الخميس, نيسان 18, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

الخميس, نيسان 18, 2024

اشترك معنا للاطلاع والحصول على أحدث المقالات والأعداد

بحث ..

  • الكاتب

  • الموضوع

  • العدد

رسالة سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز

رسالة سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز
الشيخ نعيم حسن

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين وعلى آله وصحبه الطاهرين الطيبين

تحيَّة إلى الموحِّدين في شمال سوريا

قلوبنا اليوم هناك، في كفتين وفي معرَّة الإخوان وفي قلب لوزة وفي كلّ القرى الأبيَّة التي طالما عرفها الموحِّدون عبر تاريخهم المشرِّف جدًّا في ذلك الجبل المشرف على انطاكيا. قلوبنا مع أهلنا وأحبَّائنا الذين حملوا مثلنا تسمية خاطئة (دروز حلب) أصحاب النخوة والشَّرف والكرم والضيافة والإيثار الَّذين حوَّلوا بيوتهم وصدورهم إلى مضافات حضنوا فيها عشرات الآلاف من النَّازحين من جيرانهم، ولا غرو في ذلك، فلطالما عاش الموحِّدون هناك وفي كلِّ مكان في ظلّ مبادئ العروبة الأصيلة والإسلام السَّمح الحنيف الَّذي يتجلَّى في الأرض بتحقُّق إنساني أمثل، وبأخلاقٍ روحيَّة تقتدي بها الأمم، وبفضائل شريفة لا يقبلون عنها انزياحا.

قلوبنا معكم يا أهلنا في جبلٍ يعني لنا ولكم الكثير. يا من تتشبَّثون بالأرض التي تعرفون. فمن هناك حيث أقامت قبائل عربيَّة أصيلة قبل الفتح، وحين لبَّتْ نداء الإيمان، صقلوا أشرافُها وصناديدُها قلوبَهُم بمعاني الكتاب، ونفوسَهُم بالأعمال الطيِّبات التي تُرضي الله عزَّ وجلَّ، وسيوفَهُم دفاعًا عن الأمَّة وعزَّتها، فارتحل منهُم الكثير ليقيموا في ثغور ساحل بلاد الشَّام، ويقدِّموا التضحيات عبر مئات السنين دون انفكاك عن جذورهم ذودًا عن عزَّة الجمـــاعة والأمّـــَة.

اقـــرأوا التاريــــــخ، اقــــــرأوه جيـــِّدًا، اقــــــرأوه بإخــــــلاص فــــــي ضـــوء كلمـــة الحقّ ورسوله. هؤلاء في ألف عام لم يعتدوا على حرمةِ أخ لهُم في “الجماعة” أو في غيرها. هؤلاء أهـــل عفَّة ودِين وفضل وشهامة وتواضع، ما خانوا عهدًا، ولا طعـــنوا ظهـــرًا، ولا تواطأوا إلا مـــع الكـــرامة والـــمروءة.
اقرؤا التاريخ. اقرأوه عيانًا حاضرا أمام أعينكم. شاهدوا كم حملوا فوق طاقاتهم المادّيَّة المتواضعة من أحمال عجز عنها بلدٌ بأسره. انظروا في ضمائركم قبل بصائركم في ثمرات أخلاقهم، وولائهم للحقّ، وحفظهم الذِّمم، والتزامهم الإنساني الشَّريف بحدِّ تحريم الاعتداء على أحد، وامتثالهم مقاصد رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم في ما أودعه المسلمين من وصايا أثيلة بها قام الاسلامُ، وبها يبقى على مثاله النقيّ إلى يوم الدِّين، قال ص: “إنَّ اللهَ حَرَّمَ عَليكُم دِمَاءَكُم وَأَموَالَكُم كَحُرمَةِ بَلَدِكُم هَذا.. اتَّقُوا اللهَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشيَاءَهُم.. الـمُسلمَ أخو الـمُسلم ، لا يَغُشُّهُ، ولا يَخُونُه ، ولا يَغْتَابُه ، ولا يَحُلُّ لَهُ دَمُهُ ، ولا شَيءٌ من مَالِهِ إِلاَّ بِطِيبِ نَفسِه…”

هؤلاء صامدون، صابرون، لا يريدون لبلدهم سوريا العزيزة إلا الخير، و لا لشعبها-وهم من صلبه- إلا الكرامة، ولا للأمَّة إلا أن يكفيها الله سبحانه وتعالى شرّ الاقتتال والتناحُر والعودة بإخلاص القلوب إلى نعمة التآلُف والوحدة. هؤلاء كانوا، كما أسلافهم، أوفياء، أنقياء القلب واليد والضمير والسَّريرة، ولا يستحقُّون من كلِّ مؤمن، ومن كلِّ أحد، إلا الاحترام والوفاء عينه.

يا أهلنا الأعزَّاء، أنتم في محلّ الاهتمام البالغ، والمتابعة الدقيقة، لكلِّ ما يستجدُّ في أوضاعكُم من أمور. إنَّنا في المجلس المذهبي لطائفة الموحِّدين الدّروز ومشيخة العقل ، بكلّ ما يمثِّلون، مقدِّرين عاليًا صبركم وحكمتكم وحِلمكُم ، نحن نعلم أنّكم على خطى السلف الصالح سائرون، وبالمحافظة على حرمة الجار متمسكون، وبحبل الله نحن واياكم معتصمون، سائلين الله سبحانه وتعالى أن يسدِّد تدبيركُم، ويثبِّت قلوبكم، ويكفّ عنكُم كلّ ضيْم، ويفرِّج عنكم كلّ همّ، ونسأله أن يجمعنا في طاعته ورضوانه ورحمته، إنَّه هو الحكيم الخبير.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

اكتشاف المزيد من Dhoha Magazine

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading