنوا كُتِب عليكُمُ الصِّيامُ كمَا كُتِب على الَّذين من قبلِكُم لَعلَّكُم تَتَّقُون (البقرة 183). إنَّها إرادة الله سبحانَه وتعالى أن يُقبِل الفطر والنّاس المؤمِنُون الطّائعون في سكينة التّقوى، مليئة قلوبُهُم بفائض الذِّكر، خاضعة جوارحُهُم لهيبَة الحقّ، ومؤتلفة نواياهُم على كلمة التّوحيد، وفي هذا كلِّه صلاح النَّفس الّذي هوَ باب إلى صلاح المجتمع والأمَّة.
إنَّ الفوز العظِيم أن يظفَر الموحِّد بنعمة التَّحقُّق بمقاصِد المعاني الشّريفَة المودُوعة في الذِّكر الحكيم، فيُشرِق في الأفئدة أثر الصِّدق في الطّاعة، ويستنير عقل المرء بلطائف الإشارات، وغاية التَّوفيق أن تُسلِّم النَّفس حينذاك قيادَها للحقيقة، وتسلك في كلِّ حركاتِها سلوكًا إنسانيًّا فاضِلاً، وهذا هو ثمر التَّوحيد الَّذي فيه الخلاص.
إنَّ خلاص المرء هو أن يسلم من نفسِه بإلزامِها الأمر بالمعروف والنَّهي عن المـُنكَر، فيكون الفِطر إذنًا لها من الله سبحانَه وتعالى لتنهَل من خَيراتِه الظّاهرة فيما يُقيمُ الأَوَد، والباطِنة فيما يُحيي لطائف الرُّوح، وهذه هي غاية العِيد. وفي الحقيقة، فإنّ عمل الإنسان مَوضع نظر الباري تعالى الذي قالَ في كتابِه العزيز ثمَّ جعلناكُم خَلائفَ في الأرضِ مِن بعدِهِم لِنَنظُرَ كيفَ تعمَلُون (يونس 14)، ورضاه عزَّ وجلّ مُوجِب للخيِّر منها ما تنزّه عن الجهل والمعصية، وللطيِّب منها ما سلِم من الخُبث، وللصالِح منها ما نأى عن الشّرور.
هنيئًا لمن سلَك سبيل الحقّ فحظي بتوفيق من الله تعالى، وصارَ بين النّاس دلالة على الفضيلة وحُجّة لها. وإنّ المرء العامِل العالِم في هذا النهج في زمننا الحاضِر لهو نعمة جاد بها الله تعالى على خَلقِه، إذ هو في موقِع اقتباس النّور للشهادة على عبث الظّلام. إنّ مجتمعَنا اليوم بأشدّ الحاجَة إلى مثل هذا الشّاهد العدل الّذي يشهد للحقيقة، ليس فقط بلِسانِه ومظهره، وإنّما أوّلاً بأعماله وسلوكِه وتجرّدِه عن كلّ المصالِح العرَضيّة.
فليكن معنى العيد حاضرًا في القلوب، هكذا يتنبَّه المرء إلى عائلتِه فيرعاها بحسن التّدبير، ويرسِّخ في حماها التشبّثَ بالأخلاقِ الحميدة، والعادات المفيدة، ويردّ عنها مخاطر الجنوح في مزالقِ الهوى الرّخيص، والتشبُّه بالطرائق المذمومة، والظواهر المغايرة لشيَمِنا ومألوفاتِنا الأثيلة. إنَّه، بالمروءة والغيرة على إرثنا الحضاريّ، ننهضُ من كبوةِ التغرُّبِ بعيداً عن أصالتنا وعراقةِ قِيَمِنا السَّديدة. نضع اليدَ في اليدِ لنحمي مجتمعَنا، ولا سيّما الجيل الصّاعد، من آفات البطالة والتسكّع والإدمان، والقلق على المستقبل، وفقدان الطّموح والأمل، والتّطلّع بيأس إلى أبواب الهجرة وأوهام الهروب من الواقع.
إنَّ جيلاً صاعداً ملتزماً بالشفافية الأخلاقيَّة، والمسؤوليَّة الأدبيَّة، والصُّدقيَّة المهنيَّة، والكفاءة وتحقيق الذّات بالسُّبُل الشَّريفة النقيَّة هو الامل الَّذي سوف يعبر بمجتمعنا إلى فجر جديد واعِد بعيداً عن العصبيَّات والفئويّات.
وتيمّناً بمعاني عيد الفطر السعيد، فإننا في هذه الأيام الدقيقة من عمر لبنان بشكل خاص والمنطقة بشكل عام، نرفع الدعاء الخالص إلى الله تعالى ليُلهِم اللبنانيين والعرب والمسلمين كافة، اتّباع الحكمة وترجيح العقل في كل ما يُقدِمون عليه، وتثبيت الوحدة في ما بينهم، وترسيخ الهدوء والاستقرار والأمن في ربوعهم، وأن لا يفطُروا إلاّ على غذاء المحبة وأن لا يرتووا إلاّ بماء التعاضد والتلاقي والتآخي، وأن يُشهروا كلمة الحق، وأن ينصرفوا إلى الحوار سبيلاً وحيداً لحلّ قضاياهم، وأن يعتمدوا خيار التكاتف الذي يُولّد القوة في وجه المُعتدين والطامعين، وفي طليعة هؤلاء كيان إسرائيل الغاصب، وأن لا يضيّعوا بوصلة فلسطين، وأن يحصّنوا ساحتنا الداخلية بلغة التفاهم وبتعزيز الحرية والديمقراطية وحفظ الكرامات وتحريم الاقتتال بين الأخوة ونبذ التعصب والأحقاد والفتن، عسى أن يُسرعوا إلى ذلك قبل فوات الأوان، والله لدعوانا سميعٌ وهو خير مُجيبٍ للمؤمنين.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading