السبت, نيسان 20, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

السبت, نيسان 20, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

سد القرعون

ماذا تعرف عن سدّ القرعون

أكبر مشاريع لبنان المائية والكهرمائية؟

«لبنان هبة الليطاني» هذا ما قاله المهندس ابراهيم عبد العال في مقدمة دراسته لنهر الليطاني التي أجراها في العام 1948 متمثلاً بمقولة المؤرخ اليوناني هيرودوتس « مصر هبة النيل» .
عبّرت هذه الكلمات عن أهمية الموارد المائية لمستقبل الاقتصاد والتنمية في لبنان وعن الأهمية الكبرى لنهر الليطاني باعتباره النهر الأطول والأغزر بين الأنهر اللبنانية الداخلية والليطاني نهر «داخلي» بمعنى أن منبعه ومصبَّه يقعان في الأراضي اللبنانية وأن كل مياهه تعود إلى لبنان ولا يتشارك فيها مع أي بلد آخر.
مع ذلك، فإن لدى لبنان هواجس دائمة إزاء مطامع إسرائيل في مياهه ولا سيما الليطاني خصوصاً وأن إسرائيل اجتاحت أراضيه عدة مرات وكانت غالباً ما تصل إلى الليطاني أو تتجاوزه، وقد ترافقت حرب تموز 2006 مثلاً بإشاعات كثيرة عن خطط إسرائيلية لسرقة مياه النهر لكن الاحتلال يومها لم يدم طويلاً وتنفس اللبنانيون الصعداء تجاه سلامة مياه النهر وأمنهم المائي.
بالنظر إلى أهمية الليطاني فقد كان منذ الثلاثينات، وفي ظل الانتداب الفرنسي، مركز اهتمام الدولة اللبنانية التي اعتبرت أن من أولى واجباتها أن تحقق الاستغلال الكامل لهذه الثروة المائية االفريدة بحيث لا تذهب هدراً إلى البحر خصوصاً في فصل الشتاء عندما تؤدي متساقطات الأمطار والثلوج على السلسلتين الشرقية والغربية إلى زيادة كبيرة في تدفقات الأنهر وكميات المياه التي تحملها .
لكن الفكرة بدأت بالتحول إلى مشاريع جدية في خمسينات القرن العشرين، إذ لعبت قيادات فنية واقتصادية بارزة مثل المهندس ابراهيم عبد العال وألبير نقاش وسليم لحود دوراً أساسياً في بلورة المخططات والخيارات بشأن نهر الليطاني وأثمرت تلك الجهود بقيام المصلحة الوطنية لنهر الليطاني في العام 1954 والتي عهد إليها الإشراف على بناء سد الليطاني الذي سمي في ما بعد «سد القرعون» وتمكّنت المصلحة في عهد الرئيس الراحل فؤاد شهاب من إنجاز الأعمال في السدّ وتشغيله بالكامل في العام 1962.
فما هي قصة هذا السدّ المهم جداً لاقتصاد لبنان الزراعي وقطاعه الكهربائي؟ وما هي الفوائد التي يجنيها لبنان من استثمار مياهه على الوجه الصحيح؟ وما هي مشاريع مصلحة مياه الليطاني للمستقبل المنظور؟

نهر الليطاني
ينبع نهر الليطاني من نبع العليق الواقع غرب بعلبك ويخترق سهل البقاع من الشمال الى الجنوب حيث يبقى مستعلى ارتفاع عن سطح البحر يتراوح ما بين 800 – 1,000 متر ويزداد حجم تدفقاته المائية تدريجياً نتيجة الروافد التي تغذيه. ومن هذه الروافد نهر البردوني ونهر شتورا ونهر قب الياس ونبع الخريزات ونبع مشغرة اضافة الى نهر يحفوفا ونهر الغزيل الذي يعتبر أهم روافده على الإطلاق لأنه يضم نبع رأس العين ونبع الفاعور ونبع شمسين ونبع عنجر اضافة الى عين البيضا، وجميع هذه الروافد تصب في الليطاني ضمن مسافة لا تتعدى العشرة كيلومترات، وفي اقصى الجنوب يتلقى الليطاني مياه عين الزرقاء ومياه نبع الغلة .
وعندما يخرج الليطاني من البقاع ويدخل في القسم المنخفض من مجراه فإنه يهبط من علو 800 متر الى مصبِّه عند سطح البحر بعد اجتياز مسافة 100 كلم تقريباً، وفي القسم المنخفض يتلقى النهر مياه نهر زريقون ونهر وادي السلوقي .
وينحرف مجرى النهر باتجاه الغرب عند جسر الخردلي بالقرب من قلعة الشقيف تجاه دير ميماس حيث يتحول إسمه إلى «نهر القاسمية» ويتدفق إلى البحر المتوسط على بعد ثمانية كيلومترات شمال مدينة صور .
تبلغ مساحة حوض النهر (أي الأراضي الواقعة على ضفتيه ويمكن أن تستفيد من مياهه) 2,168 كيلومتر مربع (أو ما يعادل 21% من مساحة لبنان الإجمالية البالغة 10,452 كلم2) وتقع 80% من أراضي حوض الليطاني في سهل البقاع والباقي في المناطق الجنوبية من لبنان، فهو يبلغ 170 كلم وتصريفه السنوي يزيد على سبعمائة وسبعين مليون متر مكعب.

سد القرعون
تعود تسمية بحيرة القرعون أو سدّ القرعون إلى المكان الذي تمّ اختياره من قبل المهندس ابراهيم عبد العال مع الجيولوجي دوبرتريه بين بلدة القرعون وبلدة سحمر عند مستوى او منسوب 800 م والذي يعتبر من افضل المواقع الجغرافية لبناء السد وهذا الأمر كان بإجماع الخبراء الذين تعاقبوا على دراسة المشروع، لذلك تم اعتماد الموقع لبناء السد.

مواصفات السدّ
أجريت عدة دراسات لتحديد نوعية السدّ قبل الوصول الى القرار النهائي الذي سوف يعتمد في بنائه. البعثة الأميركية أو ما عُرف بالنقطة الرابعة قدّمت دراسة لبناء سدّ من الركام الصخري مع نواة من المواد الصلصالية المتوفرة في المكان، كما قدمت البعثة الفرنسية المعروفة بمجموعة الليطاني نموذجين للسدّ مراعية عدداً من العوامل التي يمكن أن تؤثر سلباً على السدّ كالهزات الأرضية ، الفيضانات وغيرها فتم اختيار السد الخرساني وتلزيمه لإحدى الشركات اليوغوسلافية التي باشرت العمل في 30\9\ 1958 .
يبلغ ارتفاع السد 60 متراً وطوله حوالي 1090 متراً بعرض اقصى 162 متراً، ويبلغ حجم السدّ الاجمالي مليوني متر مكعب تقريباً، وهو من أنواع السدّ الركامي المبني من الردميات الصخرية مع طبقة امامية من الصخور المرصوفة .
بلاطات منع التسرب: هي من الخرسانة المسلحة على الواجهة الأمامية للسد تتراوح سماكتها ما بين 50 سنتمتراً في القسم الأسفل للسد و30 سنتمتراً في القسم الأعلى منه ، تبلغ مساحتها 47,000 متر مربع، ترتبط هذه البلاطات في ما بينها بفاصل مطاطي وتتم تعبئة الفراغات بمواد من الزفت العازل تسمى (water stop).

المنشآت التابعة للسدّ
1. منشأة تصريف الفيضان او المفيض Evacuateur des crues
يعتبر المفيض أهم المنشآت التابعة للسدّ، إذ إنه يحميه في حال الفيضانات ويؤمن مرور المياه بشكل سليم دون الإضرار بجسم السد، أما خصائص هذه المنشأة فهي :
– نوعية المفيض: برج من الخرسانة المسلحة في البحيرة متصل بنفق يمر تحت جسم السد حتى النهر .
– منسوب اعلى المفيض 858 م فوق سطح البحر .
– قطر اعلى المفيض 26 متراً
– قطر بئر التهوئة 3 أمتار ويصل الى منسوب 861.5 متر
– قطر نفق التصريف تحت السد 6.8 أمتار
2. منشأة تفريغ البحيرة
يتم تفريغ البحيرة في بعض الأحيان لأعمال الصيانة عندما تكون المياه في ادنى مستوياتها في فصل الخريف .
صممت منشأت التفريغ لتؤمن تصريف حوالي 100 متر مكعب في الثانية بواسطة برجين بالقرب من الضفة اليسرى للنهر متصلين بنفقين يمران تحت جسم السد وينتهيان عند غرفة السكورة المجهزة بمنشآت التحكم في فتح او قطع تفريغ المياه .
استعمال مياه السد
تستعمل المياه التي يختزنها في توليد الطاقة الكهربائية في المعامل الكهربائية الثلاثة (معمل مركبا، معمل الأولي، ومعمل جون ) التابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني وفي ري ما يزيد على 1400 هكتار من اراضي سهل البقاع الزراعية وحوالي 36 الف هكتار من الأراضي الزراعية في الجنوب اللبناني .

معامل الطاقة الكهربائية
1. معمل إبراهيم عبد العال أو ما يُعرف بمعمل مركبا
يقع هذا المعمل على بعد 6,400 متر من سدّ القرعون وهو يأخذ المياه من بحيرة القرعون عبر نفق تحت الأرض على الضفة اليمنى من المجرى ، يتصل بالمجرى بواسطة انبوب فولاذي مضغوط يبلغ تصريفه الاقصى 22 متراً مكعباً بالثانية ، ويبلغ علو مسقطه 200 متر تتكون منظومة الانتاج في معمل عبد العال من وحدتين بقدرة تجهيزية إفرادية تساوي 17 ميغاواط مزودة بعنفة مائية ، حيث يبلغ مجموع الانتاج في المعمل 34 ميغاواط .
تمّ انجاز هذا المعمل بكامله ووضعه قيد الإستثمار في العام 1962 عندما كان سدّ القرعون في المرحلة الاولى من بنائه لكنه في حالة تسمح بتأمين المياه اللازمة لتشغيله .
2. معمل بولس ارقش أو ما يعرف بمعمل الأولي
يقع هذا المعمل في حوض نهر بسري على الضفة اليسرى للنهر، حيث يبلغ علو مسقطه 400 متر ويستمد المعمل المياه اللازمة لتوليد الطاقة من بحيرة القرعون بعد خروجها معنفة من معمل عبد العال لتتحد مع مياه نبع عين الزرقاء ومياه الأمطار وعدد من الينابيع الأخرى لتصل الى المعمل عبر نفق يخترق جبل نيحا بطول 17 كلم لتصل الى بركة انان فوق المعمل مباشرة حيث يتزود المعمل بالمياه مباشرة عبر انبوب فولاذي مضغوط يبلغ تصريفه 33 متراً مكعباً بالثانية .
تتكون منظومة إنتاج المعمل من ثلاث وحدات بقدرة تجهيزية تصل الى 36 ميغاواط مزودة كل منها بعنفة مائية حيث تبلغ القدرة الإجمالية للمعمل 108 ميغاواط .
تمّ انجاز بناء المعمل ووضعه قيد الإنتاج في تموز من العام 1965 بمجموعتين فقط قبل ان تتم اضافة مجموعة ثالثة في العام 1977 لزيادة قدرته الإنتاجية خلال ساعات الذروة ولم تدخل حيز العمل إلا في العام 1981 نتيجة الاوضاع الأمنية المتردية .
يعتبر معمل بولس أرقش اهم معمل لإنتاج الطاقة الكهربائية من مصدر مائي في لبنان من حيث القدرة الإفرادية لكل مجموعة من مجموعاته الثلاث، كما يعتبر هذا المعمل محطة مركزية لتجميع الطاقة المنتجة من المعامل الثلاثة .

قاطع السد المستند إلى البنية الخراسانية
قاطع السد المستند إلى البنية الخراسانية

3. معمل شارل حلو أو معمل جون
يقع هذا المعمل على الضفة اليسرى من مجرى نهر الأولي حيث يبلغ علو مسقطه 194 م وهو يعتمد القسم الأكبر من المياه اللازمة لتوليد الطاقة من تصريف معمل بولس ارقش ، والقسم الآخر من مياه نهر بسري عن طريق تحويلها الى بركة التجميع فوق المعمل حيث تتدفق عبر نفق طوله 6800 م ليتم نقلها الى المعمل بواسطة انبوب فولاذي مضغوط قدرة تصريفه 33 متراً مكعباً بالثانية .
تتكون منظومة الإنتاج في معمل جون من وحدتين بقدرة تجهيز افرادية تبلغ 24 ميغاواط مزودة كل منها بعنفة مائية لتصل القدرة الإجمالية للإنتاج الى 48 ميغاواط . واللافت في هذا المعمل انه مجهز بمحركات عكسية بإمكانها ضخ المياه المعنفة الى بركة التجمع في حال تمّ انشاء برك تجميع للمياه بعد خروجها من المعمل، وقد تم انجاز هذا المعمل في العام 1968 .

خطوط نقل الطاقة
تحتاج معامل الليطاني الى وجود خطوط توتر عال من اجل تصريف الطاقة المنتجة ووضعها على الشبكة العامة العائدة لمؤسسة كهرباء لبنان، ولأجل ذلك قامت المصلحة بتمويل انشاء شبكة توتر (66 كيلوفولت ) لحسابها تربط معاملها الثلاثة ببعضها بعضاً من جهة كما تربط هذه المعامل بالشبكة العامة من جهة اخرى .
وكانت هذه الشبكة تتعرض للأضرار بشكل مستمر طيلة الحرب الأهلية ونتيجة الإعتداءات الإسرائيلية وفي كل مرة يتم اصلاح هذه الأعطال وإعادة التيار الى طبيعته .

مشاريع الري التي تستفيد من مياه السد
1. مشروع ري القاسمية ورأس العين (الجنوب)
يعتبر هذا المشروع من اهم المشاريع في لبنان تمّ تنفيذه في العام 1974 ، يتكون هذا المشروع من قسمين أساسيين:
القسم الأول : قناة القاسمية : تمتد من السد التحويلي في الزرارية حتى الموزع العام بطول 9 كلم حيث تتفرع الى فرعين : الفرع الشمالي أو فرع صيدا والفرع الجنوبي أو فرع صور .
يمتد الفرع الشمالي او فرع صيدا من الموزع العام حتى مجرى نهر سينيق جنوب صيدا بطول 25 كلم وتبلغ طاقة تصريفه نحو 3.5 م مكعب بالثانية .
أما الفرع الجنوبي أو فرع صور فيمتد من مخرج نفق القاسمية حتى مفرق المعشوق بطول 9 كلم وتبلغ طاقة تصريفه نحو 1.5 م مكعب بالثانية.
القسم الثاني : قناة رأس العين :
تتألف من فرعين أساسيين :
فرع رأس العين الشمالية ويمتد من برك رأس العين جنوباً حتى مفرق المعشوق شمالاً بطول 5 كلم .
فرع رأس العين الجنوبي ويمتد من برك رأس العين حتى بلدة المنصوري جنوباً بطول 7 كلم ويروي هذا القسم 3,200 هكتار بالطرق التالية : الجاذبية ، والضخ مع الري الحديث الذي يعتمد على التنقيط . وما بين العام 1996 والعام 1998 نفذت المصلحة اشغال التحديث وتأهيل المنشآت الرئيسية للمشروع .
2. مشروع ري البقاع الجنوبي
تم تنفيذ المرحلة الأولى بما فيه البنية التحتية الهيدروليكية خلال الفترة ما بين 1998 و2001 وفق أحدث تقنيات الري .
يروي حالياً 2,000 هكتار من بحيرة القرعون جنوباً الى جب جنين وكامد اللوز شمالاً، وسوف يروي مستقبلاً عند الإنتهاء من تنفيذه حوالي 21 الف هكتار من الأراضي الزراعية .

منشآت المشروع
يتكون المشروع من :
– قناة جر رئيسية (900) بطول 18.40 كلم
– محطات ضخ رئيسية في اسفل سدّ القرعون
– محطات ضخ ثانوية على شبكات الآبار
– خزانات التوزيع وشبكات الري المضغوطة
تأتي معظم كميات المياه التي تستعمل في الري في الضخ من بحيرة القرعون مع دعم من آبار كامد اللوز لقطاع جب جنين .

مشروع الري النموذجي
تبلغ مساحة مشروع الري النموذجي 1200 هكتار تقع بين مجرى نهر سينيق ونهر الاولي ومساحة المنطقة المستثمرة من هذا المشروع تبلغ 350 هكتاراً تروى بالمياه المتوفرة في بركة أنان، ويتألف المشروع من شبكة ري رئيسية وشبكات فرعية يبلغ طولها 42 كلم .

وحدة البيئة والمهام التي تلقى على عاتقها في مراقبة المياه وحماية حوض الليطاني من التلوث
نظراً إلى إرتفاع نسبة التلوث التي تطال الأنهر اللبنانية بشكل عام وغياب الرقابة والمحاسبة كان لا بدّ من خطوة ذاتية في هذا المجال لمتابعة واقع المياه في حوض الليطاني مما دفع بالمصلحة الوطنية لنهر الليطاني بإستحداث وحدة البيئة في العام 2005 التي تلقى على عاتقها مهمة المراقبة الدائمة لنوعية المياه السطحية .

نهر الليطاني
نهر الليطاني

تلوث مياه الليطاني
الثمن البيئي …والعلاج

تعتبر مصادر التلوث في الليطاني كثيرة ولعلّ أبرز مصدر لتلوث مياه الحوض الأعلى لليطاني قبل وصوله الى بحيرة القرعون نتيجة لتحويل مياه الصرف الصحي والمياه المبتذلة إلى النهر من المجمعات السكانية القريبة من المجرى من القرى والبلدات الواقعة على طول مجرى النهر وهذا ما يظهر بشكل واضح خلال فصل الصيف بعد توقف مياه الأمطار.
أضف الى ذلك النفايات الصناعية التي ترمى على مجرى النهر والنفايات المنزلية فضلاً عن مخلفات المستشفيات ومزارع الدواجن في ما تتمثل الملوثات الأخرى ببقايا الأسمدة والمبيدات الزراعية وما ينتج عن المقالع والكسارات اضافة الى مراكز غسل السيارات ومحلات تغيير الزيت وغيرها وغير ذلك من مصادر التلوث التي تشوه النهر الى حد بعيد وهذا ما ينعكس بصورة خطيرة على نوعية مياه الري وإمكانية الإفادة من مياه النهر لأغراض الاستهلاك المنزلي.
لا يبدو في الأفق أي أمل في إمكان معالجة ظاهرة التلوث اذا لم تواكب بخطوات جدية من قبل الدولة منها على سبيل المثال لا الحصر :
– إصدار قانون خاص بإجراءات حماية المياه في لبنان ومعاقبة جرائم تلويث المياه وإصدار غرامات كبيرة على جرائم تلويث أو إفساد المياه.
– إيجاد إدارة خاصة حكومية لمراقبة السلامة في حوض الليطاني وغيره من الأنهر، وتعطى صلاحيات واسعة وتدعم بجهاز رقابة مدعم بالقوى الأمنية بما يعطي للقانون هيبته وقوة التنفيذ اللازمة لردع المخالفين.
– معالجة مياه الصرف الصحي بإقامة محطات تكرير جماعية لمعالجة المياه المبتذلة عند مخارج المدن والتجمعات السكانية والمصانع.
– إنشاء محطات لمعالجة النفايات الصلبة.
– إلزام مصانع تحويل الإنتاج الزراعي ومعامل إنتاج الألبان والأجبان والمسالخ بتجهيز منشآتهم بمحطات تكرير للسوائل والفضلات الناتجة عن عملية التصنيع .
– فرض غرامات مالية قاسية على رمي شتى أنواع النفايات في مجرى النهر .
– متابعة المزارعين وإرشادهم إلى سبل التخلص من مخلفات الأسمدة والمبيدات الزراعية .

وحدة البيئة والمهام الأساسية وكيفية عملها
– تقوم هذه الوحدة بدراسة نوعية المياه وذلك من خلال جمع العينات وتحليلها في الحوض الأعلى والأسفل من نهر الليطاني ( يقصد بالحوض الأسفل المسافة الممتدة من أسفل بحيرة القرعون وصولاً الى البحر شمال مدينة صور ) لتحديد العناصر والمكونات الملوِّثة .
– يتوزع العمل بين فريقين ، الأول في الحوض الأعلى وهو متواجد بشكل دائم في مركز الأبحاث التابع لمصلحة مياه الليطاني في خربة قنفار، والثاني يتبع مكتب المصلحة الوطنية لنهر الليطاني في مدينة صيدا .
– قامت الوحدة بدراسة الخصائص الجغرافية للنهر واستطاعت من خلالها تحديد مصادر التلوث المتمثلة بالنفايات الصلبة ونفايات المستشفيات ونفايات المصانع .

أهداف وحدة المراقبة (وحدة البيئة )
تتضمن الأهداف الرئيسية لبرنامج مراقبة نوعية المياه :
1. تأسيس قاعدة بيانات طويلة الأمد متعلقة بنوعية المياه من أجل الحفاظ على المعلومات ورصد التغيرات الحاصلة في حوض الليطاني وللتأكد من سلامة المياه التي تستخدمها البلدات والوحدات الزراعية والصناعية .
2. إنشاء قاعدة جامعة للبيانات والتحليل لإدارة وترجمة المواضيع المتعلقة بنوعية المياه .
3. تبادل المعلومات مع المؤسسات المعنية من أجل تحسين نوعية المياه وتطوير إدارة هذا القطاع .
4. تطوير الإمكانيات من أجل الإكتشاف المبكر للملوثات ومصادرها من خلال إيجاد إطار قانوني لمراقبة نشاط المصانع والنشاط الزراعي ومراقبة النفايات الصلبة والسائلة .
5. الإعداد لدراسة جيو تقنية تُعنى بالإهتمام بمجمع القرعون المائي من خلال دراسة تغذيته الإصطناعية للمياه الجوفية عبر المشاركة في مشروع آراسيا عبر الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية .
6. مراقبة المياه الجوفية عبر الآبار المخصصة لذلك والتي تمّ حفرها بدعم من الـ USAID.
7. استخدام نفس التقنية المذكورة في البند الخامس لدراسة امكانية تسرب المياه من تحت جسم السد .

آثار المشروع الإقتصادية والإجتماعية
كان لمشروع الليطاني الأثر الأكبر في تغيير حياة الناس في القرى والبلدات المجاورة له حيث حول آلاف الهكتارات الزراعية من أرض بعلية الى أرض مروية يمكن الاستفادة منها على مدار السنة على الرغم من توزيع المياه بشكل غير متساو على المناطق المحيطة، وهذا ما أطلعنا عليه المزارع اسعد جابر رئيس تعاونية خربة قنفار الزراعية .
يقول المزارع جابر لقد أحدث المشروع ثورة هائلة في عالم الزراعة في البقاع الغربي من خلال تنوع المزروعات وتوزعها على مدار السنة فتحوّلت الزراعة من بعلية الى مروية مما ضاعف المردود وشجّع على الاستثمار في القطاع الزراعي لكن المشكلة تكمن في مشاريع الري المنفذة في البقاع حيث نرى أن المزارعين الذين يمتلكون حيازات زراعية على مجرى قناة الري الممتدة من منطقة السد وصولا الى بلدة كامد اللوز يعمدون الى ري مزروعاتهم بكلفة زهيدة على مدار العام لا تتجاوز السبعين الف ليرة لبنانية .
وفي المقابل، القرى والبلدات الواقعة في سفوح السلسلة الغربية لا تستفيد من هذا المشروع فهي تعتمد على مياه الينابيع المنسابة من الجبل وهذا ما يسبب في تراجع الزراعة وفي اهمال بعض المزارعين لأراضيهم ولاسيما في سنوات الجفاف .

بحيرة القرعون كما تبدو من الأقمار الصناعية
بحيرة القرعون كما تبدو من الأقمار الصناعية

توزّع الملكيات الزراعية
هناك تفاوت كبير في توزيع الاراضي الزراعية لكن أغلبية هذه الملكيات هي ملكيات فردية تتوزع على معظم سكان القرى المحاذية لمشروع الليطاني، لكن هناك نسبة قليلة من المزارعين اصحاب الحيازات الكبيرة التي تستثمر في الزراعة بشكل كبير ويعتبر المردود الزراعي الركيزة الأساسية في عيشهم في حين ان الشريحة الكبرى ممن يمتهنون الزراعة لا يعتمدون عليها بشكل كلي .
اللافت في بعض المزارعين الذين يمتلكون اراضي زراعية في القرى غير المشمولة بري المشروع يهملون اراضيهم ويذهبون لاستثمار الأراضي في المنطقة التي يشملها الري نظراً إلى الكلفة الزهيدة التي يدفعها المزارع .
ما هي المعوقات التي تعيق العمل الزراعي ؟
جابر: المشكلة الاساسية التي تعيق عمل المزارعين هي مشكلة التصريف والمنافسة من الخارج التي تدخل الاسواق المحلية بشكل عشوائي مما يدفع المزارعين الى بيع منتجاتهم الزراعية بسعر الكلفة في معظم الأحيان .
والمشكلة المستجدة اليوم هي مشكلة التصدير الى الدول العربية واغلاق المعابر مما يسبب في تلف بعض المحاصيل التي تأتي دفعة واحدة في زمنٍ قياسي ، كما رفعت من كلفة التبريد في البرادات الزراعية، اضافة الى ذلك هناك، ظاهرة التلوث التي أصبحت واقعاً لا مفرّ منه نتيجة العديد من مصادر التلوث التي تدخل مياه البحيرة وغياب اي رقابة من الدولة على ذلك مما يسبب في تلف المزروعات نتيجة الادوية والمبيدات السامة التي ترمى في مجرى النهر .
هل تستعمل هذه المياه في الاستعمال المنزلي او في الشفة ؟
جابر: إطلاقاً لا يمكن ان تستخدم هذه المياه للأغراض المنزلية وهي غير صالحة للشرب نظراً إلى ارتفاع نسبة التلوث وهذه الملوثات تسبب امراضاً خطيرة تؤدي الى الوفاة.
وفي النهاية لا يسعني القول إلا أن من يرنو الى البحيرة من بعيد يذهله منظرها الجذاب ومن يقترب منها ويطلع على المشاكل الصحية التي تعتريها يصبه الذهول .

مركز الخدمة والارشاد الزراعي في خربة قنفار
تمّ بناء هذا المشروع ضمن اطار مشروع IRWA الممول من الاتحاد الأوروبي ما بين العام 2003 والعام 2006 وهو يهدف الى توفير الإرشاد والدعم الفني للمزارعين في مشروع ري القاع الجنوبي .
يتضمن المشروع :
– حقل تجارب بمساحة 160 هكتاراً للقيام بتجارب الزراعة والري .
مختبر للتربة والمياه كامل التجهيز .
– محطة ارصاد جوية .
– حقل تجارب دون مستوى السد بمساحة 37 دونماً تتضمن 25 دونماً لزراعة الزيتون و12 دونماً لعنب المائدة الذي يتضمن 12 صنفاً.

الأهداف التي يتوخى المركز تحقيقها
أولاً: ترشيد المزارعين على استعمال التقنيات الحديثة في الزراعة والري عبر ندوات دورية وإنشاء حقول تجارب زراعية .
ثانياً: استقبال الباحثين والطلاب لإجراء الأبحاث العلمية.
ثالثاً: إجراء تجارب لإدخال زراعات جديدة .
يشهد المركز تعاوناً مثمراً مع المؤسسات والبرامج التابعة للقطاعين العام والخاص والأهلي بينها برنامج دعم إدارة حوض الليطاني وزارة الزراعة ، مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية والمعهد الزراعي العالي لدول حوض المتوسط ، كليات الزراعة في الجامعتين اللبنانية والعربية .

المزارع اسعد جابر
المزارع اسعد جابر

الواقع السياحي
على الرغم من جمال البحيرة ومن المنظر الأخاذ الذي تتمتع به إلا ان واقع التلوث الذي اصاب مياهها حرم أهل المنطقة من مورد مهم وهو مورد السياحة وإن وجد فهو بسيط وموسمي يقتصر على بعض الزوار الذين يأتون الى البحيرة لمشاهدتها فقط وهذا الدور تقوم به بعض المراكز السياحية الصغيرة التي تؤمن نقل من يرغب للقيام بجولة داخل البحيرة، اما المشاريع السياحية القريبة والمباشرة للبحيرة فهي شبه معدومة وهذه الظاهرة لا تقتصر على محيط بحيرة القرعون فقط لكنها تنعدم على طول مجرى الليطاني ولاسيما في منطقة المجرى الأعلى حيث تنتشر روائح النفايات الكريهة وتؤثر على الوضع الصحي لسكان المناطق المجاورة .

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading